• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | محاضرات وأنشطة دعوية   أخبار   تقارير وحوارات   مقالات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    اختتام ندوة حول العلم والدين والأخلاق والذكاء ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    لقاءات دورية لحماية الشباب من المخاطر وتكريم حفظة ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    تزايد الإقبال السنوي على مسابقة القرآن الكريم في ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مناقشة القيم الإيمانية والتربوية في ندوة جماهيرية ...
    خاص شبكة الألوكة
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

غدا رمضان (خطبة)

غدا رمضان (خطبة)
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/5/2017 ميلادي - 2/9/1438 هجري

الزيارات: 19448

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

غداً رمضان

 

الحمدُ للهِ الكَريمِ المنَّانِ، أحمدُهُ سبحانَهُ شَرَّفَ هذِه الأمّةَ وخَصَّها بصيَامِ شهْرِ رمضَانَ، وأشهدُ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ نبيَّنَا محمَّدًا عبدُ اللهِ ورَسُولُهُ، خيرُ مَنْ صلَّى وصَامَ وقَامَ لعبادةِ ربِّهِ الرَّحيمِ الرَّحمنِ، اللهمَّ صلِّ وسَلِّمْ علَى عبدِكَ ورسُولِكَ محمَّدٍ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ والتَّابعِينَ ومَنْ تَبعَهُمْ بإحْسَانٍ... أمَّا بَعْدُ:

فأُوصِيكُمْ ونَفسِي بِتَقوى اللهِ العَظيمِ، فإِنَّهَا السَّبِيلُ القَوِيمُ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ فقَدْ قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ [مريم: 71، 72].

 

تَمُرُّ بنَا الأيَّامُ ومَا أَسْرَعَهَا! وتَمضِي الشُّهورُ ومَا أَعْجَلَهَا! ويَطِلُّ علينَا مَوْسِمٌ كَريمٌ، وشهْرٌ عظِيمٌ، ولَحَظَاتٌ غَالِيةٌ، ويَفِدُ علَيْنَا وَافِدٌ حَبيبٌ وضَيْفٌ عَزِيزٌ، فبَعْدَ سَاعَاتٍ مَعْدُودَاتٍ يَهِلُّ علينْا شَهْرُ رَمَضَانَ المبَارَكِ بأَجْوَائِهِ الإِيمَانِيَّةِ الْعَبِقَةِ، وأيَّامِهِ المبَارَكَةِ الوَضَّاءَةِ، وليَالِيهِ الغُرِّ الْمُتَلأْلِئَةِ، ونِظَامِهِ الْفَرِيدِ المتمَيِّزِ، وأحْكَامِهِ وحِكَمِهِ السَّامِيَةِ.

 

نَعَمْ.. سَاعَاتٌ قَلائِلُ ويَهِلُّ ضَيفٌ كَرِيمٌ ينتظِرُهُ مَلايِينُ النَّاسِ بكُلِّ شَغَفٍ وَلَهَفٍ.

غَدَاً رمضانَ، ومَنْ مِنَّا لا يَعْرِفُ فضْلَ هذَا الشهرِ وقَدْرَه، فهُو سيِّدُ الشهورِ وخَيْرُهَا، ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185]، مَنْ صَامَهُ وقَامَهُ غُفِرَ لَه مَا تقدَّمَ مِن ذَنبِهِ، فِيهِ ليلةٌ هِي خيرٌ مِن أَلْفِ شَهْرٍ.

 

غَداً تُفَتَّحُ أبْوَابُ الجَنَّةِ فَلا يُغْلَقُ مِنهَا بَابٌ، وتُزيَّنُ فيهِ هذِهِ الجنَّةُ الَّتِي وَعَدَ الرحمنُ عِبَادَه بالغَيبِ؛ تَرْغِيبًا للعَامِلِينَ لَها بِكَثْرَةِ الطَّاعَاتِ مِن صَلاةٍ وصِيامٍ وصَدقةٍ وذِكْرٍ وقِراءةٍ للقرآنِ وغيرِ ذَلِكَ.

غداً أيضاً تُغَلَّقُ أبوَابُ النِيرَانِ؛ وذَلكَ لِقلَّةِ المعاصِي فِيهِ مِنَ المؤمِنِينَ.

 

غَداً -عِبادَ اللهِ- تُصَفَّدُ الشَّياطِينُ، ومَعْنَى ذلكَ أنَّهَا تُسَلْسَلُ وتُقَيَّدُ فَلا تسْتَطيعُ الخُلُوصَ إِلى مَا كَانَتْ تَخْلُصُ إليهِ فِي غيرِ رمضَانَ، لَمْ يَقُلْ عَليهِ الصَّلاةُ والسلامُ إِنَّ الشياطينَ تُقْتَلُ أو تَمُوتُ فِي رمضَانَ وإنَّمَا أَخْبَرَ أنَّها تُصَفَّدُ، ومِنَ الْمَعْلُومِ أنَّ المصَفَّدَ قد يَكُونُ منهُ شَيءٌ مِنَ الأَذَى، ولِهَذَا ذَكَرَ بعضُ العُلمَاءِ أنَّ حَظَّ العَبْدِ فِي رمضَانَ في سَلامَتِهِ ووقَايتِهِ مِن كَيدِ الشَّيطانِ بحَسَبِ حَظِّهِ مِنَ الصِّيامِ؛ فكُلَّمَا كَانَ الصِّيامُ أكْمَلَ وأجْوَدَ وأَتَمَّ كانَ ذَلِكَ أعظَمَ وِقَايَةٍ لَهُ مِنَ الشَّيْطَانِ.

 

غداً تَحِلُّ بنَا فُرصةً عَظيمةً، تَحِلُّ بنَا في كلِّ لَيلَةٍ مِن لَيَالِي هذَا الشَّهْرِ الكَريمِ خُصُوصِيَّةٌ لَه مِن بَينِ لَيَالِي وأَشْهُرِ العَامِ، إنَّهَا فُرصَةُ الْعِتْقِ مِنَ النِّيرَانِ ففِي كُلِّ لَيلةٍ مِن لَيالِي هذَا الشهْرِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، يَوَفَّقُ مَن شَاءَ اللهُ مِن عِبَادِهِ مِمَّنْ حَقَّقُوا حَقِيقةَ الصِّيامِ والقُرْبِ مِن الرحمنِ بأَنْ يُعْتَقُوا مِنَ النَّارِ،وهذِهِ فُرْصَةٌ عَظِيمةٌ ومِنْحَةٌ كَبِيرةٌ يَنْبَغِي أنْ تَكُونَ هَاجِسَ الإِنسَانِ فِي هذَا الْمَوْسِمِ العَظِيمِ أَشَدَّ مِن هَاجِسِ التَّاجِرِ الذِي يَفِدُ عليِهِ مَوْسِمٌ مِن مَوَاسِمِ التِّجَارَةِ.

 

غَداً تُفْتَحُ أبْوَابُ السَّمَاءِ، فَرمضَانُ شهرُ اسْتجَابةِ الدَّعَواتِ، فهنَاكَ إعْلانٌ إلَهِيٌّ بأنَّ دعَوَاتِ الصَّائِمينَ مُسْتجَابةٌ،فاللهُ تعَالى يقُولُ عُقَيْبَ آيَاتِ الصيامِ: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]، ويقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالإِمَامُ العَادِلُ، وَدَعْوَةُ المَظْلُومِ".

 

فَكَمْ مِن دعْوَةِ اسْتُجِيبَتْ في رَمَضَانَ، وكَمْ مِنْ أُمْنِيَّةٍ تحقَّقَتْ بالدَّعَوَاتِ فِي رمَضَانَ،وكَمْ مِنْ كُرْبَةٍ كُشِفَتْ بالدعوَاتِ في رَمضانَ،وكَمْ مِنْ حَاجةٍ نَالَهَا أصْحَابُهُا بالدَّعواتِ فِي رمضانَ.

 

غَداً - أيهَا المؤمنونَ - تَحِلًّبنَا البركَاتُ، فبَرَكاتُ رمضَانَ لاَ يعْلَمُ عدَدَهَا إلاَّ اللهُ، ولاَ يَقْدِرُ أَحدٌ منَ البشَرِ على حَصْرِهَا، ففِي الحديثِ القُدْسِيِّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي" مُتَّفَقٌ عليهِ. فمَاذَا تَتَوَقَّعُ أنْ يكُونَ جَزَاءُ اللهِ تعَالى للعَبدِ؟ وماذَا تتوقَّعْ مِنَ الكَريمِ الجليلِ القادرِ إذَا وَعَدَ بعَطَاءٍ كَبيرٍ لَمْ يُحَدِّدْ مقْدَارَهُ؟! اسْرَحْ بخَيَالِكَ حيثُ شِئْتَ فلَنْ تَصِلَ إِلى نِهَايةِ ذَلكَ العَطَاءِ!

 

غَداً يَهِلُّ علينَا رمضانَ - أَيُّهَا الإِخْوَةُ فِي اللهِ - فيَنْبَغِي أَنْ نَسْتَقْبِلَهُ بِالْفَرَحِ بِإِدْرَاكِهِ، لِأَنُّهُ فَضْلٌ مِنْ رَبِّكَ أَنْ تُدْرِكَ هَذَا الشَّهْرَ.

فكمْ مِن قُلُوبٍ تَمَنَّتْ، وكمْ منْ نُفُوسٍ حَنَّتْ أنْ تَبْلُغَ سَاعَاتِهِ ولحظَاتِهِ، لكِنْ دَاهمَهُمُ الْموتُ فهُمْ غُرَبَاءُ سَفَرٍ لا يَنْتَظِرُونَ، إنَّ مِنْ رحمَةِ اللهِ بنَا أنْ أَخَّرَنَا لِبُلُوغِ هذِه الأيامِ، وأمْهَلَنَا فلَمْ يتَخَطَّفْنَا الموتُ كمَا تَخَطَّفَ أُناسًا غَيرَنَا، فلوْ تَأَمَّلنَا قليلًا في حالِ بعضِ أقارِبِنَا أوْ جِيرَانِنِا أوْ مَعَارِفِنِا مِمَّنْ هُمُ الآنَ تحتَ الثَّرَى مُرْتَهَنُونَ بأعْمَالِهِمْ، لَعَرفَ الوَاحِدُ مِنَّا قَدْرَ هذهِ النعمةِ.

 

أينَ منْ صَامُوا مَعَنَا فِي العَامِ الماضِي، وهُمْ أقوياءُ أشِدَّاءُ؟ وهمْ الآنَ على حَالٍ مِنَ السَّقَمِ أوِ الضَّعْفِ، أسَرَتْهُمْ أسِرَّةُ المرَضِ والدَّاءِ. وهذهِ الفرحَةُ لمْ يُدْرِكْهَا أولئكَ الذينَ مَاتُوا قَبلَ قُدُومِ هذا الشَّهرِ الكَريمِ، بأَمْرَاضٍ أهْلَكَتْهُمْ أوْ حَوَادِثَ مُرُورِيَّةٍ قَتَلَتْهُمْ.

غَداً - أيها المسلمونَ - تَتَغَيَّرُ أحْوَالُ الكَثِيرِ منَ النَّاسِفإنَّ أبْرَزَ مَلامِحِ رمضَانَ، ذلكَ التَّغْييرُ الكبيرُ الذِي يطْرَأُ علَى الحيَاةِ، فَأَوْقَاتُ الأكْلِ والشُّرْبِ والنَّومِ تَتَغَيَّرُ، وأوقاتُ العملِ كَذلكَ، والعجيبُ أنَّنا نَستطِيعُ التَّكَيُّفَ بسُرعةٍ معَ كُلِّ هذا التغيِيرِ.

 

أخِي الكريمُ... إنَّهَا لفُرصَةٌ عَظِيمةٌ حِينَما تَلْتَزِمُ بشَرعِ اللهِ وتنقَطِعُ عنْ تنَاولِ ما حرَّمَ اللهُ عليكَ امْتِثالًا وطاعةً لربِّكَ عزَّ وجلَّ، إذَنْ أنتَ تستطيعُ الإِقْلاعَ عنْ كثيرٍ مِنَ المعَاصِي الَّتِي كنتَ تفْعَلُهَا، وذلكَ بالعَزِيمةِ، والإصرارِ فلا تَضْعُفْ ولا تَتَرَدَّدْ في التَقَرُّبِ إلى اللهِ في هذَا الشهرِ الكَريمِ.

 

والمُشْكِلةُ - أيها الإِخوةُ - أنَّ بعضَ النَّاسِ يدخلُ عَليهِ رمضانُ ويخرُجُ ولَمْ يتغَيَّرْ شَيءٌ منْ حَيَاتِهِ إلى الأفضَلِ، إنَّ هؤلاءِ لَمْ ينجَحُوا في اختِبَارِ التغييرِ الذي أرادَهُ اللهُ رحمةً بِهمْ، وشَفَقَةً عليهِمْ، ووسيلةً لنجَاتِهِمْ يومَ الدِّينِ، وَلَمْ يتَمَكَّنُوا منِ اغْتِنَامِ هذهِ الفُرصةِ لِتَزْكِيَةِ النُفوسِ، فنجدُ البعضَ يصُومونَ هذهِ الأيامَ بدَافِعِ العَادةِ الموْرُوثَةِ، وبعْضُهُمْ يصُومُونَ وأحْيَانًا لا يُصَلُّونَ، أوْ يَصُومُونَ ولا يَتَوَرَّعُونَ.

 

غداً - أَيها الإخوةُ - تَنْشَطْ دَوْرَةٌ مكثَّفةٌ وعَميقَةٌ للارْتِقاءِ بالأخلاقِ والتعَامُلِ والسلوكِ، فالمسْلِمُ في رمضانَ لا يُمسِكُ عنِ الأكلِ والشربِ والشَّهوةِ فحَسْب، وإنَّما يُمسِكُ سَمْعَهُ وبصَرَهُ ولسَانَهُ عَن كلِّ مَا يُنَافِي الكَمَالَ، فالصَّومُ جُنَّةٌ وحِمايَةٌ عنِ الوقُوعِ في الزَّلاَّتِ،قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَسْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ" متفقٌ عليهِ، وقالَ جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ الأنصَارِيُّ رضي الله عنهما:"إذَا صُمْتَ فلْيَصُمْ سَمْعُكَ وبصَرُكَ ولسَانُكَ عنِ الكَذبِ والمحَارمِ ودَعْ أذَى الْجَارِ وليَكُنْ عليكَ وقَارٌ وسكِينةٌ، ولا تَجعلْ يومَ صَوْمِكَ ويومَ فِطْرِكَ سَواء.

 

عبادَ اللهِ... سَأَلَ أبُو أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ رضي الله عنه رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: مُرْنِي بأَمْرٍ آخُذُهُ عنْكَ، يَنفَعُنِي اللهُ بهِ، فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"عليكَ بالصَّومِ، فإنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ"، وفي رِوَايةٍ: "لا عِدْلَ لَهُ"، رواه أحْمَدُ والنَّسَائِيُّ بإسنادٍ صَحيحٍ. يقُولُ رَجَاءُ بنُ حَيْوَةَ -راوي الحديث عن أبي أمامة -: "فَكَانَ أَبُو أُمَامَةَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ لَا يُلْفَوْنَ إِلَّا صِيَامًا، وَكَانَ لَا يَكَادُ يُرَى فِي بَيْتِهِ الدُّخَانُ بِالنَّهَارِ، فَإِذَا رَأَوْا نَارًا أَوْ دُخَانًا بِالنَّهَارِ فِي مَنْزِلِهِمْ عَرَفُوا أَنَّهُمْ اعْتَرَاهُمْ ضَيْفٌ".

 

نَعَمْ الصيامُ لا ‌مِثْلَ لَهُ فِي إِصْلا‌حِ القُلوبِ وَتَزْكِيَةِ النُّفُوسِ، وَدَفْعِ النَّفسِ الأمَّارةِ والشيطانِ، لا مِثْلَ لَه في كَثْرةِ الثوابِ ورفعِ الدَّرجاتِ وتكفِيرِ السيئاتِ، ولا ‌مِثْلَ لَه فِي إشاعةِ الرَّحمةِ بينَ المسلمينَ والشُّعُورِ بِهِمْ والتَّسَاوي بَينَهُمْ، لا مِثْلَ لَه فِي معْرِفةِ حَاجَةِ إخْوَانِهِ الفقَرَاءَ وموَاسَاتِهِمْ والإحسانِ إليهم،ولا مِثْلَ لَه في تَعوِيدِ النَّفسِ علَى الأخلاقِ الكريمةِ كالصبرِ والحِلْمِ، والجُودِ والكَرمِ، ومجَاهَدَةِ النَّفسِ فيمَا يُرْضِي اللهَ ويقَرِّب إليهِ، ولا‌ مِثْلَ لَه في إصْلا‌حِ الأ‌َبْدَانِ وحِفْظِ عَافِيَتَهَا وبقاءِ صحَّتِهَا، إلى غيرِ ذلكَ مما تَضَمَّنَهُ هذا الحديثُ العَظِيمُ.

فالمُسْلِمُ -يا عبادَ اللهِ- في رمضانَ.. حَسنَاتُهُ مُضَاعَفَةٌ إِلى حَدٍّ لا يعْلَمُهُ إلاَّ اللهُ، وذُنُوبُهُ مَغفُورَةٌ، ودُعاؤهُ مستَجَابٌ، ومُرَشَّحٌ للعِتقِ في كلِّ لَيلةٍ، والخَيْرَاتُ تَتَعَرَّضُ لَه في كلِّ حِينٍ... فَأَهْلا ومَرْحبًا بهَذَا الشَّهرِ الكَرِيمِ.بَاركَ اللهُ لي ولكُمْ...

 

الخطبة الثانية (غدا رمضان)

الحمدُ للهِ ذي الجلالِ.. الحمدُ للهِ على نِعمةِ.. الحمدُ للهِ على نِعمةِ الصيامِ، والصلاةُ والسلامُ على نبِيِّنَا محمدٍ وعلى آلهِ وأصحابِهِ والتابعينَ لهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ.. أمَّا بعدُ:

أيها الإخوةُ الأكَارِمُ.. شهرُ رمضانَ الكريمُ على الأبْوَابِ، إنَّه مَوْعِدُكُمْ معَ اللهِ عزَّ وجلَّ، إنَّه دوْرةٌ تدرِيبِيَّةٌ، إنَّه فُرْصةً سنويِّةٌ، إنَّه مَدرسةٌ قَد تَدخُلُهَا فِي حَالٍ وتخْرُجُ مِنهَا في حَالٍ آخَرَ.

 

عبادَ اللهِ..كَمْ مِن مُسْرِفٍ على نفسِهِ في الأعوامِ السَّابِقةِ قَد وَعَدَ ربَّهُ إنْ أدْرَكَ رمضانَ القَابِلَ أن يجْتَهِدَ اجتهَادًا لا مَزِيدَ عليهِ، ولكِنَّهُ ينْسَى مَوْعِدتَهُ تِلكَ، ولا يَتَذَكَّرُهَا إلاَّ في آخرِ الشَّهرِ حينَ يرَى الناسَ سَبَقُوهُ بالأعمالِ الصَّالحةِ وهُو لَمْ يُبَارِحْ مكَانَهُ، فلْيَتَذَكَّرْ مِن الآنِ وُعُودَهُ فِي الأعوامِ السَّابقةِ، ولا يَجْعَلْ رمضانَ هذِهِ السَّنةَ كمَا مضَى مِن رَمَضَانَاتٍ أضَاعَهَا في اللَّهوِ والْعَبَثِ، والنَّومِ والغَفْلَةِ وتَضْييعِ الفُرَصِ.

 

إنَّ أعمَارَنا -أيُّها الكِرامُ- تَمضِي بنَا سِرَاعًا إلى قُبُورِنَا ونحنُ لا نَشْعُرُ، ومَوَاسِمُ الخيرِ تَمُرُّ بنا كُلَّ عامٍ والبعض لَمْ يَزْدَدْ إيمَانًا ولا عَملاً صَالحًا، وهَذَا مِن إطْبَاقِ الغَفْلَةِ، وتَسوِيفِ النَّفْسِ، وتَزْيينِ الشَّيطَانِ؛ فلْنَحْذَرْ ذَلكَ -يا عبادَ اللهِ- ولْنَنْتَبِهْ مِن غَفْلَتِنَا، ولْنَسْتَيْقِظْ مِن رَقْدَتِنَا، ولْنَسْتَعِدَّ لرمضَانَ بما يَلِيقُ بِهِ، وَلنُرِ اللهَ تعَالى مَن أنفُسِنَا خَيرًا؛ فعَسَى أنْ نَحظَى بنَفْحَةٍ مِن نفَحَاتِهِ المبارَكَةِ نسْعَدُ بهَا فَلا نَشْقَى أبدًا.

 

ولْنَتَذَكَّرْ دَائِماً وأبَدَاً مَا وَرَدَ في كِتَابِ رَبِّنَا الكَريمِ: ﴿ يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [غافر: 39، 40].

 

اللهمَّ يَا رَبَّ السمواتِ السبعِ وربِّ العرشِ العظيمِ، يا مَن تسمعُ كلامَنا وتَرى مكانَنَا وتعْلمُ سِرَّنا وجهرَنا اللهمَّ بلْغِنْا رمضانَ.. اللهمَّ بلغنا رمضانَ.. اللهم بلغنا رمضانَ...اللهمَّ أعِنَّا على صِيَامِهِ وقيامِهِ.. اللهمَّ اجْعَلْنا من عُتَقَائِكَ مِنَ النَّارِ.. اللهمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنَ يصُومُ رمضانَ إيماناً واحتساباً.. اللهمَّ أَهِلَّ عليْنَا شهرَ رمضانَ بالأَمْنِ والإيمانِ، والسَّلامَةِ والإِسْلامِ، والتوفيقِ لِمَا تُحِبُّهُ وترضَاهُ يا ذا الجلالِ والإكرامِ، واغفرْ لنَا ولوالِدِينَا ولجميعِ المسلمينَ ما سَلفَ وَكانَ مِن الذنوبِ والخطَايا والعصيانِ، اللهم اجْعَلْهُ شهرَ عَزٍّ ونَصْرٍ للإسلامِ والمسلمينَ في كلِّ مكَانٍ.. اللهمَّ إنَّا نسْأَلُكَ الأمنَ في الأوطانِ والدُّورِ.. وأَرْشِدِ الأئمةَ وولاةَ الأمورِ، وارحَمْنَا يا رحيمُ يا غفورُ..إنَّك خَيرُ مَسؤولٍ وأَكْرَمُ مُرْتَجَى مَأْمُولٌ.

 

وصلَّى اللهُ وسلَّمَ وبارَكَ علَى نبِيِّنَا محمدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • استقبال رمضان (خطبة)
  • شكر النعم في رمضان (خطبة)
  • في ختام رمضان (خطبة)
  • مهمات من جلائل الأعمال في رمضان (خطبة)
  • ظاهرة الفتور بعد رمضان (خطبة)
  • الاستقامة بعد رمضان (خطبة)
  • لا تقدموا رمضان بصيام يوم أو يومين

مختارات من الشبكة

  • رمضان غدا أو بعد غد (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • رسميا غدا أول أيام رمضان المبارك: أفكار ملهمة لتكون أحد الفائزين برمضان(كتاب - ملفات خاصة)
  • غدا ستفرحون بالآثار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنت غدا بينهم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • غدا تبدأ الدراسة(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • غدا بالفضل باذله (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الدرس التاسع عشر: يا عبد الله ماذا تقول لربك غدا؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • القول الأكمل في معنى قول الناس غدا أجمل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فليحذر أرباب الأموال إذا ضنوا بها من صولة المال غدا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غدا يا أمير الحياة الجميل (قصيدة)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب