• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | محاضرات وأنشطة دعوية   أخبار   تقارير وحوارات   مقالات  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    مؤتمر علمي دولي: يبحث دور السنة النبوية في تعزيز ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة
    محمود مصطفى الحاج
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

جاءكم رمضان وقد فرغتم فانصبوا

جاءكم رمضان وقد فرغتم فانصبوا
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/6/2015 ميلادي - 27/8/1436 هجري

الزيارات: 12067

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

جاءكم رمضان وقد فرغتم فانصبوا


أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21] ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18] ".

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَو سُئِلَ وَاحِدٌ مِنَّا صَغِيرًا كَانَ أَو كَبِيرًا عَنِ الغَايَةِ مِن خَلقِهِ وَإِيجَادِهِ، لَمَا أَجَابَ بِغَيرِ قَولِ اللهِ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56] وَبِقَولِهِ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36] هَكَذَا يُؤمِنُ كُلٌّ مِنَّا في الجَانِبِ العِلمِيِّ النَّظَرِيِّ، وَهَكَذَا يَرَى نَفسَهُ وَقَدِ اكتَمَلَت عُبُودِيَّتُهَا أَو يَتَرَاءَى لَهُ، وَلَكِنَّكَ لَو نَظَرتَ إِلى مَن حَولَكَ وَتَأَمَّلتَ الجَانِبَ العَمَلِيَّ في حَيَاتِهِم، لَتَذَكَّرتَ قَولَهُ - سُبحَانَهُ -: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115].

 

أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ بَينَ العِلمِ النَّظَرِيِّ بِالغَايَةِ مِن خَلقِنَا وَبَينَ الوَاقِعِ العَمَلِيِّ في حَيَاتِنَا، بَونًا شَاسِعًا وَفَرقًا وَاضِحًا، وَاختِلافًا مُزعِجًا بَل وَتَنَاقُضًا مُقلِقًا. وَفي أَيَّامِ العُطَلِ وَالإِجَازَاتِ يَتَبَيَّنُ شَيءٌ مِن هَذَا بِوُضُوحٍ وَجَلاءٍ، إِذْ تَرَى أُولَئِكَ المُنضَبِطِين في حَيَاتِهِم قَلِيلاً مِن أَجلِ الدُّنيَا في أَيَّامِ المَدَارِسِ وَأَوقَاتِ العَمَلِ الوَظِيفِيِّ، قَد أَصبَحُوا أُنَاسًا آخَرِينَ، كَأَنَّمَا خُلِقُوا لِغَيرِ العِبَادَةِ، سَهَرٌ طَوِيلٌ غَيرُ مَحمُودٍ، وَلَهوٌ وَلَعِبٌ وَغَفلَةٌ، وَتَزجِيَةٌ لِلأَوقَاتِ في المُبَاحَاتِ بَل وَالمَكرُوهَاتِ أَوِ المُحَرَّمَاتِ، وَنَومٌ عَنِ الصَّلاةِ وَتَثَاقُلٌ في أَدَاءِ العِبَادَاتِ.

 

إَنَّهُ لَمِنَ المُحزِنِ حَقًّا، أَن يَعلَمَ المُسلِمُ أَنَّ صَلاتَهُ وَنُسُكَهُ وَمَحيَاهُ وَمَمَاتَهُ يَجِبُ أَن تَكُونَ للهِ رَبِّ العَالمينَ لا شَرِيكَ لَهُ، ثم تَرَاهُ يُصبِحُ أَو يُمسِي كَالبَهِيمَةِ العَجمَاءِ، هَمُّهُ أَكلٌ وَشُربٌ وَنِكَاحٌ، وَسَيرٌ عَلَى مَا تَشتَهِي النَّفسُ، وَانقِيَادٌ لما تَرغَبُ وَتَهوَى، دُونَ تَقَيُّدٍ بِقُيُودٍ شَرعِيَّةٍ، وَلا وُقُوفٍ عِندَ آدَابٍ مَرعِيَّةٍ ﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴾ [القيامة: 36] ﴿ يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾ [الانفطار: 6 - 8] وَقَد يَقُولُ قَائِلٌ وَيَتَسَاءَلُ مُتَسَائِلٌ: وَلِمَ يُعَابُ عَلَى النَّاسِ أَن يُرِيحُوا أَنفُسَهُم في إِجَازَاتِهِم، وَيُمَتِّعُوا أَروَاحَهُم في حَالِ الفَرَاغِ وَيُوَسِّعُوا صُدُورَهُم؟! فَيُقَالُ: إِنَّ ثَمَّةَ فَرقًا بَينَ أَن يَبحَثَ الإِنسَانُ عَن لَحَظَاتٍ يَرتَاحُ فِيهَا بَعدَ عَنَاءِ الجِدِّ وَدَأَبِ العَمَلِ، وَبَينَ مَن يَجعَلُ كُلَّ وَقتِهِ خُمُولاً وَكَسَلاً وَلَهوًا وَلَعِبًا، وَلا يُبقِي لِلجِدِّ لَحظَةً ولا لِلعَزِيمَةِ مَجَالاً، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَسَوَاءٌ استَيقَظَت قُلُوبُنَا مِن رَقدَةِ الغَفلَةِ، فَتَيَقَّنَّا أَنَّ أَنفَسَ مَا صُرِفَت لَهُ الأَوقَاتُ هُوَ عِبَادَةُ رَبِّ الأَرضِ وَالسَّمَاوَاتِ، أَم أَخَذَ بِنَا ضَعفُ النُّفُوسِ في مَسَارِبِ الغَفلَةِ، فَتِهنَا في دُرُوبِ الدُّنيَا وَاتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ، فَإِنَّنَا عَلَى كُلِّ حَالٍ إِلى اللهِ سَائِرُونَ، وَفي طَرِيقِ الآخِرَةِ مَاضُونَ، وَحَتى وَإِنْ طَالَ بِنَا العَيشُ فَنَحنُ مَيِّتُونَ، ثم مَبعُوثُونَ وَمُحَاسَبُونَ، وَلَيس وَرَاءَنَا إِلاَّ جَنَّةٌ ثَمَنُها عَمَلٌ صَالِحٌ بِفَضلِ اللهِ، أَو نَارٌ لِمَن أَسَاءَ وَقَصَّرَ بِعَدلِ اللهِ ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8] ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 102، 103].

 

وَإِنَّهُ لَمَّا كَانَتِ الأَزمِنَةُ الفَاضِلَةُ مِن أَنسَبِ أَوقَاتِ الجِدِّ وَالاجتِهَادِ، وَكَانَ شَهرُ رَمَضَانَ مِن مَوَاسِمِ الجُودِ الإِلهِيِّ العَمِيمِ، حَيثُ تُعتَقُ الرِّقَابُ وَتُقَالُ العَثَرَاتُ وَتُمحَى السَّيِّئَاتُ، وَتُوَزَّعُ الجَوَائِزُ الرَّبَّانِيَّةُ وَالهِبَاتُ وَتُضَاعَفُ الحَسَنَاتُ، كَانَ لِزَامًا عَلَينَا أَن نَنتَبِهَ مِن غَفَلاتِنَا، وَنَستَيقِظَ مِن رَقَدَاتِنَا، وَنَتَوَاصَى عَلَى تَحصِيلِ الغَايَةِ مِن خَلقِنَا وَنُرضِيَ خَالِقَنَا، وَنَحرِصَ عَلَى التَّهَيُّؤِ لِدُخُولِ الشَّهرِ الكَرِيمِ بما يُحِبُّهُ الرَّبُّ الرَّحِيمُ، قَبلَ أَن يَجتَذِبَنَا دُعَاةُ البَاطِلِ وَاللَّهوِ وَالفُجُورِ، الَّذِينَ تَتَعَاظَمُ هِمَمُهُم وَيُسرِفُونَ في الإِعدَادِ لإِغوَاءِ الخَلقِ في أَعظَمِ الشُّهُورِ، بما يُذِيعُونَهُ وَيَنشُرُونَهُ وَيَتَفَنَّونَ في جَذبِ النُّفُوسِ إِلَيهِ، مِن مُسَلسَلاتٍ وَمَسرَحِيَّاتٍ، وَسَهَرَاتٍ وَلِقَاءَاتٍ، وَرَقصٍ وَغِنَاءٍ، وَجَدَلٍ وَهُرَاءٍ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد صَامَتِ الأُمَّةُ شُهُورًا، وَمَرَّ بها رَمَضَانُ دُهُورًا، فَهَلِ ازدَادَت مِنَ اللهِ قُربًا؟! هَل حَمَلَت في قُلُوبِهَا إِيمانًا وَتَشَبَّعَت مِنَ التَّقوَى؟! في الوَاقِعِ خَيرٌ كَثِيرٌ وَللهِ الحَمدُ وَالمِنَّةُ، وَلَكِنَّ فِيهِ أَيضًا مَا يُؤلِمُ وَيَحُزُّ في الخَاطِرِ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ أَنَّ رَمَضَانَ يَدخُلُ وَيَخرُجُ، وَفي الأُمَّةِ مَن لا يُحِسُّ بِأَنَّهُ قَد مَرَّ بِهِ مَوسِمُ تِجَارَةٍ أُخرَوِيَّةٍ، فَهُوَ لِهَذَا بَاقٍ عَلَى عَجزِهِ وَخُمُولِهِ وَكَسَلِهِ، مُستَسلِمٌ لِجُبنِهِ وَبُخلِهِ، لم يُتَاجِرْ وَلم يُرَابِحْ، وَلم يُسَابِقْ وَلم يُنَافِسْ، وَلم يُجَاهِدْ نَفسَهُ وَلم يُرَابِطْ، وَإِلاَّ فَإِنَّ الأُمَّةَ لَو تَجَهَّزَت لِهَذَا الشَّهرِ وَأَعَدَّت لَهُ عُدَّتَهُ، وَشَمَّرَ الجَمِيعُ عَن سَوَاعِدِ الجِدِّ وَشَدُّوا مَآزِرَهُم، وَتَفَرَّغُوا لِلعِبَادَةِ وَنَوَّعُوا الطَّاعَةَ، لَرَأَينَا أُمَّةً جَدِيدَةً تُولَدُ بَعدَ رَمَضَانَ وَتَحيَا حَيَاةً مُغَايِرَةً لِمَا كَانَت عَلَيهِ مِن قَبلُ. وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ فَرقٌ كَبِيرٌ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - بَينَ مَن يَتَقَدَّمُ إِلى رَمَضَانَ بِعَزِيمَةٍ قَوِيَّةٍ، وَنَفسٍ مَشحُونَةٍ بِالإِصرَارِ عَلَى الاجتِهَادِ في الطَّاعَةِ، وَقَلبٍ يُصقَلُ بِالصَّبرِ وَالمُصَابَرَةِ، وَبَينَ مَن يَعِيشُ في الأَمَانيِّ وَالأَحلامِ، أَو يَشتَغِلُ بِتَحصِيلِ مَصالِحَ دُنيَوِيَّةٍ بِبَيعٍ أَو شِرَاءٍ، أَو يَتَكَثَّرُ في رَمَضَانَ بِسُؤَالٍ وَاستِعطَاءٍ وَاستِجدَاءٍ.

 

إِنَّ رَبَّنَا - أَيُّهَا المُسلِمُونَ، غَنِيٌّ عَنَّا، وَهُوَ مَعَ هَذَا قَرِيبٌ مِنَّا، وَقَد قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾ [البقرة: 152] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60] وَقَالَ في الحَدِيثِ القُدسِيِّ: " أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبدِي بي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَني، فَإِنْ ذَكَرَني في نَفسِهِ ذَكَرتُهُ في نَفسِي، وَإِنْ ذَكَرَني في مَلأٍ ذَكَرتُهُ في مَلأٍ خَيرٍ مِنهُم، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِليَّ شِبرًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِليَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَاني يَمشِي أَتَيتُهُ هَروَلَةً " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. أَلا فَمَا أَحرَانَا وَقَد أَقبَلَ شَهرُنَا أَن نَحرِصَ عَلَى الإِقبَالِ عَلَى رَبِّنَا، وَأَن تَكُونَ حَالُنَا كَحَالِ العَبدِ الصَّالِحِ مُوسَى - عَلَيهِ السَّلامُ - إِذْ قَالَ: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84] فَإِنَّهَا لَحَسرَةٌ وَأَيُّ حَسرَةٍ أَن تَفُوتَ الأَزمِنَةُ الفَاضِلَةُ في غَيرِ طَاعَةٍ، وَأَن يُشَمِّرَ السَّابِقُونَ وَيَتَخَلَّفَ أَقوَامٌ مِنَّا وَيَقعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ.

 

فَحَيَّهلا إِنْ كُنتَ ذَا هِمَّةٍ فَقَد
حَدَا بِكَ حَادِي الشَّوقِ فَاطْوِ المَرَاحِلا
وَلا تَنتَظِرْ بِالسَّيرِ رُفقَةَ قَاعِدٍ
وَدَعْهُ فَإِنَّ العَزمَ يَكفِيكَ حَامِلا


أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ، وَلْنَتَشَبَّهْ بِالصَّالِحِينَ، وَلْنُعِدَّ العُدَّةَ مَعَ المُشَمِّرِينَ، وَلْنَحذَرْ ضَعفَ العَزِيمَةِ وَخَوَرَ الإِرَادَةِ، وَاتِّبَاعَ الهَوَى وَمُصَاحَبَةَ البَطَّالِينَ وَالفَارِغِينَ، وَإِطَالَةَ الرَّاحَةِ وَكَثرَةَ الفَرَاغِ؛ فَإِنَّ الرَّاحَةَ لِلرِّجَالِ غَفلَةٌ، وَالمَوتَ يَطلُبُنَا في كُلِّ لَحظَةٍ، وَلا وَاللهِ يَجِدُ العَبدُ طَعمَ الرَّاحَةِ الحَقِيقِيَّةِ حَتى يَضَعَ قَدَمَهُ في الجَنَّةِ، وَقَد قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لِنَبِيِّهِ: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾ [لقمان: 15] وَقَالَ لِعُمُومِ عِبَادِهِ المُؤمِنِينَ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

فَاللهَ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - بِتَهيِئَةِ النُّفُوسِ لِهَذَا الضَّيفِ الكَرِيمِ، أَكرِمُوا وِفَادَتَهُ، وَأَحسِنُوا ضِيَافَتَهُ، وَإِيَّاكُم أَن تُفَوِّتُوا فِيهِ فَرِيضَةً، أَو تَتَكَاسَلُوا عَن نَافِلَةٍ، أَو تَزهَدُوا في خَيرٍ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا * تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ﴾ [الأحزاب: 41 - 44].

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاغتَنِمُوا فَاضِلَ الأَوقَاتِ بِالتَّزَوُّدِ مِنَ الصَّالِحَاتِ، وَاعلَمُوا أَنَّ شَهرَ رَمَضَانَ فُرصَةٌ سَانِحَةٌ لِعِلاجِ الآفَاتِ، وَالتَّخَلُّصِ مِنَ المَعَاصِي وَالمُخَالَفَاتِ وَسَيِّئِ العَادَاتِ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لأَنَّهُ شَهرُ حِميَةٍ وَامتِنَاعٍ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَفُضُولِ المُبَاحَاتِ، وَفِيهِ تَخِفُّ النُّفُوسُ إِلى الطَّاعَاتِ، حَيثُ لا تُبصِرُ إِلاَّ صَائِمًا أَو قَائِمًا، أَو رَاكِعًا أَو سَاجِدًا، أَو قَانِتًا أَو قَارِئًا، أَو دَاعِيًا أَو ذَاكِرًا، أَو مُنفِقًا أَو مُتَصَدِّقًا، في تَسَابُقٍ إِلى الخَيرَاتِ، وَتَنَافُسٍ في اكتِسَابِ الحَسَنَاتِ، فَإِذَا صَحِبَ ذَلِكَ عَزِيمَةٌ صَادِقَةٌ لإِصلاحِ النَّفسِ، كَانَتِ النَّتِيجَةُ سَعَادَةً وَرَاحَةً وَانشِرَاحَ صَدرٍ، وَأَمَّا مَن لم تَتَحَفَّزْ هِمَّتُهُ لِعِلاجِ نَفسِهِ في هَذَا الشَّهرِ، فَلْيَبكِ عَلَيهَا بُكَاءً طَوِيلاً، فَإِنَّهُ شَقِيٌّ مَحرُومٌ، في الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " وَرَغِمَ أَنفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيهِ رَمَضَانُ ثم انسَلَخَ قَبلَ أَن يُغفَرَ لَهُ " أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ.

 

• أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وِلْنُصلِحْ أَنفُسَنَا وَلْنَحذَرْهَا، فَإِنَّ فِيهَا رَكُونًا إِلى اللَّيِّنِ وَالهَيِّنِ، وَنُفُورًا عَنِ المَكرُوهِ وَالشَّاقِّ، فَلْنَرفَعْهَا مَا استَطَعنَا إِلى النَّافِعِ وَإِن كَانَ شَاقًّا، وَلْنُرَوِّضْهَا عَلَى الأَكمَلِ وَإِن كَانَ إِلَيهَا مَكرُوهًا، وَلْنُذِقْهَا اللَّذَّاتِ الرُّوحِيَّةَ العَظِيمَةَ، تَحتَقِرِ اللَّذَّاتِ الحِسِّيَّةَ الصَّغِيرَةَ، وَلْنَأطِرْهَا عَلَى جَلائِلِ الأُمُورِ وَمَعَالِيهَا، تَنفِرْ عَن كُلِّ دَنِيَّةٍ وَتَربَأْ عَن كُلِّ صَغِيرَةٍ، وَلْنَعلَمْ أَنَّ اللهَ مُعطٍ كُلاًّ عَلَى قَدرِ مَا تَصبُو إِلَيهِ نَفسُهُ وَتَرقَى إِلَيهِ هِمَّتُهُ وَتَبلُغُهُ نِيَّتُهُ وَعَزِيمَتُهُ ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا * انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 18 - 21] ﴿ فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 37 - 41].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رمضان شهر المراجعات الذاتية
  • صَبا رمضان
  • فضل رمضان
  • شهر رمضان فضله وبعض ما يشرع فيه من العبادة
  • رمضان يا أمل النفوس ( بطاقة أدبية )

مختارات من الشبكة

  • شهر رمضان شهر مبارك وشهر عظيم(مقالة - ملفات خاصة)
  • جاءكم شهر رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • شرح حديث: قد جاءكم رمضان(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • جاءكم رمضان فأكثروا من ذكر الله(مقالة - ملفات خاصة)
  • قد جاءكم رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • علمني رمضان(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ومضات قرآنية: قد جاءكم من الله نور وكتاب منير(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين} [المائدة: 15](مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • { ولقد جاءكم موسى بالبينات.. }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخلال النبوية (24) {لقد جاءكم رسول من أنفسكم}(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/1/1447هـ - الساعة: 14:48
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب