السودان وكارثية انفصال الجنوب (1)

المقـدِّمة

حينما يكون "ريموت كنترول" التَّفكير في يد الْجُنون، لا تتذمَّر من قنوات الانفلات؛ إنَّه العَرْض الطبيعيُّ لِهذه الحالة، ولكنْ حتَّى تعود مشاهِدُ الْهُدوء والعقلانيَّة إلى واجهة العَرْض؛ فأنت في أمَسِّ الحاجة إلى "كبسولةِ" وعْي، تُصْرَف لعقلك عبْرَ "روشتة" تَبْحث من خلالِها تارةً عن (بجع) الكتابة بين سطورِ بُحَيراتنا الرَّاكدة، وتارةً أخرى عن عُكَّاز، يتَّكِئ على جدار الكلمة؛ لتُطْلِق لساقَيْ قلَمِك العنَان.

فأضرار الْحروب الباردة التي اشتعلَتْ في الغرب، عادتْ بالنَّفع على الحروب السَّاخنة في القارَّة السَّمراء، وحينما تَنْفُض غُبارَ المعنى عن مَثلٍ يقول: "رُبَّ ضارَّةٍ نافعةٌ"، فإننا نوقن للوهلة الأُولى أنَّه - أَيِ: الْمَثل - قد تم تصنيعه خصِّيصًا؛ ليتسنَّى صَبُّه على قوالبِ المرحلة الجاهزة التي يَمرُّ بها السودان حاليًّا، وما قبل ذلك كانت ثقافة المستعمِر قد نثرَتْ بُذورَ الفتنة، حتَّى طلعتْ نَبْتاتُها على حدود دول إفريقيا ضمن مُخطَّط إستراتيجي تَمَّتْ حياكةُ تفاصيله قبل أكثرَ مِن قرن من الزمان!

وحينما نَعُود بذاكرتِنا إلى الوراء قليلاً ليس بإمكاننا إسقاطُ تفاصيل مؤتمر لندن عام 1900م، ومؤتمر كمبالا عام 1994م الذي أُقِيمت أجِنْدته لدفع عجلة مؤامرة الغَرب ضدَّ القارة السمراء التي تضمُّ ثلاثًا وخمسين دولةً مستقلَّة.

نافذة على السودان (الوطن الكبير)

• الْهُويَّة: عربيَّةٌ إسلامية.

• التأسيس: نضالٌ وطني ضدَّ استعمارٍ إنجليزي دام طويلاً، لكنَّه تعامل مع السُّودان برُقيٍّ وحرصٍ شديدَيْن، لَم تنَلْهما أوطانٌ مستعمَرة أخرى.

• سنة التأسيس: 1956م، وهو استقلال متعدِّد المراحل؛ كان أوَّلاً عن المملكة المتحدة، ثم عن مصر إبَّان حِقْبة "محمد علي"، بينما رفعَتْ مصْر يدَها عن السودان كُليًّا، وفقًا لِنَزعة قومية لدى "جمال عبدالناصر"، مما سمح لـ"إسماعيل الأزهري" بتكوين أول حكومة.

• نِظام الْحُكم: جُمهوريٌّ، يتبنَّى أفكارًا ديمقراطيَّة، ويفتقد غالبيَّة تطبيقاتها.

• مصادر التشريع: القرآن والسُّنة.

• المساحة: مليونان ونصف مليون كيلو مترًا مربعًا.

• تعداد السُّكان: 39 مليونًا وفْق تعداد 2009.

• إستراتيجيَّة جغرافية: رَبْط شرق إفريقيا بِغَربها.

• الخارطة الاجتماعية: مجتمع قبَلي، متعدِّد الأديان، غالبيته مُسلم.

• اقتصاديات الشعب: الزِّراعة والرعي في أغلبه.

• موارد طبيعية: النيل، والنِّفط.

جيـران السُّودان

يتَماسُّ السُّودان بِحُدود مباشرة مع تِسْع دول؛ هي: جنوب إفريقيا الوسطى، تشاد، جمهورية الكونغو الديمقراطيَّة، جمهورية مصر العربية، إرتيريا، إثيوبيا، كينيا، ليبيا، أوغندا، بينما السُّعودية جارٌ بعيد، يقع على الضفَّة الأخرى من البحر الأحمر.

وبينما تَنْقسم مواقِفُ هذه الدُّول حيالَ الانفصال من بَيْن عدَم الْمُبالاة، أو الْحَماسة للانفصال، أو الْحرص على بقاء السودان وطنًا موحَّدًا؛ فإنَّ أهمَّ المواقف قادمةٌ من الدُّول التالية:

• مصر: لَم تَتهاون في المناداة، والعملِ على ضمان بقاء وَحْدة أرض السودان، وليس لديها أجندة مستقبليَّة للتعامل مع دُوَل الجنوب الجديد.

• أوغندا: الأكثر التصاقًا بالجنوب، ويبدو أنَّها أنْجزَتْ مسوداتٍ أوليَّةً لِمُعاهدات تِجاريَّة، وحدودية مع الدَّولة الجديدة.

• ليبيا: نقَلَ مقرَّبون عن الزَّعيم الجنوبي "سِلْفا كير" أنَّ الرئيس اللِّيبِيَّ داهمَ الزَّعيم الجنوبِيَّ في مهجعه أثناء نومه إبَّان تواجُدِه أثناء زيارةٍ في ليبيا؛ لِيَهمس في أذنه أنَّ ليبيا ستعترف بِجَنوب السودان حالَما يتحقَّق الانفصال.

• كينيا: مثلها مثل أوغندا، أرْوِقتها الدبلوماسية تنوي التعامل مع الدَّولة الجديدة، وتَبْحث عن مقعد في مقدِّمة الدُّول الصديقة.