عقبات تحول دون إعادة توطين اللاجئين المسلمين في أراضيهم في الشمال السيرلانكي

عقبات تحول دون إعادة توطين اللاجئين المسلمين

في أراضيهم في الشمال السيرلانكي

عقد عددٌ من البرلَمانيين والأكاديميين وقادةِ المجتمع المدني ورجال الدين المسلمين اجتماعًا طارئًا، بتاريخ 5 /1 /2017م؛ لبحث القضايا التي يواجهها المسلمون الذين تمَّت إعادة إسكانهم في أراضيهم بالقرب من حدود محميات غابة "ويلباتو" الوطنية (الشمال الأوسط).

وكان مِن بين المشاركين في هذا الاجتماع وزيرُ التجارة والصناعة "رشاد بديع الدين"، ووزير الدولة لإعادة التأهيل وإعادة التوطين "إم. إل. إي. إم. حزب الله"، ووزير الدولة للاندماج الوطني والمصالحة "إي. إتش. إم. فوزي"، وعدد من البرلمانيين والسياسيين البارزين.

وبعد الاجتماع عقدَ القادة المسلمون مؤتمرًا صحفيًّا؛ حيث أشاروا إلى أن مزاعم إعادة المسلمين داخل محميات الغابة الوطنية لا أساس لها من الصحة، وإنما يسعى لإثارتِها بعضُ العناصر؛ من أجل تحقيق أغراضهم السياسية الشخصية.

وأكَّدوا بأنه تمَّت إعادة إسكانهم في أراضيهم الخاصة التي تقع خارج حدود المحميات، كما طالبوا الحكومة بالتدخل الفوري لحلِّ هذه القضية؛ من أجل ضمان المصالحة الوطنية دون مزيد من التأخير.

ومن جانبه حثَّ وزير الصناعة والتجارة "رشاد بديع الدين" الحكومةَ على اتخاذ تدابير فورية لحل قضية مزاعم استيلاء المسلمين على محميات غابة "ويلباتو" الوطنية، وتجنُّب الإطالة كما كان في عهد النظام السابق، مشيرًا إلى أن هذه القضية تمَّت إثارتها من قِبَلِ بعض أصحاب المصالح الخاصة التي تسعى لتحقيق أهدافها وتخريب عملية المصالحة التي تقوم بها الحكومة السريلانكية، من خلال التحريض على نزاع طائفي مرة أخرى في البلاد.

وتجدر الإشارةُ إلى أن إدارة حماية موارد الغابات في "سريلانكا" أمرَتْ بخروج المسلمين الذين عادوا لأراضيهم في "ويلباتو - أنورادابورا"، بعد معاناتهم التي طالت أكثر من 20 سنة نتيجةَ الحرب الأهلية في الشمال مع نمور التاميل، وذلك إثر ادِّعاء حركة "بودوبالاسينا" (BBS) - البوذية المتشددة - بأن المسلمين استوطنوا فيها عنوةً من غير حق، على الرغم من وجود آثار تدل على استيطانهم قبل 24 سنة من مقابر قديمة وغيرها.

تقاعس السلطات عن اتخاذ إجراءات كافية لإعادة توطين المسلمين:

بعد أن انتهَتِ الحرب الأهلية في عام 2009، بدأ المسلمون - المشرَّدون مِن قِبَل الانفصاليين التاميل - يتنفَّسون الصُّعَداء، وهم يحملون آمالًا كبيرة في عودتهم إلى أراضيهم، إلا أن الحكومة السابقة لم تتَّخِذ إجراءاتٍ كافية لإعادة توطينهم في مواطنهم الأصلية في المنطقة الشمالية في سريلانكا، أو مناطق أخرى، بالرغم من تسريع إعادة توطين النازحين التاميل في مواطنهم، وذلك تحت ضغوط من المجتمع الدولي ومنظمة حقوق الإنسان، مع أن السيد/ رشاد بديع الدين كان وزيرًا لإعادة توطين النازحين في عهد الرئيس السابق "ماهيندا راجاباكسا"، حتى عام 2015م.

وقد مضى ثلاثة عقود من الزمنِ على هؤلاء اللاجئين المسلمين، الذين تم تشريدهم من قِبَل الانفصاليين النمور التاميل في عام 1990م، وما زالوا يُقيمون في مخيَّمات للاجئين، وأماكن إقامة مؤقتة في أنحاء سريلانكا، وخاصة في محافظة بوتلام، وقد ازداد عددهم بطبيعة الحال خلال هذه الفترة لأكثر من مائة ألفٍ، مع الأجيال الجديدة.

ومن العوائق التي تَحُول دون إعادتهم إلى مواطنهم الأصلية: عدمُ وجود البِنْية التحتية والمستلزمات الأساسية للحياة، من الخدمات الحكومية؛ من الكهرباء، وإمدادات المياه، والخدمات الصحية، والتعليم، وعدم وجود فُرص العمل وتسهيلات لاستئناف الأعمال التِّجارية والزراعية وصيد الأسماك في تلك المناطق.

وفي عام 2012م بدأ عددٌ قليل من المسلمين يعودون إلى أراضيهم الخاصة في "ماريتشوكودي"، بدعم من مؤسسة جاسم الخيرية بدولة قطر، إلا أنه كان في انتظارهم مفاجأة غير متوقَّعة من قِبَل بعض الرهبان البوذيين المتشدِّدين والإعلاميين؛ حيث أثاروا مزاعم استيلائهم على محميات غابة "ويلباتو" الوطنية، بهدف عرقلة عمليات إعادة توطين المسلمين، على الرغم من أنه تمَّت إعادة إسكانهم في أراضيهم الخاصة خارج حدود المحمية؛ حيث يملكون وثائق وصكوكًا من الجهات الرسمية.

وفي الواقع أن بعض القرى الحدودية من محميات غابة "ويلباتو"، التي كان يسكن بها المسلمون قبل الصراع - تبدو كأنها غابات؛ بسبب غيابهم عنها أكثر من 26 سنة.