• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ. د. عبدالحليم عويس / مقالات


علامة باركود

ذميون ومواطنون

ذميون ومواطنون
أ. د. عبدالحليم عويس


تاريخ الإضافة: 13/1/2015 ميلادي - 22/3/1436 هجري

الزيارات: 9304

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ذميون ومواطنون


يكفل الإسلام حقَّ المواطنة الكاملة لغير المسلمين في المجتمع الإسلامي؛ فلهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم، وللأسف الشديد عولجتْ قضية (الجِزْية) - التي يدفعها غير المسلمين من المواطنين المنسوبين إلى الوطن الإسلامي - علاجًا خاطئًا من بعض الفقهاء والمفسِّرين، وقد استغلَّ ذلك بعضُ المستشرقين والمُغرِضين، فبَدَت الجزية وكأنها ضريبة تُدفَع لمجرَّد الاختلاف في الدين، أو لمجرَّد أن هؤلاء المواطنين لم يدخلوا الإسلام.

 

وتبيِّن لنا قصة فتح الأندلس - وما قدَّمه المسلمون لأولاد "غيطشة" و"جوليان" - أن هذا تحليل خاطئ كل الخطأ؛ فلو كانت الجِزْية تُدفَع لمجرَّد الاختلاف في الدين، لكان من الأوجب أن تفرض على الرهبان، بينما هم مُعْفَون منها، كما يُعفَى منها القطاع الأكبر من غير المسلمين؛ كالنساء جميعًا، والأطفال جميعًا، والشيوخ، والعجزة، والمرضى؛ فهي لا تُفرَض إلا على الرجال القادرين على القتال، وهذا في حدِّ ذاته دليلٌ على أن الاختلاف في الدين ليس السبب في مشروعية الجِزْية، وإنما يَكمُن السبب في اعتبارٍ نفسي لطيف؛ يُرَاعِي مشاعر غير المسلمين، ويحترم إرادتهم وأديانهم، فمن البدهي أن أعداء الجيوش الإسلامية قد يَلتَقُون في الدين مع غير المسلمين من المواطنين المنسوبين إلى الوطن الإسلامي، وبالتالي فمن باب الاحترام لمشاعرهم ودينهم ألاَّ نجعلَهم يقاتلون إخوانَهم في الدين في عصورٍ كانت البواعث الدينية فيها أقوى من البواعث الوطنية، (يضاف إلى ذلك أنه قد لا يؤمَن انحراف بعضهم أمام الضغوط النفسية، فيخذلوا الجيش الإسلامي في ساعة العسرة؛ فتكون الكارثة)، فمراعاة لهذا وذاك فرض الإسلام الجِزْية كضريبة جندية، أو بالتعبير الحديث: (بدل الخدمة العسكرية)؛ وذلك لاعتبارات نفسية وأمنية كما ذكرنا!

 

وعندما كانتِ الظروف أو المصالح تسمح أو تُوجِب إشراك أهل الذمة في الدفاع عن البلاد، أو القتال خارج الحدود، كانتِ الجِزْيَة تسقط فورًا؛ لأن أسباب مشروعيتها قد سقطتْ.

 

ويتتبع د/ محمد عمارة - اعتمادًا على كتاب (الخراج) لأبي يوسف، و(تاريخ الطبري)، و(فتوح البلدان) للبلاذري، و(مجموعة الوثائق السياسية) لمحمد حميد الله - بعضَ الوقائع التاريخية التي ارتبطتْ فيها الجِزْية بالقتال وجودًا وعدمًا؛ فهي تجب في حالة عدم المشاركة من القادر على القتال، وتسقط في حالة مشاركته؛ فأبو عبيدة بن الجرَّاح فرض هذه الضريبة (الجزية) على مَن تجب عليهم في مُدُن الشام، فلما شعر بالهزيمة وعزم على التراجع، طلب إلى عمَّاله على البلاد أن يردُّوا الجزية إلى مَن جُمِعتْ منهم؛ لأنهم أخذوها ضريبة جندية في مقابل حماية دافعيها، أما وهم سينسحبون، فلا بد من ردِّها؛ لأن جمعها وردها يدور - كمعلول - مع العلة في فرضها وجمعها وجودًا وعدمًا[1].

 

وفي "جرجان" حدث ذلك أيضًا؛ فقد نصَّت معاهدة القائد سويد بن مقرن مع أهلها على ربط الجزية بعدم القتال؛ إذ جاء في المعاهدة: "ومَن استعنَّا به منكم، فله جزاؤه في معونته عِوضًا من جزائه"؛ (أي: عوضًا عن جزيته).

 

وحدث ذلك مع أهل "أذربيجان"، ونصَّت عليه معاهدة القائد عقبة بن فرقد - عامل عمر بن الخطاب مع أهلها - إذ جاء فيها: "ومَن حُشِر (أي استدعي للقتال) منهم في سنةٍ، وُضِع عنه جزاء (جزية) تلك السنة".

 

وحدث أيضًا مع أهل "أرمينية"، ونصَّت عليه معاهدة القائد سُرَاقة بن عمرو - عامل عمر بن الخطاب - مع أهلها؛ إذ نصَّت المعاهدة على أن جمع الجزية وإسقاطها مرهونان بالاشتراك في الجيش أو عدم الاشتراك فيه؛ ففيها: "على أن يوضع (يسقط) الجزاءُ (الجزية) عمَّن أجاب إلى ذلك الحشر (الحشد للقتال)، والحشر عِوض من جزائهم (جزيتهم)، ومَن استُغنِي عنه منهم وقعد، فعليه مثل ما على أهل "أذربيجان" من الجزاء (الجزية)".

 

ومع "الجراجمة"، كان "الجرجومة" في شمال سوريا بالقرب من أنطاكية، حدث ذلك أيضًا عندما حاربوا وهم على نصرانيتِهم ومعهم حلفاؤهم وأتباعهم في جيش المسلمين تحت قيادة حبيب بن مَسْلَمة الفِهْري.

 

ومع النصارى من أهل (حمص)، عندما حاربوا في صفوف جيش أبي عبيدة بن الجرَّاح، في موقعة (اليرموك) ضد الروم البيزنطيين[2].

 

وقد انتهى الأمر إلى إسقاط الجِزْية أيضًا عن (شهر براز) عندما التزم الأخير بالقتال مع المسلمين ضد عدوهم المشترك (32هـ/652م).

 

ويعلِّق الطبري على هذه الواقعة، فيبيِّن أن ذلك يمثِّل قاعدة متَّبعة، يقول: "وصار ذلك سنةً فيمَن كان يحارب العدوَّ من المشركين" [3]؛ أي: أصبح إسقاط الجزية عمَّن يقاتل مع المسلمين قاعدةً، والحق أنه قاعدة شرعية قبل أن يكون سنة عملية!



[1] الإسلام والوحدة القومية ص92 - المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بيروت - ط2 سنة 1979م.

[2] المرجع السابق ص94.

[3] تاريخ الطبري 156/4 - طبع دار المعارف بمصر - سنة 1970م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواقع المشرفين
  • مواقع المشايخ ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة