• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / مواعظ وخواطر وآداب / خواطر صائم / مقالات
علامة باركود

رمضان وداعا

خميس النقيب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/9/2010 ميلادي - 27/9/1431 هجري

الزيارات: 21373

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ها هو رمضان يوشكُ أن ينتهي، هذا الضيف الكريم يوشك أن يرحلَ عنَّا، من الناس مَن أحسنَ وفادته، ومِن الناس مَن أكرمَ زيارته، ومِن الناس مَن أجملَ ضيافته، ومن الناس مَن رحلَ عنه رمضانُ وهو يحملُ له أسوءَ الذكريات.

 

إعلانات رمضان قبل الرحيل:

ها هو رمضان يوشك على الرحيل، يُعْلنُ فينا أنَّ كلَّ شيءٍ إلى فوات، وكلَّ جمْعٍ إلى شتات، وكلَّ حَيٍّ إلى مَوات، وأنَّ الله - عز وجل - يجمعُ الناس كلَّ الناس ليومٍ لا ريبَ فيه؛ ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 9].

 

إنَّ هذا الشهر الكريم يُعلن فينا أنه لا قيمةَ إلا بالإيمان، ولا نجاة إلا بالتقوى، ولا فوزَ إلا بالطاعة، ولا يَنال الدرجات العُلا إلا رجلٌ مُجاهِد ينصرُ العقيدةَ، ويَحْمي الحقَّ، ويجابه الباطلَ، إذا قُرِئ عليه القرآن يستمع، وإذا نُودِي بالإيمان فإنه يُلبِّي؛﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾  [النور: 51].

 

﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران : 193].

 

يوشكُ رمضان على الرحيل وقد ضربَ الله - عز وجل - لنا طريقًا إليه نسلكُه، ونتعبَّدُ إلى الله فيه؛ ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153].

 

وهناك حبْلٌ طرفُه بأيديكم والطرف الأخر بيد الله؛ ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 103].

 

حبلُ الله المتين، وصراطُه المستقيم، ودستوره الحكيم، ونوره المبين، مَن قال به صدقَ، ومَن عمل به أُجِر، ومَن حَكَمَ به عدل، ومَن تركَه مِن جبَّارٍ قصمَه الله ولا يبالي، القرآن الذي أُنزل في شهر رمضان هدًى للناس وبيِّناتٍ من الهدى والفُرقان؛ ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].

 

القرآن مجْدُ الأُمَّة، وعِزُّ الأُمَّة، ومكانة الأُمَّة؛ ﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء : 10].

 

كتابٌ فيه مجدُكم، فيه عِزُّكم، فيه كرامتُكم، فيه حياتُكم، فيه تاريخُ أُمَّتكم، فلماذا نركنُ إلى الذِّلَّة وبأيدينا العِزَّة؟ ولماذا نسلُك طريقًا مُعوجًّا ولدينا طريقٌ مستقيمٌ.

 

احْترسْ؛ إياك أن تعبدَ رمضانَ:

يوشكُ رمضانُ على الانتهاء، فمن كان يعبدُ رمضان، فإنَّ رمضان يوشكُ على الانتهاء، ومَن كانَ يعبدُ الله، فإنَّ اللهَ حَيٌّ لا يموت؛ ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 96].

 

الذين صبروا على الطاعة، صبروا على العبادة، صبروا على الصيام، صبروا على القيام، صبروا على تلاوة القرآن، صبروا لا صبر الاستسلام، إنما صبرُ الاستعلاء، لا صبر القعود، إنما صبرُ النهوض، لا صبر الخمول والكسل، إنما صبرُ النشاط والعمل؛ ﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]؛ أي: يغرفُ لهم من الحسنات غرْفًا.

 

الاستقامة المنشودة:

استقيموا على الطاعة، الإمام يدعوكم في اليوم خمسَ مرات في الصلوات: استقيموا يرحمكم الله، هل تستقيم هنا فقط؟ كلاَّ، تستقيم في بيتك، تستقيمُ في عملك، تستقيم في سفرك، في يُسْرك وعُسْرك، في صحَّتك و مَرضك، في حِلِّك وترحالك، في قوَّتك وضَعفك، في غِنَاك وفقْرك، تستقيم على منهج الله، وعلى سُنَّة رسول الله، فالله - عز وجل - فتحَ لنا بابَه واستضافنا في بيته، وشرَّفنا بالمثول بين يديه، تلتقي وجوهُنا فتلتقي في الحياة آمالُنا، تتصافح أيدينا فتتصافح قلوبُنا، تستقيم صفوفُنا فتستقيم في دنيا الناس مناهجُنا، تتوحَّد قِبْلتُنا فتتوحَّد غايتُنا، نعبدُ ربًّا واحدًا، ونقرأ كتابًا واحدًا، ونتبعُ رسولاً واحدًا، ونتَّجه إلى قِبْلة واحدة، وصدقَ الله إذ يقول: ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾ [المؤمنون: 52]؛ أي وحدة أفضلُ من هذه الوحدة؟! الإسلام جمَعَنا من شتاتٍ، وأحيانًا مِن مَوات، وهَدانا من ضلالة، وعَلَّمَنا من جَهَالة، فلِمَ نفرِّطُ فيه؟ ولِمَ لا نستقيم على أمره؟!

 

﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود : 112]، اسْتقمْ كما أُمِرْتَ، إنها الأمانة، إنَّه طريقٌ طويل، وعبادات مُستمرَّة، تعبدُ ربَّك ليس في المسجد فقط، وليس اليوم فقط، وإنَّما في كلِّ مكانٍ تطؤه بقدمك، وتحياه بروحك، لا يصحُّ أنْ ننتقيَ من العبادات فنأخذ ونترك، وإنَّما الإسلام منهجُ حياة شاملٌ لكلِّ زمانٍ وكلِّ مكان؛ ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 85].

 

الاستقامة على أمْرِ الله وعلى طاعة الله في رمضان وبعد رمضان، العبد عند قُدومه على ربِّه وقتَ الاحْتضار يحيطه البعيدُ والقريب، الحبيبُ والطبيب، الأخ والصديق، لكن هل يستطيعُ أحدٌ أن يضيفَ إلى عُمره شيئًا؟ أو أن يزيدَ من رِزْقه شيئًا؟ أو يعيدَ رُوحَه التي سُلِبَتْ؟ كلاَّ؛ يقول الله - عز وجل-: ﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الواقعة: 83 - 87].

 

في وقت الاحْتضار يحتاجُ المحتضَرُ إلى مَن يثبِّته عند الموت، ومَن يُطَمْئِنه على ما خَلَّفَ، ومَن يبشِّره بما هو قادمٌ إليه، المؤمن المستقيم على أمْرِ الله يبعثُ الله له ملائكةً كِرامًا تُثَبِّته عند السؤال، وتُطَمْئنه على الأولاد، وتبشِّره بما هو آت؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32]. بل إنَّ الملائكةَ لتأخذ العبدَ المستقيم على أمرِ الله مِن يَديْه وتُدْخِله الجنة، وتُهَنِّئه بالفوز بالجنَّة والنجاة من النار؛ ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد : 23 - 24].

 

ما أجمل العبادةَ، وما ألذَّ الطاعة! مَن جرَّب لذَّة الطاعة هل يعود إلى مَرارة العِصْيان؟ كيف؟! تنتهي آلام العبادة ويَبْقى عند الله أجْرُها، وتنتهي لذَّةُ المعْصية ويبقى عند الله وِزْرُها، هل نعود إلى الضلال بعد الهُدى؟ هل نعود إلى الظلام بعد النور؟ كلاَّ!! وإنما يجبُ أن نستقيمَ على أمرِ الله.

 

العودة إلى الصفر الممقوت:

ضربَ الله مثلاً في القرآن لامرأة حَمْقَاء كانت في مكان بين مكة والطائف،كانت تغزلُ الصوفَ، وكان معها فِرَقُ عملٍ من النساء والفَتَيَات،كُنَّ يَغْزِلْنَ معَها، وكانتْ تصنعُ شيئًا من الصوف عجيبًا وجميلاً، كانت تغزلُ حتى إذا انتصفَ النهار فكَّتْ ما غَزَلته، ونقضتْ ما صنعتْه، أعادتْه كما كان، وكأنَّ شيئًا لم يكنْ؛ ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [النحل: 92].

 

الذي كان يتلو القرآن ثم يهجرُه بعد رمضان، فقد نَقَضَ غزله، والذي وَصَلَ رحِمَه ثم قَطَعَه بعد رمضان، فقد نَقَضَ غَزْله، هذه الوجوه التي سجدتْ لله في رمضان يجبُ ألاَّ تتَّجه لغير الله بعد رمضان، هذه العيون التي بكتْ من خشية الله في رمضان يجبُ ألاَّ تنظرَ إلى الحرام بعد رمضان، لا تتتبَّع النظرات الخائنة، وإنما تنظر إلى عجيبِ صُنْع الله، هذه البطون التي صامتْ عن الحلال في رمضان، يجبُ ألاَّ تقترفَ الحرام بعد رمضان، هذه الأقدامُ التي سعتْ إلى بيوت الله في رمضان، يجبُ ألا تسعى في الفساد والإفساد في الأرض بعد انقضاء رمضان، هذه اليد التي كانتْ مَمرًّا لعطاء الله؛ تنفقُ وتُعْطي في رمضان، لا يجبُ أن تبطشَ وتسرقَ وتختلسَ بعد رمضان.

 

إعلان آخر مميز:

يوشكُ رمضان على الانتهاء، وهو يُعلِّمنا أنَّ القلبَ المعمور بالإيمان، المنساق إلى الحقِّ، المنطلق إلى الصواب - لا يخرجُ منه إلا ما ينفعُ البلاد والعبادَ، لا يخرجُ منه إلا ما يُعبِّدُ الطريق إلى الله، لا يخرج منه إلا ما يرعى العهود، الذين يتعاونون في رمضان على البرِّ والتقوى، يجمعون الزكوات، ويوزعونها على الفقراء والمساكين، يُقيمون تكافلاً لأفْراد المجتمع غير القادرين، فيمثِّلون حَلَقة الوصْل بيْن الأغنياء والفقراء، إنَّهم يَبْغون الأجْرَ من الله، يَعتزون بإسلامهم، ويفرحون بطاعة ربِّهم، فيرفع الله أعمالَهم، ويصعد إلى الله كَلمُهم الطيِّبُ؛ ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾  [فاطر: 10].

 

ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله سرورٌ تُدْخله على قلبِ مسلمٍ، تكشف عنه كربه أو تطرُد عنه جوعًا، أو تقْضي عنه دَيْنًا))؛ حسن صحيح.

 

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن نفَّس عن مُؤْمنٍ كُرْبة من كُرَب الدنيا، نفَّس اللهُ عنه كُرْبة من كُرَب يومِ القيامة، ومَن سَتَرَ مسلمًا، سترَه الله في الدنيا والآخرة، ومَن يَسَّر على مُعْسِرٍ يَسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبدِ ما كان العبدُ في عون أخيه، ومَن سَلَكَ طريقًا يلتمسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ الله له به طريقًا إلى الجنَّة، وما اجْتمعَ قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتابَ الله ويتدارسونه بينهم، إلاَّ حفَّتهم الملائكة، ونزلتْ عليهم السكِينة، وغشيتهم الرحمة، وذَكَرَهم الله فيمن عندَه، ومن أبْطأ به عملُه، لم يُسْرِعْ به نَسَبُه))؛ رواه مسلم.

 

طوبَى لهؤلاء! هل أنتَ منهم؟

فطوبَى لشابٍّ نشأ في عبادة ربِّه طاعة لله، وطوبَى لرجلٍ ذَكَرَ الله خاليًا ففاضتْ عيناه، وطوبَى لفتاة أُمِرَتْ بالحجاب فقالتْ: لبَّيك يا الله، وطوبَى لامْرأة أطاعتْ زوجَها، وصامتْ شهرَها، وصلَّتْ خمْسَها حُبًّا في الله، وطُوبَى لِمَن أطْعمَ أفواهًا، وكسا أجسادًا، ورَحِمَ أيتامًا، ووَصَلَ أرحامًا، ونَصَرَ مظلومًا.

 

أخوَّة الإسلام والتكافل:

الإسلام جمعَكم فلماذا تتفرَّقون؟ الإسلام وحَّدكم فلماذا تتشتَّتون؟ الإسلام وجَّهكم إلى الطريق المستقيم فلماذا تَحيدون؟ وهذه الأخوَّة التي نحياها في هذا الشهر الكريم، لماذا نتخلَّى عنها بعد رمضان؟! إنَّ الله يحبُّها؛ ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10].

 

ورسولُ الله أَمَرَنا بها؛ عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المسلم أخو المسلم، لا يَظْلِمه ولا يُسْلِمه، مَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فَرَّج عن مسلمٍ كُرْبة، فرَّجَ الله عنه بها كُرْبة مِن كُرَب يوم القيامة، ومَن سَتَر مُسْلمًا سَتَرَه الله يوم القيامة))؛ رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود.

 

هذا الإخاء يجبُ أن يُنَمَّى بعد رمضان بالحبِّ والعطاء، بالبذْل والوفاء، بالتعاون على البرِّ والتقوى، لا على الإثْم والعُدوان.

 

نعمة من الله عظيمة أنْ بَلَغْتُم رمضانَ؛ فاشكروا الله؛ غيرُكم تمنَّوا ذلك لكنْ حِيلَ بينهم وبين ما يشتهون، جاء أجلُهم، وانقضتْ أعمارُهم، وانقطعتْ أرزاقُهم، كم ماتَ من الآباء والأجْداد! كم ماتَ من الأبناء والأحْفاد! كم مِن صديقٍ شيَّعْناه! وكم من قريبٍ ودَّعْناه! وكم مِن حبيبٍ في قبره وضعناه! وكم من عزيزٍ تحت الثرى واريناه! كانوا يتمنون أنْ يبلغوا رمضانَ لكنْ: ﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾ [ق: 19].

 

يا من بلغْتُم رمضانَ، هل أدَّيْتُم حقَّه؟ هل صُمْتُم إيمانًا واحْتسابًا؟ هل قُمْتُم إيمانًا واحتسابًا؟ هل عِشْتُم ليلَةَ القَدْر كما ينبغي؟


وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحْتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه، ومَن قَامَ رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه، ومَن قَامَ ليلة القدْر إيمانًا واحْتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه))؛ مُتفق عليه.

 

ليله القدْر:

تخلَّصْ من ذنوبك وأضفْ إلى عُمرك ما يقاربُ ثلاثة وثمانين عامًا من العبادة والطاعة، واستمتعْ مع الملائكة المُكرَّمين الذين لا يعصون الله ما أمرَهم ويفعلون ما يُؤْمَرون، وكُنْ في هذه الليلة - ليلة القدر - مع الروح جبريل - عليه السلام - أمين وحي السماء وشديد القوى، وتَنَسَّمِ السلام الحقيقيَّ الذي لا فزعَ فيه ولا قلق فيه ولا خوف معه، إنها ليلة القدْرِ؛ يقول الله - عزَّ وجلَّ-: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 1 - 5].

 

((مَن قامَ ليلة القدْر إيمانًا واحْتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذَنْبه))؛ مُتفق عليه.

 

اللهمَّ اجعلْ رمضان شاهدًا لنا لا علينا، اللهمَّ كما سلمته لنا تسلَّمه منا مُتَقبَّلاً، اللهمَّ ارْزقْنا الإخْلاصَ في القول والعمل، ولا تجعلِ الدنيا أكبرَ هَمِّنا، ولا مَبْلغ عِلْمنا.

 

وصلِّ اللهمَّ على سيِّدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلّم، والحمد لله ربِّ العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • في وداع رمضان (قصيدة)
  • في وداع رمضان
  • وداع رمضان (بطاقة أدبية)
  • يا من أسأت الاستقبال.. أحسن الوداع
  • سؤال قبل رحيل رمضان
  • رمضان لا ترحل عنا!
  • قبل الرحيل
  • المسلمون يودعون شهر رمضان
  • وداعا (مقطوعة شعرية)
  • وداعا رمضان
  • وداعا شهر الصوم
  • ثلاثون انقضت
  • خطبة وداعا رمضان
  • وداعا يا رمضان يا شهر البركات
  • وداعا يا شهر التوبة
  • خطبة: وداعا يا رمضان
  • رمضان حان الوداع (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • صيام التطوع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من آداب الصيام: صيام ستة أيام من شوال بعد صيام شهر رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أجوبة مختصرة حول أحكام صيام التطوع(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحكام صيام التطوع(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحكام متفرقة في الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام الأحد والاثنين والخميس والجمعة(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام السبت(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام أيام البيض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل صيام الست من شوال: صيام الدهر كله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صيام الجوارح صيام لا ينتهي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- ......
...لامعة في الأفق... - المملكة العربية السعودية 06-09-2010 08:27 PM

اللهم آمين بوركتم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب