• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / كورونا وفقه الأوبئة
علامة باركود

الخير الكامن في المصائب والابتلاءات (كورونا أنموذجا) علمني كورونا خمسين درسا

الخير الكامن في المصائب والابتلاءات (كورونا أنموذجا) علمني كورونا خمسين درسا
د. محمد أحمد صبري النبتيتي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/2/2023 ميلادي - 15/7/1444 هجري

الزيارات: 2425

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الخير الكامن في المصائب والابتلاءات

(كورونا أنموذجًا) علمني كورونا خمسين درسًا


قَال الله تَعَالَى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

 

قال ابن القيم: (فِي هَذِه الْآيَة عدَّة حكم وأسرار ومصالح للْعَبد؛ فَإِن العَبْد إِذا علم أَن الْمَكْرُوه قد يَأْتِي بالمحبوب، والمحبوب قد يَأْتِي بالمكروه لم يَأْمَن أَن توافيه الْمضرَّة من جَانب المسرَّة، وَلم ييئَس أَن تَأتيه المسرة من جَانب الْمضرَّة؛ لعدم علمه بالعواقب فَإِن الله يعلم مِنْهَا مَالا يُعلمهُ العَبْد)؛ الفوائد (ص: 136).

 

هذه الآية صارت قاعدة من القواعد القرآنية؛ قال الدكتور عمر المقبل في كتابه الماتع قواعد قرآنية:

القاعدة هي قوله سبحانه وتعالى في سورة البقرة في سياق الكلام على فرض الجهاد في سبيل الله: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

 

وهذا الخير المجمل، فسره قوله تعالى في سورة النساء ـ في سياق الحديث عن مفارقة النساء ـ: ﴿ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19].

 

فقوله: (خيرًا كثيرًا) مفسر وموضح للخير الذي ذكر في آية البقرة، وهي الآية الأولى التي استفتحنا بهذا هذا الحديث، ومعنى القاعدة بإيجاز: أن الإنسان قد يقع له شيء من الأقدار المؤلمة، والمصائب الموجعة التي تكرهها نفسه، فربما جزع، أو أصابه الحزن، وظن أن ذلك المقدور هو الضربة القاضية، والفاجعة المهلكة لآماله وحياته، فإذا بذلك المقدور منحة في ثوب محنة، وعطية في رداء بلية، وفوائد لأقوام ظنوها مصائبَ، وكم أتى نفعُ الإنسان من حيث لا يحتسب، والعكس صحيح، فكم من إنسان سعى في شيءٍ ظاهره خيرٌ، وأهطع إليه، واستمات في سبيل الحصول عليه، وبذل الغالي والنفيس من أجل الوصول إليه، فإذا بالأمر يأتي على خلاف ما يريد، وهذا هو معنى القاعدة القرآنية التي تضمنتها هذه الآية باختصار، وجائحة كورونا خيرُ دليلٍ على ذلك، فقد علمني كورونا:

١- معنى قوله تعالى:

﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 106].

ومعنى قوله: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 107].

 

٢- عظيم قدرة الله ومدى ضعف الإنسان الشديد.

﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 18]، ﴿ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 28].

 

٣- معنى دعاء القنوت: (وقنا شرَّ ما قضيت, فإنك تقضي ولا يقضى عليك).

 

٤- أهمية الفقه وعظم قدر الفقهاء والأصوليين وانضباط منهجهم، وعلمني أيضًا خطورة القول على الله بغير علم.

 

٥- رفعة شأن علماء الدنيا كالأطباء ومعاونيهم، ودناءة شأن أهل الفسق والفجور.

 

٦- معنى قول الله تعالى: ﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 118], وقوله: ﴿ قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ [الأحزاب: 17].

 

٧- أن من الناس من يكيل بمكيالين، فيخاف كل الخوف من أن يموت بكورونا، فينهي حياته الدنيا ومتعته فيها، ولا يخاف عشر ذلك الخوف من ربه ولقائه، مع أن الموت دائمًا أقرب من شراك نعله.

 

كورونا ضبط البوصلة:

٨- تدبر قوله تعالى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155].

 

٩- أنه على حسب حرص المرء على الدنيا وكذا معصيته يكون مقدار رعبه وخوفه من انتهاء أجله، لذا كان الكفار أشد الناس حرصًا ورعبًا، اقرأ قوله تعالى: ﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 96]، وقوله: ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 151]، وقوله:

﴿ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ﴾ [الحشر: 2]، وقوله: ﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 78].

 

١٠- معنى الدفء الأسري ومعنى جمال العزلة.

 

١١- أن الصاحب الذي لا تمله هو الكتاب، تجالس أفكار الكتب وعبرها وعظاتها.

 

12- تدبر قول الله تعالى: ﴿ وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [الرعد: 31].

 

قال ابن عاشور رحمه الله: والقارِعَةُ: في الأصْلِ وصْفٌ مِنَ القَرْعِ. وهو ضَرْبُ جِسْمٍ بِجِسْمٍ آخَرَ. يُقالُ: قَرَعَ البابَ إذا ضَرَبَهُ بِيَدِهِ بِحَلْقَةٍ. ولَمّا كانَ القَرْعُ يُحْدِثُ صَوْتًا مُباغِتًا يَكُونُ مُزْعِجًا، لِأجْلِ تِلْكَ البَغْتَةِ صارَ القَرْعُ مَجازًا لِلْمُباغَتَةِ والمُفاجَأةِ، ومِثْلُهُ الطَّرْقُ، وصاغُوا مِن هَذا الوَصْفِ صِيغَةَ تَأْنِيثٍ إشارَةً إلى مَوْصُوفٍ مُلْتَزَمِ الحَذْفِ اخْتِصارًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمالِ، وهو ما يُؤَوَّلُ بِالحادِثَةِ أوِ الكائِنَةِ أوِ النّازِلَةِ، كَما قالُوا: داهِيَةٌ وكارِثَةٌ، أيْ نازِلَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِالإزْعاجِ فَإنَّ بَغْتَ المَصائِبِ أشَدُّ وقْعًا عَلى النَّفْسِ. ومِنهُ تَسْمِيَةُ ساعَةِ البَعْثِ بِالقارِعَةِ.

 

والمُرادُ هُنا الحادِثَةِ المُفْجِعَةِ بِقَرِينَةِ إسْنادِ الإصابَةِ إلَيْها. وهي مِثْلُ الغارَةِ والكارِثَةِ تَحُلُّ فِيهِمْ فَيُصِيبُهم عَذابُها، أوْ تَقَعُ بِالقُرْبِ مِنهم فَيُصِيبُهُمُ الخَوْفُ مِن تَجاوُزِها إلَيْهِمْ، فَلَيْسَ المُرادُ بِالقارِعَةِ الغَزْوَ والقِتالَ لِأنَّهُ لَمْ يُتَعارَفْ إطْلاقُ اسْمِ القارِعَةِ عَلى مَوْقِعَةِ القِتالِ.

 

13- نعمة الوقت والفرق بين من يستغله ومن يهمله.

 

14- وظيفة البيت وحمايته وسكينته وسكونه ودفأه وستره وجماله وعزلته.

 

15- أنه للأسف الكثير يعاني من اكتئاب شديد وقلق نفسي يظهر ذلك في منشوراتهم وكلامهم.

 

نسأل الله أن يشفيهم ويعافيهم ويمنحنا وإياهم الصحة والعافية.

16- حسن استغلال التكنولوجيا في العمل الدعوي والتدريس.

 

17- أن من يملك مفاتيح لذته ويوسع دائرة اختياراته أفضل بكثير ممن تمتلكه اللذة وتتحكم فيه الاختيارات وتجبره، والمعنى أنه ينبغي عليك أن تتفنن فيما يمتعك، وأن تكون أنت المؤثر في نمط حياتك لا الحياة هي التي تؤثر فيك، أنت من يختار أكثر من طريق إن سد طريق سلكت آخر لا أن تتلاعب بك الحياة والهوى والسائد).

 

(مستفاد من أستاذي بدر الثوعي).

 

18- رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَعَنْهُ: كَانُوا ثَمَانِيَةَ آلَافٍ. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: تِسْعَةُ آلَافٍ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَرْبَعُونَ أَلْفًا وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَأَبُو مَالِكٍ: كَانُوا بِضْعَةً وثلاثين ألفًا وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانُوا أَهْلَ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: دَاوَرْدَانَ، وَكَذَا قَالَ السُّدِّيُّ وَأَبُو صَالِحٍ وَزَادَ: مِنْ قِبَلِ وَاسِطٍ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانُوا مَنْ أَهْلِ أَذَرِعَاتٍ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: هَذَا مَثَلٌ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ: كَانُوا: مِنْ أَهْلِ دَاوَرْدَانَ: قَرْيَةٌ عَلَى فَرْسَخٍ مِنْ وَاسِطٍ، وَقَالَ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي تَفْسِيرِهِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ النَّهْدِيِّ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو الْأَسَدِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ ﴾ [البقرة: 243]، قَالَ: كَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ خَرَجُوا فِرَارًا مِنَ الطَّاعُونِ قَالُوا: نَأْتِي أَرْضًا لَيْسَ بِهَا مَوْتٌ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا قَالَ اللَّهُ لَهُمْ مُوتُوا فَمَاتُوا فَمَرَّ عَلَيْهِمْ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَدَعَا رَبَّهُ أَنْ يُحْيِيَهُمْ فَأَحْيَاهُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ ﴾ الْآيَةَ.

 

وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ كَانُوا أَهْلَ بَلْدَةٍ فِي زَمَانِ بَنِي إِسْرَائِيلَ اسْتَوْخَمُوا أَرْضَهُمْ وَأَصَابَهُمْ بِهَا وَبَاءٌ شَدِيدٌ فَخَرَجُوا فِرَارًا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، فَنَزَلُوا واديًا أفيح، فملأوا مَا بَيْنَ عُدْوَتَيْهِ فَأَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ مَلَكَيْنِ أَحَدَهُمَا مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي وَالْآخَرَ مِنْ أَعْلَاهُ فَصَاحَا بِهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَمَاتُوا عَنْ آخِرِهِمْ مَوْتَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَحِيزُوا إِلَى حَظَائِرَ وَبُنِي عَلَيْهِمْ جُدْرَانُ وَقُبُورٌ [وَفَنُوا] وَتَمَزَّقُوا وَتَفَرَّقُوا فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ دَهْرٍ مَرّ بِهِمْ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ: حِزْقِيلُ فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُحْيِيَهُمْ عَلَى يَدَيْهِ فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ: أَيَّتُهَا الْعِظَامُ الْبَالِيَةُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَجْتَمِعِي فَاجْتَمَعَ عِظَامُ كُلِّ جَسَدٍ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَنَادَى: أَيَّتُهَا الْعِظَامُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ بِأَنْ تَكْتَسِيَ لَحْمًا وَعَصَبًا وَجِلْدًا. فَكَانَ ذَلِكَ، وَهُوَ يُشَاهِدُهُ ثُمَّ أَمَرَهُ فَنَادَى: أَيَّتُهَا الْأَرْوَاحُ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكِ أَنْ تَرْجِعَ كُلُّ رُوحٍ إِلَى الْجَسَدِ الَّذِي كَانَتْ تَعْمُرُهُ. فَقَامُوا أَحْيَاءً يَنْظُرُونَ قَدْ أَحْيَاهُمُ اللَّهُ بَعْدَ رَقْدَتِهِمُ الطَّوِيلَةِ، وَهُمْ يَقُولُونَ: سُبْحَانَكَ [اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ]، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ.

 

وَكَانَ فِي إِحْيَائِهِمْ عِبْرَةٌ وَدَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى وُقُوعِ الْمَعَادِ الْجُسْمَانِيِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ﴾؛ أَيْ: فِيمَا يُرِيهِمْ مِنَ الْآيَاتِ الْبَاهِرَةِ وَالْحُجَجِ الْقَاطِعَةِ وَالدَّلَالَاتِ الدَّامِغَةِ، ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴾؛ أَيْ: لَا يَقُومُونَ بِشُكْرِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ.

 

وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ عِبْرَةٌ وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَنْ يُغْنِيَ حَذَرٌ مِنْ قَدَرٍ وَأَنَّهُ، لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ فَرُّوا مِنَ الْوَبَاءِ طَلَبًا لِطُولِ الْحَيَاةِ فَعُومِلُوا بِنَقِيضِ قَصْدِهِمْ وَجَاءَهُمُ الْمَوْتُ سَرِيعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ.

 

وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى أَخْبَرَنَا مَالِكٌ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زيد [ابن أَسْلَمَ] بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عباس: أن عمر بن الْخَطَّابِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغٍ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ: أَبُو عُبَيْدَةُ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَجَاءَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَكَانَ مُتَغَيِّبًا لِبَعْضِ حَاجَتِهِ فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي مِنْ هَذَا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا كَانَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ فِيهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ، وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ" فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ، وَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ بِهِ.

 

طَرِيقٌ أُخْرَى لِبَعْضِهِ: قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ وَيَزِيدُ العمِّي قَالَا أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ أَخْبَرَ عُمَرَ، وَهُوَ فِي الشَّامِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أَنَّ هَذَا السَّقَمَ عُذِّبَ بِهِ الْأُمَمُ قَبْلَكُمْ فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فِي أَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ فِيهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ" قَالَ: فَرَجَعَ عُمَرُ مِنَ الشَّامِ، وَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِنَحْوِهِ.

♦♦♦

 

وَقَوْلُهُ: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ أَيْ: كَمَا أَنَّ الْحَذَرَ لَا يُغْنِي مِنَ الْقَدَرِ كَذَلِكَ الْفِرَارُ مِنَ الْجِهَادِ وَتَجَنُّبِهِ لَا يُقَرِّبُ أَجَلًا وَلَا يُبَاعِدُهُ، بَلِ الْأَجَلُ الْمَحْتُومُ وَالرِّزْقُ الْمَقْسُومُ مُقَدَّرٌ مُقَنَّنٌ لَا يُزَادُ فِيهِ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ قَالُوا لإخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:١٦٨]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلا * أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾ [النِّسَاءِ:٧٧، ٧٨]، وَرُوِّينَا عَنْ أَمِيرِ الْجُيُوشِ وَمُقَدَّمِ الْعَسَاكِرِ وَحَامِي حَوْزَةِ الْإِسْلَامِ وَسَيْفِ اللَّهِ الْمَسْلُولِ عَلَى أَعْدَائِهِ أَبِي سُلَيْمَانَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ فِي سِيَاقِ الْمَوْتِ: لَقَدْ شَهِدْتُ كَذَا وَكَذَا مَوْقِفًا وَمَا مِنْ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِي إِلَّا وَفِيهِ رَمْيَةٌ أَوْ طَعْنَةٌ أَوْ ضَرْبَةٌ، وَهَا أَنَا ذَا أَمُوتُ عَلَى فِرَاشِي كَمَا يَمُوتُ الْعِير! فَلَا نَامَتْ أَعْيُنُ الْجُبَنَاءِ يَعْنِي: أَنَّهُ يَتَأَلَّمُ لِكَوْنِهِ مَا مَاتَ قَتِيلًا فِي الْحَرْبِ وَيَتَأَسَّفُ عَلَى ذَلِكَ وَيَتَأَلَّمُ أَنْ يَمُوتَ عَلَى فِرَاشِهِ؛ ابن كثير.

 

علمني كورونا:

19- لماذا كنا نقول: لا حول ولا قوة إلا بالله عند سماع المؤذن يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح.

 

انظر كيف فهِمنا أن ذهابنا إلى الصلاة في المسجد ليس سهلًا كما ظن البعض، ولكن كل شيء بإعانة الله وحده، ولولاه سبحانه ما صلينا ولا اهتدينا.

 

20- أهمية الأخلاق والعلم وضرر اللؤم والخبث والجهل، علمني كورونا أخلاق الطيبين وجهل الأشرار.

 

21- معنى قول شيخ الإسلام ابن تيمية (جنتي في قلبي، وبستاني في صدري، أين رحت فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة).

 

22- خطورة جعل الدنيا همَّ الإنسان، فإنه إذا ضاقت به الدنيا تضجر وجزِع وتسخط، أما من جعل الآخرة همه، فلا يبالي بالدنيا إذا ذهبت لأن الآخرة في قلبه.

 

23- حلاوة مدارسة العلم مع الأفاضل ولو من على بعد، فمن أنفع ما يثبت العلم ويزيد فهمه مدارسته، تقول ما عندك وصاحبك يقول ما عنده، تصحح له ويصحح لك، الإخلاص سبيلكما والمحبة في الله تظلكما.

 

24- حلاوة مجالس السماع للكتب وكم فوائدها وبركاتها.

 

حضرت منها مجلس سماع:

1- الرسالة المغنية في السكوت ولزوم البيوت لابن البناء على برنامج الزوم.

 

2- مجلس سماع ثلاثيات البخاري والأربعين النووية على الفيس بوك للشيخ الفاضل حسام جاد، وكان رائعًا دسمًا مليئًا بالفوائد والنكات والبركات والرحمات.

 

25- أن هناك صورًا من التعنت والتنطع، وكذا صورًا من التأني والحكمة والصبر.

 

26- أن الانشغال بالناس في الرمضانات السابقة هو الذي كان يضيع منا وقتًا طويلًا.

 

27- أن الاهتمام بأسرتك هو أول وأهم الخطوات للنصر القادم، وكأن الله قدر الوباء ليلتفت كل واحد لأسرته.

 

28- صحبة المصحف.

 

29- معنى قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ * وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [الشورى: 30، 31].

 

30- أنك تستطيع أن تكيف نفسك وحالك مهما ساءت الظروف، فلئن أغلقت المساجد فهناك محراب بيتك اتِّخذه قبلة وناج الرحيم.

 

31- الفرق بين من كان يتعبد لله في رمضان ظاهرًا أو اعتيادًا دون خشوع وخضوع، وبين من كانت تسبقه روحُه وقلبه قبل بداية عبادته من كان خاضعًا خاشعًا مطواعًا أَوَّاهًا منيبًا، فالأول في الأغلب لن تستمر عبادته لفِقدان من يساعد، ويشجع والثاني في الأغلب ستزيد همته لزيادة أنسه وخلوته بربه.

 

32- عظم النية وأهميتها، فالممنوع من المساجد وكان من عمارها له بإذن الله الأجر وزيادة له الأجر؛ لأنه حبسه العذر، وله زيادة الأنس بالله في خلوته لتركه الاستئناس بالناس.

 

33- أن العزلة بعض الوقت وإن كانت كربًا في الظاهر إلا أن في طياتها خيرًا عظيمًا.

 

نسي صاحب يوسف أن يذكره للملك، فلبث في السجن بضع سنين، فكانت خلوة هيأته أو ساعدته على نبوته.

 

خاف موسى فترك مصر إلى مدين ليتزوج هنالك أهله والمهر بضع سنين رعيًا للغنم، فكانت خلوته قبل نبوته، وحُبب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الخلاء ليأنس بربه، فكانت هذه خلوته قبل نبوته.

 

عزلتك خير لك، فلتكن خلوتك قبل اصطفائك لتكون خادمًا وناصرًا لدينك.

 

34- إن النقاب ليس بمانع للتواصل، فالأمة كلها تنقبت والتواصل ما زال مستمرًّا، وعلمت أن من ينادي بتجريم النقاب إما مجرم مريض القلب أو جاهل.

 

35- أن الكرة شيء هامشي ومع ذلك الكثير جعلها هدفًا لحياته.

 

كورونا كشفت الخديعة ووضَّحت الأولويات:

36- أن من كان يلوث الأجواء والبحار هم البشر أنفسهم، فلما تم حظرهم في بعض الأوقات استنشقنا هواءً جميلًا نقيًّا، وأبهرتنا البحار بجمالها وصفائها.

 

37- أن أفضل رمضان تعيشه هو الذي تبتعد فيه وقتًا طويلًا عن الناس، سواء اللقاءات الحقيقية أو الافتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لأن خلوتك مع ربك تظهر عظمته سبحانه وتظهر عيوبك، فيثمر ذلك أن تسبح بحمده وتستغفره، ثم يغمرك وابل الرحمات.

 

38- أن من أكبر وسائل تسهيل المعاصي الصحبة الفاسدة، فلما ابتعد عنها البعض سهل عليهم ترك المعاصي.

 

39- أن من ثمراته تعود بعض النساء على لبس الكمامة؛ مما قد يسهل عليهن بعد ذلك لُبس النقاب الذي يدور الحكم فيه بين الفضيلة والفريضة، وهو حجاب زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع العلم أن لبس النقاب أسهل وأكثر راحة من لبس الكمامة.

 

40- أن من سيتحمل هذه الصعاب والابتلاءات خاصة الأطباء والتمريض، ومن يعاونهم بقلب صابر وراض وبحلم كبير، سيكون بعد ذلك قويًّا جدًّا في مواجهة أية صعاب تأتيه بإذن الله، فكم من ابتلاء قوَّى العزم وزكَّى الصبر، وجعل المرء شخصًا جديدًا جادًّا طائعًا راضيًا.

 

41- أن روح ورائحة رمضان وقت الكورونا ما زالت في المكان يشتمها من ما زال صاحبًا للقرآن، بعيدًا عن مخالطة الناس، وذلكم هو السر الذي افتقدناه قبل ذلك، لما فقدنا محاكاة لحال النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء خلوة وقرآن.

 

42- أن أكثر الناس ترفًا ولهوًا هم أقل الناس صبرًا في هذه الأجواء، لذلك تجد الشباب المسرف على نفسه في المعاصي والمقصر في الفروض والواجبات، الذي جعل حياته كلها لهوًا ولعبًا، لا يصبر في هذه الأيام، بل يجزع ويتسخط، وقد يسيء الظن بربه الرحمن، تجده لا يبالي بأمر الخروج والفسح ليقضي وطره من لهوه ولعبه، لذا علِّم نفسك قبل أولادك أن الابتلاء يكون بالسراء والضراء، وعلِّم أولادك الصبر والشكر، علِّمهم أن يكون لهم نصيب من العبادات يسندهم في هذه الكربات، اصنع لهم جوًّا من البهجة يلطف كربهم وانزعاجهم، علمهم أن الله يختبر وعلينا أن نصبر، ولا تنس: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ [النحل: 127]، ولا تنس أن الحزن لن يزول إلا في الجنة، ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 34].

 

43- حقيقة الدنيا وأنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة.

علمني تدبُّر قول الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [يونس: 24]، تدبَّر: (وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا).

 

44- تدبر هذه الآيات التي تشبه حال الكثير مع كورونا:

الكثير بعد تفريج الكرب للأسف سيرجع إلى سابق عهده من المعاصي بل سيزيد ويفتري، ﴿ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ * وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ * فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 133 - 136].

 

45- أنه بعد تفريج الكرب وزوال هذا الوباء، سيكون هناك فرحان للناس، فرح بطاعة الله كالصلاة في المساجد ودروس العلم وأعمال الخير والصلة والبر، قال الله فيهم: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].

 

وفرح بمعصية الله كمن سيفرح بالمقاهي؛ ليواصل معاصيه من تدخين ومخدرات وإباحية، وسب وقذف، وتضييع للأوقات والصلوات، قال الله فيهم وفي أمثالهم: ﴿ ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ * ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [غافر: 75، 76].

 

46- أن العيد يوم أن تواصل عبادتك لربك المجيد.

 

47- أن الناس تعلمت قدر الكرة وقدر القنوات التي تضرب على وتر التعصب لفريق معين، وأنه يمكن للإنسان أن يعيش بلا تعصب بلا توتُّر، لكن للأسف بعد زوال الغمة سيرجع أناس بحناجر قوية ودم موتور لعصبيتهم مرة أخرى.

 

48- معنى هذين الحديثين:

عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((تعجَّلوا إلى الحجِّ، فإن أحدَكم لا يدري ما يَعْرِض له))، وعن الفضل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((مَن أراد الحجَّ، فليَتَعجَّل؛ فإنه قد يَمْرَض المريض، وتَضِلُّ الضالَّة، وتَعْرِض الحاجة)).

 

49- أن الكثيرين يجهلون مراد الله من قوله: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]، فلا يأخذون بالأسباب ويُهملونها ويغفلون أن الذي نزل عليه القرآن صلى الله عليه وسلم، كان يأخذ بالأسباب، ومنها لُبس المغفر والدرع في الحرب، وخليفته عمر رضي الله عنه لم ينزل بأرض فيها الوباء محتجًّا بهذه الآية، بل رجع وفر من قدر الله إلى قدر الله.

 

50- أن أكثر الناس وعيًا وحذرًا قد يصاب، وأقلهم وعيًا قد ينجو، وليس معنى ذلك ألا نأخذ بالأسباب، بل يجب الأخذ بها، والله سبحانه على كل شيء قدير.

 

51- أن الوعي لا علاقة له بدرجتك العلمية أو مستوى تعليمك، فقد رأيت أناسًا في أعلى المستويات التعليمية ولا وعي عندهم، ولا فهم لدينهم وعقيدتهم، ورأيت أناسًا أقل في المستوى التعليمي ووعيهم وحذرهم عالٍ.

 

52- معنى قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنعام: 17].

 

وقوله: ﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ﴾ [الإسراء: 56]؛ قال السعدي رحمه الله: ومن أدلة توحيده، أنه تعالى المنفرد بكشف الضراء، وجلب الخير والسراء، ولهذا قال: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ ﴾ من فقر، أو مرض، أو عسر، أو غم، أو هم أو نحوه. ﴿ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾، فإذا كان وحده النافع الضار، فهو الذي يستحق أن يفرد بالعبودية والإلهية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كورونا .. مرض غامض جديد
  • وقفات مع وباء كورونا
  • هذا خلق الله (وقفة مع فيروس كورونا)
  • رمضان ووباء كورونا
  • توجيهات في زمن كورونا (خطبة)
  • محبة الخير لأخيك من الأعمال القلبية الواجبة
  • المجتمع العربي والدافعية في التعلم... بعد أزمة كورونا
  • معينات في الشدائد والابتلاءات (خطبة)
  • أصول نافعة جامعة في مسائل المصائب والمحن
  • تاريخ مرض كورونا

مختارات من الشبكة

  • دوام الخير بعد شهر الخير (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • تعودوا الخير فإن الخير عادة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الموت الكامن في الزمن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • اختموا شهر الخير بخير ما تجدون (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • يا باغي الخير.. بادر بالخير (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وصية الطلاب بعمل الخير، والبشاشة والمزاح معهم(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من أقوال السلف في الخير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفاتيح الخير ومفاتيح الشر فمن أيهما نحن؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الدلالة على الخير في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب