• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / مقالات
علامة باركود

الحرمان من خير رمضان مظاهره وأسبابه ووسائل النجاة منه

الحرمان من خير رمضان مظاهره وأسبابه ووسائل النجاة منه
عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/4/2022 ميلادي - 10/9/1443 هجري

الزيارات: 6752

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحرمان من خير رمضان

مظاهره وأسبابه ووسائل النجاة منه

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعد:

فإن شهر رمضان شهرُ خيرٍ كثير، وموسم فضل غزير، جعله الله تعالى بين يدي عباده ليتقربوا به إلى رضوانه وجنته، وينالوا به جزيل ثوابه.

 

غير أن بعض الناس يحرمون أنفسهم فضائل رمضان وخيره، فما هذه الفضائل؟ وما مظاهر الحرمان منها؟ وما أسباب ذلك؟ وما وسائل النجاة من حرمان خير رمضان؟

 

أولًا: فضائل رمضان:

هناك فضائل عديدة لرمضان مَن علِمها وأيقن بها، لم يرضَ لنفسه التواني عن المسارعة إلى اغتنام خيرات هذا الشهر المبارك؛ فمن ذلك.

 

1- رمضان شهر تكفير الذنوب:

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: ((صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر، فلما رقيَ الدرجة الأولى، قال: آمين، ثم رقي الثانية، فقال: آمين، ثم رقي الثالثة، فقال: آمين، فقالوا: يا رسول الله، سمعناك تقول: آمين ثلاث مرات؟ قال: لما رقيت الدرجة الأولى أتاني جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد، من أدرك شهر رمضان، فانسلخ منه، ولم يُغفر له فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، قال: ومن أدرك والديه، أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، قال: ومن ذُكرتَ عنده فلم يصلِّ عليك، فمات فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين))[1].

 

ومن أسباب غفران المعاصي في رمضان: صيام رمضان، وقيامه، وقيام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا.

 

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه))[2].

 

وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه))[3].

 

قال الخطابي رحمه الله: "قوله: ((إيمانًا واحتسابًا))؛ أي: نيةً وعزيمةً، وهو أن يقومها على التصديق والرغبة في ثوابها، طيبةً بذلك نفسه غير كاره".

 

وقال الحافظ المنذري: "قوله: ((احتسابًا))؛ أي: طالبًا لوجه الله وثوابه"[4].

 

وقال ابن حجر: "قوله: ((إيمانًا))؛ أي: تصديقًا بوعد الله بالثواب عليه، ((واحتسابًا))؛ أي: طلبًا للأجر، لا لقصد آخر من رياء أو نحوه"[5].

 

2- رمضان شهر العتق من النيران.

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((... ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة))[6].

 

وعن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله عند كل فطر عتقاء، وذلك في كل ليلة))[7].

 

3- رمضان شهر يتفضل الله فيه على عباده بسعة فضله وعفوه وكثرة ثوابه وقبوله لهم، ويدعوهم تعالى لعمل الخير فيه؛ لما في ذلك من الغنيمة التي لا توجد في غير هذا الشهر.

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كانت أول ليلة من رمضان، صُفدت الشياطين، ومردة الجن، وغُلقت أبواب النار، فلم يُفتح منها باب، وفُتحت أبواب الجنة، فلم يُغلق منها باب، ونادى منادٍ: يا باغي الخير، أقبل، ويا باغي الشر، أقْصِرْ، ولله عتقاء من النار، وذلك في كل ليلة))[8].

 

4- رمضان شهر التربية على الصبر والتقوى والمراقبة وحسن الخلق.

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

 

قال السعدي رحمه الله: "فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى؛ لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه، فمما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها، التي تميل إليها نفسه، متقربًا بذلك إلى الله، راجيًا بتركها ثوابه، فهذا من التقوى، ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى، فيترك ما تهوى نفسه، مع قدرته عليه؛ لعلمه باطلاع الله عليه، ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان؛ فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، فبالصيام، يضعف نفوذه، وتقل منه المعاصي، ومنها: أن الصائم في الغالب، تكثر طاعته، والطاعات من خصال التقوى، ومنها: أن الغنيَّ إذا ذاق ألم الجوع، أوجب له ذلك، مواساة الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى"[9].

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((صوم شهر الصبر، وثلاثة أيام من كل شهر، صوم الدهر))[10].

 

وعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صوم شهر الصبر، وثلاثة أيام من كل شهر، يذهبن وحر الصدر[11][12].

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس الصيام من الأكل والشرب فقط، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابَّك أحد أو جهل عليك فقل: إني صائم))[13].

 

5- رمضان شهر إجابة الدعاء.

قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

 

قال ابن عثيمين رحمه الله: "من فوائد الآية: أن الصيام مظنة إجابة الدعاء؛ لأن الله سبحانه وتعالى ذكر هذه الآية في أثناء آيات الصيام؛ ولا سيما أنه ذكرها في آخر الكلام على آيات الصيام"[14].

 

وقال ابن كثير رحمه الله: "وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام، إرشاد إلى اجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر"[15].

 

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر))[16].

 

6- رمضان شهر مضاعفة الحسنات.

عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لامرأة من الأنصار: ((فإذا جاء رمضان فاعتمري؛ فإن عمرةً فيه تعدل حجةً))[17].

 

وفي رواية: ((فعمرة في رمضان تقضي حجةً أو حجةً معي)).

 

"قال ابن العربي: هذا صحيح مليح، وفضل من الله ونعمة؛ نزلت العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان إليها"[18].

 

7- رمضان فيه ليلة القدر التي أنزل فيها القرآن، والتي هي خير من ألف شهر.

قال الله تعالى في فضلها وعظم شأنها: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 1 - 5].

 

والمعنى: "عمل في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر، ليس فيها ليلة القدر"[19].

 

وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في فضلها: ((من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه))[20].

 

وقال: ((التمسوها في العشر الأواخر – يعني: ليلة القدر - فإن ضعف أحدكم أو عجز، فلا يغلبن على السبع البواقي))[21].

 

وقال: ((إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم))[22].

 

ثانيًا: مظاهر الحرمان من خير رمضان:

ما ذكرناه شيء يسير من خير رمضان الذي تفضل الله به على عباده المسلمين في هذا الشهر المبارك، والعاقل حين يقرأ ذلك أو يسمعه فإنه لن يفرط في المسابقة إليه، غير أن بعض المسلمين غافلون أو متغافلون عن هذا الخير العميم، فلذلك حرموا أنفسهم منه.

 

ويدل على هذا مظاهر تنبي عن ذلك الحرمان:

1-إضاعة الوقت، وضعف استغلاله في خيرات رمضان.

ويبدو ذلك في:

• كثرة متابعة برامج الإعلام الرمضانية، وقضاء الأوقات الطويلة مع الجوال.

 

• كثرة اللقاءات والاجتماعات للحديث والاستئناس فحسب؛ من أجل القضاء على وقت رمضان.

 

• كثرة الخروج إلى الشوارع والأسواق من غير ما حاجة.

 

• استحداث برامج ونشاطات رياضية؛ صرفًا لوقت رمضان وتلهيًا عن مشقة الصيام.

 

ولو كان الوقت يُباع لاشترى الحريصون على رمضان من هؤلاء أوقاتهم.

 

2- الإسراف في الطبخ والأكل والنوم والسهر.

• فبعض النساء يضيع وقتها الرمضاني النفيس في أعمال المطبخ تحضيرًا وعملًا وتنظيفًا.

 

• وصنف آخر يسرفون في تناول الأطعمة والأشربة الرمضانية، مع ما لها من آثار سلبية على صحة الصائم: الروحية والبدنية.

 

• وصنف آخر يجعل نهار رمضان موسمًا لكثرة النوم، فلا يصوم من نهار الصيام إلا سويعات.

 

• وصنف آخر يسهر ليل رمضان كله من غير داعٍ لذلك؛ مما يجعله ينام نصف نهار رمضان في الحد الأدنى.

 

3- جعل رمضان شهر انشغال كبير بالاكتساب.

فاكتساب الرزق الحلال لا حرج فيه، بل هو أمر مطلوب من المكلف بالنفقة، لكن الجانب الذي يعاتب عليه المنشغل: أن بعض المسلمين يقضي وقت رمضان كله في الانهماك في كسب المال، وقد لا يجد إلا الوقت اليسير الذي يؤدي فيه فروضه الخمسة، وكان بوسعه أن يجعل للتقرب إلى الله بخيرات رمضان وقتًا لا يضر كسبه المالي.

 

والأولى بالإنسان إذا كان لا بد أن يكتسب أن يخصص له وقتًا لاكتساب خير رمضان، فلا يخرج عنه، وليس له منه إلا الصيام فقط.

 

ولو كان يستطيع ترك العمل في رمضان من غير مضار عليه أو على الناس ليتفرغ للعبادة، فهذا خير عظيم.

 

4-هجر المساجد وتلاوة القرآن وقيام رمضان.

فهناك من يدخل عليه رمضان فلا يسوقه إلى المسجد ولا إلى قراءة القرآن، وإن قرأ، فآيات قليلة بقلب غافل لاهٍ، أما صلاة التراويح، فهو مشغول عنها بسمره ولهوه، أو عكوفه أمام الشاشات، أو تسكعه في الأسواق والطرقات.

 

5-الإقامة على المعاصي من غير نزوع.

كم يحزن المرء عندما يرى بعض المسلمين يدخل عليهم رمضان، فلا يحدث فيهم هزة إيمانية تجعلهم يقعلون عن ذنوبهم التي اعتادوها، وتذهب بهم إلى محاريب العبادة والصلاح والتوبة، بل يراهم مقيمين عليها، وكأن رمضان كغيره من الشهور؛ فليس له في نفوسهم قداسة ولا فضل، بل إن بعضهم يطور جانب الخطيئة عنده فيضيف إلى رصيد عصيانه معاصي جديدة بمناسبة دخول رمضان!

 

ثالثًا: أسباب الحرمان من خير رمضان:

إننا لو سألنا أنفسنا: ما الذي يجعل المسلم محرومًا من خير رمضان، حتى يخرج عنه الشهر المبارك ولم يظفر بفضله؟

 

والجواب: أن هناك أسبابًا توصل إلى هذه النتيجة المؤسفة؛ فمنها:

1-كثرة الخطايا.

إذا أسرف الإنسان على نفسه في الخطايا حتى أدمن عليها، فإنها قد تحجب عنه باب التوفيق إلى الخيرات، إلا أن يشاء الله، فمن مَرَدَ على المعاصي، فإنها قد تحول بينه وبين المسابقة في رمضان.

 

قال ابن القيم رحمه الله: "المعاصي تزرع أمثالها، ويولد بعضها بعضًا، حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها، كما قال بعض السلف: إن من عقوبة السيئة السيئةَ بعدها، وإن من ثواب الحسنة الحسنةَ بعدها، فالعبد إذا عمل حسنة، قالت أخرى إلى جانبها: اعملني أيضًا، فإذا عملها، قالت الثانية كذلك، وهلم جرًّا، فتضاعف الربح، وتزايدت الحسنات، وكذلك جانب السيئات أيضًا، حتى تصير الطاعات والمعاصي هيئات راسخة، وصفات لازمة، وملكات ثابتة، فلو عطل المحسن الطاعة لضاقت عليه نفسه، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، وأحس من نفسه بأنه كالحوت إذا فارق الماء، حتى يعاودها، فتسكن نفسه، وتقر عينه.

 

ولو عطل المجرم المعصية، وأقبل على الطاعة، لضاقت عليه نفسه، وضاق صدره، وأعيت عليه مذاهبه، حتى يعاودها، حتى إن كثيرًا من الفساق ليواقع المعصية من غير لذة يجدها، ولا داعية إليها، إلا لما يجد من الألم بمفارقتها"[23].

 

وربما منع الصائم من خير رمضان الذنوبُ المستحدثة منه في رمضان كذلك:

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر))[24].

 

2-الانشغال بالدنيا وملهياتها.

سواء كان ذلك الانشغال مباحًا أم محظورًا:

• فهناك قوم يجعلون رمضان موسمًا صرفًا للعمل والتكسب من غير أن يولوا جانبًا من الزمن الشريف - ولو يسيرًا - لانتهاز الفرصة في العبادة.

 

• وهناك آخرون يضيعون وقت رمضان بالتلهي عن الطاعة في البقاء الطويل تحت استعباد وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو طول الزمان في اللقاء بالمؤنسين من الأقارب أو الأصدقاء أو الجيران حتى ينقضي رمضان.

 

3-التأثر بجلساء السوء الذين يصرفون الإنسان عن الطاعة ويكرهونها إليه، ويقربونه من المعصية ويحببونها إلى قلبه.

فإذا دخل رمضان، صار لجلساء الشر برنامج خاص يتألفون به من استجاب لهم؛ لكي يصرفوا الصائمين عن فضائل رمضان وخيراته، حيث يجتمعون على اللهو والعبث ومشاهدة ما يغضب الله أو ارتكاب ما يسخطه.

 

فإذا كان الإنسان ضعيف الديانة أو الشخصية، فإنه قد يستجيب لهم حتى يوقعوه في شبكة شرهم، وهناك الوبال والعطب.

 

يقول الله تعالى في ضرر جليس السوء: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 27 - 29].

 

4-تأثير البيئة السيئة.

إن البيئة التي ينشأ فيها الإنسان لها أثر كبير في إيصال الإنسان إلى الحرمان من خير رمضان، سواء كانت هذه البيئة المحيطة بيئة قريبة – وهي البيت والأسرة - أم بيئة بعيدة - وهي بيئة الأصدقاء والحي - فإذا عاش الإنسان في بيئة لا تعرف حرمة رمضان وقداسته، ولا تحسب للوقت حسابًا؛ فإن ذلك يقودها إلى أن تجعل رمضان كغيره من الشهور بلا ميزة تخصه.

 

5-الجهل بفضل رمضان وثواب أعماله.

فالجاهل بالشيء لا يعرف قدره؛ ولذلك كان الجهل سببًا لفعل كثير من النواهي، وسببًا لترك كثير من الأوامر.

 

قال تعالى: ﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [الأعراف: 138].

 

فكيف يُرجَى من جاهل بخير رمضان أن يحرص عليه ويسابق إليه؟

6-ضعف الإيمان.

فالإيمان هو المحرك والدافع النشط للمبادرة إلى كل خير ومن ذلك خير رمضان، فإذا كان هذا الدافع ضعيفًا أو معطلًا، لم يستطع صاحبه المسابقة إلى خيرات رمضان.

 

وذلك أن ذهاب الإيمان أو ضعفه أو كذبه يؤدي إلى ارتكاب المعاصي والحرمان من الخير؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 81].

 

قال ابن كثير: "أي: لو آمنوا حق الإيمان بالله والرسل والفرقان، لَما ارتكبوا ما ارتكبوه من موالاة الكافرين في الباطن، ومعاداة المؤمنين بالله والنبي وما أنزل إليه"[25].

 

7-قلة الشوق إلى الله تعالى وجنته.

فالمشتاق إلى ربه ودار كرامته لا يسمع عن خير يوصله إلى قبلة شوقه إلا طار إليه وحرص عليه، ولكن حين يكون وهج الشوق ضعيفًا أو منطفئًا، لم يبرح صاحبه مكان تقاعسه وفتوره وزهده عن ذلك الشيء المرغب في الاندفاع إليه.

 

فمن كان من أهل الشوق الفاتر أو المنعدم، فإنه لن يكون من أهل المسارعة إلى خير رمضان.

 

8-غياب المواعظ المجتمعية وقلة الناصحين.

ذلك أن فشوَّ الدعوة إلى الله وانتشار النصيحة الفردية والجماعية في أي مجتمع تعين على تنشيط همم الناس، وشحذ عزائمهم نحو السباق إلى الخيرات، واغتنام مواسم الخيرات.

 

ولكن حين يصبح المجتمع يعيش بلا ناصح، ولا يسمع فيه صوت واعظ، خاصة في مواسم البر كرمضان؛ فإن ذلك قد يؤدي إلى خمود المبادرة إلى القربات لدى بعض الناس.

 

9- التعود على الإهمال وفوضى الوقت، والمشي بدون ترتيب لمطالب الحياة.

فمن تعود على حياة فوضوية لا تؤمن بالنظام والترتيب، فإن وقته سيزدحم، ولا يجد فرصة زمانية لإدراك خيرات رمضان، حتى ولو كان لديه رغبة في الخير.

 

وهذا شيء معروف حتى في بعض شؤون الحياة؛ فلو اشترى المرء مصنوعًا له وعاء يحتويه، فإنه سيجده فيه مرتبًا؛ ولذلك يسعه ذلك الوعاء، ولكن لو أخرجه من وعائه وفتحه وفتش ما فيه، ثم أراد إعادته إلى مكانه دون أن يرتبه كما كان؛ فإن ذلك الوعاء لن يسعه إلا إذا رجع إليه مرتبًا.

 

10-قلة التوفيق الإلهي.

فالتوفيق منحة إلهية، يهبها الله تعالى لأهل مرضاته الذي اتقوه وجاهدوا أنفسهم من أجله؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128]، وقال: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

 

فمن حُرِم هذا الحظ النفيس تنكَّب عن طريق الخير، ووجد شيئًا يدفعه عنه حتى ولو كانت إليه رغبة.

 

ولعل هذا الخذلان نتيجة من نتائج تراكم الذنوب والإدمان عليها، والبعد عن التوبة منها.

 

رابعًا: وسائل النجاة من الحرمان من خير رمضان:

لكل داء دواء، ولكل مشكلة حل، فحتى لا يصير المسلم من أهل حرمان خير رمضان، فعليه بالوسائل الآتية:

1-أن يحافظ المسلم على الواجبات وينكف عن المحرمات قبل مجيء رمضان بل في سائر العام.

فإن للطاعات أثرًا كبيرًا في إيلاد مثيلتها؛ قال ابن القيم رحمه الله: "ولا يزال العبد يعاني الطاعة، ويألفها، ويحبها، ويؤثرها حتى يرسل الله سبحانه برحمته عليه الملائكة تؤزه إليها أزًّا، وتحرضه عليها، وتزعجه عن فراشه ومجلسه إليها، ولا يزال يألف المعاصي، ويحبها، ويؤثرها، حتى يرسل الله عليه الشياطين فتؤزه إليها أزًّا، فالأول قوَّى جند الطاعة بالمدد، فصاروا من أكبر أعوانه، وهذا قوَّى جند المعصية بالمدد، فكانوا أعوانًا عليه"[26].

 

2-أن يعرف المسلم حقيقة الدنيا، وأنها لا تستحق قوة ميله إليها وكثرة انشغاله بها، وضرر التهائه بما عليها، فعمرها وزينتها وعاقبتها لا تستأهل أن تشغل الإنسان عن أعمال الآخرة.

فليأخذ العاقل من دنياه ما يصونه ويكفيه ويَدَع ما يلهيه ويطغيه.

 

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: ((أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل))، وكان ابن عمر، يقول: ((إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك))[27].

 

فإذا جاء رمضان، فليجعل شغله الشاغل في غنائم رمضان الأخروية، فيفرغ لها جل وقته وجهده وتفكيره وانصرافه، وبذلك يظفر بخير هذا الضيف العزيز.

 

3-أن يختار الإنسان لنفسه جلساء الخير الذين يذكرونه إذا نسيَ، ويعلمونه إذا جهل، ويدفعونه نحو الخير إذا فتر عنه، ويمسكونه عن الشر إذا نشط إليه.

فنعم العون على الطاعة جليس صالح يستأنس به المسلم.

 

عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((مَثَلُ الجليس الصالح والسوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحًا خبيثةً))[28].

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل))[29].

 

4-العلم بالشرع وبفضائل الأعمال خاصة.

فإن العلم بدين الله المصحوب بالخشية والإخلاص يحث صاحبه على انتهاز فرص الخير ومواسم الفضل، ومن كان ذا دراية بفضائل الأعمال، فسينتهج طريق المبادرة إلى اغتنامها إذا صحبه التوفيق.

 

وهذا يحث المسلم على الحرص على العلم والفقه بدين الله؛ فهو الوقود الذي يتحرك به نحو خير رمضان وغيره من مواسم الخير.

 

وأن يحذر الجهل وينزه نفسه عن أن يكون من أهله؛ فإن الجهل داء قاتل.

 

قال ابن القيم:

والجهل داء قاتل وشفاؤه
أمران في التركيب متفقان
نص من القرآن أو من سنة
وطبيب ذاك العالم الرباني[30]

 

5-تقوية الإيمان.

وذلك أن الإيمان إذا قويَ في القلب أصلح الإرادة، وشحذ الهمة، ودفع الجوارح إلى المسابقة إلى الخيرات، ومن أراد أن يختبر إيمانه فلينظر حاله في مواسم الخير.

 

وتكون تقوية الإيمان بالإكثار من أعماله، وهي كثيرة جدًّا في القرآن والسنة.

 

قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 2 - 4].

 

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الإيمان بضع وسبعون - أو بضع وستون - شعبةً، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان))[31].

 

6-زرع الشوق إلى لقاء الله في النفوس.

فمن صدق شوقه، وتعلق قلبه، فلن يتخلف عن امتطاء صهوات غنائم الخير ومنها خير رمضان؛ لأنه يعرف أن تلك الفرص هي أسرع المراكب للوصول إلى الله تعالى.

 

وقد كان من دعاء النبي عليه الصلاة والسلام: ((وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة))[32].

 

قال المناوي رحمه الله: "قال ابن القيم: جمع في هذا الدعاء بين أطيب ما في الدنيا وهو الشوق إلى لقائه، وأطيب ما في الآخرة وهو النظر إليه"[33].



[1] رواه ابن حبان والحاكم، والبخاري في الأدب المفرد بسند صحيح.

[2] متفق عليه.

[3] متفق عليه.

[4] كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (4/ 48).

[5] فتح الباري لابن حجر (4/ 251).

[6] رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان، وهو صحيح.

[7] رواه أحمد وابن ماجه، وهو صحيح.

[8] رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان، وهو صحيح.

[9] تفسير السعدي (ص: 86).

[10] رواه أحمد بسند صحيح.

[11] (وَحَرَ الصَّدْر) هُو بالتَّحريك: غِشُّه ووَساوِسُه، وَقِيلَ: الحِقْد والغَيْظ، وَقِيلَ: العَداوَة، وَقِيلَ: أَشَدُّ الغَضَب؛ [النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 160)].

[12] رواه أحمد بسند صحيح.

[13] رواه أحمد وابن خزيمة والحاكم، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".

[14] تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة (2/ 344).

[15] تفسير ابن كثير (1/ 374).

[16] رواه البيهقي، وهو صحيح.

[17] متفق عليه.

[18] فيض القدير (4/ 361).

[19] ينظر: تفسير الطبري (24/ 534)، تفسير ابن كثير (8/ 443).

[20] متفق عليه.

[21] متفق عليه.

[22] رواه ابن ماجه بسند حسن.

[23] الجواب الكافي (1/ 139).

[24] رواه أحمد، والنسائي، وابن خزيمة، وابن ماجه، والحاكم، وهو صحيح.

[25] تفسير ابن كثير (3/ 165).

[26] الجواب الكافي (1/ 140).

[27] رواه البخاري.

[28] متفق عليه.

[29] رواه أحمد والترمذي وهو صحيح.

[30] نونية ابن القيم (ص: 265).

[31] متفق عليه.

[32] رواه أحمد والنسائي بسند صحيح.

[33] فيض القدير (2/ 146).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لفتات رمضانية
  • غذاء الأسرة في رمضان
  • شوقا إلى رمضان
  • قبل رمضان
  • رمضان
  • فضل رمضان
  • الاستعداد الصالح لرمضان "خمس خطط استراتيجية لإدراك خير رمضان" (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • التأديب بالحرمان(مقالة - موقع د. إبراهيم بن صالح بن إبراهيم التنم)
  • أسباب الحرمان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحرمان العاطفي داخل البيت (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يوم عرفة بين الحرمان وعطاء الرحمن(مقالة - ملفات خاصة)
  • الزواج من ثري هربا من الحرمان(استشارة - الاستشارات)
  • أدواء الحرمان في شهر الغفران(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحرمان العاطفي عند الرجل(استشارة - الاستشارات)
  • ميانمار: الحرمان من الرعاية الصحية سلاح الإبادة الجماعية ضد المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الحرمان العاطفي والاكتئاب في بلاد الغرب(استشارة - الاستشارات)
  • أعاني من الحرمان العاطفي(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب