• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / فتاوى الحج / فتاوى علماء البلد الحرام
علامة باركود

فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن باز (ج 2 و 3)

سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/12/2007 ميلادي - 25/11/1428 هجري

الزيارات: 849140

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فتاوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز عن الحج
الجزآن: الثاني والثالث



 
حكم من قدم لعمل وأقام دون الميقات، وهو ينوي الحج إذا تَيَسَّر له ذلك. 
س: رجل مُقيم بالرِّياض ولديه عمل بجدة، في مَوْسم الحج، ولا يعرف هل يتيسر له الحج أم لا؟، فإذا تيسر له ذلك، فمن أين يُحْرِم؟ وإذا كان يعلم أنه سيتيسر له أداء فريضة الحج قبل انطلاقه من الرياض، فهل ينوي الحج في الرياض، ويحرم من ميقات أهل نجد؟ أم يكون إحرامه من جدة؟[1]
ج: من أتى مكة وهو ينوي الحج إن تَيَسَّر له، ثم تيسر له فعزم على الحج، فإنه يحرم من مكانه سواء كان داخل المواقيت أو في مكة. أما إن كان يعلم أنه يسمح له بذلك فإنه يلزمه الإحرام بالحج من الميقات الذي يمر عليه، إذا مر عليه وهو عازِمٌ على الحج؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا وَقَّت المواقيت: ((هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أهلِنَّ ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمُهَلُّه من حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة))؛[2] متفق على صحته.
حكم من نوى الحج وهو يدرس في بلد خارج الميقات وأهله في جدة.
س: أنا طالب أدرس في المنطقة الشرقية، وأهلي في جدة، وأريدُ الحج، فمن أين أحرم: هل من قَرْن المنازل أو من سكني في جدة؟[3]
ج: أنت مُخَيَّر ما دُمْتَ مِن سكان جدة دون الميقات، وإذا أحرمت من قرن المنازل فهو أفضل وأَوْلَى؛ لكونك وافدًا وأخذت بالأكْمَل والأحْوَط، وإن قصدت أهلك ثم أحرمت منهم فلا بأس.
باب الإحرام
لا بأس من غسل ملابس الإحرام
س: هل يجوز تغيير لباس الإحرام لغَسْلِه؟[4]
ج: لا بأس أن يغسل المُحْرِم ملابس الإحرام، ولا بأس أن يُغَيِّرَها، ويستعمل غيرها سواء أكانت جديدة أو مغسولة.
الحكم إذا وقع على ثوب الإحرام دم 
س: إذا وقع على ثوب الإحرام دمٌ قليل أو كثير، فهل يُصَلَّى فيه وعليه الدم، وما حد ما يبطل الحج أو الصلاة مِن الدم إذا وقع على ثوب الإحرام؟[5]
ج: إذا وقع على ثوب المُحْرِم شيءٌ من الدم قليل أو كثير، فإنه يغسله إلا أنه يعفى عن اليسير عرفًا ويُصَلِّي فيه، أما إن كان كثيرًا فيجب غسله ولا يُصَلِّي فيه وفيه النجاسة؛ بل يجب عليه أن يغسل إحرامه من النَّجاسة، أو يغيره بإحرام آخر طاهر؛ لأن المُحْرِم له أن يغير ألْبِسَتَه، ولو بدون عذر، إذا أحب أن يغير لباس الإحرام بلباس آخر فلا بأس عليه ولو غيره عدة مرات، وهكذا المرأة لها أن تُغَيِّر ملابسها إذا أحرمت بملابس أخرى، ولو بدون عُذْر، وهكذا الرجل إذا أحرم مثلاً في إزار ورِدَاء ثم أحب أن يغيرهما بإزار ورداء آخرين، فلا حَرَجَ عليه في ذلك، ولا يُصَلِّي في ثوب أصابته النجاسة، فلو صلى وعليه النجاسة عامدًا لم تصح الصلاة، أما إن كان ناسيًا أو جاهلاً فالصلاة صحيحة. أما الحج فصحيح مطلقًا ولا يؤثر في صحته وجود بعض النجاسة في ملابس الإحرام.
حكم من يحس بخروج شيء أثناء الإحرام 
س: ما حكم من يحس بخروج مذي أو قطرات من البول أثناء الإحرام، وكذلك عند خروجه إلى الصلاة؟[6]
ج: الواجب على المؤمن إذا علم هذا أن يتوضأ إن كان الوقت وقت صلاة، ويستنجي من بوله ويستنجي من المذي، والواجب في المذي أن يغسل الذَّكَر والأُنْثَيَيْنِ، أما البول: فيغسل طرف الذَّكر الذي أصابه البول، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة إن كان وقت الصلاة، أما إن كان الوقت ليس وقت صلاة فلا مانع من تأجيل ذلك إلى وقت الصلاة. لكن ينبغي أن لا يكون ذلك عن وسواس؛ بل عن يقين، أما إذا كان عن وسواس، فينبغي له أن يطرح هذا، ويعرض عنه؛ حتى لا يُبْتَلَى بالوساوس؛ لأن الناس قد يبتلون بشيء من الوسوسة يظن أنه خرج منه شيء، وهو ما خرج منه شيء، فلا ينبغي أن يعود نفسه للخُضُوع للوساوس؛ بل ينبغي له أن يطرحها، وأن يعرض عنها، ويتلهى عنها حتى لا يُصَاب بها. وإذا كان يخشى ذلك فلْيَرُش ما حول فرجه بالماء إذا فرغ من وضوئه؛ حتى يحمل ما قد يقع له من الوساوس على أن هذا من الماء حتى يسلم من شر هذه الوسوسة.
يجوز للمرأة الإحرام في أي ثياب بشرط عدم الفتنة 
س: هل يجوز للمرأة أن تحرم في أي ثياب شَاءت؟[7]
ج: نعم تحرم فيما شاءت، ليس لها ملابس مخصوصة في الإحرام؛ كما يظن بعض العامة، وأن يكون إحرامها في ملابس غير لافتة للنَّظَر، وليس فيها فتنة وغير جميلة بل عادية؛ لأنها تختلط بالناس، ولو أحرمت في ملابس جميلة صح إحرامها؛ لكنها تركت الأفضل.
والأفضل للرجل أن يحرم في ثَوْبينِ أبْيضَيْنِ: إزار ورداء، وإن أحرم في غير أبْيَضَيْنِ فلا بأس، فقد ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه طاف ببرد أخضر؛ كما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه لبس العمامة السوداء - عليه الصلاة والسلام - حين دخوله مكة عام الفتح.
فالحاصل أنه لا بأس أن يحرم في ثوب غير أبيض؛ لكن الأبيض هو الأفضل؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((البسوا من ثِيابكم البَيَاض، فإنَّها من خَيْر ثِيَابِكُم، وَكَفِّنُوا فيها مَوتَاكم))[8]
حكم استعمال الحبوب التي تمنع الدورة 
س: هل من المُباح للمرأة أن تأخذ حُبوبًا تُؤَجِّل بها الدَّوْرة الشهرية؛ حتى تؤدي فريضة الحج؟ وهل لها مخرج آخر؟[9] 
ج: لا حرج أن تأخذ المرأة حُبوب منع الحمل تمنع الدورة الشهرية أيام رمضان؛ حتى تصوم مع الناس، وفي أيام الحج حتى تطوف مع الناس، ولا تتعطل عن أعمال الحج، وإن وُجِد غيرَ الحبوب شيءٌ يمنع من الدَّوْرة فلا بأس، إذا لم يكن فيه محذور شرعًا أو مَضَرَّة.
حكم من أحرمت بالعمرة وهي حائض أو نفساء
س: امرأة تسأل وتقول: كان عليها العُذْر - أي حائض - وأراد أهلُها الذهاب للعمرة، حيث لا يبقى عندها أحد فيما لو تَأَخَّرَتْ عنهم، وذهبت معهم للعمرة، وأكملت كل شروط العمرة من: طوافٍ وسَعْي؛ كأن لم يكن عليها عذر؛ وذلك جهلاً وخجلاً من أن تعلم وليها بذلك، لا سيما أنها أمية لا تعرف القراءة والكتابة، ماذا يجب عليها؟[10]
ج: إذا كانت أحرمت معهم بالعمرة فعليها أن تعيد الطواف بعد الغسل، وتعيد التقصير من الرأس، أما السَّعْي فيجزئها في أصح قولي العلماء، وإن أعادت السَّعْي بعد الطواف فهو أحسن وأحوط، وعليها التوبة إلى الله - سبحانه - من طوافها وصلاتها ركعتي الطواف وهي حائض.
وإن كان لها زوج لم يحل له وطْؤُها؛ حتى تكمل عمرتها، فإن كان قد وطئها قبل أن تكمل عمرتها فسدت العمرة، وعليها دم وهو رأس من الغنم، جذع ضَأْن أو ثِنِيّ مَعْز يذبح في مكة للفُقراء، وعليها أن تكمل عمرتها كما ذكرنا آنفًا، وعليها أن تأتي بعمرة أخرى من الميقَات الذي أحرمت منه بالعمرة الأولى بدلاً من عمرتها الفاسدة، أما إن كانت طافت معهم، وسَعَتْ مُجَاملةً وحياءً وهي لم تحرم بالعمرة من الميقات، فليس عليها سِوَى التوبة إلى الله – سبحانه - لأن العمرة والحج لا يَصِحَّان بدون إحرام، والإحرام: هو نية العمرة أو الحج أو نيتهما جميعًا. نسأل الله للجميع الهداية والعافية من نَزَغَات الشيطان.
س: امرأة أحرمت للعمرة ثم جاءها الحيض، فخلعت إحرامها وألغت العمرة، وسافرت فما الحكم؟[11] 
ج: هذه المرأة لم تزل في حكم الإحرام، وخلعها ملابسها التي أحرمت فيها لا يخرجها عن حكم الإحرام، وعليها أن تعود إلى مكة فتكمل عمرتها، وليس عليها كَفّارة عن خلعها ملابسها، أو أخذ شيء من أظفارها، أو شعرها، وعودها إلى بلادها إذا كانت جَاهِلَة، لكن إن كان لها زوج وطأها قبل عودها إلى أداء مناسك العمرة؛ فإنها بذلك تفسد عمرتها، ولكن يجب عليها أن تؤدي مناسك العمرة وإن كانت فاسدة، ثم تقضيها بعد ذلك بعمرة أخرى من الميقات الذي أحرمت منه بالأولى، وعليها مع ذلك فِدْيَة، وهي سبع بَدَنة، أو سبع بقرة، أو رأس من الغنم؛ جذع ضَأْن، أو ثِنِي معز يُذْبَح في الحرم المكي، ويُوَزَّع بين الفقراء في الحَرَم عن فساد عمرتها بالوطْء.
وللمرأة أن تحرم فيما شاءت من الملابس، وليس لها ملابس خاصة بالإحرام؛ كما يظن بعض العامة، لكن الأفضل لها أن تكون ملابس الإحرام غير جميلة حتى لا تحصل بها الفتنة، والله أعلم.
س: حاجة مغربية دخلت مكة محرمة، ثم جاءها الحيض بعد الطواف، فماذا يجب أن تفعل؟ [12] 
ج: هذه المرأة عليها أن تَسْعَى وتقصر من رأسها وتحل بنية العمرة، فإذا كان يوم التروية - وهو الثامن من ذي الحجة - أحرمت بالحج عند خروجها إلى مِنًى، أما إذا كانت أحرمت بالحج حين قدومها، وترغب أن تبقى على إحرامها بالحج، فإنها بالخيار: إن شاءت سَعَتْ وهي في حال الحيض؛ لأن السَّعْي لا يشترط له الطهارة، وإن شاءت أخرت السَّعْي إلى أن تنزل من عَرَفَة، ثم تسعى مع طواف الحج؛ لأنها بذلك تكون قد أفردت بالحج، وذلك جائز، ولكن جعل إحرامها عمرة أفضل؛ كما أمر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه - رضي الله عنهم - لَمَّا دخلوا مكة في حجة الوداع، وقد أحرم بعضهم بالحج وبعضهم بالعمرة وبعضهم قد أحرم بهما جميعًا، فأمرهم - عليه الصلاة والسلام - أن يحلوا جميعًا، ويجعلوا إحرامهم عمرة إلا من كان معه الهَدْي، وهذا معروف في الأحاديث الكثيرة الصحيحة، والمشروع للمؤمن أن يتَحرَّى في أقواله وأعماله في الحج وغيره ما يُوافق سنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - والله ولي التوفيق.
س: إذا خشيت المرأة أن تحيضَ إذا أتت الحرم، هل تشترط في العمرة؟[13]
ج: لها ذلك؛ لأن الحيض قد يحبسها عن إتمام عمرتها، ولا تستطيع معه التخلف عن رفقتها، أما الحج فوقته واسع فالحيض لا يكون فيه إحصار.
الحائض والنُّفَساء تقرأ الأدعية المكتوبة في مناسك الحج 
س: هل يجوز للحَائض قراءة الأدعية يوم عَرَفَة على الرَّغْم من أن بها آيات قرآنية؟[14] 
ج: لا حَرَجَ أن تقرأ الحائض والنفساء الأدعية المكتوبة في مناسك الحج، ولا بأس أن تقرأ القُرْآن على الصحيح أيضًا؛ لأنه لم يرد نصٌّ صحيح صريح يَمْنَع الحائض والنفساء من قراءة القرآن؛ إنما ورد في الجُنُب خاصة بأن لا يقرأ القرآن وهو جُنُب؛ لحديث علي رضي الله عنه وأرضاه. أما الحائض والنفساء فورد فيهما حديث ابن عمر: ((لا تقرأ الحائض ولا الجُنب شيئًا من القرآن))[15]؛ ولكنه ضعيف؛ لأن الحديث من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيينَ، وهو ضعيف في روايته عنهم، ولكنها تقرأ بدون مَسّ المصحف عن ظهر قلب، أما الجُنُب فلا يجوز له أن يقرأ القرآن لا عن ظهر قلب، ولا من المصحف؛ حتى يغتسل.
والفرق بينهما أن الجُنُب وقته يسير وفي إمكانه أن يغتسل في الحال من حين يفرغ من إتيانه أهله، فمدته لا تطول والأمر في يده متى شاء اغتسل، وإن عجز عن الماء تَيَمَّم وصلى وقرأ، أما الحائض والنفساء فليس الأمر بيدهما، وإنما هو بيد الله - عز وجل - فمتى طهرتَا من حيضهما أو نفاسهما اغْتَسَلتا، والحيض يحتاج إلى أيام والنِّفاس كذلك، ولهذا أبيح لهما قراءة القرآن؛ لِئَلاَّ تنسيانه؛ ولئَلاَّ يفوتهما فضل القراءة، وتعلُّم الأحكام الشرعية من كتاب الله، فمِنْ باب أَوْلى أن تقرأ الكتب التي فيها الأدعية المخلوطة من الأحاديث والآيات إلى غير ذلك، هذا هو الصواب، وهو أصح قولي العلماء - رحمهم الله - في ذلك.
أداء صلاة الإحرام ليس شرطًا لانعقاده 
س: هل ينعقد إحرام المسلم للحج أو العمرة بدون أن يُؤَدي ركْعَتَي الإحرام، وهل الجهر بالنية في الإحرام شرط لانعقاده أيضًا؟[16]
ج: أداء الصلاة قبل الإحرام ليس شرطًا في الإحرام؛ وإنما ذلك مُسْتَحَبّ عند الأكثر، والمشروع له أن يَنْوِي بقلبه ما أراد من حج أو عمرة، ويتلفظ بذلك بقوله: "اللهم لبيك عمرة"، أو "اللهم لبيك حجة"، أو بهما جميعًا إن أراد القِرَان؛ كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم - وليس التلفُّظ شرطًا؛ بل تكفي النية ثم يلبي التلبية الشرعية، وهي: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)). وهذه هي تلبية النبي - صلى الله عليه وسلم - الثابتة عنه في الصحيحَيْنِ وغيرهما.
اختلاف العلماء في استحباب ركعتي الإحرام
س: هل يشترط للإحرام ركْعَتَان أم لا؟[17]
ج: لا يشترط ذلك؛ وإنما اختلف العلماء في استحبابهما: فذهب الجُمهور إلى استحباب ركعتينِ يتوضأ ويصلي ركعتينِ ثم يُلَبِّي، واحتجوا على هذا بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحرم بعد الصلاة؛ أي أنه صَلَّى الظهر، ثم أحرم في حجة الوداع، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أتاني الليلة آتٍ من ربي، وقال: صَل في هذا الوادي المُبارك وقل عمرة في حجة))[18]، وهذا يدل على شرعية صلاة الركعتينِ، وهذا قول جمهور أهل العلم.
وقال آخرون: ليس في هذا نصٌّ، فإن قول: ((أتاني الليلة آتٍ من ربي، وقال: صل في هذا الوادي المبارك))، يحتمل أن المراد صلاة الفريضة في الصَّلَوات الخمس، وليس بنص في ركعتي الإحرام، وكونه أحرم بعد الفريضة لا يدل على شرعية ركعتينِ خاصة بالإحرام؛ وإنما يدل على أنه إذا أحرم بالعمرة أو بالحج بعد صلاة، يكون أفضل إذا تيسَّر ذلك.
الحائض لا تصلي ركعتي الإحرام ولا تمس المصحف 
س: كيف تُصَلي الحائض ركعتي الإحرام؟ وهل يجوز للمرأة ترديد آي الذكر الحكيم في سِرِّها؟ [19] 
ج: أ- الحائض لا تُصَلي ركعتي الإحرام؛ بل تحرم من غير صلاة، وركعتا الإحرام سنة عند الجمهور، وبعض أهل العلم لا يستحبها؛ لأنه لم يرد فيها شيء مخصوص. والجمهور استحبوها؛ لما ورد في بعض الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أتاني آتٍ من ربي، فقال: صل في هذا الوادي المُبارك وقل عمرة في حجة))[20]؛ أي في وادي العَقِيق في حجة الوداع، وجاء عن بعض الصحابة أنه صلى ثم أحرم، فاستحب الجمهور أن يكون الإحرام بعد صلاة - إما فريضة وإما نافلة - يتوضأ ويصلي ركعتين، والحائض والنفساء ليستا من أهل الصلاة فتحرمان من دون صلاة، ولا يشرع لهما قضاء هاتينِ الركْعتينِ.
ب- يجوز للمرأة الحائض أن تردد القُرآن لفظًا على الصحيح من دون مَسّ المصحف، أما في قلبها فهذا عند الجميع، إنما الخلاف هل تتلفظ به أم لا؟ بعض أهل العلم حرم ذلك وجعل من أحكام الحيض والنفاس تحريم قِرَاءة القُرآن، ومس المصحف لا عن ظهر قلب، ولا من المصحف؛ حتى تغتسل الحائض والنفساء. وذهب بعض أهل العلم إلى جواز قراءتهما للقرآن عن ظهر قلب لا من المصحف؛ لأن مدتهما تطول؛ ولأنهما لم يرد فيهما نصّ يمنع ذلك، بخلاف الجُنُب فإنه ممنوع حتى يغتسل أو يتيمم عند عدم القدرة على الغسل، وهذا هو الأرجح من حيث الدليل.
النية محلها القلب 
س: هل نية الإحرام في التلفظ باللسان، وما صفتها إذا كان الحاج يحج عن شخص آخر؟ [21] 
ج: النية: محلُّها القلب، وصفتها: أن ينوي بقلبه أنه يحج عن نفسه، أو عن فلان، أو عن أخيه، أو عن فلان بن فلان، هكذا تكون النية، ويستحب مع ذلك أن يتلفظ فيقول: "اللهم لبيك حجًّا عن فلان، أو لبيك عمرة عن فلان؛ عن أبيه، أو عن فلان بن فلان؛ حتى يؤكد ما في القلب باللَّفْظ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تلفَّظَ بالحج وتلفظ بالعمرة، فدل ذلك على شرعية التلفظ بما نَوَاه؛ تأسِّيًا بالنبي - عليه الصلاة والسلام - وهكذا الصحابة تلفظوا بذلك؛ كما عَلَّمَهُم نبيهم - عليه الصلاة والسلام - وكانوا يرفعون أصواتهم بذلك، هذه هي السنة، ولو لم يتلفظ واكتفى بالنية كفتِ النية، وعمل في أعمال الحج مثل ما يفعل عن نفسه، يُلَبِّي مُطلقًا، ويُكَرِّر التلبية مُطلقًا من غير حاجة إلى ذكر فلان أو فلان؛ كما يلبي عن نفسه؛ كأنه حاج عن نفسه، لكن إذا عَيَّنَهُ في النُّسُك، فإنه يكون أفضل في التَّلْبِيَة ثم يستمر في التلبية كسائر الحُجاج والعُمَّار: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنِّعْمَة لك والملك، لا شريك لك لبيك، لبيك إله الحق لبيك".
المقصود أنه يُلَبِّي؛ كما يلبي عن نفسه من غير ذكر أحد؛ إلا في أول النُّسُك يقول: "لبيك حجًّا عن فلان، أو عمرة عن فلان، أو لبيك عمرة وحجًّا عن فلان، هذا هو الأفضل عند أول ما يحرم مع النية.
حكم اشتراط نية الصبي
س: هل يُشْترط نية الصبي؟[22]
ج: إذا كان دون السابعة ليس له نية؛ بل ينوي عنه ولِيُّه، وهو الذي يتولى الحج به من أب أو أم أو غيرهما؛ لما ثبت في الحديث الصحيح أن امرأة رفَعَتْ للنبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع صبيًّا فقالت: "يا رسول الله، ألهذا حج؟" قال: ((نعم، ولك أجر))[23]، ولما رُوِيَ عن جابر - رضي الله عنه - أنه قال: "لبينا عن الصبيان، ورمينا عنهم"[24]، أما إذا كان الصبي قد بلغ السابعة أو أكثر، فإنه يعلمه ولِيُّه النية وغيرها.
الاشتراط إنما يُقَال عند عقد الإحرام.
س: هل يستطيع المحرم الذي نَسِيَ أن يقول بعد التلبية: "فإن حبسني حابِس، فمحلي حيث حبستني" أن يقول ذلك بعد عقد الإحرام بوقت؟[25]
ج: ليس له ذلك؛ وإنما يُقال ذلك عند عَقْد الإحرام، والمراد بعقد الإحرام هو: أن يَنْوي الدخول فيه بقلبه.
الجهر بالتلبية يُسْتَحَبّ عند الإحرام
س: ما رأيكم فيمن يقول: "إن الجهر بالنية أثناء الإحرام لا يشرع، وإن هذا الجهر ليس عليه دليل"؟[26]
ج: الجهر بالنية غير مشروع؛ لعدم الدليل عليه؛ ولكن يستحب عند الإحرام أن يُلَبِّي بنسكه قائلاً: "لبيك حجًّا أو لبيك عمرة، أو لبيك عمرة وحجًّا إن أراد القِرَان، والأفضل لمن قَدم في أشهر الحج أن يُلَبِّي بالعمرة وحدها، فيطوف ويَسْعَى ويحلق أو يقصر ويحل، ثم يُلَبِّي بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة إذا لم يكن معه هَدْي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه بذلك في حجة الوداع فقال: ((خُذوا عني مَناسِككم))[27]
التلبية سُنَّة مُؤَكَّدة، ولا شيءَ على من ينساها
س: حاج أحرم من الميقات؛ لكنه في التلبية نسي أن يقول: "لبيك عمرة مُتَمتِّعًا بها إلى الحج، فهل يكمل نُسُكه متمتعًا؟ وماذا عليه إذا تحلل من عمرته ثم أحرم بالحج من مكة؟[28]
ج: إذا كان نوى العمرة عند إحرامه؛ ولكن نسي التلبية وهو ناوٍ العمرة، حكمه حكم من لَبَّى، يطوف ويسعى ويقصر ويتَحَلَّل، وتشرع له التلبية في أثناء الطريق، فلو لم يُلَبِّ فلا شيء عليه؛ لأن التلبية سنة مُؤَكَّدة، فيطوف ويسعى ويقصر ويجعلها عمرة؛ لأنه ناوٍ عمرة، أما إن كان في الإحرام ناويًا حجًّا، والوقت واسع، فإن الأَفْضل أن يفسخَ حجّهُ إلى عمرة، فيطوف ويسعى ويقصر ويتحلل، والحمد لله، ويكون حكمه حكم المُتمتعينَ.
س: هل "لبيك اللهم لبيك" سُنَّة أم واجب؟ [29]
ج: سنة مُؤَكَّدَة، معناها: إجابة بعد الإجابة؛ لبيك أي: إجابة لأمرك.
حكم تأخير التلبية بعد الإحرام
س: أحرمت بالحج؛ ولكن عند الإحرام لم أشرع بالتلبية عِلْمًا بأني من أهل مكة، فهل عليَّ شيءٌ؟[30] 
ج: لا حَرَجَ عليك؛ لأن التلبية سُنَّة فإذا أحرم الإنسان بالحج أو بالعمرة سواء من أهل مكة أو غير أهل مكة شرع له أن يُلَبِّي؛ كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُلَبِّي؛ لكن لو لم يُلَبِّ أو تأخرت التلبية لا يضُرُّه ذلك؛ لأن التلبية سُنَّة قولية، والواجب أن ينوي بقلبه نُسُكًا من حج أو عمرة أو كليهما، ثم يُلَبِّي بذلك؛ لأن ذلك أفضل، يصرح بذلك بلسانه فيقول: "اللهم لبيك حجًّا"، أو "اللهم لبيك عمرة"، أو "اللهم لبيك عمرة وحجًّا" عند دخوله في الإحرام عندما يركب السيارة أو المطيَّة، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ركب دابته أعلن إحرامه، والعُمْدَة على القلب إذا نوى بقلبه الدخول في العمرة أو الحج فهذا هو الإحرام، والأفضل أن يلبي بذلك عند النية فيقول: "اللهم لبيك عمرة" إن كان متمتعًا بالحج، أو يقول: "اللهم لبيك حجًّا" إن كان مُفرِدًا، أو يقول: "اللهم لبيك عمرة وحجًّا" عند إحرامه عند الدخول في ذلك بنيَّتِه في الميقَات، وإن كان من أهل مكة عند الحج يُلَبِّي به في مكانه في بيته عند خروجه إلى مِنًى يقول: "اللهم لبيك حجًّا إذا كان في مكة أو من المُحِلِّينَ بها.
حكم من قال: "لبيك اللهم عمرة متمتعًا بها إلى الحج، وهو لا يريد إلا العمرة.
س: وصلتُ إلى الميقات، ومعي عائلتي، وكنتُ كبيرهم وأعرفهم بمناسك الحج، ونسيت وقلت في التلبية: "لبيك اللهم عمرة متمتعًا"، ونحن نريد عمرة في رمضان فقط، ولم أتذكر إلا عند وصولنا البيت الحرام. أرجو إفادتنا هل يلزمنا البقاء في مكة إلى أن نحج، أو يلزمنا دم ونرجع إلى أهلنا؟[31]
ج: ليس عليكم شيء في ذلك ولا يضركم ذلك، وليس عليكم إلا العمرة فقط التي أحرمتم بها، ولا يلزمكم البقاء إلى الحج، ولا يلزمكم فِدْيَة؛ بل ذلك كله لاغٍ لا يترتب عليه شيء.
نوى الحج لنفسه ثم بَدَا له أن يغير النية لقريب له فهل له ذلك
س: رجل نوى الحج لنفسه، وقد حج من قبل ثم بدا له أن يغير النية لقريب له، وهو في عرفة فما حكم ذلك؟، وهل يجوز له ذلك أم لا؟[32] 
ج: الإنسان إذا أحرم بالحج عن نفسه، فليس له بعد ذلك أن يغير لا في الطريق، ولا في عرفة ولا في غير ذلك؛ بل يلزمه أن يكمل لنفسه، ولا يُغَيِّر لا لأبيه، ولا لأمه، ولا لغيرهما؛ بل يتعيَّنُ الحج له؛ لقول الله - سبحانه وتعالى -: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[33]، فإذا أحرم لنفسه وجب أن يتمه لنفسه، وإذا أحرم لغيره وجب أن يتمه لغيره، ولا يُغَيِّر بعد الإحرام إذا كان قد حج عن نفسه، وهكذا العمرة.
حكم من نسي اسم من حج عنها. 
س: رجل حَجَّ عن امرأة، وعندما أراد الإحرام من الميقات نسي اسمها، ماذا يصنع؟[34]
ج: إذا حج عن امرأة أو عن رجل ونسي اسمه، فإنه يكفيه النية ولا حاجة لذِكْر الاسم، فإذا نوى عند الإحرام أن هذه الحجة عمن أعطاه الدراهم، أو عمن له الدراهم، كفى ذلك، فالنية تكفي؛ لأن الأعمال بالنيات؛ كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
س: ما حكم من حج عن والدته، وعند الميقات لَبَّى بالحج، ولم يلبي عن والدته؟[35]
ج: مادام قصده الحج عن والدته؛ ولكنه نسي فإن الحج يكون لوالدته والنية أقْوَى؛ لقول الرسول - عليه الصلاة والسلام -: ((إنما الأعمال بالنيات))[36]، فإذا كان القصد من مجيئه هو الحج عن أمه أو عن أبيه ثم نسي عند الإحرام، فإن الحج يكون للذي نَوَاه وقصده من أب أو أم أو غيرهما.
س: نويتُ الحج عن والدتي، وأتيتُ من بلدي؛ لكي أحج عنها؛ ولكن عند الميقات لبيت بالحج، ولم أذكر أن ذلك عن والدتي، فهل يكون ذلك الحج عن والدتي أم لي؟ رغم أني حججتُ عن نفسي من قبلُ؟[37]
ج: أنت على نيتك إن شاء الله؛ لأن نسيانك عند إحرامك النية عنها لا يضر؛ لأنك إنما توجهتَ إلى مكة لهذا الغرض، وقد صَحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))؛ متفق على صحته.
حكم من ضاعَتْ نقوده، وقد أحرم بالحج والعمرة، ولم يستَطِع الهَدْي
س: ما حكم من أحرم بالحج والعمرة، وبعد وصوله إلى مكة ضاعت نفقتُه، ولم يستطع أن يفدي وغَيَّر نيته إلى مفرد هل يصح ذلك؟. وإذا كانت الحجة لغيره ومشترط عليه التمتُّع فماذا يفعل؟ [38]
ج: ليس له ذلك ولو ضاعت نفقته، وإذا عجز يصوم عشرة أيام - والحمد لله - ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ويبقى على تَمَتُّعِه، وعليه أن ينفذ الشرط بأن يحرم بالعمرة ويطوف ويسعى ويقصر ويحل ثم يُلَبِّي بالحج ويفْدِي، فإن عَجَز صام عشرة أيام ثلاثة في الحج قبل عرفة وسبعة إذا رجع إلى أهله؛ لأن الأفضل أن يكون يوم عرفة مفطرًا؛ اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه وقف بها مُفْطرًا.
حكم الانتقال من الإفراد إلى القِرَان
س: جاء في بعض كتب الحديث أن الحاجَّ المُفْرِد لا يجوز له أن ينتقلَ من الإفراد إلى القِرَان، فهل هذا صحيح؟ [39]
ج: الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر الحُجَّاج المُفرِدينَ والقارنينَ أن ينتقلوا من حجهم وقرَانهم إلى العُمْرة، وليس لأحد كلام مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالرسول - عليه الصلاة والسلام - أمر أصحابه في حجة الوداع، وكانوا على ثلاثة أقسام: قسم منهم أحرموا بالقِرَان؛ أي لَبّوا بالحج والعمرة؛ وقِسْم لَبّوا بالحج مُفْردًا؛ وقسم لَبّوا بالعُمْرة. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد لَبَّى بالحج والعمرة جميعًا؛ أي قارِنًا؛ لأنه قد ساق الهَدْي، فأمرهم - عليه الصلاة والسلام - لما دنوا من مكة أن يجعلوها عُمرة إلا من كان معه الهَدْي، فلمَّا دخلوا مكة، وطافوا، وسعوا، أكَّد عليهم أن يقصروا، ويحلوا إلا من كان معه الهَدْي. فسمعوا وأطاعوا وقصروا وحلوا. هذا هو السُّنة لِمَنْ قدم مُفرِدًا أو قارِنًا، وليس معه هَدْي؛ حتى يستريح ولا يتَكَلَّف، فإذا جاء يوم الثامن أحرم بالحج. ولا يخفى ما في هذا من الخير العظيم؛ لأن الحاجَّ إذا بقي من أول ذي الحجة، أو من نصف ذي القعدة وهو مُحْرِم لا يأتي ما نُهِيَ المُحْرِم عن فعله – فإنه يشق عليه ذلك، فينبغي قَبُول هذا التَّيْسِير من الله - سبحانه وتعالى - والله وَلِيّ التوفيق.
التمتع أفضل لمن لم يسق الهَدْي.
س: أيهما أفضل للحاج: التمتُّع أو القِرَان؛ فإذا كان التمتع فكيف يُرَدّ على من قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج قارنًا، وإن كان القِرَان أفضل فكيف يُرَدّ على من قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نوى التمتع ولم ينْوِ إلا الأفضل؟[40]
ج: الأفضل التمتع؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه بالتمتُّع بعمرة، وهي أن يطوفوا ويسعوا ويقصروا وهذا الأفضل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لولا أن معي الهَدْي لأَحْلَلْتُ))[41]، والذي معه هَدْي أفضل أن يحرم بالحج والعمرة؛ كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - والذي ليس معه هَدْي فالأفضل أن يُحْرِم بالعمرة، فيطوف ويسعى ويقصر ويحل، ثم يُحْرِم بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة؛ هذه السنة.
يصح التَّمتُّع والقِرَان من أهل مكة
س: هل يجب الهَدْي على أهل مكة لمن أحرم منهم بالحج فقط، وهل يصح في حقهم التمتع أم القِرَان في الحج؟ نرجُو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟[42]
ج: يصح التمتع والقِرَان من أهل مكة وغيرهم لكن ليس على أهل مكة هَدْي، وإنما الهَدْي على غيرهم من أهل الآفاقِ القادمِينَ إلى مكة مُحْرِمينَ بالتمتُّع أو القِرَان؛ لقول الله – تعالى -: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[43]
س: ما هو السبب في أن أهل مكة ليس لهم من أنواع الحج إلا الإفراد؟[44] 
ج: الحج فرض على كل من اسْتَطَاع السبيل إليه من أهل مكة، وغيرهم بإجماع المسلمينَ، وهكذا العُمرة فرض في أصح قولي العلماء على الجميع؛ ولكن أهل مكة ليس عليهم هَدْي التمتُّع والقِرَان، إذا حجوا متمتعينَ أو قارِنينَ بين الحج والعمرة؛ لقول الله – سبحانه -: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[45]. والله الموفق.
القول بنسخ الإفراد قول باطل 
س: يَدَّعي بعض الناس أن القِرَان والإفراد قد نُسِخا بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - للصحابة بأن يتمتعوا، فما رأي سماحتكم في هذا القول؟[46]
ج: هذا قول باطل، لا أساسَ له من الصِّحة، وقد أجمع العلماء على أن الأنساك ثلاثة: الإفراد، والقِرَان، والتمتُّع، فمن أَفْرَد الحج فإحرامه صحيح وحجه صحيح، ولا فِدْية عليه؛ لكن
إن فَسخَهُ إلى العمرة، فهو أفضل في أصح أقوال أهل العلم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الذين أحرموا للحج أو قرنوا بين الحج والعمرة، وليس معهم هَدْي، أن يجعلوا إحرامهم عمرة، فيطُوفوا ويسعوا ويقصروا ويحلوا، ولم يبطل - صلى الله عليه وسلم - إحرامهم؛ بل أرشدهم إلى الأفضل، وقد فعل الصحابة ذلك - رضي الله عنهم - وليس ذلك نَسْخًا لإفراد الحج؛ وإنما هو إرشاد من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ما هو الأفضل والأكمل، والله ولي التوفيق.
حكم فسخ الإحرام
س: هل فَسْخ الإحرام سُنَّة أم واجب؟[47]
ج: سُنَّة مُؤَكَّدة.
المشروع لمن أحرم مُفْرِدًا أن يجعله عمرة
س: جئتُ مع جماعة للحج، وأحرمت مفرِدًا، وجماعتي يريدونَ السفر إلى المدينة، فهل لي أن اذهبَ إلى المدينة، وأرجع لمكة لأداء العمرة بعد أيام قليلة؟[48] 
ج: إذا حَجَّ الإنسان مع جماعة - وقد أحرموا بالحج - مُفرِدًا ثم سَافر معهم للزيارة، فإن المشروع له أن يجعل إحرامه عمرة، ويطوف لها ويسعى ويقصر ثم يحل، ثم يحرم بالحج في اليوم الثامن ويكون بذلك متمتعًا، وعليه هَدْي التمتُّع؛ كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك أصحابه في حجة الوداع الذين ليس معهم هَدْي.
الأفضل لمن لم يسق الهدي أن يفسخ حجه إلى عمرة
س: ما حكم مَنْ نَوَى الحج بالإفراد ثم بعد وصوله إلى مكة قَلَبَه تَمتُّعًا، فأتى بالعمرة ثم تَحَلَّل منها فماذا عليه؟ ومتى يحرم بالحج؟ ومن أين؟ [49]
ج: هذا هو الأفضل إذا قدم المحرم بالحج أو الحج والعمرة جميعًا، فإن الأفضل أن يجعلها عُمْرة، وهو الذي أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه لما قدموا، بعضهم قَارن، وبعضهم مُفرِد بالحج، وليس معهم هَدْي، أمرهم أن يجعلوها عُمْرة، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا إلا من كان معه الهَدْي، فإنه يبقى على إحرامه حتى يحل منهما إن كان قارنًا أو من الحج إن كان محرمًا بالحج يوم العيد.
والمقصود أنَّ مَنْ جاء مكة مُحْرِمًا بالحج وحده أو بالحج والعمرة جميعًا في أشهر الحج، وليس معه هَدْي، فإن السنة أن يفسخ إحرامه إلى عمرة، فيطوف ويسعى ويقصر ويتحلل، ثم يحرم بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة في مكانه، الذي هو مقيم فيه داخل الحرم أو خارجه ويكون متمتعًا، وعليه دم التمتُّع.
القِرَان لا يفسخ إلى الإفراد
س: ما حكم من نوى بالحج متمتعًا وبعد الميقات غَيَّر رأيه، ولَبَّى بالحج مفردًا، هل عليه هَدْي؟[50] 
ج: هذا فيه تفصيل، فإن كان نوى قبل وصوله إلى الميقات أنه يتمتَّع، وبعد وصوله إلى الميقات غَيَّر نيته وأحرم بالحج وحده، فهذا لا حرج عليه ولا فِدْية، أما إن كان لَبَّى بالعمرة والحج جميعًا من الميقات أو قبل الميقات ثم أراد أن يجعله حجًّا فليس له ذلك، ولكن لا مانع أن يجعله عمرة أمَّا أن يجعله حجًّا فلا، فالقِرَان لا يفسخ إلى حج؛ ولكن يفسخ إلى عمرة إذا لم يكن معه هَدْي؛ لأن ذلك هو الذي أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه - عليه الصلاة والسلام - الذين لم يسوقوا الهَدْي في حجة الوداع، فإذا أحرم بهما جميعًا من الميقات ثم أراد أن يجعله حجًّا مفردًا فليس له ذلك؛ ولكن له أن يجعل ذلك عمرة مفردة وهو الأفضل له؛ كما تَقَدَّم، فيطوف ويسعى ويقصر ويحل، ثم يلبي بالحج بعد ذلك في اليوم الثامن من ذي الحجة فيكون متمتعًا.
حكم من نوى التمتُّع ثم بَدَا له أن يحرم مُفرِدًا
س: لقد كنتُ ناويًا أن أحج متمتعًا؛ ولكن عندما قدمتُ إلى الطائف غَيَّرْتُ رأيي ولبيتُ بالحج مفرِدًا، فإذا أردتُ أن أضحي يوم العيد هل ذلك جائز؟ عِلْمًا بأني قصرتُ شعري في يوم أربعة ذي الحجة، أسال الله أن يجزيكم عنا خيرًا[51]
ج: إذا أراد الحاجُّ أو غيره أن يضحيَ ولو كان قد حلق رأسه أو قصر أو قلم أظفاره، فلا حرج عليه في ذلك، ولكن عليه إذا عزم على أن يضحي عن نفسه بعد دخول شهر ذي الحجة أن يَمْتَنع من أخذ شيء من الشعر أو الظفر أو شيء من البشرة حتى يُضَحي؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يُضَحي فلا يأخذ من شعره، ولا من بشرته، ولا من أظفاره شيئًا))[52]؛ رواه الإمام مسلم في صحيحه. أمَّا إحرامه بالحج مُفرِدًا، وقد كان نوى أن يحرم بعمرة، ثم بَدَا له بعد ما وصل الميقات أن يُحْرِم بالحج فلا حرج في ذلك، ولكن التمتُّع بالعمرة إلى الحج أفضل إذا كان قدومه في أشهر الحج، أما إذا كان قدومه إلى مكة قبل دخول شهر شوال، فإن المشروع له أن يُحْرِم بالعمرة فقط. 
مَنْ أحرم قارنًا وبعد الإحرام حَلّ
س: ما حكم من أحرم بالحج والعمرة قارنًا، وبعد العمرة حَلَّ الإحرام؟ هل يعتبر متمتعًا؟[53]
ج: نعم؛ إذا أحرم بالحج والعمرة قارنًا ثم طاف وسعى وقصر وجعلها عمرة، يسمى متمتعًا وعليه دم التمتُّع.
الإحرام بالتَّمتُّع له وقتٌ محدود
س: هل للمُتمتِّع وقتٌ محدود يتمتَّع فيه، وهل له أن يحرم بالحج قبل يوم التروية؟[54]
ج: الإحرام بالتَّمتُّع له وقت محدود هو: شوال وذو القعدة والعشر الأول من ذي الحجة، هذه أشهر الحج، فليس له أن يحرم بالتمتع قبل شوال ولا بعد ليلة العيد، ولكن الأفضل أن يحرم بالعمرة وحدها، فإذا فرغ منها أحرم بالحج وحده هذا هو التمتُّع الكامل، وإن أحرم بهما جميعًا سُمِّيَ مُتمتعًا، وسمي قارِنًا، وفي الحالتَيْنِ جميعًا عليه دم يُسَمَّى دم التمتُّع، وهو ذبيحة واحدة تُجْزِئ في الأضحية أو سبع بَدَنة أو سبع بقرة؛ لقوله – تعالى -: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[55]، فإن عجز صام عشرة أيام، ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
فلو أحرم بالعُمرة في أول شوال، وحَلَّ منها صارت المدة بين العمرة وبين الإحرام بالحج طويلة إلى ثامن ذي الحجة، فالأفضل أن يحرم بالحج في ثامن ذي الحجة؛ كما أحرم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم – بذلك، بأمر النبي - عليه الصلاة والسلام - فإنه أمرهم أن يحلوا مِنْ إحرامهم لما قدموا مُفرِدينَ بالحج، وبعضهم قَدمَ قارنًا بين الحج والعمرة، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحلوا إلا من كان معه الهَدْي، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا وصاروا متمتعينَ بذلك، فلما كان يوم التروية وهو اليوم الثامن، أمرهم أن يهلُّوا بالحج من منازلهم، وهذا هو الأفضل، ولو أهلّ بالحج قبل ذلك في أول ذي الحجة أو قبل ذلك أجزأه وصَحّ، ولكن الأفضل أن يكون إهلاله بالحج في يوم الثامن؛ كما فعله أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمره عليه الصلاة والسلام. 
س: المُتمتِّع: هل له وقت محدود يتمتع فيه؟ وهل له أن يحرم قبل يوم التروية أم لا؟ [56]
ج: المتمتِّع إذا طاف وسعى وقصر من عمرته حَلَّ له كل شيء مما حُرِّم عليه بالإحرام، فله أن يأتي زوجته، وله أن يتطيب، ويلبس المخيط، وغير ذلك مما حُرِّم عليه بالإحرام، والتمتُّع بالعمرة إنما يكون بعد انسلاخ رمضان، أمَّا الإحرام بالعُمرة قبل انسلاخ رمضان فلا يُسمى تمتعًا؛ وإنما يسمى عمرة. والسنة للمتمتع وغيره من المحلينَ بمكةَ إذا أرادوا الحج أن يحرموا بالحج يوم الثامن؛ كما أحرم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحج بأمره عليه الصلاة والسلام.
الفِدْية تلزم من تمتَّع بالعمرة إلى الحج.
س: فضيلة الشيخ: ماذا ترون حول من أخذ عمرة بشهر رمضان المبارك وأراد الحج بنفس العام، فهل تلزمه الفدية، وما هي أفضل أنواع النُّسُك؟ [57]
ج: من أخذ عمرة في رمضان ثم أحرم بالحج مفرِدًا في ذلك العام فإنه لا فِدْية عليه؛ لأنَّ الفدية إنما تلزم من تمتَّع بالعمرة إلى الحج؛ لقول الله - سبحانه وتعالى -: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [58]. والذي أتى بعمرة في رمضان ثم أحرم بالحج في أشهره لا يسمى متمتعًا، وإنما المتمتِّع من أحرم بالعمرة في أشهر الحج وهي: شوال، وذو القعدة، والعشر الأول من ذي الحجة، ثم أحرم بالحج من عامِه، أو قَرَن بين الحج والعمرة فهذا هو المتمتِّع، وهو الذي عليه الفِدْية.
والأفضل لمن أراد الحج، أن يأتي بعمرة مع حجته، ويطوف لها ويسعى ويقصر ويحل، ثم يحرم بالحج في عامه، والأفضل أن يكون إحرامه بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة؛ كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بذلك في حجة الوداع.
وعلى المتمتِّع أن يطوف ويسعى لحجه؛ كما طاف وسعى للعمرة، ولا يُجْزِئُه سَعْي العمرة عن سَعْي الحج عند أكثر أهل العلم، وهو الصَّواب؛ لدلالة الأحاديث الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك 
س: ما قولكم في الذي يصوم في مكة، ويجلس إلى وقت الحج مع العلم أنه في هذه الأثناء يسافر إلى جدة، ويعود إلى مكة هل عليه فِدْية؟ [59]
ج: إذا لم يُؤَدّ عمرة بعد رمضان، وحج ذلك العام فليس عليه هَدْي؛ لكونه لم يتمتع بالعمرة إلى الحج.
حكم من أدَّى العمرة في آخر شوال ثم عاد بِنِيَّة الحج مُفرِدًا
س: أديتُ العمرة أواخر شهر شوال ثم عُدتُ بنية الحج مُفْرِدًا، فأرجو إفادتي عن وضعي هل أعتبر متمتعًا ويجب علي الهَدْي أم لا؟[60]
ج: إذا أدى الإنسان العمرة في شوال، أو في ذي القعدة، ثم رجع إلى أهله، ثم أتى بالحج مُفرِدًا فالجمهور على أنه ليس بتَمَتُّع، وليس عليه هَدْي؛ لأنه ذهب إلى أهله ثم رجع بالحج مُفرِدًا، وهذا هو المَرْوِيّ عن عمر وابنه - رضي الله عنهما - وهو قول الجمهور، والمَرْوِيّ عن ابن عباس أنه يكون متمتعًا وأن عليه الهَدْي؛ لأنه جمع بين الحج والعمرة في أشهر الحج في سنة واحدة، أما الجمهور فيقُولُون: "إذا رجع إلى أهله"، وبعضهم يقول: "إذا سافر مسافة قصر، ثم جاء بحج مفرد فليس بمتمتِّع"، والأظهر - والله أعلم - أن الأرجح ما جاء عن عمر وابنه - رضي الله عنهما - أنه إذا رجع إلى أهله، فإنه ليس بمتمتِّع ولا دَم عليه، وأما من جاء للحج وأدى العمرة ثم بقي في جدة أو الطائف، وهو ليس من أهلهما، ثم أحرم بالحج فهذا مُتمتِّع فخروجه إلى الطائف أو جدة أو المدينة لا يخرجه عن كونه متمتعًا؛ لأنه جاء لأدائهما جميعًا وإنما سافر إلى جدة أو الطائف لحاجة، وكذا من سافر إلى المدينة للزيارة، كل ذلك لا يخرجه عن كونه متمتعًا في الأظهر والأرجح فعليه الهَدْي، هَدْي التمتع، وعليه أن يسعى لحجه؛ كما سَعَى لعمرته.
حكم تمتُّع مَنْ رجع إلى بلده
س: هذا يسأل ويقول: إذا قدم من الرياض مثلاً معتمرًا ثم رجع إلى الرياض، ورجع بعدها من الرياض هل يكون متمتعًا؟ [61] 
ج: هذا فيه تفصيل، إذا قدم إنسان من الرياض مثلاً، أو من المدينة، أو من الطائف متمتعًا بالعمرة، فطاف وسعى وقصر وحل ثم رجع إلى بلده: رجع إلى الطائف بلده أو إلى الرياض بلده، أو إلى المدينة بلده أو غيرها، ثم جاء مُلَبِّيًا بالحج، فهذا حكمه حكم المفرد، حكم مجيئه الأخير، حكم الإفراد، فلا يكون عليه دم التمتُّع؛ بل ليس عليه شيء؛ وإنما يعمل عمل الحج إذا وصل مكة طاف سبعة أشواط، وصلى ركعتينِ عند المَقام، أو في أي مكان من المسجد، ثم يسعى سبعة أشواط بين الصَّفا والمروة. هذا يُقال له طَواف القُدُوم، والسَّعْي سَعْيُ الحج، ثم يبقى على إحرامه ويخرج إلى مِنى وعرفات بإحرامه، فإذا رجع من عَرَفات ومُزْدَلِفَة يوم العيد ليس عليه إلا الطَّواف فقط: طواف الإفاضة طواف الحج، والسَّعْي كفاه الأول. وإن قصد مِنى رأسًا، ولم يذهب إلى مكة؛ بل قصد مِنى ثم عَرَفات فإنه عليه طواف، وسَعْي بعد نزوله من عرفات ومُزْدَلِفَة، عليه طواف الحج؛ وسعي الحج.
س: أنْوِي الحج متمتعًا، فهل يصح لي الاعتمار في شوال، والذهاب إلى أهلي ثم الرجوع إلى مكة للحج؟[62]
ج: لا مانع من ذلك إذا اعتمر الشخص في شوال، ثم ذهب إلى أهله، ثم رجع إلى مكة محرمًا بالحج فلا بأس في ذلك، وعند الجُمهور لا يكون متمتعًا، وليس عليه هَدْي؛ بل يكون مُفرِدًا للحج، وعند ابن عباس يكون متمتعًا ولو ذَهَب إلى أهله، وعلى هذا لا يكون هذا متمتعًا عند الأكثر، وإن اعتبر نفسه متمتعًا وأهدى كان أَحْوط وأحسن، أما إن رجع محرمًا بالعمرة، وحل منها ثم أقام حتى يحج، فهذا مُتَمَتِّع وعمرته الأولى لا تجعله متمتعًا عند الجمهور؛ ولكن صار متمتعًا بالعمرة الأخيرة التي أَدَّاها، ثم بقي في مكة حتى حجَّ.
لا بأس بخروج المُتمتِّع إلى جدة وأمثالها ويبقى على تمتُّعه
س: شخص قصد مكة في أشْهُر الحج، وتمتَّع بالعمرة إلى الحج، فهل يجوز له الخروج بعد تحلُّله من العمرة إلى جدة، وإن خرج إليها فهل يسقط عنه دم التمتُّع، وإذا لم يسقط فهل تكون جدة من حاضر المسجد الحرام؟ وإذا اعتبرت من حاضر المسجد الحرام فهل على من خرج إليها بعد تَحَلُّلِه من عمرته، ثم رجع وحج ولم يفدِ دم آخر؛ لتركه دم التمتُّع؟[63]
ج: لا بأس بخروج المتمتِّع بعد تحلُّلِه من عمرته إلى جدة وغيرها، من الحل إذا دعت الحاجة لذلك، ويبقى عليه دم التمتُّع إذا كان قدم مكة بنية الحج؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لما قدموا مكة لحجة الوداع، وأمر من لم يكن معه هَدْي أن يتَحَلَّل ويهدي، لم ينههم عن الخروج من الحرم، ولم يقل لهم: من خرج من الحرم سقط عنه الهَدْي، ولو كان ذلك مُسْقِطًا للهَدْي لبَيَّنَهُ - عليه الصلاة والسلام - لأن الخروج لا بُدَّ أن يقع من الناس؛ لكثرتهم وتنوُّع الحاجات، فلما لم ينبههم على هذا الأمر عُلم أن خروجهم إلى جدة وأشباهها لا يخرجهم عن كونهم متمتِّعينَ بالعمرة إلى الحج، وذهب بعض العلماء إلى أن خروج المتمتِّع من مكة إلى مسافة قصر؛ كجدة والطائف وأمثالهما يخرجه عن كَوْنِه متمتعًا، ويسقط عنه الدم ويجعل إحرامه بالحج في حكم المفرد - وفي هذا نظر - والصواب: أن الدم لا يسقط عنه لما تقدَّم؛ ولعموم قوله – تعالى -: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[64]، ولا أعلم دليلاً شرعيًّا يدل على هذا المذهب، لكن ورد عن عمر وابنه - رضي الله عنهما - في حق من رجع إلى وطنه بعد التَّحلُّل من العمرة، ثم رجع إلى مكة وأحرم بالحج مفرِدًا، أنه لا دم عليه. ذكر ذلك أبو محمد بن حزم وغيره، وهذا وجهه ظاهر، والقول به قريب؛ لا سيما وهو قول الخليفة الرَّاشد عمر - رضي الله عنه - ووَرَد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ما يدل على وُجوب الدم على من اعْتَمَر في أشهر الحج، وحج من عامِه مُطلَقًا، ولو سافر إلى وطنه أو غيره؛ لكن قول الجمهور يُوافِق ما ورد عن عمر وابنه - رضي الله عنهما - وتقدم أنه قَوْل قريب، ووجهه ظاهر، ولا مانع من أن يكون مخصصًا لِعُموم الآية الكريمة السابقة.
ولكن لا ينبغي أن يجعل في حكمه من قدم إلى مكة قاصدًا للحج، وهو متمتِّع بالعمرة إلى الحج ثم خرج لعارضٍ لجدة أو غيرها، ولم يرجع إلى وطنه، فإن بينهما فرقًا واضحًا. واللهُ المستعان.
وأما اعتبار جدة من حاضر المسجد الحرام إذا قلنا لا يسقط الدم عمن ذهب إليها، فليس بظاهر، وليس بين القول بعدم سقوط الدم وبين تحديد المكان الذي يعتبر سكانه من حاضري المسجد الحرام، أو ليسوا منهم ارتباط في أصح الأقوال؛ بل هذه مسألة وهذه مسألة أُخْرى.
أما ما يجب على من خرج إلى جدة ثم عاد وحج ولم يفدِ، فالظاهر أنه لا يجب عليه إلا دم واحد وهو دم التمتُّع، وعليه التوبة والاستغفار عما حصل من التأخير، وأما قول من قال: إن على من أَخّر دم التمتُّع حتى خرجتْ أيام التشريق؛ إما مطلقًا أو بغير عُذر دمًا آخر، فلا أعلم له وجهًا شرعيًّا يحسن الاعتماد عليه، والأصل براءة الذمة فلا يجوز شغلها إلا بحُجَّة واضحة.
لا يسقط الهدي عن المُتمتِّع بالسفر إلى المدينة
س: بعض الناس يُؤَدُّون العُمْرة في شوال، ثم يذهبون إلى المدينة للزيارة، وبعد ذلك يُؤَدُّون الحج مفردين ولا يهدون، فما الحكم في ذلك؟ [65]
ج: يجب على من أَدَّى العمرة في شوال أو في ذي القعدة أو في العشر الأول من ذي الحجة، ثم أحرم بالحج مُفرِدًا سواء كان ذلك من ميقاتِ المدينة أو غيره، أو مِنْ دَاخِل مكة، أن يهدي هَدْي التمتُّع، وهو: رأس من الغنم أو سُبع بَدَنة، أو سبع بقرة مما يجزئ في الأضحية؛ لأنه والحال ما ذكر في حكم المتمتِّع، وقد قال الله – سبحانه -: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [66]، ولا يسقط عنه الهَدْي بالسفر إلى المدينة في أصح قولي العلماء، إلا إذا رجع إلى بلاده، ثم عاد بحج مفرد فلا شيء عليه.
باب محظورات الإحرام
المحرم يجتنب تسعة محظورات
س: ما هي الأشياء التي يجتنبها المحرم؟ [67]
ج: المُحْرِم يجتنب تسعة مَحْظُورات بَيَّنَها العلماء وهي: اجتناب قَصّ الشعر، والأظافر، والطيب، ولبس المخيط، وتغطية الرأس، وقتل الصيد، والجِمَاع، وعقد النكاح، ومُباشرة النساء، كل هذه الأشياء يُمْنَع منها المُحرِم حتى يتحلَّل، وفي التَّحَلُّل الأول يُبَاح له جميع هذه المحظورات ما عدا الجِمَاع، فإذا كمل الثاني حلّ له الجِمَاع.
حكم من أخذ من شَعْره بعد الإحرام جاهلاً
س: رجل قام بالإحرام للعمرة، وبعد ذلك تذكر أنه يجب أن يحلق شعر الإبط فقام بحلقه بعد الإحرام ثم تَوَجَّه إلى العمرة، نرجو توضيح الحكم، ولكم الأجر والثواب؟[68]
ج: حلق الإبط لا يجب في الإحرام ولا نَتْفه، وإنما يستحب نتفه أو إزالته بشيء من المُزيلات الطاهرة قبل الإحرام؛ كما يُسْتَحَبّ قص الشارب، وقلم الظفر، وحَلْق العَانَة إذا كان كل منها قد تهيأ لذلك، ولا يلزم أن يكون ذلك عند الإحرام؛ بل إذا فعل ذلك قبل الإحرام في بيته أو في الطريق كفى ذلك.
وليس على مَنْ ذكرتَ شيء في حلقه إبطه؛ لكَوْنه جاهلاً بالحكم الشرعي، ومثل ذلك لو فعل المحرم شيئًا مما ذكرنا بعد الإحرام ناسيًا؛ لقول الله - عز وجل -: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } [69]؛ ولما ثَبَتَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله - سبحانه - قد استجاب هذا الدعاء.
حكم كد الشعر
س: ما حكم كَدّ الشعر الخفيف ممن هو محرم، هل فيه حَرَجٌ؟[70]
ج: المحرم لا يكد شعرًا. أما إذا حَكَّ شعره أو حَكّ جلده حكًّا قليلاً بالرفق فلا حرج. أما أن يكده فيقطع شعرًا أو ظفرًا أو جلدًا، فلا يجوز ذلك في حال الإحرام، فالمسلم إذا أحرم لا يقطع شعرًا، ولا ظفرًا، ولا يتطيب، ولا يغطي رأسه بعمامة، ولا بشبهها، ولا يغطي جسده بالقميص ونحوه، ولا يقتل الصيد، كل هذه الأمور مَمْنُوعة في حق المُحْرِم، ولا يعقد النكاح، ولا يخطب زوجة، ولا يعقد لموليته وهو مُحرِم، كل هذه مُحَرّمة في الإحرام، وهكذا لا يُجَامِعها، ولا يُباشِر بقبلة ولا غيرها؛ حتى يحل من إحرامه، كل هذه ممنوعة في الإحرام. 
س: لقد حجَجْتُ أنا وابني، وأحرمنا من الطائف ودخلنا مكة صلاة الظهر، وبقينا فيها إلى المغرب، ثم أرغمني ابني على العودة إلى الطائف والمبيت به، وقد حصل ذلك وبتنا تلك الليلة في الطائف، ثم رجعنا إلى مكة في صباح اليوم التالي، ولم نحرم إحرامًا جديدًا؛ بل اكتفينا بإحرامنا الأول ودخلنا الحرم المكي في اليوم نفسه، وطُفْنا طَواف القُدوم، وسعينا ثم بِتْنا تلك الليلة في مكة، ثم ذهبنا إلى مِنى وبقينا فيها يومينِ وليلة، وسرينا في الليلة الثانية وقبل الخروج منها اغتسلنا ومشطنا رؤوسنا، ولم نغير ملابسنا، وبالذات ثوبي مع العلم أنه كان أَسْودًا، وأكملت حجي كبقية المسلمينَ. فما حكم الإسلام فيما سمعت من دخول مكة بدون إحرام، والاكتفاء بالإحرام الأول في اليوم الذي مضى، وفيما فعلنا في مِنى من غسل، ومشط، والإحرام بالثوب الأسود؟ [71]
ج: ليس عليكما شيءٌ - والحمد لله - إحرامُكما الأول باقٍ وصحيح، وخروجكما إلى الطائف لو تركتموه لكان هو الذي يَنْبَغِي؛ لعدم الحاجة إليه؛ لكنه لا يترتب عليه شيء؛ لأنكما خرجتما قبل إتمام حجكما، وأنتما على إحرامكما فلا يضركما ذلك، وطوافكما وسعيكما حين رجعتما إلى مكة، ثم خروجكما إلى مِنى، ثم إكمالكما مناسك الحج ليس فيه شيءٌ، أما المشط فإن كان فيه قطع شعر، فهذا محل نظر، إن كنتما جاهلينِ فلا شيء عليكما، أما إذا كنتما تعلمان أنه لا يجوز قطع الشعر، وقطعتما الشعر متعمدينِ حين المشط، فهذا عليكما فيه أحدُ ثلاثة أشياء:
1- إما صوم ثلاثة أيام على كل واحد.
2- أو إطعام ستة مساكينَ لكل مسكين: نصف صاع من تمر، أو أرز، أو غير ذلك من قوت البلد.
3- أو ذبح شاة على كل واحد منكما تجزئ في الضحية، هذا إذا كنتما مُتعمِّدينِ عالمينِ أنه لا يجوز، أما إذا كان قطع الشعر حين المشط عن جهلٍ، أو عن نسيان فلا شيء عليكما كما تقدم، وهكذا لو كان مجرد المشط ليس فيه قطع شعر فلا بأس، والثوب الأسود لا بأس به في حق الرجل والمرأة، لكن يجب أن يكون لبس الرجل على حال، ولبس المرأة على حال لا يتشبه أحدهما بالآخر، فيكون لباس الرجال على حال، ولباس النساء على حال.
حكم سقوط الشعر من رأس المحرم
س: ماذا تفعل المرأة المحرمة إذا سقطت من رأسها شعرة رغمًا عنها؟ [72]
ج: إذا سقط من رأس المُحْرِم - ذكرًا كان أو أُنْثَى- شعرات عند مَسْحِه في الوضوء، أو عند غسله لم يضره ذلك، وهكذا لو سقط من لحية الرجل أو شاربه أو من أظافره شيء لا يضره إذا لم يتعمد ذلك، وإنما المحظور أن يتعمَّد قطع شيء من شعره أو أظافره وهو مُحْرِم، وهكذا المرأة لا تتعمد قطع شيء، أما شيء يسقط من غير تعمد فهذه شعرات ميتة تسقط عند الحركة فلا يضر سقوطها.
حكم إزالة الجلد الجاف للمحرم
س: هل إزالة الزَّائد من الشفتين تعتبر من محظورات الإحرام؛ مثل الزائد من الجلد الجاف؟[73]
ج: لا يأخذ المُحْرِم ولا المُضَحِّي من بَشْرَتِه شيئًا، ولا من شَعْرِه؛ فالمحرم والذي يريد أن يُضَحّي لا يأخُذَان من جلدهما ولا بشرتهما شيئًا، لا من جلدهما في الوَجْه، ولا من جلدهما في الرِّجْل، ولا في اليد، ولا من غير ذلك حتى يحل المحرم من إحرامه التحلُّل الأول، وحتى يُضَحي المُضحِّي، وإنما يحرم ذلك على المُضَحي بعد دخول عشر ذي الحجة إلى أن يُضَحي، إذا كان يضَحّي عن نفسه أو عن نفسه وأهل بيته، ولا يُحَرّم على أهل بيته شيء من ذلك في أصح قولي العلماء، وإنما يُحَرَّم ذلك على المضحي نفسه الذي بذل المال من حين أراد الضحيَّة بعد دخول الشهر إلى أن يذبحها، أما الوكيل عن غيره فلا يُحَرَّم عليه شيء من ذلك؛ كالوصي وناظر الوقف ونحوهما؛ لأن كلاًّ من هؤلاء ليس بمُضَحٍّ، وإنما هو وكيل، والله الموفق.
ضابط تَغْطِية الرأس للمحرم 
س: ما الضابط في تغطية الرأس للمُحْرِم، بمعنى لو حمل على رأسه بعض مَتاعه، هل ذلك يُعَد من تغطية الرأس؟ [74] 
ج: حمل بعض المتاع على الرأس لا يُعَد من التغطية الممنوعة إذا لم يفعل ذلك حِيلَة؛ وإنما التغطية المُحَرَّمة هي: ما يغطى به الرأس عادة؛ كالعمامة والقلنسوة، ونحو ذلك مما يُغَطى به الرأس؛ وكالرداء والبشت ونحو ذلك. أما حَمْل المتاع فليس من الغِطاء المُحَرَّم؛ كحمل الطعام ونحوه إذا لم يفعل ذلك المُحْرِم حِيلَة؛ لأن الله - سبحانه - قد حَرَّم على عباده التَّحَيُّل لفعل ما حَرَّم، والله ولي التوفيق.
س: هل يجوز للمُحْرِم أن يستعمل الشمسية دون أن تمس رأسه، نظرًا لحرارة الشمس؟[75]
ج: لا حَرَج على المُحْرِم أن يستعمل الشمسية؛ اتقاءً للشمس كما يستظل في الخيمة، وسقف السيارة. وفق الله الجميع.
س: سماحة الشيخ، لبستُ طاقية وأنا محرم في الحج الماضي، ولم أكن أعرف فهل علي فِدْيَة وإذا كان كذلك، ولم يكن معي ثمنها فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرًا [76]
ج: بسم الله والحمد لله، إذا كنت جاهلاً فوضعت غُتْرة، أو طاقية على رأسك، أو كنتَ ناسيًا فليس عليك شيء والحمد لله.
حكم استخدام الكمامات للمحرم
س: هل تعتبر الكمامات التي يستعملها الطبيب في عمله ويضعها على فمه وأنفه في حُكْم تغطية الوجه للمحرم، أفيدونا جزاكم الله خيرًا؟ [77]
ج: نعم لا ينبغي ولا يجوز هذا؛ لأنه غطى حوالي نصف الوجه والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تُخَمِّرُوا رأسَه، ولا وَجْهَه)) [78]؛ يعني للمحرم الذي وَقَصَتْه راحلتُه.
تحديد المخيط من اللباس للمحرم
س: ما هو تحديد المخِيط من اللباس، وهل يجوز لبس السراويل المستعمَلَة الآن تحت الإحرام؟ [79] 
ج: لا يجوز للمُحْرِم بحج أو عمرة أن يلبس السراويل ولا غيرها مِنَ المَخِيط، على البَدَن كله أو نصفه الأعلى؛ كالفنيلة ونحوها، أو نصفه الأسفل كالسّراويل؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سُئِل عما يلبس المُحْرِم قال: ((لا يلبس القميص، ولا العمائم، ولا السراويل، ولا البُرْنُس، ولا الخِفَاف، إلا أحد لا يجد نعلينِ فيلبس الخُفَّيْنِ، وليقطعهما أسفل من الكعبينِ))[80]؛ متفق عليه من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - وبهذا يعلم السائل ما هو المخيط الممنوع في حق المحرم الذَّكَر، ويتَّضِح بالحديث المذكور أن المُراد بالمخيط: ما خيط أو نسج على قدر البدن كله؛ كالقميص، أو نصفه الأعلى كالفنيلة، أو نصفه الأسفل كالسراويل، ويلحق بذلك ما يُخَاط أو ينسج على قدر اليد؛ كالقفاز أو الرِّجْل كالخُف. لكن يجوز للرجل أن يلبس الخف عند عدم النَّعْل، ولا يلزمه القطع على الصحيح؛ لما ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس بعرفات في حجة الوداع فقال: ((من لم يجد إزارًا فليلبس السراويل، ومن لم يجد النعلينِ فليلبس الخُفَّيْنِ))[81]؛ متفق على صحته. ولم يأمر بقطعهما فدل على نسخ القطع المذكور في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - لأن حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - الذي أمر فيه بالقَطْع كان متقدمًا، والأمر بلبس الخُف دون قطع كان في خطبته - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة بعد ذلك. والله الموفق.
يجوز خياط ثياب الإحرام إذا تمزَّقَت
س: إذا كان الإنسان محرمًا بالحج أو العمرة، وتَمَزَّق إحرامه بسبب سُقوطه على الأرض فهل يجوز له أن يخيطه أم لا؟[82]
ج: له أن يخيطه وله أن يُبَدِّله بغيره والأمر في ذلك واسِع بحمد الله، والمخيط المَنْهِيّ عنه هو الذي يحيط بالبدن كله؛ كالقميص والفنيلة وأشباه ذلك، أما المخيط الذي يكون في الإزار أو في الرِّداء لكونه مُكَوَّنًا من قطعتينِ أو أكثر، خيط بعضهما في بعض فلا حَرَجَ فيه، وهكذا لو حصل به شق، أو خرق فخاطه، أو رقَّعَه، فلا بأس في ذلك. 
س: إذا لبس المُحْرِم أو المُحْرِمة نعلينِ أو شَرابًا سواء كان جاهلاً، أو عالمًا، أو ناسيًا، فهل يبطل إحرامه بشيء من ذلك؟[83]
ج: السنة أن يُحْرِم الذَّكَر في نعلَيْنِ؛ لأنه جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ليُحْرِم أحدكم في إزار ورِداء ونَعْلينِ))[84]، فالأفضل أن يحرم في نعلَيْنِ حتى يتوقى الشوك، والرَّمْضاء، والشيء البارد، فإن لم يُحْرِم في نعلينِ فلا حَرَج عليه، فإن لم يجد نَعْلَيْنِ جاز له أن يُحْرِم في خُفَّيْنِ. وهل يقطعهما أم لا؟ على خلاف بين أهل العلم، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((مَنْ لم يجد نعلينِ، فليلبس خُفينِ، وليقطعهما أسفل من الكعبينِ)) [85]. وجاء عنه في خُطبته في حجة الوداع في عرفات أنه أمر من لم يجد نعلينِ أن يلبس الخفين، ولم يأمر بقطعهما، فاختلف العلماء في ذلك فقال بعضهم: إن الأمر الأول مَنْسُوخ، فله أن يلبس من دون قطع.
وقال آخرون ليس بمنسوخ، ولكنه للنَّدْب لا لِلْوُجوب، بدليل سكوته عنه في عرفات. والأرجح - إن شاء الله - أن القَطْع منسُوخ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس في عرفات، وقد حضر خطبته الجَمْعُ الغفِير من الناس من الحاضرة والبادية ممن لم يحضر خطبته في المدينة التي أمر فيها بالقَطْع. فلو كان القَطْع واجبًا أو مشروعًا لبَيَّنَهُ للأمة، فلما سكت عن ذلك في عرفات دلّ على أنه منسوخ، وأن الله - جل وعلا - عفا وسَامَحَ العِبَاد عن القَطْع؛ لما فيه من إفساد الخف. 
أما المرأة فلا حرج عليها إذا لبست الخفينِ أو الشراب؛ لأنها عَوْرة، ولكن تُمْنَع من شَيئينِ: من النِّقاب، ومن القُفَّازَينِ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى المُحْرِمة عن ذلك، فقال: ((لا تَنْتَقب المرأة، ولا تلبس القُفَّازَيْنِ))؛ والنِّقاب: هو الشيء الذي يصنع للوجه؛ كالبرقع فلا تلبسه وهي مُحْرِمة، ولكن يجب أن تغطي وجهها بما تشاء عند وجود الرجال الأجانب؛ لأن وجهها عَوْرة، فإذا كانت بعيدة عن الرجال كشفت وجهها، ولا يجوز لها أن تضع عليه النِّقاب ولا البُرقع، ولا يجوز لها أن تلبس القُفَّازينِ، وهما غِشاءان يُصْنعان لليدين فلا تلبسهما المُحْرِمة ولا المُحْرِم، ولكن تغطي يديها ووجهها عند الحاجة بغَيْر النِّقاب والقُفّازَينِ؛ لما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: "كنا ونحن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - محرمات إذا دنا منا الرجال سدَلَتْ إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا بعدوا منا كَشَفْنا))[86]، والله ولي التوفيق.
حكم من وقف بعرفة بملابسه المخيطة
س: فضيلة الشيخ أفادنا الله بعلمك ونفع المسلمينَ به، أنا منعني رؤسائي في العمل من الإحرام وقد جئتُ هنا للملكة للعمل عندهم، وقد أفتاني أحد المشايخ بأن أقف في عَرَفة بملابسي المخيطة، فماذا عليّ، وهل حجتي صحيحة، وأنا لا أستطيع ذبح دم وأنا مسافر إلى بلدي؟ فماذا يجب عليَّ مِن الصيام هنا؟ وماذا يجب عليَّ في بلدي؟ [87] 
ج: إذا كنت عاملاً ولم يأْذَنُوا لك فلا تُحْرِم، أما إذا سمحوا لك بالإحرام فلا بأس، أما إذا كنتَ عاملاً عند أحد تشتغل عنده فليس لك الحج بغير إِذْنهم؛ لأنك مربوط بعملهم مُسْتأْجَر، فعليك أن تكمل ما بينك وبينهم، فالمسلمون على شُروطهم والله يقول: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[88]، أما إذا سمحوا لك أن تحج فلا بأس وتحج؛ كما يحج المسلمون تكشف رأسك، تلبس الإزار والرداء، ولا تلبس المخيط؛ بل تلبس إزارًا ورداءً وتكشف رأسك، أما كونك تحج وهم ما أذنوا لك فهذا يعتبر معصية، وإن كنتَ حججْتَ صحّ الحج؛ لكنك عصيتَ ربك في هذا؛ لأنك ضَيعْتَ بعض حقهم إلا إذا أذنوا لك، وإذا كنت حججت وأنت لابس على رأسك العمامة أو المخيط على بدنك فعليك الكَفَّارة مع التوبة إلى الله، والكَفّارة هي إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة عن تغطية الرأس، ومثلها عن لبس المخيط على البَدَن، إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع كيلو ونصف تقريبًا، أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة تجزئ في الضحيَّة للفُقراء في الحَرَم عما جعلتَ على رأسك من اللباس، وعما جعلت على بَدَنِكَ من اللباس، عن الرأس كَفّارة، وعن البدن كَفَّارة. الله يهدينا وإياكم والمسلمينَ.
حُكْم من سَافَر في مهمة عاجلة فخلع ملابس الإحرام بعد إحرامه
س: رجل لبس ملابس الإحرام بعد أن اغْتَسل وتَطَيَّبَ ثم اسْتُدْعِيَ للسفر في مُهمّة عاجلة، فخلع ملابسه فماذا يكون عليه؟ [89] 
ج: هذا السؤال فيه تفصيل، فإن كان الرجل المذكور قد أحرم بالنُّسُك بعد لبسه ملابس الإحرام؛ أي نَوى الدُّخول في الحج أو العمرة ثم رجع عن ذلك؛ فخلع ملابس الإحرام من أجل المُهمّة المذكورة فهذا لم يزل مُحْرِمًا، وعليه أن يعيد ملابس الإحرام ويتوَجّه إلى مكة من حين يعلم حُكْم الشّرْع في ذلك؛ لإكماله نُسُكه من حج أو عمرة، ولا كَفَّارة عليه عما فعل إن كان جاهلاً، أما إن كان حين خلعه ملابس الإحرام لم ينوِ الدخول في النُّسُك؛ وإنما لبس ملابس الإحرام استعدادًا لذلك، ثم خلع الملابس من أجل المهمة، قبل أن ينويَ الدخول في النسك من حج أو عمرة فلا شيء عليه؛ لأنه حين خلع الملابس والحال ما ذكر ليس بمُحْرِم. والله أعلم.
لبس الحِزَام في الإحرام لا حَرَج فيه
س: ما حكم لبس الهميان (الكمر) من قبل الحاج المُحْرِم، ليحفظ فيه نقوده، هل يجوز له ذلك أم يعتبر مخيطًا لا يجوز لبسه؟ [90]
ج: لبس الكمر ونحوه لا حرج فيه، وكذلك الحزام أو المنديل لربط إزاره وحفظ حاجته من النقود وغيرها، وبالله التوفيق.
حكم لُبْس الساعة للمُحْرم
س: ما حكم لبس الساعة للمُحْرم؟ [91]
ج: لبس الساعة مثل لبس الخاتم لا حرج فيه إن شاء الله.
حكم وضع الطِّيب على ملابس الإحرام
س: ما حكم وضع الحاج الطيب على ملابس الإحرام قبل عَقْد النية والتلبية؟[92]
ج: لا يجوز للمُحْرِم أن يضعَ الطيب على الرِّداء والإزار، وإنما السنة تطييب البدن؛ كرأسه؛ ولحيته؛ وإبطَيْه ونحو ذلك، أما الملابس فلا يُطيبها عند الإحرام؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام -: ((لا تلبسوا شيئًا من الثياب مَسّه الزعفران أو الوَرْس))[93]، فالسنة أنه يَتَطَيَّب في بَدَنه فقط، أما ملابس الإحرام فلا يُطيبها ولا يلبسها، حتى يغسلها أو يغيرها.
حكم استعمال الصابون للمُحْرِم
س: ما حُكْم غَسْل اليدينِ بصابون مُعطر مثل: اللُّوكس أثناء الإحرام؟[94]  
ج: لا حرج في ذلك - إن شاء الله - لأنه لا يُسمى طيبًا، ولا يعتبر مُستعملُه مُتَطيبًا؛ لكن لو ترك ذلك واستعمل صابونًا آخر من باب الورع كان أفضل وأحسن؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((دَعْ ما يَريبُك إلى ما لا يَرِيبُك)) [95]
س: هل يجوز استعمال الصابون ذي الرائحة للمُحْرِم؟[96]
ج: الصابون ذو الرائحة الجيدة يُسَمّى (المُمَسك)؛ والأقرب - والله أعلم - هو التسامُح فيه، وعدم التشديد فيه، فإن تركه على سَبيل الاحتِياط؛ لأن الرائحة فيه ظاهرة فمن باب الوَرَع ومن باب الحيطة، وإلا فاستعماله لإزالة الأَوْساخ والدسم ونحو ذلك لا يُسمى تَطَيبًا، وليس من باب التَّطيُّب، فإذا فعله المُحْرِم فلا أَرَى عليه شيئًا مِنَ الفِدْية، ولا أرى عليه بأسًا في ذلك.
س: امرأة مُحْرِمة بالعمرة شربت قهوة في زعفران قبل أن تكمل العمرة، هل الزَّعْفَران من أنواع الطّيب، وهل يخل بالعمرة أم لا؟[97]
ج: المُحْرِم الذي يشرب القهوة وفيها زعفران يكون قد أَسَاء؛ لأن الزعفران طِيب فلا ينبغي استعماله في القهوة في حق المُحْرِم؛ كما لا ينبغي استعماله في ملابسه ولا في بَدَنِه وهو مُحْرِم، فإذا فعل ذلك الرجل المُحْرم، أو المرأة المحرمة؛ جَهْلاً، أو نِسْيانًا، فلا شيءَ عليهما، أمَّا إنْ تعمَّد ذلك، وهو يعلم أنه مُحَرّم ولا يجوز، فإنه يتصدَّق بإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من التمر أو الحنطة، أو يصوم ثلاثة أيام أو يذبح شاة؛ كما لو لبس المخيط عمدًا، أو تطيب في بَدَنِه، أو ثيابه، أو رأسه عَمْدًا، وهو يعلم أنه مُحَرَّم، فإن عليه هذه الفِدْية كَفَّارة، وهكذا لو قلم أظفاره، أو قص من شعره عمدًا، وهو يعلم أنه مُحَرّم، أما النَّاسي أو الجاهل فلا شيءَ عليه.
حكم الجِمَاع قبل التحلُّل الأول
س: هل يجب إعادة الحج على مَن جَامَع قبل التحلل الأول مع العلم أن حجه حج تطوع؟ [98] 
ج: إذا جَامَع قبل التحلُّل الأول يفسد حجه، وعليه أن يتمَّه وعليه أن يقضيه بعد ذلك، ولو كان حج تطوع؛ كما أفتى بذلك أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه بَدَنَة يذبحها ويقسمها على الفقراء بمكة المكرمة، والله المستعان.
حكم الجِمَاع قبل طواف الإفاضة
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم م. ع. د. وفقه الله.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ في 1/1/1394هـ وصلكم الله بهداه، وما تضمنه من التعزية في فقيد الجميع فضيلة الشيخ / محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله – فهمته، وأسأل الله أن يجيب دعاءكم، ويجبر مصيبة الجميع فيه، ويتغمده بالرحمة والرضوان، ويصلح ذريته ويخلفه على المسلمينَ بأحسن خلف، إنه جَوَادٌ كريم.
س: امرأة سافرتْ إلى الخميس قبل طواف الإفاضة فما الحكم؟ وهل لزَوْجها وطْؤُها؟[99]
ج: يلزمها العودة إلى مكة فورًا مع القُدرة؛ لأداء طواف الإفاضة؛ لأنه رُكْن من أركان الحج، وإن أحرمت بالعمرة عند وصولها إلى الميقات فذلك أفْضَل، فتطوف للعمرة وتَسْعى ثم تطوف لحجها السابق ثم تقصر وتحل، وإن قَدَّمَتْ طواف الحج على طواف العمرة وسَعْيها فلا بأس، وليس لزوجها وَطْؤها حتى تطوف طواف الإفاضة؛ لأن الوَطْء لا يجوز إلا بعد الحل الكامل من الحج، وهو لا يحصل إلا بالطَّواف، والسَّعْي لمن عليه سَعْي والرَّمْي لجمرة العَقَبَة والحَلْق، أو التّقْصِير.
س: رجُل وطئ زوجته قبل طواف الإفاضة، فماذا عليه؟ هل يخرج إلى الحل من جديد؟ جزاكم الله خيرًا.[100]
ج: إذا وطئ الحاجُّ زوجتَه قبل الطواف فقد أخْطَأ، وعليه التوبةُ إلى الله، وعليه دم يذبح في مكة ويُوزَّع على الفقراء، ولا يلزمه بذلك الذهاب إلى الحل، وإنما عليه التوبةُ إلى الله، والفِدْية والطواف والسَّعْي إن كان لم يسعَ، وكان قارنًا أو مُفْرِدًا، أما إذا كان مُتمتِّعًا فعليه السَّعْي الأول لعمرته، وعليه السَّعْي الثاني بعد الطواف لحجِّه. 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
سماحة الشيخ الفاضل / عبدالعزيز بن عبدالله بن باز حفظك الله ورَعَاك.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ وبعد:
لقد ذهبتُ من المنطقة الشرقية (الأحساء) إلى مكة المكرمة؛ وذلك بمُناسبة إجازة عيد شهر رمضان المُبارك، وأخذتُ هذه الفُرْصة حتى آخذ أنا وأهلي عمرة في شهر رمضان، ومن الميقات أحرمنا وذهَبْنا إلى الحرم المكي ثم طُفنا وسَعَيْنا، وفي الشوط الثاني من السَّعْي قالت لي زوجي: لقد نزل عليَّ دم وهو من أَثَر رَبْط، وقالت أيضًا: لقد أحسستُ بشيء يسير قبل الدخول إلى الحرم، وهذا لم أتأكّد منه؛ لكن الآن ثَبَت نزول الدم. فأخذتها في الحال إلى إحدى بوابات الحرم، وسألتُ أحد الشيوخ هناك فقال لي: هي لا تكمل السَّعْي أما أنت فأكْمِل العُمْرة، وأرجُو أن تسأل: هل عليك كَفَّارة؟ وكان ذلك في تمام الساعة الثامنة صباحًا. وبعد إكمالي العمرة ذهبتُ إلى مقَرِّ الفتوى في الحرم، فلم أجد أحدًا، وقال لي أحد الموجُودِينَ: إنه لا يوجد أحد الآن. فأخذتُ أهلي وذهبتُ إلى بلدي، وقضيت هناك ما بقي من الإجازة، ثم رجعت إلى المنطقة الشرقية، وبعد عودتي سألتُ عن ذلك أحد المشايخ فقال لي: إن زوجتي لا تزال مُحْرِمة ويحرم عليها ما يحرم على المُحْرِم، ويلزمها إكمال العمرة.
 لذا أرجُو من سماحتكم إفادتي عن الحُكم الشرعي في ذلك، وإذا كانت لا تزال مُحْرِمة فلقد اغتسلَتْ، وجامَعْتها، ومَشَّطَتْ شعرها، وقَصَّتْ أظافرها.
فهل هناك كفارة؟ وهل يسقط عنها الإحرام بنُزول الدم؟ وهل يلزمها إكمال العمرة أم إنها تعتبر معتمرة، حيث إنها نوت العمرة، وحدث ذلك بعد النية غصبًا عنها؟ وإذا كان لا بد من إكمال العمرة. فإنني أخبركم بأنني لا أستطيع الذهاب بها الوقت الحاضر نظرًا لظروف عملي، وبُعْد المنطقة؟[101] هذا وأرجو رأي سماحتكم الشرعي والله يحفظكم ويرعاكم.
ج. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛ أما بعد: 
إذا كان الواقع هو ما ذكرتَ في السؤال، فالمرأة المذكورة لا تزال محرمة، وعليك اجتنابها حتى تذهب إلى مكة، وتطوف وتسعى وتقصر، بذلك تكمل عمرتها، وإذا كنت جامعتها في هذه المدة فعليها دم جبران فِدْية تذبح في مكة للفقراء، جذع ضَأْن أو ثِنِيّ مَعز يجزئ في الضحية مع التوبة والاستغفار منكما جميعًا، وعليها أيضًا أن تأتي بعمرة أخرى من الميقات بدلاً من هذه العمرة التي فسدت بالجماع، ونسأل الله للجميع الهداية وقبول التوبة، ونوصيكما جميعًا بعدم التساهُل في أمور الدِّين، وأن تبادِر بالاستِفْتاء في كل ما يشكل عليك، ونسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
والخلاصة: أن على زوجتك أن تكمل عمرتها بالطَّواف، والسَّعْي، والتقصير من رأسها، ثم عليها أن تأتي بعمرة أخرى من الميقات إذا كنت قد جامعتها مع الفِدْية المذكورة آنفًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ / عبدالعزيز بن عبدالله بن باز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
استفتي فضيلتكم بسؤالي هذا وهو: أنني تزوجت من فتاة، ولها عندي ما يقارب السنتين، ولي منها بنت - فضيلة الشيخ - بعدها قامت زوجتي بإخباري بأنها: أدتْ مناسك العمرة مع أهلها وطافت بالبيت الحرام، والدَّوْرة كانت معها. فضيلة الشيخ بعدما أخبرتني بذلك قمتُ بطرح هذا السؤال على فضيلة الشيخ/ صالح بن فريج بمُحافظة عفيف؛ طالبًا الفتوى في هذا السؤال تبرئة لذمتها، وهل يلحقها شيء من ذلك؟ وأجابني جزاه الله خيرًا بأن تعيد الزوجة العمرة مرة أخرى. فضيلة الشيخ: كما أن تأديتها لهذه العمرة كان قبل أن أتزوجها بمدة أربع سنوات.
فضيلة الشيخ/ عبدالعزيز بن باز أتَيْنا لفضيلتكم؛ للتأكُّد من الأمر، وإفتائنا عن إجابة هذا السؤال، هذا والله يحفظكم ويرعاكم ويسدد خطاكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.[102] وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد: 
إذا كان الواقع هو ما ذكرتم فالواجب عليها أن تذهب إلى مكة وتطوف وتسعى لعمرتها وتقصر، وعليها دم يذبح في مكة للفقراء عن جماعك لها، وهي محرمة لم تحل من عمرتها؛ لأن طوافها وهي حائض غير صحيح، وعليها أن تعيد العمرة من الميقات؛ لأن الأولى فسدت بالجماع، فيكون الواجب أداء أعمال العُمْرة الأولى وهي: الطواف، والسَّعْي، والتقصير، ثُم عمرة ثانية من الميقات، كما أفتى بذلك بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ويَحْرُم عليك قربانها حتى يجدد العقد - أعني عقد النكاح - بعد فعلها ما ذكرنا مع التوبة إلى الله – سبحانه - من ذلك. وفَّق الله الجميع لما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حكم مُزاولة العادة السرية في الحج
س: منذ سبع سنوات ذهبتُ أنا وأبي لأداء فريضة الحج، وكان عمري وقتها حوالي سبعة عشر عامًا. وعندما كنت مُرتَدِيًا الإحرام وقبل الذهاب من مكة إلى مِنى لأداء مناسك الحج، قمت عن جهل مِنِّي، وعن غير علم بمحظُورات الإحرام بمُزاولة العادة السرية، وبعد ذلك اغتسلتُ غسل الجنابة، وارتديتُ إحرامي، ثم ذهبنا إلى مِنى، وأتممنا جميع مناسك الحج والحمد لله. فما حكم حجتي التي هي حجة الفريضة، والذي جعلني أتأخر عن السؤال طوال هذه المدة
هو الغَفْلة. جزاكم الله خيرًا ووفقكم وأعانكم.[103]
ج: الحج صحيح في أصح قولي العلماء. وعليك التوبةُ إلى الله من ذلك؛ لأن تعاطي العادة السرية مُحَرَّم في الحج وغيره؛ لقول الله - عز وجل -: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [104]، ولما فيها من المَضَارِّ الكثيرة التي أوْضَحَها العلماء. نسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق. وعليك دم يُذْبح في مكة للفُقراء.
س: إذا احتلم الإنسان أثناء الإحرام، ما حكمه؟ وما عليه؟ جزاكم الله خيرًا[105] 
ج: بسم الله والحمد لله، إذا احتلم في الإحرام وأنزل المنِيّ، فعليه الغُسْل ولا شيء عليه، فإحرامه صحيح ولا يضره شيء؛ لأنه ليس باختياره، وهكذا الصائم في رمضان وغيره إذا احتلم صومه صحيح، ولكن إذا أنزل المنِيّ يغتسل غُسْل الجنابة.
حكم تغطية المرأة المحرمة لوجهها وكفَّيْها
س: هل يجوز للمرأة أن تُغَطِّي وجهها وكفيها بقُفَّازَيْنِ عندما تذهب للحج أو للعمرة، وهي بذلك ليست مُكْرَهة؛ بل إن وليها أعطاها حرية الخيار بين أن تكشف، أو تغطي وجهها؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.[106]
ج: المرأة في الإحرام ليس لها أن تُغَطِّي وجهها بالنِّقاب أو بالبُرْقع، وليس لها أن تلبس القُفَّازَينِ في اليَدينِ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك، فقال - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح فيما يلبس المحرم: ((ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القُفَّازَينِ))[107]؛ يعني في الإحرام؛ ولكنها تُغَطِّي وجهها وكَفَّيْها بغير ذلك من خِمار ونحوه، لجلبابها أو، عباءتها، أو نحو ذلك. أما النِّقاب: وهو ما يصنع للوجه، فإنها لا تلبسه المُحْرِمة لا في العمرة ولا في الحج، قالت عائشة - رضي الله عنها -: "كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، وكنا إذا دَنا منا الرُّكْبَان، سَدلَتْ إحدانا خِمَارها من على رأسها على وجهها، فإذا جَاوَزُونَا كشفنا"، فالمرأة تفعل هكذا إذا قرب منها رجال تُغَطِّي وجهها بخمار ونحوه، لا بنِقَاب مصنوع للوجه، ولا تغطي يديها بقُفَّازينِ ولكن بغيرهما، وهكذا الرجل المُحْرِم لا يغطي وجهه، ولا يغطي رأسه بالعمامة ونحوها؛ ولكن يغطي يديه بغير قُفَّازينِ عند الحاجة، فلو غَطَّى يديه بالرِّدَاء أو بالإزار أو بشيء آخر فلا بأس بذلك، والمرأة كذلك.
الأفضل للمرأة أن تُحْرِم في شراب وليس لها الإحرام في قُفَّازينِ
س: سُئِل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز مُفتي عام المملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، عن حكم إحرام المرأة في الشراب – الجورب - والقُفَّازَينِ، وهل يجوز لها خَلْع ما أحرمت فيه؟[108]
فرَدَّ سماحته قائلاً: الأفضل لها إحرامها في الشراب، أو مداس فهذا أفضل لها وأَسْتر لها، وإن كانت في ملابس ضَافِيَة كفى ذلك.
وأضاف سماحته: "وإن أحرمتْ في شَراب ثم خلعته فلا بأس، كالرجل يُحْرِم في نَعْلينِ، ثم يخلعهما إذا شاء لا يضره ذلك، بيد أن سماحته أكَّدَ أنه: "ليس لها أن تُحْرِم في قُفَّازينِ". وعلل ذلك بقوله: "لأن المُحْرِمة مَنْهِيَّة أن تلبس القُفَّازينِ، وهكذا النقاب لا تلبسه على وجهها، ومثله البُرقع ونحوه؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهاها عن ذلك، وأَكَّد سماحته أن عليها أن تسدل خمارها أو جلبابها على وجهها عند وجود رجال غير محارمها، وفي الطواف والسَّعْي.
واستشهد بحديث عائشة - رضي الله عنها - قال: "كان الرُّكبان يمُرُّون بنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا حاذوا بنا سدلَتْ إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه"؛ أخرجه أبو داود، وابن ماجَهْ.
أما بالنسبة للرجل فقال سماحة الشيخ ابن باز: "يجوز للرجل لبس الخُفَّينِ، ولو غير مقطوعَيْنِ على الصحيح، وقال الجمهور بقطعهما"؛ ولكن سماحته أضاف: "والصواب: أنه لا يلزم قطعهما عند فَقْد النَّعْلينِ". واستدل بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس بعَرَفة فقال: "من لم يجد إزارًا فليلبس السراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس الخُفَّينِ"[109]؛ متفق
عليه. واختتم سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية إجابته بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لم يأمر بقطعهما، فدلّ ذلك على نَسْخ الأمر بالقَطْع".
س: امرأة لديها ضعف في البصر، وتنوي الحج هذا العام، وتقول: هل أضع نقابًا يغطي وجهي بحيث تظهر العينان، ثم أضع عليه غطاء ساترًا خفيفًا أتمكن من رؤية الطريق من خلاله، فهل عليَّ إثْمٌ لو فعلت ذلك؟ جزاكم الله خيرًا[110]
ج: لا حرج في ذلك إلا إذا كانت مُحْرِمة فليس لها ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حق المُحْرِمة: ((ولا تَنْتَقِب المرأة، ولا تلبس القُفَّازينِ)) [111] أ هـ. لكن تغطي المُحْرِمَة وجهها بغير ذلك؛ كما جاء ذلك في حديث عائشة - رضي الله عنها - والله ولي التوفيق.
حج المُصِرّ على المعصية صحيح، ولا بُدَّ من التوبة
س: ما حكم حج المُصِرّ على المعصية أو المُسْتمر على ارتكاب صغيرة من الذُّنوب؟[112]
ج: حجه صحيح إذا كان مسلمًا؛ لكنه ناقص ويلزمه التوبة إلى الله - سبحانه وتعالى - من جميع الذنوب ولا سيما في وقت الحج، وفي هذا البلد الأمين، ومن تاب، تاب الله عليه؛
لقول الله - سبحانه وتعالى -: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[113]، وقوله – سبحانه -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [114].
والتوبة النصوح: هي المُشْتمِلَة على الإقلاع عن الذنوب والحَذَر منها؛ تعظيمًا لله - سبحانه وتعالى - وخوفًا من عِقابِه، مع الندم على ما مَضَى منها، والعَزْم الصادق على ألا يعود فيها، ومن تمام التوبة ردّ المظالم إلى أهلها، وإن كان هناك مظالم في نفس، أو مال، أو بشرة، أو عرض، واستحلال أهلها منها.
وفَّق الله المسلمينَ لِمَا فيه صلاح قلوبهم وأعمالهم، ومَنَّ علينا وعليهم جميعًا بالتوبة النصوح من جميع الذنوب إنه جَوَاد كريم.
باب الفِدْية
حكم من فعل محظورات من جنس واحد 
س: هل تدخل المحظورات في بعضها البعض، وتكون لها كَفَّارة واحدة؟[115]  
ج: نعم؛ إذا كانت المحظورات من جِنْس واحد، مثل إذا قلم أظفاره، ونتف إبطه، أو لبس المخيط عامدًا، فعليه التوبة، وتكفي فِدْية واحدة، وهي: إطعام ستة مساكين، أو صوم ثلاثة أيام، أو ذبح شاة.
س: حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه - قال: حُملت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقمل يتناثَرُ على وجهي. فقال: ((ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى، أتجد شاة؟)) قلت: "لا". قال: ((فصم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع))؛ متفق عليه. هل هذا الحديث تفسير للآية: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ ...}[116] الآية؟ [117]
ج: هذا الحديث يُفَسر الآية المذكورة، ويدل بجميع رواياته على التخيير بين الأصناف الثلاثة؛ كما هو ظاهر الآية الكريمة، وهي: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين؛ لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره، أو ذبح شاة تجزئ في الأضحية.
حكم من ترك الإحرام من الميقات
س: إنسان نَوى العمرة أو الحج؛ ولكنه اجتاز الميقات وأحرم دونه، وأتَمَّ أعمال الحج أو العمرة، فما الواجب عليه؟[118]
ج: عليه أن يذبح هَدْيًا يُوَزِّعه على فقراء الحرم، ولا يأكل منه إذا جاوز ميقاته غير مُحْرِم ثم أحرم بعد ذلك، وهو ناوٍ العمرة أو الحج حين جاوز الميقات؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وقَّت المواقيت لأهل المدينة والشام واليمن ونجد: ((هُنَّ لَهُنَّ، ولِمَنْ أتى عليهِنَّ من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمُهَلُّه من حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة))[119]؛ متفق على صحته، ويُستَثْنى من ذلك من أراد العمرة من أهل مكة، فإنه يجب أن يحرم من الحل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عائشة بذلك لما أرادت العمرة، وهي بمكة منه. والله ولي التوفيق.
حكم من أحرمت بالعمرة، ثم جاءها الحيض وسافرت ولم تؤدِّ العمرة
س: امرأة أحرمت للعمرة، ثم جاءها الحيض فخلعت إحرامها، وألغتِ العمرة، وسافرت فما الحكم؟ [120] 
ج: هذه المرأة لم تزل في حكم الإحرام، وخلعها ملابسها التي أحرمت فيها لا يخرجها عن حكم الإحرام، وعليها أن تعود إلى مكة فتكمل عمرتها، وليس عليها كفَّارة عن خلعها ملابسها، أو أخذ شيء من أظفارها، أو شعرها، وعودها إلى بلادها إذا كانت جاهلة؛ لكن إن كان لها زوج فوطئها قبل عودها إلى أداء مناسك العمرة، فإنها بذلك تفسد عمرتها، ولكن يجب عليها أن تؤدي مناسك العمرة وإن كانت فاسدة، ثم تقضيها بعد ذلك بعمرة أخرى من الميقات الذي أحرمت منه بالأولى، وعليها مع ذلك فدية وهي سبع بدنة أو سبع بقرة، أو رأس من الغنم جذع أو ضَأْن أو ثِنِيّ مَعز يُذبح في الحرم المكي، ويوزع بين الفقراء في الحرم عن فساد عمرتها بالوطء.
وللمرأة أن تحرم فيما شاءت من الملابس وليس لها ملابس خاصة بالإحرام؛ كما يظن بعض العامة، لكن الأفضل لها أن تكون ملابس الإحرام غير جميلة حتى لا تحصل بها الفتنة، والله أعلم.
فدية تَرْك بعض الواجبات
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ع. م.ب. غ. وفقه الله آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
وصلني خطابكم الكريم المؤرخ في 17/2/1392هـ - وصلكم الله بهداه - المُتضمِّن السؤال عما حصل لكم في الحج وهو: أنك وقفْتَ بعرفة وبِتّ بمُزدلفة، وأنك تَحَلَّلْتَ من الإحرام، ولم تَرْم الجِمَار، بسبب أنك نسيت صلاة الظهر والعصر بعرفة إلى قبيل المغرب، ثم تضايقَتْ نفسك ولم تكمل مناسك الحج، وتسأل ماذا يجب عليك في ذلك؟[121]  
والجواب: أنك لا تزال محرمًا إلى حين التاريخ، ونيتك التحلل من الإحرام غير معتبرة؛ لعدم توفر شروط التَّحَلُّل، وعليك أن تُبادِر بلبس ملابس الإحرام من حين يصلك هذا الجواب، وتذهب إلى مكة بنية إكمال الحج، فتطوف سبعة أشواط بالكعبة طواف الحج، وتصلي ركعتي الطواف، ثم تسعى بين الصفا والمروة سَعْي الحج، ثم تحلق أو تقصر والحلق أفضل إن لم تكن سابقًا حلقت أو قصرت بنية الحج، ثم تتحلل وعليك دم عن ترك رمي الجمار كلها، إذا كنتَ لم ترمِ جمرة العقبة يوم العيد أو الجِمَار الثلاث يوم الحادي عشر والثاني عشر، وهو سبع بَدَنة أو سبع بقرة أو ثِنِيّ من المعز أو جذع من الضَّأْن، يُذبح في الحرم المكي ويُوزع بين فقرائه، وعليك دم آخر مثل ذلك عن تَرْكك المبيت بمِنى أيام مِنى إذا كنت لم تَبِتْ بها، يُذبح في الحرم المكي ويُوزع بين الفقراء، وعليك مع ذلك التوبةُ والاستغفار عما حصل من التقصير بترك الرَّمْي الواجب في وقته، والمبيت بمِنى إن لم تكن بِت بها. أمَّا الطواف والسَّعْي والحلق فوقتها موسع؛ ولكن فعلها في وقت الحج أفضل، وإذا كنت مُتزوجًا وجامعتَ زوجتك فقد أفسدت حجك؛ لكن عليك أن تفعل ما تَقدَّم؛ لأن الحج الفاسد يجب إتمامه كالصحيح؛ لقوله – تعالى -: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [122]، وعليك قضاؤه في المستقبل حسب الاستطاعة، وعليك بدنة عن إفسادك الحج بمُجامعتك امرأتك قبل الشروع في التحلل، تذبح في الحرم المكي وتوزع بين الفقراء، إلا أن تكون قد رميت الجمرة يوم العيد أجزأتك شاة بدل البدنة، ولم يفسد حجك؛ كالذي جامع بعد الطواف قبل أن يكمل تحلله بالرَّمْي أو الحلق. وفق الله الجميع للفِقْه في دينه والثَّبات عليه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حضرة صاحب السماحة والفضيلة الشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز المُوَقَّر.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أفْتِنا عَظَّم الله أجْرَك عن الأسئلة الآتية:
1- خمسة أشخاص دخلوا الحرم؛ لطواف الوداع، فلما طافوا شوطًا أو شوطينِ حصل عليهم زحام شديد، حتى خافوا على أنفسهم فصلوا ركعتينِ ودعوا وخرجوا، ولم يكملوا طواف الوداع؛ ظنًّا منهم أن الطواف غير واجب عليهم، فماذا يجب عليهم، وإذا وجب عليهم دم فهل يجوز ذبحه وأكله في بلدهم، أم لا بد من ذبحه في مكة، وهل إذا لزم أحد دم هل هو على الفور أم على التراخي؟.
2- رجل حج فريضة، فلما وصل إلى الميقات أحرم بالعمرة مُتمتِّعًا، فلما قدم مكة سعى وقصر قَبْل طواف القُدوم، ثم طاف، ولبس ثيابه، وفي اليوم الثامن أحرم بالحج مع الناس، ولم يحصل عليه خلل حيث قد فهم من فعل الناس أن الطواف هو الأول والسعي بعده، وأما فعله بالعمرة فجهلاً منه بالحكم، ويذكر أن معه زوجته، وحجها فرضها وهذا الحج المذكور له عدة سنوات، وقد حج الرجل بعده مرة دون زوجته، فأرجو توضيح الحُكْم؟ عظم الله أجركم. [123]
ج. من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الشيخ م. ع. ع. سلمه الله وتولاه آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
كتابكم الكريم المؤرخ في 9/1/1388هـ وصل وصلكم الله بهداه، وما تضمنه من السؤالينِ كان معلومًا:
السؤال الأول: عن جماعة شرعوا في طواف الوداع، فلما طافوا شوطًا أو شوطينِ اشتد عليهم الزحام، فقطعوا الطواف ثم صلوا ركعتينِ ثم خرجوا؛ ظنًّا منهم أنه غير واجب. 
والجواب: هؤلاء الجماعة حسب الأدلة الشرعية على كل واحد منهم فدية، وهي: سبع بدنة أو سبع بقرة أو جذع ضَأْن أو ثِنِيّ مَعز؛ لأن الراجح في طواف الوداع أنه واجب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به ونهى عن النفير قبله، وصح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "من ترك نُسُكًا أو نسيه فليهرق دمًا"، وهذا الهَدْي يذبح في مكة، ويقسم على فقراء الحرم؛ كما نص على ذلك أهل العلم؛ احتجاجًا بقوله – سبحانه -: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ * لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[124]، وبقوله - سبحانه - في جزاء الصيد: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}[125]، وهو واجبٌ على الفور؛ لأن الأدلة الشرعية قد دلت على أن الأوامر على الفَوْر إلا ما نص الشرع على التوسيع فيه، وذلك أبلغ في الامتثال، وأبعد من خطر التَّرْك أو النِّسْيان.
السؤال الثاني: متمتِّع بالعمرة إلى الحج، فلما دخل مكة سعى وقصر قبل الطواف، ثم طاف ثم حل ثم حج؟. 
والجواب: هذه المسألة فيها خلافٌ بين العلماء، والأقرب - إن شاء الله - أن عمرته صحيحة؛ لأنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سُئِل في حجة الوداع عمن سَعَى قبل الطواف فقال: ((لا حَرَج)) [126]؛ أخرجه أبو داود في سننه بإسناد جيد. أما كونه قصر قبل تمام العمرة ولم يُقَصر بعد ذلك فهذا يجبر بدم، لأن التقصير نُسُك واجب في العمرة بعد الطواف والسعي وقد تركه، فينبغي أن يفدي عن ذلك فديًا؛ كالهدي المذكور في جواب السؤال الأول يذبح في مكة ويوزع بين فقرائها، وينبغي أيضًا أن يفدي عن تقصيره الذي وقع في غير محله جهلاً منه بأحد ثلاثة أشياء: إما صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من التمر أو الحنطة أو الأرز أو الشعير، أو ذبح شاة على ما في حديث كعب بن عجرة؛ لكونه فعل ما يخالف الشرع، وكان في إمكانه أن يسأل أهل العلم قبل أن يقدم على عمله هذا، والإطعام والنُّسُك محلهما مكة. أما الصيام ففي كل مكان، والله - سبحانه وتعالى - أعلم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
س: سائلة تسأل وتقول: لقد أديتُ فريضة الحج قبل خمس سنوات، ولكني لم أرمِ إلا في المرة الأولى؛ أي رميتُ ليلة العيد قبل الفجر حيث إننا خرجنا من مزدلفة بعد منتصف الليل خوفًا من الزحام، ثم إنني رميت الحصيات، ولا أعلم هل وقعت في الحوض أم طاشت عنه ولم تقع، وكان وقتها الزحام شديدًا، وكنت في ذلك الوقت جاهلة أنه يجب أن تقع الحصيات في الحوض؛ كما أنني لم أرمِ في اليوم الثاني والثالث، وإنما وكَّلْت أخي في الرَّمْي عني؛ وذلك خوفًا من الزحام فقط، كما أنني كنتُ جاهلة أنه على المرأة أن ترمي بنفسها، ولا توكل إلا لعجزها عن ذلك. أفيدوني بالذي يجب عليَّ في رَمْيِي للحصيات حينما كنت لا أعلم، هل كانت تقع في الحوض أم كانت تطيش عنه؟، وما الذي يجب عليَّ في توكيلي لأخي في الرَّمْي في اليوم الثاني والثالث هل يجب علي فِدْية أم ماذا؟ جزاكم الله خيرًا [127] 
ج: عليك عن جميع ذلك ذبيحة واحدة عن تَرْك الرمي في اليوم الثاني والثالث وأنت قادرة، وعن رَمْي اليوم الأول الذي شككتِ هل وصلت الجمرات على الحوض أم لا، والمقصود أن عليك دمًا واحدًا وهو ذبيحة جذع من الضَّأْن أو ثِنِيّ من المعز؛ كالضحية يذبح في مكة للفقراء عن تَرْك هذا الواجب؛ لأنه لا بُدّ من العلم بوُقوع الحصى في المَرْمَى أو غلبة الظن بذلك.
مَنْ تحرك من عرفة قبل غروب الشمس فعليه دمٌ مع التوبة إلى الله
س: وقفت بعرفة حتى قبيل المغرب، ورأيت الحُجاج يتحركون إلى مُزْدَلفة فسرت معهم، وقد نبهني أحد الحجاج بعدم المسير الآن؛ ولكنني لم أسمع كلامه، فهل حجي صحيح؟ أو ماذا عليَّ؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا.[128]
ج: إذا كان الواقع هو ما ذكرت في السؤال ولم ترجع إلى عرفة بعد الغروب فعليك دم يُذبح في مِنى، أو مكة للفُقَراء مع التوبة إلى الله من ذلك. وفق الله الجميع.
حُكْم إجزاء الفِدْية الواحدة لمن أخَلّ بواجب أو فعل محظورًا
س: إذا أخل حاج ببعض واجبات الحج؛ كأن لم يحرم من الميقات أو أخذ شيئًا من جسمه؛ كشعر أو ظفر أو غطى رأسه، هل يكفي لذلك فِدْية واحدة، أم أن كل واجب متروك أو محظور عليه فدية مستقلة بذلك؟ جزاكم الله خيرًا.[129]
ج: من ترك واجبًا من واجبات الحج؛ كالإحرام من الميقات فعليه دمٌ يذبح في الحرم للفقراء، يجزئ في الأضحية أو سبع بَدَنَة أو سبع بقرة، فإن لم يجد صام عشرة أيام، ثلاثة أيام في الحج وسبع إذا رجع إلى أهله.
أما من فعل محظورًا من محظورات الإحرام، مثل: قص الشعر، أو الأظافر، أو لبس المخيط عالمًا بالتحريم، ذاكرًا له فعليه فِدْية ذلك، وهي إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو ذبح شاة تجزئ في الأضحية، أو صيام ثلاثة أيام؛ لحديث كعب بن عجرة الثابت في ذلك، فإن كان ناسيًا أو جاهلاً فلا شيء عليه. والله ولي التوفيق.
حُكْم من لم يطفْ طواف الإفاضة، ورجع إلى بلاده وجامع أهله
س: رجل لم يطف طواف الإفاضة، ورجع إلى بلاده، وجامع أهله فماذا عليه؟ [130]
ج: عليه التوبة إلى الله - سبحانه وتعالى - وعليه ذبيحة تذبح في مكة للفقراء، وعليه أن يرجع ويطوف طواف الإفاضة، وهذا خطأ عظيم عليه التوبة إلى الله والاستغفار، والرجوع إلى مكة لطواف الإفاضة، وعليه دم يذبح في مكة؛ لأن إتيانه زوجته قبل طواف الإفاضة لا يجوز وفيه دم، والصواب أنه يكفيه شاة رأس من الغنم، أو سبع بَدَنَة، أو سبع بقرة.
صيد الحرم
مُضَاعفة السيئة في مكة
س: هل تُضاعَف السيئة في مكة مثل ما تُضَاعَف الحسنة؟ ولماذا تُضَاعَف في مكة دون غيرها؟[131]
ج: الأدلة الشرعية دلتْ على أن الحسنات تُضاعَف في الزمان الفاضل مثل: رمضان وعشر ذي الحجة، والمكان الفاضل: كالحرمين، فإن الحسنات تُضاعف في مكة مُضاعفة كبيرة.
وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((صلاة في مَسْجِدي هذا خير من ألف صلاة فيما سِواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة صلاة في مسجدي هذا))[132]، فدلّ ذلك على أن الصلاة بالمسجد الحرام تُضاعف بمئة ألف صلاة فيما سوى المسجد النبوي، وفي مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - خير من ألف صلاة فيما سِوَاه سوى المسجد الحرام، وبقية الأعمال الصالحة تُضاعف، ولكن لم يرد فيها حد محدود؛ إنما جاء الحد والبيان في الصلاة، أما بقية الأعمال؛ كالصوم، والأذكار، وقراءة القرآن، والصدقات، فلا أعلم فيها نصًّا ثابتًا يدل على تضعيف مُحَدّد، وإنما فيها في الجملة ما يدل على مُضاعفة الأجر، وليس فيها حد محدود. والحديث الذي فيه: ((مَنْ صام رمضان في مكة كتب له مئة ألف رمضان))؛ حديث ضعيف عند أهل العلم.
والحاصل: أن المُضاعَفة في الحرم الشريف بمكة لا شكَّ فيها؛ أعني مُضاعفة الحسنات؛ ولكن ليس في النص فيما نعلم حدًّا محدودًا ما عدا الصلاة، فإن فيها نصًّا يدل على أنها مُضاعفة بمئة ألف؛ كما سبق. 
أما السيئات فالذي عليه المُحقِّقُون من أهل العلم أنها لا تُضاعف من جهة العدد، ولكن تضاعف من جهة الكَيْفية، أما العددُ فلا؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - يقول: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} [133]. فالسيئات لا تُضاعف من جِهَة العدد لا في رمضان ولا في الحرم ولا في غيرهما؛ بل السيئة بواحدة دائمًا وهذا من فضله - سبحانه وتعالى - وإحسانه.
ولكن سيئة الحرم وسيئة رمضان وسيئة عشر ذي الحجة أعظم في الإثم من حيث الكيفية، لا من جهة العدد، فسيئة في مكة أعظم وأكبر وأشد إثمًا من سيئة في جدة والطائف مثلاً، وسيئة في رمضان، وسيئة في عشر ذي الحجة أشد وأعظم من سيئة في رجب أو شعبان ونحو ذلك، فهي تُضَاعف من جهة الكَيْفية لا من جهة العدد.
أما الحسنات فإنها تُضاعف كيفيةً وعددًا بفضل الله - سبحانه وتعالى - ومما يدل على شدة الوعيد في سيئة الحرم، وأن سيئة الحرم عظيمة وشديدة قول الله – تعالى -: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [134]، فهذا يدل على أن السيئة في الحرم عظيمة، وحتى الهمَّ بها فيه هذا الوعيد.
وإذا كان من همَّ بالإلحاد في الحرم يكون له عذاب أليم، فكيف بحال من فعل الإلحاد وفعل السيئات والمُنكرات في الحرم؟ فإن إثْمه يكون أكبر من مُجَرد الهمَّ، وهذا كله يدلنا على أن السيئة في الحرم لها شأن خطير. وكلمة إلحاد تعم كل ميل إلى باطل سواء كان في العقيدة أو غيرها؛ لأن الله - تعالى - قال: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ} فنكَّر الجميع، فإذا ألحد أي إلحاد - والإلحاد هو الميل عن الحق - فإنه مُتوعد بهذا الوَعيد. 
وقد يكون الميل عن العقيدة فيكفر فيكون ذنبه أعظم وإلحاده أَكْبر، وقد يكون الميل إلى سيئة من السيئات؛ كشُرْب الخمر، أو الزنا، أو عقوق الوالدينِ، أو أحدها، فتكون عقوبته أخف وأقل من عقوبة الكافر. "بِظُلْم" هذا يدل على أنه إذا كان يرجع إلى الظلم، فإن الأمر خطير جدًّا، فالظلم يكون في المعاصي، ويكون في التَّعَدِّي على الناس، ويكون بالشِّرك بالله، فإذا كان إلحاده بظُلْم نفسه بالمعاصي أو بالكفر فهذا نوع من الإلحاد، وإذا كان إلحاده بظُلْم العباد بالقتل، أو الضرب، أو أخذ الأموال، أو السبّ، أو غير ذلك فهذا نوع آخر، وكله يسمى إلحادًا، وكله يسمى ظُلْمًا، وصاحبه على خطر عظيم. لكن الإلحاد الذي هو الكُفْر بالله، والخروج عن دائرة الإسلام هو أشدها وأعظمها؛ كما قال الله – سبحانه -: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[135]. والله أعلم.
عرفة ليست من الحرم
س: امرأة أرادت أن تُصَلّي في عرفة فضايقها غُصْن شجرة، فقطعته وهي جاهلة، فما الحكم؟ أفيدونا بارك الله فيكم.[136]
ج: بسم الله والحمد لله، شجر عرفة ليس بمحرم، فقطع غصن منها لا يضر؛ لأن عرفة حلال وليست من الحَرَم، فإذا قطع شيء منها فلا يضُرّ.
س: لقد ذهبتْ والدتي إلى الحج وخلال الإحرام نسيت، فاقتلعت بعض الشجيرات هل يجوز حجها، وماذا يجب عليها الآن أن تفعل؟[137]
ج: هذه المسألة فيها تفصيل: فإذا كان إحرامها من الميقات فالشجر الذي قلعته لا يضر؛ لأنه ليس بحرم مثل ميقات أهل المدينة، وميقات أهل الطائف (وادي محرم)، وهكذا ميقات اليمن، وهكذا ميقات أهل الشام ومصر والعراق كلها ليست بحرم، فما قلع منها من شجر أو نبات فلا يضر وليس فيه شيء، أما إن كانت اقتلعت أثناء إحرامها بالحرم وسط الحرم بمكة فهذا خطأ، وليس عليها فيه شيء سِوى التوبة إلى الله من ذلك؛ أولاً: لجهلها، وثانيًا: لأنه ليس هناك نصّ واضح في إيجاب قيمة ما يقلع من الشجر، أو النبات الأخضر.
حكم قطع غرس بني آدم في الحرم 
س: هل غرس بني آدم مَنْهِي عن قطعه في الحَرَم؟[138]
ج: غرس بني آدم غير داخل في النَّهْي، وإنما النهي عن قطع شجرها النابت بغير إنبات الآدمي، أما ما كان إنباته من نخل وغيره فمتى شاء قطعه.
حكم رَعْي الغنم في الحرم
س: صاحب الغنم إذا أرسل غنمه يرعى في الحَرَم؟ [139]
ج: الرَّعْي ليس فيه بأس.
خصوصية حمام مكة والمدينة
س: هل هناك خصوصية لحَمَام مكة والمدينة؟[140]
ج: ليست هناك خُصوصية لحَمَام مكة، ولا لحَمَام المدينة، سوى أنه لا يُصاد ولا ينفر ما دام في حدود الحَرَم؛ لعموم حديث: ((إن الله حرَّم مكة فلم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، لا يُخْتلى خلاها، ولا يُعْضَد شجرها، ولا يُنَفَّر صيدها))[141]، والحديث رواه البخاري، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن إبراهيم حَرَّم مكة، وإني حرمتُ المدينة ما بين لابتَيْهَا لا يُقْطَع عِضَاها، ولا يُصاد صيدها))[142]؛ رواه مسلم. [143]
حكم قَتْل الجراد في الحَرَم
س: لو قتلتِ المرأة جَرادة أو جَرَادتينِ هل عليها كَفّارة؟[144]
ج: إذا قتل الجراد بغير سبب، فإنه يفدي بقيمته في حق المحرم، وهكذا من قتله في الحرم.
حكم الفِدْية في الصيد بالقَتْل المُتعمّد؟[145]
س: هل تلزم الفِدْية في الصيد بالقتل المُتعمد؟
ج: تلزم الفِدْية من تعمّد قتل الصيد، وهو محرم، أو قتله في الحرم؛ لقول الله – سبحانه -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ...}[146] الآية.
والجمهور من أهل العلم ألْحَقُوا المخطئ بالمتعمّد؛ لأن الإتلاف عندهم يستوي فيه المتعمد وغيره. لكن صريح القرآن يدل على أن الفدية لا تلزم إلا المتعمّد، وهذا هو الأظهر؛ ولأن المحرم قد يبتلى بذلك من غير قصد، ولا سيما بعد وجود السيارات، وقد قال الله – سبحانه -: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[147].
حديث الصعب بن جَثَّامَة- رضي الله عنه - أنه أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
س: حديث الصعب بن جَثَّامة - رضي الله عنه - أنه أَهْدَى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حِمارًا وحشيًّا، وهو بالأَبْواء أو بوَدَّان، فرده عليه وقال: ((إنا لم نردّه عليك إلاَّ أنا حُرُم))[148]؛ متفق عليه. هل هو ناسخ لحديث أبي قتادة - رضي الله عنه - في قصة صيده الحمار الوحشي، وهو غير مُحْرِم قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه وكانوا مُحْرِمينَ: ((هل منكم أحدٌ أعانه أو أشار إليه بشيء؟))، قالوا: "لا". قال: ((فكلوا ما بقي من لحمه))؛ متفق عليه. لأن حديث أبي قتادة في الحديبية وحديث الصعب في الصلح؟[149]
ج: لا تعارُض بينهما؛ لأن أبا قتادة لم يصده للمحرمين ولم يعينوه عليه. وأما الصعب فقد أهداه للنبي - صلى الله عليه وسلم - حيًّا، والمحرم ممنوع من الصيد الحي؛ كما أنه ممنوع من أكل ما صيد من أجله، ولو كان صاحبه قد ذبحه، هذا هو الجَمْع بين الحديثَينِ، ويدل على ذلك أيضًا حديث جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يُصَدْ لكم))[150]. والله ولي التوفيق
س: هل ورد في بعض الروايات أنه حي؟ [151]
ج: في بعض الروايات أنه حي، وفي بعضها أنه أُهْدِيَ عجز حمار أو رِجْل حمار، ورواية رجل حمار أو عجز حمار محمولة على أنه صاده؛ من أجل النبي عليه الصلاة والسلام.
س: أبو قتادة هل صَادَه لأجلهم، أم أنه أهْدَاه لهم؟ [152]
ج: لم يصده لأجلهم؛ وإنما أهداه لهم كما تقدّم.
باب دخول مكة
الطهارة عند الإحرام بالحج أو العمرة 
س: هل يُشترط لمن أراد الإحرام بالحج أو العمرة أن يكون على طهارة أم لا؟ أفتونا يا سماحة الشيخ مأْجُورينَ[153] 
ج: ليس بشرط، لا في العمرة ولا في الحج ولا في القِرَان، فلو أحرم على غير طهارة، أو هو جُنُب، أو أحرمت المرأة الحائض، أو النفساء صح ذلك، ولهذا تحرم الحائض للحج والعمرة؛ ولكن لا تطوف بالبيت حتى تغتسل، وهكذا الرجل لو أحرم، وهو جُنُب أو على غير وضوء صح إحرامه، فيلبي ويذكر الله؛ ولكن لا يطوف حتى يغتسل ويتوضأ، فليس من شرط الإحرام الطهارة.
السنة للمحرم الاضطباع في طواف القُدوم
س: المعروف أن كشف الكتف الأيمن للمُحْرِم لا يكون إلا في طواف القُدوم؛ ولكننا نلحظ كثير من المحرمين يكشفونها من حال إحرامهم حتى انتهاء عمرتهم، وأكثرهم يصلون وهي مكشوفة. ألا تَرَوْن سماحتكم أن من المناسب الطلب من أئمة المساجد في المواقيت أن ينبهوا مثل هؤلاء قبل تكبير للصلاة أن يغطوا أكتافهم؟ [154]
ج: السنة للمحرم في طواف القُدُوم أن يضطبع بردائه، وهو أن يجعل وسطه تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على عاتقه الأيسر، فإذا فرغ من الطواف أزال ذلك، وجعل الرِّداء على كتفيه قبل أن يصلي ركعتي الطواف؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء))[155]؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم - كانوا يضعون الرداء على العاتقينِ في الصلاة وخارجها. والله الموفق.
س: هل الأفضل للمحرم تغطية الكَتفينِ أم الكَشْف عن أحدهما أثناء الإحرام؟[156]
ج: السُّنة للمُحْرِم أن يجعل الرداء على كتفَيْه جميعًا، ويجعل طرفيه على صدره، هذا هو السُّنة، وهو الذي فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا أراد أن يطوف طواف القُدوم للحج والعمرة – اضطبع - فجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن، وأطرافه على عاتِقِه الأيسر، وكشف منكبه الأيمن في حال طواف القُدوم خاصة، أي أول ما يقدم مكة للحج أو العمرة، فإذا انتهى من الطواف عدل الرِّداء وجعله على منكبَيْه، وصلى ركعتي الطواف؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) [157]؛ متفق على صحته. والسنة أن يستر منكبيه بالرداء بعد طواف القُدُوم، وقبل ركعتي الطواف؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم - ولهذا الحديث، ولو وضع الرِّداء ولم يسترهما في وقت جلوسه، أو أكله أو تحدثه مع إخوانه فلا بأس؛ لكن السُّنَّة إذا لبس الرِّداء أن يكون على كتفَيْه، وأطرافه على صدره، إلا في حال طواف القدوم - كما تقدم -.
حكم الرمل
س: ما حكم الرَّمَل؟ [158]
ج: سُنة في الطواف الأول، حين يقدم مكة لحج أو عمرة في الأشواط الثلاثة الأولى من طواف القدوم، وهو: الإسراع في المَشْي، ويسمى الجَذْب، أما الأربعة الأخيرة فيمشي فيها مشيًا، المشي المعتاد تأسِّيًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك.
يجزئ الطواف والسَّعْي عن الطفل وحامله.
س: هل يجزئ الطواف والسَّعْي عن الطفل وحامله، أم لا بُدَّ من إفراده بطواف وسَعْي؟[159]
ج: يجزئ الطواف والسَّعْي عن الطفل وحامله في أصح قولي العلماء، إذا كان الحامل نوى ذلك، وإن طاف به طوافًا مستقلاًّ وسَعْيًا مستقلاًّ كان ذلك أحْوَط.
الطواف من داخل حِجْر إسماعيل غير صحيح
س: رجل طاف من داخل حِجْر إسماعيل، وسَعَى وحل الإحرام، ثم ذهب إلى داره، وجامع زوجته، هل عليه إثْم في ذلك؟[160]
ج: هذه العمرة فاسدة؛ لأن طوافه غير صحيح، فعليه أن يعيد الطواف، والسَّعْي، ويقصر شعره، وعليه دم شاة تذبح في مكة عن جماعه لزوجته قبل إتمامه عمرته، لأن طوافه من داخل الحِجْر غير صحيح، لا بد أن يطوف من وراء الحجر وبذلك تتم عمرته الفاسدة، ثم يأتي بعمرة أخرى صحيحة بدلاً عنها من الميقات الذي أحرم بالأولى منه، هذا هو الواجب عليه؛ لفَساد عمرته الأولى بالوَطْء.
الطهارة شَرْط لصِحّة الطَّواف.
س: ما الدليل على أن الطَّواف لا بد فيه من الطّهارة؟ [161]
ج: الدليل أنه - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يطوف توضأ؛ كما في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "لما أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يطوف توضّأ". وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام))[162]، جاء هذا مرفوعًا وموقوفًا على ابن عباس - رضي الله عنهما - والموقوف أصح إسنادًا؛ ولكنه لا يقال من جهة الرأي فهو في حكم المرفوع؛ لأن الصحابي إذا قال ما لا يمكن قوله من جهة الرأي فهو في حكم المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان ممن لا ينقل عن بني إسرائيل، وهذا القول لا تعلق له بأخبار بني إسرائيل ولا دخل للرأي فيه، فهو في حكم المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يدل على ذلك حديث عائشة المذكور.
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - طاف طاهرًا وقال: ((خذوا عني مناسككم)) [163].
س: لي قريبة اعتمرت في رمضان، ولما دخلت الحرم أحدثت حدثًا أصغر، خرج منها ريح وخجلتْ أن تقول لأهلها أريدُ أن أتوضّأ، ثم طافت ولما انتهت من الطواف ذهبت لوحدها وتوضأت ثم أتت السعي، فهل عليها دم أم كفارة؟ وجزاكم الله خيرًا[164] 
ج: طوافها غير صحيح؛ لأن من شَرْط صحة الطواف الطهارة كالصلاة، فعليها أن ترجع إلى مكة وتطوف بالبيت، ويستحب لها أن تعيد السعي؛ لأن أكثر أهل العلم لا يجيز تقديمه على الطواف، ثم تقصر من جميع رأسها وتحل، وإن كانت ذات زوج وقد جامعها زوجها فعليها دم يذبح في مكة للفقراء، وعليها أن تأتي بعمرة جديدة من الميقات الذي أحرمت منه للعمرة الأولى؛ لأن العمرة فسدت بالجماع، فعليها أن تفعل ما ذكرنا ثم تأتي بالعمرة الجديدة من الميقات الذي أحرمت للعمرة الأولى منه، سواء كان ذلك في الحال أو في وقت آخر، حسب طاقتها، والله ولي التوفيق.
س: امرأة تطهرت ثم نامت في السيارة وهي في طريقها إلى مكة، ثم طافت ولم تتوضأ، وبقيت متمتعة حتى الحج، وقضت حجها، وحلت إحرامها، فماذا عليها؟ جزاكم الله خيرًا.[165]
ج: بسم الله، والحمد لله. إذا كان النوم الذي جاءها كان على صفة النعاس فلا حرج، فالنعاس لا ينقض الوضوء، أما إذا كانت مستغرقة في النوم الذي ينقض الوضوء فحكمها حكم من لم يطف بالبيت، فتكون قارنة، وطواف الإفاضة وسَعْي الإفاضة يكون عن طواف العمرة وسعيها، والحمد لله.
من قطع طوافه لحدث، أو لحاجة هل يستأنفه أم يبني على ما مضى 
س: رجل شرع في الطواف فخرج منه ريح، هل يلزمه قطع طوافه أم يستمر؟[166] 
ج: إذا أحدث الإنسان في الطَّواف: بريح، أو بول، أو مَنِيّ، أو مس فرج، أو ما أشبه ذلك انقطع طوافه كالصلاة، يذهب فيتطهر ثم يستأنف الطواف، هذا هو الصحيح، والمسألة فيها خلاف؛ لكن هذا هو الصواب في الطواف والصلاة جميعًا؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف، وليتوضأ، وليعد الصلاة))[167]؛ رواه أبو داود، وصححه ابن خُزَيْمة، والطواف من جنس الصلاة في الجملة، لكن لو قطعه لحاجة مثلاً، كمن طاف ثلاثة أشواط ثم أقيمت الصلاة، فإنه يصلي ثم يرجع فيبدأ من مكانه ولا يلزمه الرجوع إلى الحجر الأسود؛ بل يبدأ من مكانه ويكمل، خلافًا لما قاله بعض أهل العلم: إنه يبدأ من الحجر الأسود. والصواب: لا يلزمه ذلك، كما قال جماعة من أهل العلم، وكذا لو حضر جنازة وصلى عليها، أو أوقفه أحد يكلمه، أو زحام، أو ما أشبه ذلك، فإنه يكمل طوافه، ولا حَرَج عليه في ذلك. والله ولي التوفيق.
حُكْم طواف من خرج من جرحه دم.
س: في حالة طوافي حدث لي جرح خرج منه دم، فهل يُؤَثّر ذلك عليّ؟ [168]
ج: الأرجح أنه لا يُؤثّر عليك - إن شاء الله - وطوافك صحيح؛ لأن خروج الدم بالجرح فيه خلاف هل ينقض الوضوء أم لا؟ وليس هناك دليل واضح على نقضه الوضوء ولا سيما إذا كان الدم قليلاً فإنه لا يضر، وبكل حال فالصواب في هذه المسالة صحة الطواف، إذ الأصل صحة الطواف، وبطلانه مشكوك فيه، والخلاف فيه معروف، فالأفضل هو سلامة الطواف وصحته، هذا هو الأصل وهذا هو الأرجح.
حكم طواف من لامس امرأة أجنبية 
س: رجل كان يطوف طواف الإفاضة في زحام شديد، ولامس جسم امرأة أجنبية عنه، هل يبطل طوافه ويبدأه من جديد قياسًا على الوضوء أم لا؟ [169]
ج: لمس الإنسان جسم المرأة حال طوافه أو حال الزحمة في أي مكان لا يضر طوافه، ولا يضر وضوءه، في أصح قولي العلماء. وقد تنازع الناس في لمس المرأة هل ينقض الوضوء؟ على أقوال:
قيل: لا ينقض مطلقًا. 
وقيل: ينقض مطلقًا.
وقيل: ينقض إن كان مع الشهوة.
والأرجح من هذه الأقوال والصواب منها: أنه لا ينقض الوضوء مطلقًا، وأن الرجل إذا مس المرأة، أو قَبّلَها لا ينتقض وضوؤه في أصح الأقوال؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم -
قبَّل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضّأ، ولأن الأصل سلامة الوضوء وسلامة الطهارة، فلا يجوز القول بأنها مُنتقضة بشيء إلا بحجة قائمة لا معارض لها، وليس هنا حجة قائمة تدل على نقض الوضوء بلمس المرأة مطلقًا. أما قوله – تعالى -: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ}[170]، فالصواب في تفسيرها أن المراد بها الجِمَاع، وهكذا القراءة الأخرى: {أَوْ لَمَسْتُمُ النِّسَاءَ}، فالمراد بها: الجماع، كما قال ابن عباس وجماعة، وليس المراد به مُجَرّد مسّ المرأة؛ كما يروى عن ابن مسعود - رضي الله عنه - بل الصواب في ذلك هو الجِمَاع؛ كما يقوله ابن عباس - رضي الله عنهما - وجماعة.
وبهذا يُعلم أن الذي مس جسمه جسم امرأة في الطواف أن طوافه صحيح، وهكذا الوضوء، ولو مس امرأته أو قبلها فوضوئه صحيح ما لم يخرج منه شيء، لكن ليس له أن يمس جسم امرأة ليست محرمًا له على وجه العَمْد.
حكم استلام الركن اليماني من الكعبة
س: ما حُكم المسح أو الإشارة إلى الركن الجنوبي الغربي للكعبة المشرفة أثناء الطواف، وكم عدد التكبيرات التي تُقال عنده وعند الحجر الأسود؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا [171]. 
ج: يُشْرع للطائف أن يستلِمَ الحجر الأسود، والرُّكْن اليماني في كل شَوْط من أشواط الطَّواف، كما يُستحب له تقبيل الحجر الأسود خاصة في كل شَوْط مع الاستلام، حتى في الشوط الأخير إذا تَيَسَّر ذلك من دون مشقة، أما مع المشقة فيُكره له الزِّحام، ويُشرع أن يشير إلى الحجر الأسود بيده أو عصاه ويكبر، أما الركن اليماني فلم يَرِد فيما نعلم ما يدل على الإشارة إليه، وإنما يستلمه بيمينه إذا استطاع من دون مشقة ولا يقبله، ويقول: :"بسم الله والله أكبر"، أو "الله أكبر"، أما مع المشقة فلا يشرع له استلامه، ويمضي في طوافه من دون إشارة أو تكبير؛ لعدم ورود ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه - رضي الله عنهم - كما أوضحتُ ذلك في كتابي "التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة".
أما التكبير فيكون مرة واحدة، ولا أعلم ما يدل على شرعية التَّكرار، ويقول في طوافه كله ما تيسّر من الدعوات والأذكار الشرعية، ويختم كل شوط بما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يختم به كل شوط، وهو الدعاء المشهور: {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[172].
وجميع الأذكار والدعوات في الطواف والسَّعْي سُنّة، وليست واجبة. أما الرُّكنان اللذان يليان الحجر، فلا يشرع مسحهما، ولا أن يخصَّا بذكر أو دعاء؛ لأن ذلك لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قال الله – سبحانه -: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[173]. وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ)) [174]، والله ولي التوفيق.
س: رأيتُ الناس يتمسَّحُون بالمقام، ويحبونه، ويتمسحون بأطراف الكعبة، وضح الحكم في ذلك؟[175]
ج: التمسح بالمقام أو بجدران الكعبة أو بالكسوة كل هذا أمر لا يجوز، ولا أصل له في الشريعة، ولم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما قبَّل الحجر الأسود، واسْتَلَمَه، واستلم 
جُدران الكعبة من الداخل، لما دخل الكعبة ألصق صدره وذراعيه وخده في جدارها، وكبر في نواحيها ودَعَا، أما في الخارج فلم يفعل - صلى الله عليه وسلم - شيئًا من ذلك فيما ثبت عنه، وقد رُوي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه التزم الملتزم بين الركن والباب، ولكنها رواية ضعيفة، وإنما فعل ذلك بعض الصحابة - رضوان الله عليهم - فمن فعله فلا حَرَج، والملتزم لا بأس به، وهكذا تقبيل الحجر سُنة.
أما كونه يتعلق بكسوة الكعبة، أو بجُدْرانها، أو يلتصق بها، فكل ذلك لا أصل له ولا ينبغي فعله؛ لعدم نقله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن الصحابة - رضي الله عنهم - وكذلك التّمسُّح بمقام إبراهيم أو تقبليه، كل هذا لا أصلَ له ولا يجوز فعله؛ لأنه من البِدَع التي أحدثها الناس.
أما سُؤال الكعبة، أو دعاؤها، أو طلب البركة منها، فهذا شرك أكبر لا يجوز، وهو عبادة لغير الله، فالذي يطلب من الكعبة أن تشفي مريضه، أو يتمسح بالمقام؛ يرجو الشفاء منه، فهذا لا يجوز، بل هو شرك أكبر - نسأل الله السلامة -.
الدعاء في الطواف
القارئة/ ز. ع. ع. من مصر تَسْأَل:
س: عن مدى صحة الدعاء أثناء الحج أو العمرة في الطواف بـ "أخرجني من الظلمات إلى النور"، وهل للطواف والسَّعْي في الحج أدعية محددة؛ كما في كتاب يقرؤه الحجاج والمعتمرون، أم أن الدعاء بما ورد وصح من آيات وأحاديث بدون تحديد أولى؟ أفتوني مأجورينَ، وجزيتم خيرًا.[176]
ج: يُشرع في الدعاء، والذكر، والطواف، والسَّعْي، بما يَسَّر الله من الأذكار الشرعية والدعوات الطيبة التي لا محذور فيها، وليس في ذلك شيء محدود، إلا أنه يُستحب ختم كل شَوْط من أشواط الطواف السبعة بالدعاء المعروف: {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [177]، بين الرّكْنينِ: اليَماني والأسود؛ لثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يشرع التكبير عند استلام الحجر الأسود وتقبيله، وعند الإشارة إليه إذا لم يتيسر استلامه، وهكذا يشرع عند استلام الركن اليماني أن يقول الطائف: "بسم الله، والله أكبر".
ويشرع على الصفا والمروة جميع الأذكار، والدعاء الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع رفع اليدين، واستقبال الكعبة، وقراءة قوله – تعالى -: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ}[178] عند البدء في السَّعْي؛ كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: ((إن الصفا والمروة من شعائر الله نبدأ بما بدأ الله به))[179]. والله ولي التوفيق.
حكم الطواف وراء المقام أو وراء زَمْزَم
س: ما حُكم الطواف وراء المقام أو وراء زَمْزَم؟[180]
ج: لا حَرَج في ذلك حتى لو طَاف في الأروقة أجزأه ذلك، ولكن كلما دَنَا من الكعبة كان أفضل، وإذا كان هناك سعة وليس فيه زحمة فدنا من الكعبة فهو أفضل، وإن شق عليه ذلك طاف من بعيد، ولا حرج في ذلك.
الإكثار من الطواف والصلاة
س: هل الأفضل تَكرار الطواف، أم التطوُّع بصلاة؟ [181]
ج: في التفضيل بينهما خلاف؛ لكن الأَوْلى أن يجمع بين الأمرينِ، فيكثر من الصلاة والطواف حتى يجمع بين الخيرينِ، وبعض العلماء فَضّل الطواف في حق الغُرباء؛ لأنهم لا يجدون الكعبة في بلدانهم، فاستحب أن يكثروا من الطواف ماداموا بمكة، وقوم فضلوا الصلاة؛ لأنها أفضل من الطواف، فالأفضل والأولى فيما أرى أن يكثر من هذا ويكثر من هذا، وإن كان غريبًا، حتى لا يفوته فضل أحدهما، يساهم في هذا وفي هذا. 
س: هل الرسول - عليه الصلاة والسلام - في آخر شوط من طوافه كَبّر؟[182]
ج: نعم كان النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما حاذى الحجر كَبّر في الشوط الأخير، والشوط الأول، والأشواط التي بينها.
حكم مَنْ شَكّ هل أتم سبعة أشواط أم لا
س: ما حكم مَنْ لم يُدقق في طواف القُدوم أي ساوره شَكّ في أنه أتَمَّ سبعة أشواط، أو لم يتم ثم سَعَى؟ [183]
ج: إذا كان الشكّ طَرَأ عليه بعد الطواف، أو حين الانصراف من الطواف، فالشكّ الطارئ لا يلتفت إليه، أما إذا كان الشكّ وهو يطوف فالواجب أن يتمم، فإذا شك هل طاف ستة، أو سبعة فعليه أن يكمل السابع، أما إذا كان الشكّ لم يطرأ إلا بعد ذلك، وهو فيما يظهر له أن مكمل، ثم جاءه الشيطان، وشككه فيما بعد، فليس على التشكيك عمل، وعليه إذا كان الشك من حين الطواف أن يعيد الطواف، إن كان طواف القدوم لمن جاء من بلاد خارجية، وطواف القُدوم من البلاد الخارجية، يجزئه عنه طواف الإفاضة بعد ذلك، إذا كان قارنًا أو مُفْرِدًا، وبقي على إحرامه، فإن طوافه بعد الحج يكفيه عن طواف القُدوم، أما إذا كان مُتمتعًا وطاف طواف القُدوم، ولم يجزم تلك الساعة فإنه يعتبر كأنه ما طاف، لكن يكون قارنًا إذا كان متمتعًا، وأحرم بالحج يكون قارنًا؛ لأن طوافه يعتبر لاغِيًا، أما إذا كان الشكّ طرأَ بعد ذلك فلا يعتبر هذا الشك؛ لأن الشك بعد العبادة لا يلتفت إليه.
حُكْم دخول النساء إلى مكة وقت الزّحام
س: ما رأيكم في دخول المرأة للطواف في ليالي الجُمع وغيرها مع ما تعلمون من الازْدِحام؟ [184] 
ج: عدم دخول النّساء إلى مكة؛ من أجل الطواف أفضل من دُخُولهن؛ لأنهن في الأغلب لا يحصل منهن التحجب المشروع، ولا يحصل منهن التحرُّز من مُزاحمة الرجال عند الحجر وغيره، وبذلك يعلم أن عدم دخولهن أَوْلَى وأفضل من دخولهن؛ لأن دَرْء المفاسد مُقدّم على جَلْب المصالح، لا سيما والمصلحة في دخولهن تخصهن، والمضرّة الحاصلة بذلك تضرهن وغيرهن، كما هو ظاهر من حال النساء اليوم إلا من رحم الله، والله ولي التوفيق.
كل طواف يشرع بعده ركعتان
س: هل بعد طواف الإفاضة وطواف الوداع صلاة ركعتين خلف المقام، وما هو الدليل على ذلك؟ جزاكم الله خيرًا.[185]
ج: كل طواف يشرع بعده ركعتان خلف المقام؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا طاف صلى ركعتين. والنبي - صلى الله عليه وسلم - لما طاف طواف الوداع في حجته صلى ركعَتينِ ثم سافر - عليه الصلاة والسلام - للمدينة. ومن لم يَتَيَسّر له أن يصلي خلف المقام، صلى في أي مكان في المسجد. والله الموفق.
ركعتا الطواف خلف المقام سنة، وليست واجبة
س: هل ركعتا الطواف خلف المقام تلزم لكل طواف؟ وما حُكْم مَنْ نسيها؟ [186]
ج: لا تلزم خلف المقام، تجزئ الركعتان في كل مكان من الحَرَم. ومن نسيها فلا حَرَج عليه؛ لأنها سنة وليست واجبة. والله ولي التوفيق.
س: هل يجب على الطائف بالكعبة المُشرفة أن يصلي ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم، أو يجوز أن يصليهما في أي مكان من الحَرَم؟[187]  
ج: لا يجب على الطائف أن يصلي الركعتينِ خلف مقام إبراهيم؛ ولكن يشرع له ذلك إذا تيسّر من دون مَشقّة، وإن صلاهما في أي مكان من المسجد الحرام، أو في أي مكان من الحرم أجْزأَهُ ذلك، ولا يشرع له أن يُزاحِم الطائفين لأدائهما حول المقام؛ بل ينبغي له أن يتباعَد عن الزحام، وأن يصليهما في بقية المسجد الحرام؛ لأن عمر - رضي الله عنه - صلى ركعتي الطواف في بعض طوافه بذي طوى، وهي من الحرم؛ لكنها خارج المسجد الحرام، وكذلك أم سلمة - رضي الله عنها - صلت لطواف الوداع خارج المسجد الحرام، والظاهر أن سبب ذلك الزحام، أو أرادت بذلك أن تبين للناس التّوْسِعة الشرعية في هذا الأمر.
الشرب من ماء زمزم سُنّة 
س: هل هناك حديث صحيح عن فائدة ماء زمزم؟ [188]
ج: ماء زمزم قد دلتِ الأحاديث الصحيحة على أنه ماء شريف، وماء مبارك، وقد ثبتَ في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في زمزم: ((إنها مُباركة إنها طعام طُعْم))[189]،
زاد في رواية عند أبي داود بسند جيد: ((وشِفاء سَقَم))[190]. 
فهذا الحديث يدل على فضلها، وأنها طعام طُعْم، وشفاء سَقَم، وأنها مُباركة، والسنة الشرب منها كما شرب منها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولما فيها من البركة، وهي طعام طيب، طعام مُبارَك، طعام يشرع التناول منه إذا تيسر، كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا الحديث الصحيح يدلنا على ما تقدم من فضلها، وأنها مباركة، وأنها طعام طُعْم، وشِفاء سَقَم، وأنه يستحب للمؤمن أن يشرب منها إذا تيسر له ذلك، ويجوز له الوضوء منها، ويجوز أيضًا الاستِنْجاء منها، والغُسْل من الجَنابة إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه نبع الماء من بين أصابعه، ثم أخذ الناس حاجتهم من هذا الماء ليشربوا، وليتوضؤوا، وليغسلوا ثيابهم، وليستنجوا، كل هذا واقع، وماء زمزم إن لم يكن مثل الماء الذي نبع من بين أصابع النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن فوق ذلك، فكلاهما ماء شريف، فإذا جاز الوضوء والاغتسال والاستنجاء، وغسل الثياب من الماء الذي نبع من بين أصابعه - صلى الله عليه وسلم - فهكذا يجوز من ماء زمزم.
وبكل حال فهو ماء طهور طيب يستحب الشرب منه، ولا حرج في الوضوء منه، ولا حرج في غسل الثياب منه، ولا حرج في الاستنجاء منه إذا دعت الحاجة إلى ذلك. والحمد لله.
صفة السَّعْي
س: ما هي صفة السَّعْي، ومن أي مكان يبدأ السَّاعي، وما عدد أشواطه؟[191]
ج: يبدأ من الصفا ويختم بالمروة، والعدد سبعة أشواط، أولها يبدأ بالصفا وآخرها ينتهي بالمروة، يذكر الله فيها ويسبحه ويدعو، ويكرر الدعاء والتكبير على الصفا والمروة ثلاث مرات، رافعًا يديه مستقبلاً القبلة؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم - ذلك.
حكم من نسي بعض أشواط السَّعْي
س: رجل أتى بعمرة، وترك أربعة أشواط من السَّعْي؛ نسيانًا؛ أو جهلاً، فماذا عليه؟[192] 
ج: عليه أن يكملها، فيأتي بها حتى يتم سَعْيه، سواء كان في الحج أو في العمرة، وإن سافر إلى بلده فعليه أن يرجع إلى مكة، ويكمل الأشواط التي تركها حتى تتم عُمْرته، وهو في حُكْم الإحرام الذي يمنعه من أهْلِه حتى يكمل عمرته، وإن أعاد السَّعْي كله فهو أَحْوَط.
لا تشترط الموالاة بين أشواط السَّعْي.
س: جماعة سعوا بين الصفا والمروة، فأتوا بخمسة أشواط، ثم خرجوا من المسعى، ولم يذكروا الشوطَينِ الباقِيَينِ إلا بعد أن تحولوا إلى رحالهم، فما الحُكم؟[193]
ج: هؤلاءِ الذين سعوا خمسة أشواط، ثم ذهبوا إلى رحالهم، ولم يتذكروا الشوطينِ الآخرينِ، عليهم الرُّجُوع حتى يكملوا الشوطينِ ولا حَرَج، وهذا هو الصواب؛ لأن المُوالاة بين أشواط السّعْي لا تشترط على الرّاجِح، وإن أعادوه من أوله فلا بأس؛ لكن الصواب أنه يكفيهم أن يأتوا بالشوطينِ ويكملوا، هذا هو الأرجح مِن قولي العلماء في ذلك.
حُكْم من بدأ بالمروة في السَّعْي
س: أنا شيخ كبير وطُفْت للعمرة، ثم سَعَيْت سبعة أشواط؛ ولكني بدأت من المروة وقصرت في الصفا ولبست المخيط، فما حكم ذلك؟[194]
ج: هذا عليه أن يأتي بشَوْط آخر؛ لأنه فاتَه شَوْط، إلا إذا كان سعى ثمانية أشواط فلا حَرَج، والشوط الأول يكون لاغيًا لا يضره؛ لكونه بدأ من المروة. المقصود أنه إذا كان بدأ بالمروة وختم بالصفا ثمانية أشواط يكون له منها سبعة أشواط كاملة، أما إن كانت سبعة فقد فاته شوط وعليه تكملته، ويعيد تقصير رأسه حتى تتم عمرته، والتقصير الأول لا يكفيه؛ لأنه قصر قبل أن يكمل السَّعْي، والشوط الأول الذي بدأه من المروة لا يعتبر.
يجب الحَلْق أو التقصير على الحاج، وإن كان ينوي أن يُضحّي
س: سماحة الشيخ/ الرجل ينوي الحج ويعقد النية أن يكون متمتّعًا، وهو وصي على أضاحي، فما الحُكم إذا رغب في إحلال إحرامه بعد أداء مَناسك العُمرة؟[195]
ج: يجب عليه الحَلْق أو التقصير، سواء كان وكيلاً أو مُضحيًا عن نفسه، إذا كان متمتعًا بالعمرة قبل أن يفعل شيئًا من محظورات الإحرام.
باب صفة الحج والعمرة
- يوم التّروية
هكذا حج الرسول - صلى الله عليه وسلم -
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان على يوم الدين. [196]
أيها المسلمون من حُجَّاج بيت الله الحرام:
أسأل الله لنا ولكم التوفيق لما يرضيه، والعافية من مُضِلاّت الفتن؛ كما أسأله - سبحانه - أن يوفقكم جميعًا لأداء مَناسككم على الوَجْه الذي يرضيه، وأن يتقبل منكم، وأن يردكم إلى بلادكم سالمين مُوفقينَ، إنه خير مسؤول.
أيها المسلمون:
إن وصيتي للجميع هي تقوى الله - سبحانه - في جميع الأحوال، والاستقامة على دينه، والحذر من أسباب غضبه، وإن أهم الفرائض وأعظم الواجبات: هو توحيد الله والإخلاص له في جميع العبادات، مع العِناية باتِّباع رسوله - صلى الله عليه وسلم - في الأقوال والأعمال، وأن تُؤدوا مناسك الحج، وسائر العبادات على الوَجْه الذي شرعه الله لعباده على لسان رسوله، وخليله، وصفوته من خلقه، نبينا، وإمامنا، وسيدنا محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - وإن أعظم المُنكرات وأخطر الجرائم هو: الشِّرك بالله - سبحانه – وهو: صَرْف العبادة أو بعضها لغيره - سبحانه - لقول الله - عز وجل -: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[197]. وقوله - سبحانه - مُخاطبًا نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[198].
حُجَّاج بيت الله الحرام:
إن نبينا - صلى الله عليه وسلم - لم يحج بعد هجرته إلى المدينة إلا حجة واحدة، وهي حجة الوداع، وذلك في آخر حياته - صلى الله عليه وسلم - وقد علم الناس فيها مناسكهم بقوله وفعله، وقال لهم - صلى الله عليه وسلم -: ((خُذوا عني مَناسككم)) [199]، فالواجب على المسلمين جميعًا أن يتأسوا به في ذلك، وأن يؤدوا مناسكهم على الوجه الذي شرعه لهم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - هو المُعلم المُرْشِد، وقد بعثه الله رحمةً للعالمين، وحُجَّة على العباد أجمعين، وأمر الله عباده بأن يطيعوه، وبين أن اتِّبَاعه هو سبب دخول الجنة والنّجاة من النار، وأنه الدليل على صدق حب العبد لربه وعلى حب الله للعبد؛ كما قال الله - تعالى -: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[200]، وقال – سبحانه -: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[201]، وقال - عز وجل -: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[202]، وقال – سبحانه -: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[203]، وقال - سبحانه -: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}[204]، وقال - عز وجل -: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [205]، وقال – تعالى -: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [206]، والآيات في هذا المعنى كثيرة. فوصيتي لكم جميعًا ولنفسي، تَقْوَى الله في جميع الأحوال، والصّدْق في مُتابعة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - في أقواله وأفعاله؛ لتَفُوزوا بالسَّعادة والنّجاة في الدُّنيا والآخرة.
حُجّاج بيت الله الحرام:
إن نبينا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - لما كان يوم الثامن من ذي الحجة توجَّه من مكة المكرمة إلى مِنى مُلبِّيًا، وأمر أصحابه - رضي الله عنهم - أن يهلُّوا بالحج من مَنازلهم، ويتوجَّهُوا إلى مِنى، ولم يأمر بطَواف الوَداع، فدلّ ذلك على أن السُّنَّة لمن أرادَ الحج من أهل مكة وغيرهم من المقيمينَ فيها، ومن المُحلينَ من عُمرتهم وغيرهم من الحُجّاج، أن يتوجَّهُوا إلى مِنى في اليوم الثامن؛ مُلبّينَ بالحج، وليس عليهم أن يذهبوا إلى المسجد الحرام للطواف بالكعبة طواف الوداع.
ويُسْتَحبّ للمُسلم عند إحرامه بالحج أن يفعل ما يفعله في الميقات عند الإحرام من الغسل والطّيب والتّنْظِيف؛ كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة بذلك لما أرَادتِ الإحرام بالحج، وكانت قد أحرمت بالعمرة، فأصابها الحَيْض عند دخول مكة، وتعذّر عليها الطّواف قبل خروجها إلى مِنى فأمَرَها - صلى الله عليه وسلم - أن تغْتَسِل، وتهل بالحج ففعلت ذلك فصارتْ قارنة بين الحج والعمرة. وقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم - في مِنى الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر قَصْرًا دون جَمْع، وهذا هو السنة؛ تأسِّيًا به - صلى الله عليه وسلم -.
ويُسن للحُجاج في هذه الرِّحْلة أن يشتغلوا بالتلبية، وبذكر الله - عز وجل - وقراءة القرآن، وغير ذلك من وجوه الخير؛ كالدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإحسان إلى الفقراء، فلما طلعت الشمس يوم عرفة توجَّه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم - إلى عرفات: منهم من يُلَبِّي، ومنهم من يكبّر، فلما وصل عرفات نزل بقبة من شعر ضربت له بنمرة غربي عرفة، واستظل بها - عليه الصلاة والسلام - فدلّ ذلك على جواز أن يستظلّ الحُجَّاج بالخيامِ، والشجر، ونحوها. 
فلما زالتِ الشمس ركب دابته - عليه الصلاة والسلام - وخطب الناس وذكرهم، وعَلَّمَهم مناسك حجهم، وحَذَّرَهم من الرِّبا وأعمال الجاهلية، وأخبرهم أن دماءهم وأموالهم وأعراضهم عليهم حرام، وأمرهم بالاعْتِصام بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأخبرهم أنهم لن يضلوا؛ ما داموا مُعتصمينَ بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
فالواجب على جميع المسلمين أن يلتزموا بهذه الوصية، وأن يستقيموا عليها أينما كانوا، ويجب على حُكّام المُسلمينَ جميعًا أن يعتصموا بكتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأن يحكموها في جميع شُؤونهم، وأن يلزموا شعوبهم بالتحاكُم لهما، وذلك هو طريق العِزَّة، والكرامة، والسعادة، والنَّجاة في الدنيا والآخرة. وفَّق الله الجميع لذلك. ثم إنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بالناس الظهر والعصر قصرًا وجمعًا جمع تقديم بأذان واحد وإقامتينِ، بعد زوال الشمس، ولم يفصل بينهما بصلاة ثم تَوَجَّه إلى الموقف، واستقبل القبلة، ووقف على دابّته يذكر الله ويدعوه، ويرفع يديه بالدعاء حتى غابتِ الشمس، وكان مُفطرًا ذلك اليوم، فعلم بذلك أن المشروع للحجاج أن يفعلوا كفعله - صلى الله عليه وسلم - في عرفات، وأن يشتغلوا بذِكْر الله والدعاء والتلبية إلى غروب الشمس، وأن يرفعوا أيديهم بالدُّعاء، وأن يكونوا مفطرينَ لا صائمينَ. وقد صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ما مِنْ يوم أكثر عِتْقًا من النار من يوم عرفة، وإنه - سبحانه - ليدنو فيُباهِي بهم ملائكته))[207]، ورُوي عنه - صلى الله عليه وسلم - أن الله يقول يوم عرفة لملائكته: ((انظُروا إلى عبادي أتوني شُعثًا غبرًا؛ يرجون رحمتي أشهدكم أني قد غفرت لهم))[208]، وصَحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((وقَفْتُ ها هنا، وعرفة كلها موقف))[209]. 
ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الغروب تَوَجَّه مُلبيًا إلى مُزدلفة، وصلى بها المغرب ثلاثًا، والعشاء ركعتينِ بأذان واحد وإقامتينِ قبل حَطّ الرِّحَال، ولم يُصَلّ بينهما شيئًا. فدلّ ذلك على أن المشروع لجميع الحُجاج المُبادرة بصلاة المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا بأذان واحد وإقامتينِ، من حين وصولهم إلى مُزدلفة قبل حَطّ الرِّحال، ولو كان ذلك في وقت المغرب؛ تأسِّيًا به - صلى الله عليه وسلم - وعملاً بسنته. ثم بات بها، وصلى بها الفجر مع سنتها بأذان وإقامة، ثم أتى المشْعَر فذكر الله عنده، وكَبَّره، وهَلَّلَه، ودعا، ورفع يديه وقال: ((وقفتُ ها هنا وجمع كلها موقف)). فدلّ ذلك على أن جميع مزدلفة موقف للحجاج، يَبِيتُ كل حاج في مكانه، ويذكر الله، ويستغفره في مكانه، ولا حاجة إلى أن يتوجَّه إلى موقف النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد رخَّص النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة مُزْدَلِفة للضّعفة أن ينصرفوا إلى مِنى بليل، فدلّ ذلك على أنه لا حرج على الضعفة من النساء، والمرضى، والشيوخ، ومن تبعهم في التوجُّه من مزدلفة إلى مِنى في النصف الأخير من الليل؛ عَمَلاً بالرُّخصة وحذرًا من مشقة الزحمة، ويجوز لهم أن يرموا الجمرة ليلاً؛ كما ثبت ذلك عن أم سلمة، وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم. 
وذَكَرَتْ أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذِن للنساء بذلك، ثم إنه - صلى الله عليه وسلم - بعد ما أسفر دفع إلى مِنى ملبيًا، فقصد جمرة العقبة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم نحر هَدْيه، ثم حلق رأسه، ثم طَيّبتْه عائشة - رضي الله عنها - ثم توجَّه إلى البيت فطاف به، وسُئِل - صلى الله عليه وسلم - في يوم النحر عمن ذبح قبل أن يَرْمي، ومن حلق قبل أن يذبح، ومَن أَفاضَ إلى البيت قبل أن يَرْمي، فقال ((لا حَرَج))، قال الرَّاوي: فما سئل يومئذ عن شيء قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال: ((افعل، ولا حَرَج)) [210]، فعلم بهذا أن السنة للحُجّاج أن يبدؤوا برمْي الجمرة يوم العيد، ثم ينحروا إذا كان عليهم هَدْي، ثم يحلقوا أو يقصروا، والحلق أفضل من التقصير، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا بالمغفرة والرحمة ثلاث مرات للمُحلّقين، ومرة واحدة للمُقصرينَ، وبذلك يحصل للحاج التحلل الأول فيلبس المخيط، ويتطيب ويُباح له كل شيء حُرّم عليه بالإحرام إلا النِّساء، ثم يذهب إلى البيت فيطوف به في يوم العيد أو بعده، ويسْعَى بين الصفا والمروة إن كان متمتعًا، وبذلك يحل له كل شيء حُرِّمَ عليه بالإحرام حتى النساء.
أما إن كان الحاج مُفرِدًا أو قارنًا: فإنه يكفيه السعي الأول الذي أتى به مع طواف القُدُوم، فإن لم يسعَ مع طواف القُدوم، وجب عليه أن يسعى مع طواف الإفاضة.
ثم رجع - صلى الله عليه وسلم - إلى مِنى فأقام بها بقية يوم العيد، واليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، يرمي الجمرات كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال، يرمي كل جمرة بسبع حصيات، ويكبّر مع كل حَصاة، ويدعو ويرفع يديه بعد الفراغ من الجمرة الأولى والثانية، ويجعل الأولى عن يَسارِه، والثانية عن يَمِينه، ولا يقف عند الثالثة، ثم دفع - صلى الله عليه وسلم - في اليوم الثالث عشر بعد رَمْي الجمرات، فنزل بالأبطح، وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء. 
ثم نزل إلى مَكَّة في آخر الليل، وصلى الفجر بالناس - عليه الصلاة والسلام - وطاف للوداع قبل الصلاة، ثم توجَّه بعد الصلاة إلى المدينة في صبيحة اليوم الرابع عشر، عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم.
فعلم من ذلك أن السنة للحاج أن يفعل كفعله - صلى الله عليه وسلم - في أيام مِنى، فيرمي الجِمَار الثلاث بعد الزوال في كل يوم كل واحدة بسبع حصيات، ويكبر مع كل حصاة، ويشرع له أن يقف بعد رَمْيهِ الأولى، ويستقبل القبلة، ويدعو، ويرفع يديه، ويجعلها عن يساره، ويقف بعد رَمْي الثانية كذلك، ويجعلها عن يمينه، وهذا مُستَحبّ وليس بِواجِب، ولا يقف بعد رَمْي الثالثة، فإن لم يَتيسّر له الرَّمْي بعد الزوال وقبل غروب الشمس، رمى في الليل عن اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل في أصح قولي العلماء؛ رحمة من الله - سبحانه - بعباده وتَوْسِعَة عليهم، ومن شاء أن يتعجّل في اليوم الثاني عشر بعد رَمْي الجمار فلا بأس، ومن أحبّ أن يتأخّر حتى يرمي الجمار في اليوم الثالث عشر فهو أفْضَل؛ لكونه موافقًا لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - والسنة للحاج أن يَبِيتَ في مِنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر، وهذا المبيت واجب عند كثير من أهل العلم، ويكفي أكثر الليل إذا تيسّر ذلك، ومن كان له عُذر شَرْعي؛ كالسقاة، والرعاة ونحوهم فلا مَبِيت عليه، أما ليلة الثالث عشر فلا يجب على الحجاج أن يبيتوها بمِنى إذا تعجلوا ونفروا من مِنى قبل الغروب في اليوم الثاني عشر، أما مَنْ أَدْرَكه المبيت بمِنى، فإنه يَبِيت ليلة الثالث عشر، ويرْمِي الجِمَار بعد الزوال ثم ينفر، وليس على أحد رَمْي بعد الثالث عشر، ولو أقام بمِنى. 
ومتى أراد الحاج السفر إلى بلاده وجب عليه أن يطوف بالبيت؛ للوداع سبعة أشواط؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت))[211]، إلا الحائض والنفساء فلا وَدَاع عليهما؛ لما ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: ((أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خَفَّف عن المرأة الحائض)) [212]؛ مُتفق على صحته. والنفساء مثلها.
ومن أخَّر طواف الإفاضة فطاف عند السفر، أجْزَأه عن الوداع؛ لعُموم الحَدِيثينِ المذكورَينِ، وأسال الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يتقبل منا ومنكم، ويجعلنا وإياكم من العُتقاء من النار، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
ما يفعله الحجاج يوم الثامن من ذي الحجة
س: ماذا يفعل الحاج يوم الثامن من ذي الحجة؟ [213]
ج: اليوم الثامن هو محل الإحرام إذا كان في مكة، وقد يتحلل أو ينوي الحج، وهو من أهل مكة المُقيمينَ بها، فالأفضل له الإحرام في اليوم الثامن؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه - رضي الله عنهم - الذين تحلَّلُوا من العمرة بذلك، فأحرموا بالحج يوم الثامن، ثم توجهوا إلى مِنى، هذا هو الأفضل للحاج يحرم من منزله يغتسل، ويتطيب، ويلبس الإزار، والرداء، ويتوجه إلى مِنى مُحْرِمًا، ولا يحتاج إلى وداع سواء كانت إقامته في الحرم أو في الحل، وهكذا المرأة من منزلها أو من مخيمها، أو من أي مكان تغتسل، وتتطيب بالطيب المُناسِب، وتلبس الثياب المُناسبة، التي ليس فيها فتنة، وتحرم وتتوجه إلى مِنى من غير حاجة لوَدَاع، هذا هو المُستحبّ في اليوم الثامن، وإن أحرم قبله فلا حَرَج، ولكن اليوم الثامن هو الأفضل، وإن تأخّر حتى أحرم في اليوم التاسع فلا حرج أيضًا؛ ولكن الإحرام في اليوم الثامن هو الأفضل؛ كما تقدم؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه بذلك.
س: إذا نزل مُريد الحجة من مكة في اليوم الثامن من ذي الحجة، واغتسل من مِنى فهل يكفيه ذلك، وماذا عليه؟[214] 
ج: إذا اغتسل من مِنى فلا حرج في ذلك؛ لكن الأفضل أن يغْتَسِل قبل إحرامه في بيته، أو في أي مكان في مَكّة، ثم يحرم بالحج في منزله، ولا حاجة إلى دخوله المسجد الحرام للطواف؛ لأن الخارج إلى مِنى يوم التروية ليس عليه وداع، فإذا أحرم من دون غسل فلا حرج، وإذا اغتسل بعد ذلك في مِنى وهو محرم فلا بأس؛ لكن الأفضل والسُّنة أن يكون غسله قبل أن يحرم، فإن لم يغتسل؛ بل أحرم من دون غسل، أو من دون وضوء فلا حرج في ذلك؛ لأن الغسل سُنّة، والوضوء سُنة في هذا المقام.
حكم تَرْك المبيت في مِنى ليلة التاسع من ذي الحجة
س: ما حُكْم مَن تَرْك المبيت بمِنى الليلة التاسعة من ذي الحجة؛ من أجل الحريق الذي وقع في مِنى عام 1417هـ؟[215]
ج: لا شيء عليه؛ لأن المبيت بمنى ليلة التاسعة مُستحبّ وليس بواجب، وإذا كنت لم تَبِتْ في مُزدلفة الليلة العاشرة بعد انصرافِك من عرفة، فعليك دم يُذبح في مكة للفقراء، مما يجزئ في الأضحية، وإذا كنت لم تبتْ ليلة الحادي عشر في مِنى، فعليك أن تتصدق عن ذلك بما يسره الله، وإن ذبحت عن ذلك ذبيحة للفُقراء بمكة فهو أحْوَط، وأبْرَأ للذّمّة.
مكان الإحرام للحاج يوم التروية
س: من أيّ مكان يحرم الحاج يوم التروية؟ [216]
ج: يحرم من منزله؛ كما أحرم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من منازلهم في الأبطح في حجة الوداع، بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهكذا مَنْ كان في داخل مكة يحرم من منزله؛ لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما – السابق، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ومن كان دون ذلك - أي دون المواقيت - فمُهَلُّه من أهله، حتى أهل مكة يهلون من مكة))[217]؛ متفق على صحته.
س: مَنْ كان في مِنى قبل يوم التروية، هل يدخل ويحرم من مكة، أو يحرم من مِنى؟[218]
ج: الجالس في مِنى يشرع له أن يحرم من مِنى والحمد لله، ولا حاجةَ إلى الدخول إلى مكة؛ بل يلبي من مكانه بالحج إذا جاء وقته.
السنة للحاج أن يحرم يوم الثامن من ذي الحجة قبل الظهر.
س: بعض الحُجاج يكونون يوم الثامن في مكة، ويكونون محلينَ إحرامهم، ويتركون سُنن يوم التروية، ويبقون في الشقق إلى اليوم التاسع، يحرمون ثم يخرجون إلى عرفة؛ مُعلّلينَ ذلك بقولهم: إن فعل يوم التروية سُنَّة، والحَجّ عرفة، فما رَأْي سماحتكم في هذا الفعل؟[219]
ج: لا حَرَج في ذلك، ولكن السُّنَّة للحاج أن يحرم اليوم الثامن من ذي الحجة قبل الظهر، ويتوجّه إلى مِنى، فيُصلّي بها الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر قصرًا بلا جمع، ثم
يتوجه إلى عرفة بعد طلوع الشمس؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك، وأمر الصحابة الذين حلوا من عمرتهم بذلك.
باب صفة الحج والعمرة
(2) يوم عرفة
وقت توجُّه الحاج إلى عرفات والانصراف منها.
س: متى يتوجَّه الحاج إلى عرفة، ومتى ينْصَرِف منها [220]؟
ج: يشرع التوجُّه إليها بعد طلوع الشمس من يوم عرفة، وهو اليوم التاسع، ويصلي بها الظهر والعصر جمعًا وقصرًا جمع تقديم بأذان واحد وإقامتينِ؛ تأسِّيًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم - ويبقى فيها إلى غروب الشمس مُشتغلاً بالذِّكْر، والدعاء، وقراءة القرآن والتلبية حتى تغيب الشمس.
ويشرع الإكثار من قول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وسبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله" ويرفع يديه بالدعاء، ويحمد الله، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الدعاء ويستقبل القبلة، وعرفة كلها موقف، فإذا غابت الشمس شرع للحجاج الانصراف إلى مزدلفة بسكينة ووقار مع الإكثار من التلبية، فإذا وصلوا مزدلفة صلوا المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتينِ، المغرب ثلاثًا، والعشاء ركعتينِ.
س: إذا توجه الحاج من مِنى إلى عرفة قبل طلوع الشمس، فماذا عليه؟[221]
ج: ليس عليه شيء؛ لكن الأفضل أن يكون توجّهه إلى عرفة بعد طلوع الشمس؛ تأسِّيًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
حكم الجمع والقصر يوم عرفة
س: هل صلاة الظهر والعصر جمعًا وقصرًا في عرفة أمرٌ واجب، أم يجوز أن أصليهما في وقت كل منهما كاملتين؟ [222]
ج: صلاة الظهر والعصر يوم عرفات للحجاج جمعًا وقصرًا في وادي عرنة غرب عرفات بأذان واحد وإقامتينِ، سُنة مُؤكّدة، فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، ولا ينبغي للمؤمن أن يخالف السُّنة؛ لكن ليس ذلك بواجب عند أهل العلم؛ بل سنة مُؤكّدة، فإن المسافر لو أتمّ صَحّتْ صلاته؛ لكن القصر مُتأكّد؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فعله وقال: ((خُذوا عني مناسككم))[223]. فلا ينبغي له أن يُخَالف السُّنَّة؛ بل يُصلي مع الناس قصرًا وجمعًا جمع تقديم، ثم يتوجَّه إلى محل الوقوف في نفس عرفة، ولو صلاهما في عرفة، ولم يُصلّ في وادي عرنة فلا بأس حذرًا من المَشَقَّة، فإن الناس في هذه العصور يحتاجون للتخلُّص من الزحام بكل وسيلة مُباحَة.
من فاته الوقوف بعرفة في النهار فله الوقوف بها في الليل.
س: شخصٌ شارك في أعمال الحج، ولم يُمَكِّنْه عمله من الوقوف بعرفة في النهار، فهل يجوز له أن يقفَ بعد انصراف الناس في الليل؟ وكم يكفيه من الوقوف؟ وهل لو مر بسيارته في عرفة يجزئه ذلك؟[224] 
ج: يمتد زمن الوقوف بعرفة من طُلوع فجر اليوم التاسع إلى طلوع الفجر يوم النحر، فإذا لم يتمكَّن الحاج من الوقوف في نهار اليوم التاسع، فوقف في الليل بعد الانصراف كفاه ذلك، حتى لو لم يقف بعرفة إلا آخر الليل قبيل الصبح ويكفيه ولو بضع دقائق، وكذا لو مَرَّ مِنْ عرفات وهو سائر على سيارته أجزأَه ذلك، ولكن الأفضل له أن يحضر في الوقت الذي يقف فيه الناس ويشاركهم في الدعاء عشية عرفة، ويحرص على الخُشوع وحضور القلب، ويرجو مثل ما يرجون من نزول الرحمة، وحصول المغفرة، فإن فاته النهار فوقف بالليل، فالأفضل له أن يبكر بالوقوف متى استطاع، فينزل بعرفة ولو قليلاً، ويمد يديه إلى ربه ويتضرع إليه في السؤال، ثم يذهب معهم إلى مزدلفة، ويمكُث بها إلى آخر الليل، ويصلي فيها الفجر ثم يُكْثر بعد ذلك من الذكر والدعاء مستقبلاً القبلة، رافعًا يديه حتى يسفر، ثم ينصرف مع الناس إلى مِنى قبل طلوع الشمس؛ تأسِّيًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك.
حكم الوقوف خارج حدود عرفة.
س: إذا وقف الحاج خارج حدود عرفة - قريبًا منها - حتى غربت الشمس، ثم انصرف فما حكم حجه؟[225]
ج: إذا لم يقف الحاج في عرفة في وقت الوقوف فلا حجّ له؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الحج عرفة))[226]، فمن أَدْرَك عرفة بليل قبل أن يطلع الفجر فقد أدْرَك الحج.
وزمن الوقوف ما بعد الزوال من يوم عرفة إلى طُلُوع الفجر من ليلة النحر، هذا هو المُجْمَع عليه بين أهل العلم.
أما ما قبل الزوال فَفِيه خلاف بين أهل العلم، والأكثرون على أنه لا يجزئ الوقوف فيه إذا لم يقف بعد الزوال ولا في الليل، ومن وقف نهارًا بعد الزوال أو ليلاً أجزأه ذلك، والأفضل أن يقف نهارًا بعد صلاة الظهر والعصر جمع تقديم إلى غروب الشمس، ولا يجوز الانصراف قبل الغروب لمن وقف نهارًا، فإن فعل ذلك فعليه دم عند أكثر أهل العلم؛ لكونه تَرَك واجبًا، وهو الجمع في الوقوف بين الليل والنهار لمن وقف نهارًا. 
س: حاج وقف في بطن وادي عرنة فهل حجه صحيح؟، وهل هناك أماكن مُخَصَّصة في عرفة لها الأفضلية؟[227]
ج: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الحج عرفة))، فإذا وقف الحاج خارج عرفة أو في عرنة، أو غيرها فليس له حَجّ؛ ولكن إذا دخل عرفة بعد زوال الشمس ذلك اليوم أو في ليلة العيد صحّ حجه، أما إذا كان لم يدخل عرفة لا بعد الزوال، ولا في الليل، فهذا ليس له حج.
حكم مُغادَرة عرفة قبل مغيب الشمس.
سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
نحن أطباء من بعض البلاد الإسلامية قدمنا للعمل خلال فترة الحج بمكة المكرمة، ونوينا الحج والعمرة مُتمتِّعينَ. أدَّيْنا العمرة؛ ولكن ظروف العمل لا تمكننا من الوقوف بعرفة جزءًا في الليل، ولا بد لنا من الرجوع لمقر العمل قبل مغيب الشمس. ما الواجب علينا فعله؟ علمًا بأننا ندري أن الحج عرفة، وقد لا يتسنى لنا الحج بالعمر مرة أخرى، علمًا بأننا قد أدينا حج الفريضة. وماذا علينا إذا نزعنا ملابس الإحرام قبل التحلل، ورمي جمرة العقبة حيث لا يسمح بملابس الإحرام في العمل. جزاكم الله عنا خيرًا [228].
ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
من وقف بعرفة نهارًا فعليه أن يستمر إلى الليل، فإن لم يفعل وانصرف قبل الغروب ولم يعد بعد الغروب فعليه دم، وإن عاد بعد المغرب فوقف ليلاً ليلة النحر، ولم يقف في النهار فلا شيء عليه.
أما نَزْع ملابس الإحرام قبل التحلل الأول، فلا يجوز إلا للضرورة أو العُذر الشرعي، ومتى نزعتموها ولبستم المخيط؛ كالقميص فعليكم فدية مخيرة، وهي: صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، مقداره كيلو ونصف تقريبًا، وهكذا إذا غطيتم الرأس بالعمامة ونحوها، ففيه الكفارة المذكورة. وفق الله الجميع. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
س: بالنسبة لأصحاب الحملات يخرجون الناس قبل الغروب يوم عرفة، ما حكمهم؟[229] 
ج: لا يجوز أن يُطاعوا، ويجب أن ينهوا عن ذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخرج من عرفة حتى غربت الشمس وقال: ((خذوا عني مناسككم))[230]؛ أخرجه مسلم في صحيحه والمعنى تأسوا بي، واقتدوا بي.
مَنْ أتى من بلده يوم عرفة يمكنه التمتُّع وهو أَوْلَى
س: هل الحاج الذي يأتي من بلده في التاسع من ذي الحجة يدرك الحج؟ وماذا يجب عليه؟ وما صفة حجه من الأنواع الثلاثة؟ وما آخر حد لانتهاء الوقوف؟[231]
ج: نعم؛ يمكنه أن يدرك الحج، فإن كان قد ساق الهَدْي حج قارنًا، وإلا حج متمتعًا أو مُفرِدًا، والتمتع أَوْلَى لمن لم يسق الهدي، وآخر حد لانتهاء الوقوف بعرفة طلوع فجر يوم العيد.
نمرة ليست من عرفة على الراجح من أقوال العلماء
س: قوله: "ثم أتى عرفة والقبة قد ضربت له في نمرة" هل معنى هذا أن نمرة من عرفة؟[232]
ج: فيه خلاف، قيل من عرفة، وقيل ليست منها، والمشهور: أنها ليست من عرفة، فهي أمام عرفة، وليست منها على الراجح.
مكان وقوف الحاج عند جبل الرحمة.
س: قوله: "فجعل حبل المشاة بين يديه" ما معناه؟[233]
ج: يعني طريق المشاة أمامه والجبل عن يمينه قليلاً، وهو مستقبل القبلة حين وقوفه بعرفة.
حكم الوقوف بعرفة قبل التاسع بيوم أو بعده بيوم
س: ما حكم الله ورسوله في قوم يشاهدون يوم عرفة بعد مشاهدة المسلمين بيوم، ويرون أن أي شخص منهم يحج بدون مُرافقة أحد المكارمة – فرقة من الصوفية - فإنَّ حجه باطل؟[234] 
ج: ليس لأحد من المسلمينَ أن يشذ عن جماعة المسلمينَ، لا في الحج، ولا في غيره؛ لقول الله - عز وجل -: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}[235]، وقوله: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[236]، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنَّواجِذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بِدْعة ضلالة)) [237]، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في خطبة الجمعة: ((أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة))[238]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون))[239]. وقد وقف المسلمون الذين حجوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - معه يوم التاسع بعرفة ولم يقف أحد من قبله ولا بعده وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((خذوا عني مناسككم))[240]، فدل ذلك على أن الواجب على المسلمين أن يحجوا كما حج - صلى الله عليه وسلم - في الوقفة والإفاضة وغير ذلك، ثم خلفاؤه الراشدون - رضي الله عنهم - وهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ساروا على منهجه الشريف، فوقفوا يوم التاسع، ووقف معهم المسلمون في حجاتهم، ولم يقفوا قبل يوم التاسع، ولا بعده.
ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه - رضي الله عنهم - أنه لا يصح حج أحد من المسلمين إلا بشرط أن يحج مع فلان أو فلان.
فهذه الطائفة التي تقف في الحج بعد المسلمين مُبْتَدِعة، مُخَالِفَة لشَرْع الله، ولما درج عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام وأتباعهم بإحسان، ولا حج لهم؛ لأن الحج عرفة، فمن لم يقف بعرفة يوم التاسع، ولا ليلة النحر - وهي الليلة العاشرة - فلا حج له. 
وقولهم: إنه لا بد أن يكون بصحبة الحاج منهم أحد المكارمة، شرطٌ لا أساس له من الصِّحة، بل هو شرط باطل مخالف للشرع المطهر، فيجب طرحه وعدم اعتباره، ولكن يجب على كل مسلم أن يتفقه في دينه، وأن يعرف أحكامه في الحج وغيره، حتى يؤدي عبادته من الحج وغيره على بصيرة، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من يُردِ اللهُ به خيرًا، يُفقهه في الدين)) [241]؛ متفق على صحته.
الوقوف بعرفة مع جماعة المسلمين لا على الحساب. 
س: ما الحكم في قوم لا يقفون بعرفة إلا على حساب شهري يعدونه، فأحيانًا يقفون بها قبل المسلمين بيوم، وأحيانًا بعدهم بيوم، وأحيانًا يوافقونهم. علمًا أنهم لا يحجون إلا بصحبة مكرمي، لأنهم يعتقدون أنه لا يصح الحج إلا بذلك؟ [242]
ج: ما ذكره السائل عن الطائفة المذكورة مُخَالف للشرع من وجهينِ:
أحدهما: شذوذهم عن جماعة المسلمين وعدم وقوفهم معهم، والواجب على المسلمين أن يكونوا جسدًا واحدًا وبناء واحدًا في التمسُّك بالحق، وعدم الخروج عن سبيل المؤمنين؛ حذرًا مما توعد الله به من خالف سبيلهم بقوله - تعالى -: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[243]، أما تعلقهم بكون الشهر لا بد أن يكون ثلاثين دائمًا، فهذا من أخطائهم العظيمة المخالفة للسنة والإجماع، وقد سبق إيضاح ذلك في جواب على السؤال الأول.
الوجه الثاني: اشتراطهم لصحة الحج أن يكون الحجاج في صحبة واحد من المكارمة، وهذا من أبطل الباطل، ولا أصل له في الشرع المطهر؛ بل هو مُخالِف للكتاب والسنة، وإجماع أهل العلم، فلم يقل أحد من أهل العلم: إن الحج لا يصح إلا بشرط أن يكون في الحجاج فلان أو فلان؛ بل هذا القول من البدع الشنيعة التي لا أصل لها بين المسلمين.
الدعاء الجماعي في عرفة لا أصلَ له، والأَحْوَط تَرْكه.
س: ما حكم الاجتماع في الدعاء في يوم عرفة سواء كان ذلك في عرفات أو غيرها، وذلك بأن يدعو إنسان من الحُجّاج الدعاء الوارد في بعض كتب الأدعية المُسمّى بدعاء يوم عرفة أو غيره، ثم يردد الحجاج ما يقول هذا الإنسان، دون أن يقولوا آمين. هذا الدعاء بدعة أم لا؟ نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟[244]
ج: الأفضل للحاج في هذا اليوم العظيم: أن يجتهد في الدعاء والضَّراعة إلى الله - سبحانه وتعالى - ويدفع يديه؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اجتهد في الدعاء والذكر في هذا اليوم، حتى غربت الشمس، وذلك بعد ما صلى الظهر والعصر جمعًا وقصرًا في وادي عرنة، ثم توجه إلى الموقف، فوقف هناك عند الصخرات وجبل الدعاء، ويسمى جبل إلال، واجتهد في الدعاء والذكر رافعًا يديه مستقبلاً القبلة، وهو على ناقته، وقد شرع الله - سبحانه - لعباده الدعاء بتضرع، وخفية، وخشوع لله - عز وجل - رغبة ورهبة، وهذا الموطن من أفضل مواطن الدعاء، قال الله - تعالى -: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}[245]، وقال - تعالى -: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ} [246].
وفي الصحيحينِ: قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -: رفع الناس أصواتهم بالدعاء. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أيها الناس اربَعُوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إنما تدعون سميعًا بصيرًا، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته))[247]. وقد أثنى الله - جل وعلا - على زكريا - عليه السلام - في ذلك. قال – تعالى -: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا}[248]، وقال - عز وجل -: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [249]. 
والآيات والأحاديث في الحثّ على الذِّكْر والدُّعاء كثيرة، ويشرع في هذا الموطن بوَجْه خاص الإكثار من الذكر والدعاء بإخلاص، وحضور قلب ورغبة ورهبة، ويشرع رفع الصوت به وبالتلبية؛ كما فعل ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم - وقد رُوِي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في هذا اليوم: ((خَيْر الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير))[250].
أما الدُّعاء الجماعي فلا أعلم له أصلاً، والأَحْوَط تَرْكه؛ لأنه لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه - رضي الله عنهم - فيما علمت، لكن لو دعا إنسان في جماعة وأَمَّنوا على دعائه، فلا بأس في ذلك؛ كما في دعاء القُنوت، ودعاء خَتْم القرآن الكريم، ودعاء الاستسقاء، ونحو ذلك.
أما التجمع في يوم عرفة، أو في غير عرفة، فلا أصل له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ))[251]؛ أخرجه مسلم في صحيحه، والله ولي التوفيق.
وقت بدء الدعاء في عرفة.
س: ما هو الوقت الذي يبدأ فيه الدعاء في عرفة؟ [252]
ج: بعد الزوال بعدما يُصَلَّى الظهر والعصر جمعًا وقصرًا فيه بأذان واحد وإقامتين، يتوجه الحاج إلى موقفه بعرفة، يجتهد في الدُّعاء، والذِّكْر، والتلبية، ويشرع له رفْع اليدَينِ في ذلك، مع البَدْء بحمد الله والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن تغيب الشمس.
باب صفة الحج والعمرة
(3) المبيت بمزدلفة.
المبيت بمُزْدلفة واجب، ومَنْ تَرَكه فعليه دم.
س: ما حكم الوقوف بمُزدلفة والمبيت فيها، وما قدره، ومتى يبدأ الحاج الانصراف منها؟ [253] 
ج: المبيت بمُزدلفة واجب على الصحيح، وقال بعضهم إنه رُكْن، وقال بعضهم مُستحبّ، والصواب من أقوال أهل العلم: إنه واجب، ومَنْ تركه فعليه دم، والسُّنَّة أن لا ينصرف منها إلا بعد صلاة الفجر، وبعد الإسفار يصلي فيها الفجر، فإذا أسفر توجّه إلى مِنى مُلبِّيًا، والسُّنة أن يذكر الله بعد الصلاة، ويدعو فإذا أسفر توجه إلى مِنى مُلبّيًا.
ويجوز للضعفة من النساء، والرجال، والشيوخ، الانصرافُ من مُزْدلفة في النصف الأخير من الليل، رخَّص لهم النبي - عليه الصلاة والسلام - أمَّا الأقوياء فالسنة لهم: أن يبقوا حتى يصلوا الفجر، وحتى يذكروا الله كثيرًا بعد الصلاة، ثم ينصرفوا قبل أن تطلع الشمس، ويُسن رفع اليدينِ مع الدعاء في مُزدلفة، مستقبلاً القبلة كما فعل في عرفة، ومزدلفة كلها موقف.
س: ما حُكْم المبيت بمُزدلفة قبل مُنتصف اللَّيل؟[254]
ج: يجب على الحاج المبيت بمزدلفة ليلة العاشر من ذي الحجة إلى الفجر، إلا لعُذْر من مرض ونحوه، فيجوز له ولمن يقوم بشؤونه بعد نصف الليل أن يرحل إلى مِنى؛ لمبيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بها في حجه إلى الفجر، وترخيصه لأهل الأعذار في الانصراف من المُزْدلفة إلى مِنى بعد منتصف الليل.
من صلى المغرب والعشاء بمُزْدلفة، ثم انصرف لا يعتبر مُؤَدِّيًا للواجب.
س: نرى في هذه الأيام عند النَّفْرَة من عرفات إلى مُزدلفة الزحامَ الشديد، بحيث إن الحاج إذا وصل إلى مزدلفة لا يستطيع المبيت فيها من شدة الزحام، ويجد مشقّة في ذلك، فهل يجوز ترك المبيت بمزدلفة؟ وهل على الحاج شيءٌ إذا ترك المبيت بها؟ وهل تجزئ صلاة المغرب والعشاء عن الوقوف والمبيت في مزدلفة، وذلك بأن يصلي الحاج صلاتَي المغرب والعشاء في مُزدلفة، ثم يتَّجه فورًا إلى مِنى، فهل يصح الوقوف على هذا النحو؟ نرجو توضيح ذلك مع ذِكْر الدليل.[255] 
ج: المبيت بمُزدلفة من واجبات الحج؛ اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فقد بات بها - صلى الله عليه وسلم - وصلى الفجر بها وأقام حتى أسفر جدًّا، وقال: ((خذوا عني مناسككم)) [256]، ولا يعتبر الحاج قد أدى هذا الواجب إذا صلى المغرب والعشاء فيها جمعًا ثم انصرف؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرخص إلا للضعفة آخر الليل.
وإذا لم يبت في مزدلفة فعليه دم، جبرًا لتركه الواجب، والخلاف بين أهل العلم - رحمهم الله - في كون المبيت في مزدلفة ركنًا، أو واجبًا، أو سنة، مشهورٌ معلوم، وأرجح الأقوال الثلاثة: أنه واجب على من تركه دم وحجه صحيح، وهذا هو قول أكثر أهل العلم. ولا يرخص في تَرْك المبيت إلى النصف الثاني من الليل لا للضعفة، أما الأقوياء الذين ليس معهم ضعفة فالسنة لهم أن يبقوا في مزدلفة حتى يصلوا الفجر بها ذاكرين الله، داعينه - سبحانه - حتى يسفروا، ثم ينصرفوا قبل طلوع الشمس؛ تأسيًا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن لم يصلها إلا في النصف الأخير من الضعفة كفاه أن يقيم بها بعض الوقت، ثم ينصرف أخذًا بالرخصة. والله ولي التوفيق.
الجمع والقصر في الحج 
س: ما حكم من صلى صلاتي المغرب والعشاء قصرًا وجمع تأخير قبل دخول مزدلفة، وذلك لأسباب طارئة، منها تعطل سيارته في الطريق إلى مزدلفة، وخشية فوات وقت المغرب والعشاء حيث كان الوقت متأخرًا جدًّا، فصلى صلاتي المغرب والعشاء على حدود مزدلفة؛ أي قبل مزدلفة بمسافة قليلة، ثم نام ريثما يتم إصلاح سيارته، ثم صلى أيضًا صلاة الفجر، وذلك بعد دخول وقت صلاة الفجر أيضًا صلاها على حدود مُزْدلفة، حيث إنه لم يستطع دخول مزدلفة إلا في الصباح والشمس قد أشرقت، فهل تصح صلاته هذه لكل من المغرب والعشاء
والفجر على حدود مزدلفة؟ نرجو من سماحتكم توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟[257] 
ج: الصلاة تصح في كل مكان إلا ما استثناه الشارع، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((جُعِلَت لي الأرض مسجدًا وطهورًا)) [258]؛ ولكن المشروع للحاجّ أن يصلي المغرب والعشاء جمعًا في مزدلفة حيث أمكنه ذلك قبل نصف الليل، فإن لم يتيسر له ذلك؛ لزحام أو غيره صلاهما بأي مكان كان، ولم يجز له تأخيرهما إلى ما بعد نصف الليل؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [259]؛ أي مفروضًا في الأوقات، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وقت العِشَاء إلى نصف الليل))[260]؛ رواه مسلم من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - والله اعلم.
السنة المحافظة على الوِتْر في الحضر والسفر وليلة مزدلفة
س: هل يسقط الوتر، وركعتا الفجر في مُزْدَلِفَة؟ [261] 
ج: السُّنة أن يُصَلّي ركعتينِ قبل صلاة الفجر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك في مُزْدَلفة، وهكذا في أسْفارِه كلها. أما سُنة الظهر، والعصر، وسنة المغرب، والعشاء، فالسنة: تَرْكها أيام مِنى، وفي عرفة، ومُزْدَلِفَة، وفي جميع الأَسْفار؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تَرْك ذلك، وقال: ((خُذوا عني مَناسككم))، [262]، وقد قال الله - عز وجل -: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [263]، أما الوِتْر: فالسُّنة المُحافَظة عليه في الحضر والسَّفَر، وفي ليلة مُزدلفة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُوتر في السفر والحضر - عليه الصلاة والسلام - وأما قول جابر: "إنه اضطجع بعد العشاء". فليس فيه نصّ واضح على أنه لم يوتر - عليه الصلاة والسلام - وقد يكون تَرْك ذلك بسبب التَّعب أو النوم - عليه الصلاة والسلام - والوتر نافلة، فإذا تركه بسبب التعب أو النوم أو شغل آخر فلا حَرَج عليه؛ ولكن يشرع له أن يقضيه من النهار شفعًا؛ لقول عائشة - رضي الله عنها -: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا شغله عن قيام الليل نوم أو مرض، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة" [264]؛ مُتفق على صحته، وذلك لأنه كان - صلى الله عليه وسلم - يُوتر من الليل غالبًا بإحدى عشر ركعة، يسلم من كل ثنتينِ، فإذا شغله عن ذلك نوم أو مرض قضاهما من النهار شفعًا، يسلم من كل ثنتين - عليه الصلاة والسلام - والله الموفق. 
يجوز الخروج من مُزدلفة في النصف الأخير من الليل. 
س: متى يخرج الحاج من مُزْدلفة إلى مِنى في أي ساعة من الليل؟ وهل يرجم عن النساء، وهن قادرات على الرَّجْم من أجل الزحام؟[265]  
ج: يجوز للحاج الخُروج من مُزْدَلِفَة في النصف الأخير؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخَّص للنساء والضعفة، ومن معهم في ذلك، أمَّا الرجال الأقوياء الذين ليس معهم عَوائل فالأفضل لهم عدم التعجُّل، وأن يصلوا الفجر في مُزدلفة، ويقفوا بها حتى يسفروا، ويكثروا من ذِكْر الله والدعاء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك وقال: ((خذوا عني مَناسككم))[266]، ولمن تعجَّل أن يَرْمِي الجمرة قبل الفجر؛ لأنَّ أم سلمة - رضي الله عنها - رَمَتْ الجَمْرَة قبل الفجر، ثم مَضتْ وأفاضَتْ، ولم يثبُتْ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنكر عليها ذلك، فدَلَّ ذلك على الجواز، وأنه لا حَرَج في ذلك، ولما في ذلك من التيسير والتسهيل على الحاج، ولا سيما الضُّعفاء منهم.
س: إذا كان معنا عَوائل كثيرة فهل نخرج من مُزدلفة قبل الفجر؟[267]
ج: الذي معه عوائل قد شرع له النبي - صلى الله عليه وسلم - ورخص له أن يفيض من مُزْدَلِفَة في آخر الليل قبل الفجر في النصف الأخير من الليل إلى منى، حتى يرمي الجمرة قبل الزحام، ثم مَنْ أراد أن يبقى في مِنى بقي في مِنى، ومن ذهب إلى مكة للطواف فلا بأس؛ كما تقدَّم في جواب السؤال الذي قبل هذا.
حكم المبيت خارج مزدلفة.
س: هناك من يبيت خارج مُزْدلفة؛ لأنهم يمنعونه من الوقوف بالسيارة، فيتعدى فيَبيت في مِنى فهل عليه هَدْي؟[268]
ج: إذا كان لا يجد مكانًا في مزدلفة، أو منعه الجنود من النزول بها فلا شيء عليه؛ لقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[269]، وإن كان ذلك عن تساهُل منه فعليه دم مع التوبة.
السُّنة أن يبقى الحاج في مُزدلفة حتى يسفر.
س: هل السنة أن يَمْكُثَ الحاج إلى أن يصلي الضُّحى، أم أنه ينفر بعد صلاة الفجر مباشرة من مزدلفة؟[270]
ج: السُّنَّة أن يبقى في مزدلفة حتى يسفر، حتى يتَّضِح النور قبل طلوع الشمس، هذا هو الأفضل إذا صلى الفجر يبقى في مكانه مُسْتَقْبلاً القبلة، يدعو، ويلبي، ويذكر الله حتى يسفر؛ كما 
فعل النبي - عليه الصلاة والسلام -. أمَّا الضعفاء فلهم الانصراف بعد منتصف الليل؛ لكن من جلس حتى يسفر، وصلى الفجر بها، وجلس حتى يسفر يدعو الله مستقبلاً القبلة، ويلبي ويدعو ويرفع يديه، هذا أفضل؛ تأسِّيًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه بقي في مزدلفة حتى أسفر، فلما أسفر انصرف إلى منى قبل طلوع الشمس، وخالف المشركين فكانوا لا ينصرفون من مزدلفة حتى تطلع الشمس، والرسول - عليه الصلاة والسلام – خَالَفَهُم، وانصرف من مزدلفة قبل طلوع الشمس بعدما أسفر، وهذا هو السنة تأسِّيًا به - صلى الله عليه وسلم -.
الصبي إذا فاته المبيت في مُزدلفة فعليه الهَدْي.
س: الصبي إذا فاته المبيت بمزدلفة، هل عليه هَدْي؟[271]
ج: نعم إذا فاته المبيت بمُزدلفة، أو مِنى فعلى ولِيّه هَدْي؛ لأنه قد لزمته أحكام الحج بسبب إحرامه إن كان مميزًا، أو إحرام وليه عنه إن كان غير مميز؛ ولأنه كالحاج المُكَلف المُتَنَفّل، والمُعتمر المكلف المُتنفّل، فإنهما يلزمهما أحكام الحج والعمرة؛ لقول الله – سبحانه -: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[272]، والآية المذكورة تَعُم المفترض، والمُتنفّل.
كيفية الوقوف عند المشعر الحرام.
س: عند المَشْعر الحرام هل يكون الحاج واقفًا رافعًا يديه؟[273]
ج: يشرع للواقف عند المشعر الحرام، وعلى الصفا والمروة، رفع اليدينِ في الدعاء: سواء كان واقفًا، أو جالسًا، فالأمر واسع والحمد لله، وهكذا في عرفات يشرع رفع اليدين في الدعاء.
المرور بمزدلفة دون المبيت لا يكفي.
س: هل يكفي المُرور بمُزدلفة دون المبيت إلى مُنتصف الليل؟[274]
ج: المبيت بمُزدلفة واجب من واجبات الحج، فإذا لم يَبِتْ بها، فإنه يلزمه فِدْية - أي دم يذبح لمساكين الحرم - يجزئ في الأضحية، ولكن إذا مَرَّ الحاج بمزدلفة ولم يبت بها، ثم عاد إليها مرة أخرى قبل الفجر، ومكث بها ولو يسيرًا، فإنه لا فِدْية عليه.
باب صفة الحج والعمرة.
(4) رَمْي الجِمَار
جمرة العقبة هي التي تُرْمَى بسبع يوم العيد.
س: أي الجمرات تُرْمى بسبع اليوم الأول؟[275]
ج: الجمرة التي تلي مكة، الجمرة التي يُقال لها جمرة العقبة، وهي آخر الجِمَار من جهة مكة تُرْمى بسبع يوم العيد، أمَّا في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر في حق من لم يتعجل، فإن عليه أن يَرْمي الثلاث بعد الزوال، ويبدأ بالتي تلي مسجد الخيف، وهي التي أقرب من جهة مسجد الخيف، يبدأ بها ثُم الوسطى، ثم الأخيرة التي رماها يوم العيد، وهي تسمى جمرة العقبة.
بداية رَمْي الجمار ونهايته وما يتعلق به
س: متى يبدأ الحاج رَمْي الجمرات؟ وما كيفية الرَّمْي؟ وما عدد الحَصَى؟ وبأي الجمرات يبدأ الرَّمْي؟ ومتى ينْتَهِي؟[276]
ج: يَرْمي أول الجمار يوم العيد، وهي الجمرة التي تلي مَكّة، ويُقال لها: جمرة العقبة يَرْميها يوم العيد، وإن رَمَاها في النصف الأخير من ليلة النحر كَفَى ذلك؛ ولكن الأفضل أن يرميها ضُحى، ويستمر إلى غروب الشمس، فإن فاته الرَّمْي رماها بعد غروب الشمس ليلاً عن يوم العيد يرميها واحدة بعد واحدة، ويُكَبِّر مع كل حصاة، أمَّا في أيام التشريق: فيرميها بعد زوال الشمس يَرْمِي الأولى، التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات، يُكَبِّر مع كل حَصَاة، ثم الوُسْطى بسبع حصيات، ثم الأخيرة بسبع حصيات في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، وهكذا الثالث عشر لمن لم يتعجل.
والسُّنة: أن يقف بعد الأولى وبعد الثانية، بعدما يرمي الأولى يقف مستقبلاً القبلة، ويجعلها عن يساره ويدعو ربه طويلاً، وبعد الثانية يقف ويجعلها عن يمينه مستقبلاً القبلة، ويدعو ربه طويلاً في اليوم الحادي عشر والثاني عشر وفي اليوم الثالث عشر لمن لم يتعجل، أما الجمرة الأخيرة التي تلي مكة فهذه يرميها ولا يقف عندها؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم – رماها، ولم يقف عندها عليه الصلاة والسلام.
س: من أين يُؤْخذ حَصَى الجمار؟ وما صفته؟ وما حُكْم غَسْله؟ [277] 
ج: يُؤخذ الحصى من مِنى، وإذا أخذ حصى يوم العيد من المُزدلفة فلا بأس، وهي سبع يرمي بها يوم العيد جَمْرة العقبة، ولا يشرع غسلها؛ بل يأخذها من مِنى أو المُزدلفة ويَرْمي بها، أو من بقية الحرم يجزئ ذلك ولا حرج فيه، وأيام التشريق يلقطها من مِنى كل يوم واحد وعشرين حصاة، إن تعجّل اثنين وأربعين لليوم الحادي عشر والثاني عشر، وإن لم يتعجل فثلاث وستون، وهي من حصى الخذف، تشبه بعر الغنم المتوسط فوق الحمص ودون البندق؛ كما قال الفقهاء، وتسمى حصى الخذف؛ كما تقدم أقل من بعر الغنم قليلاً.
حكم رمي جمرة العقبة بعد منتصف ليلة العيد.
س: نحن جماعة من الحُجّاج بعضنا معه نساء، والبعض الآخر مفرد، فهل يجوز للمُفْرد رَمْي جمرة العقبة مع جماعته بعد نصف الليل؟ عِلْمًا أنكم تَعْرِفون المشاقّ أثناء الحج.[278]
ج: لا بأس في رَمْي الجمرة ليلة النحر بعد نصف الليل للمشقة التي ذكرتم؛ ولهذا رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - للضعفة أن يدفعوا من مزدلفة قبل الفجر، ورخص لهم في رَمْي الجمار قبل الفجر. أمَّا الأقْوِياء: فالأفضل لهم أن يرموا بعد طلوع الشمس؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمى جمرة العقبة يوم النحر ضُحى؛ ولأنه رُوِي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس))؛ ولكن في سَنَدِه ضعف، والصواب أن رَمْي الجمرة بعد نصف الليل من ليلة النحر يجزئ عن الجميع؛ من أجل المشقة العظيمة على الجميع، ولكن تأخير ذلك إلى بعد طُلوع الشمس في حق الأقوياء أفضل وأَحْوط؛ جمعًا بين الأدلة، ومن كان معه نساء أو ضعفة فهو مثلهم.
حُكْم من رمى جمرة العقبة والطواف قبل منتصف ليلة العيد
س: أنا حاج رميتُ الجمرة الكُبرى قبل منتصف الليل ثم توجَّهْتُ من فوري إلى الحرم؛ لطواف الإفاضة، وأثناء ذلك انتقض وضوئي، فأكملت الطواف، ونظرًا لزحمة ما حول المقام لم أتمكن من تأدية ركعتي الطواف ثم غادرتُ حدود الحرم ومنى، ولم أعد إلا بعد صلاة المغرب، فهل أخللتُ بشيء من مناسك الحج علمًا بأن حجي كان مُفرِدًا؟[279]
ج: أولاً: رمي الجمرة قبل نصف الليل لا يجوز فإن أول وقت لرمي الجمرة بعد نصف ليلة النحر عند جمع من أهل العلم، فلا يجوز رميها قبل ذلك.
ثانيًا: طوافه إن كان قبل نصف الليل فكذلك لا يصح، وإن كان بعد نصف الليل لم يصح أيضًا؛ لكونه طاف على غير طهارة؛ ولكونه انتقض وضوئه أثناء الطواف فهو على كل حال لم يطف على الصحيح، فعليه أن يعيد الرَّمْي، وعليه أن يُعيد الطواف بعد ذلك بنية طواف الإفاضة. وبنيَّة رَمْي جمرة العقبة يوم العيد، ولا يجزئه طوافه الذي أحْدَثَ فيه، وإذا لم يتذكر ولم ينْتَبه إلا بعد مُضِي أوقات الرَّمْي فعليه دَم؛ لأنه ما رمى في الحقيقة، فعليه دم يذبحه في مكة لفُقراء الحرم بنيَّة تَرْك الرَّمْي، وعليه الطَّواف في أي وقت فيطوف، ولو في آخر ذي الحجة، أو في محرم متى ذكر حتى يكمل حجه. وعليه دم ثان عن تَرْكه المبيت في مُزدلفة إلى ما بعد نصف الليل، وبالله التوفيق.
حكم رَمْي الجمار إذا كان المرمى مملوءًا
س: ما حكم رَمْي الجمار إذا كان المرمى مملوءًا بالحصى، يَرمي الحاج الحصى فيقع في المرمى ثم يسقط خارج المرمى؟ [280]
ج: المهم وقوعه في المرمى، إذا وقع في المرمى كفى والحمد لله، ولو تدحرج وسقط لا يضر.
الحكم فيمن رمى الشاخص دون التأكد من وقوع الجمرات في الحوض.
س: حججتُ وأنا من أهل مكة قبل حوالي سبعة أعوام، وأنا في الحج أقصر الصلاة مع الإمام، ثم أعيدها تامة مُنفرِدًا، وأرمي الجمرات في جميع الأيام من يوم النحر، وما بعده أرميها في الشاخص الذي في وسط المرمى، ظنًّا مني أنه هو المقصود بالرمي، ولا أدري هل تسقط الحجارة في المرمى، أو خارجه فما الحكم؟ [281]
ج: الواجب عليك إذا كان الأمر؛ كما ذكرت فِدْية واحدة تجزئ في الأضحية، فإن لم تستطع فعليك أن تصوم عشرة أيام؛ لأنك والحال ما ذكر في حكم مَنْ لم يرمِ.
أما إعادة الصلاة تامة بعدما صليتَ مع الإمام، فلا وَجْه لذلك، والواجب الاكتفاء بالصلاة مع الإمام؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالناس في عرفة ومزدلفة ومِنى قصرًا، ولم يأمر أهل مكة بإعادة الصلاة تامة، وقد قال – سبحانه -: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[282]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للناس في حجة الوداع: ((خُذوا عني مناسككم)) [283].
حكم الرَّمْي بعد العصر
س: لديَّ بنات يحججن فرضهن هذا العام، فهل يجوز أن يَرْمِينَ جمرة العقبة بعد العصر؛ مخافة الزحمة؟[284]
ج: إذا رمين يوم العيد بعد العصر فلا بأس؛ لأن يوم العيد يجوز الرَّمْي فيه كله، ويجوز أيضًا الرَّمْي في الليل بعد غروب الشمس، من ليلة إحدى عشرة عن يوم العيد لجمرة العقبة لمن لم يَرْمِها في النهار في أصح قولي العلماء، وهكذا يجوز الرَّمْي في اليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر في الليل، لمن لم يَتَيَسَّر له الرَّمْي في النهار بعد الزوال، أما اليوم الثالث عشر، فإنَّ الرمي فيه ينتهي بغروب الشمس، ولا يجوز الرَّمْي في الأيام الثلاثة قبل الزوال ليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر عند أكثر أهل العلم، وهو الحق الذي لا شكَّ فيه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما رَمَى بعد الزوال في الأيام الثلاثة المذكورة، وهكذا أصحابه - رضي الله عنهم - وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((خذوا عني مناسككم))[285]. 
فالواجبُ على المسلمينَ اتِّباعه في ذلك؛ كما يلزم اتباعه في كل ما شرع الله، وفي ترك كل ما نهى الله عنه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - لقول الله - عز وجل -: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [286]، وقوله - عز وجل -: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[287]. والآيات في هذا المعنى كثيرة، والله الموفق.
س: هل يجوز للمرأة أن تُوَكِّل في الرَّمْي في حج الفريضة؟[288]
ج: إذا كانت مريضة أو ضعيفة؛ لكبر سن، أو ضعف قوة، أو حاملاً، أو ذات أطفال، ليس عندهم مَنْ يحفظهم، فإنها توكل ثقة يَرْمِي عنها. أما إذا كانت قوية تستطيع الرَّمْي، وليس بها علة، فإنها ترمي بنفسها في الأوقات المناسبة؛ كالليل، وتجتنب أوقات الزحام؛ كما رمى أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ونساء الصحابة - رضي الله عنهم - وفيهم أُسْوَة.
س: ما حكم التَّوْكيل في الرَّمْي عن المريض، والمرأة، والصبي؟[289]
ج: لا بأس بالتوكيل عنِ المريض والمرأة العاجزة؛ كالحبلى، والثقيلة، والضعيفة التي لا تستطيع رَمْي الجمار، فلا بأس بالتوكيل عنهم، أمَّا القوية النشيطة: فإنها ترمي بنفسها، ومن عجز عنه نهارًا بعد الزوال رمي في الليل، ومن عجز يوم العيد رمى ليلة إحدى عشرة عن يوم العيد، ومن عجز يوم الحادي عشر رمى ليلة اثنتي عشرة عن اليوم الحادي عشر، ومن عجز في اليوم الثاني عشر، أو فاته الرمي بعد الزوال رَمَى في الليلة الثالثة عشرة عن يوم الثاني عشر، وينتهي الرَّمْي بطلوع الفجر.
أما في النهار فلا يرمي إلا بعد الزوال في أيام التشريق.
س: عندي بنت وحجها فرض؛ ولكن بها ضِيق في النفس هل أتوكل عنها في الرمي؟ أفتونا مأجورين جزاكم الله خيرًا.[290]
ج: يجوز لها التوكيل لثقة يرمي عنها دفعًا للخطر؛ لقول الله - عز وجل -: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[291]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّرُوا))[292]. 
س: امرأةٌ أدتِ الحج، وقامت بجميع مناسكه إلا رَمْي الجمار فقد وكلت من يرميها عنها؛ لأنها معها طفلاً صغيرًا علمًا أن هذا الحج هو حج الفريضة، فما حكم ذلك؟[293]
ج: لا شيء عليها في ذلك، ورمي الوكيل يجزئ عنها؛ لما في الزِّحام وقت رَمْي الجمار من الخطر العظيم على النساء، ولا سيما من معها طفل.
س: عند رَمْي الجمرات لم أستطِع الرَّمْي؛ لأنني حامل وكان معي والدي ورَمَى عني، فهل علي شيء؟[294]
ج: رمي الجمرات كغيره من النسك يجب على القادر أن يفعله بنفسه؛ لقول الله - تعالى -: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [295]، فلا يحل لأحد التَّهَاوُن في ذلك؛ كما يفعل البعض حيث نجدهم يوكلون من يرمي عنهم، لا عن عجز عن الرمي؛ ولكن اتِّقاء للزحام، وهذا خطأ عظيم، ولكن إذا كان الإنسان عاجزًا؛ كمريض، أو امرأة حامل، أو ما أشبه ذلك فلا بأس،
وهذه المرأة لا حرج عليها إن شاء الله.
الوكالة في الرمي لا تجوز إلا من عُذر شرعي
س: ما حُكْم من وكل في رَمْي الجمار وهو قادر، وسافر بعد يوم العيد، ولم يمكث في منى يومين؟[296]
ج: الوكالة لا تجوز إلا من علة شرعية مثل: كبير السن، والمريض، ومثل الحُبلى التي يُخْشَى عليها، وما أشبه ذلك، أما التوكيل من غير عُذر شرعي، فهذا لا يجوز، والرَّمْي باقٍ عليه حتى ولو كان حجه نافلة على الصحيح؛ لأنَّه لما دخل في الحج والعمرة وجب عليه إكمالهما، وإن كان نافلة؛ لقوله - سبحانه وتعالى -: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ}[297]، فهذا يعم حج النافلة، وحج الفرض؛ كما يعم عمرة الفرض وعمرة النافلة، لكن إذا كان معْذورًا لمرض، أو كبر سن فلا بأس. والنائب يرمي عنه وعن موكله في موقف واحد الجمرات كلها هذا هو الصواب. 
وكذلك إذا سافر قبل طَواف الوداع فهذا - أيضًا - منكر ثانٍ لا يجوز؛ لأن طواف الوداع بعد انتهاء الرمي، وبعد فراغ وكيله من الرَّمْي إذا كان عاجزًا، وكونه يُسافر قبل طواف الوداع وقبل مُضي أيام مِنى، هذا فيه شيء من التلاعب فلا يجوز هذا الأمر؛ بل عليه دَمَان: دم عن تَرْك الرَّمْي يذبح في مكة، ودم عن ترك طواف الوداع يُذبح في مكة أيضًا، ولو طاف في نفس يوم العيد لا يجزئه ولا يُسَمَّى وداعًا، لأن طواف الوداع يكون بعد رَمْي الجمار، فلا يُطاف للوداع قبل الرَّمْي؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا ينفرنَّ أحدكم حتى يكون آخر عهده بالبيت))[298]، ولما ثَبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خَفَّفَ عن المرأة الحائض" [299]؛ متفق على صحته. وعلى المذكور دمٌ ثالث عن تَرْك المبيت بمِنى ليلة أحد عشر وليلة اثني عشر، مع التوبة إلى الله من فعله المذكور.
س: هل يمكن توكيل شخص عَنِّي؛ لرَمْي الجمرات ثاني أيام التشريق؛ بسبب ظروف عائلية تستوجب عودتي إلى الرياض في هذا اليوم أم أن علي في ذلك دم؟[300]
ج: لا يجوز لأحد أن يستنيب ويسافر قبل إتمام الرَّمْي؛ بل يجب عليه أن ينتظر فإن كان قادرًا رمى بنفسه، وإن كان عاجزًا انتظر ووكل من ينوب عنه، ولا يسافر الإنسان حتى ينتهي وكيله من رمي الجمار، ثم يودع البيت هذا الموكل، وبعد ذلك له السفر.
أما إن كان صحيحًا فليس له التوكيل؛ بل يجب عليه أن يرمي بنفسه؛ لأنه لما أحرم بالحج وجب عليه إكماله وإن كان مُتطوِّعًا؛ لأن الشروع في الحج يوجب إكماله؛ كما قال الله - سبحانه وتعالى -: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ}[301]، وهكذا العمرة كما في الآية الكريمة إذا شرع فيها وجب عليه الإتمام والإكمال. وليس له أن يوكل في بعض أعمال الحج على الصحيح ما دام قادرًا على فعلها. فإن سافر قبل الرمي فعليه دم يطعمه فقراء مكة.
الوكيل في الرَّمْي يرمي عن نفسه أولاً إذا كان مفترضًا.
س: إذا ناب المرء عن أبيه وأمه في رَمْي الجمار إضافة إلى نفسه، فهل يلزمه ترتيب معين في الرَّمْي، أم أنه مُخَيَّر في تقديم من يشاء؟ [302]
ج: إذا ناب المرء عن أمه وأبيه في الرَّمْي لعجزهما أو مرضهما؛ فإنه يرمي عن نفسه، ثم يرمي عن والديه، وإذا بدأ بالأم فهو أفضل لأن حقها أكبر، ولو عكس فبدأ بالأب فلا حرج، أما هو فيبدأ بنفسه ولا سيما إذا كان مفترضًا.
أما إذا كان مُتَنفِّلاً فلا يضره سواء بدأ بنفسه أو بهما؛ لكن إذا بدأ بنفسه فهو الأفضل والأحسن، ثم يرمي عن أمه، ثم عن أبيه في موقف واحد في يوم العيد؛ لكن في غير يوم العيد يكون الرَّمْي بعد الزَّوال يَرْمي عن كل منهم إحدى وعشرين حصاة في كل يوم [303]، ولو قدم رمي أبيه على أمه أو قدم رميهما على نفسه إذا كان متنفلاً. أما إذا كان مفترضًا فيجب أن يبدأ بنفسه ثم يرمي عن والديه.
حكم مَنْ شكَّ في سُقوط الحصى في الحوض.
س: ما حكم من حصل عنده شكّ بأن بعض الحصى لم يسقط في الحَوْض؟[304]
ج: من شكّ فعليه التكميل، يأخذ من الحصى الذي عنده في مِنى من الأرض ويكمل بها.
حكم الرَّمْي من الحصى الذي حول الجِمَار
س: هل يجوز للحاج أن يرمِيَ من الحصى الذي حول الجمار؟ [305]
ج: يجوز له ذلك؛ لأن الأصل أنه لم يحصل به الرَّمْي، أما الذي في الحوض فلا يُرْمَى شيء منه.
العبر المستفادة من رمي الجمار
س: ما العِبْرة التي يَخْرُج بها المسلم عند رميه الجمرات؟[306]
ج: رمي جمرة العقبة في يوم العيد، ورمي الجمار الثلاث في أيام منى، وفي مواعيدها التي حددها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تفيد المسلم في العبرة الأجر العظيم، والعبر الكثيرة من وجوه منها:
أولاً: أنها قدوة بأبينا إبراهيم الخليل - عليه السلام - حين اعترض له إبليس في هذه المواقف، ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - حين شرع ذلك لأمته في حجة الوداع. 
ثانيًا: إقامة ذكر الله وإعلانه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما جعل الطواف بالبيت والسَّعْي بين الصفا والمروة ورَمْي الجِمَار لإقامة ذكر الله)) [307].
ثالثًا: التقيد بالعدد سبعة له حكمة عظيمة، وهي التذكير بما شرع الله من هذا العدد ترمى بسبع حصيات كالطواف سبعًا، والسعي سبعًا، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أوْتِرُوا فإن الله، وِتْر يحب الوِتْر))[308]، وله سبحانه وبحمده حكم كثيرة فيما يشرع لعباده، قد يعلمها العباد أو بعضها، وقد لا يعلمونها؛ لكنهم موقنون بأن الله - سبحانه - حكيم عليم، لا يفعل شيئًا ولا يشرع شيئًا عبثًا.
رابعًا: أن الدين الإسلامي دين امتثال لأمر الله، وأن المسلم مأمور بالعبادة حسب النص التشريعي، ولو خفيت عليه الأسرار؛ لأن الله عليم بكل شيء وحكيم في كل شيء، وعِلْم البشر قاصر، ولا يساوي شيئًا إلى جانب علم الله - عز وجل - فوَجَبَ على المُسْلِم الخُضوع لحكمه، والامتثال لأمره، وإن لم يعلم الحكمة.
خامسًا: رَمْي الجِمَار يشعر المسلم بالتَّواضع والخضوع في امتثال الأمر في حالة الأداء؛ كما أنه يعود الفرد المسلم على النظام والترتيب في المواعيد المحددة، والمُواظَبَة على ذلك في ذهابه لرمي الجمار الأولى، والثانية، والثالثة، التي هي جمرة العقبة، ثم التقيد بالحصيات السبع واحدة بعد أخرى مع الهُدوء، وعدم الإيذاء للآخرين، بقول، أو فعل، كل هذا يعود المؤمن على تنظيم الأمور المهمة، والعناية بها حتى تُؤدَّى في أوقاتها كاملة.
سادسًا: الاحتفاظ بالحصيات، وعدم وضعها في غير مكانها يُشْعِر المسلم بأهمية المُحافظة على ما شرع ربه وعدم الإسراف، ووضع الأمور في مواضعها من غير تبذير، ولا زيادة، أو نقص.
الحلق أفضل من التقصير
س: أيهما أفضل الحلق أو التقصير بعد أداء النُّسُك في العمرة والحج؟ وهل يجزئ تقصير بعض الرأس؟ [309] 
ج: الأفضل الحلق في العمرة والحج جميعًا؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعا للمحلقين ثلاثًا بالمغفرة والرحمة، وللمُقصرينَ واحدة، فالأفضل الحلق، لكن إذا كانت العمرة قرب الحج فالأفضل فيها التقصير حتى يتوفر الحلق في الحج؛ لأن الحج أكمل من العمرة فيكون الأكمل للأكمل. أما إن كانت العمرة بعيدة عن الحج مثلاً في شوال يمكن لشعر الرأس أن يطول فإنه يحلق؛ حتى يحوز فضل الحلق.
ولا يجوز تقصير بعض الرأس ولا حَلْق بعضه، في أصح قولي العلماء؛ بل الواجب حلق الرأس كله أو تقصيره كله. والأفضل أن يبدأ بالشق الأيمن في الحلق والتقصير.
الأكمل تعميم شعر الرأس بالقص.
س: حججتُ العام الماضي مُتمتعًا بالعمرة إلى الحج، وبعد فراغي من العمرة قصرت شعر رأسي بالمقص، بحيث أخذتُ بعض الشعيرات من معظم أجزائه؛ بحجة أنني سوف أحلقه بعد أداء الحج فهل فيما فعلت شيء؟ أفتونا مأجورينَ [310].
ج: ما فعلته من القصّ المذكور بالمقص مجزئ، وليس عليك شيء، والأحوط والأكمل تعميم شعر الرأس بالقص، والحلق أفضل من القَصّ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا بالرحمة والمغفرة ثلاث مرات، وللمُقصرين مرة، إلا إذا كان قدوم الحاج في وقت قريب من الحج فإن الأفضل له أن يُقصِّر حين تحلله من العمرة، ويبقي الحَلْق للحج؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر الذين قدموا معه للحج في حجة الوداع، وليس معهم هَدْي أن يقصروا، ولم يأمرهم بالحَلْق.
والحكمة في هذا، والله أعلم، أن يبقى بقية الرأس للحَلْق من التحلُّل من الحج. والله ولي التوفيق.
مكان الحَلْق والتقصير.
س: إذا رمينا جمرة العقبة هل لا بد من الحَلْق في مِنى، أو نحلق بعد النُّزول إلى مكة؟ وخاصة أنه ربما لا توجد إمكانيات الحلاقة في مِنى؟ أرجو من سماحتكم إيضاح ذلك، وهل ونحن محرمون، أم لا؟[311]
ج: الحلق أو التقصير يجوز فعله في مِنى، وفي مكة وغيرهما.
حكم التحلُّل بعد رَمْي جمرة العقبة.
س: امرأة جاهِلة رمتْ جمرة العقبة يوم النحر، وأحلت إحرامها ولبستِ البُرقع، ولم تقصر، ولم تَطُف طواف الإفاضة، ماذا يجب عليها؟[312]
ج: ليس عليها شيء؛ لأن التَّحَلُّل الأول يحصل برَمْي جمرة العقبة عند جمع من أهل العلم، وهو قول قوي وإنما الأحوط، هو تأخير التَّحلُّل الأول حتى يحلق المحرم أو يقصر، أو يطوف طواف الإفاضة، ويسعى إن كان عليه سَعْي بعد رمي جمرة العقبة. ومتى فعل الثلاثة المذكورة حل التحلل كله. والله ولي التوفيق.
باب صفة الحج والعمرة
(5) طَواف الإفاضَة 
حكم من لم يكمل طواف الإفاضة
إلى سماحة الشيخ / عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، مفتي المملكة العربية السعودية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
سؤالي هو: والدي أتى من مصر؛ لأداء فريضة الحج، ولم يكمل طواف الإفاضة والسَّعْي وطواف الوداع؛ بسبب مرضه الشديد، والزحام الشديد، وضعف جسمه.
أولا: هل حجه صحيح أم لا؟
ثانيًا: ماذا أفعل له؟ أنا ابنه الذي أعمل في المملكة.
ثالثًا: ماذا عليه إن كان قد جامع زوجته، وهل عليه أن يتوقف عن مجامعة زوجته، أم لا؟
رابعًا: إن كان ولا بد من حضوره هل بالإمكان من تأخير حضوره إلى شهر رمضان؛ لأداء العمرة وأداء ما عليه من الحج؟
أفيدونا جزاكم الله عن المسلمين كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[313]
ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بعده:
يلزم والدك الحُضور فورًا حسب الطاقة؛ لأداء الطواف والسَّعْي، وعليه اجتناب امرأته حتى يطوف ويسعى، فإن كان قد جامعها فعليه دم كدم الأضحية يذبح في مكة، ويوزع بين الفقراء مع التوبة، والندم، وعدم العود إلى جماعها، حتى يطوف ويسعى، وحجه صحيح، وعليك أن تساعده في ذلك حسب الطاقة بارك الله فيك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حكم من رفض إحرامه بعد المبيت بمزدلفة.
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم / ع. م. ب. غ. وفقه الله. آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده: 
وصلني خطابكم الكريم المؤرخ في 17/3/1392هـ وصلكم الله بهداه، المتضمن السؤال عما حصل لكم في الحج: وهو أنك وقفت بعرفة، وبِتّ بمزدلفة، وأنك تحللت من الإحرام، ولم ترمِ الجمار؛ بسبب أنك نسيت صلاة الظهر والعصر بعرفة إلى قبيل المغرب، ثم تضايَقْتَ من نفسك ولم تكمل مناسك الحج، وتسأل ماذا يجب عليك في ذلك؟[314]
الجواب: أنك لا تزال محرمًا إلى حين التاريخ، ونيتك التحلل من الإحرام غير معتبرة؛ لعدم توافر شروط التحلل، وعليك أن تُبَادر بلبس ملابس الإحرام من حين يصلك هذا الجواب، وتذهب إلى مكة؛ بنية إكمال الحج، فتطوف سبعة أشواط بالكعبة طواف الحج، وتصلي ركعتي الطواف، ثم تسعى بين الصفا والمروة سَعْي الحج، ثم تحلق أو تقصر، والحلق أفضل إن لم تكن سابقًا حلقت أو قصرت بنية الحج، ثم تتحلّل وعليك دم عن تَرْك رَمْي الجمار كلها، إذا كنت لم ترمِ جمرة العقبة يوم العيد، أو الجِمار الثلاث يوم الحادي عشر والثاني عشر، وهو سبع بدنة أو سبع بقرة أو ثِنِي من المعز، أو جذع من الضَّأْن يُذْبح في الحرم المكي ويوزع بين فقرائه، وعليك دم آخر مثل ذلك؛ عن تركك المبيت بمنى - أيام منى إذا كنتَ لم تَبِتْ بها - يُذبح في الحرم المكي ويوزع بين الفقراء، وعليك مع ذلك التوبة والاستغفار عما حصل من التقصير، بترك الرَّمْي الواجب في وقته، والمبيت بمنى إن لم تكن بتّ بها. أما الطواف والسعي والحلق فوقتها مُوَسّع؛ ولكن فعلها في وقت الحج أفضل، وإذا كنت متزوجًا، وجامعت زوجتك فقد أفسدت حجك؛ لكن عليك أن تفعل ما تقدَّم؛ لأن الحج الفاسد يجب إتمامه كالصحيح؛ لقوله – تعالى -: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ}[315]، وعليك قضاؤه في المستقبل حسب الاستطاعة، وعليك بدنة عن إفسادك الحج بمُجامعتك امرأتك قبل الشروع في التحلُّل، تُذْبح في الحرم المكي وتُوَزَّع بين الفقراء، إلا أن تكون قد رميت الجمرة يوم العيد أجزأتك شاة بدل البدنة، ولم يفسد حجك؛ كالذي جامع بعد الطواف قبل أن يكمل تحلله بالرَّمْي أو الحلق. وفق الله الجميع 
للفِقْه في دينه والثبات عليه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حكم مَنْ شكّ في عدد الأشواط.
س: ذَهَبْنا للحج وعند الطواف والانتهاء منه، قال بعضنا: إننا أتْمَمْنا الأشواط السَّبعة، وقال آخرون: بقي شَوْط. فبعضنا قد بَقَوا لأداء شوط آخر، وانصرف آخرون وأنا منهم، فما حكم الحج، وهل هو صحيح؟[316]
ج: إذا كان الذين انصرفوا وأنت منهم انصرفوا باعتقاد أنهم أكملوا الأشواط السبعة، فالطواف صحيح والحمد لله، أما الذين شكوا فعليهم أن يكملوا شوطًا سابعًا إن لم يطل الفصل، فإن طال الفصل أعادوا الطواف، أما الذين انصرفوا وهم غير مُتَيقِّنينَ أنهم أكملوا السبعة، فعليهم أن يرجعوا إلى مكة، وأن يأتوا بالطواف كاملاً مع التوبة والاستغفار، عما حصل من التقصير، وإذا كان أحد منهم أتى زوجته، أو امرأة أتاها زوجها فعليهم مع ذلك ذبح شاة تذبح في مكة؛ لأنه لا يجوز للرجل أن يأتي زوجته قبل الطواف - وهي كذلك ليس لها أن يأتيها زوجها قبل أن تكمل الطواف - أعني طواف الإفاضة - ويوزع لحمها على الفقراء في مكة، أما من كان شكه طارئًا بعد كمال الطواف وانصرافه من المطاف؛ كحالكم معتقدًا كماله، فإنه لا شيء عليه، ولا يلتفت لهذا الشك. وهذا الحكم في جميع العبادات لا يلتفت إلى الشك الطارئ بعد الفراغ منها. والله ولي التوفيق.
حكم طواف الإفاضة في يوم عرفة
س: أنا شخص طُفْتُ طواف الإفاضة في يوم عرفة، فسمعتُ أنه يجب عليَّ أن أعود، وأقوم بإعادة طواف الإفاضة، فهل عليَّ طواف وداع رغم أنني طفته؟[317] 
ج: طواف الإفاضة لا يكون في يوم عرفة، طواف الإفاضة بعد النزول من عرفة، والنزول من مزدلفة في آخر ليلة العيد، أو في يوم العيد وما بعده، هذا هو وقت طواف الإفاضة، والذي طاف يوم عرفة جاهلاً، فطوافه لاغٍ وعليه أن يطوف بعد النزول من عرفة يوم العيد أو بعده، ولا بد من طواف الإفاضة، ووقته بعد النزول من مزدلفة في النصف الأخير من ليلة مزدلفة وفي يوم العيد وما بعده، وعليك إذا كنت لم تطف أن تطوف بعد ذلك، وإن كنت أتيت أهلك قبل الطواف بعد الرمي والحلق فعليك ذبيحة تُذبح في مكة للفقراء مع التوبة والاستغفار، أما إذا كنت ما أتيت زوجتك، فالحمد لله تطوف وتكمل حجك، وتسعى مع الطواف إذا كنت حاجًّا قارنًا أو مُفْرِدًا ولم تسعَ قبل عرفة، فعليك أن تسعى وتطوف لحجك.
وأما الطواف الذي في يوم عرفة فهذا لا يصح، إلا إذا كان الإنسان قادمًا من بلده في يوم عرفة ووصل مكة، وطاف، وسعى، ثم خرج يوم عرفة من مكة إلى عرفات، فهذا يسمى طواف القُدُوم، وإن كان مُتمتِّعًا يسمى طواف العُمْرة، يطوف، ويسعى، ويقصر، ثم يحل، هذا يسمى طواف العمرة، وإن كنت قارنًا أو مُفْرِدًا طاف، ثم سعى، ثم خرج إلى عرفات في آخر النهار أو في الليل، وهذا يعتبر طوافه صحيحًا؛ لكن يسمى بطواف القُدُوم، وليس بطواف الإفاضة، طواف الإفاضة إنما يكون بعد الحج بعد النزول من عرفة والمزدلفة.
حكم لبس المخيط بعد رَمْي جمرة العقبة والحلق والتقصير
سماحة الشيخ / عبدالعزيز بن عبدالله بن باز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بمشيئة الله - تعالى - أريد أن أحج لهذا العام، وأريد أن أستفسر عن بعض أمور الحج، التي أجهلها، وأرجو من الله ثم من سماحتكم أن تنيروا لنا الطريق، ولكم في ذلك الأجر والثواب إن شاء الله، وهذه الأمور هي: 
س: هل بعد الرَّمْي في اليوم العاشر إذا أردنا النزول إلى مكة للطواف والسعي، وتيسر لنا الحلق، فهل نطوف بالإحرام حتى نهاية السَّعْي، أم جائز لنا لبس المخيط بعد الرَّمْي والحلق في مِنى؟[318]
ج: إذا رمى الحاج يوم العيد جمرة العقبة، وحلق، أو قصر حل التحلل الأول، وجاز له الطيب ولبس المخيط، ولم يبقَ عليه سوى تحريم النساء، وله أن يطوف في ملابس الإحرام، ويسعى،
وإن لبس المخيط وغطى رأسه وقت الطواف والسَّعْي فلا بأس؛ لأنه قد حصل له التحلل الأول برمي جمرة العقبة وبالحلق أو التقصير سواء كان رجلاً أو امرأة؛ لكن المرأة ليس لها الحلق، وإنما تقصر من رأسها فقط. والله ولي التوفيق.
حكم الطواف على غير طهارة.
س: من طاف على غير طهارة، ثم سعى وهو جاهل بذلك، فهل يعيد الطواف ثم يسعى بعده؟ وهل يجوز تأخير الطواف إلى طواف الوداع بدون سعي؟ جزاكم الله خيرًا. [319]
ج: عليه أن يعيد الطواف، وإن أخره حتى يعزم على السفر، وطاف عند السفر أجزأه عن طواف الوداع، وإن أعاد السعي فحسن، خُروجًا من الخلاف.
الحائض والنفساء يبقى عليهما طواف الحج حتى تطهرَا
س: إذا حاضتِ المرأة قبل أن تطوف طواف الإفاضة فما حكمها؟ علمًا بأنها فعلت كل بقية المناسك، واستمر حيضها حتى بعد أيام التشريق. [320]
ج: إذا حاضتِ المرأة قبل طواف الحج أو نفست؛ فإنه يبقى عليها الطواف حتى تطهر، فإذا طهرتْ، تغتسل وتطوف لحجها ولو بعد الحج بأيام، ولو في المُحَرَّم، ولو في صفر، حسب التيسير، وليس له وقت محدود، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجوز تأخيره عن ذي الحجة؛ ولكنه قول لا دليل عليه؛ بل الصواب جواز تأخيره؛ ولكن المبادرة به أَوْلَى مع القدرة، فإن أخره عن ذي الحجة أجزأه، ولا دم عليه.
والحائض والنفساء معذورتان فلا حَرَج عليهما؛ لأنه لا حيلةَ لهما في ذلك، فإذا طهرتَا طافتَا سواء كان ذلك في ذي الحجة أو في المُحَرَّم.
النفساء تكمل الحج إذا طهرت قبل الأربعين
س: المرأة النفساء إذا بدأ نفاسها يوم التروية، وأكملت أركان الحج عدا الطواف والسعي، إلا أنها لاحظت أنها طهرت مبدئيًّا بعد عشرة أيام، فهل تتطهر، وتغتسل، وتؤدي الركن الباقي الذي هو طواف الحج؟ [321]
ج: نعم، إذا نفست في اليوم الثامن مثلاً فلها أن تحج، وتقف مع الناس في عرفات ومزدلفة، ولها أن تعمل ما يعمل الناس من رمي الجمار، والتقصير، ونحر الهدي، وغير ذلك، ويبقى عليها الطواف والسعي تؤجلهما حتى تطهر، فإذا طهرتْ بعد عشرة أيام، أو أكثر، أو أقل اغتسلتْ، وصلَّتْ، وصامَتْ، وطافَتْ، وسعَتْ، وليس لأقل النفاس حدّ مَحْدُود، فقد تطهر في عشرة أيام أو أقل من ذلك أو أكثر، لكن نهايته أربعون، فإذا تمَّتِ الأربعون ولم ينقطع الدم؛ فإنها تعتبر نفسها في حكم الطاهرات، تغتسل، وتصلي، وتصوم، وتعتبر الدم الذي بقي معها على الصحيح دم فساد تُصَلّي معه، وتصوم وتحل لزوجها؛ لكنها تجتهد في التحفظ منه بقطن ونحوه، وتتوضأ لوقت كل صلاة، ولا بأس أن تجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء؛ كما أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - حمنة بنت جحش بذلك.
س: سافرت امرأة إلى الحج وجاءتها العادة الشهرية بعد خمسة أيام من تاريخ سفرها، وبعد وُصولها الميقات اغتسلتْ وعقدتِ الإحرام، وهي لم تطهر من العادة، وحين وصولها إلى مكة المكرمة ظلت خارج الحرم، ولم تفعل شيئًا من شعائر الحج أو العمرة، ومكثتْ يومين في مِنى، ثم طهرت، واغتسلت، وأدت جميع مناسك العمرة، وهي طاهرة، ثم عاد الدم إليها، وهي في طواف الإفاضة للحج إلا أنها استحتْ، وأكملت مناسك الحج، ولم تخبر وليها إلا بعد وصولها إلى بلدهم، فما حكم ذلك؟ [322]
ج: إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل، فعلى المرأة المذكورة أن تتوجه إلى مكة، وتطوف بالبيت العتيق سبعة أشواط بنية الطواف عن حجها؛ بدلاً من الطواف الذي أصابها الدم فيه، وتصلي بعد الطواف ركعتينِ خلف المقام، أو في أي مكان من الحرم، وبذلك يتم حجها. 
وعليها دم في مكة لفُقرائها، وإن كان لها زوج قد جامعها بعد الحج؛ لأن المُحْرِمة لا يحل لزوجها جماعها إلا بعد طواف الإفاضة، ورمي الجمرة يوم العيد، والتقصير من رأسها.
وعليها السَّعْي بين الصفا والمروة إن كانت لم تسعَ، إذا كانت مُتمتِّعة بعمرة قبل الحج، أما إذا كانت قَارِنة، أو مُفرِدة للحج فليس عليها سَعْي ثانٍ، إذا كانت قد سعتْ مع طواف القُدوم.
وعليها التوبة إلى الله - سبحانه وتعالى - مما فعلت من طوافها حين أصابها الدم، ومن خروجها من مكة قبل الطواف إن كان قد وقع، ومن تأخيرها الطواف هذه المدة الطويلة. نسأل الله أن يتوب عليها.
حكم جمع طواف الإفاضة مع طواف الوداع.
س: هل يجوز جمع طواف الإفاضة مع طَواف الوداع في حال الخُروج مُباشرة من مكة والعودة إلى الوطن؟[323]
ج: لا حَرَج في ذلك، لو أنَّ إنسانًا أخَّر طواف الإفاضة، فلما عزم على السفر طاف عند سفره بعدما رمى الجمار وانتهى من كل شيء، فإن طواف الإفاضة يجزئه عن طواف الوداع،
وإن طافهما - طواف الإفاضة وطواف الوداع - فهذا خير إلى خير؛ ولكن متى اكتفى بواحد، ونوى طواف الحج أجزأه ذلك.
من مات قبل طواف الإفاضة لا يُطَاف عنه.
س: ما حكم من أتمَّ أعمال الحج ما عدا طواف الإفاضة ثم تُوفي، هل يُطاف عنه؟ [324]
ج: من أتمَّ أعمال الحج ما عدا طواف الإفاضة، ثم مات قبل ذلك لا يطاف عنه؛ لقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: بينما رجل واقف مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ وقع عن راحلته فوقَصَتْه، فمات فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((اغْسِلُوه بماءٍ وسِدْر، وكفِّنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإن الله - تعالى - يبعثه يوم القيامة مُلبِّيًا))[325]؛ رواه البخاري ومسلم؛ وأصحاب السنن، فلم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالطَّواف عنه؛ بل أخبر بأنَّ الله يبعثه يوم القيامة مُلبِّيًا؛ لبقائه على إحرامه بحيث لم يَطُف، ولم يُطَف عنه.
باب صفة الحج والعمرة.
(6) السَّعْي
حكم السَّعْي 
س: ما حُكْم السَّعْي في الحج والعمرة؟[326]
ج: رُكْن من أركان الحج والعمرة؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام -: ((خُذوا عني مناسككم))[327]، وفعله يُفسِّر قوله، وقد سعى في حجته وعمرته عليه الصلاة والسلام.
المفرد والقَارِن لا يلزمهما سَعْي آخر
س: حججتُ مُفْرِدًا، وقمتُ بالطواف والسَّعْي قبل عرفة، فهل يُلْزمني الطواف والسَّعْي عند الإفاضة، أو مع طواف الإفاضة؟[328]
ج: هذا الذي حج مُفرِدًا، وهكذا لو حج قارنًا بالحج والعمرة جميعًا، ثم قدم مكة وطاف وسعى، وبقي على إحرامه؛ لكونه مُفْرِدًا أو قارِنًا، ولم يتحلّل فإنه يجزئه السَّعْي، ولا يلزمه سعي آخر، فإذا طاف يوم العيد أو بعده، كفاه طواف الإفاضة إذا لم يتحلّل من إحرامه، حتى يوم النَّحْر، والسَّعْي الذي سَعَاهُ أولاً مجزئ، سواء كان معه هَدْي أو ليس معه هَدْي، إن كان لم يتحلل إلا بعد ما نزل من عرفة يوم العيد، فإن سعيه الأول يكفيه، ولا يحتاج إلى سعي ثانٍ، إذا كان قارنًا بالحج والعمرة أو كان مُفرِدًا للحج؛ وإنما السَّعْي الثاني على المتمتع الذي أحرم بالعمرة وطاف وسعى لها وتحلل، ثم أحرم بالحج، فهذا عليه سَعْي ثانٍ للحج غير سَعْي العمرة.
حكم تقديم سَعْي الحج على طواف الإفاضة
س: هل يجوز تقديم سَعْي الحج قبل طواف الإفاضة؟[329]
ج: الأفضل بعد الطَّواف، ولا ينبغي التقديم؛ بل يطوف ثم يسعى؛ كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن إذا قدم الإنسان السَّعْي ساهيًا، أو جاهلاً أجزأه.
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم، فضيلة الشيخ: ع. س. م. القاضي بمحكمة التمييز بالمنطقة الغربية. وفقه الله لما فيه رضاه آمين
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ في 8/1/1413هـ وصلكم الله بهداه، وما تضمنه من الأسئلة الخمسة كان معلومًا: 
س: رجل أحرم بالحج يوم التروية من مكة المكرمة، ثم ذَهَب بعد إحرامه في ذلك اليوم إلى الحرم، فطاف طواف الإفاضة فقط، واكتفى بسَعْيه الأول يوم التَّروية، فهل يجزئه ذلك السَّعْي؟ حيث إنني رأيت بعض أهل العلم يَشْتَرِط لصحة السعي أن يكون عقب طواف نُسك، كطواف القدوم مثلاً. وإذا كان هذا الشرط صحيحًا فما مُسْتَنَد الأخْذِ به؟[330]
ج: فقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان في حجه وعمره يسعى بعد الطواف، ولم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - فيما نعلم أنه سعى قبل الطواف في حج أو عمرة، كما أنه لم يثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه سعى بعد طواف ليس بنسك، وإنما كان سَعْيُه بعد طواف القدوم في حجة الوداع، وهو نسك. وسعى في عُمَرِه بعد الطواف وهو نسك؛ بل من أركان العمرة.
وذكر شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - في "الفتاوى" ج26 ما يدل على أنه فعل السعي بعد طواف النسك محل إجماع.
ولكن قد ثَبَتَ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في حجة الوداع لما سُئِل عن أعمال يوم النحر من الرمي، والنَّحْر، والحَلْق أو التقصير، والطَّواف والسَّعْي، والتَّقْديم والتأخير قال: ((لا حرج))[331].
وهذا الجواب المُطلق يدخل فيه تقديم السَّعْي على الطواف في الحج والعمرة، وبه قال جماعة من العلماء. ويدل عليه ما رواه أبو داود بإسناد صحيح عن أسامة بن شريك، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِل عمن قدم السَّعْي على الطَّوَاف. فقال: ((لا حرج)). وهذا الجواب يعم سَعْي الحج والعمرة، وليس في الأدِلَّة الصحيحة الصريحة ما يمنع ذلك. فإذا جاز قبل الطواف الذي هو نُسُك، فجوازه بعد طواف ليس بنُسك من باب أَوْلَى.
 لكن يشرع أن يعيده بعد طواف النسك؛ احتياطًا، وخروجًا من خلاف العلماء، وعملاً بما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجه وعمره. 
ويحمل ما ذكره الشيخ/ تقي الدين - رحمه الله - مِنْ كَون السَّعْي بعد الطواف محل وفاق على أن ذلك هو الأفضل. أما الجواز ففيه الخلاف الذي أشرنا إليه. وممن صرح بذلك صاحب "المُغْنِي" ج3 ص 390 حيث نقل - رحمه الله تعالى - الجواز عن عطاء مطلقًا، وعن إحدى الروايتينِ عن أحمد في حق النَّاسي. أ. هـ
ويدل على عدم مشروعية الطَّواف، والسَّعْي قبل الحج لمن أحرم بالحج من مَكَّة أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر المهلِّينَ بالحج أن يتوجهوا إلى منى من منازلهم في حجة الوداع، ولم يأمرهم بالطواف ولا بالسعي قبل خروجهم إلى منى، فدل ذلك على أن المشروع لمن أحرم بالحج من مكة أن يتوجه إلى مِنى قبل الطواف والسَّعْي، فإذا رجع إلى مكة بعد عرفة ومزدلفة طاف، وسعى لحجه. والله ولي التوفيق.
حكم من حج ولم يسعَ.
س: أنا من سكان مكة حججتُ العام الماضي، وطفتُ ولكن لم أسعَ، فما الحكم؟[332]
ج: عليك السَّعْي، وهذا غلط منك، ولا بد من السَّعْي سواء كنت من أهل مكة أو من غيرهم، لا بدَّ من السعي بعد الطواف بعد النُّزول من عرفات تطوف وتسعى، فالذي ترك السَّعْي يسعى الآن، وإذا كان أتى زوجته عليه ذبيحة يذبحها في مكة للفقراء؛ لأنه لن يحصل له التحلّل الثاني إلا بالسَّعْي، فعليه أن يسعى الآن بنيّة الحج السابق، وعليه دم إن كان قد أتى زوجته.
حكم الزيادة في السَّعْي
س: لقد سعيتُ بين الصفا والمروة؛ ولكن عملت الشوط من الصفا إلى الصفا على أنه واحد هل علي شيء في ذلك؟[333]
ج: هذه زيادة منك فقد سعيت أربعة عشر شوطًا، والواجب سبعة والسبعة الأخرى لا تجوز؛ لأنها خلاف الشرع؛ لكنك معذور بالجهل، وعليك التوبة إلى الله من ذلك، وعدم العودة إلى مثلها إذا حججتَ أو اعتمرتَ؛ لأن الذي حصل به المقصود سبعة من الصفا للمروة، ثم من المروة للصفا، تبدأ بالصفا وتختم بالمروة، سبعة أشواط.
حكم الفصل بين الطواف والسَّعْي بزمن طويل.
س: طفتُ طواف القُدوم وطواف الإفاضة بدون سَعْي، هل يجوز الفصل بين الطواف والسَّعْي بزمن طويل؟[334] 
ج: لا حَرَج في الفَصْل بين السَّعي والطواف عند أهل العلم، فلو سعى بعد الطَّواف بزمن، أو في يوم آخر فلا بأس بذلك ولا حَرَج فيه، ولكن الأفضل أن يتوالى السَّعْي مع الطواف، فإذا طاف بعمرته سعى بعد ذلك من دون فصل، وهكذا في حجه، ولو فصل فلا حَرَج في ذلك؛ لأن السَّعْي عِبادة مُستقِلّة، فإذا فصل بينهما بشيء فلا يَضُر، ولهذا لو قدم الحاج أو القَارِن، وطاف فقط وأجَّل السَّعْي إلى ما بعد نزوله من عرفات، فلا حَرَج في ذلك، وإن قدمه فلا حَرَج في ذلك.
حكم من قصر ولبس ثيابه قبل إتمام السَّعْي.
س: إنسان سعى خمسة أشواط أو ستة ناسيًا أو جاهلاً، ثم قصر ولبس ثيابه، فما الحكم؟[335]
ج: عليه أن يخلع ثيابه، ويلبس الإزار والرداء، ويتم ما بقي عليه إن كان الفاصل قليلاً، ويحلق رأسه أو يقصر ثم يلبس ثيابه، ولا شيء عليه غير ذلك. أما إن كان الفاصل طويلاً فعليه أن يعيد السَّعْي، ثم يحلق، أو يقصر، ولا شيء عليه؛ من أجل الجهل، أو النسيان؛ لقول الله – سبحانه -: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [336]، وقد صَحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله - سبحانه - قال: "قَدْ فَعَلْتُ" [337]؛ رواه مسلم في صحيحه. والله الموفق.
حكم من سافر ولم يكمل سَعْيه.
س: حججتُ العام الماضي وفي أثناء السعي - وكان قد بقي منه ثلاثة أشواط - مرضَتْ إحدى مرافقاتي، فذهبت بها إلى السكن، ثم سافرت إلى البلد الذي أعمل فيه، فماذا علي يا سماحة الشيخ؟[338]
ج: يجب عليكِ أن تعودي إلى مكَّة، وأن تسعي سبعة أشواط بين الصفا والمروة؛ بنية الحج السابق، وعليكِ دم يذبح في مكة للفقراء، إن كان لديكِ زوج قد جامَعَكِ، فإن لم يكن لديك زوج أو لديكِ ولم يحصل جماع فليس عليك دم. وعليكِ أن تطوفي للوداع عند السفر من مكة مع التوبة إلى الله - سبحانه - مما وقع منك. غفر الله لنا ولك ولكل مسلم.
باب صفة الحج والعمرة.
(7) أعمال يوم النحر.
السنة ترتيب أعمال يوم النحر.
س: ما هو الأفضل في أعمال يوم النَّحْر، وهل يجوز التَّقديم والتأخير؟ [339]
ج: السُّنة في يوم النحر أن يرمي الجمرات، يبدأ برَمْي جمرة العقبة، وهي التي تلي مكة، ويرميها بسبع حصيات كل حصاة على حدة، يُكَبِّر مع كل حصاة، ثم ينحر هَدْيَه إن كان عنده هَدْي، ثم يحلق رأسه أو يقصره، والحلق أفضل. ثم يطوف ويسعى إن كان عليه سعي هذا هو الأفضل، كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه رمى، ثم نحر، ثم حلق، ثم ذهب إلى مكة، فطاف - عليه الصلاة والسلام - هذا الترتيب هو الأفضل الرَّمْي، ثم النحر، ثم الحلق أو التقصير، ثم الطواف، والسعي إن كان عليه سَعْي. فإن قدم بعضها على بعض فلا حَرَج، أو نحر قبل أن يَرْمي، أو أفاض قبل أن يرمي، أو حلق قبل أن يرمي، أو حلق قبل أن يذبح كل هذا لا حرج فيه. النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِل عن من قدم أو أخر فقال: ((لا حرج، لا حرج))[340].
س: هل يجوز أن نرجم ونعود إلى النَّحْر قبل الطواف؟[341]
ج: السُّنَّة للحاج يوم العيد أربعة أمور، وقد تكون خمسة:
الأول: الرَّمْي، برمي الجمرة، أي: جمرة العقبة يوم العيد بسبع حصيات، إذا كان ما رماها في آخر الليل، يرميها بعد طلوع الشمس، كما رماها النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن رماها من الضعفة من النساء، والمرضى، وكبار السن، ومن معهم في النصف الأخير من ليلة مُزْدلفة أجزأهم ذلك. أمَّا الأقوياء: فالمشروع لهم أن يرموها ضحى بعد طلوع الشمس؛ كما رماها
النبي - صلى الله عليه وسلم -
الثاني: النَّحْر، نحر الهَدْي إذا كان عنده هَدْي، فإنه ينحره في مِنى، وهو الأفضل إذا وجد الفقراء، أو في مكة وفي بقية الحرم.
تنحر الإبل واقفة معقولة يدها اليسرى، وتُذْبح البقر والغنم على جنبها الأيسر مُوَجَّهَة إلى القبلة. 
الثالث: الحَلْق أو التقصير. فالرَّجُل يحلق رأسه أو يقصره والحلق أفضل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا للمُحلقينَ بالمغفرة والرحمة ثلاثًا، وللمقصرين واحدة. والمرأة تقصر فقط تقطع من أطراف شعر رأسها قليلاً، وإن كان رأسها ضفائر، فإنها تأخذ من طرف كل ضفيرة قليلاً.
الرابع: وهو طواف الإفاضة، ويسمى طواف الحج. وإذا كان عليه سَعْي صار خامسًا، هذا السَّعْي للمُتمتِّع فإنه عليه السَّعْي لحجه والأول لعمرته. وهكذا المُفرِد والقَارن إذا كانا لم يسعَيا مع طواف القُدوم.
وهذه الأمور التي تفعل يوم العيد، وهي خمسة: أولها الرَّمْي، ثم الذَّبْح، ثم الحلق أو التقصير، ثم الطواف، ثم السعي في حق من عليه سَعْي. وهذه الأمور قد شرع الله فَعَلَهَا ورتَّبَها النبي - صلى الله عليه وسلم - هكذا فإنه - صلى الله عليه وسلم – رمى، ثم نحر هَدْيَه، ثم حلق رأسه، ثم تطيب، وتوجه إلى مكة؛ للطواف - عليه الصلاة والسلام - لكن لو قدم بعضها على بعض فلا حرج، فلو نحر قبل أن يرمي، أو طاف قبل أن ينحر، فلا حرج في هذا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِل عن ذلك فقال: ((لا حرج، لا حرج)) [342] عليه الصلاة والسلام. 
والنساء قد يحتجْنَ إلى الذّهَاب إلى مكة للطواف قبل أن يحدث عليهن دورة الحيض، فلو ذهبت في آخر الليل، وقدمت الطواف قبل أن يصيبها شيء على الرَّمْي، أو على النَّحْر، أو على التقصير فلا بأس بهذا. فالأمر في هذا واسع، والحمد لله، وقد ثبت أن أم سلمة - رضي الله عنها - رمتِ الجمرة ليلة العيد قبل الفجر، ثم مضتْ إلى مكة فطافتْ طواف الإفاضة، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه سأله سائل فقال: يا رسول الله، أفضتُ قبل أن أرمي فقال: ((لا حرج))، وسأله آخر فقال: "نحرت قبل أن أرمي". فقال: ((لا حرج))، قال الصحابي الراوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فما سُئِل يومئذ يعني - يوم النحر- عن شيء قُدم أو أُخر إلا قال: ((لا حرج، لا حرج)) عليه من ربه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. وهذا من لطف الله - سبحانه - بعباده، فلله الحمد والمنة.
حكم من حلق قبل صلاة العيد 
س - ما حُكْم من حلق قبل صلاة العيد في الحج؟ جزاكم الله خيرًا [343]
ج: هذا الأمر فيه تفصيل: فإن كان في الحج؛ فإنه يشرع له إذا رمى جَمْرة العقبة أن يحلق أو يُقَصِّر، أما الصلاة فليس عليه صلاة، فيرمي الجَمْرة ثم يحلق، وإذا حلق قبل الرَّمْي أجزَأَهُ ذلك، وقد سُئِل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم العيد عمن قَدَّم وأخَّر فقال: ((لا حَرَجَ، لا حرج)) [344]؛ لكن السُّنَّة أن يَرْمِي، ثم يَنْحَر، ثم يحلق أو يقصر - والحَلْق أفضل - ثم يَطُوف طواف الإفاضة؛ لكن إن قَدَّم بعضها على بعض فلا حَرَج، وليس للحُجَّاج صلاة يوم العيد، لأنه يقوم مقامها رَمْي الجِمَار.
حكم من لم يعمم الرأس بالتقصير
س: ما الحكم فيمن اقتصر بشعرات أربع أو خمس؟[345]
ج: الواجب على الحاجِّ والمُعْتَمِر أن يُعَمِّم رأسه في الحَلْق والتقصير؛ كما فعل النبي - عليه الصلاة والسلام - وكما فعل أصحابه - رضي الله عنهم - بأمره.
حكم تقديم طواف الإفاضة، والسَّعْي قبل رَمْي جَمْرة العقبة
س: هل يجوز تقديم طَوَاف الإفاضة، والسَّعْي قبل رَمْي جمرة العقبة الكُبْرى، أو قبل الوُقوف بِعَرَفة؟ أفيدونا أفادكم الله[346]  
ج: يجوز تقديم الطَّواف والسَّعْي للحج قبل الرَّمْي، لكن لا يجزئ طواف الحج قبل عرفات، ولا قبل نصف الليل من ليلة النَّحْر؛ بل إذا انْصَرَف منها ونزل من مُزْدَلِفَة ليلة العيد، يجوز له أن يطوف ويسعى في النصف الأخير من ليلة النَّحْر، وفي يوم النحر قبل أن يرمي. سَأَل رَجُل النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَفَضْتُ قبل أن أَرْمِي؟" قال: ((لا حَرَج))، فإذا نزل من مُزْدَلِفَة صباح العيد، أو آخر الليل، ولا سيما إذا كان من العجزة، ونزلوا آخر الليل؛ كالنساء وأمثالهم جاز لهم البَدْء بالطواف؛ لئلاَّ تحيض المرأة، وهكذا الرجل الضعيف يبدأ بالطواف ثم يرمي بعد ذلك ولا حَرَج في ذلك؛ لكن الأفضل أن يَرْمِي، ثم يَنْحَر الهَدْي إن كان عنده هَدْي، ثم يحلق، أو يُقَصِّر، والحلق أفضل، ثم يطوف فيكون الطواف هو الأخير؛ كما فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - حينما رمى الجَمْرة يوم العيد ثم نحر هَدْيَه، ثم حلق رأسه، ثم تَطَيَّب، ثم ركب إلى البيت فطاف؛ ولكن لو قدم بعضها على بعض بأن يَنْحَر قبل أن يرمي، أو حلق قبل أن ينحر، أو حلق قبل أن يرمي، أو طاف قبل أن يرمي، أو طاف قبل أن يَذْبَح، أو طاف قبل أن يَحْلِق، كل ذلك مُجْزِئ بحمد الله؛ لأنَّ الرسول - عليه أفضل الصلاة والسلام - سُئِل عن التقديم والتَّأْخِير فقال: ((لا حَرَج، لا حَرَج))[347].
إذا كان الحاجُّ ساكنًا في أدنى الحِلّ؛ فلا حَرَج في الذهاب إلى مسكنه قبل الطواف، والسَّعْي.
س: أنا أسْكُن على حدود الحرم من جهة التنعيم، فهل يجوز أن أذهب إلى منزلي قبل الطواف والسَّعْي للحج؟ أرجو التكرم بالإجابة، أثابَكُم الله [348].
ج: إذا كان الحاجُّ ساكنًا في أَدْنَى الحِلّ؛ كالشرائع أو نحوها، فلا حَرَج في الذهاب إلى مسكنه قبل الطَّواف، والسَّعْي.
التحلل الأول والتحلل الثاني
س: ماذا يُقْصد بالتَّحلُّل الأول، والتَّحلُّل الثاني؟[349]
ج: يُقصد بالتَّحلُّل الأول إذا فعل اثنينِ من ثلاثة، إذا رمى وحلق أو قَصَّر، أو رمى وطاف وسعى إن كان عليه سَعْي، أو طاف وسعى وحلق أو قصر، فهذا هو التَّحَلُّل الأول. 
وإذا فعل الثلاثة: الرَّمْي، والطَّواف، والسَّعْي إن كان عليه سَعْي، والحلق أو التقصير، فهذا هو التَّحلُّل الثاني. فإذا فعل اثنينِ فقط: لبس المخيط، وتَطَيَّبَ، وحَلَّ له كل ما حُرِّمَ عليه بالإحرام ما عدا الجماع، فإذا جاء بالثالث حَلَّ له الجِمَاع.
وذهب بعض العلماء إلى أنه إذا رمى الجَمْرة يوم العيد، يحصُل له التَّحلُّل الأول، وهو قولٌ جيد، ولو فعله إنسان فلا حَرَج عليه - إن شاء الله - لكن الأَوْلَى والأَحْوَط ألاَّ يَعجَل حتى يفعل معه ثانيًا بعده الحَلْق أو التقصير، أو يضيف إليه الطَّواف والسَّعْي إن كان عليه سَعْي؛ لحديث عائشة - وإن كان في إسناده نَظَر - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا رَمَيْتُمْ وَحَلَقْتُمْ، فقد حَلَّ لكم الطِّيبُ، وكُلُّ شيء إلا النِّساءَ))، ولأحاديث أُخْرى جاءت في الباب؛ ولأنه - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا رَمَى الجَمْرة يوم العيد، ونَحَر هَدْيَه وحلق، طَيَّبَتْه عائشة. وظاهر النص أنه لم يَتطَيَّب إلا بعد أن رَمَى ونَحَر وحَلق. فالأَفْضل والأَحْوَط أن لا يتَحَلَّل التَّحلُّل الأول إلا بعد أن يَرْمِي، وحتى يحلق، أو يُقصِّر، وإن تَيَسَّر أيضًا أن يَنْحَر الهَدْي بعد الرَّمْي، وقبل الحَلْق فهو أفضل، وفيه جمعٌ بين الأحاديث.
س: ما هي الأمور التي يتحلل بها الحاجّ التَّحلُّل الأول والثاني، وهل لا بد من ترتيبها؟ وما معنى "يسوق الهدي" [350]؟
ج: يحصُل التَّحلُّل الأول باثنينِ من ثلاثة وهي: رَمْي جَمْرة العقبة يوم العيد، والحَلْق أو التقصير، وطواف الإفاضة مع السَّعْي في حق من عليه سَعْي، فإذا رَمَى الحاج، وحلق أو قصر، حصل له التحلُّل الأول، فله لبس المخيط مُطلقًا، وله الطِّيب، وقلم الأظافر، ونحو ذلك، ومتى طاف طواف الإفاضة وسعى - إن كان مُتمتِّعًا أو مُفردًا أو قارنًا ولم يسعَ مع طواف القُدُوم - حَلَّ له كل شيء حُرِّم عليه بالإحرام؛ من النساء، والطِّيب، ولبس المخيط، وغير ذلك. 
أما "سوق الهَدْي" فمعناه: أن يسوق معه ناقة أو أكثر، أو بقرة أو أكثر، أو شاة أو أكثر هَدية؛ ليَذْبحها في مكة، فليس له التَّحلُّل حتى ينحر هَدْيَه، سواء ساق الهَدْي من بلده، أو من أثناء الطريق؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر من كان مَعَهُ هَدْي ألا يحلّ من إحرامه حتى يَنْحَر هَدْيَهُ يوم العيد، أو في أيام التَّشْرِيق.
ولا يجب الترتيب بين هذه الأمور المذكورة، فله أن يُقدِّم الطواف على الرَّمْي، وله أن يُقَدِّم الحَلْق أو التقصير على الرَّمْي والنَّحْر، ولكن الأفضل هو التَّرْتيب؛ كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم – فيرمي، ثم ينْحَر إن كان عنده أو عليه هَدْي، ثم يحلق، أو يقصر، ثم يطوف، ثم يَسْعَى إن كان عليه سَعْي، هذا هو الترتيب المشْرُوع.
متى تحل المرأة لزوجها الحاجّ
س: إذا طاف الحاجُّ طواف الإفاضة، فهل يحل له النساء مُدَّة أيام التشريق؟ [351]
ج: إذا طاف الحاج طواف الإفاضة لا يحل له إِتْيان النساء إلاَّ إذا كان قد استَوْفَى الأمور الأُخرى؛ كرَمْي جَمْرة العَقَبة، والحَلْق أو التقصير، وعند ذلك يُباح له النساء وإلاَّ فلا. الطواف وحده لا يكفي، ولا بد من رَمْي الجَمْرة يوم العيد، ولا بد من حَلْق أو تقصير، ولا بد من الطواف والسَّعْي إن كان عليه سَعْي، وبهذا يحل له مُباشَرَة النساء، أما بدون ذلك فلا، لكن إذا فعل اثنينِ من ثلاثة بأن رَمَى وحلق أو قَصَّر، فإنه يُباح له اللبس والطِّيب ونحو ذلك، ما عدا النساء، وهكذا لو رَمَى وطاف، أو طاف وحلق، فإنه يحلُّ له الطِّيب واللباس المخيط، ومثله الصيد، وقَصّ الظُّفْر، وما أشبه ذلك، لكن لا يحلّ له جِمَاع النساء إلا باجتماع الثلاثة: أن يرْمِيَ جَمْرة العَقَبة، ويَحْلِق أو يُقَصِّر، ويَطُوف طواف الإفاضة، ويسْعَى إن كان عليه سَعْي كالمُتَمَتِّع، وبعد هذا تحل له النِّساء. والله أعلم.
باب صفة الحج والعمرة
(8) المبيت بمِنى أيام التشريق 
حُكْم المبيت خارج مِنى أيام التشريق 
س: ما حكم المَبِيت خارج مِنى أيام التشريق: سواء كان ذلك عمدًا، أو لتَعذُّر وجود مكان فيها؟[352]  
ج: المبيت في مِنى واجب على الصحيح ليلة إحدى عشرة، وليلة اثنتي عشرة، هذا هو الذي رجَّحَه المُحقِّقُون من أهل العلم على الرجال والنساء من الحُجَّاج، فإن لم يجدوا مكانًا سَقَط عنهم، ولا شيء عليهم، ومن تَرَكَه بلا عُذْر فعليه دم.
حكم تَرْك المبيت بمِنى يومَيْنِ أو ثلاثة
س: ما حكم من تَرَك المبيت في مِنى ثلاثة أيام أو اليومينِ المذكورينِ للمتعجِّل؟ فهل يلزمه دم عن كل يوم فَاتَه المبيت فيه في مِنى، أم عليه دم واحد فقط لكل الأيام الثلاثة، التي لم يَبِتْ فيها بمِنى؟ نرجو توضيح ذلك مع ذِكْر الدليل؟[353]
ج: مَنْ تَرَك المبيت بمِنى أيام التشريق بدون عُذْر فقد تَرَك نُسُكًا شرعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله وفعله وبدلالة ترخيصه لبعض أهل الأعذار، مثل: الرُّعاة، وأهل السِّقاية، والرُّخصة لا تكون إلا مُقابل العزيمة؛ ولذلك اعتبر المبيت بمنى أيام التشريق مِن واجبات الحج في أصح قولي أهل العلم، ومن تَرَكَه بدون عُذر شرعي فعليه دم؛ لِمَا ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "مَنْ تَرَك نُسُكًا أو نَسِيَه فليهرق دمًا"[354]، ويكفيه دم واحد عن تَرْك المبيت أيام التشريق، والله ولي التوفيق.
س: ما الحكم إذا لم يستطِعِ الحاجُّ المبيت في مِنى أيام التشريق؟[355]
ج: لا شيءَ عليه؛ لقول الله - سبحانه وتعالى -: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [356]، سواء كان تَرْك المبيت لِمَرض، أو عدم وجود مكان، أو نحوهما من الأعذار الشرعية؛ كالسقاة، والرعاة، ومَنْ في حُكْمهما.
حكم من تَرَك المبيت بمِنى ليلة واحدة لِمَرض
س: ما حكم من تَرَك المبيت في مِنى ليلة واحدة، وهي ليلة الحادي عشر، وذلك بأن كان الحاج مريضًا، ولم يستطع المبيت في مِنى تلك الليلة؛ ولكنه رَمَى الجِمَار نهارًا بعد الزَّوَال؛ أي رَمَى جِمَار يوم الحادي عشر مِن أيام التشريق مع جِمَار اليوم الثاني عشر في النَّهار بعد الزَّوَال. فهل يلزمه دم في هذه الحالة، حيث إنه تَرَك مَبيت ليلة الحادي عشر بمِنى، مع العلم أنه بات ليلة الثاني عشر في مِنى، ورَمَى الجِمَار بعد الزوال من ذلك اليوم، ثم ارْتَحَل عن مِنى إلى مكة؟ نرجُو توضيح ذلك مع ذِكْر الدليل؟[357]
ج: ما دام تَرَك المبيت بمِنى ليلة واحدة لعُذْر المرض فلا شيءَ عليه؛ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [358]؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخَّصَ للسقاة والرعاة في تَرْك المبيت بمِنى؛ من أجل السقي والرعي. والله أعلم.
حكم مَن تَرَك المبيت بمِنى لتعذُّر المكان
س: إذا لم يجد الحاج مكانًا يَبيتُ فيه بمِنى، فماذا يفعل؟ وهل إذا بات خارج مِنى عليه شيء؟ [359]
ج: إذا اجتهد الحاج في الْتِمَاس مكان في مِنى؛ ليبيت فيه ليالي مِنى فلم يجد شيئًا، فلا حَرَج عليه أن ينزل في خارجها؛ لقول الله - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[360]، ولا فِدْيَة عليه من جِهة تَرْك المبيت في منى؛ لعدم قُدرته عليه.
سماحة الوالد الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز وفَّقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسعد الله أوقاتكم بالصحة والعافية. لدي سؤال يتعلَّق بالمبيت خارج مِنى في مُزْدلفة، فما حكم المبيت في هذا الموقع؟ وهل صحيح أن اتصال مُخَيَّمَات الحُجاج بعضهم مع بعض من مِنى إلى مُزدلفة يَجْعَل مَنْ كان خارج مِنى بمنزلة مَن كان بداخل منى؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.[361]
ج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: 
المبيت في مِنى واجب من واجبات الحج، على كل حاجّ مع القُدرة إلا السقاة والرعاة، ومَنْ في حكمهما، فمن عجز عن ذلك فلا شيء عليه؛ لقول الله – سبحانه -: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[362]، وبذلك يعلم أن مَنْ لم يَجِد مكانًا في مِنى فله أن ينزل خارجها في مُزدلفة والعزيزية أو غيرهما؛ للآية المذكورة وغير هذه من الأدلة الشرعية، إلا وادي مُحَسِّر، فإنه لا ينبغي النُّزول فيه؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا مَرَّ عليه أسرع في الخُروج منه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
س: نظرًا لكون مكان المُخَيَّم خاضِعًا لتوزيع وزارة الحج والأوقاف، وإمارة منطقة مكة حيث يتم توزيع الأراضي بمِنى من قِبَلِهِم، ولا يحق لأي مُخَيَّم رَفْض الأرض التي أُعْطِيَت له، ولو كانت خارج حُدود مِنى.
وحيث إن الوزارة تقول: إن منى لا تستوعب أعداد الحُجاج المُتَزايدَة وأنها تضيق بهم، لذا فقد سلموا للحملة أرضًا على حُدود منى من الخارج، علمًا بأننا حاولنا استبدال الأرض، ولكن دون جَدْوَى، فوافقنا مُضطرِّينَ على الموقع؛ لما يتمَيَّز به من توفير الخدمات كافة، ودَوَرات المِياه، والكهرباء، وغيرها.
فما الحكم الشرعي في هذا الأمر؟ وما توجيه فضيلتكم لنا ولحُجَّاجنا؟ جزاكم الله خيرًا.[363]
ج: لا حرج عليكم في ذلك، ولا فِدْية؛ لقول الله – سبحانه -: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[364]؛ وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ))[365]، وفَّق الله الجميع.
حكم الجلوس نهارًا خارج مِنى في يوم العيد، وأيام التشريق
س: هذا شخص أفاض مِنْ عرفات، ثم رمى الجَمْرة الأُولَى، ثم طاف وَسَعَى، فجلس في منزل بمكة حتى العصر، ثم رجع لمِنى وذبح هَدْيَه. هل عليه شيء في هذا الجلوس؟[366] 
ج: لا حَرَج عليه في ذلك، فمن جلس في مكة في نهار يوم العيد أو في أيام التشريق في بيته، أو عند بعض أصحابه فلا حَرَج عليه في ذلك، وإنما الأفْضَل الْبَقَاء في مِنى إذا تَيَسَّر ذلك؛ تأسِّيًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم - فإذا لم يَتَيَسَّر له ذلك أو شقّ عليه ودخل مكة وأقام بها في النهار، ثم رجع في الليل لمِنى وبات فيها فلا بأس بهذا ولا حرج. أمَّا الرَّمْي في أيام التشريق فيكون بعد الزوال ولا يجوز قبله، ومن رَمَى في الليل فلا بأسَ في اليوم الذي غابَتْ شَمْسُه لا عن اليوم المستقبل إذا لم يَتَيَسَّر له الرَّمْي بعد الزوال، فإن تيسَّر قبل الغُروب فهو أفضل.
باب صفة الحج والعمرة
(9) رَمْي الجِمَار أيام التشريق
حكم الرَّمْي بالليل[367]
إن وقت رَمْي الجِمَار أيام التشريق مِنْ زَوَال الشمس إلى غُروبها؛ لما رواه مسلم في صحيحه أن جابرًا - رضي الله عنه - قال: "رَمَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النَّحْر ضحى، ورمى بعد ذلك بعد الزوال"[368]، وما رواه البُخَاري عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه سُئِل عن ذلك فقال: "كنا نَتَحَيَّنُ، فإذا زالت الشمس رَمَيْنا"[369]. وعليه جمهور العلماء، ولكن إذا اضطر إلى الرَّمْي ليلاً فلا بأس بذلك، ولكن الأَحْوَط الرَّمْي قبل الغروب لِمَنْ قدر على ذلك؛ أَخْذًا بالسُّنَّة، وخُروجًا من الخِلاف، وأمَّا الحديث الصحيح الذي رواه البخاري في 
صحيحه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسْأَل يوم النحر بمِنى فيقول: ((لا حَرَج))، فسأله رجل: "حلقت قبل أن أذبح" قال: ((اذْبَح ولا حَرَج))، فقال: "رميت بعدما أمسيت"، فقال: ((لا حرج))[370]. فهذا ليس دليلاً على الرَّمْي بالليل؛ لأن السائل سَأل النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر فقوله: "بعدما أمسيت"؛ أي بعد الزوال، ولكن يُسْتَدل على الرَّمْي بالليل بأنه لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نصّ صريح يدل على عدم جواز الرَّمْي بالليل، والأصل جوازه؛ لكنه في النهار أفضل وأَحْوَط، ومتى دَعَتِ الحاجة إليه ليلاً فلا بأس به في رَمْي اليوم الذي غابتْ شَمْسُه إلى آخر الليل. أما اليوم المستقبل فلا يرمى عنه في الليلة السابقة له ما عدا ليلة النَّحْر في حق الضعفة في النصف الأخير، أمَّا الأقوياء فالسُّنَّة لهم أن يكون رَمْيهم جَمْرة العَقَبَة بعد طُلوع الشمس؛ كما تَقدَّم في الأحاديث الوَارِدة في ذلك. والله أعلم.
س: هل يجوز رَمْي الجمرات الثلاث في أيام التشريق ليلاً، لِمَنْ ليس لديه عُذْر؟[371]
ج: يجوز الرَّمْي بعد الغُروب على الصحيح، لكن السُّنَّة أن يَرْمِي بعد الزوال قبل الغُروب، وهذا هو الأفضل إذا تَيَسَّر، وإذا لم يَتَيَسَّر فله الرَّمْي بعد الغروب على الصحيح.
حُكْم مَنْ لم يَرْمِ اليوم الثاني عشر وهو يَنْوي التعجل
س: رجل حج هذا العام ولم يَرْمِ اليوم الثاني عشر، وكان ينوي التعجل فماذا عليه؟[372]
ج: عليه التوبة والاستغفار وعليه دم، ذبيحة عن تَرْك الرَّمْي، وذبيحة عن تَرْك الوداع؛ لأن الوداع لا يُجْزِئ قبل الرَّمْي. إذا كان وادَعَ قبل الرَّمْي لا يجزئ، أما إذا كان وادع بعد ذهاب وقت الرَّمْي فليس عليه شيء عن الوَداع؛ ولكن عليه ذبيحة تُذْبح في مكة للفُقراء عن تَرْكِه الرَّمْي في اليوم الثاني عشر.
من بقي في منى حتى أدركه الليل من الليلة الثالثة عشرة لزمه المبيت والرمي
س: ما حكم من مكث يَومَينِ بعد العيد وبات ليلة اليوم الثالث، هل يجوز له أن يَرْمِي بعد طلوع الفجر أو بعد طلوع الشمس إذا بدت له ظروف قاسية؟[373]
ج: من بقي في مِنى حتى أدْرَكَهُ الليل في الليلة الثالثة عشرة لزمه المبيت، وأن يرمي بعد الزوال، ولا يجوز له الرَّمْي قبل الزوال؛ كاليَوْمينِ السابقينِ، ليس له الرَّمْي فيهما إلا بعد الزوال؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقي في مِنى اليوم الثالث عشر ولم يَرْمِ إلا بعد الزوال، وقال: ((خُذوا عني مَناسككم))[374] - صلى الله عليه وسلم -.
حكم من لم يَسْتطِع رَمْي الجمرات قبل غروب يوم الثالث عشر
س: لو لم يستطِعْ أحد الحُجاج أن يَرْمِي الجمرات يوم الثالث عشر، وهذا آخر أيام التشريق إلا بعد الغروب، هل يجزئه ذلك؟[375]
ج - إذا غابت الشمس لم يبقَ رَمْي في اليوم الثالث عشر، فإن كان مُقِيمًا حتى جاء اليوم الثالث عشر في مِنى فعليه الرَّمْي، فإذا غابت الشمس ولم يَرْمِ فعليه دم؛ لأن الرَّمْي ينتهي بِغُروب الشمس يوم الثالث عشر.
حكم الرمي قبل الزوال
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم م. ح. ج. وفقه الله لكل خير، آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يا محب، كتابكم الكريم المؤرخ في 17/12/1388هـ وصل وصلكم اللهُ بِهُداه، وما تضمنه من الإفادة عن حجك أنت وعائلتك المكونة من زَوْجتَيْنِ وعِدَّة أطفال، وأنك في اليوم الثالث من أيام التشريق رجمت عن الجميع قبل الزوال بسبب أنك مُصاب بمرض الرَّبْو، ورغبتك في إفتائك عما يترتب عليك من كَفَّارة كان معلومًا[376]
والجواب: لا يجوز الرجم قبل الزوال؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمى بعد الزوال في جميع أيام التشريق، وقال: ((خُذوا عني مناسككم))[377]، ولذلك يلزمك دم عنك، وعن كل فَرْد من أفراد عائلتك الذين حجوا معك، والدم المذكور كالضحية سبع بَدَنة، أو سبع بقرة، أو ثِنِي معز، أو جذع ضَأْن عن كل واحد يُذْبَح في الحرم، ويُقَسَّم بين فُقرائه، فإن كنت لم تَنْوِ الحج عن بعض الأطفال، فليس على من لم تَنْوِ عنه الحج شيء.
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح، إنه جَوَاد كريم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حكم تأخير رَمْي الجمار إلى آخر يوم ورميها دُفْعَة واحدة
س: هل يجوز رَمْي الجمرات في آخر أيام التشريق دُفْعَة واحدة، وفي فترة واحدة عن جميع أيام التشريق؟ وإذا كان الأمر كذلك فكيف يكون الرَّمْي؟ ومتى؟ ولِمَن؟[378]
ج: المشروع للمؤمن في الحج أن يَرْمِي؛ كما رمى النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، فيَرْمِي جَمْرة العقبة يوم العيد بسبع حصيات، يُكَبِّر مع كل حصاة، ثم يَرْمِي يوم الحادي عشر الجمرات الثلاث بعد الزوال، ويرمي كل واحدة بسبع حصيات، يُكَبِّر مع كل حصاة، ويبدأ بالتي تلي مسجد الخيف، ثم الوُسْطَى ثم جَمْرة العقبة التي تلي مكة، وهي التي رماها يوم العيد، ثم يَرْمِي في اليوم الثاني عشر الجِمَار الثلاث بعد الزوال؛ كما رماها في اليوم الحادي عشر، والمشروع له أن يقف بعد رَمْي الجَمْرة الأولى في اليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر، ويرفع يديه ويدعو ويجعلها عن يَسارِه، وهكذا بعد الثانية بعد الرَّمْي يقف ويرفع يديه ويدعو، ويجعلها عن يمينه؛ تأسِّيًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك. أما الجمرة الثالثة وهي جمرة العقبة، فإنه يرميها ولا يقف عندها للدعاء. 
ثم إن شاء تَعجَّل قبل الغروب وتَوجَّه إلى مكة، وإن شاء بقي في مِنى، وبات بها في الليلة الثالثة عشرة، ورَمَى الجمرات الثلاث في اليوم الثالث عشر بعد الزوال؛ كما رماها في اليوم الحادي عشر وفي اليوم الثاني عشر، وهذا هو الأفضل إذا تيسَّر ذلك؛ تأسِّيًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه لم يتعجل، ولو أخَّر الحاجّ رَمْي الحادي عشر والثاني عشر، ورماها في اليوم الثالث عشر مُرَتَّبة بعد الزوال، أجْزَأَه ذلك؛ ولكنه يعتبر مُخَالفًا للسُّنَّة، وعليه أن يُرَتِّبَها فيبدأ برَمْي الحادي عشر في جميع الجمرات الثلاث مُرَتَّبَة، ثم يعود برَمْيها عن اليوم الثاني عشر، ثم يعود، ويرْمِيها عن الثالث عشر؛ كما نصّ على ذلك كثيرٌ من أهل العلم. والله ولي التوفيق.
س: هل يجوز للحاج رَمْي جِمَار أيام التشريق كلها في يوم واحد، سواء كان ذلك اليوم هو أول يوم من أيام التشريق، أو كان النَّحْر مثلاً، أو أكان آخر يوم من أيام التشريق، ثم يَبِيت في مِنى اليومينِ أو الأيام الثلاثة بدون رَمْي، حيث إنه قد رَمَى جميع الجِمَار في يوم واحد، فهل يَصِحّ رَمْيه هذا؟ أم إنه لا بُدَّ مِنْ ترتيب رَمْي الأيام كل يوم على حِدَة، حتى ينتهي من رَمْي الأيام الثلاثة؟ نرجو توضيح ذلك مع ذِكْر الدليل[379] 
ج: رَمْي الجِمَار من واجبات الحج، ويجب في يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة لغير المتعجل، وفي اليومينِ الأولينِ من أيام التشريق للمتعجل، ويرمي عن كل يوم بعد الزوال؛ لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وقوله: ((خُذوا عني مَناسِككم))[380] إلا يوم العيد فكله وقت رَمْي، والأفضل أن يكون بعد طُلوع الشمس إلا أهل الأعذار فلهم الرَّمْي ليلاً بعد نصف الليل من ليلة النَّحْر، ولا يجوز تقديم رَمْي الجِمَار قبل وقته، أمَّا التأخير فيجوز عند الحاجة الشديدة؛ كالزحام عند جَمْع من أهل العلم؛ قِياسًا على الرعاة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رَخَّص لهم بأن يرموا رَمْي يومينِ في اليوم الثاني منهما وهو الثاني عشر ويرتب ذلك بالنية؛ أولها يوم العيد ثُم رَمْي اليوم الأول ثم الثاني ثم الثالث إن لم يتعجل، ويكون طواف الوداع بعد ذلك، والله أعلم.
حكم مَن رَمَى الجِمَار دون ترتيب جهلاً
س: رجل حج العام الماضي، وفي آخر يوم رجم الكبير قبل الصغير، فماذا عليه؟[381]
ج: نرجو ألا يكون عليه شيء لأجل الجَهْل أو النسيان؛ لأنه قد حصل المقصود وهو رَمْي الجمرات الثلاث؛ لكنه نسي أو جهل الترتيب، وقد قال الله - سبحانه وتعالى -: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[382]، وقد صَحّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله قال: "قد فعلت"[383]، والمعنى أن الله قد أجاب دعوة المُؤمنينَ؛ ولكن من نَسِيَه أو ذكر قبل فوات الوقت لزمه رَمْي الثانية ثم جَمْرة العقبة حتى يحصل بذلك الترتيب
حكم من رمى الشاخص
س: رميت الجمرات، وكانت في العمود التي في وسط الدائرة، ولم أدر هل سقطتْ بالداخل أم لا، هذا في الجمرة الكبرى فما الحكم؟[384]  
ج: لا بد أن يعلم الحاج أن الحَصَى سقط في الحَوْض أو يغلب على ظَنِّه ذلك، أما إذا كان لا يعلم ولا يغلب على ظنه فإن عليه الإعادة في وقت الرَّمْي، وإذا مضى وقت الرَّمْي ولم يُعِد فعليه دم يذبحه في مكة للفُقراء؛ لأنه في حُكْم التارِك للرَّمْي، ولا بد أن يتحقَّق وجود الحَصَى في الحوض، أما الشَّاخِص فلا يُرْمَى، وإنما الرَّمْي في الحَوْض فقط، وإذا لم يغلب على ظَنِّه أنه وقع في الحَوْض فعليه دم إذا لم يكن أَعادَه، أما إذا كان في وقت الرَّمْي، فيعيد ولا شيء عليه.
والدم ذبيحة تُذْبَح في مكة للفُقراء مع التوبة والاستغفار، والرَّمْي إذا فات وقته لا يقضى بعد نهاية غروب شمس الثالث عشر.
من تَرَك الرَّمْي فعليه دم
س: في الحج الماضي رَمَتْ زوجتي الجمرة الأولى والباقي قمت بالرَّمْي عنها؛ خوفًا من الزِّحام ولم يكن هناك زحام، فهل يصح حجها والحال ما ذكر؟[385]
ج: الحج صحيح وعليها دم عن تَرْك الرَّمْي يُذْبَح في مكة ويُوزع بين الفقراء. والدم الواجب سبع بَدَنة، أو سبع بقرة، أو رأس من الغنم يجزئ في الأضحية، وهو جذع ضَأْن، أو ثِنِي من المعز.
التوكيل في الرَّمْي لمن معها أطفال
س: حججتُ في العام الماضي - ولله الحمد - وقد رميتُ الجمرات عن زوجتي، ولم تكن حاملاً، ولا مريضة، وكان معنا أربعة أطفال صغار، شاهدتُ الزحام فلم أرها تستطيع الرَّمْي، فهل يجوز التوكيل، أم إنها تركت واجبًا؟ وماذا عليها الآن؟[386]
ج: إذا كان الحال كما ذكرتم فلا شيء عليها إذا كانت قد وكَّلَتْكَ في ذلك؛ لأن تَعاطِيها الرَّمْي مع الأطفال فيه خطر عظيم عليها وعلى الأطفال.
الحكمة من رمي الجمرات
س: ما الحِكْمة من رَمْي الجمرات، والمبيت في مِنى ثلاثة أيام، نأمل من فضيلتكم إيضاح الحكمة من ذلك ولكم الشكر؟[387]  
ج: على المسلم طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واتِّباع الشَّرْع، وإن لم يعرف الحكمة، فالله أَمَرَنا أن نَتَّبِع ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأن نَتَّبِع كِتَابه، قال – تعالى -: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ}[388]، وقال – سبحانه -: {وهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ}[389]، وقال – سبحانه -: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}[390]، وقال - عز وجل -: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[391]. فإن عُرِفت الحكمة فالحمد لله، وإن لم تعرف فلا يضُرّ ذلك، وكل ما شَرَعَه الله هو لِحِكْمة، وكل ما نهى عنه هو لحكمة، سواء علمناها أو جهلناها، فرَمْي الجِمَار واضح بأنه إِرْغَام للشيطان، وطاعة لله - عَزَّ وجل - والمبيت في مِنى الله أعلم بحكمته - سبحانه وتعالى - ولعلّ الحكمة في ذلك تسهيل الرَّمْي إذا بات في مِنى؛ ليشتغل بذِكْر الله، ويستعد للرَّمْي في وقته لو شاء الذهاب في الوقت المُحَدَّد للرَّمْي حسبما يتناسب معه، فلَرُبَّمَا تأخَّر عن الرَّمْي، وربما فَاتَه، وربما شُغِل بشيء لو لم يَبِتْ بمِنى. والله - جَلَّ وعلا - أعلم بالحكمة - سبحانه وتعالى - في ذلك.
دعوة لعدم التعجُّل في رَمْي الجمرات [392]
دعا سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء والرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء حُجاجَ بيت الله الحرام إلى أن لا يتعجلوا في رَمْي الجمرات، وأن يبتعدوا عن الزِّحام، والرفق ببعضهم البعض؛ لأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُؤذِيه. 
جاء ذلك في إجابة سَمَاحته عن سؤال (اليوم) حَثَّ فيها سماحته الجميعَ على ضرورة التَّرَاحُم والتَّعاطُف، وعدم الإيذاء، وبَيَّنَ سماحته أن رَمْي الجمرات مِنْ واجبات الحج، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((خذوا عني مناسككم)) [393]، وقال: "إنَّ الواجب على كل حاجّ أن يَرْمِي الجمرة إذا استطاع، إلا إذا كان عاجزًا، وكبير السن؛ فإنه يوكل من يَرْمِي عنه، ومثل الطفل يرمي عنه وَلِيُّه، والمشروع للمؤمنينَ عدم التَّزاحُم، والرفق ببعضهم البعض، كل واحد يرفق بأخيه فلا يَظْلِمُه؛ لأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُؤذِيه، وإذا شق عليه الرَّمْي في أول الزَّوَال فعليه أن يتأخَّر، ويَرْمِي في العصر أو في الليل، والحمد لله كله رَمْي إلى طلوع الفجر من الزوال إلى آخر الليل. ويوم العيد كله رَمْي، ويوم الحادي عشر والثاني عشر يَرْمِي بعد الزوال إلى آخر الليل.
واختتم سماحته تصريحه سائلاً الله - سبحانه وتعالى - التوفيق والهداية لحُجَّاج بيت الله، وللمسلمين كافة.
المراد باليومينِ للمتعجل
س: بعض الناس يمكُثُون بمِنى ليلة واحدة، وهي ليلة الحادي عشر، ويرمون الثاني عشر في يوم الحادي عشر، ويظنون أنهم قد مكثوا يومَينِ، وذلك لأنهم يحسبون يوم العيد يومًا من أيام التشريق، فيقولون: نحن قد رَمَيْنَا يوم العيد (يوم النَّحْر)، واليوم الثاني الذي بعده، وهو يوم الحادي عشر، ويقولون: إن هذينِ يومان؛ استنادًا إلى الآية الكريمة في قوله – تعالى -: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}[394]، وبذلك يُغادِرُون مِنى يوم الحادي عشر بعد أن يكونوا قد رموا اليوم الثاني عشر في يوم الحادي عشر، ويتركون بيات يوم الثاني عشر في مِنى، فهل هذا يجوز شرعًا؟ وهل يصح للإنسان أن يحسب يوم العيد من اليومَينِ أم أنهم قد رموا يوم الثاني عشر في يوم الحادي عشر ثم انصرفوا من مِنى؟ نرجو توضيح ذلك مع ذِكْر الدليل[395] 
ج: المُراد باليومينِ اللَّذَينِ أباح الله - جل وعلا - للمتعجل الانصراف مِنْ مِنَى بعد انقضائهما. هما ثاني وثالث العيد؛ لأن يوم العيد يوم الحجّ الأكبر، وأيام التشريق هي ثلاثة أيام تَلِي يوم العيد، وهي محل رَمْي الجمرات، وذِكْر الله - جل وعلا - فمن تعجَّل انصرف قبل غروب الشمس يوم الثاني عشر، ومن غربتْ عليه الشمس في هذا اليوم وهو في مِنى لزمه المبيت والرَّمْي في اليوم الثالث عشر. وهذا هو الذي فعلَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، والمُنْصَرِف في اليوم الحادي عشر قد أخَلّ بما يَجِب عليه من الرَّمْي، فعليه دم يُذْبَح في مكة للفقراء. أما تَرْكه المبيت في مِنى ليلة الثاني عشر فعليه عن ذلك صدقة، بما يتيسَّر مع التوبة والاستغفار عما حصل منه من الخَلَل والتعجل في غير وقْتِه، وإن فدى عن ذلك كان أَحْوَط؛ لما فيه من الخُروج من الخلاف؛ لأن بعض أهل العلم يرى عليه دمًا بتَرْك ليلة واحدة من ليلتي: الحادي عشر، والثاني عشر بغير عُذْر شَرْعِيّ.
وقت النفر من منى
س: متى يبدأ الحاج بالنَّفِير من مِنى؟[396]
ج: يبدأ الحاج بالنَّفِير من مِنى إذا رَمَى الجمرات يوم الثاني عشر بعد الزَّوال فله الرُّخْصة أن ينزل من مِنى. وإن تأخَّر حتى يَرْمِي الجمرات في اليوم الثالث عشر بعد الزَّوَال فهو أفضل.
س: جماعة في وقت الحج، وبعد رَمْي الجمرات لليوم الثاني عشر نَوَوا الخروج من مِنى؛ ولكن لم يستطيعوا الخُروج إلا بعد غروب الشمس بوقت؛ نظرًا للزِّحام، فهل يلزمهم المبيت لأداء الرَّمْي من الغَد؟[397]
ج: إذا كان الغُروب أدركهم وقد ارْتَحَلُوا فليس عليهم مبيت، وهم في حكم النافرينَ قبل الغروب، أما إن أدْرَكَهُم الغروب قبل أن يرتَحَلُوا، فالواجب عليهم أن يَبِيتُوا تلك الليلة - أعني ليلة ثلاث عشرة - وأن يرموا الجِمَار بعد الزَّوال في اليوم الثالث عشر، ثم بعد ذلك ينفرون متى شاؤوا؛ لأن الرَّمْي الواجب قد انتهى في اليوم الثالث عشر، وليس عليهم حَرَج في المبيت في مِنى أو مكة، ولا رَمْي عليهم بعد رَمْي اليوم الثالث عشر سواء باتوا في مكة، أو في مِنى. وأسأل الله أن يمنحنا وإياكم الفِقْه في دينه، والثَّبات عليه، إنه جَواد كريم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
باب صفة الحج والعمرة
(10) طواف الوداع
حكم طواف الوداع
س: هل طواف الوَداع واجبٌ على من أراد الخُروج من مكة المكرمة في أي حالة، أو مُسْتَحب، أو سُنَّة؟ [398]
ج: طواف الوداع في وُجُوبِه خلاف بين العلماء، والصحيح أنه واجب في حق الحاج ومُستَحبّ في حق المُعتمِر؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للناس في حجة الوداع: ((لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت)) [399]؛ رواه مسلم، وفي الصحيحينِ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "أُمِر الناس أن يكون آخر عَهْدِهم بالبيت؛ إلا أنه خَفَّف عن المرأة الحائض"[400]، وبذلك تَعْلم حُكم طواف الوداع من هذينِ الحديثَينِ الشريفَينِ، والعمرة تُشْبِه الحج؛ لأنها حج أصغر. والحائض لا وَدَاع عليها وهكذا النفساء؛ لأنها مثلها في الحكم. والله الموفق.
طواف الوداع خاص بالمُسافِر إلى أهله
س: إذا أَدَّى الحاج العمرة، وخرج بعد ذلك لزيارة أقربائه خارج الحرم، هل يلزمه طواف الوداع؟ وهل عليه شيء في ذلك؟[401]  
: ليس على المُعتمِر ودَاع إذا أراد الخُروج خارج الحرم في ضَواحي مكة؛ وهكذا الحاج؛ لكن متى أراد السفر إلى أهله أو غير أهله شرع له الوداع، ولا يجب عليه لعدم الدليل، وقد خرج الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم - الذين حلوا من عمرتهم إلى مِنى وعرفات، ولم يُؤْمَرُوا بِطَواف الوَدَاع. أما الحاجّ فيلزمه طواف الوداع عند مُغادَرَتِه مكة مُسافرًا إلى أهله، أو غير أهله؛ لقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أُمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خَفَّف عن المرأة الحائض" [402]؛ متفق عليه، وقوله "أمر الناس" يعني بذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم، ولهذا جاء في الرواية الأخرى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يَنْفرنّ أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت))؛ [403]؛ رواه مسلم. ومن هذا الحديث يعلم أن الحائض ليس عليها وداع لا في الحج ولا في العمرة، وهكذا النفساء، لأنها مثلها في الحكم عند أهل العلم.
س: أنا مُقيم وأعمل في الرِّياض، وكل سنة أذهب إلى مكة مع عائلتي، وشاء الله أن تَمَّ لي الحج وحدي، فأرسلت زوجتي وأولادي إلى بيت أهلها في جدة، وعندما انتهيت من الحج قمت بطواف الإفاضة والسَّعْي ثم نزلت إلى مكة. فهل يجوز لي الذهاب إلى جدة
(دون طواف الوداع) لإحضار زوجتي وأولادي والجلوس في مكة إلى حين السفر إلى الرياض حيث إقامتي وعملي؟ [404]
ج: يجوز لك الذهاب إلى جدة لإحضار أهلك إلى مكة قبل طواف الإفاضة والسَّعْي في أيام منى، وليس عليك طواف وداع، حتى تَرْمِي الجِمَار يوم الثاني عشر بعد الزَّوَال، فإذا أردتَ الخروج إلى جدة أو غيرها فعليك أن تطوف للوداع إذا كنت قد طُفْتَ طواف الإفاضة والسَّعْي. 
أما إذا كنت لم تَطُفِ الإفاضة ولم تَسْعَ، فلا حَرَج أن تَذْهَب إلى جدة لإحضار زوجتك إلى مكة، وليس عليك طواف وداع؛ لأنك والحال ما ذُكِر لم تكمل الحج، وطواف الوداع إنَّمَا يجب بعد إتمام مَناسك الحج إذا أراد الحاج السفر إلى بلده أو إلى غيره؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت))[405]؛ أخرجه مسلم في صحيحه؛ ولقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أُمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خَفَّفَ عن المرأة الحائض"[406]؛ مُتَّفِق على صحته. والنفساء مثل الحائض ليس عليهما طواف وداع.
س: هل على أهل مكة طواف وداع خلاف طواف الإفاضة؟[407]
ج: ليس على أهل مكة طواف وداع.
من تَرَك طواف الوداع فعليه دم، مع التوبة والاستغفار
س: ما حكم مَن تَرَك طواف الوداع، وهل يجوز للحاج أن يوكل أحدًا عنه بذلك؟[408]
ج: من ترك طواف الوداع عليه التوبة والاستغفار، وعليه دم يُذْبَح في مكة المكرمة، ويطعم فقراءها مع التوبة والاستغفار، وليس له التوكيل، وأن يطوف بنفسه.
س: قبل سبع سنين حججنا وتَرَكْنا طواف الوداع، ورجعنا إلى جدة فهل حجنا صحيح، ماذا يلزمنا؟ [409] 
ج: الحج صحيح، ولكن أسَأْتُمْ في تَرْك الوداع؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر الحاج بالوداع قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت))[410]، وهذا خطاب للحجاج يشمل أهل جدة وغيرهم، فالواجب على جميع أهل البلدان - سواء في جدة أو الطائف وغيرهم - أن يُودِّعُوا البيت، وقد تَسامَح بعض العلماء في هذا بالنسبة لمن منزله دون مسافة قصر؛ كأهل بحرة وأشباههم، وقالوا إنه لا وداع عليه، والأَحْوَط لكل من كان خارج الحرم أن يُوَدِّع إذا انتهى حجه، وأهل جدة بَعيدون، وهكذا أهل الطائف، فالواجبُ عليهم أن يُودِّعُوا قبل أن يخرجوا؛ لأنهم يشملهم الحديث، وعليهم دم يُذْبح في مكة عن كل واحد منهم ترك طواف الوداع تُوَزَّع على الفُقراء شاة أو سبع بَدَنة، أو سبع بقرة. 
س: هل يجوز الخروج إلى جدة بعد الحج بدون وداع، وإن خرج ولم يُوَدِّع فما الحكم؟[411]
ج: الخروج بعد الحج إلى جدة بدون وداع فيه تفصيل:
أما من كان من سكان جدة فليس لهم الخُروج إلا بوَدَاع بدون شَكّ؛ لعُموم الحديث الصحيح، وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت))[412]؛ رواه مسلم، وقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أُمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خَفَّف عن المرأة الحائض"[413]؛ متفق عليه.
وأما من خرج إليها لحاجة وقَصْده الرجوع إلى مكة؛ لأنها محل إقامته أيام الحج، فهذا فيه نَظَر وشُبْهَة، والأقرب أنه لا ينبغي له الخروج إلا بوَدَاع؛ عملاً بعموم الحديث المذكور، ويكفيه هذا الوداع عن وداع آخر إذا أراد الخروج إليها مرة أخرى؛ لكونه قد أتى بالوَدَاع المأمور به؛ لكن إذا أرادَ الخروج إلى بلاده، فالأَحْوَط له أن يُوَدِّع مرة أخرى للشَّكّ في إجزاء الوَدَاع الأول.
أمَّا من تَرَك الوداع ففيه تَفْصِيل:
فإن كان من النوع الأول: فالأقرب أن عليه دمًا؛ لكونه تَرَك نُسُكًا واجبًا، وقد قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "مَنْ تَرَك نُسُكًا أو نسيه فليهرق دمًا"[414]، فهذا الأثر هو عُمْدة مَنْ أَوْجَب الدم في سائر واجبات الحج، وهو أَثَرٌ صحيح، وقد رُوِيَ مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن الموقوف أَصَحّ، والأقرب أنه في حُكْم الرَّفْع؛ لأن مثل هذا الحكم يبعد أن يقوله ابن عباس من جِهَة رأيه، والله - سبحانه وتعالى - أعلم.
وأمَّا إن كان من النوع الثاني: وهو الذي خرج إلى جدة أو الطائف أو نحوهما لحاجة، وليسا بلده وإنما خرج إليهما لحاجة عارِضَة ونيته الرُّجوع إلى مكة، ثم الوداع إذا أراد الخروج إلى بلده، فهذا لا يظهر لي لُزُوم الدم له، فإن فَدَى على سبيل الاحْتِياط فلا بأس، والله أعلم. 
س: نحن مِنْ سُكَّان جدة قدمنا العام الماضي للحج، وأكملنا جميع المناسِك ما عدا طواف الوداع، فقد أَجلْنَاه إلى نهاية شهر ذي الحجة، وبعد أن خَفَّ الزحام عدنا، هل حجنا صحيح؟[415]
ج: إذا حج الإنسان وأَخَّر طواف الوداع إلى وقت آخر فحجه صحيح، وعليه أن يطوف للوداع عند خروجه من مكة، فإذا كان في خارج مكة؛ كأهل جدة، وأهل الطائف، والمدينة، وأشباههم فليس له النفير حتى يُوَدِّع البيت بطواف سبعة أشواط حول الكعبة فقط ليس فيه سَعْي؛ لأن الوداع ليس فيه سَعْي؛ بل طَوَاف فقط.
فإن خَرَج ولم يُوَدِّع البيت فعليه دم عند جمهور أهل العلم يُذْبَح في مكة، ويُوَزَّع على الفقراء والمساكين، وحجه صحيح؛ كما تَقَدَّم، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، فالحاصل أن طواف الوداع نُسُك واجب في أصح أقوال أهل العلم، وقد ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "مَنْ تَرَك نُسُكًا أو نَسِيَه فليهرق دمًا"[416]، وهذا نُسُك تَرَكه الإنسان عَمْدًا، فعليه أن يريق دمًا يذبحه في مكة للفُقراء والمساكين، وكونه يرجع بعد ذلك لا يسقطه عنه، هذا هو المختار، وهذا هو الأرجح عندي، والله أعلم.
حُكْم من سافر ولم يكمل طواف الوداع
س: امرأة كبيرة في السن عليها طواف وداع، ولكنها طافَتْ ثلاثة أشواط، ولم تُتِمّ الباقي؛ نظرًا لتعبها، وشدة الزحام في الحج، وقرب وقت سفرها بالطائرة. فماذا يجب عليها؟[417] جزاكم الله خيرًا. 
ج: على كل مُحْرِم بالحج أو العمرة، أن يطوف الطواف الواجب، ولو محمولاً أو في عَرَبة، وليس له تَرْك الطواف ولا شيء منه، وهكذا السعي، لقول الله – سبحانه -: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [418]؛ ولِمَا ثبت عن أم سلمة - رضي الله عنها - أنها اشْتَكَتْ للنبي - صلى الله عليه وسلم - عجزها عن الطواف ماشية لمرضها، فأمرها أن تَطُوف وهي رَاكِبة، وإذا سافر الرجل والمرأة ولم يَطُف طواف الوداع بعد الحج فعليه التوبة إلى الله - سبحانه - مع الفِدْية، وهي ذبيحة تُذْبَح في مكة تُوَزَّع على الفقراء، ويجزئ فيها ما يجزئ في الأضحية، وهو رأس من الغنم أو سبع بَدَنَة، أو سبع بقرة. والله ولي التوفيق.
س: حجَّتْ والدتي عن والدها، وعند طواف الوداع كان حالها لا يساعد على إتمامه بسبب شِدَّة الزِّحَام والمَرَض، فقال لها بعضهم لا تطوفي وتكتفي بقراءة الفاتحة لوالدها، وفعلت ذلك مُعْتَمِدَة على فتوى هذا الجاهل، فهل يجزئ أن أطوف عنها الآن طواف وداع، أم لا؟[419]
ج: هذه فتوى باطلة وغَلَط، وطواف الوداع وَاجِب، ولا تجزئ عنه الفاتحة؛ بل هذا جهل صِرْف، وعليها دم عن تَرْك الوداع؛ لأنه واجِب، والواجب يُفْدَى بدم إذا تَرَكَه المُحْرِم، ولم يتمكَّن من أدائه وسَافَر، فإنه يفديه بدم يُذْبَح بمكة ويُوَزَّع بين الفُقراء بدلاً عن تَرْكِه طواف الوداع، ولا يجزئ طوافُك عنها، والله ولي التوفيق.
وداع الحائض والنُّفساء
س: كيف يتم وداع الحائض والنفساء؟ [420]
ج: ليس على الحائض والنفساء وَدَاع؛ لِمَا ثبت عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "أُمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خَفَّف عن المرأة الحائض" [421]؛ متفق عليه، والنُّفساء في حكمها عند أهل العلم.
التَّأخُّر اليسير عن السفر بعد طواف الوداع يُعْفَى عنه
س: حججتُ العام الماضي والحمد لله، وعندما أخَذْتُ طواف الوداع قبل المغرب بساعة. بعد صلاة العشاء خرجْتُ، ولظرف غير مقصود تأخَّرْت، فهل يلزمني شيء؟[422]، أرجو التوجيه جزاكم الله خيرًا. 
ج: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال للحُجَّاج: ((لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت))[423]؛ أخرجه مسلم في صحيحه، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أُمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خَفَّفَ عن المرأة الحائض"[424]؛ متفق عليه.
وقوله: "أُمِر الناس" - يعني أَمَرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز للحاج أن يخرج من مكة إلا بعد طواف الوداع إذا أراد السفر إلى بلده، أو إلى بلاد أخرى، وإذا ودع قبل الغروب ثم جلس بعد المغرب لحاجة، أو لسماع الدرس، أو ليصلي العشاء، فلا حَرَج في ذلك، فالمُدة يسيرة يُعْفَى عنها.
وقد طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع طواف الوداع في آخر الليل، ثم صلى بالناس الفَجْر، ثم سافر بعد ذلك - عليه الصلاة والسلام - فالتخَلُّف اليسير يُعْفَى عنه في الوداع، وإذا كنتَ سافَرْتَ بعد العشاء فلا حَرَج في ذلك، أما إن كنتَ أقمت إقامة طويلة فيَنْبَغي لك أن تعيد طواف الوداع، وإن كنتَ لم تعد طواف الوداع فلا حَرَج عليك إن شاء الله؛ لأن المدة وإن كان فيها بعض الطول إلا أنها مُغْتَفَرَة - إن شاء الله - مِنْ أجل الجهل بواجِب المُبادَرة، والمُسارَعَة إلى الخروج بعد طواف الوداع.
التأخر إلى ما بعد ذي الحجة لا يُؤَثِّر على طواف الوداع
س: حججتُ هذا العام، وسَأَتَأَخَّر في العَوْدة إلى ما بعد ذي الحجة هل هذه الإقامة الطويلة بعد الحج لا تُؤَثِّر على طواف الوداع؟ جزاكم الله خيرًا.[425]  
ج: هذه المُدَّة لا تُؤَثِّر؛ لأن طواف الوداع إنما يشرع عند عَزْم الحاج على الخُروج من مكة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - يُخَاطِب الحُجَّاج في حجة الوداع -: ((لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت))[426]؛ أخرجه مسلم في صحيحه؛ ولقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أُمِر الناس - يعني الحاجّ - أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خَفَّف عن المرأة الحائض"[427]؛ متفق عليه. ومن هذا الحديث يُعْلَم أن الحائض ليس عليها وداع وهكذا النُّفَساء، والله ولي التوفيق.
باب صفة الحج والعمرة
(11) صفة الزيارة
ما يفعله الزائر للمدينة المنورة
س: ما الذي ينبغي للحاج أن يفعله بالمدينة، وما الفرق بين زيارة قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - والطواف به؟[428]
ج: السُّنَّة لمن زار المدينة أن يقصد المسجد، ويصلي فيه ركعتَينِ أو أكثر، ويكثر من الصلاة فيه، ويكثر من ذِكْر الله، وقراءة القرآن، وحُضُور حَلقات العلم. وإذا تَيَسَّر له أن يَعْتَكِف ما شاء الله فهذا حسن، ويسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى صاحبيه.
هذا ما يشرع لزائر المدينة، وإذا أقام بها أوقاتًا يصلي بالمسجد النبوي فذلك خيرٌ عظيم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((صلاة في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام))[429].
فالصلاة في مسجده - صلى الله عليه وسلم - مُضاعَفة. أما ما شاع بين الناس من أن الزائر يقيم ثمانية أيام حتى يُصلي أربعين صلاة، فهذا - وإن كان - قد رُوِي في بعض الأحاديث: ((إن مَنْ صلى فيه أربعين صلاة كَتَب الله له بَراءة من النار، وبراءة مِن النِّفاق)) [430] إلا أنه حديث ضعيف عند أهل التحقيق لا تَقُوم به الحُجَّة؛ لأنه قد انفرد به إنسان لا يَعْرِف بالحديث والرواية، وَوَثَّقَهُ مَنْ لا يعتمد على تَوْثِيقِه إذا انْفَرَد. فالحاصل أن الحديث الذي فيه فضل أربعين صلاة في المسجد النبوي حديث ضعيف لا يعتمد عليه. 
والزيارة ليس لها حَدّ محدود، وإذا زَارها ساعة أو ساعتينِ، أو يومًا أو يومينِ، أو أكثر من ذلك فلا بأس.
ويُستَحَبّ للزائر أن يَزُور الْبَقِيع، ويُسَلِّم على أهله، ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة. ويُستحبّ له أن يزور الشُّهداء، ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة. ويُسْتَحبّ له أن يتَطَهَّر في بيته، ويحسن الطّهور، ثم يزور مسجد قُبَاء، ويُصَلِّي فيه ركعتين؛ كما كان النبي يزوره - عليه الصلاة والسلام - أمَّا الطواف بقَبْر النبي فهذا لا يجوز، وإذا طاف بقصد التَّقَرُّب إلى النبي فهذا شِرْك بالله - عز وجَلّ - فالطواف عِبَادة حول الكعبة، لا تصلح إلا لله وحده، ومن طاف بقَبْر النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قَبْر غيره من الناس يتَقَرَّب إليهم بالطواف، صار مُشْرِكًا بالله - عَزّ وجَلّ - وإن ظَنّ أنه طاعة لله، وفعله من أجله يتقرب به إليه صار بِدْعَة.
وهكذا حُكْم الطواف عند قَبْر غير النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل قبر الحسين، أو البدوي في مصر، أو ابن عربي في الشام، أو قبر الشيخ عبدالقادر الجيلاني، أو موسى الكاظم في العراق، أو غير ذلك.
وينبغي أن نُفَرِّق بين الزيارة للميت وبين عبادة الله وحده، فالعبادة لله وحده، والميت يُزار لتَذَكُّر الآخرة، أو الزُّهْد في الدنيا والدعاء والتَّرَحُّم عليه، أما أنه يُعْبَد من دون الله، أو يُدْعَى من دون الله، أو يُسْتَغاث به أو ما أشبه ذلك، فذلك لا يجوز؛ بل هو من المُحَرَّمات الشِّرْكِيَّة. ونَسْأَل الله لنا، ولجميع المسلمين العافية من ذلك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه.
صِفَة السلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
س: ما حُكم السلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزائر للمسجد النبوي؟ وهل هناك صفة للسلام عليه - صلى الله عليه وسلم - أمام قبره، واستدبار القبلة؟[431] 
ج: بسم الله، والحمد لله، يُسَنّ لمن زار المدينة أن يزور المسجد النبوي ويُصلي فيه، وإذا تَيَسَّر له أن يصلي في الرَّوْضة كان أفضل، ثم يُسَلِّم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى صاحِبَيْه - رضي الله عنهما - والسُّنَّة أن يستقبل الزائر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحِبَيْه - رضي الله عنهما - حين السلام، ويقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله عليك وبركاته. وإن دعا له - صلى الله عليه وسلم - كأن يقول: جزاك الله عن أمتك خيرًا، وضاعف لك الحسنات، وأحسن إليك كما أحسنت إلى الأمة. فلا حَرَج في ذلك. وهكذا لو قال: أشهد أنَّكَ قد بَلَّغْت الرسالة، وأدَّيْتَ الأمانة، ونَصَحْت الأمة، وجاهَدْتَ في الله حق الجهاد. فلا حَرَج في ذلك؛ لأن هذا كله حق، ثم يسلم على صاحِبَيْه - رضي الله عنهما - ويدعو لهما
بالدَّعَوات المُناسبة.
أما إذا أراد الدعاء لنفسه، فإنه يتحول لمكان آخر ويستقبل القبلة ويدعو؛ كما نص على ذلك أهل العلم.
ويُستَحَبّ للمسلم زيارة المسجد النبوي؛ قَصْدًا من بلاده أو غيرها؛ كما شرع له زيارة المسجد الحرام وزيارة المسجد الأقصى إذا تَيَسَّر ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تُشَدّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى))[432]. وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((صلاة في مسجدي هذا خَيْر من ألف صلاة فيما سِوَاه إلا المسجد الحرام، والصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة)).[433]. وبذلك يُعْلَم أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سِوَاه ما عدا المسجد النبوي.
وجاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أن الصلاةَ في المسجد الأقصى أفضل من خمسمائة صلاة فيما سواه، والمعنى غير المسجد الحرام والمسجد النبوي. والله ولي التوفيق.
س: ما هي كَيْفية زيارة قَبْر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟[434] 
ج: يزوره ويُصَلي ويُسَلم عليه، والسُّنَّة أن يستقبل القَبْر، ويُسَلِّم عليه، ثم يُسَلِّم على صاحِبَيْه - رضي الله عنهما - وإذا أراد الدُّعاء لنفسه، فإنه يستقبل القبلة في مكان آخر.
س: إذا سافر الإنسان إلى المدينة المنورة فهل يلزمه السلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحِبَيْه - رضي الله عنهما - أم لا؟ وإذا أراد السلام عليهم فما هي الطريقة الصحيحة لذلك. أقصد: هل لا بد من المُبادرة بالسلام عليهم، أو أنه لا بأس من تأخيره، وهل لا بد من الدخول من خارج المسجد؛ ليكونوا عن يمينه أو لا بأس بسلامه عليهم، وهو خارج المسجد، وهم بذلك سيكونون عن شماله، وما هي الصيغة الشرعية للسلام، وهل يتساوى في ذلك الرجل والمرأة؟ أرشدونا جزاكم الله خيرًا [435]
ج: السُّنة لمن زار المدينة المنورة أن يبدأ بالمسجد النبوي، فيُصَلي فيه ركعتينِ والأفضل أن يكون فعلهن في الرَّوْضة النبوية إذا تَيَسَّر ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَا بين بَيْتي ومنبري رَوْضة من رِياض الجنَّة))، ثم يأتي القَبْر الشريف فيُسلِّم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى صاحِبَيْه: أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - من قِبَل القبلة، يستقبلهما استقبالاً. وصفة السلام أن يقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، وإن زاد فقال: صلى الله وسلم عليك وعلى آلِكَ وأصحابك، وجزاك الله عن أُمَّتِك خيرًا، اللهم آته الوسيلة والفضيلة، وابْعَثْه المقام المحمود الذي وعدته، فلا بأس. ثم يتأخر عن يمينه قليلاً، فيسلم على الصِّدِّيق فيقول: السلام عليك يا أبا بكر، ورحمة الله وبركاته، رَضِي الله عنك، وجزاك عن أمة محمد خيرًا، ثم يتأخر قليلاً عن يمينه، ثم يُسَلِّم على عمر - رضي الله عنه - مثل سلامه على الصِّدِّيق رضي الله عنهما.
وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لا تُشَدّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى))[436]. 
وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((صلاةٌ في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام))؛[437]؛ متفق عليه.
وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((زُوروا القبور فإنها تُذَكّركم الآخرة))[438]. وكان - عليه الصلاة والسلام - يُعَلِّم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: ((السلام عليكم أهل الدِّيار من المؤمنينَ والمسلمينَ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمينَ منا، والمُسْتأخرينَ))[439].
وهذه الزيارة خاصة بالرجال، أما النساء فلا تَجُوز لهن زيارة القبور؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لَعَن زَائِرَات القبور، ويدخل في ذلك قبره - صلى الله عليه وسلم – وغيره؛ لكن يشرع للرجال والنساء جميعًا الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل مكان؛ لعموم قول الله – سبحانه -: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[440]؛ وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عَشرًا))[441]. والأحاديث في فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - كثيرة.
ولا حَرَج على النساء في الصلاة في مسجده - صلى الله عليه وسلم - وغيره من المساجد؛ لكن بُيوتهن خَيْر لهن وأفضل؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تمنعوا إِمَاءَ الله مساجد الله، وبُيوتهن خير لهن))[442]؛ ولأن ذلك أسْتَر لهن، وأبعد عن الفِتْنة منهن وبهن، والله الموفق.
زيارة المسجد النبوي سنة
س: يعتقد بعض الحُجاج أنه إذا لم يتمكَّن الحاج من زيارة المسجد النبوي فإن حجه ينْقُص، فهل هذا صحيح؟[443]  
ج: الزيارة للمسجد النبوي سُنَّة، وليست واجبة، وليس لها تَعلُّق بالحج؛ بل السُّنة أن يُزار المسجد النبوي في جميع السنة، ولا يختص ذلك بوقت الحج؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تُشَد الرِّحَال إلاَّ إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى))[444]؛ متفق عليه؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((صلاة في مسجدي هذا خَيْر من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام))؛[445]؛ مُتفق عليه، وإذا زار المسجد النبوي شرع له أن يصلي في الرَّوْضَة ركعتينِ، ثم يُسلِّم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى صاحِبَيْه: أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - كما يُشرع زيارة البقيع، والشهداء؛ للسلام على المدْفُونينَ هناك من الصحابة وغيرهم، والدعاء لهم، والتَّرَحُّم عليهم؛ كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم – يزورهم، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: ((السلام عليكم أهل الديار من المؤمنينَ والمسلمينَ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية))[446].
وفي رواية عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول إذا زار البقيع: ((يرحم الله المستقدمينَ منا والمُستأخِرينَ: اللهم اغفر لأهل بَقِيع الغَرْقَد))[447]. ويُشْرع أيضًا لمن زار المسجد النبوي أن يزور مسجد قُباء، ويصلي فيه ركعتينِ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يزوره كل سبت، ويصلي فيه ركعتين، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((مَنْ تَطَهَّر في بيته فأحسن الطهور، ثم أتى مسجد قُباء فصلى فيه كان كعمرة))[448].
هذه هي المواضع التي تُزار في المدينة المنورة، أما المساجد السبعة ومسجد القبلتينِ وغيرها من المواضع التي يذكر بعض المؤلفين في المناسك زيارتها، فلا أصل لذلك ولا دليل عليه. والمشروع للمؤمن دائمًا هو: الاتباع دون الابتداع. والله ولي التوفيق.
زيارة قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -
س: أرجو الإفادة عن صحة الأحاديث الآتية:
الأول: ((مَنْ حج البيت ولم يزرني فقد جفاني)).
الثاني: ((من زارني بعد موتي، فكأنما زارني في حياتي)).
الثالث: ((من زارني بالمدينة محتسبًا كنتُ له شفيعًا شهيدًا يوم القيامة))
لأنها وردت في بعض الكتب وحصل منها إشكال واختلف فيها على رأيين: أحدهما يُؤَيِّد هذه الأحاديث، والثاني لا يُؤَيِّدها[449].
ج: أما الحديث الأول: فقد رواه ابن عَدِي، والدَّارقُطْني من طريق عبدالله بن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ: ((مَنْ حَجّ ولم يزُرْني فقد جَفَانِي))؛ وهو حديث ضعيف؛ بل قيل عنه: إنه موضوع؛ أي مكذوب؛ ذلك أن في سنده محمد بن النعمان بن شبل الباهلي عن أبيه، وكلاهما ضعيف جدًّا. وقال الدَّارقُطْنِي: "الطَّعْن في هذا الحديث على ابن النعمان لا على النعمان"، وروى هذا الحديث البَزَّار أيضًا، وفي إسناده إبراهيم الغفاري وهو ضعيف، ورواه البَيْهَقِي عن عمر، وقال: إسناده مَجْهُول.
أما الحديث الثاني: فقد أخْرَجه الدَّارقُطْني عن رجل من آل حاطب عن حاطب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا اللفظ، وفي إسناده الرجل المجهول، ورواه أبو يَعْلى في مسنده، وابن عَدِي في كامله، وفي إسناده حفص بن داود وهو ضعيف الحديث.
أما الحديث الثالث: فقد رواه ابن أبي الدنيا من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا اللفظ، وفي إسناده سليمان بن زيد الكعبي، وهو ضعيف الحديث، ورواه أبو داود الطيالسي من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وفي إسناده مجهول.
وقد بسط الكلام على هذه الأحاديث وما جاء في معناها العلامة الشيخ محمد بن عبدالهادي - رحمه الله - في كتابه: "الصارم المنكي في الرد على السبكي" وقبله شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - في رده على الأخنائي. فأُوصِي بمراجعة الكِتَابَينِ المذْكُورينِ؛ للمَزيد مِن العلم. 
هذا وقد وَرَدَتْ أحاديث صحيحة في الحَثّ على زيارة القُبور عامة؛ للعِبْرة، والاتِّعاظ، والدُّعاء للمَيت. أما الأحاديث الوَارِدة في زيارة قَبْر النبي - صلى الله عليه وسلم – خاصة، فكلها ضعيفة كما تَقدَّم؛ بل قيل إنها موضوعة، فمن رغب في زيارة القبور، أو زيارة قَبْر الرسول - صلى الله عليه وسلم - زيارة شرعية؛ للعِبْرة، والاتِّعاظ، والدُّعاء للميت، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والتَّرَضِّي عن صاحِبَيْه مِنْ دون أن يشدَّ الرِّحال لها، ويُنْشِئ سفرًا لذلك، فزيارته مشروعة ويُرْجَى له فيها الأَجْر.
وأما مَنْ شَدّ لها الرِّحال أو زارها؛ يَرْجُو بركتها، والانتفاع بها، أو جعل لزيارتها مواعيد خاصة فزيارته مُبْتَدَعة، لم يصحّ فيها نصّ، ولم تُعْرَف عن سَلَف هذه الأمة؛ بل وردت النصوص بالنهي عنها كحديث: ((لا تُشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى))؛[450]؛ رواه البخاري ومسلم، وحديث: ((لا تتخذوا قَبْري عيدًا، ولا بيوتكم قبورًا، وصلوا عليَّ فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم))؛[451]؛ رواه محمد بن عبدالواحد المقدسي - رحمه الله - في كتابه: "الأحاديث المختارة"، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
س: هل يجوز للنساء زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟[452]
ج: لا يجوز لهن ذلك؛ لعُموم الأحاديث الواردة في نَهْي النساء عن زيارة القبور، ولَعْنهنّ على ذلك، والخلاف في زيارة النساء لقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - مشهور، ولكن تَرْكهن لذلك أَحْوط وأَوْفَق للسُّنة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يَسْتَثْنِ قبره، ولا قبر غيره، بل نَهاهُن نَهْيًا عامًّا، ولعن مَن فعل ذلك مِنْهنّ، والواجب الأَخْذ بالتعميم ما لم يوجد نصّ يخص قبره بذلك، وليس هناك ما يخص قبره. والله ولي التوفيق.
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم ع. م. ع. وفقه الله، آمين
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده: 
كتابكم الكريم المؤرخ في 3/3/1974م وصل - وصلكم الله بهُداه - وما تضمنه كان معلومًا[453]، ونُبارك لكم في الزواج، جعله الله زواجًا مُباركًا، وقد ذكرتم في كتابكم أن ندعوَ لكم عند قبر الرسول عليه الصلاة والسلام.
ونفيدكم أن الدُّعاء عند القبور غير مشروع، سواء كان القبر قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره، وليست محلاًّ للإجابة، وإنما المشروع زيارتها، والسلام على الموتى والدعاء لهم، وذكر الآخرة والموت. أَحْبَبْنا تَنْبيهك على هذا حتى تكون على بَصِيرة، وفي إمكانك أن تُرَاجِع أحاديث الزِّيارة في آخر كتاب "الجنائز" من "بُلُوغ المَرَام" حتى تعلم ذلك. وفَّقَنا الله وإياكم لاتِّباع السنة، والعمل بما يُرْضِي الله - سبحانه - ويُقَرِّب لدينه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حكم تَتَبُّع آثار الأنبياء؛ ليُصَلَّى فيها، أو لِيُبْنَى عليها مساجد
س: الأماكن التي صلى بها الرسول - عليه الصلاة والسلام - هل من الأفضل بناء مساجد عليها، أم بَقاؤها كما هي، أو عمل حدائق عامة بها؟[454] 
ج: لا يجوز للمسلم تتبع آثار الأنبياء؛ ليُصَلِّي فيها أو ليَبْنِي عليها مساجد؛ لأن ذلك من وسائل الشِّرْك، ولهذا كان عمر - رضي الله عنه - يَنْهَى الناس عن ذلك، ويقول: "إنما هلك من كان قبلكم بتتبعهم آثار أنبيائهم"، وقطع - رضي الله عنه - الشجرة التي في الحُدَيْبية التي بُويع النبي - صلى الله عليه وسلم - تحتها؛ لما رأى بعض الناس يذهبون إليها، ويُصلُّون تحتها؛ حسمًا لوسائل الشرك؛ وتحذيرًا للأمة من البِدَع، وكان - رضي الله عنه - حكيمًا في أعماله وسِيرته، حريصًا على سَدّ ذَرائع الشِّرك، وحسم أسبابه، فجَزَاه الله عن أمة محمد خيرًا، ولهذا لم يَبْنِ الصحابة - رضي الله عنهم - على آثاره - صلى الله عليه وسلم - في طريق مكة وتبوك وغيرهما مساجد؛ لعِلْمِهم بأن ذلك يُخَالِف شريعته، ويسبب الوقوع في الشِّرْك الأكبر، ولأنه من البِدَع التي حَذَّر الرسول منها - عليه الصلاة والسلام - بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ أحْدَثَ في أَمْرِنا هذا ما ليس منه فهو ردّ))[455]؛ مُتفق عليه من حديث عائشة - رضي الله عنها - وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ))؛ رواه مسلم في صحيحه، وكان - عليه الصلاة والسلام - يقول في خطبة الجمعة:[456] ((أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهَدْي هَدْي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور مُحْدَثاتها، وكل بِدْعَة ضلالة)) [457]؛ أخرجه مسلم في صحيحه، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. والله المُسْتَعَان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة المكرمة السيدة / ت. أ. ر. حفظها الله.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد تلقيتُ رسالتك المؤرخة في 16/12/1391هـ وعلمت ما تضمنته من الأسئلة وإليك الإجابة عنها:[458]
أولاً: بالنسبة لحجك مع عمك فلا بأس به؛ لأن العم مَحْرَم شرعي، ونرجو من الله أن يتقبل منك، ويُثيبك ثواب الحج المبْرُور. 
وأما ميقات الحُجَّاج القادمينَ من إفريقيا، فهو الجُحْفَة أو ما يُحاذيها من جهة البر والبحر والجو إلا إذا قدموا من طريق المدينة، فميقاتُهم ميقات أهل المدينة، ومن أحرم من رابِغ فقد أحرم من الجُحْفة؛ لأن الجُحْفَة قد ذهبت آثارها، وصارت رابِغ في محلها أو قبلها بقليل.
وأما من ناحية المساجد الموجودة بالمدينة المعروفة حاليًا، فكلها حادثة ما عدا مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسجد قُباء، وليس لهذه المساجد غير المسجدينِ المذكورينِ خُصوصِية من صلاة أو دعاء أو غيرهما؛ بل هي كسائر المساجد من أدركته الصلاة فيها صلى مع أهلها، أما قصدها للصلاة فيها والدعاء والقراءة أو نحو ذلك لاعتقاده خُصوصيَّة فيها، فليس لذلك أصل؛ بل هو من البِدَع التي يجب إنكارها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ))[459]؛ أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها.
وتحقيقًا لرغبتك يسرنا أن نبعث إليك برفقه بعضًا من الكتب التي توزعها الجامعة حسب البيان المرفق، نسأل الله أن ينفع بها، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
باب صفة الحج والعمرة
(12) صفة العمرة
أعمال مناسك العمرة
الحمد لله وحده، وبعد؛ فهذه نبذة مُخْتَصَرة عن أعمال مناسك العمرة، وإلى القارئ بيان ذلك[460]:
1- إذا وصل من يُرِيد العمرة إلى الميقات، استُحِبّ له أن يغتسل ويَتَنَظَّف، وهكذا تفعل المرأة ولو كانت حائضًا أو نفساء، غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر وتغتسل.
ويتطيب الرجل في بَدَنِه دون ملابس إحرامه. فإن لم يَتَيَسَّر الاغتسال في الميقات فلا حَرَج، ويستحب أن يَغْتَسِل إذا وصل مكة قبل الطواف إذا تَيَسَّرَ ذلك.
2- يتجَرَّد الرجل من جميع الملابس المخيطة، ويلبس إزارًا ورِداءً. ويستحب أن يكونا أَبْيَضَينِ نَظِيفَينِ. أما المرأة فتحرم في ملابسها العادية[461]، التي ليس فيها زينة ولا شهرة. 
3- ثم ينوي الدُّخول في النُّسُك بقلبه، ويتلفظ بلسانه قائلاً: "لبيك عمرة"، أو "اللهم لبيك عمرة"، وإن خاف المحرم ألا يتمكن من أداء نُسُكِه؛ لكونه مريضًا أو خائفًا من عدو ونحوه شُرِع له أن يشترط عند إحرامه، فيقول: "فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني"؛ لحديث ضباعة بنت الزُّبَيْر - رضي الله عنها - ثم يُلَبِّي بتلبية النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)) ويُكْثِر من هذه التلبية، ومِنْ ذِكْر الله - سبحانه - ودعائه حتى يصل إلى البيت "الكعبة".
4- فإذا وصل إلى المسجد الحرام قَدَّم رجله اليمنى عند الدخول، وقال: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، اللهم افتح لي أبواب رحمتك.
5- فإذا وصل إلى البيت قطع التلبية ثم قصد الحَجَر الأسود، واستقبله، ثم يستلمه بيمينه، ويُقَبِّله إن تيسَّر ذلك، ولا يُؤْذِي الناس بالمُزاحمة. ويقول عند استلامه: "بسم الله والله أكبر"، فإن شق عليه التقبيل استلمه بيده أو بعصا أو نحوها، وقبل ما استلمه به، فإنْ شَقّ استلامه أشار إليه وقال: "الله أكبر"، ولا يُقَبِّل ما يشير به. ويشترط لصحة الطواف أن يكون الطائف على طهارة من الحَدَث الأصغر والأكبر؛ لأن الطواف مثل الصلاة غير أنه رخّص فيه في الكلام. 
6- يجعل البيت عن يساره، ويطوف به سبعة أشواط، وإذا حاذى الرُّكْن اليماني استلمه بيمينه إن تَيَسَّر، ويقول: "بسم الله، والله أكبر"، ولا يُقَبِّله. فإن شق عليه استلامه تَرَكَهُ ومضى في طوافه ولا يشير إليه ولا يُكَبِّر؛ لأن ذلك لم يُنْقَل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. أما الحجر الأسود فكلما حَاذاه استلمه وقبله؛ كما ذكرنا سابقًا وإلا أشار إليه وكَبَّر. ويُستَحبّ الرمل - وهو الإسراع في المشي مع تَقارُب الخُطَى - في الثلاثة الأشواط الأولى من طواف القُدُوم للرجل خاصة؛ كما يُسْتحبّ للرجل أن يضطبع في طواف القُدُوم في جميع الأشواط، والاضْطِباع: أن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن، وطرفيه على عاتِقه الأيسر. ويُسْتَحبّ الإكثار من الذِّكْر والدعاء بما تَيَسَّر في جميع الأشواط. وليس في الطواف دعاء مَخْصُوص، ولا ذكر مخصوص؛ بل يدعو، ويَذْكُر الله بما تَيَسَّر من الأذكار والأدعية ويقول بين الرُّكْنينِ: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقِنَا عذاب النار" في كل شَوْط؛ لأن ذلك ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ويختم الشَّوْط السابع باستلام الحجر الأسود، وتقبيله إن تَيَسَّر، أو الإشارة إليه مع التَّكْبير حسب التَّفْصيل المذكور آنفًا. وبعد فَراغه من هذا الطَّواف يَرْتَدِي بردائه فيجعله على كتفيه، وطرفيه على صدره.
7- ثم يُصلي ركعتينِ خلف المقام إن تَيَسَّر، فإن لم يتمكَّن من ذلك صَلاَّهما في أي موضع من المسجد. يقرأ فيهما بعد الفاتحة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} في الركعة الأولى، و{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} في الركعة الثانية، هذا هو الأفضل وإن قرأ بغيرهما فلا بأس. ثم بعد أن يُسَلِّم من الركعتين، يقصد الحجر الأسود إن تَيَسَّرَ ذلك. 
8- ثم يخرج إلى الصفا، فيَرْقَاه أو يقف عنده، والرقي أفضل إن تَيَسَّرَ، ويقرأ قوله – تعالى -: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ}[462]. ويُسْتَحَبّ أن يستقبل القبلة، ويحمد الله، ويكبره، ويقول: "لا إله إلا الله والله أكبر. لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهَزَم الأحزاب وحده"، ثم يدعو بما تَيَسَّر رافعًا يديه، ويُكَرِّر هذا الذِّكْر والدعاء ثلاث مرات. ثم ينزل فيمشي إلى الْمَرْوة حتى يصل إلى العلم الأول، فيسرع الرجل في المشي إلى أن يصل إلى العلم الثاني. أما المرأة فلا يشرع لها الإسراع؛ لأنها عورة، ثم يَمْشِي فيرقى المروة أو يقف عندها، والرقي أفضل إن تَيسَّر ويقول ويفعل على المروة؛ كما قال وفعل على الصفا. ثم ينزل فيمشي في موضع مَشْيِه ويسرع في موضع الإسراع حتى يصل إلى الصفا، يفعل ذلك سَبْع مرات: ذهابه شوط، ورجوعه شوط. وإن سَعَى راكبًا فلا حَرَج، ولا سيما عند الحاجة. ويُسْتَحبّ أن يكثر في سَعْيِه من الذِّكْر والدعاء بما تَيَسَّر. وأن يكون مُتَطَهِّرًا من الحَدَث الأكبر والأصغر، ولو سعى على غير طَهَارة أَجْزَأَهُ ذلك.
9- فإذا كمل السَّعْي يَحْلِق الرجل رأسه، أو يُقَصِّره، والحَلْق أفضل، وإذا كان قدومه مكة قريبًا من وقت الحج، فالتقصير في حقه أفضل؛ ليحلق بقية رأسه في الحج. أما المرأة فتجمع شعرها، وتأخذ منه قَدْر أنملة فَأَقَل. فإذا فعل المُحْرِم ما ذكر فقد تَمَّتْ عُمْرته، والحمد لله. وحَلَّ له كل شيء حُرِّمَ عليه بالإحْرَام.
وفَّقنا الله وسائر إخواننا المسلمينَ للفِقْه في دينه، والثبات عليه، وتَقَبَّل من الجميع، إنه – سبحانه - جواد كريم.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.
أفضل زمان تُؤَدَّى فيه العمرة رمضان
س: هل ثبت فضل خاص للعمرة في أشهر الحج يختلف عن فضلها في غير تلك الأشهر؟[463]  
ج: أفضل زمان تُؤَدَّى فيه العمرة شهر رمضان؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((عُمرة في رمضان تَعْدل حجة))[464]؛ متفق على صحته، وفي رواية أخرى في البخاري: ((تقضي حجة معي))[465]، وفي مسلم: ((تقضي حجة أو حجة معي))[466] - هكذا بالشك - يعني معه - عليه الصلاة والسلام - ثم بعد ذلك العمرة في ذي القعدة، لأن عُمَرَهُ - صلى الله عليه وسلم - كلها وقعت في ذي القَعْدة، وقد قال – سبحانه -: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ))[467]. وبالله التوفيق.
تَكرار العمرة في رمضان
س: هل يجوز تَكرار العمرة في رمضان؛ طلبًا للأجر المترتب على ذلك؟[468]
ج: لا حرج في ذلك، النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((العُمْرة إلى العمرة كَفَّارة لما بينهما، والحَجّ المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))[469]؛ متفق عليه.
فإذا اعتمر ثلاث أو أربع مرات فلا حَرَج في ذلك. فقد اعتمرتْ عائشة - رضي الله عنها - في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع عُمْرتَيْنِ في أقل من عشرين يومًا.
س: دخلتُ إلى مكة مُحْرِمًا في رمضان، وعملت العمرة، وحجَجْتُ بحول الله وفَضْلِه، فهل عليَّ عمرة أخرى، وما الحكم؟[470]
ج: ليس عليك عمرة أخرى، فقد أديت العمرة والحمد لله في رمضان في أشرف وقت، وحجك يكون مفردًا؛ لأن العمرة إنما تجب في العُمْر مرة واحدة كالحج، وما زاد على ذلك فهو تَطَوُّع.
عمرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في رجب
س: هل صَحّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه اعْتَمَر عمرة في شهر رجب؟[471]
ج: المشهور عند أهل العلم أنه لم يَعْتَمِر في شهر رجب، وإنما عُمَره - صلى الله عليه وسلم - كلها في ذي القَعدة، وقد ثبت عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "اعْتَمَرَ في رجب"، وذَكَرَتْ عائشة - رضي الله عنها -: "أنه قد وَهِم في ذلك، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعتمر في رجب".
والقاعدة في الأصول أن المُثْبَت مُقَدَّم على النَّافي، فلعلَّ عائشة ومَنْ قال بقولها لم يَحْفَظُوا ما حفظ ابن عمر، والله ولي التوفيق. 
حكم التقصير في العمرة
س: ما الحكم في التقصير من الشَّعْر بعد العمرة أهو على التعميم من جميع الشعر، أم يكفي من جزء منه فقط؟[472]
ج: التَّقْصِير من جميع الشعر في العُمرة والحج جميعًا مثل ما يحلقه كله يقصره كله، ويأخذ مِنْ أطراف الشعر حتى يعم الرأس، ولا يكون معناه شَعْرَة شَعْرَة، معناه: يعمم ظاهر الرَّأْس ويكفي، يعممه بالتقصير؛ كما يعممه بالحَلْق هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب.
حكم من لبس المخيط بعد ستة أشواط جهلاً منه
س: رجل قَدِم من الرِّياض، وأحرم من الميقات للعمرة، وفي السَّعْي سَعَى ستة أشواط جَهْلاً منه، ثم قصَّر شعر رأسه ولبس المخيط وسافر إلى جِدة، ماذا يجب عليه الآن؟ والمذكور إذا رجع إلى مكة بنية العمرة من جديد، بنية العمرة السابقة التي لم يكمل سعيها، هل عَلَيْه شَيء؟[473] وماذا يجب عليه الآن للعُمْرة التي لم يكمل سعيها، ولبس المخيط؟
ج: على المذكور أن يرجع إلى مكة، ويكمل السَّعْي ثم يُعِيد التَّقْصِير، وإن أعاد السَّعْي كلَّه فهو أفضل وأَحْوَط بعد خلع المخيط، ولبس ملابس الإحرام، ولا شيء عليه بسبب الجَهْل، وهكذا الناسي؛ لقول الله – سبحانه -: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[474] الآية، وَقَدْ صَحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في تفسير هذه الآية: ((إن الله – سبحانه - قال: "قد فعلت"))[475]. والله ولي التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.
حُكْم مَنْ أحَسّ بتَعَب قبل إكمال الطواف
س: أنا امرأة مريضة ذهبتُ إلى العمرة وعندما طفت ثلاثة أشواط أُصِبْتُ بالدوخة، ماذا يجب عليَّ أن أفعل؟ [476]
ج: عليكِ أن تستريحي، وتكملي الطواف، فإن طال الفَصْل فأعيدي الطواف من أوله. أما إذا زالت الدوخة بسهولة وسرعة، فكملي الطواف، ويكفي، والحمد لله.
حُكْم مَنْ نَسِي الحَلْق أو التقصير في العمرة
س: ما حكم من نَسِي الحلق أو التقصير في العمرة، فلبس المخيط، ثُمَّ ذكر أنه لم يُقَصِّر أو يَحْلِق؟ [477] 
ج: من نَسِي الحلق أو التقصير في العُمْرة، فطاف وسَعَى ثم لبس قبل أن يَحْلِقَ أو يُقَصِّر فإنَّه يَنْزِع ثيابه، إذا ذكر ويحلق أو يقصر ثم يعيد لبسهما، فإن قَصَّر أو حلق وثيابه عليه جَهْلاً منه، أو نِسْيَانًا فلا شيءَ عليه، وأَجْزَأَهُ ذلك، ولا حاجة إلى الإعادة للتقصير أو الحَلْق؛ لكن متى تَنَبَّهَ فإنَّ الواجب عليه أن يخلع حتى يحلق أو يقصر وهو مُحْرِم.
س: امرأة اعتمرتْ ونسيت أن تقصر شعرها ثم تَذَكَّرَتْ بعد يومينِ، فماذا تفعل؟ [478]
ج: إذا طاف المُعْتَمِر وسَعَى، ثم نَسِي التقصير، قَصَّر متى ذكره في بلده أو غيرها.
س: أخذت عمرة أنا وزوجتي، وعند الانتهاء من السَّعْي حلقتُ رأسي، أما زوجتي فلم تقصر من شعرها ناسية، وغادرنا مكة ورجعنا إلى بلادنا، ثم حدث الجماع بيني وبين زوجتي، فما حكم عمرتنا جزاكم الله خيرًا؟[479]
ج: العمرة صحيحة - إن شاء الله - وليس على زَوْجَتِك شيء ما دامت ناسِية؛ ولكن عليها أن تُقَصِّر مِنْ شعرها متى نُبِّهَتْ لذلك، والحمد لله.
حُكْم أَخْذ حُبوب منع نُزول الدَّوْرة لمن أرادت العمرة
س: سائلة تقول: أنا امرأة تناولْتُ حبوب مَنْع نزول الدَّوْرة في الكويت، وأحسست بأَلَم شديد ثم قطعتُ هذه الحبوب ثم بعدها بأربعة أيام ألا وهو يوم الاثنين الماضي، نزلت عليَّ الدَّوْرة واستمرتْ الثلاثاء والأربعاء. خرجنا من الكويت صباحًا ألا وهو ثالث يوم من الدَّوْرة، وفي منتصف الطريق في الساعة الثامنة والنصف ليلاً تناوَلْتُ حَبّتَينِ من نفس الحُبوب مع العلم أن مفعولها يَتَبَيَّن بعد 24 ساعة، ووصلْنا إلى الميقات في الساعة الثانية صباحًا يوم الخميس؛ أي مَضَى على تَناوُلِي الحُبوب خمس ساعات ونصف، ولكن عند وصولي للميقات منذ ذلك الوقت لم ينزل عليَّ دم، وأحرمتُ وذهبتُ إلى الحرم، وأنا على شك من أمري؛ لأنني لم أُدَقِّق هل الدم، وقف أم لا؟ وقبل دُخولي الحرم بدقائق ذهبتُ إلى الحمام ولم يكن نزل مني دم، واعتمرتُ ولكن عندما ذهبتُ إلى السكن نزل عليَّ قليل من الدم هذا، ولم تَطْمَئن نفسي فهل عمرتي صحيحة، أم لا؟ جزاكم الله خيرًا.[480] 
ج: من عبدالعزيز بن عبدالله بن باز إلى حضرة الأخت في الله ش. س. وفقها الله لما فيه رِضَاه آمين. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعده:
لقد فهمت من سؤالك الموضح في الورقة المُرْفَقة، وأفيدك أن عمرتك بحمد الله صحيحة، إذا كان الواقع هو ما ذكرتِ، تقبَّل الله منا ومنك ومن كل مسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مفتي عام المملكة العربية السعودية
س: ما حُكْم من أخذ من مُقَدِّمة رأسه بالحلق في العمرة، وماذا يجب عليه؟[481]
ج: الواجب التعميم وعليه التوبة مِنْ ما مضى.
س: إذا اعتمرت وقضيت العمرة، هل يجوز لي العمرة عن من أُريد مِنْ أقاربي، علمًا أنه ليس في الحج، وما هو المكان الذي أحرم منه عند ذلك؟[482]
ج: لا أعلم مانعًا شرعيًّا من عُمرتك لمن ترى من أقاربك بعد اعتمارك عن نفسك العمرة الوَاجِبَة، سواء كان ذلك في وقت الحج أو في غيره. أما ميقات العمرة لمن كان داخل الحرم فهو الحل، كالتنعيم والجعرانة ونحوهما؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أمر عائشة بالاعتمار أمر عبدالرحمن أخاها أن يعمرها من خارج الحَرَم.
هذا ونسأل الله لنا ولكم وللمسلمين التوفيق لما يرضيه، وصلاح النية والعمل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حُكْم طواف الوَدَاع في العمرة
س: هل طَوَاف الوداع واجب في العمرة، وهل يجوز شِراء شيء من مكة بعد طواف الوداع سواء كان حجًّا أو عمرة؟[483]
ج: طواف الوداع ليس بواجِب في العمرة، ولكن فعله أفضل، فلو خرج ولم يودع فلا حَرَج. أما في الحج فهو واجب؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت))[484]، وهذا كان خطابًا للحجاج. وله أن يَشْتَرِيَ ما يحتاج إليه بعد الوداع من جميع الحاجات حتى ولو اشترى شيئًا للتجارة ما دامت المدة قصيرة لم تطل، أما إن طالتِ المدة فإنه يعيد الطواف، فإن لم تطل عرفًا فلا إعادة عليه مُطْلقًا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. 
القسم الثالث والأخير من الحج
باب الفَوات والإحصار
الإحصار يكون بالعدو وبغير العدو كالمرض
س: إذا تجاوز الحاج الميقات مُلبِّيًا بحج وعمرة، ولم يَشْتَرِط، وحصل له عَارِض؛ كمرض ونحوه يمنعه من إتمام نُسُكِه، فماذا يلزمه أن يفعل؟[485]
ج: هذا يكون محصرًا، إذا كان لم يشترط، ثم حصل له حادث يمنعه من الإتمام، إن أمكنه الصبر؛ رجاءً أن يزول المانع ثم يكمل صبر، وإن لم يتمكن من ذلك فهو محصر - على الصحيح، والله قال في المحصر: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}[486]، والصواب، أن الإحصار يكون بالعدو، ويكون بغير العدو؛ كالمرض.
فيهدي ثم يحلق أو يقصر، ويتحلل، هذا هو حكم المحصر، يذبح ذبيحة في محله الذي أحصر فيه - سواء كان في الحرم أو في الحل - ويعطيها للفقراء في محله، ولو كان خارج الحرم، فإن لم يَتَيَسَّر حوله أحد، نقلت إلى فُقراء الحرم، أو إلى من حوله من الفُقراء، أو إلى فُقَراء بعض القُرَى، ثم يحلق أو يقصر ويتحلل، فإن لم يستطِعِ الهَدْي صام عشرة أيام، ثم حَلَق أو قصر وتحلل.
حكم من حبسه حابس عن الطواف والسَّعْي
س: ما حكم من أحرم من الميقات للحج أو العمرة، ثم حبسه حابِسٌ عن الطواف والسَّعْي؟[487]
ج: الذي أحرم بالحج أو العمرة ثم حبسه حابِسٌ عن الطواف والسَّعْي، يبقى على إحرامه، إذا كان يرجو زوال هذا الحابس قريبًا؛ كأن يكون المانع سيلاً، أو عدوًّا يمكن التَّفَاوُض معه في الدُّخول وأداء الطواف والسَّعْي.
ولا يُعَجِّل في التَّحَلُّل؛ كما حَدَث للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حيث مكثوا مدةً يوم الحُدَيْبِية؛ للمُفاوَضَة مع أهل مكة؛ لعلهم يسمحون لهم بالدُّخول لأداء العمرة بدون قِتال، فلما لم يَتَيَسَّر ذلك، وصَمَّمُوا على المَنْع إلا بالحرب، وتَمَّ الصُّلح بينه وبينهم على أن يرجع للمدينة، ويعتمر في العام القادم، نحر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه هَدْيَهُم، وحلقوا وتحللوا. 
وهذا هو المشروع للمحصر، يتَمَهَّل، فإن تَيَسَّر فك الحصار استمر على إحرامه، وأَدَّى مَنَاسِكَه، وإن لم يَتَيَسَّر ذلك وشق عليه المقام، تَحَلَّل مِنْ هذه العمرة أو الحج - إن كان حاجًّا -.
ولا شيء عليه سِوَى التَّحَلُّل بإهراق دم يُجْزِئ في الأضحية، ثم الحَلْق أو التقصير؛ كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يوم الحديبية، وبذلك يتحلل، كما قال - جل وعلا -: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[488]، فالحلق يكون بعد الذبح، ويقوم مقامه التقصير، فينحر أولاً، ثم يحلق أو يقصر، ثم يتحلل ويعود إلى بلاده، فمن لم يجد هَدْيًا صام عشرة أيام، ثم يحلق أو يقصر، ثم يحل.
مَنِ اشترط عند إحرامه لم يلزمه الهَدْي
س: إذا عزم المسلم على الحج، وبعد الإحرام تَعَذَّر حجه. ماذا يلزمه؟[489]
ج: إذا أحصر الإنسان عن الحج بعدما أحرم بمرض أو غيره، جاز له التَّحلُّل بعد أن ينحر هَدْيًا، ثم يحلق رأسه أو يقصره؛ لقول الله - سبحانه وتعالى -: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[490]؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أحصر عن دخول مكة يوم الحديبية، نحر هَدْيَه، وحلق رأسه ثم حَلّ، وأمر أصحابه بذلك؛ لكن إذا كان المحصر قد قال في إحرامه: "فإن حبسني حابِس فمحلي حيث حبستني، حل ولم يكن عليه شيء - لا هَدْي ولا غيره - لما ثَبَتَ في الصحيحينِ عن عائشة - رضي الله عنها - أن ضباعة بنت الزبير بن عبدالمطلب قالت: يا رسول الله: إني أُرِيدُ الحج، وأنا شاكية، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((حجي واشترطي: أن محلي حيث حبستني))[491]  
س: رجل سافر هو وزوجته بنية العمرة بالطائرة، وعندما وصلا إلى جدة مرضتِ المرأة في المطار، ولم يلبثا أن عادا إلى الرياض في نفس اليوم، ولم يُؤَدِّيا مناسكهما، مع العلم أنهما اشترطا عند إعلانهما نية العمرة. فهل عليهما إثمٌ في ذلك؟ - جزاكم الله خيرًا - وما المطلوب منهما؟ [492]
ج: بسم الله، والحمد لله.
إذا كانا قد اشترطا عند الإحرام: إن أصابهما حابس فمحلهما حيث حبسا، أو ما هذا معناه، فإنهما يحلان ولا شيء عليهما؛ بسبب المرض الذي يشق على المرأة معه أداء مناسك العمرة؛ لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لضباعة بنت الزبير - رضي الله عنها - لما قالت: "يا رسول الله: إني أريد الحج وأنا شاكية"، قال: ((حجي واشترطي: أن محلي حيث حبستني))[493]؛ متفق على صحته.
س: هناك امرأة جاءت للحج مع أمها، ولكن أمها مَرضَتْ، فبقيت معها في الغرفة يوم عرفات، فما وقفت يوم عرفة، لا هي ولا أمها، ولكن ذهبت بعد الحج فوقفت من الظهر إلى المغرب، فما حكم حجها؟ وماذا عليهما جميعًا؟[494]
ج: عليهما أن يتحللا بأعمال العمرة، وهي أن تطوف كل واحدة منهما، وتَسْعَى، وتقصر وتَتَحَلَّل، وعليهما القَضاء من العام الآتي، مع فِدْية: ذبيحة تُذبح في مكة للفقراء على كل
واحدة - إن استطاعتا ذلك - أما وقوفها بعد يوم عرفة من الظهر إلى المغرب يوم العيد، فهذا بِدْعَة، ولا عمل عليه، ولا يُجْزِئ، ولا يجوز.
المحصر ينْحَر الهَدْي في المكان الذي أحصر فيه
س: هل نحر الهدي في غير الحرم خاص بالمُحْصر؟[495]
ج: المحصر ينحر الهَدْي في محله، سواء كان في الحرم أو في الحل.
صيام عشرة أيام لمن عجز عن الذَّبْح
س: ما حكم من أراد الحج والعمرة، وبعد وصوله إلى مكة ضاعتْ نفقته، ولم يستطع أن يَفْدي، وغير نيته إلى حج مفرد. هل يصح ذلك؟ وإذا كانت الحجة لغيره، ومشترطًا عليه التَّمتُّع، فماذا يفعل؟[496] 
ج: ليس له ذلك ولو ضاعتْ نفقته، فإذا عجز عن الدم، يصوم عشرة أيام - والحمد لله - ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله، ويبقى على تَمَتُّعِه. وعليه أن يُنَفِّذ الشرط؛ بأن يحرم بالعمرة، ويطوف، ويسْعَى، ويقصر، ويحل، ثم يُلَبِّي بالحج ويفدي، فإن عجز صام عشرة أيام؛ ثلاثة في الحج قبل عرفة، وسبعة إذا رجع إلى أهله؛ لأن الأفضل للحاج أن يكون يوم عرفة مفطرًا؛ اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه وقف بها مفطرًا.
س: إنسان أحصر عن إتمام أعمال الحج أو العمرة بسبب مرض أو نحوه، ولم يجد هَدْيًا ذلك الوقت، فماذا يجب عليه؟[497]
ج: عليه صيام عشرة أيام قبل أن يحلق رأسه أو يقصر؛ لقول الله - سبحانه -: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُؤوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[498] الآية؛ ولفعله - صلى الله عليه وسلم - لما أحصر عن العمرة عام الحديبية سنة ست من الهجرة النبوية، والله الموفق.
حكم من بدأ العمرة ولم يتمها
س: قَدَّر الله أن أَذْهَب لأداء العمرة في شهر رمضان المبارك الماضي، ولما بدأت الطواف ولشدة الزحام لم أكمله، فخرجت من مكة وعدت إلى مدينتي، وكان ذلك ليلة سبع وعشرين.
وأسأل سماحة شيخنا - حفظه الله - عما يترتب عليَّ، مع العلم أنني - والحمد لله - أتمتع بصحة جيدة؟ أفيدونا - أفادكم الله -.[499]
ج: قد أخطأت فيما فعلت - عفا الله عنا وعنك - وكان الواجب عليك أن تكمل العمرة في وقت آخر غير وقت الزحام؛ لقول الله - سبحانه -: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه}[500].
وقد أجمع العلماء، على أنه يجب على من أحرم بحج أو عمرة أن يكمل ذلك، وألا يتحلل منهما إلا بعد الفراغ من أعمال العمرة، ومن الأعمال التي تبيح له التحلل من أعمال الحج، إلا المحصر والمشترط إذا تحقق شرطه. 
فعليك التوبة مما فعلت، وعليك مع ذلك أن تعيد ملابس الإحرام، وتتجنب محظورات الإحرام، وتذهب إلى مكة لإكمال العمرة؛ للطواف والسعي والحلق أو التقصير، وعليك مع ذلك دم، وهو: سبع بَدَنة، أو سبع بقرة، أو رأس من الغَنَم؛ ثِنِي معز أو جذع ضَأْن، إن كنت جامعت امرأتك في المدة المذكورة، وعليك أن تذهب إلى الميقات الذي أحرمت منه بالأول وتحرم بعمرة جديدة، وتؤدي مناسكها؛ قضاءً للعمرة الفاسدة بالجِمَاع، مع التوبة مما فعلت - كما تقدم -.
وإن كنت تعلم الحُكْم، وأنه لا يجوز لك هذا العمل، فعليك إطعام ستة مساكين؛ لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من بُر، أو، أرز، أو غيرهما، أو ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام عن لبس المخيط، ومثل ذلك عن تَغْطِية الرأس، ومثل ذلك عن الطيب، ومثل ذلك عن قلم الأظفار، ومثل ذلك عن حَلْق الشعر في المُدة المذْكورة.
أما إن كنت جاهلاً، فليس عليك شيء من الفِدْية المذكورة؛ لقول الله - سبحانه -: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[501]، وقد صَحّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله أجاب هذه الدعوة، ولأدلة أخرى في ذلك. والله الموفق.
س: في العام الماضي حجتْ والدتي ومعها أبناؤها وبناتها بنُسُك التَّمَتُّع، وبعدما دخلوا في الطواف أصيبتْ بحالة إغماء، ولم تتمكَّنْ من الطواف والسَّعْي، وحيث إنها مصابة بمرض السكر والضغط أُدخلتِ المستشفى، فقال الطبيب: إنها لن تستطيع إكمال الحج. ونَظرًا لهذه الحالة رجعوا جميعًا إلى مدينتهم، فماذا يترتب عليهم؟[502]
ج: هذه عملها عمل المحصر، هي نفسها تعتبر كالمحصر، عليها أن تذبح هَدْيًا؛ لأنها أحصرت في مكة، ودم الإحصار يُذبح في مكان الإحصار، سواء في مكة أو في غيرها للفقراء، وعليها أن تقصر من شعرها، ويتم حلها. وإذا كان حجها فريضة، تحج بعد حين؛ لأنها محصرة، إلا إذا صحت قبل الحج، وتيسر لها الرجوع وتَطُوف وتسْعَى وتكمل حجها، فلا بأس. 
وظاهر الحال أنهم أصابهم هذا الأمر في طواف العمرة وهم مُتمتِّعُون، فعليها أن ترجع، وتكمل عمرتها إذا كانت تستطيع، ويكفي.
وإن كانت لا تستطيع، فعليها دم الإحصار؛ ذبيحة تُذبح في مكة للفقراء، مع التقصير، وبذلك تم أمر الإحصار، ولا شيء عليها؛ لأن الإحصار يكون بالمرض، ويكون بالعدو - على الصحيح - أما إن تيسر لها أن ترجع فهي لا تزال في الإحرام، ترجع وتطوف وتَسْعى وتُقَصِّر لعمرتها.
وعليها دم، إن كان لها زوج وطأها، يُذبح في مكة للفقراء، وعليها الإتيان بعمرة جديدة من الميقات الذي أحرمت منه في الأول؛ قضاءً لعمرتها التي فسدتْ بالجِمَاع، وإن كان ما عندها زوج، ما عليها شيء، ترجع تطوف وتسعى وتقصر لعمرتها السابقة، وتمت عمرتها، ولا شيء عليها. أما إن كانت لا تستطيع، فهي في حكم المحصر، تذبح شاة في مكة للفقراء؛ لأن الإحصار وقع في مكة، وعليها أن تقصر أيضًا من شعرها، وبهذا تحللت من عمرتها، وعليها عمرة الإسلام فيما بعد - إذا قدرت - إذا لم تعتمر سابقًا، وعليها الحج أيضًا إن كانت لم تحج. والذين معها، إذا كانوا رجعوا ولم يكملوا عليهم مثلها؛ عليهم أن يرجعوا ويكملوا عمرتهم، وليسوا محصرين، وإن لبسوا وتطيبوا هذا من الجهل، لا شيء عليهم.
وإن كان فيهم امرأة قد وطأها زوجها، فعليها شاة عن الوَطْء، وتكمل عمرتها، وتأتي بعمرة جديدة - أيضًا - من الميقات الذي أحرمت منه، بدل العمرة التي أفسدتها بالوَطْء، ولا حرج.
والذين معها من ذُكُور وإناث، يرجعون ويكملون عمرتهم هذه التي رجعوا منها، وما لبسوا أو تطيبوا لا شيء عليهم؛ لأجل الجهل، والذي منهم قد وطئ زوجته، أو الزوجة التي وُطِئَتْ، قد أفسدت عمرتها، وكذا عمرة الزوج عليه أن يكملها، ويأتي بعمرة جديدة من الميقات الأول الذي أحرم منه، وعلى الذي وطئ، أو وطئت؛ عليهما دم يُذبح في مكة للفقراء. 
س: يقول هذا السائل: إنه في عام 1400هـ أحرم للعمرة من الطائف، وقال: لبيك اللهم لبيك عمرة - إن شاء الله - وعندما وصل إلى الحرم، منعه الجنود من دخول الحرم وأمروه بالرجوع، وعندما رجع إلى الطائف، أخبره بعض أهل مكة أن في الحرم حرب، وإطلاق نار، فما كان منه إلا أن نزع إحرامه، ولبس ثوبه، ورجع إلى بلده، فماذا عليه في ذلك؟ وهل هَدْي الإحصار يُذْبَح في الحرم، أو في أي مكان؟ [503]
ج: هذا يسمى محصرًا؛ للحادث الذي استحل فيه الحرم، والواجب على السائل أن لا يعجل في التحلل حتى ينحر هَدْيًا، ثم يحلق أو يقصر قبل أن يخلع ثيابه، أو يتحلل، هذا هو الواجب عليه.
فإن كان قصده في قوله: "لبيك عمرة إن شاء الله" يقصد بها: إن حبسه؛ يعني: إن شئت يا رب إمضاءها - هذا قصده: الاستثناء - فليس عليه شيء، أما إن قال: "إن شاء الله" من غير قصد، فهذا يلزمه أن يعيد ملابس الإحرام، وأن يذبح هَدْيًا؛ ذبيحة، ثم يحلق أو يقصر، ثم يتحلل؛ يلبس ملابسه العادية، ولو بعد هذه المدة؛ لأنه مُحْصَر ممنوع من الوصول للحرم.
إلا أن يكون تمم حجه بعد ذلك؛ جاء إلى مكة في السنة الثانية أو الثالثة بعد ذلك، وتمم؛ أي أحرم وتمم حجه أو عمرته، فليس عليه شيء إذا كان جاء بعد الإحصار هذا، وأدى عمرة فليس عليه شيء، والهَدْي إذا لزمه يُذبح في مكانه الذي أُحْصِر فيه.
س: وإذا كان مثل هذا الذي نسي الحكم، ولا عرفه إلا فيما بعد؟[504]
ج: يلبس ملابس الإحرام ويَذْبَح هَدْيَه، ويحلق أو يقصر، ويحل من حيث بلغه الحكم.
باب الهَدْي والأضحية
حكم المُتمتِّع الذي ضاعتْ نُقُوده
س: لقد أحرمت الإحرام الذي يلزم معه الهَدْي؛ ولكنها ضاعت نقودي وفقدت كل مالي الذي معي، فما حكمي في هذه الحالة؟ علمًا بأن زوجتي ترافقني أيضًا[505]. 
 ج: إذا أحرم الإنسان بالعُمْرة في أيام الحج مُتمتِّعًا بها إلى الحج، أو بالحج والعمرة جميعًا قارنًا، فإنه يلزمه دم، وهو: رأس من الغنم؛ ثِنِي من المعز أو جذع من الضَّأْن، أو سُبع بَدَنة أو، سبع بقرة، يَذْبَحُها في أيام النَّحْر بمكة أو مِنى، فيعطيها الفقراء والمساكين، ويأكل منها ويهدي. هذا هو الواجب عليه.
فإذا عجز عن ذلك؛ لذهاب نَفَقَتِه، أو لفَقْرِه وعسره وقِلَّة النَّفَقَة، فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله؛ كما أمره الله بذلك.
ويجوز أن يصوم عن الثلاثة اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، وذلك مُسْتَثْنَى من النهي عن صيامها لجميع الناس، إلا من فقد الهَدْي فإنه يصوم هذه الأيام الثلاثة؛ لما رَوَى البخاري في صحيحه عن عائشة وابن عمر - رضي الله عنهما - قالا: "لم يُرَخَّص في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يجد الهدي"[506]. وإن صامها قبل يوم عرفة فهو أفضل، إذا كان فقد النفقة مُتَقَدِّمًا، ويصوم السبعة عند أهله.
حُكْم المُتَمَتِّع الذي صام ثلاثة أيام ثُمَّ وجد قيمة الهَدْي
س: إنسان استَحَقّ عليه الهَدْي في الحج، ولكنَّه لم يستطع شراءه بسبب العُسْر، فصام ثلاثة أيام في الحج - كما أمر الله - وبعد أن صامها أو صام بعضها، وجد من يُقْرِضه أو يَسَّر الله الهَدْي، فماذا يفعل؟[507]
ج: إذا تَيَسَّر له القيمة التي يشتري بها الهَدْي - ولو بعد أيام الحج - فهو مُخَيَّر بين ذبحها، ولا حاجة إلى صيام السبعة الأيام عند أهله، أو صيام السبعة الأيام الباقية؛ لأنه قد شرع في الصيام وسقط عنه الهَدْي؛ لكن متى ذبح سقط عنه بقية الأيام.
مَع العلم بأنَّ الواجب ذبحه في الأيام الأربعة، وهي: يَوْم العيد وأيام التشريق الثلاثة - مع القُدرة - ويصير ذبحه بعده قضاءً.
ليس على الحاج المفرد هَدْي
س: هل يجب على الحاج المفرد هَدْي إذا كان حجه فرضًا؟[508]
ج: ليس على المفرد هَدْي - سواء كان حجه فرضًا أو نفلاً - وإن أهْدَى فهو أفضل. 
حُكْم الهَدْي الذي يهدى ولا يستفاد منه
س: هذا الهَدْي الذي يُهْدى ولا يُسْتفاد منه إلا قليلاً، أليس من الأفضل أن يصوم الحاج القادر على الهَدْي، وعند عودته يخرج قيمة الهَدْي لمساكين وطنه، ثم يُتم صيام باقي العشرة أيام، فما رأيكم - أثابكم الله -؟[509]
ج: من المعلوم أنَّ الشرائع تتلقَّى عن الله وعن رسوله، لا عن آراء الناس، والله - سبحانه وتعالى - شرع لنا في الحج إذا كان الحاج مُتمتِّعًا أو قارنًا أن يَهْدِي، فإذا عجز عن الهَدْي صام عشرة أيام؛ ثلاثة منها في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله.
وليس لنا أن نُشَرِّع شيئًا من قِبَل أنفسنا؛ بل الواجب أن يعدل ما يقع من الفساد في الهَدْي، بأن يذكر ولاة الأمور لتصريف اللحوم وتَوْزِيعها على الفُقراء والمساكين، والعناية بأماكن الذَّبْح وتوسعتها للناس، وتعدداها في الحرم؛ حتى يتَمَكَّن الحُجَّاج من الذَّبْح في أوقات مُتَّسعة، وفي أماكن مُتَّسعة، وعلى وُلاة الأمور أن ينقُلُوا اللحوم إلى المُُستحقِّينَ لها، أو يضعوها في أماكن مُبَرَّدة حتى تُوزع بعد على الفُقراء في مكة وغيرها.
أما أن يُغير نظام الهَدْي؛ بأن يصوم وهو قادر، أو يشتري هَدْيًا في بلاده للفقراء، أو يُوَزع قيمته، فهذا تشريع جديد لا يجوز للمسلم أن يفعله؛ لأن المُشَرِّع هو الله - سبحانه وتعالى - وليس لأحد تشريع: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[510].
فالواجب على المسلمين أن يَخْضَعُوا لشرع الله وأن يُنَفِّذُوه. وإذا وقع خَلَل من الناس في تَنْفِيذه، وجب الإصلاح والعناية بذلك، مثلما وقع في الهَدْي في ذبح بعض الهدايا، وعدم وجود من يأكلها، وهذا خَلَل وخطأ، يجب أن يُعَالَج من جِهَة وُلاة الأمور، ومن جِهَة الناس. فكل مسلم يَعْتَنِي بِهَدْيِه، حتى يُوَزِّعه على المساكين أو يأكله أو يَهْديه إلى بعض إخوانه. وأما أن يدعه في أماكن لا يُسْتفاد منه، فلا يُجْزِئه ذلك. وهكذا في المذبح، يجب على صاحب الهَدْي أن يعتني بهذا المقام، وأن يحرص كل الحرص على تَوْزِيعه إذا أَمْكَن، وعلى وُلاة الأمور أن يعينوا على ذلك؛ بأن ينقُلوا اللحوم إلى الفقراء في وقتها، أو ينقلوها إلى أماكن مُبَرّدة؛ يُسْتفاد منها بعد ذلك، ولا تفسد، هذا هو الواجب على وُلاة الأمور، وهم - إن شاء الله - ساعون بهذا الشيء، ولا يزال أهل العلم ينصحون بذلك، ويُذَكِّرُون وُلاة الأمور هذا الأمر. ونسأل الله أن يُعين الجميع على ما فيه المصلحة العامة للمسلمين في هذا الباب وغيره.
حُكْم من نسي أن يذبح هَدْي القِرَان
س: إنسان نوى في الحج نُسُك القِرَان، ولكنه لم يذبح هَدْيًا؛ جهلاً منه، وبعد مدة طويلة ذكر أن عليه هَدْيًا، فماذا يجب عليه؟[511]
ج: عليه أن يَذْبَح الهَدْي متى علم في مكة أو مِنى، ولا بأس أن يأكل هو وأهله، ورفقاؤه منه.
صفة تَذْكِية بهائم الأنعام
س: ما هي التَّذْكية الشرعية، وطريقة ذبح الإبل - خاصة -؟[512]
ج: التذكية الشرعية للإبل والغنم والبقر:
أن يقطع الذابح الحُلْقُوم، والمَرِّيء، والوَدَجَيْنِ؛ وهما العرقان المُحِيطان بالعُنُق، وهذا هو أكمل الذَّبح وأحسنه.
فالحُلقوم: مَجْرى النَّفَس، والمَرِّيء: مجرى الطعام والشراب، والوَدَجَان: عرقان يُحِيطان بالعُنق، إذا قطعهما الذَّابح صار الدم أكثر خروجًا، فإذا قطعت هذه الأربعة فالذَّبح حلال عند جميع العلماء.
الحالة الثانية: أن يقطع الحُلقوم والمَرِّيء وأحد الوَدَجَيْنِ، وهذا أيضًا حلال صحيح وطيب، وإن كان دون الأول.
والحالة الثالثة: أن يقطع الحُلقوم والمَرِّيء فقط دون الوَدَجَيْنِ، وهو أيضًا صحيح، وقال به جمع من أهل العلم، ودليلهم قوله - عليه الصلاة والسلام -: ((ما أنهر الدم، وذُكِر اسم الله عليه، فكلوا، ليس السن والظُّفر))[513]، وهذا هو المختار في هذه المسألة. 
والسُّنَّة نَحْر الإبل قائمة على ثلاث، معقولة يدها اليسرى، وذلك بطعنها في اللَّبَّة التي بين العُنق والصدر. أما البقر والغنم، فالسُّنَّة أن تُذْبَح وهي على جنبها الأيسر.
كما أن السُّنَّة عند الذَّبْح والنحر تَوْجيه الحيوان إلى القِبْلة. وليس ذلك واجبًا؛ بل هو سُنَّة فقط، فلو ذبح أو نحر إلى غير القبلة حَلَّتِ الذبيحة، وهكذا لو نحر ما يذبح أو ذبح ما ينحر حَلَّت، لكن ذلك خلاف السنة. وبالله التوفيق.
س: هل هناك مكان محدد في الرقبة؟[514]
ج: نعم، فالرقبة كلها محل للذبح، والنَّحْر أعلاها وأسْفَلها، لكن في الإبل السُّنَّة نحرها في اللَّبَّة، أما البقر والغنم، فالسنة ذبحها في أعلى العُنُق؛ حتى يقطع بذلك الحُلقوم والمَرِّيء والوَدَجَيْنِ - كما تَقَدَّم -.
حكم الذَّبْح عن طريق البنك الإسلامي بواسطة شركة الرَّاجحي
س: ما رأيكم في الشركة التي تقوم بذبح الهَدْي، هل يجوز توكيلها في الهَدْي، حيث إننا لا نرى الذبيحة؟ وهل هي مُكْتَمِلَة الشروط، أم لا؟ حيث نأخذ الرَّقْم فقط، ولا ندري عن بقية الأشياء؟[515]
ج: لا بأس بها - فيما نعلم - أعني البنك الإسلامي بواسطة شركة الراجحي للصرافة، فإنها تقوم بالذبح والتقسيم بين الفُقراء، والدفع إليها مجزئ - إن شاء الله -.
س: ما هو الأفضل: الذَّبْح عند الشركة، أو أذبح الهَدْي بيدي، وأقوم بتَوْزِيعه؟ [516]
ج: من أعطى قيمة الهَدْي لشركة الراجحي أو البنك الإسلامي فلا بأس؛ لأنه لا مانع من دفع ثَمَن الضحية والهَدْي إليهم، فهم وُكلاء مُجْتَهِدُون وموثوقون. ونرجو أن ينفع الله بهم ويعينهم، ولكن من تولى الذَّبْح بيده وَوَزَّعه على الفقراء بنفسه، فهو أفضل وأَحْوَط؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذَبَح الضحية بنفسه، وهكذا الهَدْي، ووكل في بَقِيَّته.
حكم ذبح الهدي قبل يوم العيد
س: أحرمنا ونحن جماعة مُتمتِّعين، فأدينا العمرة وتَحَلَّلْنَا، وأشار بعضهم بذبح الهَدْي وتوزيعه في مكة، وفعلاً تم الذَّّبْح في مكة. ثم علمنا بعد ذلك أن الذبح لا يكون إلا بعد رَمْي جمرة العقبة. وكنتُ أعلم بذلك، وأشرت عليهم بتأجيل الذبح إلى يوم النحر أو بعده؛ ولكنهم أصَرُّوا على الذبح بعد وُصولِنا وأدائنا العمرة بيوم واحد، فما حكم ذلك؟ وماذا يلزمنا في هذه الحالة؟ [517]
ج: من ذبح قبل يوم العيد دم التَّمتُّع فإنه لا يُجْزِئه؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم -وأصحابه لم يذبحوا إلا في أيام النَّحْر، وقد قدموا وهم مُتَمتِّعُون في اليوم الرابع من ذي الحجة، وبقيت الأغنام والإبل التي معهم موقوفة حتى جاء يوم النحر.
فلو كان ذَبْحُها جائزًا قبل ذلك؛ لبادر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إليه في الأيام الأربعة التي أقاموها قبل خروجهم على عرفات؛ لأنَّ الناس بحاجة إلى اللُّحوم في ذلك الوقت. فلما لم يَذْبح النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه حتى جاء يوم النَّحْر، دلّ ذلك على عدم الإجزاء، وأن الذي ذبح قبل يوم النحر قد خالف السُّنَّة، وأتى بشرع جديد فلا يُجْزِئ؛ كمن صلى أو صام قبل الوقت، فلا يَصِحّ صوم رمضان قبل وقته، ولا الصلاة قبل وقتها ونحو ذلك. فالحاصل أن هذه عبادة قبل الوقت، فلا تُجْزِئ، فعليه أن يعيد هذا الذبح إن قدر، وإن عجز صام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع على أهله، فتكون عشرة أيام بدلاً من الذبح؛ لقول الله - سبحانه -: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}[518].
أيام العيد كلها أيام ذبح وأفضلها يوم النَّحْر 
س: أريدُ أن أفدي - إن شاء الله - فهل يجوز لي أن أُؤَخِّره إلى يوم الحادي عشر، أو اليوم الثاني عشر؟ وهل يُذبح الهَدْي في مِنى، أو في أي جزء من مكة؟ وما هي كيفية توزيعه؟[519]  
 ج: يجوز ذبح الهَدْي يوم النَّحْر وفي الأيام الثلاثة بعده، لكن ذَبْحه يوم النَّحْر أفضل - إن تَيَسَّرَ ذلك - ولا حَرَج في ذبحه في مِنى أو في مكة.
والسُّنَّة في توزيعه - أعني هَدْي التَّمَتُّع أو القِرَان - أن يأكل منه، ويتَصَدَّق، ويَهْدي إلى من شاء من أصحابه وإخوانه.
حكم ذبح هَدْي التَّمَتُّع والقِرَان في عرفات
س: ذبح حاج هَدْيَه في عرفات أيام التشريق، ووزَّعَها على مَنْ فيها، فهل يجوز ذلك؟ وماذا يجب عليه إذا كان جاهلاً الحُكْم أو عامِدًا؟ وإذا ذبح هَدْيه في عرفات، ثم وزع لحمه داخل الحرم. هل يجوز ذلك؟ وما هو المكان الذي لا يجوز ذبح الهَدْي إلا فيه؟ ولكم الشكر[520].
ج: هَدْي التَّمتُّع والقِرَان لا يجوز ذَبْحُه إلا في الحَرَم، فإذا ذبحه في غير الحرم؛ كعرفات وجدة وغيرهما، فإنه لا يُجْزِئه، ولو وَزَّع لحمه في الحرم. وعليه هَدْي آخر يَذْبحه في الحرم - سواء كان جاهلاً أو عالمًا -؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر هَدْيَه في الحرم، وقال: ((خذوا عني مناسككم))[521]؛ وهكذا أصحابه - رضي الله عنهم - إنما نحروا هَدْيَهم في الحرم؛ تأسِّيًا به - صلى الله عليه وسلم -.
حكم شراء النُّسُك من الجبل وذَبْحه وتَرْكه
س: هناك الكثير من الحُجَّاج يشتري النُّسك من الجبل، ويذبحها ويتركها في مكانها، بدون نزع جلدها، فما رأي فضيلتكم في ذلك؟ وهل يجزئ هذا النسك - وفقكم الله -؟[522]
ج: أما اشتراء النُّسُك من الجبل - إذا أريد بهذا عرفات - فلا بأس بالشراء منها أو من غيرها، لكن لا يذبحه إلا في الحرم، فلا يذبح في عرفات؛ لأنها ليست من الحرم، فإذا ذبحه في الحرم واشتراه من عرفات، أو من أي مكان من الحل، وذبحه في مِنى أو في بقية الحرم، عن التمتع والقِرَان وتَطَوُّعًا، فلا بأس، ويُجْزِئ نُسُكًا. 
أمَّا أن يذبحه في عرفات أو في غيرها من الحل؛ كالشرائع أو جدة أو ما أشبه ذلك، فهذا لا يجزئ؛ لأن الهدايا لا بُدّ أن تُذْبَح في الحرم، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((نحرت ها هنا، ومِنى كلها مَنْحَرٌ، فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ))[523]، فالأنْسَاكُ تُذْبَح في مِنى، وفي بقية الحرم، ولا تُذْبَح في خَارِجِه.
فإذا ذبحه في الحَرَم، وتركه للفقراء؛ ليأخذوه فلا حَرَج، ولكن يَنْبَغِي له أن يتَحَرَّى الفُقراء، ويجتهد في إيصاله إليهم؛ حتى تبرأ ذمته بيقَين. أما إذا ذبحه وتركه للفقراء يأخذونه، فإنه يجزئ، والفقير بإمكانه أن يسلخه وينتفع بلحمه وجلده، ولكن من التمام والكمال أن يَعْتني بسلخه وتوزيعه بين الفقراء، وإيصاله إليهم ولو في بُيوتهم، وقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نحر بدنات وتركها للفقراء، ولكن هذا محمول على أنه تركه لفقراء موجودين، يأخذونه ويستفيدون منه، أما أن يترك في محل ليس فيه فُقراء، فهذا في إجزائه نَظَر، ولا يبعد أن يقال: إنه لا يجزئ؛ لأنه ما وصل إلى مستحقه.
حكم المستوطن في مكة وهو ليس من أهلها
س: ما حكم الشَّرْع الشريف في رجل يَسْكُن مكة المكرمة منذ سنين، ويحج مع أهل مكة يحرم من مكة بالحج، وأهله في حضرموت، فهل حكمه حكم الحاج الآفاقي في الهَدْي والصيام؛ لأن الله يقول في كتابه العزيز: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}؟ أم حكمه حكم أهل مكة بذلك؟[524]
ج: إذا كان مستوطنًا مكة، فحكمه حكم أهل مكة؛ ليس عليه هَدْي ولا صيام، أما إن كان إنما أقام لحاجة ونيته العود إلى بلده، فهذا حكمه حكم الآفاقيين.
فإذا اعتمر من الحل بعد رمضان ثم حج في ذلك العام، فإنه يكون مُتَمَتِّعًا بالعمرة إلى الحج، وعليه هَدْي التمتُّع. فإن لم يجد صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة بعد الفراغ من الحج، أو بعد الرجوع إلى أهله إن سافر إلى أهله. 

 

 [1] نُشِر في "مجلة الدعوة" العدد 1686 في 22/12/1419هـ 
 [2] رواه البخاري في (الحج)؛ باب مُهَلّ أهل الشام برقم 1526، ومسلم في (الحج)؛ باب مواقيت الحج والعمرة برقم 1181 
 [3] من ضمن أسئلة مُقَدَّمَة لسماحته في حج عام 1407 هـ 
 [4] نشر في "جريدة الجزيرة" بتاريخ 2/12/1416هـ، وتاريخ 3/12/1417هـ، وفي "جريدة عكاظ" عدد 11543 وتاريخ 2/12/1418هـ 
 [5] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 11 في 15/12/1400هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" ص 138، 139 
[6]نشر في "جريدة عكاظ" العدد (11545) في 4/11/1418هـ 
[7]  نشر في "جريدة الجزيرة" في 27/11/1416هـ 
[8]  رواه الإمام أحمد في "مسند بني هاشم" بداية مسند عبدالله بن العباس برقم 2220، والترمذي في (الجنائز)؛ باب ما يستحب من الأكفان برقم 994 
[9]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية" العدد 3 سنة 1404هـ 
[10]نشر في كتاب "فتاوى إسلامية" جمع الشيخ/ محمد المسند ج2 ص 301. 
[11]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1682 في 16/11/1419هـ. 
[12]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1683 في 23/11/1419هـ 
[13]من ضمن أسئلة مُوَجَّهَة لسماحته في درس "بلوغ المرام" 
[14]نشر في كتاب "فتاوى تتعلق بالحج والعمرة والزيارة" ص 10، وفي جريدة "الشرق الأَوْسَط" العدد 3514 في 12/7/1988 م 
[15]رواه الترمذي في (الطهارة)؛ باب ما جاء في الجُنُب والحائض أنهما لا يقرءان القُرآن برقم 131 
[16]نشر في كتاب "فتاوى إسلامية" جمع الشيخ/ محمد المسند ج2 ص 218 
[17]نشر في "جريد عكاظ" العدد 11545 في 4/12/1418هـ، وفي "جريدة البلاد" بتاريخ 5/12/1416 هـ 
[18]رواه البخاري في (الحج)؛ باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - العقيق واد مبارك برقم 1534 
[19]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية" العدد 2 عام 1404هـ، وفي كتاب "الدعوة" ج1 ص 135، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" ص 11 
[20]سبق تخريجه قبل ذلك. 
[21]نشر في "جريدة المدينة" بتاريخ 21/11/1411هـ، وأيضًا في العدد رقم 12762 في 1/12/1418هـ، وفي "جريدة الجزيرة" بتاريخ 26/11/1416هـ 
[22] من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام" 
[23]رواه مسلم في (الحج)؛ باب صحة حج الصبي برقم 1336 
[24]رواه ابن ماجَه في (المنسك)؛ باب الرَّمْي عن الصبيان برقم 3038 
[25]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمِنى في 8/12/1402هـ 
[26]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمنى في 8/12/1402هـ 
[27]رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استحباب رَمْي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297 
[28]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1542 في 6/1/1417هـ، وفي "جريدة الرياض" يوم الخميس 30/11/1416هـ 
[29]  نشر في "جريدة عكاظ" العدد 11551 في 10/12/1418هـ 
[30]سؤال مُوَجَّه لسماحته بعد الدرس، الذي ألقاه في المسجد الحرام في 28/12/1418هـ 
[31]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد الثامن في 4/12/1408هـ.
[32]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 11 في 11/12/1400هـ، وفي كتاب "الدعوة" ج1 ص 126، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة". 
[33]سورة [البقرة: 196] 
[34]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 3 عام 1404هـ 
[35]نشر في "جريدة البلاد" بتاريخ 1/12/1416هـ 
[36]رواه البخاري في (بدء الوحي)؛ باب بدء الوحي برقم 1، ومسلم في (الإمارة)؛ باب قوله: ((إنما الأعمال بالنية)) برقم 1907 
[37]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته بمِنًى في 8/12/1402هـ 
[38]نشر في كتاب "فتاوى إسلامية" جمع الشيخ/ محمد المسند 2/213 
[39]نشر في كتاب "فتاوى إسلامية" جمع الشيخ/ محمد المسند 2/213 
[40]نشر في "جريدة عكاظ" في العدد 11551 بتاريخ 10/12/1418هـ. 
[41]رواه الإمام أحمد في باقي "مسند المكثرين من الصحابة" مسند "أنس بن مالك" برقم 12039، والبخاري في (الحج)؛ باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف برقم 1651. 
[42]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1538 في 1/12/1416هـ.
[43] سورة [البقرة: 196] 
[44]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من "جريدة المسلمون" 
[45]سورة [البقرة: 196] 
[46]نشر في كتاب "الدعوة" ج1 ص 125 
[47]من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في درس "بُلُوغ المَرَام" 
[48]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 11 في 11/12/1411هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" ص 28، وفي كتاب "الدعوة" ج1 ص 133 
[49]نشر في مجلة "الدعوة" العدد 1543 في 13/1/1417هـ
[50]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1543 في 13/1/1417هـ
[51]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمِنى في 8/12/1402هـ 
[52]رواه بنحوه مسلم في (الأضاحي)؛ باب نَهْي من دخل عليه عشر ذي الحجة.. برقم 1977. 
[53]نشر في "جريدة المدينة" في 21/11/1416هـ، وفي العدد 12762 في 1/12/1418هـ، وفي "جريدة الجزيرة" بتاريخ 26/11/1416هـ.
[54]نشر في "جريدة الجزيرة" بتاريخ 3/12/1415هـ، و"جريدة الرياض" في 7/12/1416هـ، و"جريدة عكاظ" العدد 11545 في 4/12/1418هـ. 
[55]سورة [البقرة: 196].
[56]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمنى في 8/12/1402هـ
[57]نشر في "جريدة الجزيرة" العدد 3535 في 29/9/1407هـ 
[58]سورة [البقرة: 196] 
[59]  صدر من مكتب سماحته برقم 4089/1/1 وتاريخ 4/4/1392هـ عندما كان رئيسًا للجامعة الإسلامية. 
[60]  نشر في "مجلة رابطة العالم الإسلامي" 9 لشهر ذي القعدة 1406هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" ص 40.
[61]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمنى في 8/12/1402هـ 
[62]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد التاسع عام 1409هـ 
[63]صدر من مكتب سماحته عندما كان نائبًا لرئيس الجامعة الإسلامية على سؤال مؤرخ في 28/2/1385هـ 
[64] سورة [البقرة: 196] 
[65]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها في الجامع الكبير بالرياض في 15/2/1400هـ بعنوان "التحذير من الفتن" 
[66]سورة [البقرة: 196] 
[67]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 10 في 11/12/1401هـ 
[68]نشرت في كتاب "فتاوى إسلامية" جمع الشيخ/ محمد المسند ج2 ص 227 
[69]سورة [البقرة: 286] 
[70]من الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمِنى يوم التَّرْوية سنة 1402هـ 
[71]من برنامج "نور على الدرب" الشريط الثالث. 
[72]نشر في كتاب "الدعوة" ج1 ص 129، وفي "جريدة الشرق الأوسط" العدد 3514 في 12/7/1988م، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بالحج والعمرة والزيارة" لسماحته ص 6، وفي "جريدة اليوم" العدد 8701 في 4/12/1417هـ 
[73]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمنى يوم التروية عام 1402هـ 
[74]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1634 في 21/11/1418هـ 
[75]سؤال مُقَدَّم من الأخ ب. ب. ص. أجاب عنه سماحته بتاريخ 3/11/1413هـ 
[76]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1414 في 13/5/1414هـ
[77]سؤال موجه لسماحته في حج عام 1418هـ 
[78]رواه البخاري في (الجنائز)؛ باب الكفن في ثوبينِ برقم 1265، ومسلم في (الحج)؛ باب ما يُفعل بالمحرم إذا مات برقم 1206.
[79]نشر في كتاب "الدعوة" ج2 ص 173 
[80]رواه البخاري في (الحج)؛ باب ما لا يلبس المحرم من الثياب برقم 1542، ومسلم في (الحج)؛ باب ما يباح للمحرم بحج وعمرة وما لا يباح برقم 1177 
[81]رواه البخاري في (الحج)؛ باب لُبْس الخُفَّيْنِ للمُحْرِم برقم 1841، ومسلم في (الحج)؛ باب ما يُباح للمُحْرِم بحج أو عمرة برقم 1179 
[82] من برنامج "نور على الدَّرْب". 
[83]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 11 في عام 1400هـ، والعدد 3 في عام 1404هـ، وفي كتاب "فتاوى وأحكام تتعلق بالحج والعمرة والزيارة" لسماحته ص 22، وفي "مجلة رابطة العالم الإسلامي" لشهر ذي القعدة عام 1406هـ ص 60. 
[84]رواه الإمام أحمد في "مسند المُكْثرِينَ من الصحابة" مُسْند عبدالله بن عمر برقم 4881. 
[85]رواه البخاري في (الحج)؛ باب ما لا يلبس المُحْرِم من الثياب برقم 1542، ومسلم في (الحج )؛ باب ما يُباح للمُحْرِم بحج وعمرة وما لا يُباح برقم 1177. 
[86]رواه الإمام أحمد في "مسند الأنصار" حديث السيدة عائشة برقم 23501، وأبو داود في "المناسك"؛ باب المحرمة تغطي وجهها برقم 1833. 
[87]سؤال مُوَجّه إلى سماحته بعد الدرس الذي ألقاه في المسجد الحرام في 28/12/1418هـ 
[88]سورة [المائدة: 1]. 
[89]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1678 في 18/شوال 1419هـ 
[90]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من "المجلة العربية"، ونشر في "جريدة البلاد" بتاريخ 5/12/1416هـ 
[91]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمنى يوم التروية سنة 1402هـ 
[92]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1681 في 9/11/1419هـ، وفي كتاب "فتاوى إسلامية" جمع الشيخ/ محمد المسند ج2 ص 222 
[93]رواه البخاري في (الحج)؛ باب ما لا يلبس المحرم من الثياب برقم 1542، ومسلم في (الحج)؛ باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح برقم 1177 
[94]من ضمن الأسئلة المُوجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمنى يوم التروية سنة 1402هـ 
[95]رواه الترمذي في (صفة القيامة)؛ باب منه (ما جاء في صفة أواني الحوض) برقم 2518، والنسائي في (الأشربة) باب الحَثّ على تَرْك الشُّبهات برقم 5711 
[96]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 11 في 15/12/1400 
[97] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 8 في 4/12/1401 هـ 
[98]نشر في كتاب "فتاوى إسلامية" جمع الشيخ محمد المسند، ج2 ص 232   
[99]  سؤال مُقَدَّم من الأخ / م. ع. د. أجاب عنه سماحته عندما كان رئيسًا للجامعة الإسلامية 
 [100]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1637 بتاريخ 19/12/1418هـ   
[101]سؤال شخصي مُقَدَّم لسماحته من ح. ن. ق. من الأحساء - المملكة العربية السعودية 
[102]سؤال شخصي مقدم من / ع. ع. ص. ع 
[103]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من "المجلة العربية" 
[104]سورة [المؤمنون: 5- 7]
[105]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1414 في 13/5/1414هـ   
[106]من برنامج "نور على الدرب" 
[107]رواه البخاري في (الحج)؛ باب ما ينهى من الطيب للمُحْرِم برقم 1838 
[108]نشر في "جريدة الجزيرة" في 18/11/1416هـ. 
[109]رواه البخاري في (الحج)؛ باب لبس الخفَّينِ للمحرم برقم 1841، ومسلم في (الحج)؛ باب ما يُبَاح للمحرم بحج أو عمرة برقم 1179. 
[110]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1683 في 23/11/1419هـ 
[111]رواه البخاري في (الحج)؛ باب ما ينهى من الطيب للمحرم برقم 1838 
[112]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1540 بتاريخ 22/12/1416هـ 
[113]سورة [النور: 31] 
[114]سورة [التحريم: 8] 
[115]نشر في جريدة (عكاظ) العدد 11551 في 10/12/1418هـ 
[116]سورة البقرة، الآية 196 
[117]سؤال مُوَجَّه لسماحته في درس بلوغ المرام 
[118]إجابة صدرت من مكتب سماحته عندما كان رئيساً للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة 
[119]رواه البخاري في (الحج) باب مهل أهل الشام برقم 1526، ومسلم في (الحج) باب مواقيت الحج والعمرة برقم 1181 
[120]نشر في مجلة (الدعوة) العدد 1682 في 16/11/1419هـ 
[121]إجابة صدرت من مكتب سماحته برقم 3862/1/1 وتاريخ 28/3/1392هـ على سؤال ورد من الأخ ع. م.ب. غ. عندما كان رئيسًا للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. 
[122] سورة [البقرة: 196] 
[123]إجابة صدرت من مكتب سماحته برقم 102 وتاريخ 19/1/1388هـ على سؤالينِ، وردًّا من الأخ م. ع. ع. عندما كان نائبًا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. 
[124]سورة [الحج: 32 - 33] 
[125]سورة [المائدة: 95] 
[126]رواه أبو داود في (المناسك)؛ باب فيمن قدم شيئًا قبل شيء في حجه برقم 2015 
[127]من برنامج "نور على الدرب  "
[128]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1687 في 29/12/1419هـ 
[129]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1681 في 9/11/1419هـ 
[130]من برنامج "نور على الدرب".
[131]نشر في كتاب "فتاوى تتعلق بالحج والعمرة والزيارة"، وفي مجلة "التوعية الإسلامية" العدد 9 في عام 1409هـ، وفي "مجلة الدعوة" العدد 1539 في 8/12/1416هـ، وفي "جريدة المسلمون" العدد 522 في 4/9/1415هـ 
[132]رواه الإمام أحمد في أول "مسند المدنيين" حديث عبدالله بن الزبير بن العَوَّام برقم 15685. 
[133]سورة [الأنعام: 160] 
[134]سورة [الحج: 25] 
[135]سورة [لقمان: 13].
[136]نشر في "جريدة الندوة" العدد 12281 في 8/12/1419هـ. 
[137]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 8 في 4/12/1408هـ. 
[138]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام". 
[139]من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام".
[140]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد العاشر عام 1410هـ    . 
[141]رواه البخاري في (الجزية)؛ باب إثم الغادر للبر والفاجر برقم 3189، ومسلم في (الحج)؛ باب تحريم مكة وصيدها برقم 1353.
[142]رواه مسلم في (الحج)؛ باب فضل المدينة برقم 1362. 
[143]وفي حمام مكة إذا قتله الجزاء، وهو أن يذبح بدل الحمامة التي قتلها شاة أو عدلها صيامًا أو إطعامًا؛ لقول الله - تعالى -: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: 95]، وقد ذكر العلماء أن في الحمامة شاة. 
[144]من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام". 
[145]من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام". 
[146]سورة [المائدة: 95].
[147]سورة [البقرة: 185]. 
[148]رواه البخاري في (الحج)؛ باب إذا أهدى للمحرم حمارًا وحشيًّا حيًّا لم يقبل برقم 1852، ومسلم في (الحج)؛ باب تحريم الصيد للمحرم برقم 1193 
[149]من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام". 
[150]رواه أبو داود في (المناسك) باب لحم الصيد للمحرم برقم 1851. 
[151]من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام".
[152]من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام".
[153]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1681 في 9/11/1419هـ، وفي كتاب "فتاوى إسلامية" جمع الشيخ/ محمد المسند ج2 ص 222.
 [154] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من "المجلة العربية". 
[155]رواه البخاري في (الصلاة)؛ باب إذا صلى في الثوب الواحد برقم 359، ومسلم في (الصلاة)؛ باب الصلاة في الثوب الواحد برقم 516. 
 [156] نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1542 في 6/1/1417هـ. 
[157]  رواه البخاري في (الصلاة)؛ باب إذا صلى في الثوب الواحد برقم 359، ومسلم في (الصلاة)؛ باب الصلاة في ثوب واحد برقم 516.
[158]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام".
[159]إجابة صدرت من مكتب سماحته برقم 4189/1/1 وتاريخ 4/4/1392هـ عندما كان رئيسًا للجامعة الإسلامية.
[160]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 10 في 11/12/1410هـ    . 
[161] من برنامج "نور على الدرب". 
[162]رواه بنحوه الإمام أحمد في "مسند المكيين" حديث رجل أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - برقم 14997، والنسائي في (مناسك الحج )؛ باب إباحة الكلام في الطواف برقم 2922. 
[163]رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استح؛ باب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297. 
[164]من ضمن الأسئلة المُوَجَّهَة لسماحته من "مجلة الدعوة".
[165]نشر في "مجلة الدعوة" في العدد 1445 بتاريخ 7/1/1415هـ، وقد سبق نشره في المجلد 10 ص 142 من هذا المجموع.
[166]نشر في "المجلة العربية" العدد 156 لشهر ذي الحجة 1410هـ، وقد سبق نشره في مجلد 10 ص160 من هذا المجموع.
[167]رواه أبو داود في (الطهارة)؛ باب من يحدث في الصلاة برقم 205، وفي (الصلاة )؛ باب إذا أحدث في صلاته برقم 1005. 
[168]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 4 ص 77، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" ص 34.
[169]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 11 في 15/12/1411هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" ص 32، وفي "مجلة العالم الإسلامي" في ذي القعدة عام 1406هـ. 
[170]سورة [المائدة: 6 ].
[171]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1562 وتاريخ 28/5/1417هـ، وفي "جريدة الرياض" العدد 10868 في 29/11/1418هـ، وفي كتاب "الدعوة" الجزء الأول ص131، وفي "جريدة البلاد" العدد 14903 في 9/12/1417هـ. 
[172]سورة [البقرة: 201]. 
[173]سورة [الأحزاب: 21]. 
[174]رواه البخاري معلقًا في باب النجش، ومسلم في (الأقضية)؛ باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم 1718.
[175]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 10 في 11/12/1410هـ. 
[176]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من "المجلة العربية". 
[177]سورة [البقرة:201].
[178]سورة [البقرة: 158].
[179]رواه مسلم في (الحج)؛ باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - برقم 1218. 
[180]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 11 في 15/12/1411هـ. 
[181]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 11 في 15/12/1411هـ. 
[182]من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام".
[183]من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في دروس المسجد الحرام عام 1418هـ. 
[184]نشر في "مجلة الجامعة الإسلامية".
[185]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمنى يوم التروية عام 1402هـ. 
[186]نشر في "جريدة المدينة" العدد 8602. 
 [187] نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1679 في 25 شوال 1419هـ. 
[188]نشر في كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" لسماحته ص 131، وفي "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد العاشر سنة 1410هـ.
[189]رواه مسلم في (فضائل الصحابة)؛ باب فضائل أبي ذر برقم 2473. 
[190]رواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" برقم 457. 
[191]نشر في "جريدة الندوة" العدد 9869 في 12/12/1411هـ.
[192]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" في العدد 10 في 10/12/1410هـ. 
[193]نشر في كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة"ص 34 
[194]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 10 في 11/12/1410هـ 
[195]إجابة صدرت من مكتب سماحته عن أسئلة مقدمة من مندوب "جريدة الجزيرة" بالسليل 
[196]نشر في كتاب "فتاوى وتنبيهات ونصائح"، طبع مكتبة السنة بمصر، وفي "مجلة التوحيد" التي تصدر عن جماعة أنصار السنة المحمدية بمصر. 
[197]سورة [النساء: 48]..
[198]سورة [الزمر: 65].
[199]رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297. 
[200]سورة [الحشر: 7].
[201]سورة [النور: 56].
[202]سورة [النساء: 80]. 
[203]سورة [الأحزاب: 21]. 
[204]سورة [النساء: 13 - 14]. 
[205]سورة [الأعراف: 158].
[206] سورة [آل عمران: 31].
[207]رواه مسلم في (الحج)؛ باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم 1348 
[208]رواه الإمام أحمد في "مسند المكثرين من الصحابة" مسند عبدالله بن عمرو بن العاص برقم 7049. 
[209]رواه مسلم في (الحج)؛ باب ما جاء في أن عرفة كلها موقف برقم 1218.
[210]رواه البخاري في (العلم)؛ باب الفُتيا، وهو واقف على الدابة وغيرها برقم 83، وفي ( الحج )؛ باب الذبح قبل الحلق برقم 1721، ومسلم في (الحج )؛ باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي برقم 1306. 
[211]رواه مسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1327. 
[212]رواه البخاري في (الحج)؛ باب طواف الوداع برقم 1755، ومسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض والنفساء برقم 1328.
[213]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 11 في 15/12/1401هـ. 
[214]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 11 في 15/12/1400هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة"ص 73 طبعة 1408هـ. 
[215]ضمن أسئلة مقدمة من م . ح . م . أجاب عنها سماحته. 
[216]نشر في "جريدة الجزيرة" يوم الخميس المُوافق 15/12/1415هـ. 
[217]رواه البخاري في (الحج)؛ باب مهل أهل الشام برقم 1526، ومسلم في (الحج)؛ باب مواقيت الحج والعمرة برقم 1181.
[218]نشر في "جريدة عكاظ" العدد 11543 في 2/12/1418هـ. 
[219]سؤال مقدم من س. ع . ع. أجاب عنه سماحته في 1/12/1418هـ. 
[220]نشر في "جريدة عكاظ" بتاريخ 7 / 12 / 1418 هـ. و في "جريدة الندوة" العدد (9860) بتاريخ 12 / 12 / 1411 هـ، وفي "جريدة الجزيرة" بتاريخ 6/ 12 / 1418 هـ. 
[221]من ضمن الأسئلة المُوجَّهَة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمنى يوم التروية سنة 1402هـ. 
[222] من برنامج "نور على الدرب" الشريط رقم 56 ، وقد سبق نشره في هذا المجموع الجزء 12 ص 313. 
[223]رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297.
[224]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1682 في 16/11/1419هـ. 
[225]نشر في "كتاب الدعوة" ج1 ص 128. 
[226]رواه الإمام أحمد في "مسند الكوفيين" حديث عبدالرحمن بن يعمر الديلي برقم 18475 ، والترمذي في (الحج)؛ باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج برقم 889. 
[227]نشر في "جريدة عكاظ" العدد 11551 بتاريخ 10/12/1418هـ. 
[228]سؤال موجه لسماحته من مجموعة من الأطباء من بعض البلاد الإسلامية. 
[229]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام". 
[230]رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297. 
[231]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1540 في 22/12/1416هـ.
 [232] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام".
[233]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام". 
[234]سؤال شخصي من الأخ / ص . ب . ي . ونشر في كتاب "الأجوبة المفيدة من مسائل العقيدة" لسماحته، طبعة عام 1414هـ.
[235]سورة [آل عمران: 103]. 
[236]سورة [النساء: 115].
[237]رواه الإمام أحمد في "مسند الشاميين" حديث العرباض بن سارية برقم 16694 ، وأبو داود في (السنة)؛ باب لزوم السنة برقم 4607.
[238]رواه مسلم في (الجمعة)؛ باب تخفيف الصلاة والخطبة برقم 867. 
[239]رواه الترمذي في (الصوم)؛ باب ما جاء: الصوم يوم تصومون برقم 697، وابن ماجه في (الصيام)؛ باب ما جاء في شهري العيد برقم 1660.
[240]رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297. 
[241]رواه البخاري في (العلم)؛ باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين برقم 71، ومسلم في (الزكاة)؛ باب النهي عن المسألة برقم 1037.
[242]سؤال من ص . ب . ي . ونشر في كتاب "الأجوبة المفيدة من مسائل العقيدة" لسماحته، طبعة 1414هـ. 
[243]سورة [النساء: 115]. 
[244]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1537 في 23/11/1416هـ ، وفي كتاب "فتاوى إسلامية" من جمع الشيخ/ محمد المسند ج2 ص 267.
[245]سورة [الأعراف: 55].
[246]سورة الأعراف: 205].
[247]رواه الإمام أحمد في "مسند الكوفيين" حديث أبي موسى الأشعري برقم 19102 ، والبخاري في (الدعوات)؛ باب الدعاء إذا علا عقبه برقم 6348، ومسلم في (الذكر والدعاء)؛ باب استحباب خَفْض الصوت بالذِّكْر برقم 2704.
[248]سورة [مريم: 2 - 3]. 
[249]سورة [غافر: 60].
[250]رواه الترمذي في (الدعوات)؛ باب في دعاء يوم عرفة برقم 3585. 
[251]رواه البخاري معلقًا في باب النجش، ومسلم في (الأقضية)؛ باب نقض الأحكام الباطلة، وردّ مُحْدثات الأمور برقم 1718.
[252]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام" 
[253]نشر في "جريدة الندوة" العدد 9869 بتاريخ 12/12/1411هـ ، وفي "جريدة الرياض" بتاريخ 7/12/1416هـ، وفي "جريدة الجزيرة" بتاريخ 6/12/1418هـ، وفي "جريدة عكاظ" بتاريخ 7/12/1418هـ. 
[254]نشر في "نشرة الحسبة" العدد 17 لشهري ذي القعدة وذي الحجة 1417هـ   
[255]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1539 في 8/12/1416هـ. 
[256]رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم العيد راكبًا برقم 1297. 
[257]نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1538 بتاريخ 1/12/1416هـ. 
[258]رواه البخاري في (التيمم)؛ باب قول الله - تعالى -: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} برقم 335. 
[259]سورة [النساء: 103] 
[260]رواه البخاري في (مواقيت الصلاة)؛ باب وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل برقم 572 ، ومسلم في (المساجد ومواضع الصلاة)؛ باب أوقات الصلوات الخمس برقم 612. 
[261]من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها يوم التروية بمنى سنة 1402هـ    . 
[262]رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استحباب رَمْي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297. 
[263] سورة [الأحزاب: 21].
[264]رواه مسلم في (صلاة المسافرين وقصرها)؛ باب جامع صلاة الليل، ومن نام عنه أو مرض برقم 746. 
[265] من ضمن الأسئلة المُوَجَّهَة إلى سماحته في المحاضرة التي ألقاها بمِنى يوم التروية سنة 1402هـ. 
[266] رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استحباب رَمْي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297.
[267] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمِنى يوم التروية عام 1402هـ.
[268] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام".
[269] سورة [التغابن: 16].
[270] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام".
[271] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام".
[272] سورة [البقرة: 196].
[273] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام". 
[274] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام". 
[275] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمِنى يوم التروية سنة 1402هـ. 
[276] نشر في "جريدة الندوة" العدد 9869 في 12/12/1411هـ.
[277] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 11 في 15/12/1401هـ.
[278] سؤال من س ع. ح. أجاب عنه سماحته بتاريخ 1/9/1408هـ
[279] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 6 في 27/11/1405هـ ص19، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" ص 102 طبعة 1408هـ
[280] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في حج عام 1407هـ، شريط رقم 1.
[281] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في حج عام 1407هـ، شريط رقم 1.
[282] سورة [الأحزاب: 21].
[283] رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297. 
[284] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمنى يوم التروية عام 1402هـ.
[285] رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297 
[286] سورة [الحشر: 7].
[287] سورة [الأحزاب: 21]. 
[288] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمنى يوم التروية عام 1402هـ.
[289] نشر في "جريدة الندوة" العدد 9869 في 12/12/1411هـ
[290] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمنى يوم التروية عام 1402هـ
[291] سورة [التغابن: 16] 
[292] رواه البخاري في (العلم)؛ باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولهم بالموعظة برقم 69، ومسلم في (الجهاد والسير)؛ باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير برقم 1734
[293] نشر في كتاب "الدعوة" ج1 ص 127
[294] نشر في "جريدة عكاظ" العدد 10877 في 7/1/1417هـ
[295] سورة [البقرة: 196].
[296] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 11 ص 63 في 15/12/1400هـ، وفي العدد 7 ص 77 في 2/12/1404هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" ص 96 طبعة 1408هـ.
[297] سورة [البقرة: 196].
[298] رواه مسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1327.
[299] رواه البخاري في (الحج)؛ باب طواف الوداع برقم 1755، ومسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1328. 
[300]نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 11 في 15/12/1400هـ، وفي العدد 6 في 27/11/1404هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" لسماحته ص 86 طبعة 1408هـ، وفي "جريدة المدينة" العدد 12072 في 11/12/1416هـ     .
[301] سورة [البقرة: 196].
[302] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 7 في 2/12/1404هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة"ص 104.
[303] عن كل شخص.
[304] نشر في "جريدة عكاظ" العدد 10848 وتاريخ 7/12/1416هـ، وفي "جريدة الجزيرة" بتاريخ 15/12/1415هـ. 
[305] نشر في "جريدة عكاظ" العدد 10848 بتاريخ 7/12/1416هـ. 
[306] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من "مجلة البحوث الإسلامية"، وقد نشر في العدد 7 عام 1403هـ.
[307] رواه الإمام أحمد في باقي "مسند الأنصار" مسند عائشة برقم 24557، وأبو داود في (المناسك)؛ باب في الرمل برقم 1888.
[308] رواه الإمام أحمد في "مسند العشرة المبشرين بالجنة" مسند علي بن أبي طالب برقم 879، والنسائي في (قيام الليل وتطوع النهار)؛ باب الأمر بالوتر برقم 1675، وأبو داود في (الصلاة)؛ باب استحباب الوتر برقم 1416.
[309] نشر في "جريدة الندوة" العدد 9869 بتاريخ 12/12/1411هـ.
[310] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من "المجلة العربية".
[311] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من السائل ب. ب. ص. أجاب عنها سماحته في 3/11/1413هـ.
[312] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من "جريدة المسلمون". 
[313] صدر من مكتب سماحته برقم 3952/ ح وتاريخ 3/2/1414هـ جوابًا عن سؤال مُوَجَّه إليه من هـ. ف. 
[314] صدر عندما كان رئيسًا للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من مكتب سماحته برقم 3862/1/1 وتاريخ 28/3/1392هـ.
[315] سورة [البقرة: 196]. 
[316] فتوى صدرت من مكتب سماحته.
[317] من ضمن أسئلة مُقَدَّمَة لسماحته في دُروس المسجد الحرام في 25/12/1418هـ. 
[318] سؤال مُقَدَّم من / ب. ب. ص. أجاب عنه سماحته في 3/11/1413هـ 
[319] نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1494 في 10/1/1416هـ.
[320] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 8 في 5/12/1404هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة"ص 117 طبعة 1408هـ.
[321] نشر في كتاب "الدعوة" ج 1 ص 134، وفي جريدة "الشرق الأوسط" العدد 3514 في 12/7/1988م، وفي "جريدة الرياض" العدد 10868 في 29/11/1418هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" ص 9 طبعة 1408هـ.
[322] نشرت في كتاب "الدعوة" ج1 ص 136، وفي جريدة "المدينة" العدد 11726 في 14/12/1415هـ، وفي جريدة "الرياض" العدد 10868 في 29/11/1418هـ. 
[323] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد السابع في 2/12/1404هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة"ص 114 طبعة 1408هـ. 
[324] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد السابع في 2/12/1404هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة"ص 108 طبعة عام 1408هـ.
[325]رواه البخاري في (الجنائز)؛ باب الكفن في ثوبين برقم 1265، مسلم في (الحج)؛ باب ما يفعل بالمحرم إذا مات برقم 1206.
[326] من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام".
[327] رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297.
[328]نشر في مجلة (التوعية الإسلامية في الحج ) العدد 7 في 2/12/1404هـ ص 79، وكتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة"ص 113 طبعة عام 1408هـ.
[329] نشر في "جريدة عكاظ" العدد 11551 في 10/12/1418هـ. 
[330]    من ضمن أسئلة موجهة لسماحته من فضيلة الشيخ/ ع. س. م. أجاب عنها سماحته في 7/2/1414هـ. 
[331]    رواه أبو داود في (المناسك)؛ باب فيمن قَدَّم شيئًا قبل شَيء في حجه برقم 2015.
[332] من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في دروس المسجد الحرام في 25/12/1418هـ.
[333] من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في دروس في المسجد الحرام بتاريخ 25/12/1418هـ. 
 [334] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد الحادي عشر في 15/12/1400هـ 
[335] إجابة صدرت من مكتب سماحته عندما كان رئيسًا للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
[336] سورة [البقرة: 286].
[337] رواه مسلم في (الإيمان)؛ باب بيان أن الله سبحانه لم يكلف إلا ما يطاق برقم 126.
[338] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من "المجلة العربية" وقد أجاب عنها سماحته بتاريخ 24/9/1418هـ.
[339] نشر في جريدة "الندوة" العدد 9896 في 12/12/1411هـ.
[340] رواه البخاري في (العلم)؛ باب الفُتْيَا وهو واقف على الدَّابة وغيرها برقم 83، ومسلم في (الحج)؛ باب مَنْ حَلَق قبل النحر أو نحر قبل الرَّمْي برقم 1306.
[341] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها يوم التروية بمنى عام 1402هـ.
[342] رواه البخاري في (العلم)؛ باب الفتيا وهو واقف على الدَّابة وغيرها برقم 83، ومسلم في (الحج)؛ باب مَنْ حَلَق قبل النحر أو نَحَر قبل الرَّمْي برقم 1306.
[343] نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1638 في 26/12/1418هـ
[344] رواه البخاري في (العلم)؛ باب الفُتْيا وهو واقف على الدابة وغيرها برقم 83، ومسلم في (الحج)؛ باب من حَلَق قبل النَّحْر أو نحر قبل الرَّمْي برقم 1306
[345] من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في درس "بلوغ المرام"
[346] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد الحادي عشر في 15/12/1400هـ،وفي العدد الثامن في 5/12/1404هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة"ص 115 طبعة 1408هـ
[347] رواه البخاري في (العلم)؛ باب الفُتْيا وهو واقف على الدابة وغيرها برقم 83، ومسلم في (الحج)؛ باب من حَلَق قبل النَّحْر أو نحر قبل الرَّمْي برقم 1306
[348] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من المستفتي ب. ب. ص. وقد أجاب عنها سماحته في 3/11/1413هـ 
[349] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد الحادي عشر في 15/12/1401هـ
[350] نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1634 في 21/11/1418هـ
[351] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 8 ص 77 في 5/12/1404هـ، وفي جريدة "المدينة" العدد 12072 في 11/12/1416هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة"ص 114 طبعة 1408هـ
[352] نشر في جريدة "الندوة" العدد 9869 في 12/12/1411هـ، وفي جريدة الرياض في 11/12/1416هـ، وفي جريدة "عكاظ" بتاريخ 7/12/1418هـ 
[353] نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1538 في 1/12/1416هـ
[354] رواه مالك في "الموطأ" في (الحج)؛ باب التقصير برقم 905، وفي باب ما يفعل مَن نسي مِن نُسُكِه شيئًا برقم 957 
[355] نشر في "مجلة البحوث الإسلامية" العدد السابع، 1403هـ
[356] سورة [التغابن: 16]
[357] سورة [التغابن: 16]
[358] سورة [التغابن: 16]
[359] نشر في "كتاب الدعوة" الجزء الأول ص 128
[360] سورة [التغابن، الآية 16]
[361] سؤال موجه من السائل خ. أ. ف. أجاب عنه سماحته في 17/12/1416هـ
[362] سورة [التغابن: 16] 
[363] سؤال مُوَجَّه من السائل ع. ع. م. وقد صدر جوابه من مكتب سماحته في 30/11/1413هـ برقم 2522/خ
[364] سورة [التغابن: 16]
[365] رواه البخاري في "الاعتصام بالكتاب والسنة"؛ باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برقم 7288، ومسلم في (الحج)؛ باب فرض الحج مرة في العمر برقم 1337
[366] من ضمن الأسئلة المُوَجَّهَة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها بمنى يوم التروية عام 1402هـ
[367] نشر في "جريدة عكاظ" العدد 11563 في 22/12/1418هـ.
[368] رواه البخاري مُعَلَّقًا في (الحج)؛ باب رمي الجِمَار، ومسلم في (الحج)؛ باب بيان وقت استحباب الرَّمْي برقم 1299
[369] رواه البخاري في (الحج)؛ باب رمي الجمار برقم 1746
[370] رواه البخاري في (العلم)؛ باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها برقم 83، ومسلم في (الحج)؛ باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي برقم 1306
[371] نشر في "جريدة الندوة" العدد 9869 في 12/12/1411هـ
[372] من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في دروس في المسجد الحرام في 25/12/1418هـ
[373] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 11 في 15/12/1400هـ، وفي العدد 6 في 27/11/1404هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" ص 102
[374] رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297
[375] رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297 
[376] سؤال مُوَجَّه من المُسْتَفْتِي م. ح. ج. أجاب عنه سماحته عندما كان نائبًا لرئيس الجامعة الإسلامية في شهر صفر سنة 1389هـ
[377] رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297
[378] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من "مجلة الدعوة" أجاب عنها سماحته في 9/3/1419هـ
[379] نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1538 في 1/12/1416هـ
[380] رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297
[381] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته في المحاضرة التي ألقاها في منى يوم التروية سنة 1402هـ
[382] سورة البقرة، الآية 286 
[383] رواه مسلم في (الإيمان)؛ باب بيان أن الله - سبحانه - لم يُكَلّف إلا ما يُطَاق برقم 126
[384] من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في دروس في المسجد الحرام في 25/12/1418هـ
[385] سؤال مُوَجَّه من السائل م. ع.. أجاب عنه سماحته
[386] من برنامج "نور على الدَّرْب"
[387] من ضمن أسئلة موجهة لسماحته في دروس في المسجد الحرام في 25/12/1418هـ
[388] سورة [الأعراف: 3]
[389] سورة [الأنعام: 155]
[390] سورة [النساء: 59] 
[391] سورة [الحشر: 7]
[392] نشر في "جريدة اليوم" في يوم الثلاثاء 13/12/1416هـ
[393] رواه بنحوه مسلم في (الحج)؛ باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم 1297
[394] سورة [البقرة: 203] 
[395] نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1538 الخميس 1/12/1416هـ
[396] نشر في "جريدة الندوة" العدد 9869 في 12/12/1411هـ، وفي "جريدة الرياض" في 11/12/1416هـ، وفي "جريدة عكاظ" في 7/12/1418هـ
[397] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من السائل س. ع. ح. وأجاب عنها سماحته في 20/9/1395هـ 
[398] فتوى صدرت من مكتب سماحته عندما كان رئيسًا عامًا لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
[399] رواه مسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1327 
[400] رواه البخاري في (الحج)؛ باب طواف الوداع برقم 1755، ومسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1328
[401] نشر في كتاب "الدعوة" ج1 ص 130، وفي "المجلة العربية" جمادى الأولى عام 1412هـ
[402] رواه البخاري في (الحج)؛ باب طواف الوداع برقم 1755، ومسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1328
[403] رواه مسلم في ( الحج )؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم ( 1327 ).
[404] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من "مجلة الدعوة"
[405] رواه مسلم في (الحج )؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1327
[406] رواه البخاري في (الحج)؛ باب طواف الوداع برقم 1755، ومسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1328
[407] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من السائل ب. ب. ص. أجاب عنه سماحته في 3/11/1413هـ
[408] نشر في "جريدة عكاظ" العدد 11551 يوم الثلاثاء 10/12/1418هـ 
[409] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد التاسع عام 1409هـ 
[410] رواه مسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1327
[411] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من السائل ع. ع. ع. أجاب عنه سماحته عندما كان نائبًا لرئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
[412] رواه مسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1327
[413] رواه البخاري في (الحج)؛ باب طواف الوداع برقم 1755، ومسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1328 
[414] رواه مالك في "الموطأ" في (الحج)؛ باب التقصير برقم 905، وفي باب ما يفعل من نسي من نُسُكه شيئًا برقم 957 
[415] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد الثامن في 5/12/1404هـ
[416] رواه مالك في "الموطأ" في (الحج)؛ باب التقصير برقم 905، وفي باب ما يفعل من نسي من نسكه شيئًا برقم 957
[417] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من طمجلة الدعوة"
[418] سورة [التغابن: 16]
[419] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد التاسع عام 1401هـ
[420] نشر في "كتاب الدعوة" الجزء الأول ص 137
[421] رواه البخاري في (الحج)؛ باب طواف الوداع برقم 1755، ومسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1328
[422] من برنامج "نور على الدَّرْب" الشريط الثاني.
[423] رواه مسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1327
[424] رواه البخاري في (الحج)؛ باب طواف الوداع برقم 1755، ومسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1328
[425] من ضمن أسئلة موجهة لسماحته بعد درس ألقاه في المسجد الحرام في 25/12/1418هـ
[426] رواه مسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1327
[427] رواه البخاري في (الحج)؛ باب طواف الوداع برقم 1755، ومسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1328
[428] نشر في كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" لسماحته ص 139
[429] رواه البخاري في (الجمعة)؛ باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة برقم 1190، ومسلم في (الحج )؛ باب فضل الصلاة في مسجدي مكة والمدينة برقم 1394
[430] رواه الإمام أحمد في "مُسْند المُكْثِرين من الصَّحابة" مسند أنس بن مالك برقم 12173
[431] نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1394 في 8/11/1413هـ
[432] رواه البخاري في (الحج)؛ باب حج النساء برقم 1864، ومسلم في (الحج)؛ باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد برقم 1397.
[433] رواه الإمام أحمد في "أول مسند المدنيين" حديث عبدالله بن الزُّبَيْر بن العوام برقم 15685 
[434] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من الجمعية الخيرية بشقراء على كتاب "بلوغ المرام"
[435] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من "المجلة العربية"
[436] رواه البخاري في (الحج)؛ باب حج النساء برقم 1864، ومسلم في (الحج)؛ باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد برقم 1397
[437] رواه البخاري في (الجمعة)؛ باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة برقم 1190، ومسلم في (الحج)؛ باب فضل الصلاة في مسجدي مكة والمدينة برقم 1394
[438] رواه مسلم في (الجنائز)؛ باب استئذان النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه - عز وجل - في زيارة قبر أمه، برقم 976، وابن ماجه في (الجنائز)؛ باب ما جاء في زيارة القبور برقم 1569
[439] رواه مسلم في (الجنائز)؛ باب ما يُقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975
[440] سورة [الأحزاب: 56]
[441] رواه مسلم في (الصلاة)؛ باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التَّشَهُّد برقم 408
[442] رواه البخاري في (الجمعة)؛ باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل برقم 900، ومسلم في (الصلاة)؛ باب خروج النساء إلى المساجد برقم 442
[443] نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1246 في 28/11/1410هـ، وفي جريدة (الرياض ) العدد 10868 في 29/11/1418هـ، وفي هذا المجموع الجزء 6 ص 321
[444] رواه البخاري في (الحج)؛ باب حج النساء برقم 1864، ومسلم في (الحج)؛ باب لا تُشَدّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد برقم 1397
[445] رواه البخاري في (الجمعة)؛ باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة برقم 1190، ومسلم في (الحج)؛ باب فضل الصلاة في مسجدي مكة والمدينة برقم 1394
[446] رواه مسلم في (الجنائز)؛ باب ما يُقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975
[447] رواه مسلم في (الجنائز)؛ باب ما يقال عند دخول القبور برقم 974
[448] رواه ابن ماجه في (إقامة الصلاة والسنة فيها )؛ باب ما جاء في الصلاة في مسجد قباء برقم 1412 
[449] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج" العدد 11 في عام 1405هـ، وفي "جريدة الندوة" العدد 8656 في 24/12/1407هـ.
[450] رواه البخاري في (الحج)؛ باب حج النساء برقم 1864، ومسلم في (الحج)؛ باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد برقم 1397
[451] رواه الإمام أحمد في "مُسْند المُكْثِرين من الصحابة" باقي مسند أبي هريرة برقم 8586
[452] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من الجمعية الخيرية بشقراء على كتاب "بلوغ المرام"
[453] رسالة أجاب عليها سماحته في 25/2/1394هـ عندما كان نائبًا للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
[454] نشر في المجلد الثامن من هذا المجموع ص323، وفي "مجلة الدعوة" العدد 1639 في 4/1/1419هـ
[455] رواه البخاري في (الصلح)؛ باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697، ومسلم في (الأقضية)؛ باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم 1718
[456] رواه البخاري معلقًا في النجش، ومسلم في (الأقضية)؛ باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم 1718 
[457] رواه مسلم في (الجمعة)؛ باب تخفيف الصلاة والخطبة برقم 867
[458] رسالة أجاب عليها سماحته في 20/1/1392هـ عندما كان رئيسًا للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
[459] رواه البخاري معلقًا في النجش، ومسلم في (الأقضية)؛ باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم 1718 
[460] نبذة مُخْتَصَرة من أعمال مناسك العمرة صدرت من مكتب سماحته في 13/2/1416هـ
[461] ما عدا النقاب، والبُرْقع، والقُفَّازين فتخلعها، وتغطي وجهها، وكفَّيْها عن الرجال غير المحارم بغيرها من الملابس
[462] سورة [البقرة: 158] 
[463] نشر في كتاب "فتاوى إسلامية" من جمع الشيخ/ محمد المسند ج2 ص 303، وفي "جريدة الندوة" العدد 12226 في 26/9/1419هـ
[464] رواه الإمام أحمد في "مسند بني هاشم" بداية مسند عبدالله بن عباس برقم 2804، وابن ماجه في (المناسك)؛ باب العمرة في رمضان برقم 2994
[465] رواه البخاري في (الحج)؛ باب حج النساء برقم 1863
[466] رواه مسلم في (الحج)؛ باب فضل العمة في رمضان رقم 1256
[467] سورة [الأحزاب: 21] 
[468] نشر في "مجلة اليمامة" العدد 1151 في 25/9/1411هـ
[469] رواه البخاري في (الحج)؛ باب وجوب العمرة وفضلها برقم 1773، ومسلم في (الحج)؛ باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم 1349
[470] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته بعد الدرس الذي ألقاه في المسجد الحرام بتاريخ 25/12/1418هـ
[471] نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1664 في 2/7/1419هـ
[472] من أسئلة حج عام 1407هـ، شريط رقم 1
[473] سؤال مُقَدَّم من م. ع. س. أجاب عنه سماحته
[474] سورة [البقرة: 286]
[475] رواه مسلم في (الإيمان )؛ باب بيان أن الله - سبحانه - لم يُكَلّف إلا ما يُطَاق برقم 126 
[476] من برنامج "نور على الدَّرْب" الشريط رقم 15
[477] نشر في كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" لسماحته ص 24، وفي "مجلة التوعية الإسلامية" العدد الثالث عام 1404هـ ص 79
[478] من برنامج "نور على الدَّرْب"
[479] نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1635 في 28/11/1418هـ 
[480] سؤال مُوَجَّه من الأخت ش. س. من الكويت أجاب عنه سماحته في 5/12/1417هـ
[481] نشر في "جريدة عكاظ" العدد 11551 في الثلاثاء 10/12/1418هـ
[482] سؤال مُوَجَّه من السائل س. ع. ح. أجاب عنه سماحته في 20/9/1395هـ
[483] نشر في "جريدة الندوة" العدد 6869 في 12/12/1411هـ، وفي "جريدة عكاظ" في 7/12/1418هـ
[484] رواه مسلم في (الحج)؛ باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1327
[485] نشر في "جريدة الجزيرة" يوم السبت 2/2/1416هـ، وفي "مجلة الدعوة" العدد 1543 في 13/1/1417هـ
[486] سورة [البقرة: 196] 
 [487] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية في الحج"، العدد 11 في 11/12/1400هـ، وفي العدد 9 ص 93 عام 1404هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" لسماحته ص 127 طبعة 1408هـ
[488] سورة [البقرة: 196] 
[489] نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1540 في 22/12/1416هـ.
[490] سورة [البقرة: 196] 
[491] رواه البخاري في (النكاح)، باب (الأكفاء في الدين) برقم 5089، ومسلم في (الحج)، باب (جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه) برقم 1207.
[492] نشر في "مجلة الدعوة" العدد 1561 في 21/5/1417هـ.
[493] رواه البخاري في (النكاح)، باب (الأكفاء في الدين) برقم 5089، ومسلم في (الحج)، باب (جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه) برقم 1207
[494] من ضمن أسئلة مُقَدَّمَة لسماحته في دروس في المسجد الحرام عام 1418هـ.
[495] من ضمن أسئلة مقدمة لسماحته في درس "بلوغ المرام". 
[496] نشر في "مجلة الدعوة"العدد 1542 في 6/1/1417هـ.
[497] إجابة عن أسئلة صدرت عن مكتب سماحته، عندما كان رئيسًا للجامعة الإسلامية. 
[498] سورة [البقرة: 19] 
[499] من كتاب "فتاوى إسلامية"، جمع الشيخ/ محمد المسند، ج2.
[500] سورة [البقرة: 196]. 
[501] سورة [البقرة: 286].
[502] من فتاوى سماحته في حج عام 1415هـ.
[503] من فتاوى سماحته في حج 1407هـ.
[504] من فتاوى سماحته في حج 1407هـ. 
[505] نشر في مجلة "التوعية الإسلامية" في العدد 11 عام 1400هـ، وفي العدد 6 عام 1404هـ، وفي كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" لسماحته
[506] رواه البخاري في (الصوم)، باب (صيام أيام التشريق) برقم 1998.
[507] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته على محاضرة في الحج عام 1402هـ في منى.
[508] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته على محاضرة في الحج عام 1402هـ في منى. 
[509] نشر في كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" لسماحته ص 84، وفي مجلة "التوعية الإسلامية" العدد 6 لعام 1404هـ ص 77.
[510] سورة [الشورى: 21]. 
[511] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته على محاضرة في الحج عام 1402هـ بمنى.
[512] إجابة صدرت من مكتب سماحته. 
[513] رواه البخاري في (الشركة)، باب (من عدل عشرا من الغنم بجزور في القسم) برقم 2507، ومسلم في (الأضاحي)، باب (جواز الذبح بكل ما أنهر الدم إلا السن) برقم 1968.
[514] إجابة صدرت من مكتب سماحته 
[515] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته على محاضرة في الحج عام 1402هـ في منى.
[516] من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته على محاضرة في الحج عام 1402هـ في منى. 
[517] نشر في كتاب "فتاوى تتعلق بأحكام الحج والعمرة والزيارة" لسماحته ص 83، وفي "مجلة التوعية الإسلامية" العدد 11 عام 1400هـ، والعدد 6 عام 1404هـ ص 77، وفي "جريدة البلاد" العدد 14913 وتاريخ 19/12/1417هـ
[518]    سورة [البقرة: 196]. 
[519]    السؤال من ب. ب. ص، وقد أجاب عنه سماحته في 3/11/1413هـ.
[520] نشر في كتاب "الدعوة" الجزء الأول ص 129، وفي "جريدة اليوم" العدد 8701 بتاريخ 4/12/1417هـ، وفي "جريدة البلاد" العدد 14913 بتاريخ 19/12/1417هـ
[521] رواه بنحوه مسلم في (الحج)، باب (استحباب رَمْي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا) برقم 1297.
[522] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية" العدد 11 في 15/12/1400هـ.
[523] نشر في "مجلة التوعية الإسلامية" العدد 11 في 15/12/1400هـ.
[524] إجابة صدرت من مكتب سماحته، عندما كان رئيسًا للجامعة الإسلامية برقم 956 وتاريخ 2/6/1391هـ 




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مجموعة فتاوى مهمة
  • رثاء العلامة الجليل الشيخ عبدالعزيز بن باز

مختارات من الشبكة

  • من فتاوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منهج الإمام الشاطبي في الفتوى من خلال كتاب: (فتاوى الإمام الشاطبي) (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • العقد النفيس فيما يحتاج إليه للفتوى والتدريس (فتاوى ابن عبدالعال)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • فتاوى منار الإسلام لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • اطالة الدعاء في التراويح (فتاوى الشيخ سعد الحميد)(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • مختصر فتاوى الشيخ ابن عثيمين (الصيام) (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ملخص لكتاب الصيام من فتاوى ابن باز - رحمه الله - (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أسئلة وأجوبة مختارة من فتاوى الحج(مقالة - ملفات خاصة)
  • تقريب فتاوى ورسائل شيخ الإسلام ابن تيمية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مختصر ترجمة الوالد العلامة محمد ابن قاسم رحمه الله (ت 1421 هـ) جامع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وفتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب