• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / يوم عرفة والأضحية
علامة باركود

عرفة لمن عظم الله وعرفه

عرفة لمن عظم الله وعرفه
وضاح سيف الجبزي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/7/2022 ميلادي - 5/12/1443 هجري

الزيارات: 14360

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عرفة لمن عظَّم الله وعرَفه


الحمد لله قدَّم نبينا على كل نبي أرسله، وكتابنا على كل كتاب أنزَله، وجعل أمتنا الأخيرة الأوَّلَة، فله الشكر من معتقد أنه به ولَه، لا غنى إلا في طاعته، ولا عزَّ إلا بالتذلل لعظمته.

الحمد لله مُجيب من دعا
وفاتح الباب لعبد قرَعا
فهو الذي منَّ بإرسال الحبيبْ
فيا سعادة المنيب المستجيبْ

 

وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، المليكُ القادرُ، الواحد البر العزيز القاهر، يرى دبيبَ النملة السوداء، فوق بهيم الصخرة الصماء، في ظلمات الليلة الليلاء.

سبحانه ماذا يقول البارع
في كاملٍ ليس له مضارع؟

 

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله.

مركبُ الشِّعرِ عند شاطيهِ يرسو
والمعاني إذا ذكرناه أُنسُ
هتف الشّوق نحوه فاستنارتْ
أحرفٌ تحمل الحنينَ ونفسُ
فعليك الصّلاةُ يا خيرَ داعٍ
ما اعتلى في السّماءِ بدرٌ وشمسُ

 

وبعــــدُ:

أفضالُ ربي دائمًا تتوالى
من فضله سبحانه وتعالى
عشرٌ مباركةٌ تفيض على الورى
لكأنها بدرُ السماء تلالا
صوموا بها وتصدَّقوا وتنسَّكوا
وتزوَّدوا التقوى لكم أعمالا
فبها العبادة فضلُها فاق الذي
منْ بالجهاد تقدَّم الأبطالا
والذكر فيها خيرُ ما قال امرؤ
فدع الفتور وودِّع الإهمالا
والله يفرَح إن رأى من عبده
- مهما تعظم ذنبُه - إقبالا
فادْعوه فيها دعوةً من صادقٍ
أن يصلح الأقوال والأفعالا


عباد الله، بقدر العنا تُنال المنى، وربما تصحُّ الأبدان بالأدواء، ولا يُدركُ الشَّرفُ إلا بالكلَف، وما العزُّ إلا تحت ثوب الكد، ولا يُدرك السادة من لزم الوسادة، ولا تطلب السلعة الغالية بالثمن التافه، ولذة الراحة لا تنال بالراحة، والجنة حُفت بالمكاره، ولن يُدرك البطال منازل الأبطال، وعند تقلب الأحوال تُعرف جواهر الرجال.

 

والمجد لا يُشرى بقولٍ كاذبِ
إنْ كنت تبغي المجد يومًا فانصبِ

 

والحياةُ فُرَص؛ فمَن أحسَنَ اغتِنامَها فازَ وسعِد، ومَن ضيَّعَ وفرَّط فلا يلُومنَّ إلا نفسَه، والمُؤمنُ كيِّسٌ فَطِنٌ، يعلَمُ أن أنفاسَهُ معدُودة، وأيَّامَه محدُودة.

 

ولقد قالت الحُكماءُ: التوانِي إضاعة، وفَوَاتُ الفُرَص غُصَّة.

الله أكبرُ كم في العُمر من منحٍ
وكم لهونا وضاعت تلكُمُ المنحُ
هذي هي العشر والرحمن فضلها
يا ويح من أدركوها ثم ما ربحوا

 

يقول سفيان الثوري: من لعب بعمره ضيَّع أيام حرثه، ومن ضيَّع أيام حرثه ندم أيام حصاده[1].

والفقر الحقيقي - يا عباد الله - هو: الإفلاس من الباقيات الصالحات.

 

وإذا كان التأنِّي والتمهُّلُ مطلُوبًا في أمورِ الدنيا، فإن أعمالَ الآخرة مطلُوبٌ فيها المُسارَعةُ والمُبادرةُ والمُسابقةُ.

 

ومِن جَميلِ تعبيرات المُعاصِرين: كُن مُبادِرًا سبَّاقًا، ولا تكُن مُديرَ كوارِث.

 

وقد ورَدَ في الأثر: «التُّؤدَةُ في كلِّ شيءٍ إلا في عملِ الآخرة»[2].

 

ويقولُ الإمامُ أحمد –رحمه الله-: كلُّ شيءٍ مِن الخير يُبادَرُ إليه[3].

 

وقال -عزَّ شأنُه-: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84].

وَالحُرُّ لا يَكْتَفي مِنْ نَيْلِ مَكْرُمَةٍ
حَتَّى يَرُومَ الَّتي مِنْ دُونِهَا الْعَطَبُ
يَسْعى بِهِ أَمَلٌ مِنْ دُونِهُ أَجَلٌ
إِنْ كفَّهُ رَهَبٌ يَسْتَدْعِهِ رَغَبُ
لِذَاكَ مَا سَالَ مُوسَى رَبَّهُ أَرِني
أَنْظُرْ إِلَيْكَ وَفي تِسْألِه عَجَبُ
يَبْغي التَّزَيُّدَ فِيما نَالَ مِنْ كَرَمٍ
وَهْوَ النَّجِيُّ لَدَيْه الوَحْيُ والكُّتُبُ



والمُسابقةُ إلى الخيرات –يا عباد الله- مسلَكٌ كريمٌ، لا يتَّصِفُ به إلا الجادُّون المُشمِّرون، والمُسارعةُ إلى أعمالِ البِرِّ طبعٌ لا يُهدَى إليه إلا مَن وهَبَه الله علُوَّ همَّة، وقُوَّةَ عزيمَة، مع سلامةِ قلبٍ، ورَجاحَةِ عقلٍ، وانشِراحِ صَدرٍ، وصدق إرادة.

 

فالمُسارعةُ والمُنافسةُ إقدامٌ، ومُبادرةٌ، وسَبقٌ، وخِفَّةٌ، وجِدٌّ، ورَغبةٌ، ومَن بادَرَ في طلبِ شيءٍ سَهُلَ عليه تحصِيلُه.


عباد الله:

أطلَّت عشرُ خيرٍ فاغنموها
وفوزوا بالجزيل من العطايا
وتوبوا من ذنوبكمُ وعودوا
لدرب الرشد واجتنبوا الخطايا
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى»[4].

 

وعنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، قَال: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُنَّ أَفْضَلُ أَمْ عِدَّتُهُنَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: هُنَّ أَفْضَلُ مِنْ عِدَّتِهِنَّ جِهَادًا فِي سَبِيلِ اللهِ»[5]، ثم بيَّن صلى الله عليه وسلم أن من أفضل هذه الأيام العشر: يومَ عرفة، فقال صلى الله عليه وسلم: «وَمَا مِنْ يوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ يوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ[6].

 

فلا تشرق شمسٌ على يوم أفضل من يوم عرفة، ولا تغرب لليلةٍ أفضل من ليلة القدر، والدعاء فيهما من أفضل الأعمال وأقربِها قبولًا وإجابة.

 

عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ؟»[7].

 

فيوم عرفة هو يوم مغفرة الذنوب، وستر العيوب، والعتق من النار، والقرب والمضاهاة، والفوز والمباهاة، وفي هذا اليوم يتأكد حفظ الجوارح عن المحرمات؛ كما في حديث ابن عباس في المسند، وفيه: «إِنَّ هَذَا يَوْمٌ مَنْ مَلَكَ فِيهِ سَمْعَهُ، وَبَصَرَهُ، وَلِسَانَهُ، غُفِرَ لَهُ»[8].

 

فيوم عرفة عظيمٌ لمن عظَّم الله وعرَفَه، ومن عرف الله تاب واعترف، ومن تاب واعترف استغفر مما اقترف، وقد قيل: الاعتراف يمحو الاقتراف، كما قيل:

فإن اعترافَ المرء يمحو اقترافَه
كما أن إنكار الذنوب ذنوبُ

 

قال بعض العارفين: ما فرح أحدٌ بغير الله إلا بغفلته عن الله، فالغافل يفرح بلهوه وهواه، والعاقل يفرح بمعبوده ومولاه[9].

وكان فؤادي خاليًا قبل حبِّكم
وكان بذكر الخلق يلهو ويمرحُ
فلمَّا دعا قلبي هواك أجابَه
فلستُ أراه عن فنائك يبرحُ
فإن شئتَ واصلني وإن شئت لا تَصِل
فلست أرى قلبي لغيرك يصلح

 

أقول ما تسمعون، فاستغفروا الله لعلكم ترحمون.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله، الحمدُ لله مُثيبِ الطائِعين بجَزيلِ الثواب، ومُجيبِ الداعِين وهو أكرمُ من أجاب، أحمدُه - سبحانه - يغفِرُ الزلاَّت، ويُقيلُ العثَرَات، ويتوبُ على من تاب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ شهادةَ عبدٍ مُخبِتٍ أوَّاب، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه فرضَ الفرائِض، وسنَّ الآداب، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على دربه، ومشى على نهجه، وثبت على هديه، ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18]، أما بعد:

يا عباد الله، وأحباب رسول الله صلى الله وسلم عليه، ومما يجلي مكانة يوم عرفة، ويبين فضله، ويعلي مكانته أن الله أقسم به، فهو اليوم المشهود المراد من قوله - جلَّ ذِكْرُه -: ﴿ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴾ [البروج: 3]، قال أبو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: قَالَ صلى الله عليه وسلم: «الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ...»[10].

 

ويوم عرفة هو الوتر الذي أقسم الله به في قوله: ﴿ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْر ﴾ [الفجر: 3]، قال ابن عباس: اللَّيَالِي الَّتِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا الْعَشْرُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَالْوَتْرُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّفْعُ يَوْمُ النَّحْرِ[11].

 

يوم عرفة - يا عباد الله - يومٌ يرجى إجابةُ الدعاء فيه، قال صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»[12].

 

[لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ]، أفضل ما نطقت الأفواه، وتمتمت الشفاه، ولهجت الألسُن، وأروع ما حدا الحادي، وأبدع ما شدا الشادي.

 

إن روح هذه الكلمةِ وسرَّها: إفرادُ الرب جل ثناؤه بالمحبة والتعظيم، والخوف والرجاء، والتوكلِ والإنابة، والرغبةِ والرهبة، والذل والخضوع.

 

قيل للحسن البصري -رحمه الله-: إن أناسًا يقولون: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة؟! فقال: من قالها وأدى حقَّها وفرْضَها دخل الجنة[13].

مَنْ قَالَهَا مُعْتَقِدًا مَعْنَاهَا
وَكَانَ عَامِلًا بِمُقْتَضَاهَا
فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَمَاتَ مُؤْمِنًا
يُبْعَثُ يَوْمَ الْحَشْرِ نَاجٍ آمِنَا

 

يوم عرفة - يا عباد الله -: صيامُه يكفر ذنوب سنتين، قال صلى الله عليه وسلم: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ»[14].

 

فليحرصِ المسلم على صيامه، وليحثَّ أهله وأقاربه ويُعِنْهُمْ على ذلك.

فليحرصِ اللبيبُ في تعليمهم
ولا يملَّ قطُّ في تأليفهم

 

ولنجتهدْ كلُّنا - يا عباد الله- على أن نجعله يومًا رمضانيًّا، ولْنَسْتَغِلّه بالذكر والدعاء، وعكوف القلب على الله.

 

وقد كان ابن عباس وعمرو بن حريث: يحثان الناس في هذا اليوم على لزوم المسجد[15].

 

عن الحسن أن أبا الدرداء قال: جِدُّوا بالدعاء؛ فإنه من يكثرْ قرع الأبواب يوشكْ أن يفتح له[16].

 

المُسارعةُ والتنافُسُ ومُجاهدةُ النَّفس للتشبُّه بالأفاضِل، واللُّحُوق بالأخيار، والحَزمُ والعَزمُ، وأخذُ الكتاب بقُوَّة، والإكثارُ مِن العباداتِ؛ هو منهج الموفقين.

طاعة الله خيرُ ما لزم العب
د فكن طائعا ولا تعصينْهُ
ما هلاكُ النفوس إلا المعاصي
فاجتنِب ما نهاك لا تقربنْهُ
إن شيئا هلاكُ نفسك فيه
ينبغي أن تصون نفسك عنْهُ

 

إن مما يُعينُ على التنافُس في الصالِحات، والمُسارَعة إلى الخَيرات؛ معرفة قَدر الدنيا بالنسبةِ للآخرة.

 

حتى قال بعضُ السلَف: لو كانت الدُّنيا من ذهبٍ يَفنَى، والآخرةُ مِن خَزَفٍ يَبقَى، لكان المُتعيِّنُ على العاقِل أن يُؤثِرَ الخَزَفَ الذي يَبقَى على الذَّهَب الذي يَفنَى، فكيف والآخرةُ هي الذَّهبُ الذي يَبقَى، وهي خيرٌ وأَبقَى[17].

 

وكان يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، طَلَبْتَ الدُّنْيَا طَلَبَ مَنْ لَابُدَّ لَهُ مِنْهَا، وَطَلَبْتَ الْآخِرَةَ طَلَبَ مِنْ لَا حَاجَةَ لَهُ إِلَيْهَا، وَالدُّنْيَا قَدْ كُفِيتَهَا وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْهَا، وَالْآخِرَةُ بِالطَّلَبِ مِنْكَ تَنَالُهَا، فَاعْقِلْ شَأْنَكَ[18].

 

إذا انكشف الغطاء يوم القيامة عن ثواب أعمال البشر، لم يروا ثوابًا أفضل من ذكر الله، فيتحسر عند ذلك أقوام فيقولون: ما كان شيء أيسرَ علينا من الذكر[19].

 

وروى المروزي عن ميمون بن مهران، قال: أدركت الناس وإنهم ليكبِّرون في العشر، حتى كنت أشبهه بالأمواج من كثرتها، ويقول: إن الناس قد نقصوا في تركهم التكبير[20].

 

وبعدُ يا عباد الله، فإذا هَمَمتُم فبادِرُوا، وإذا عزَمتُم فثابِرُوا، ومَن هابَ رُكوبَ الأهوال قعَدَ عن إدراكِ الآمال، والعِزُّ لا يكونُ إلا تحت ثَوبِ الكَدِّ، ولا يحصُلُ الخطيرُ إلا بالمُخاطَرة، ولا بَردُ العيشِ إلا بحَرِّ التعَبِ، ولا يُدرِكُ المفاخِرَ مَن رضِيَ بالصفِّ الآخر، ومَن صحَّ إلى اللهِ فِرارُه؛ فنِعمَ القرارُ قرارُه.

 

اللهم إنا نسألك الثبات على دينك، والمثابرة على طاعتك.

اللهم مصرِّف القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك.

اللهم وفِّقنا لاغتنام الأوقات، واشغلنا بالأعمال الصالحات.

اللهم جُدْ علينا بالفضل والإحسان، وعاملنا بالعفو والغفران.

اللهم أذِقنا حلاوة الرحمة، ولذة المغفرة، وتجنُّب الزلل، وبلوغ الأمل، وحسن الخاتمة.



[1] حفظ العمر لابن الجوزي (1/ 65).

[2] أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه؛ من قول عمر الفاروق رضي الله عنه (7/ 234).

[3] الفروع وتصحيح الفروع (2/ 403).

[4] رواه الدارمي في سننه، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، باب فضل العمل في العشر(2/ 1113)، حسنه الألباني، إرواء الغليل (3/ 398).

[5] رواه ابن حبان في صحيحه، من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، باب ذكر رجاء العتق من النار لمن شهد عرفات يوم عرفة (9/ 164)، صححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (2/ 32).

[6] المصدر نفسه.

[7] رواه مسلم في صحيحه، باب في فضل الحج والعمرة، ويوم عرفة (2/ 982).

[8] رواه أحمد في مسنده، من حديث ابن عباس رضي الله عنه(5/ 164، 65)، ضعفه الألباني، ضعيف الترغيب والترهيب (1/ 370).

[9] لطائف المعارف لابن رجب (ص274).

[10] رواه الترمذي في سننه، باب ومن سورة البروج(5/ 436)، حسنه الألباني، السلسلة الصحيحة (4/ 76).

[11] مشيخة أبي طاهر (ص156)، عمدة القاري (19/ 289).

[12] رواه الترمذي في سننه، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، باب في دعاء يوم عرفة(6/ 180)، صححه الألباني، مشكاة المصابيح (2/ 797).

[13] التوضيح لشرح الجامع الصحيح (3/ 659).

[14] رواه مسلم في صحيحه، من حديث أبي قتادة، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصوم يوم عرفة وعاشوراء، والاثنين والخميس (2/ 818).

[15] الجامع لعلوم الإمام أحمد (6/ 530).

[16] مصنف ابن أبي شيبة (6/ 22).

[17] إحياء علوم الدين (3/ 207)، تفسير القرطبي (20/ 24).

[18] التبصرة لابن الجوزي (2/ 101).

[19] الوابل الصيب (ص78).

[20] فتح الباري (9/ 9).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عرفه
  • وأنت العشق أعرفه (قصيدة)
  • نسمة العشر (عرفة) (قصيدة)
  • الحلم زينة الأخلاق وعقد مفاخرها
  • عظموا ما عظم الله

مختارات من الشبكة

  • من ذاق عرف، ومن عرف اغترف(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مخطوطة القول الأشبه في حديث من عرف نفسه فقد عرف ربه (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة القول الأشبه في حديث من عرف نفسه فقد عرف ربه(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • يوم عرفة لمن عرفه!(مقالة - ملفات خاصة)
  • العرف الذي تحمل عليه الألفاظ إنما هو المقارن السابق دون المتأخر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من عرف ببر الوالدين من العلماء والأخيار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يوم عرفة وعيد النحر(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • التعريف في المساجد يوم عرفة(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • الأفضلية لمن: يوم عرفة أم يوم عاشوراء؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضائل ينالها من عرف حق الله في رمضان(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب