• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / مقالات
علامة باركود

المريض والصيام (1)

المريض والصيام (1)
د. أمين محمد رضا

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/7/2012 ميلادي - 9/9/1433 هجري

الزيارات: 18617

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المريض والصيام (1)

الجزء الأول: تعريف المرض والمريض.

 

أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين صراحة وبوضوح في كتابه العزيز بالصيام طول شهر رمضان من كل عام. ولكنه جل جلاله رخص بالإفطار في رمضان للمريض والمسافر.

 

والهدف من هذه الدراسة هو:

1- تحديد معنى المرض والمريض، والفرق بينهما وبين الصحة والصحيح.

 

2- تحديد نوع المرض والمريض الواجب أو الجائز اعتبارهما أهلا لرخصة الإفطار.

 

3- تحديد من الذي يأخذ قرار الإفطار من عدمه.

 

أولا: المرض في القرآن المجيد:

ذكر الله سبحانه المرض والمريض في كتابه العزيز في المسائل الآتية:

1- مرض الأبدان: وجاء ذكره في الصيام وذلك في سورة البقرة:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 183 - 185]. وجاء ذكر مرض الأبدان في مسائل أخرى هي: التيمم، والحج، والقتال، والأكل في البيوت، والشفاء، والصلاة ليلا وهي الآيات: في التيمم: النساء 4: 43، المائدة 5: 6 وفي الحج: البقرة 2: 196، وفي القتال: النساء 4: 102، والفتح 48: 17، وفي الأكل في البيوت: النور 24: 61، وفي الشفاء: الشعراء: 26: 80، وفي الصلاة ليلاً: المزمل: 73: 20.

 

وهي مسائل لا تدخل في موضوع البحث الحالي ولو أن جميع أمراض الأبدان المذكورة في القرآن تشارك مثيلاتها في الصيام في نتائج بحثنا هذا وفي تحليلاته وتطبيقاته.

 

ب- مرض القلوب: بعض اللغويين يفضل مرض مرضا (بسكون الراء) لا مرضا (بفتح الراء) في أمراض القلوب المذكورة في القرآن ولو أن ( مرض - بسكون الراء ) لغة قليلة الاستعمال. قال الأصمعي قرأت على أبي عمرو بن العلاء: في قلوبهم مرض (بفتح الراء) فقال لي مرض يا غلام أي بالسكون والفاعل من الأولى مريض، وجمعه مرضى، ومن الثانية مارض أحمد بن محمد بن علي المقرى الفيومي ( متوفى سنة 770 هـ): كتاب المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، تصحيح حمزة فتح الله القاهرة: نظارة المعارف العمومية، الطبعة الثالثة، المطبعة الأميرية، 1912 م - صفحة 877.

 

وقال مثل ذلك صاحب لسان العرب (جمال الدين محمد بن مكرم الأنصاري ابن منظور) (630- 711 هـ(لسان العرب. القاهرة: المؤسسة المصرية العامة للتأليف والأنباء والنشر، الدار المصرية للتأليف والترجمة - طبعة مصورة عن طبعة بولاق. مادة ) مرض(9: 98 - 100، مادة ) سقم (15: 180 - 181 مادة ) صحح (3: 338 - 340) بدون تاريخ نشر).

 

ومرض القلوب هذا مثل قوله تعالى في سورة البقرة ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ﴾ (2: 10)، وفي عدة آيات أخرى. وهي الآيات:(المائدة :5- 52  )، (والأنفال: 8-49)،(والتوبة: 9-125)، (والحج: 22: 53)، (والنور:24-50)، (والأحزاب:33-12و 32 و60)، (ومحمد: 47: 20 و 29)، (والمدثر: 74: 31).

 

وليس ذلك المرض الذي في القلوب طبعا المرض العضوي الذي ينتاب أحشاء جسم الإنسان، والذي يعرفه أطباء القلب، فهو لا يصيب عضلة القلب ولا صماماته، ولا شرايينه التاجية، ولا توصيلاته العصبية الكهربائية وإنما هو مرض في النفس. ومن تتبع تلك الآيات، ومحص سياقها ومفاهيمها خرج من نظراته هذه بأن المرض النفسي المعني هنا يخص الإيمان وأنه يخرج القلب عن صحته، ويهزه هزا عنيفا ويجعل المريض به لا يتفاعل مع الإيمان، ولا يتقبله، ولا يمتزج به، ولا يشعر بحلاوته، ولا ينعم بطمأنينته، ولا تسرع نبضات قلبه ولا تقوى ولا تشتد مع ذكر الله، ولا يشعر هذا المريض بخفقان في صدره في موضع قلبه خوفا من الله. ولذلك فإن مريض القلب هذا شديد البؤس في هذه الحياة الدنيا والعياذ بالله، فإذا تعرض لفتنة طارئة، أي لامتحان أو اختبار، ولو كان من النوع السهل اليسير، انحرف عن استقامته التي يتظاهر بها ويتباهى، وتعري من صلاحه المزيف الذي يبديه للناس عامة، فلا يتورع أن يؤذي المسلمين وأن يفر في الشدائد، وأن يصبو إلى نساء لا يحللن له، وأن يغش الناس ويخدعهم لأكل أموالهم بالباطل، وإن كان مكسبا قليلا.

 

ومجمل قول شيوخ المفسرين والمعلقين التي رجعت إليهم في هذا البحث، أن مرض القلوب هذا يخرجها عن صحتها، وهي طبعا وضمنا صحته الإيمانية، ويكون ذلك بأشياء شتى هي النفاق والجهل والجبن والبخل والعقيدة الفاسدة والجحود والتقصير والشك وغيرها من الصفات السيئة والرذائل التي يمكن أن تصيب الصحة الإيمانية للقلب مفردة أو مجتمعة. (انظر المراجع المذكورة عند دراسة علاقة المرض بالصيام، في الجزء الثاني من هذا البحث العدد القادم من مجلة التوحيد إن شاء الله).

 

وبهذا المفهوم ربما جاز لنا التعبير طبيا عن هذا المرض القلبي بأنه عقدة نفسية إيمانية، وتفصيل أسبابها وأعراضها ونتائجها ومضاعفاتها وعلاجها وشفائها وارد في الذكر الحكيم، وتوجيهات وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

ثانيا: التعريف القرآني والنبوي:

لم أعثر في آيات الله البينات في القرآن المجيد، ولا في أحاديث رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم على أي تعبير من قريب أو بعيد تعريفا للمريض أو الصحة أو المرض.

 

وتجدر ملاحظة أن الفقرة الخاصة بالمرض في الآيات التي نزلت في الصيام وجه الله فيها كلامه الحكيم للمريض شخصيا دون سواه: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ ﴾ [البقرة - 184] و ﴿ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ ﴾ [البقرة - 185 ].

 

ثالثا: التعريف الفقهي:

يمكن اختصار ما قاله المعلقون والمفسرون والفقهاء في تحديد معنى الصحة والمرض والمريض بأن أقوالهم لم تنقص في شيء أو تزد عن اجتهادات ومباحث في اللغة كما هو مبين في الفقرة التالية. وعلى سبيل المثال فقد أورد القرطبي عبارة ابن فارس اللغوي فقال: المرض كل ما خرج به الإنسان عن حد الصحة، من علة أو نفاق أو تقصير. وقد حاول ابن فارس في هذا التعريف الجمع بين مرضى القلب والبدن، ولكنه إن نجح إجمالا، أخفق توضيحا وتحديدا لكل من المرضين، وأتى بتعريف مبهم عام شامل لا يساعد طالب الفتوى ولا من يحاول أن يفتيه. ( أبو عبد الله محمد بن محمد أحمد الأنصاري القرطبي: تفسير القرطبي. القاهرة دار الشعب. الناشر: دار الريان للتراث، طبعة خاصة بتصريح من دار الشعب، الجزء الأول، صـ 171 - 172، والجزء الثاني ص 652 "بدون تاريخ نشر" (وهناك أيضا محاولة الفخر الرازي الذي قال فيها: المرض عبارة عن عدم اختصاص جميع أعضاء الحي بالحالة المقتضية لصدور أفعاله سليمة سلامة تليق به) والفخر الرازي مشكور على محاولته التي لم تصب ما يرجوه المؤمن من الوضوح والتحديد، والتي خرجت أشد إبهاما من بقية التعريفات اللغوية (تفسير الفخر الرازي، في جامع التفاسير، جريدة النور، السنة 4، عدد 156، 14 جمادى الآخرة 1405 هـ، 6 مارس 1985م، صـ 1199- 1203).

 

رابعا: التعريف اللغوي:

معاجم اللغة، العربي منها والأجنبي، يصعب الحصول منها على تعريف علمي للمريض أو للمرض. فمعاجم اللغات الأجنبية الشائعة، وهي الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، تسمي المريض بمرادف للكلمة العربية )الصابر(. أي أن المريض إنسان يعاني من أزمة أو محنة في صحته، ولابد له من الاستسلام لما يعانيه من شكوى، سواء في ذلك كانت ألما أو غيره من الأغراض، كما أنه يجب عليه الصبر ولو هلك، فالمرض و الموت والشفاء كلها من عند الله. وهي تسمية جميلة وقديمة تنم عن عمق الإيمان، والمبالغة في الاستسلام لإرادة الله. إلا أن المعنى يشوبه أيضا اليأس من الشفاء المؤدي إلى عدم الأخذ بالأسباب، والبحث عن العلاج، واللجوء إلى الله طمعا في الشفاء.

 

وهذه التسمية توضح ما يخالط الرسالات السماوية المحرفة من مذاهب جبرية. إلا أنها لا تعكس أبدا ما تفشى من ضلال في البلاد التي تستعمل هذه اللغات الثلاث، والتي تتبع العالم الأول الذي يفاخر بحضارته العالمين الثاني والثالث لتخلفهما وجهلهما وفقرهما. مع أن العالم الأول هذا ممتلئ بفوضى العقائد، وبخلط مرير في العلاقات الإنسانية، وبانعدام الإنسانية في هذه العلاقات الإنسانية، وبتدهور في الأخلاق والمثل العليا.

 

وتوجد في اللغات الأجنبية تسميات أخرى للمرض والمريض لا تمت إلى التعريف العلمي بأية صلة، مثل الاسم الإنجليزي للمرض الذي يعني بالعربية )عدم الشعور بالراحة(، ومثل التسمية الفرنسية ومعناها )الإصابة بشر(. وهي تسميات ولا شك قديمة، وتعبر عما يشعر المريض في نفسه.

 

أما تعريف المرض في هذه المعاجم الأجنبية فهو أيضا غير دقيق ولا يفيد إلا أن المرض معناه: خروج الجسم عن حالته الصحية الطبيعية الكلمات الأجنبية المشار إليها هنا:

1-patient

2- disease

3- illness

4- maladie

5- malade

6 - krank

7- krankheit

 

والأولى تطلق على المريض في اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية، والثانية والثالثة على المرض بالإنجليزية، والرابعة على المرض، والخامسة على المريض بالفرنسية، والسادسة على المريض، والسابعة على المرض بالألمانية. وهذه الكلمات هي التي يمكن البحث عندها عن التعريف المطلوب في اللغات الثلاث) المعاجم العربية لا تشذ عن المعاجم الأجنبية قليلا أو كثيرا في عدم مقدرتها على تحديد معنى المريض أو تعريف ما هو المرض، أو بيان ما هي صحة البدن.

 

فإذا فتحنا معجم لسان العرب لابن منظور، تحت مادة المرض وجدناه يقول: المريض معروف. والمرض السقم، ونقيض الصحة أما إذا نظرنا إلى مادة) سقم (وجدناه يقول: السقام والسقم المرض. وتحت مادة) صحح (يوجد ما نصه: الصح والصحة والصحاح خلاف السقم وذهاب المرض (جمال الدين محمد بن مكرم الأنصاري بن منظور) (630- 711 هـ) لسان العرب. القاهرة: المؤسسة المصرية العامة للتأليف والأنباء والنشر، الدار المصرية للتأليف والترجمة - طبعة مصورة عن طبعة بولاق. مادة) مرض (.9: 98 - 100، مادة) سقم (15: 180 - 181 مادة صحح ) 3: 338 - 340 (بدون تاريخ نشر.

 

وهكذا تدور هذه الكلمات الثلاث في دائرة مقفلة، فهي لا تنتهي، وهي مظهر واضح للمثل القائل: فسر الماء بعد الجهد بالماء!!!.

 

والمصباح المنير يقول: مرض الحيوان مرضا من باب تعب، والمرض حالة خارجة عن الطبع، ضائرة بالفعل، ويعلم من هذا أن الآلام والأورام أعراض عن المرض. وقال ابن فارس: المرض كل ما خرج به الإنسان عن حد الصحة، من علة أو نفاق أو تقصير في أمر (أحمد بن محمد بن علي المقرى الفيوم(متوفى سنة 770 هـ): كتاب المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، تصحيح حمزة فتح الله القاهرة: نظارة المعارف العمومية، الطبعة الثالثة، المطبعة الأميرية، 1912 م، ص - 877).

 

وظاهر من ذلك أنه يحاول التوفيق بين مرض القلوب الإيماني، ومرض الأبدان، وأنه ترك "حد" الصحة دون تحديد.

 

والقاموس المحيط للفيروز بادي يقول: المرض إظلام الطبيعة واضطرابها بعد صفائها واعتدالها. ولا يوجد ذكر للمريض قط، كأنه اعترف ضمنا مثل ابن منظور بأن المريض معروف وكفى، فهو لا يستحق حتى أن يذكر. كما أنه لا يوجد تحت أية مادة في القاموس المحيط تحديد علمي دقيق أو غير دقيق لصفاء الطبيعة واعتدالها، أو لإظلامها واضطرابها) مجد الدين الفيروزبادي "متوفى عام 817 هـ: القاموس المحيط. القاهرة: المكتبة التجارية الكبرى، مصطفى محمد، جزء 2 ص - 344 " بدون تاريخ نشر").

أما المؤلفون المتخصصون أو الشبه متخصصين في شرح ألفاظ القرآن، أو في الربط بينها وبين المسائل الطبية، فلم يأتوا بإيضاح أكثر مما جاء في معاجم اللغة في محاولتهم تعريف المرض والمريض والصحة والخروج عن حدها. ولينظر القارئ إن أراد مزيدا من الدراسة في ما قاله الراغب الأصفهاني) أبو القاسم الحسين بن محمد، المعروف بالراغب الأصفهاني متوفى عام 502 هـ. المفردات في غريب القرآن، تحقيق وضبط محمد سيد كيلاني. بيروت لبنان: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، ص ـ 466 "بدون تاريخ نشر" (وابن قيم الجوزية) ابن القيم(691 -751 هـ )التفسير القيم. جمعه: محمد أويس الندوي، تحقيق وتعليق محمد حامد الفقي. القاهرة مطبعة السنة المحمدية، 1368 هـ، 1949 م صـ 113- 114 ).

 

(شمس الدين محمد بن محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي، ابن قيم الجوزية ) 691 -751 هـ: (الطب النبوي تحقيق وتعليق عبد الغني عبد الخالق، وعادل الأزهري ومحمود فرج العقدة: الإسكندرية: دار عمر بن الخطاب للنشر والتوزيع، 1377 هـ، 1957 م ص 1-4 (وعلي محمد مطاوع) علي محمد مطاوع: مدخل إلى الطب الإسلامي، وزارة الأوقاف، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، سلسلة رسالة الإمام، يشرف على إصدارها محمد الأحمدي أبو النور، العدد الخامس ربيع الأول 1406 هـ، ديسمبر 1985 م، ص 107).

 

من هذه الدراسة يتضح لنا أن المعاجم اللغوية، الأجنبي منها والعربي على حد السواء لا تسعف الباحث عن معاني ألفاظ المريض أو المرض الواردة في كتاب الله العزيز، وكل ما أمكنها أن تقوله هو أن المرض نقيض الصحة، وأنه خروج جسم الإنسان عن حالته الطبيعية وكل هذا صحيح، ولكنه غير واضح للمريض أو لمن يتجه إليهم من الناس علماء في الدين أو الطب، ليعرف هل عليه صيام أم لا، لأن هذه الكتب لم تتمكن، ولم تكن لها أن تتمكن من تحديد الحد الفاصل بين الصحة والمرض، ولا من وضع مقياس لكل منهما. وقد سبق لمحمد عبد الله دراز )محمد عبد الله دراز: الدين. بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان. محاضرات إلى كلية الآداب، قسم الدراسات الفلسفية، فرع الاجتماع، جامعة فؤاد الأول. القاهرة: 1952، ص 24  (بدون ذكر الناشر).

 

أن وصف عجز كتب اللغة عن التعريف العلمي الدقيق لمعاني الكلمات بقوله: إننا لا يجب أن نحمل هذه المعاجم أكثر من الأهداف التي وضعها أصحابها لأنفسهم عند تأليفها، فهي إنما وضعت لضبط الألفاظ لا لتحديد المعاني.

 

خامسا: التعريف الطبي العلمي:

سبق أن كتبت بحثا مخصصا لهذا التعريف ويمكن أن يرجع القارئ إليه لمزيد من الإطلاع ( أمين محمد رضا: من المريض؟ المجلة الطبية المصرية الجديدة، الجزء الأول، العدد الأول (بحث افتتاحي) أكتوبر 1987، ص 258-264) وإليكم المجمل: إذا ما بدأ طالب الطب دراسته في كليته فأول ما يتعلمه هو كل ما يمت إلى الإنسان الصحيح البنية بصلة فيتعلم تركيب جسم الإنسان (علم التشريح) وتكوين أجزاء بدنه كما تبدو عند فحصها بالمجهر (التشريح الميكروسكوبي أو علم الأنسجة)، وقوانين السكون والحركة وتحميل الأثقال على جسم الإنسان (الميكانيكا والإستاتيكا والديناميكا الحيوية). وبما أن هذا الجسم يحتوي على سوائل في حركة دائبة ومضخة تدفعها هي القلب، فهو يدرس أيضا قوانين السوائل، وهذه الدراسات تكون في مجموعها علم الطبيعة الحيوية أو الفيزياء الحيوية. ويجب إضافة كلمة (حيوية) لأن قوانين الأجسام الحية تختلف كثيرا عنها في الأجسام الميتة، ويجب مراعاة أن هذه العلوم يجب أن تضاف إلى أسمائها صفتها الآدمية حيث أنها تختلف في الإنسان عنه في النبات وفي الحيوان فيقال علم التشريح البشري، وعلم الطبيعة الحيوية البشرية مثلا. وتتشعب علوم دراسة جسم الإنسان الطبيعي إلى جميع شعب المعرفة فتشمل علوم الحرارة والضوء والإشعاع غير المرئي والصوت والكيمياء والكيمياء الطبيعية والكهرباء الحيوية والهندسة الحيوية والنفس البشرية السوية، إلى غير ذلك من العلوم التي تستغرق دراسة أسسها - لا تفاصيلها - سنوات دراسية ثلاث. أما التفاصيل فتترك دراستها لفروع التخصص بعد حصول الطبيب على درجته العلمية الجامعية الأولى المسماة بالبكالوريوس، ويسمى إذ ذاك (طبيب الأساس)، لا ممارس عام أو طبيب عام كما هو مشاع بين جمهور الناس. وبعد ذلك يتم تخصصه في سنتين أو أكثر فيصبح أخصائيا في الممارسة العامة أو طبيبا باطنيا للقلب، أو جراحا للقلب، أو طبيبا باطنيا للرئة، أو جراحا للرئة، أو طبيبا باطنيا للأعصاب أو جراحا للأعصاب، إلى غير ذلك من التخصصات الكثيرة، والتي تزيد أعدادها يوما بعد يوم، بسبب الزيادة المطردة السريعة في المعرفة، وقصور مقدرة عقل الإنسان - بما في ذلك الطبيب - على استيعاب المعارف الطبية والجراحية، بما في ذلك العلوم الداخلة في تخصصه، مما يؤدي باستمرار إلى تفتت الاختصاصات إلى تخصصات أدق ثم أكثر دقة.

 

أقول أن طالب الطب يدرس أولا في سنوات ثلاث كل ما يمت إلى علوم الجسم البشري الطبيعي بصلة ثم يركز لسنوات أربع على الأمراض التي تصيب جسم الإنسان وكل عضو أو جزء منه على حدة.

 

ولا يمنح الدرجة العلمية ولا يصرح له بمزاولة مهنة الطب إلا إذا استوعب جيدا نظريا وعلميا كل ما يمت إلى الإنسان الطبيعي أو المرض بصلة.

 

هذا الطبيب إذا سئل عن الصحة والمرض يمكنه وصف كل منهما بالتفصيل، ويمكنه تحديد الحد الفاصل بينهما بدقة علمية إلا أن هذا التحديد لا يمكن أن ينتهي في كلمة أو كلمتين، أو جملة أو جملتين، لأنه مفصل بكل المقاييس العلمية التي استوعبها الطبيب في دراسة شاقة استغرقت منه سبع سنوات. ولذلك فهو غير متيسر لعامة الناس، ولا لعلماء الدراسات اللغوية أو القرآنية أو الشرعية.

 

سادسا - تعريف المريض لنفسه:

ينبغي ألا يتصور أحد منا أن المريض يهمه البحث في كتب اللغة أو الدين أو الطب أو أن ينخرط في عداد طلبة الطب لدراسة مناهجه حتى يتعرف على تحديد معاني الصحة والمرض حسب دراسة علمية متأنية.

 

فهو إنسان عادي مثل عامة الناس، يشعر أولا أنه طبيعي في مأكله ومشربه وملبسه وصحوته ونومه وعادته وجميع نواحي حياته اليومية، ثم فجأة أو تدريجيا يشعر بتغير حالة جسمه ويقرر أنه مرض، ويبدأ البحث عن العلاج، وربما إذا كان في شهر الصيام بحث أيضا عن إمكان إفطاره.

 

أما الأعراض التي تنتابه، وأهمها بالنسبة له الألم، فهي التي تشعره بالخروج من حالة الصحة، والدخول في حالة المرض، وطالما أحس بها فهو مريض ويستمر في البحث عن العلاج.

 

ومن الناس من يعتبر نفسه مريضا لأتفه الأعراض، وآخرون لا يهتمون إلا بأعراض شديدة بعد استفحال المرض وتمكنه من أجسامهم. والنوع الأول نفسه قلقة مرهفة الحس، والنوع الثاني ذو شخصية قوية أو مستهترة، وخيرهما أوسطهما إحساسا واطمئنانا وتحملا.

 

المهم إذا عند المريض أنه هو نفسه الذي يقرر أنه مرض، ويحتاج لعلاج، ولرخصة في الأحكام الشرعية.

 

يتبع إن شاء الله في العدد القادم.

 

المصدر: مجلة التوحيد، عدد 1409 رجب هـ، صفحة 39.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صوم المريض
  • صيام الطفل المصاب بالسكري
  • المريض والصيام (2)
  • من يباح لهم الفطر في رمضان أو يجب
  • المريض والصيام (3)
  • عبادة المريض

مختارات من الشبكة

  • آداب المريض وزيارته (3/ 15)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صيام التطوع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحاديث عن زيارة المريض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القنديل السادس عشر: في بعض الأحكام الفقهية للصائمين (3) (المريض الذي يُرجى برؤه)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • فقه المريض في الصيام (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • المريض الذي لا يرجى برؤه وعليه صيام والإطعام عن الأيام المتعددة(مقالة - ملفات خاصة)
  • آداب المريض وزيارته (9/ 15)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الرخص الشرعية للمريض في الطهارة والصلاة والصيام والحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شكرا أيها الطبيب(مقالة - حضارة الكلمة)
  • آداب المريض وزيارته (13/ 15)(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب