• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / فضائل رمضان / فضائل رمضان والعشر الأواخر / مقالات
علامة باركود

إشراقة شهر رمضان المبارك وواقع المسلمين اليوم

د. عدنان علي رضا النحوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/8/2011 ميلادي - 2/9/1432 هجري

الزيارات: 13753

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185].

 

مع هذه الأيَّام تتلفَّت قلوب المؤمنين المتَّقين؛ تنظر إشراقةُ شهر رمضان المبارك، لتزيح إشراقتُه الظلامَ الذي يحيط بالنَّاس في الأرض، وقد عمت البلوى، وامتدَّ الهَرج والمرج، وكثرت الزَّلازل والبراكين والفياضانات، وماجَتْ دماء المَجازر، وهاجَتْ أعاصير الفِتَن، واستبدَّ الظلم والفساد والعُدْوان.

 

شهر رمضان المبارك أعظم الشُّهور، ففيه وقعَتْ أعظم الأحداث وأكثرها خيرًا وبركةً على النَّاس، على مرِّ العصور، مع توالي الأنبياء والمرسلين؛ فقد أُنزِلت الكتب الإلهيَّة على الأنبياء والمرسلين في هذا الشهر؛ فعن وائلة بن الأسقع أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أُنزلت صحفُ إبراهيم في أوَّل ليلة من رمضان، وأُنزلت التوراة لستٍّ مضَيْن من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلَتْ من رمضان، وأَنزل الله القرآنَ لأربع وعشرين خلَتْ من رمضان))؛ أخرجه الإمام أحمد[1].

 

وقد أُنزِلت الصُّحف والتوراة والزَّبور والإنجيل، كلٌّ منها أُنزِل جملة واحدة على النبيِّ الذي أُنزِل عليه، وأمَّا القرآن الكريم فقد أُنزِل إلى بيت العزَّة من السماء الدُّنيا جملة واحدة في شهر رمضان في ليلة القَدْر، ثمَّ أُنزل بعد ذلك مفرَّقًا حسب الوقائع على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - في ثلاث وعشرين سنة:

 

﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1].

 

﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ﴾ [الدخان: 3].

 

وكذلك: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴾ [الفرقان: 32].

 

وأيُّ خير لدى البشريَّة كلِّها أعظم من نزول الكُتُب الإلهيَّة على الأنبياء والمرسلين، وأيُّ خير أعظم من نزول القرآن الكريم هدًى للنَّاس كافَّة، وآياتٍ بيِّنات من الهدى والفرقان؟!

 

وأيّ نعمة أعظم على النَّاس من أن يُفرَق بين الحقِّ والباطل بآيات بيِّنات، ويُخْرَجَ الناس من الظلمات إلى النُّور بإذن ربِّهم؟!

 

وأيّ ليلة أعظم من ليلة القدر؟!

 

﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 3 - 5].

 

﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الدخان: 3 - 6]

 

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أتاكُم شهر رمضان، شهرٌ مبارَك، فرضَ الله عليكم صيامَه، تُفتَّح فيه أبواب الجنَّة، وتُغلَّق فيه أبواب الجحيم، وتُغَلُّ فيه مردة الشياطين، وفيه ليلة خيرٌ من ألف شهر، مَن حُرِم خيرها فقد حُرِم))؛ أخرجه أحمد والنَّسائي والبيهقي[2].

 

وعنه أيضًا: إنَّ الله تعالى يقول:

((إنَّ الصوم لي وأنا أَجزي به، إنَّ للصائم فرحتين، إذا أفطر فَرِح، وإذا لقي الله تعالى فجَزاه فرح، والذي نَفْسُ محمَّدٍ بيده لَخُلوف فم الصَّائم أطيَبُ عند الله من ريح المسك))؛ أخرجه مسلمٌ وأحمد والنَّسائي[3].

 

وعنه أيضًا: ((إذا جاء رمضان فُتِّحت أبواب الجنَّة، وغُلِّقَت أبواب النَّار وسُلسلت - صُفِّدَت - الشَّياطين))؛ رواه الأربعة[4].

 

والأحاديث الشَّريفة عن فضل شهر رمضان كثيرة، تكشف لنا عظَمةَ هذا الشَّهر وخيْرَه وبركته على من التزَمه صيامًا وقيامًا وآدابًا، فيعتق الكثيرون من النَّار وتغفر ذنوبهم.

 

فعن أبي هُرَيرة - رضي الله عنه - عن النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَنْ صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر))؛ أخرجه الشيخان وأحمد[5].

 

ولقد وقعَتْ أحداث هامَّة ومعارِكُ فاصلة في حياة المسلمين في شهر رمضان المبارك؛ ففيه كانت غزوة بدرٍ الكبرى في السَّنة الثانية من الهجرة، وفتح مَكَّة سنة ثمان، وأسلمَتْ ثقيف في رمضان بعد قدوم الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - من تبوك، وكذلك كانت معركة "بلاط الشهداء" سنة 411 هـ في شهر رمضان، وكان "فَتْح عمُّوريَّة" في هذا الشهر المبارك سنة 223هـ.

 

والأحداث كثيرة في التاريخ الإسلاميّ، تنبئ أنَّ شهر رمضان لم يكن شهر راحةٍ واسترخاء، لقد كان شهرًا جامعًا لأنواع الجهاد الذي شرعه الله لعباده المؤمنين؛ فالصِّيام جهاد النَّفْس ومُجاهدتها، وكذلك قيام اللَّيل، ومجاهدة النَّفس هي أول أبواب الجهاد في حياة المسلم، جهاد يمتدُّ معه في حياته كلِّها وميادينه كلّها؛ ولذلك كان حديث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يرويه فضالة بن عبيد - رضي الله عنه -: ((المُجاهد مَنْ جَاهد نفسه في الله))؛ أخرجه أحمد والترمذي وابن حبَّان[6].

 

ويَمتدُّ الجهاد في شهر رمضان المبارك ليبلغ بَذْل المال والنَّفْس في سبيل الله في مجاهدة أعداء الله، فما كان شهر رمضان معطِّلاً لطاقةٍ من طاقات المسلمين في شتَّى الميادين، وإنَّما كان يُطْلِق طاقات المؤمنين على صراطٍ مستقيم بيَّنه الله لهم وفصَّله، وجعله سبيلاً واحدة، وصراطًا مستقيمًا؛ حتَّى لا يضلَّ عنه أحدٌ إلاَّ الكافرون والمنافقون.

 

وكان أداء الشَّعائر في شهر رمضان والوفاء بها - فرائِضَ ونوافل، ليلاً ونهارًا - يُنمِّي طاقات المؤمنين؛ لتنطلق في الأرض تبلِّغُ دعوة الله إلى الناس كافَّة، وتجاهد في سبيل الله؛ لتوفِّي بالأمانة التي حملَها الإنسان، والعبادة التي خُلِق لها، والخِلافة التي جُعِلَتْ له، والعمارة التي أُمِرَ بها ليعمر الأرض بحضارة الإيمان.

 

كان أداء الشَّعائر أساسًا حقيقيًّا يقوم عليه الوفاء بهذه المسؤوليَّات العظيمة في الأرض، والتكاليف الربَّانيَّة، كان المؤمنون يَعُون أنَّ تكاليف الإسلام لا تقف عند حدود الشَّعائر، ولكنَّ الشهادتين والشعائر تقيم الأركان التي يَنْهض عليها الإسلام وتكاليفه:

 

فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - عن الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقام الصَّلاة، وإيتاء الزَّكاة، وحجُّ البيت، وصوم رمضان))؛ رواه الشيخان وأحمد والترمذي والنسائي[7].

 

كان المؤمنون المتَّقون الصادقون يَعُون هذه الحقائق، ويعون أنَّهم لم يُخْلقوا عبثًا، وأنَّهم لن يُتركوا سُدًى، وأنَّ الله خلقهم لأداء مهمَّة عظيمة في الحياة الدُّنيا من خلال ابتلاء وتمحيص.

 

وكان فضل الله على عباده عظيمًا، حين فرضَ الشعائر على عباده المؤمنين؛ لتكون مَصْدر القوَّة والطاقة للانطلاق إلى المهمَّة العظيمة التي خَلق الله الإنسان لها، وجعل مع هذه الشعائر الممتدَّةِ مواسِمَ تتجدّد، وكان صيام شهر رمضان من أعظم هذه المواسم؛ صيامٌ يتجدَّد كلَّ سنة، مع نوافل في الصيام متجدِّدة كلَّ أسبوع أو كلَّ شهر، لتُغذِّي طاقة المؤمنين لينطلقوا في الأرض، يوفون بالأمانة والعبادة، والخِلافة والعمارة.

 

ولا يقف الأمر عند ذلك، ولكنَّه يمتدُّ إلى أمور رئيسةٍ عظيمة أخرى في حياة المسلمين بخاصَّة، وحياة البشريّة بعامّة، إنَّ أحكام صيام شهر رمضان المبارك تهدف - في جملةِ ما تهدف إليه - إلى إشعار المسلمين في الأرض كلِّها أنَّها أمَّةٌ مسلمة واحدة، تعبد ربًَّا واحدًا هو الله الذي لا إله إلاَّ هو، وتَدِين بدينٍ واحد؛ هو الإسلام الذي لا يقبل الله دينًا غيره، وتَمْضي على صراطٍ مستقيم مشرقٍ بالنُّور، بيِّنٍ بالآيات المفصَّلات، أمَّةً واحدةً رابطتها أُخوَّة الإيمان، الرابطة التي لا تعدِلُها رابطةٌ في ميزان الإسلام: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ... ﴾ [الحجرات: 10].

 

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((المسلم أخو المسلم؛ لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله، كلُّ المسلم على المسلم حرامٌ؛ عِرْضه وماله ودَمُه، التَّقوى ها هنا - وأشار إلى القلب - بِحَسْب امرئٍ من الشرِّ أنْ يَحْقِر أخاه المسلم))؛ أخرجه الترمذي[8].

 

وتَتوالى الآياتُ الكريمة والأحاديث الشَّريفة لتؤكِّد هذه الحقيقة الهامَّة والقضيَّة الخطيرة في حياة البشريَّة كلِّها، وتأتي الأركانُ الخمسة - الشهادتان، والشَّعائر - لتؤكِّد كلُّ واحدة منها هذه الحقيقة الهامَّة، مع سائر الحقائق الضروريَّة للمسلمين وللنَّاس كافَّة.

 

وقيام الأمَّة المسلِمة الواحدة في الأرض صفًّا واحدًا كالبُنيان المرصوص ضرورة أساسيَّة للوفاء بتبليغ رسالة الله إلى النَّاس كافَّة، ودعوتهم إلى الإيمان والتَّوحيد، وإلى دين الله كما أُنزِل على محمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

إنَّ تبليغ هذه الرِّسالة العظيمة، ودعوة النَّاس إليها، وتعهُّدهم عليها، أصبح فرضًا على الأمَّة المسلمة على كلِّ مسلم قادرٍ وعلى الأمة كلِّها، ولا يفلح المسلم، ولا الأمَّة بهذه القضيَّة، إلا إذا كان المسلمون أمَّة واحدة صفًّا كالبنيان المرصوص.

 

﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144].

 

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104].

 

وكذلك: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ﴾ [الصف: 4].

 

إشراقة شهر رمَضان المبارك تَحْمِل في كلِّ سنة معانِيَ كثيرة، وحقائقَ هامَّة من حقائق الإسلام الكبيرة، ونُشِير في هذه الكلمة الموجَزة إلى الحقائق التي أوجَزْناها:

• الأمَّة المسلمة الواحدة صفٌّ واحد كالبُنْيان المرصوص.

 

• تبليغ دعوة الله إلى النّاس كافَّة، كما أُنزلت على محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

• إنَّ قيام الأمة المسلمة الواحدة، وتبليغ رسالة الله للنَّاس كافَّة، حاجةٌ بشريَّة، وضرورة لصلاح حياة الإنسان على الأرض.

 

وهي ضرورةٌ لِنَجاة المسلم والإنسان عامَّة من فتنة الدُّنيا وعذاب الآخرة.

 

إنَّ شهر رمضان المبارك يذكِّرنا بهذه الحقائق كلَّ عام، كما تذكِّرُنا بها سائرُ الشَّعائر، والشهادتان.

 

فما بال المسلمين اليوم تفرّقوا شِيَعًا وفِرَقًا وأقطارًا؟! وما بالهم تمزَّقوا في صراع لا يرضاه الله ولا يأذن به؟!

 

لقد تحوَّل كثيرٌ من قواعد الإسلام إلى صورةٍ جديدة لَم يألفها الإسلامُ الذي جاء به محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا يرضاها؛ فلقد تحوَّل شهر رمضان إلى شهر موائد وطعام، وتزاحُمٍ على ذلك، وإلى التمسُّك بالنَّوافل، وتَرْكِ بعض الفرائض! وارتخَتِ العزائم، وغاب الكثيرون في غفوة شديدة، وعلَت الشِّعارات، وبُحَّت بها الحناجر، ودوَّتْ بها الساحات والمهرجانات، ولَم تُدوِّ بها الوقائع والأحداث.

 

نحتفل اليوم بإقبال شهر رمضان المبارك، وفلسطين تغيب وراء الأفق، ودماء المسلمين فوَّارة في الأرض تحت هدير المعتَدين الظَّالمين المجرمين، وأَشْلاء المسلمين وأعراضهم، وحرماتُهم وأموالهم منثورةٌ يتزاحم عليها المُجرمون.

 

يأتي شهرُ رمضان المبارك، كثيرون يتَسابقون إلى مواقف الاستِسْلام والاستخذاء لأعداء الله، كثيرون يلتَمِسون النَّصر من أعداء الله، أو مِن أوثان، أو من أوهام، في تمزُّقٍ وفُرْقة وشتات.

 

في الأيَّام الأخيرة من شهر شعبان، ترى الناس يتَسابقون إلى الأسواق، يختارون أطايِبَ الطَّعام للإفطار وللسُّحور، إنَّها القضيَّة التي تشغل بال الكثيرين، وعندما تدور الأحاديث عن شهر رمضان المبارك في بعض وسائل الإعلام في العالَم الإسلاميِّ، يَنْصبُّ كثيرٌ منه حول اختلاف الأطعمة من بلدٍ إلى بلد، وحول اختلاف العادات من بلد إلى بلد في الاحتفاء بشهر رمضان المبارك، العادات التي توارثها جيلٌ عن جيل في مراحل الوهن والضعف.

 

كثيرون مِمَّن ينتسبون إلى الإسلام يقضون ليالِيَ رمضان مع بعض الفضائيَّات، وبرامجها المتفلِّتة، وآخرون يقضونها في ألوانٍ أخرى من اللَّهو والضياع، وآخرون قد لا يصومون أو يصلُّون، ويَظلُّون يُصرُّون على أنَّهم من المسلمين.

 

يُقْبِل شهر رمضان المبارك، والمسلمون ليس لهم نَهْج ولا خُطَّة لمجابهة الواقع الأليم، إنَّما هي شعارات وأمانِيُّ وأوهام، من خلال الفرقة والتمزُّق والصِّراع.

 

لو أحصيت الذين يصلُّون الفجر أو أيَّ وقت آخر في العالم الإسلاميِّ كلِّه، وأحصَيت عدد الَّذين ينتسبون إلى الإسلام حسب الإحصائيَّات، لوجدتَ النسبة منخفضة جدًّا؛ فمَن يستفيد من هذه الملايين الضائعة من المنتسبين إلى الإسلام؟ إنَّ أعداء الله هم الذين يستفيدون من ذلك كلِّه، من خلال عمل منهجيٍّ دائب ليل نهار!

 

كان شهر رمضان المبارك يُقبل فيَجمع المسلمين أمَّة واحدة؛ في المساجد، وفي ميادين الجهاد، وفي البناء والعمل المتواصل، يَمْضون على صراطٍ مستقيم، يعرفون أهدافهم والدَّرب الذي يؤدِّي إلى الأهداف، واليوم تشعَّبَت السُّبل، وضاعَت الأهداف، وعُمِّيَتْ علينا الحقائق.

 

كان شهر رمضان المبارك يقبل، فيُبادر النَّاس كعادتهم بعد صلاة الفجر إلى العمل والسَّعي والبناء، واليوم يغلب النَّومُ على الكثيرين، فلا يستيقظون لِصلاة الفجر، ويمتدُّ بهم النَّوم إلى وقت متأخِّر من الضُّحى أو النهار كلِّه.

 

لقد تغيَّر واقع المسلمين؛ فعسى أن تَنهض العزائمُ مع إشراقة رمضان لاستئناف الحياة الصادقة، حياة بناء الأمة الواحدة، والصفِّ الواحد، حياة تبليغ الدَّعوة إلى النَّاس كافَّة، وبهذه المناسبة، ومع إطلالة شهر رمضان المبارك؛ أَقول هذه الأبيات:

 

رَمَضَانُ أَقْبِلْ! مُدَّ مِنْ
فَيْءٍ وَهَاتِ مِنَ الظِّلاَلِ

وَاسْكُبْ عَلَى فَمِيَ البَلاَ
لَ وَرَشْفَةَ الْمَاءِ الزُّلالِ

وَاسْقِ البَوَادِيَ مِنْ نَدَا
كَ وَمِنْ مَوَاطِرِكَ الثِّقَالِ

وَاطْوِ السَّرَابَ عَنِ الْجِِنَا
نِ عَنِ الْحُقُولِ عَنِ الرِّمَالِ

وَامْلَأْ بِنُورِكَ كُلَّ دَا
جِيَةٍ مُرَوّعَةِ الْخَيَالِ

فِي فَرْحَةٍ نَشَرَتْ عَلَى الدْ
ـدُنْيَا النَّدِيَّ مِنَ الأَمَالِي


[1] "المسند": 4/ 107، "الفتح الرباني": 48/ 46، "صحيح الجامع الصغير وزيادته": 1/ 1497.

[2] "صحيح الجامع الصغير وزيادته": (ط: 30) ( رقم: 55).

[3] المرجع السابق: (رقم: 1907).

[4] "صحيح الجامع الصغير وزيادته": (ط: 30) ( الرقم: 471)، أحمد، "المسند": 2/

[5] "أحمد": 5/ 4 - 5، 9/ 219 - 220، "صحيح الجامع الصغير وزيادته": (ط: 30) (رقم: 6326).

[6] أحمد: "المسند": 6/ 22، "الفتح": 14/ 10 - 11، "صحيح الجامع الصغير وزيادته": (ط: 3) (رقم: 6679).

[7] "صحيح الجامع الصغير وزيادته"، (ط: 3) (رقم 2840).

[8] "صحيح الترمذي": البر والصلة: 18/ 1927، "صحيح الجامع الصغير وزيادته": (ط: 3) (رقم: 6706).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة آخر جمعة من رمضان
  • ماذا بعد رمضان؟
  • كيف تنجح في رمضان؟
  • أحكام رمضان.. الواجبات والمحظورات
  • رمضان ومبدأ الاستعداد
  • أقبل رمضان الخير
  • خواطر عن رمضان
  • استقبال شهر رمضان
  • عقود اللؤلؤ والمرجان في وظائف شهر رمضان
  • رمضان يبني القيم
  • شهر رمضان المبارك (قصيدة)
  • شدة الحر واستقبال رمضان
  • نظرات في واقع المسلمين (1)
  • رمضان وأحداث المسلمين منهج عمل
  • خصائص شهر رمضان المبارك ومزاياه

مختارات من الشبكة

  • صيام التطوع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من آداب الصيام: صيام ستة أيام من شوال بعد صيام شهر رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أجوبة مختصرة حول أحكام صيام التطوع(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحكام متفرقة في الصيام(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحكام صيام التطوع(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام الأحد والاثنين والخميس والجمعة(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام السبت(مقالة - ملفات خاصة)
  • من صيام التطوع: صيام أيام البيض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل صيام الست من شوال: صيام الدهر كله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صيام الجوارح صيام لا ينتهي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب