• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

رمضان أقبل فأقبلوا (خطبة)

رمضان أقبل فأقبلوا (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/3/2025 ميلادي - 3/9/1446 هجري

الزيارات: 7616

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رمضان أقبلَ فأقبِلوا

 

الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ العليِّ الكبيرِ، العزيزِ القديرِ، ﴿ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [غافر:3]، ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى:11]، ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير ﴾ [الأنعام:73]، ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ﴾ [فاطر:13].. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، ﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الحديد:2].. وأشهدُ أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه، ومصطفاه وخليله، البشيرُ النذيرُ، والسراجُ المُنيرُ.. صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبهِ المغاويرِ، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم المصير..

 

أما بعد: فأُوصِيكم أيُّها الناس ونفسي بتقوَى الله، فاتَّقوا الله رحمكم الله، فالميزانُ عند الله الأتقَى، وليس الأغنَى ولا الأقوى.. واعلموا أن اللهَ إنما أخفىَ القبول، لِتَبقَى القلوبُ على وجَل، وأبقى بابَ التوبةِ مفتوحًا، لِيبقَى العبدُ على أمَل، وجعَلَ العِبرةَ بالخواتيم، لئلا يغترَّ أحدٌ بالعمل، ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود: 112]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: معلومٌ أنَّ شهرَ رمضانَ المبارك، هو أعظمُ مواسِمِ المؤمنِ وأغلاها، وأفضلِها وأعلاها، وأشرفِها وأزكَاها.. إنهُ موسمٌ نفيسٌ جليل، ليسَ لهُ في المواسمِ شبيهٌ ولا مثيل.. فأهنِئكم أحبتي في الله ونفسي بقربِ حلوله.. وأسألهُ جلّ وعلا أن يبلغنا إياهُ على أحسن حال، وأن يعيننا على ما يجبُّ ما الأقوال والأعمال، ثم أبشركم كما كانَ المصطفى صلى الله عليه وسلم يبشرُ أصحابه فيقول: "أتاكم رمضان، شهرٌ مبارك، فرضَ اللهُ عليكم صيامه، تُفتحُ فيه أبوابُ السماء، وتُغلَّقُ فيه أبوابُ الجحيم، وتُغلُّ فيه مردةُ الشياطين، للهِ فيه ليلهٌ خيرٌ من ألف شهر، من حُرمَ خيرها فقد حُرم".. ويقول صلى الله عليه وسلم: "أتاكُم شهرُ رمضان، شهرُ بركةٍ، يغشاكُمُ الله فيه برحمتِه، ويحُطُّ الخطايا، ويستجيبُ الدعاءَ، ينظرُ إلى تنافُسِكُم فيه، ويُباهي بِكُم ملائكتَه، فَأروا الله مِن أنفُسَكُم خيرًا، فإن الشقيَّ من حُرِمَ رحمَة الله".. إنها يا عباد الله بِشاراتٌ عظيمةٌ.. وحُقَّ للمؤمن أن يُبشرَ بشهرٍ مُليءَ بالخيرات والبركات، تتزَّلُ فيه النّفحاتُ والرّحمات، وتتضَاعفُ فيه الحسناتُ والدّرجات.. حُقَّ للمؤمن أن يُبشرَ بليلةٍ تميزت بأنها خيرٌ من ثمانين سنة، من حُرمَ خيرها فهو المحروم حقًا.. حُقَّ والله للمؤمن أن يُبشرَ بموسمٍ عجيب، تتزايدُ فيه فُرصُ الربحِ والنّجاح، وتكثرُ فيه المحفزاتُ والمرغبات، وتُزالُ عنهُ المعوقاتُ والمثبطات.. فَمَرَدَةُ الشياطينِ قد صُفِّدت، وسحائِبُ الإيمانِ قد هبَّت وأقبلت، وبيوتُ اللهِ قد ازدانت وتهيَّئت، والنفوسُ قد تشوَّقت وترقَّبت.. فما أعظمَ فضلَ اللهِ وكرمهُ، وما أعظم ما يقدمهُ لنا رمضان من فُرصةٍ غاليةٍ ثمينة.. ويا له من عاقلٍ موفق: من يقْدِرُ لرمضان قدْرَه، ويعرفُ له شرفَهُ وفضلَه، ومن ثمَّ يستقبِلهُ أحسنَ استقبال، ويفرحَ بقدومه غاية الفرح، ويستعِدَّ له أحسنَ استعداد، ويُقبِلَ عليه أفضلَ إقبال..

 

فمرحبًا برمضان، شهرُ الخيرِ والبركةِ والإحسان، شهرُ التقوى والهدى والإيمان، شهرُ الصيامِ والقيامِ والقرآن، شهرُ التوبةِ والأوبةِ والغُفرانِ، شهرُ الرحمةِ والعفوِ والعتقِ من النيران، في الحديث الصحيح، قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: "من صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفرَ لهُ ما تقدمَ من ذنبه"، و"من قامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفرَ لهُ ما تقدمَ من ذنبه"، و"من قامَ ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا غُفرَ له ما تقدمَ من ذنبه".. مرحبًا برمضان، شهرُ القُربِ والطاعة، شهرُ الفرجِ والشّفاعة.. ففي الحديثٍ الصحيح، يقولُ النبي صلى الله عليه وسلم: "الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبد يومَ القيامةِ، يقولُ الصيامُ: أي ربِّ منعتهُ الطعامَ والشهواتِ بالنَّهار فشفعني فيه، ويقولُ القرآنُ: منعتهُ النومَ بالليل فشفعني فيه، قال: فيُشَفَّعان".. مرحبًا وحيا هلًا برمضان، شهرُ الفرحةِ والبهجة.. ففي صحيح مُسلمٍ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "للصائم فرحتانِ يفرحهما: إذا أفطرَ فرحَ بفطره، وإذا لقي ربهُ فرحَ بصومه".. مرحبًا وأهلًا وسهلًا برمضان، شهرُ الكرمِ والعطاء، شهرُ إجابة الدعاء.. ففي الحديث الصحيح، يقولُ النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاثُ دعواتٍ مُستجاباتٍ: دعوةُ الصائم، ودعوةُ المظلوم، ودعوةُ المسافر"..

 

مرحبًا وأهلًا برمضان، شهرُ الصبرِ والإخلاص، شهرُ الفضلِ والاختصاص، ففي فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ المتفق عليه: "كُلُّ عملِ ابن آدمَ يُضاعفُ، الحسنةُ بعشر أمثالها إلى سُبعمائةِ ضعفٍ، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: إلا الصوم، فإنهُ لي وأنا أجزي بهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي».. فما بالكم بفريضة يحبها الله تعالى، ويخْتَصَّهَا سُبْحَانَهُ بِجَزَاءِ لَا يعلم عِظمهُ وضخامتهُ إلا هو جلَّ وعلا؛ فَهُوَ جَزَاءٌ لَا يُحْصِيهِ عَدٌّ، وَلَا يَحُدُّهُ حَدٌّ، وَلَا يَخْطُرُ ببال أحد، (الصوم لي وأنا أجزي به)، وللمسلم أن يتساءل ولم خُصَّ الصّيامُ بذلك من بين سائر الأعمال، والجواب: أن الصوم عبادةٌ خفية، لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِا أحدٌ سِوَى الله، فلإخلاص فيها تامٌّ، ولأنّ الصائم إنما يَتْرُكُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ إِيثَارًا لِمَحَبَّةِ اللَّهِ وَرضَاه، فهو صبرٌ لله وفي سبيل الله، و﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر:10]..

 

ثم اعلموا يا عباد الله: أنكم جميعًا مدعوون دعوةً خاصةً في رمضان. ففي الحديث الصحيح، أنه هناك مُنادٍ يُنادي في كل ليلةٍ من ليالي رمضان: يا باغي الخير أقْبِل، ويا باغي الشر أقْصِر.. فيا قومنا أجيبوا داعي الله.. فواللهِ لو قيلَ لأهل القبورِ تمنّوا.. لتمنوا يومًا من رمضان..

 

ويا من كتب له أن يدركَ رمضان، استشعر قِيمةَ ما يوُهبُ لك، وإياك والتفريط والتراخي.. فإنها مُناسبةٌ غاليةٌ ثمينة، وأوقاتٌ قيِّمةٌ نفيسةٌ، والسعيدُ الموفق من اغتنمها، وبالطاعات عَمرَها واستثمرَها.. واعلموا -أحبابي في الله- أنَّ اللهَ جلَّ جلالهُ يدعونا للمُسَابَقَةِ في الخيرات، والمُنَافَسَةِ في الطاعات: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة:148].. ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران:133].. و﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الحديد:21].. وَيقَولُ سبحانهُ وبحمده: ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ المُقَرَّبُونَ * في جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [الواقعة:10]..

 

وتَأَمَّلُوا يا عِبَادَ اللهِ، قَولَ رَبِّكُم جَلَّ في علاه: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ﴾ [البقرة:245]، لِتَعلَمُوا أَنَّه سبحانه يستَقرَضَكُم أَموَالَكُم، ويستقرضكم أَعمَارَكُم، ويستقرضكم أَعمَالَكُم، لِيُوَفِّيَكُم أَجَورَكُم أضعافًا مضاعفة.. فَاتَّقُوا اللهَ عباد الله، وَاستَعِدُّوا لرمضان، وَاعقُدُوا العَزمَ عَلَى المُتَاجَرَةِ مَعَ اللهِ بِأَحسَنِ مَا تَجِدُونَ، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقنَاهُم سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرجُونَ تِجَارَةً لَن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُم أُجُورَهُم وَيَزِيدَهُم مِن فَضلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر:29]..

 

أقول ما تسمعون...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى،

 

أما بعد: فاتقوا الله وكونوا مع الصادقين، ومن ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر:18]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: مَا مِنْ عَبْدٍ يرجو ما عند اللَّهَ تَعَالَى إِلَّا وَهُوَ يَتَمَنَّى أَنْ يُقْبَلَ أعَمَالُهُ، وَيُشْكَرَ سَعْيُهُ، فَمَنْ أَرَادَ الْقَبُولَ لأَيِّ طاعةٍ يَعْمَلُهُا (كالصيام مثلًا)، فهناك ستةَ أمورٍ عَلَيْهِ أَنْ يحرص عليها ويهتم بها غاية الاهتمام:

أَوَّلُهَا: الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ تَعَالَى في عمله؛ فالإخلاص هو الأساس، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة:5]، وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، وَ«مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ..

 

وَثَانِيهَا: الاجتهاد والنُّصحُ لِلَّهِ تَعَالَى فِيما يقوم به من طاعة وعبادة، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ. قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ».. ومن ذلك: إِتْقَانُ الْعَمَلِ وإتمامه وحَفِظَهُ ممَّا يُبْطِلُهُ ويُنقصه، في الحديث الحسن، "إنَّ الله يُحبُ إذا عملَ أحدكُم عملًا أن يتقنهُ"..

 

وَثَالِثُهَا: المُتَابَعَةُ لسُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾، وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي»، فَيَتَحَرَّى في عمله سُنَّةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَسْأَلُ عَنْهَا ويتعلّمها ويطبقها..

 

وَرَابِعُهَا: مُرَاقبةُ اللَّهِ تَعَالَى في عمله، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾، وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ..

 

وَخَامِسُهَا: اسْتِشعارُ مِنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ وهدايته له فِيمَا يَعْمَلُ؛ فَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي هَدَى الْعَبْدَ لِلْإِيمَانِ وَلِأَعْمَالِ البر والاحسان وَلَوْلَا فضلهُ وهدايته سُبْحَانَهُ لما فعل: قال تَعَالَى: ﴿ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم ﴾..

 

وَسَادِسُهَا: اسْتِشْعَارُ التَقْصِيرُ فِي كُلِّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ؛ لِعِلْمِهِ بِعَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الْعَبْدَ مَهْمَا عَمِلَ مِنَ الصَّالِحَاتِ فَلَنْ يصل لما يستحقه العظيم جل جلاله، قال تعالى: ﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾..

 

فعَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَضْبِطَ هَذِهِ الْأُمُورَ السِّتَّةَ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ يَعْمَلُهُ، وَيَجْتَهِدَ فِي تحقيقها لِيَكُونَ عَمَلُهُ أحرى بالقبول ومضاعفة الأجور..

 

ألا يا أهل الإيمان، فلنتق الله في رمضان، ولنتأمل هذه القصة البليغة يا عباد الله: فبينما كان الإمام مالك رحمه الله جالسًا في المسجد النبوي كعادته يدرس طلابه، وهم حوله يستمعون.. إذ مرَّ من أمام باب المسجدِ فيلٌ ضخم.. (وهو شيء لم يره أهل المدينة من قبل).. فقام جميع الطلاب مسرعين لكي يروْا الفيل عدا طالبٌ واحد، اسمه: يحيى الليثي.. فقال له الإمام مالك: لِمَ لَمْ تخرج معهم، ألا تريد أن ترى الفيل؟.. فقال يحيى: إنَّما قدمت المدينة لأرى مالكًا لا لأرى الفيل.. أأريتم أحبتي في الله: شخصٌ واحدًا فقط، هو من كان يعَلم لماذا أتى، وما هو هدفه وغايته، ولذلك لم تصرفه المغريات والملهيات.. ومن ثم فقد غدا ذلك الشخص عَلمًا من أعلام الأمة، وفقيه الاندلس الأول في زمانه، وشيخ المالكية في الشمال الأفريقي كله.. بينما لم يصل المنشغلون بالفيل إلى ما وصل إليه الامام يحيى الليثي.. وفي كل زمانٍ يتكرر الفيلُ بصورٍ مختلفة، وأشكالٍ متنوعة.. خصوصًا في رمضان.. فالقنوات والمسلسلات والأفلام والأغاني والمباريات، وغيرها من الملهيات، فيلة هذا الزمان.. فاحذروها يا عباد الله، لا تسلبنكم أشرف أوقاتكم.. ولا تعطلنكم عن أهدافكم وغاياتكم.. اجْتَنِبُوا كل ما يخدش صيامكم، وَاعْتَزِلُوا مالا يليق بكم، وتأملوا كيف امْتَدَحَ اللهُ تَعَالَى أناسًا من عِبَادَه، فقال عنهم: ﴿ والذين لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ [الفرقان:72]، وفي صحيح البخاري أنّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».. ولذا فقد كان السلفُ إذا صاموا قعدوا في المساجد وقالوا: نحفظُ صومنا)..

 

رمضانُ أيُّها الكرامُ، كما قالَ ربُّنا جلَّ وعلا: ﴿ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة:184].. فلنجِدَّ ونجتهِدَ في اغتنامها بالخيرات، ولنحاسب أنفسنا على ضياع الأوقات.. ألا ترونَ سُرعةَ الأَيَّام، وكيف تمضي سراعًا، فما أن يبدأ الشهرُ حتى قيل انتهى.. فاتقوا الله يا عباد الله، وحُثّوا حَزْمكم، وشدّوا عزمكم، وأروا الله خيرًا من أنفسكم، واصدقوا مع اللهَ يصدقكم، وجدوا واجتهدوا ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين ﴾ [العنكبوت:69]..

 

بلغني الله وإياكم رمضان، ووفقنا جميعًا للبر والتقوى والإحسان، وجعلنا دومًا من أهل الذكر والقرآن..

 

ويا ابن عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان...

 

اللهم صل على محمد..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رمضان أقبل فأقبلوا (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • علمني رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • رمضان أقبل.. فيا باغي الخير أقبل(مقالة - ملفات خاصة)
  • استقبال رمضان(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • حال السلف في رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • "رمضان ليس من أجل رمضان، رمضان من أجل بقية السنة"(مقالة - ملفات خاصة)
  • رمضان الأخير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر(مقالة - ملفات خاصة)
  • فانوس رمضان ( قصة قصيرة )(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أقبل رمضان شهر السمو الروحي(مقالة - ملفات خاصة)
  • يا باغي الخير .. أقبل (2)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب