• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / فقه الصيام وأحكامه
علامة باركود

وجوب تعيين النية من الليل لصوم كل يوم واجب

وجوب تعيين النية من الليل لصوم كل يوم واجب
يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/3/2024 ميلادي - 7/9/1445 هجري

الزيارات: 1873

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وجوبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ مِنَ الَّليْلِ لِصَوْمِ كُلِّ يَوْمٍ واجِبٍ


قالَ الْمُصَنِّفُ –رَحِمَهُ اللهُ-: "وَيَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ مِنَ الَّليْلِ لِصَوْمِ كُلِّ يَوْمٍ واجِبٍ، لَا نِيَّةَ الْفَرَضِيَّةِ، وَيَصِحُّ النَّفْلُ بِنِيَّةٍ مِنَ النَّهارِ قَبْلَ الزَّوالِ وَبَعْدَهُ، وَلَوْ نَوَى إِنْ كانَ غَدًا مِنْ رَمَضانَ فَهُوَ فَرْضٌ لَمْ يُجْزِئُهُ، وَمَنْ نَوَى الْإِفْطارَ أَفْطَرَ".


ذَكَرَ –رَحِمَهُ اللهُ- هُنَا عَدَدًا مِنَ الْمَسائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّوْمِ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: حُكْمُ تَعْيِينِ النِّيَّةِ مِنَ اللَّيْلِ فِي الصَّوْمِ الْواجِبِ:

وَهَذَهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا فِي قَوْلِهِ –رَحِمَهُ اللهُ-: (وَيَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ مِنَ الَّليْلِ لِصَوْمِ كُلِّ يَوْمٍ واجِبٍ، لَا نِيَّةَ الْفَرَضِيَّةِ)؛ أي: يَـجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَعْتَقِدَ بِأَنَّهُ يَصومُ مِنْ رَمَضانَ، أَوْ مِنْ قَضائِهِ، أَوْ يَعْتَقِدَ صَوْمَ نَذْرٍ نَذَرَهُ؛ لِقَوْلِهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: «وَإِنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»[1]، وَلِـَما ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قالَ: «مَنْ لَمْ ‌يُبَيِّتِ ‌الصِّيَامَ ‌قَبْلَ ‌الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ»[2].

 

وَأَمَّا قَوْلُهُ: (لا نِيَّةَ الْفَريضَةِ) فالمقصود أنه لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ كَوْنَ الصَّوْمِ فَرْضًا؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُجْزِئُ عَنْهُ، وَيَكْفِي فِي نِيَّةِ الصَّوْمِ أَكْلٌ وَشُرْبٌ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ.

 

وَلَا يَضُرُّ لَوْ أَتَى بَعْدَ نِيَّةِ الصِّيَامِ بِمُنافٍ لِلصَّوْمِ كَالْأَكْلِ وَالْجِماعِ، ما دامَ أَنَّهُ لَـمْ يَدْخُلْ وَقْتُ الْإِمْساكِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ أَوَّلَ اللَّيْلِ، أَوْ وَسَطَهُ، أَوْ آخِرَهُ.

 

قال شَيْخُ الْإِسْلامِ –رَحِمَهُ اللهُ-: "وَمَنْ خَطَرَ بِقَلْبِهِ أَنَّهُ صائِمٌ غَدًا فَقَدْ نَوَى، وَالصَّائِمُ لَمَّا يَتَعَشَّى يَتَعَشَّى عَشاءَ مَنْ يُريدُ الصِّيَامَ؛ وَلِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ عَشاءِ لَيْلَةِ الْعيدِ وَلَيالي رَمَضان"[3].

 

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: هَلْ يَصِحُّ الصَّوْمُ بِدُونِ نِيَّةٍ؟

يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ –رَحِمَهُ اللهُ- أَنَّهُ لا يَصِحُّ الصَّوْمُ بِدونِ نِيَّةٍ؛ فَتَلْزَمُهُ النِّيَّةُ سَوَاء كَانَ الصَوْمُ واجِبًا أَوْ نَفْلًا.

 

وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنابِلَةِ[4]، وَمَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلاثَةِ: أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعيِّ[5]، بَلْ حُكِيَ فِيهِ الْإِجْماعُ[6].

 

ومِمَّا اسْتَدَلُّوا به:

• حديثُ: «إِنَّمَا الْأَعْمالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى»[7].

 

• وَلِأَنَّ الْعِباداتِ الْمَحْضَةَ كَالصَّلاةِ وَالصَّوْمِ تَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ[8].

 

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: حُكْمُ تَجْديدِ النِّيَّةِ لِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ رَمَضانَ:

اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ: هَلْ يَكْفِي لِصَوْمِ شَهْرِ رَمَضانَ نِيَّةٌ واحِدَةٌ فِي أَوَّلِهِ، أَمْ لا بُدَّ لِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ نِيَّةٍ خاصَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ؟

 

وَخِلافُهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِذاتِهَا؛ فَيُحْتاجُ إِلَى نِيَّةٍ خاصَّةٍ بِهِ.

وَهَذَا هُوَ الصَّحيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنابِلَةِ -كَمَا قَرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ-، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهورِ مِنَ: الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[9].

 

وَاسْتَدَلُّوا:

• بِحَديثِ حَفْصَةَ –رضي الله عنها- مَرْفوعًا: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَلَا صِيَامَ لَهُ»[10].


• وَلِأَنَّهُ صَوْمٌ فَرْضٌ فَافْتَقَرَ إِلَى النِّيَّةِ مِنَ اللَّيْلِ؛ كَالْقَضاءِ.

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُجْزِئُ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضانَ بِنِيَّةٍ واحِدَةٍ تَكونُ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَكَذا فِي كُلِّ صِيَامٍ مُتَتابِعٍ مِثْلُ كَفَّارَةِ الْجِماعِ فِي نَهارِ رَمَضانَ، وَهَذَا مَا لَـمْ يَقْطَعْهُ بِسَفَرٍ، أَوْ مَرَضٍ، أَوْ يَكونَ عَلَى حَالٍ يَجوزُ لَهُ الْفِطْرُ كَحَيْضٍ، أَوْ نِفاسٍ؛ فَيَلْزَمُهُ اسْتِئْنافُ النِّيَّةِ.


وَهَذَا الْقَوْلُ رِوايَةٌ عَنِ الْإِمامِ أَحْمَدَ، وَاخْتارَهَا جَماعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمالِكِيَّةِ، وَبِهِ قالَ: زُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ[11].


وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا فِي الصَّحيحَيْنِ مِنْ حَديثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قالَ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»[12]، وَهَذَا قَدْ نَوَى جَميعَ الشَّهْرِ، فَرَمَضانُ بِمَنْزِلَةِ عِبادَةٍ واحِدَةٍ.


وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلافِ: فِيمَا لَوْ نامَ مُكَلَّفٌ قَبْلَ الْغُروبِ إِلَى بَعْدِ الصُّبْحِ؛فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَـمْ يُبَيِّتْ نِيَّةَ الصَّوْمِ الْواجِبِ مِنَ اللَّيْلِ. وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي: يَصِحُّ صَوْمُهُ؛ لِأَنَّ رَمَضانَ بِمَنْزِلَةِ عِبادَةٍ واحِدَةٍ.

 

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: حُكْمُ تَعْيِينِ النِّيَّةِ مِنَ النَّهارِ فِي صَوْمِ النَّفْلِ:

هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي قَوْلِ الحَجَّاوِيِّ –رَحِمَهُ اللهُ-: (وَيَصِحُّ النَّفْلُ بِنِيَّةٍ مِنَ النَّهارِ قَبْلَ الزَّوالِ وَبَعْدَهُ).

 

وَهَذا لِحَديثِ عائِشَةَ –رضي الله عنها-: «دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ –صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ فَقُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ»،[13]. وَظاهِرُهُ: أَنَّهُ ابْتَدَأَ نِيَّةَ الصِّيَامِ حينَ سَأَلَ عَنِ الطَّعامِ.

 

قالَ فِي الرَّوْضِ: "وَيُحْكَمُ بِالصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ الْمُثابِ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِهِ"[14]؛ أي: يُثابُ وَيُؤْجَرُ مِنْ وَقْتِ النِّيَّةِ، لِعُمومِ قَوْلِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّمَا الْأَعْمالُ بِالنِّيَّاتِ»[15]، وَعَلَيْهِ فَمَا قَبْلَ النِّيَّةِ لَمْ يوجَدْ فِيهِ قَصْدُ الْقُرْبَةِ فَلَا يَقَعُ عِبادَةً.

 

فَإِذَا نَوَى عِنْدَ الزَّوالِ مَثَلًا فَأَجْرُهُ مِنْ حينِ نَوَى، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ[16]، وَهُوَ اخْتِيارُ شَيْخِ الْإِسْلامِ[17].

 

وَبِناءً عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يُقالُ: يُشْتَرَطُ لِصَوْمِ النَّفْلِ الْمُعَيَّنِ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ مِنَ اللَّيْلِ كَصِيَامِ سِتٍّ مِنْ شَوَّالَ وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ؟

 

الْجَوابُ: لَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ لَهُمْ فِي التَّفْريقِ بَيْنَ النَّفْلِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَإِنَّمَا أَطْلَقُوا، وَبِناءً عَلَى الْإِطْلاقِ فَيَسْتَوِيانِ فِي الْحُكْمِ؛ وَهُوَ عَدَمُ اشْتِراطِ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ. وَعَدَمُ اشْتِراطِهِمْ ذَلِكَ لا يَعْنِي إِتْيانَهُ بِالْمَطْلوبِ فِي النَّفْلِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّ اشْتِراطَ تَبْيِيتِ النَّيِّةِ لِأَجْلِ الصِّحَّةِ وَالْإِجْزاءِ، بَيْنَمَا صِيَامُ النَّفْلِ الْمُعَيَّنِ يَصِحُّ بِنِيَّةِ النَّهارِ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ مِنَ اللَّيْلِ، إِلَّا أَنَّ الثَّوابَ مُقْتَصِرٌ عَلَى بَقِيَّةِ يَوْمِهِ مِنْ حينِ نَوَى، فَلَا يَصْدُقُ عَلَى مَنْ نَوَى فِي النَّهارِ أَنَّهُ صامَ يَوْمًا كامِلًا، وَإِنَّمَا بَعْضَ يَوْمٍ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبادَةٌ، وَيُشْتَرَطُ لَهُ النِّيَّةُ، وَالشَّرْطُ يَسْبِقُ الْمَشْروطَ، فَتَبْدَأُ الْعِبادَةُ بَعْدَ وُجودِ شَرْطِهَا وَهُوَ هُنَا النِّيَّةُ، لِذَا مَنْ رامَ كامِلَ الْأَجْرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى النَّفْلِ الْمُعَيَّنِ فَتَكونُ النِّيَّةُ مِنَ اللَّيْلِ، وَهُوَ مَا قَرَّرَهُ الْأَصْحَابُ بِقَوْلِهِمْ: "يُحْكَمُ بِالصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ الْمُثابِ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِ النِّيَّةِ"[18]. وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ.

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُثابُ مِنْ أَوَّلِ النَّهارِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ الشَّرْعِيَّ لا بُدَّ أَنْ يَكونَ مِنْ أَوَّلِ النَّهارِ.

وَاخْتارَ هَذَا الْقَوْلَ الْقاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَأَبو الْخَطَّابِ فِي الْهِدايَةِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ[19]، وَاللهُ أَعْلَمُ.

 

الْمَسْأَلَةُ الْخامِسَةُ: حُكْمُ صَوْمِ مَنْ نَوَى إِنْ كانَ غَدًا مِنْ رَمَضانَ فَهُوَ فَرْضُهُ:

هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا –رَحِمَهُ اللهُ- فِي قَوْلِهِ: (وَلَوْ نَوَى إِنْ كانَ غَدًا مِنْ رَمَضانَ فَهُوَ فَرْضٌ لَمْ يُجْزِئْهُ)؛ أي: لَوْ قالَ: إِنْ كانَ غَدًا مِنْ رَمَضانَ فَأَنا صائِمٌ، أَوْ: فَهُوَ فَرْضِي، لَمْ يَصِحَّ؛ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ.

 

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلافٌ بَيْنَ الْعُلَماءِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لا يَصِحُّ وَلَا يُجْزِئُهُ لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالنِّيَّةِ.

وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ[20] كَمَا قَرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[21].

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ.

وَهَذَا رِوايَةٌ عَنِ الْإِمامِ أَحْمَدَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ مَعَ كَراهَتِهِ[22].

 

قالَ فِي الرَّوْضِ: "وَإِنْ قالَ ذَلِكَ لَيْلَةَ الثَّلاثِينَ مِنْ رَمَضانَ، فَقالَ: وَإِلَّا فَأَنَا مُفْطِرٌ، فَبَانَ مِنْ رَمَضانَ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ بَنَى عَلَى أَصْلٍ لَـمْ يَثْبُتْ زَوالُهُ"[23]. أَمَّا هَذا فَلَـْم يَبْنِ عَلَى أَصْلٍ؛ لِأَنَّهُ لَـمْ يَثْبُتْ زَوالُ شَهْرِ شَعْبانَ.

 

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: حُكْمُ مَنْ نَوَى الْإِفْطارَ:

هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ نَوَى الْإِفْطارَ أَفْطَرَ)؛ أي: انْقَطَعَتْ نِيَّةُ الصَّوْمِ، وَصارَ كَمَنْ لَـْم يَنْوِ، وَلَيْسَ كَمَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ. فَإِنْ كانَ فِي نَفْلٍ فَقَطَعَ نِيَّةَ الصِّيَامِ ثُمَّ عادَ وَنَواهُ جازَ، وَكَذَا لَوْ كانَ صَوْمُهُ عَنْ نَذْرٍ، أَوْ كَفَّارَةٍ، أَوْ قَضاءٍ، فَقَطَعَ نِيَّتَهُ ثُمَّ نَواهُ نَفْلًا جازَ.

 

وَقْدِ اخْتَلَفَ الْعُلَماءُ فِي نِيَّةِ قَطْعِ الصِّيَامِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ مَنْ نَوَى الْإِفْطارَ بَطُلَ صَوْمُهُ.

وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمالِكِيَّةِ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[24].

 

قالوا: لِأَنَّهَا عِبادَةٌ مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ، فَفَسُدَتْ بِنِيِّةِ الْخُروجِ مِنْهَا؛ كَالصَّلاةِ.

 

الْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ.

وَهَذَا قالَ بِهِ ابْنُ حَامِدٍ، وَهُوَ رِوايَةٌ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ، وَقَوْلُ بَعْضِ الْمالِكِيَّةِ، وَوَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[25].

 

قالوا: لِأَنَّهَا عِبادَةٌ يَلْزَمُ الْمُضِيُّ فِي فاسَدِهَا؛ فَلَمْ تَفْسُدْ بِنِيَّةِ الْخُروجِ مِنْهَا؛ كَالْحَجِّ.

 

وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ: مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَمالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ -رحمهم الله-، وَمَا ذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ لا يَطَّرِدُ فِي غَيْرِ رَمَضانَ، وَلَا يَصِحُّ الْقِياسُ عَلَى الْحَجِّ؛ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ وَمُبْهَمَةٍ وَبِالنٍّيَّةِ عَنْ غَيْرِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَجُّهُ عَنْ نَفْسِهِ. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.



[1] أخرجه البخاري (1)، ومسلم (1907).

[2] أخرجه النسائي (2331، و2332)، واللفظ له. وأخرجه الترمذي (730)، وقال: "لا نعلم أحدًا رفعه إلا يحيى بن أيوب". وفي المسند (26500)، وسنن أبي داود (2454) رفعه أيضًا عبدالله بن لهيعة. وقال أبو داود: "رواه الليث، وإسحاق بن حازم أيضًا جميعًا عن عبدالله بن أبي بكر مثله، وأوقفه على حفصة: معمر، والزُّبيدي، وابن عيية، ويونس الأيلي كلهم عن الزهري".

[3] الفتاوى الكبرى (5/ 375).

[4] انظر: منتهى الإرادات (2/ 17)، والمغني (3/ 109)، والشرح الكبير (3/ 22).

[5] انظر: الهداية، للمرغيناني (1/ 118)، وفتح القدير، لابن الهمام (2/ 304)، ومواهب الجليل، للحطاب (3/ 336)، والمجموع للنووي (6/ 300).

[6] انظر: المغني (3/ 109).

[7] تقدم تخريجه.

[8] انظر: المغني (3/ 115).

[9] انظر: المبسوط (3/ 60)، والمهذب، للشيرازي (1/ 331)، والمغني، لابن قدامة (3/ 111).

[10] تقدم تخريجه.

[11] انظر: حاشية ابن عابدين (2/ 379)، والقوانين الفقهية (ص:80)، والمغني، لابن قدامة (3/ 111).

[12] تقدم تخريجه.

[13] أخرجه مسلم (1154).

[14] الروض المربع (ص: 230).

[15] تقدم تخريجه.

[16] انظر: الإنصاف للمرداوي (3/ 211).

[17] انظر: كتاب الصيام من شرح العمدة (1/ 193-194).

[18] المغني لابن قدامة (4/ 342).

[19] انظر: الهداية على مذهب الإمام أحمد (ص157)، والإنصاف، للمرداوي (7/ 405).

[20] انظر: الإنصاف، للمرداوي (7/ 399).

[21] انظر: المعونة على مذهب عالم المدينة (ص: 459، 460)، والمجموع، للنووي (6/ 294-296).

[22] انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (1/ 118)، والإنصاف، للمرداوي (7/ 399).

[23] الروض المربع (ص:230).

[24] انظر: التبصرة، للخمي (2/ 743)، وبحر المذهب، للروياني (3/ 234)، والإنصاف، للمرداوي (7/ 400).

[25] انظر: التبصرة، للخمي (2/ 743)، وبحر المذهب، للروياني (3/ 234)، والإنصاف، للمرداوي (7/ 401).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • (احتساب سبعين نية لصوم رمضان) من كتاب (بذل الجنان في احتساب سبعين نية لصوم رمضان: ج1)
  • بذل الجنان في احتساب سبعين نية لصوم رمضان (ج2)
  • بذل الجنان في احتساب سبعين نية لصوم رمضان (ج 3)
  • من مات وعليه صوم أو حج أو اعتكاف أو نذر استحب لوليه قضاؤه

مختارات من الشبكة

  • الحكمة من وجوب النفقة على الرجل(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • ما معنى حرف وجوب لوجوب ؟(استشارة - الاستشارات)
  • خطبة المسجد الحرام 12/9/1432هـ - وجوب تدبر القرآن(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • شروط وجوب الزكاة وحكم مانعها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شروط وجوب الصوم(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عن وجوب العدل في كل شيء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وجوب الدعوة على كل مسلم ومسلمة ( خطبة )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وجوب المبيت بمنى ليالي أيام التشريق، والترخيص في تركه لأهل السقاية(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • وجوب الزكاة على الدائن (PDF)(كتاب - موقع الشيخ دبيان محمد الدبيان)
  • وجوب دعاء الله تبارك وتعالى وأنه عبادة خالصة له(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب