• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

وقفات رمضانية (خطبة)

وقفات رمضانية (خطبة)
د. خالد بن حسن المالكي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/4/2022 ميلادي - 15/9/1443 هجري

الزيارات: 13993

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقفات رمضانية (خطبة)[1][2]

 

الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمَده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يَهده الله فلا مُضل له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

 

أما بعد:

فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِلَّهِ عُتَقَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ".

الله أكبر، كم لله من عتقاء، كانوا في ذل المعصية فأخرجهم ربنا منها إلى عز الطاعة؛ ربنا فلك الحمد.

والله أكبر، كم لله من عتقاء، كانوا على شفا حفرة من النار، فأنقذهم الله برحمته منها، ربنا فلك الحمد.

والله أكبر، كم لله من عتقاء، كانوا في أسر الهوى والشيطان، فأصبحوا أحرارًا بشرف العبودية والإيمان، ربنا فلك الحمد.

 

فيا من أهلكت نفسك بالذنوب والمعاصي، الغنيمةَ الغنيمة في هذه الأيام الكريمة، فما منها عِوض، ومن يعتق فيها من النار، فقد فاز بالجائزة العظيمة.

 

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتاكم شهرُ رمضانَ، شهرٌ مبارَكٌ، فرض اللهُ عليكم صيامَه، تفتحُ فيه أبوابُ الجنَّةِ، وتُغلَق فيه أبوابُ الجحيم، وتُغَلُّ فيه مَرَدَةُ الشياطينِ، وفيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألف شهرٍ، من حُرِمَ خيرَها فقد حُرِمَ".

فأين المشمِّرون؟

 

أين خطاب الجنة؟

يا سلعة الرحمن لست رخيصةً
بل أنت غالية على الكسلان
يا سلعة الرحمن ليس ينالها
في الألف إلا واحد لا اثنان
يا سلعة الرحمن أين المشتري
فلقد عرضت بأيسر الأثمان
يا سلعة الرحمن هل من خاطبٍ
فالمهر قبل الموت ذو إمكان

 

فشدُّوا أحبتي الهممَ، واستنهضوا العزائم، فأيام شهرنا معدودات، وأوقاته كلها مباركات.

 

واعلموا حفظكم الله أن التقوى لبُّ صومكم، وثمرته التي لأجلها فرض الله تعالى علينا الصيام، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

 

والتقوى أحبتي هي ترك ما تهوى لأجل ما تخشى.

التقوى: هي ترك ما تهوى لأجل ما تخشى.

خَلِّ الذُنوبَ صَغيرَها
وَكَبيرَها فَهوَ التُقى
كُن فَوقَ ماشٍ فَوقَ أَر
ضِ الشَوكِ يَحذُرُ ما يَرى
لا تَحقِرَنَّ صَغيرَةً
إِنَّ الجِبالَ مِنَ الحَصى

 

فإن كنت أخي ممن يتكاسل عن صلاة الفجر جماعة، أو مبتلى بالتدخين، أو النظر المحرم، أو العشق، أو مشاهدة الأفلام والمسلسلات، أو سماع الأغاني والمعازف، أو مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في إعفاء اللحية، أو تقصير الثوب، أو غيرهما، أو كنتِ أختي ممن لا يلتزمْنَ بالحجابِ الشرعيِّ؛ فدونكم أحبتي شهر مبارك، تعظم فيه رحمة الله عز وجل، تعرضوا أحبتي لنفحات ربنا التواب الرحيم، أقبلوا على الله بقلوبكم: ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ﴾ [هود: 90].

 

وما خاب من أقبل على الله بصدق وإخلاص.

ولا تقنطوا أحبتي من رحمة الله، وإن بلغت ذنوبكم عنان السماء، فقد قال ربنا الرحمن سبحانه: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

 

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ، وَلَا أُبَالِي، يَا بْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا بْنَ آدَمَ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا، ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً".

 

اللهم إنا نتوب إليك فاقبلنا، اللهم أعتقنا من النار، اللَّهُمَّ إنا ظلمنا أنفسنا ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لنا مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وارحمنا إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

أحبتي الكرام، إن الصيام يربي على المراقبة، ومن راقب الله هداه وكفاه ووقاه، فما الذي يمنع الصائم عن الطعام وهو في غاية الجوع، والطعام أمامه، ولا يراه أحد من البشر، فلا يتناول منه شيئًا؟

 

بل ما الذي يمنعه عن الشراب، وهو في غاية العطش، والماء أمامه، ولا يراه أحد من الناس، فلا يمد يده إليه؟ أليس لأن الله يراه؟

 

أحبتي الكرام، إن استشعار الصائم لهذه المعاني العظيمة طريق ممهد - بعون الله تعالى وتوفيقه - لبلوغ أعلى مراتب الدين، وهي مرتبة الإحسان التي جاء ذكرها في حديث جبريل عليه السلام، وفيه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم، فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ، قَالَ: "أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ"، وفي رواية: "أَنْ تَخْشَى اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنَّكَ إِنْ لَا تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ".

 

اللهمَّ إِنَّا نسألُكَ خشْيَتَكَ في الغيبِ والشهادَةِ.

اللهم زدنا حياءً وخوفًا منك يا رب العالمين.

إذا ما خلوتَ الدهرَ يومًا فلا تقُل
خلوتُ ولكن قل علي رقيبُ
ولا تَحسبنَّ الله يغفل ساعةً
ولا أن ما تُخفيه عنه يغيبُ

 

فلنجعل أحبتي الكرام في شهرنا هذا وبقية عمرنا - طاعةَ الله لنا دثارًا، والخوف منه شعارًا، والإخلاص له زادًا، والصدق جُنَّةً، ومن استحيا من الله بلغه عالي المقامات، ورفيع المنازل.

 

أحبتي الكرام، إن رمضان شهر القرآن، والقرآن عنوان مجدنا، ومنبع عزِّنا، ومصدر فخرنا، فلنجدد أحبتي العلاقة معَ كتاب ربنا العزيز الذي ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42].

وَإِن كِتَابَ اللهِ أَوْثَقُ شَافِعٍ
وَأَغْنَى غَنَاءٍ وَاهِبًا مُتَفَضِّلَا
وَخَيْرُ جَلِيسٍ لاَ يُمَلُّ حَدِيثُهُ
وَتَرْدَادُهُ يَزْدَادُ فِيهِ تَجَملًا
وَحَيْثُ الْفَتى يَرْتَاعُ فِي ظُلُمَاتِهِ
مِنَ اْلقَبرِ يَلْقَاهُ سَنًا مُتَهَلِّلًا
هُنَالِكَ يَهْنِيهِ مَقِيلًا وَرَوْضَةً
وَمِنْ أَجْلِهِ فِي ذِرْوَةِ الْعِز يُجْتُلَى
يُنَاشِدُ في إرْضَائِهِ لحبِيِبِهِ
وَأَجْدِرْ بِهِ سُؤْلًا إلَيْهِ مُوَصِّلَا

 

أحبتي الكرام، لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتدارس القرآن "في كل ليلة من رمضان" معَ جبريل عليه السلام، فعن ابن عباس قال: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ، فيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ.

 

وتأملوا - رحمكم الله - أثرَ كلام الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف جادت يده صلى الله عليه وسلم بالعطاء، وهو أجود الناس - بأبي هو وأمي - حتى كان بعد مدارسته القرآن مع جبريل عليه السلام أجودَ بالخير من الريح المرسلة.

 

لتعلموا بذلك - أحبتي - أن الحسنة تأتي بأختها، وأن الكرم قرينُ الكتاب الكريم، وأن رمضان شهر مواساةِ المعدَمين، وإطعامِ المساكين؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن فطَّرَ صائمًا كانَ لَهُ مثلُ أجرِهِ، غيرَ أنَّهُ لا ينقُصُ من أجرِ الصَّائمِ شيئًا".

 

والسؤال لكم أحبتي الكرام، كم صائمًا فطرتم منذ بداية شهر الجود والإحسان؟

وكم صائمًا تنوون تفطيره فيما تبقى من أيام الشهر المعدودات؟

لتجد أيديكم أحبتي بالعطاء والفضل، أنفقوا أحبتي ولا تخشوا من ذي العرش إقلالًا.

قال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال رضي الله عنه: "أَنْفِقْ بلالُ ولا تَخْشَ من ذِي العرشِ إِقْلالًا".

 

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "من رَفَقَ بعبادِ الله رَفَقَ الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن جاد عليهم جاد الله عليه، ومن نفَعهم نفعه، ومن سترهم سترَه، ومن منَعهم خيره منعه خيره، ومن عامَل خلقه بصفةٍ عامَله الله بتلك الصِّفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله تعالى لعبده حسبَ ما يكون العبد لخلقه".

 

أحبتي الكرام، إن لم نصفح في رمضان، فمتى نصفح؟

قال السعدي رحمه الله تعالى: "فمن عفا عفا الله عنه، ومن صفح صفح الله عنه، ومن غفر غفر الله له، ومن عامل الله فيما يحب، وعامل عباده كما يحبون وينفعهم، نال محبة الله ومحبة عباده، واستوثَق له أمره".

 

قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].

اللهم قنا شحَّ أنفسنا، واجعلنا من المفلحين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

 

أَبْدَأُ بِاسْمِ اللهِ مُسْتَعِينَا
راضٍ به مدبرًا مُعِينَا
وَالْحَمْدُ لِلهِ كَمَا هَدَانَا
إِلَى سَبِيلِ الْحَق وَاجْتَبَانَا
أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَأَشْكُرُهْ
وَمِنْ مَسَاوِي عَمَلِي أَسْتَغْفِرُهْ
وَأَسْتَعِينُهُ عَلَى نَيْلِ الرِّضَا
وَأَسْتَمِدُّ لُطْفَهُ فِي مَا قَضَى
وَبَعْدُ إِنِّي بِالْيَقِينِ أَشْهَدُ
شَهَادَةَ الْإِخْلَاصِ أَنْ لَا يُعْبَدُ
بِالْحَق مَأْلُوهٌ سِوَى الرحْمَنِ
مَنْ جَلَّ عَنْ عَيْبٍ وَعَنْ نُقْصَانِ
وَأَن خَيْرَ خَلْقِهِ مُحَمدًا
مَنْ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى
رَسُولُهُ إِلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ
بِالنورِ وَالْهُدَى وَدِينِ الْحَق
صَلى عَلَيْهِ رَبُّنَا وَمَجَّدا
وَالْآلِ وَالصحْبِ دَوَامًا سَرْمَدَا

 

أما بعد:

فاعلموا - رحمكم الله – أن من الأمور المهمة التي ينبغي العناية بها في شهر رمضان: صلاة التراويح، فحافظوا أحبتي على هذه الصلاة العظيمة في كل ليلة من رمضان، ولا تنصرفوا منها حتى ينهي الإمام صلاته، فإنكم إن فعلتم ذلك أدركتم قيام رمضان كله، وأدركتم قيام ليلة القدر التي هي ﴿ خيرٌ من ألف شهرٍ ﴾، ومصداق ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الرَّجلَ إذا صلَّى معَ الإمامِ حتَّى ينصرفَ حُسبَ لَه قيامُ ليلةٍ".

 

اللهم وفِّقنا لصيام رمضان وقيامه إيمانًا واحتسابًا، ووفِّقنا لقيام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ".

 

واحرصوا - أحبتي الكرام - على تعويد الصغار على صيام رمضان؛ حتى يسهل عليهم الصوم عندما يكبرون، ولكم في النبي صلى الله عليه وسلم، وصحبه أسوة حسنة، فعن عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الْأَنْصَارِ الَّتِي حَوْلَ الْمَدِينَةِ: "مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ"، فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَنَصْنَعُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَنَذْهَبُ بِهِ مَعَنَا، فَإِذَا سَأَلُونَا الطَّعَامَ؛ أَعْطَيْنَاهُمُ اللُّعْبَةَ؛ تُلْهِيهِمْ حَتَّى يُتِمُّوا صَوْمَهُمْ.

 

وتذكَّروا - أحبتي - أن مشقة الطاعة تذهب ويبقى أثرها وثوابها، وأن لذة المعصية تذهب ويبقى شؤمها وعقابها، واستبشروا - أحبتي - وافرحوا بفضل الله تعالى وبرحمته؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ".

 

وقال تعالى: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].

 

وكانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا أفطرَ قالَ: "ذَهَبَ الظَّمأُ وابتلَّتِ العُروقُ وثبَتَ الأجرُ إن شاءَ اللَّهُ".

فهنيئًا لكم أيها الصائمون، ثبت أجركم إن شاء الله.

 

واحرصوا - أحبتي - على أداء عمرة في رمضان، فهي تعدل حجة مع إمام المرسلين، وخاتم النبيين، وسيد ولد آدم أجمعين، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لَمَّا رَجَعَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن حَجَّتِهِ قالَ لِأُمِّ سِنَانٍ الأنْصَارِيَّةِ: ما مَنَعَكِ مِنَ الحَجِّ؟ قالَتْ: أبو فُلَانٍ - تَعْنِي زَوْجَهَا - كانَ له نَاضِحَانِ، حَجَّ علَى أحَدِهِمَا، والآخَرُ يَسْقِي أرْضًا لَنَا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإنَّ عُمْرَةً في رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً مَعِي".

 

تقبل الله صيامكم وقيامكم ومدارستكم القرآن، وصدقاتكم وعمرتكم وسائر أعمالكم الصالحة.

اللهم ربَّنا لك الحمدُ حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه.

اللَّهُمَّ صَلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

اللهم أعنَّا على ذِكرك وشكرك وحسن عبادتك.

 

﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 128].

 

اللهم وفِّق أولي الأمر منا لكل طاعة وبر وإحسان، وجنِّبهم كل معصية وطغيان وكفران.

 

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].

 



[1] المرجع الرئيس لهذه الخطبة: برنامج "دقيقة رمضانية"، والذي تعرض حلقاته على قناة أكاديمية إتقان لتعليم القرآن، على الرابط التالي:

https://youtube.com/playlist?list=PLMs1030u4hsEHbE2ZfdjzHTDxpOmNaZ67

[2] أُلقيت هذه الخطبة يوم الجمعة 1443/09/07ه‍، بمسجد الإمام الذهبي - بحي النعيم بمدينة جدة - ويمكن مشاهدتها على الرابط التالي:

https://youtu.be/FJ6EwylHQ6Y





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقفات رمضانية
  • وقفات رمضانية (1) الموسم الرابع
  • وقفات رمضانية (2) الموسم الرابع
  • وقفات رمضانية (3) الموسم الرابع
  • وقفات رمضانية (5) الموسم الرابع

مختارات من الشبكة

  • رمضانيات (وقفات رمضانية)(كتاب - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (10)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (9)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (8)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (7)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (6)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (5)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (4)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (3)(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع القرآن: وقفة مع آية (2)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب