• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

مدرسة رمضان (خطبة)

الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/4/2021 ميلادي - 9/9/1442 هجري

الزيارات: 52774

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مدرسة رمضان


الحمد لله، ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 111].

 

و﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1].

 

وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، ولا ربَّ لنا سواه، ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 45].

 

والصلاةُ والسلامُ على من بعثهُ اللهُ تباركَ وتعالى هاديًا ومبشِّرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسِراجًا منيرًا، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبهِ وأتباعه، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.

 

أمّا بعدُ:

فأوصيكم أيها النّاس ونفسي بتقوى الله عزّ وجلَّ، فاتقوا الله رحمكم اللهُ ما اسْتطعتُم، واستدركوا بالتوبة ما أضعتم، وبادروا بالأعمال الصالحةِ ما فرَّطتم، نافسوا رحمكم اللهُ في معالي الرُّتَبِ، وغالبوا أهواءَ النفوسِ، فالفوزُ لمن غلَب، ففي مُحكم التنزيل: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾ [الشرح: 7، 8].

 

معاشر الصائمين الكرام:

أُهنئكم ونفسي بحلول هذا الشهر العظيم المبارك، الذي شرعهُ الحكيمُ العلَّام مدرسةً لأمَّةِ الإسلام، إنهُ بمثابة دورةٍ تدريبيَّةٍ مُكثَّفة ثلاثونَ يَومًا يتزوَّدُ فيها المسلمُ ما يُقوِّي إيمانهُ، وما يزكِّي أخلاقهُ، وما تصلحُ به أحوالهُ، يحركُ همَّتهُ ويقوي عزيمتهُ، ويزهِّدهُ في الدُّنيا، ويرغبهُ في الآخرةِ، ويعوِّدهُ على طاعة ربِّهِ وامتثالِ أوامرِهِ واجتناب نواهيهِ.

 

رمضانُ مدرسةٌ رائعةُ للتَّغيير نحو الأحسنِ والأفضل، والتحولِ إلى الأكملِ والأجمل، ففي داخلِ كلٍّ منَّا خيرٌ يجبُ أن ينمِّيه ويقوِّيه، وفيه كذلك شرٌّ يجبُ أن يتخلَّص منهُ ويقضي عليه، ومن لم يتقدَّم فهو لا شك يتقهقر، وفي محكم التنزيل: ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيرًا لِلْبَشَرِ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ﴾ [المدثر: 35 – 37].

 

نعم أيها الكرام:

رمضانُ المبارك وإن كان شهرًا واحدًا سريعُ الانقضاء، إلا أنه فترةٌ كافيةٌ للموفقين، كافيةٌ أن يربوا أنفسهم وَيَعودوها على الخير والبر، وَيِبنَوا فيها من القِيَم الحمِيْدَةِ، والسلوكياتِ الحسنة ما يُقوِّم أخلاقهم، ويُصلحُ أحوالهم، ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185].

 

ولابن مسعود رضي الله عنه مقولةٌ جميلة: تعودوا الخير، فإنَّما الخير عادة.

 

ألا وإن من أعظم دروسِ رمضانَ المبارك: الاستقامةُ على أمرِ الله جلَّ وعلا، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30]، وإذا كان كل المسلمين يقولون ربُّنا الله، فإن القليل منهم من يحقِّقُ الاستقامة على أمر الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ﴾، وقلة الاستقامة سببها ضعف التقوى، وضعف مراقبة الله في السرِّ والنجوى، فيأتى رمضانُ لينمِّيها في قلوبنا ويقويها، قال جلَّ وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لعلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

 

ومن أعظم دروس رَمَضَانَ:

تقويةُ المرَاقَبَةِ للهِ جلَّ وعلا، وما أدراك ما المراقبة، تصوروا يا عباد الله عظمةَ الأمرِ، فالصَائمُ يحَبَسَ نفسَهُ ثَلَاثُينَ يَومًا، يحبسها عن الملذاتِ والمباحات، وَلَو أُغرِيَ بأقوى الإغراءات على أنْ يقطع صومه بأكلٍ أو شُربٍ أو جمِّاعٍ حلالٍ لما فَعلَ ذلك أبدًا.. لم؟ لأنَّ التقوى التي في قلبه تقولُ له.. (إنَّ اللهَ يَرَى)، ولأنه يَوقِنُ بأن الجزاءَ العظيمَ ينتظرهُ في الدار الأُخرى، وَهَكذا أحبتي في الله.. كلَّما تَرَقَّى العبدُ في درجاتِ المراقبةِ، أَثْمَرَ ذلك إِقْبالًا على الخير، ونشاطًا في الطاعة، وبُعْدًا عن المحرماتِ، وخوفًا من الله وحياءً.. والحياءُ لا يأتي إلا بخير.

 

من أعظمِ دروسِ رمضان:

التحلِي بالصدق، وذلك لأن الصومَ عبادةٌ سِرِّية، محصورةٌ بين العبد وربه، لا يعلمُ حقيقتها وصدقَ العبدِ في أدائها إلا اللهُ جلَّ في علاه، ولذلك أضافَ اللهُ سبحانهُ وتعالى، أضافَ الصومَ إلى نفسهِ العليةِ، ففي صحيح مسلمٍ قال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إلى سَبْعمِئَة ضِعْفٍ، قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وَأَنَا أَجْزِي به، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِن أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فيه أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ.».. وإذا صدق المؤمن مع الله فسيصدُقَ مع سواهِ، في الحديث الصحيح: ولا يزالُ الرجلُ يصدقُ ويتحرى الصدقَ حتى يُكتب عند الله صِديقًا".. وفي محكم التنزيل: ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [الزمر: 33].

 

ومن أعظمِ دروسِ رمضانَ الصبر، فرمضانُ شهرُ الصبرِ والمصابرة، والصبرُ مفتاحُ النصر، والصبرُ مفتاحُ الفرج، والصبرُ خلقُ الأنبياء والمرسلين، قال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الأحقاف: 35]، وقد أوجب جلَّ وعلا محبتهُ ومعيتهُ للصابرين، فقال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146]، وقال تعالى: ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46]، وفي صحيح البخاري قال صلى الله عليه وسلم: "وما أُعطي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ من الصبر".. ولذا كان جزاءُ الصبر عظيمًا لا يُقدر بقدر، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]. وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 22].

 

وقال تعالى: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 96].. والصبر يا عباد الله من أعظم ما يُعين على أداء العبادة: قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45].. ولا يكونُ الفلاحُ في الدنيا ولا في الآخرة إلا بالصبر قال تعالى: ﴿وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 35].. فما أعظمك يا رمضان.

 

ومن دروسِ رمضانَ العظيمة:

التَّخلُّصُ من العاداتِ التي قيدت الكثير من الطاقات، وعطَّلتِ الكثيرَ من الانجازات.. فالكثيرُ منا لديه أمورٌ تعودَ عليها بالتكرار، ومن ثمَّ أصبحَ من الصعب عليهِ أن يتخلصَ منها وأن يتركها، فيأتي رمضانُ لكي يُغيِّر لنا جُلَّ عاداتِنا، ويُغيِّرَ لنا مواعيدَ نومنا واستيقاظنا، ومواعيدَ أكلنا وشربنا، ومواعيدَ ذهابنا ورجوعنا، يأتي رمضان ليُجبرَ المدمنَ على التدخيِن والقهوِة وغيرها من المشروبات، يُجبرهم على التخلِّي عنها أكثرَ من أربعةِ عشرَ ساعةً، ليعلم أنَّه قادرٌ على التخلي عنها نهائيًا لو عزمَ على ذلك، وهكذا الكثيرُ من العادات الضارةِ التي قد يقعُ البعضُ أسيرًا لها.. يأتي رمضانُ المبارك ليحرُّرَ الأنسانَ من أسرها.

 

من دروسِ رمضانَ العظيمة:

أنهُ يدرِّبُ النفسَ ويوطِّنُها على هجرِ المعاصي وتركِ الذنوب، يُؤكدُ هذا المعنى الهام، قولُ النبي عليه الصلاة والسلام: "من لم يدع قولَ الزورِ والعملَ به فليس للهِ حاجةٌ في أن يدعَ طعامهُ وشرابه" والحديث في البخاري، وقال عليه الصلاة والسلام: "ليس الصيامُ من الأكل والشربِ، إنما الصيامُ من اللهو والرفث"، فالصيامُ الذي لا يمنعكَ من المعاصي ليس بصيامٍ صحيح، والصيامُ الذي لا يمنعكَ من النظر إلى الحرامِ ولا من القولِ الحرامِ ولا من السبابِ والخصام، ولا يمنعكَ من الغيبة والنميمةِ والوقوع في الأعراضِ ليس بصيام صحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "الصيامُ جُنة فإذا كان يومُ صومِ أحدِكم فلا يرفُثْ، ولا يفسُقْ، ولا يجهلْ، فان سابَّهُ أحدٌ فليقل إني امرؤ صائِم) والحديث في البخاري ومسلم.

 

﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].

 

فبارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى..

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18].

 

معاشرَ الصائمينَ الكرام:

من دروسِ رمضانَ العظيمةِ:

أنهُ تكافلٌ وتراحم، وترابطٌ وتعاون، وشعورٌ بالآم المسلمين، وإحساسٌ بالمحرومين والمحتاجين.. ولذا فقد "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس وكانَ أجودَ ما يكونُ في رمضان، وكان أجودَ بالخير من الريح المرسلة"، وفي محكم التنزيل: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [البقرة: 245].

 

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "لو يعلم المتصدقُ حقّ العلم أن صدقتهُ تقعُ في (يد الله) قبل أن تقعَ في يد الفقير، لكانت لذّةُ المعطي وسعادتهُ، أكبرُ وأعظمُ من لذة الآخذِ وسعادتهِ..

 

من أعظمِ دروسِ رمضان:

معرفةُ قِيْمَةِ الْوَقْتِ، واسْتِثْمَارُ الدَّقَائِقِ ولو كانت قليلة، فَالصَّائِمُ يُسَابِقُ اللحظات بِنَفَائِسِ الطَّاعَّاتِ، ولَا يَخْرُجُ مِنْ طَاعَةٍ إلَّا ليدخلَ في طَاعةٍ أُخرى، يشغلُ نفسَهُ بالطاعات عَنِ الملْهِيات فضلًا عن المكروهات والمحرمات، لأنَّهُ يَسْتَيْقِنُ أّنَّها أيامٌ معدوداتٍ قليلات.. ويعلمُ أنَّ النَّفْسَ أمارةٌ بالسوء.. إنْ لمْ يشْغَلْهَا بالطَّاعَةِ شَغَلَتْه بِضِدِّهَا، ومن دُرَرِ الفَارُوْق رضي الله عنه يقول: "إِنِّي أَكْرَهُ للرَّجُلَ أنْ يكون سَبَهْلَلًا، لَا في أَمْرِ الآخِرَةٍ، وَلَا في أَمْرِ الدُنْيَا..

 

من أعظم دروسِ رمضان:

استشعارُ قيمةِ النِّعَمِ صغِيرِها قبلَ كبِيرِها، وكم للهِ من منَّنٍ عُظمى، وفضائل كبرى، ونعمِ لا تُعدُ ولا تُحصى.. لكنَّ الإنسانَ من طبعهِ أن يَغلِبَ عليه الجحودُ والنكران، أو التعودُ والنِّسيانِ.. فتراهُ كُلما تكرَّرَ عليه ورودُ النِّعمِ.. كلما قلَّ شعورُه بالجميل، ونقصَ امتنانهُ لمن أكرمهُ وتفضلَ عليه، فإذا جاءَ رمضانُ والصوم، أحيا فيه من جديد ذلك الشعورُ الأصيل النبيل، فحينَ يجوعُ ويعطش، ويُحرَمُ من المباحاتِ لساعاتٍ طويلة، ينشطُ في نفسهِ اسْتَشْعَارُ قيمةِ النِّعَمِ، ومن ثمَّ يتحركُ الإنسانُ نحو الخيرِ والإحسان.. ولقد كان نبي الله يوسفُ عليه السلام يكثرُ من صيامِ التطوعِ، فقيلَ له لمَ تجوعُ وأنت على خزائن الأرضِ، فقال: أخشى إن أنا شبعتُ أن أنسى الجائع".. وهكذا فعل عمر الفاروق رضي الله في عام الرمادة.. حتى قرقرت بطنه.. فقال لها قولته المشهورة.. قرقري أو لا تقرقري والله لا تشبعي حتى يشبع أطفال المسلمين..

 

ومن أعظم دروسِ رمضان:

حُسْنَ التَّأَسِّي والإتباع، فرمضانُ مَوْسِمٌ يَزْدَادُ فِيهِ الْمُؤْمِنُ ارْتِبَاطًا بِهَدْيِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. تَرَى الْصائم يَتَحَرَّى وَيَسْأَلُ كثيرًا، حِرصًا أن يَكُونَ صومُه كُلَّهُ وَفْقًا للْهَدْيِ النَّبَوِيِّ الْكَرِيمِ، تراه إذا وُضِعت السفرة أمامهُ مَلْيئة بِأَنواع الطَّعام، فلا يبدأُ إلا بالتمر تأسيًا واستجابةً لسُنةٍ مُستحبةٍ، وليست واجبة، وهكذا يُصبحُ الصائمُ عبدًا مُسْتسلمًا يُحركهُ الوحي والنَّصُ النبوي.. فَمَا أَروعَ أَنْ يَجْعَلَ الْمُسْلِمُ هَذَا الِاقْتِفَاءَ الجميل، والإتباعَ الحسنَ للسنن والمستحبات، مَنْهَجَهُ وديدنهُ فِي حَيَاتِهِ وأَحْوَالِهِ كُلِّهَا.. ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

 

فاتقوا الله عباد الله، وليكن هذا الموسم العظيم مَحَطَّةً إيمانية، ومدرسةً أخلاقية، ودورةً تربوية، تتزودون منها ما يقوِّي إيمانكم، ويقوِّمُ أخلاقكم، ويقربكم من خالقكم ومولاكم.

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت.....





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مدرسة رمضان
  • مدرسة رمضان والتغيير
  • المتخرجون من مدرسة رمضان
  • الاستمرار نحو التغيير بعد رمضان..
  • يعودون إلى مدارسهم عودا حميدا (خطبة)
  • مدرسة رمضان (1) (خطبة)
  • مدرسة رمضان (2) (خطبة)
  • مدرسة رمضان (3) (خطبة)
  • مدرسة رمضان (4) (خطبة)
  • مدرسة رمضان (5) (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • أهم المدارس اللسانية الغربية الحديثة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • المدرسة الإسلامية بمانشستر تصنف ضمن أفضل مدارس المدينة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • لمحة عن مدارسنا الأميرية ومدارس أوقافنا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • رمضان مدرسة لا تغلق أبوابها(مقالة - ملفات خاصة)
  • مرور 20 عاما على مدرسة كارديف الإسلامية بويلز(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مدرسة جامع السلطان امتداد لمدرسة الإمام أبي حنيفة (دورها وتعيين موقعها)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المدرسة البنيوية التقليدية (مدرسة جنيف) ومؤسسها دوسوسير(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الدور الحضاري للشعر العربي المعاصر - مدرسة الأصالة ومدرسة الحداثة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بلجيكا: السماح بالحجاب للمدرسات في المدارس(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الهند: اختيار مدرسة إسلامية واحدة فقط ضمن المدارس النموذجية(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب