• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / دروس رمضانية
علامة باركود

ليلة القدر فرصة العمر (درس رمضاني)

ليلة القدر فرصة العمر (درس رمضاني)
الشيخ أحمد علوان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/6/2016 ميلادي - 19/9/1437 هجري

الزيارات: 86522

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ليلة القدر فرصة العمر

(من دروس رمضان وأحكام الصيام)

للأئمة والدعاة


الحمد لله عالم السر والجهر، وقاصم الجبابرة بالعز والقهر، محصي قطرات الماء وهو يجري في النهر، فضَّل بعض المخلوقات على بعضٍ حتى أوقات الدهر ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3][1]، وبعد:

فإن مِن فضلِ الله على الصائمين القائمين: أن رزقهم ليلة القدر، فمَن فاته الخير في العشرين الأوائل، فليجدد العزم في العشر الأواخر؛ فإن فيها ليلة هي خير مِن ألف شهر، ولعظم وقدر ليلة القدر، أنزل الله سورة في القرآن، وسماها سورة القدر، قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾[القدر: 1 - 5].

قال أبو بكر الوراق: سميت ليلة القدر؛ لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر، على رسولٍ ذي قدر، لأمة لها قدر.

 

والمتأمل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن قيام رمضان، يرى أنه أفرده بحديث، فقال: ((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه))[2]، ثم أفرد قيام ليلة القدر بحديث، فقال: ((من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه))[3].

 

فضائل ليلة القدر:

الفضيلة الأولى: أن الله أنزل فيها القرآن مِن اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا، وجعله هدى للناس ومنهج حياة، كما أنه أنزل في الليل؛ لأنه زمان المناجاة، ومهبط النفحات، وفيه فراغ القلوب، وأفضل من النهار.

 

الفضيلة الثانية: الاستفهام عن الشيء يدل على التفخيم والتعظيم، فاستفهم بقوله: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 2].

 

الفضيلة الثالثة: هي خيرٌ من ألف شهر، وألف شهر يعدل: 83 سنة وأربعة أشهر، بل هي خير منها، وإذا قدرنا ساعات ليلةٍ بـ: 8 ساعات، فتكون الـ: 8 ساعات خيرًا مِن ألف شهر؛ أي: 8 ساعات خير من 83 سنة وأربعة أشهر، مع العلم أن مجموع 83 سنة وأربعة أشهر = 1000 شهر، و8 ساعات خير من 1000 شهر.

1000 شهر X 30 يوم= 30.000 يوم X 24 ساعة=720.000 ساعة.

أي: إن ليلة القدر - 8 ساعات - خيرٌ من 720.000 ساعة...تخيل هذا الثواب العظيم من الرب الكريم.

 

الفضيلة الرابعة: أخبرنا ربنا أن الملائكة تتنزل فيها، وعبر بقوله: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ ﴾ [القدر: 4]، فتمتلئ الأرضُ بهم حتى تضيق بهم، ثم قال: ﴿ وَالرُّوحُ فِيهَا ﴾ [القدر: 4]، وفيه تخصيص لجبريل؛ لشرفِه ومكانته.

 

الفضيلة الخامسة: وصفها بأنها سلام؛ لكثرة مَن يسلم فيها من الشرور والآثام.

قال أبو عثمان النهدي: كانوا يعظمون ثلاث عشراتٍ: العشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من المحرم[4].

لذا؛ كان قتادة - رحمه الله - يختم القرآن في كل سبع ليال مرة، فإذا دخل رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة، فإذا دخل العشر ختم في كل ليلة مرة.

 

اقتدِ بحبيبك صلى الله عليه وسلم:

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشرُ شدَّ مِئزره، وأحيا ليله، وأيقَظ أهله)[5].

وعن عطاءٍ، قال: دخلتُ أنا وعبيد بن عميرٍ على عائشة فقالت لعبيد بن عميرٍ: قد آن لك أن تزورنا، فقال: أقول يا أمَّه كما قال الأول: زُرْ غِبًّا، تَزْدَدْ حُبًّا، قال: فقالت: دعونا من رطانتكم هذه، قال ابن عميرٍ: أخبرينا بأعجب شيءٍ رأيتِه مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فسكتت، ثم قالت: لما كان ليلةٌ من الليالي، قال: ((يا عائشة، ذَرِيني أتعبَّد الليلة لربي))، قلت: والله إني لأحب قُربَك، وأحب ما سرك، قالت: فقام فتطهر، ثم قام يصلي، قالت: فلم يزل يبكي حتى بلَّ حجره، قالت: ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلَّ لحيته، قالت: ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلَّ الأرض، فجاء بلالٌ يؤذِنه بالصلاة، فلما رآه يبكي قال: يا رسول الله، لمَ تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم وما تأخر؟! قال: ((أفلا أكون عبدًا شكورًا، لقد نزلت عليَّ الليلة آيةٌ ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكر فيها: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [آل عمران: 190]"[6].

 

فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يترك الفراش ليقيم الليل، ويصف قدميه بين يدي ربه؛ حتى يحقق منزلة الشكر، فهل أنت مستعد لتشد مئزرك، ولتحيي ليلك، ولتوقظ أهلك؟!

 

كان أبو مسلم الخولاني قد علق سوطًا في مسجد بيته يخوف به نفسه، وكان يقول لنفسه: قومي؛ فوالله لأزحفن بك زحفًا حتى يكون الكلل منك لا مني، فإذا دخلت الفترة تناول سوطه وضرب به ساقه، ويقول: أنت أولى بالضرب من دابتي، وكان يقول: أيظن أصحاب محمد أن يستأثروا به دوننا، كلا، والله لنزاحمنَّهم عليه زحامًا؛ حتى يعلموا أنهم قد خلفوا وراءهم رجالًا[7].

يارجالَ الليلِ، جدوا
رُبَّ صوتٍ لا يُرَدُّ
لا يقوم الليلَ إلا
مَن له عزمٌ وجِدُّ

ولحبِّ ثابتٍ البناني للصلاة وقيام الليل، كان يقول: "اللهم إن كنت أذنت لأحدٍ أن يصلي لك في قبره، فأْذِنْ لي أن أصلي في قبري"[8].

 

عن عبدالله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((عجِب ربنا تبارك وتعالى من رجلين: من رجلٍ ثار من لحافه وفراشه من بين حيه وأهله إلى صلاته، فيقول الله لملائكته: يا ملائكتي، انظروا إلى عبدي هذا، قام من بين فراشه ولحافه من بين حيه وأهله إلى صلاته، رغبةً فيما عندي، وشفقةً مما عندي، ورجلٍ غزا في سبيل الله ففر أصحابه، وعلم ما عليه في الفرار، وما له في الرجوع، فرجع حتى أهريق دمه، فيقول الله لملائكته: انظروا إلى عبدي هذا، رجع رغبةً فيما عندي، وشفقةً مما عندي))[9].

 

وصية عملية:

إذا مضت عشرون من رمضان، فقد مضى الثلثان، وبقي الثلث، والثلث كبير وكثير؛ فاغتنِمِ الفرصةَ!

♦♦♦♦♦


السؤال الحادي والعشرون: زَيْدان، أحدهما: ذكر اسمه في القرآن، والآخر: جمَع القرآن، فمن هما؟

الجواب:

أما الأول الذي ذكر اسمه في القرآن، فهو: زيد بن حارثة رضي الله عنه.

والآخر الذي جمع القرآن، هو: زيد بن ثابت رضي الله عنه.

♦♦♦♦♦


خاطرة (بعد الفجر): آداب الجوار:

إن الجارَ له حق على جاره، ومن حقوقه أن يحسن إليه، ويشاركه أفراحه وأحزانه، ويفتقده إذا غاب، ويجيبه إذا دعاه، والإحسان إلى الجار وصية من الله؛ قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ ﴾ [النساء: 36]، ومِن السعادة أن يكون الجار صالحًا؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربعٌ من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء، وأربعٌ من الشقاوة: الجار السوء، والمرأة السوء، والمسكن الضيق، والمركب السوء))[10].

 

وللجوار آداب وأحكام، وهي:

1- أَحِبَّ لجارك ما تحب لنفسك:

عن أنسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده، لا يؤمن عبدٌ حتى يحب لجاره - أو قال: لأخيه - ما يحب لنفسه))[11].

عن عبدالله بن عمرٍو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خير الأصحاب عند الله خيرُهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره))[12].

وأراد جارٌ لأبي حمزة السكري أن يبيع داره، فقيل له: بكم؟ فقال: ألفين ثمن الدار، وألفين جوار أبي حمزة، قال: فبلغ ذلك أبا حمزة، فوجَّه إلى جاره بأربعة آلاف، فقال: لا تَبِعْ دارَك[13].

 

2- أحسِنْ إلى جارك:

عن أبي شريحٍ الخزاعي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِرِ، فليُحسِنْ إلى جاره..))[14].

 

ومِن الإحسان: أن تسأَلَ عنه إذا غاب، وإذا مرِض فعُدْه، وإذا مات فاتبَعْه، وأن تتعهده بالطعام والشراب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا طبخ أحدكم قِدرًا، فليُكثِرْ مرَقَها، ثم ليناول جاره منها))[15].

 

ومِن الإحسان: أن تعود عليه إن كان فقيرًا بالطعام والغذاء؛ عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس المؤمن الذي يشبَعُ وجاره جائعٌ إلى جنبِه))[16].

 

ومن الإحسان: أن تعرض عليه المال إن كان في ضائقة مالية، أو يجهز ابنته، وشعرت بأنه في حاجة لمساعدة، فإن كان في استطاعتك فبادر بالخير، فإن كان من أهل الصدقة، فهو مِن أَوْلى الناس بها.

وأن تشاركه آلامه وآماله؛ ففي حُزنه واسِه، وشد مِن أَزْره، وفي فرحه هنِّئْه، وساعده على إتمام فرحته.

 

والإحسان إلى جيراننا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكما جاء عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهن أو يعلِّم مَن يعمل بهن؟!))، فقال أبو هريرة: فقلت: أنا يا رسول الله، فأخذ بيدي فعد خمسًا، وقال: ((اتق المحارم تكن أعبدَ الناس، وارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسِنْ إلى جارك تكن مؤمنًا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا، ولا تُكثِر الضحك؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب))[17].

 

3- لا تؤذِ جارَك:

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر، فلا يؤذِ جاره...))[18].

إن إيذاء الجار قد يكون سببًا في دخول النار، أو سببًا في دخول الجنة، فأيها الجار،أيَّهما تختار؟! عن أبي هريرة، قال: قال رجلٌ: يا رسول الله، إن فلانةَ يذكر من كثرة صلاتها، وصيامها، وصدقتها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: ((هي في النار))، قال: يا رسول الله، فإن فلانةَ يذكر من قلة صيامها، وصدقتها، وصلاتها، وإنها تصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال: ((هي في الجنة))[19].

 

ومِن الأذى: إزعاجه بالأصوات العالية الصاخبة، وإلقاء القمامة أمام بيته، ومن الأدب الجميل: أن يكف الجار أذاه عن جاره، وأن يحتمل أذى جاره؛ فقد يبيع الجار داره لِما يتعرض له:

يلومونني أن بِعْت بالرُّخْص منزلي
ولم يعلَموا جارًا هناك يُنغِّصُ
فقلتُ لهم: كفُّوا الملامَ فإنما
بجيرانها تَغْلو الديارُ وترخُصُ

 

أرشد النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه إلى سلوك يفعله إذا آذاه جارُه، حين جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه جارًا له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مراتٍ: ((اصبِرْ))، ثم قال له في الرابعة - أو الثالثة -: ((اطرح متاعك في الطريق))، قال: فجعل الناس يمرون عليه فيقولون: ما لك؟ قال: آذاه جاره، فجعلوا يقولون: لعنه الله، فجاء جاره، فقال: ترُدُّ متاعك ولا أوذيك أبدًا"[20].

 

4- اعرِضْ عليه بيتَك إذا أردتَ بيعه:

عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن كانت له أرضٌ فأراد بيعها، فليعرضها على جاره))[21].

فإذا أراد الجار أن يغير بيته، وينتقل إلى بيت آخر، فليعرضه على جاره قبل أن يعرضه على غيره؛ فقد تكون لديه استطاعة للشراء، أو يأتي بأحدٍ يعرفه ليشتريه؛ حرصًا منه ألا يشتري أحدٌ لا يعرفه، فتكون العداوات والخصومات.

 

جاء في الإحياء: أن ابن المقفع بلغه أن جارًا له يبيع داره في دَيْنٍ ركبه، وكان يجلس في ظل داره، فقال: ما قمتُ إذًا بحرمة ظل داره إن باعها معدمًا، فدفع إليه ثمن الدار وقال: لا تَبِعْها.

 

وقديمًا قالوا: (الجار قبل الدار)، وآسية امرأة فرعون، عندما سألت ربها، سألته الجار قبل الدار، فقالت: ﴿ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ﴾ [التحريم: 11].

 

5-  انصَحْ جارك:

النصيحة من حقوق المسلمين، وهي في حق الجيران أكيدة وعظيمة، فمِن حق جارك عليك أن تقدم له النصيحة، ولا تبخل بها عليه، وأن تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وأن تأخذ بيده إلى الخير.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: مِن حق الجار أن تبسط إليه معروفك، وتكف عنه آذاك.

يقال: إن الجار الفقير يتعلق بجاره الغني يوم القيامة، فيقول: يا رب، سَلْ هذا: لِمَ منَعني معروفه، وسَدَّ بابه دوني؟!

 

6-  راعِ حرمة الجوار:

فلا يطلق الجار عينه على نساء جيرانه، فليس من المروءة أن تنظر إلى نساء جيرانك، لكن غُضَّ بصرك عنهن؛ فمن أخلاق الجاهلية أنهم كانوا يحافظون على أعراض الجيران؛ يقول عنترة:

وأغُضُّ طَرْفي إن بَدَتْ لي جارتي *** حتى يواري جارتي مأواها

 

عن عبدالله، قال: سألتُ النبي صلى الله عليه وسلم: أيُّ الذنب أعظم عند الله؟ قال: ((أن تجعل لله ندًّا وهو خلَقك))،قلت: إن ذلك لعظيمٌ، قلت: ثم أي؟ قال: ((وأن تقتل ولدك تخاف أن يطعَمَ معك))،قلت: ثم أي؟ قال: ((أن تزانيَ حليلةَ جارك))[22]..فوجب على الجار أن يحفظ جاره؛ في عِرضه، ونَفْسه، وأهله، وأولاده، وماله.

 

تمت آداب الجوار، بحمد الله وتوفيقه وعونه

♦♦♦♦♦

درس الفقه:

1- حُكم التهنئة بدخول رمضان:

لا حرجَ بالتهنئة بدخول رمضان، بل هي مشروعة ومستحبة؛ قال ربنا: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58]، وفيها تعبير عن مظهر من مظاهر فرحة المسلمين بقدوم مناسبة جديدة، وشهر فضيل، قال ابن حجر: "ويحتج لعموم التهنئة لِما يحدُثُ من نعمةٍ أو يندفع من نقمةٍ بمشروعية سجود الشكر والتعزية، وبما في الصحيحين عن كعب بن مالكٍ في قصة توبته لما تخلَّف عن غزوة تبوك: أنه لما بُشِّر بقَبول توبته ومضى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قام إليه طلحة بن عبيدالله فهنأه"[23]... فلا مانع شرعًا من التهنئة بقدوم رمضان أو دخول العيد، وكل مناسبة دينية، ثم يجاب المهنئ بأحسنَ منها، أو يُرَدُّ عليه بمثلها.

 

2- هل يجوز إفطار صائم من كفارة اليمين؟

إذا لزم المسلمَ كفارةُ يمين، فلا بأس أن يخرجها إطعامًا للصائمين، بشرط أن يراعى فيه الفقير والمسكين؛ كما نصت الآية: ﴿ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ﴾  [المائدة: 89].

 

3- إذا كانت الشياطين مسلسلةً ومقيدةً في رمضان، فكيف تكون المعاصي؟

جاء في الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب جهنم، وسُلْسِلت الشياطين))، فكيف نجمع بين تسلسل الشياطين وبين ما يصدر من بعض المذنبين؟! يوضح الإمام القرطبي، فيقول: "فإن قيل: كيف نرى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيرًا؟! فلو صفدت الشياطين لم يقع ذلك، فالجواب: أنها إنما تقل عن الصائمين الصومَ الذي حوفظ على شروطه، وروعيت آدابه، أو المصفد بعض الشياطين، وهم المردة، لا كلهم، أو المقصود تقليل الشرور فيه، وهذا أمر محسوس؛ فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره؛ إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم ألا يقَعَ شر ولا معصية؛ لأن لذلك أسبابًا غير الشياطين؛ كالنفوس الخبيثة، والعادات القبيحة، والشياطين الإنسية"[24].

إذًا.. فلا تعارض بين تصفيد الشياطين ووقوع المعاصي، لكن عملها في رمضان يكون أقل من غيره.

والله أعلم.

♦♦♦♦♦


نصْبُ الخِيام في دُروسِ رَمَضَانَ وأَحْكَامِ الصِّيَام لفضيلة الشيخ: أحمد علوان

دار الصفوة بالقاهرة



[1] من كتاب التبصرة، لابن الجوزي، ج2/ ص91، المجلس الثامن، في ذكر العشر وليلة القدر، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط1/ 1406 هـ = 1986 م.

[2] البخاري (37)، مسلم (759).

[3] البخاري (1901).

[4] التبصرة، لابن الجوزي، (ج2، ص124).

[5] البخاري (2024).

[6] صحيح ابن حبان (620)، وقال الأناؤوط: إسناده صحيح.

[7] الإحياء (ج4، ص411).

[8] الإحياء (ج4، ص409).

[9] مسند أبي يعلى (5361)، وإسناده صحيح.

[10] ابن حبان (4032)، وصححه الأرناؤوط.

[11] مسلم (45).

[12] ابن حبان (518)، وصححه الأرناؤوط.

[13] سير أعلام النبلاء، للإمام الذهبي، (ج7، ص69)، دار الحديث - القاهرة، 1427ه = 2006م.

[14] مسلم (48).

[15] المعجم الأوسط للطبراني (3591)، وذكره الألباني في صحيح الجامع (676).

[16] مسند أبي يعلى (2699)، ومستدرك الحاكم (2166) عن عائشة، وإسناده حسن.

[17] مسند أحمد (8095)، الترمذي (2305)، وحسنه الألباني.

[18] البخاري (6018).

[19] مسند أحمد (9675)، وابن حبان (5764)، وإسناده حسن.

[20] مسند أبي يعلى (6630)، وابن حبان (520)، وإسناده حسن.

[21] ابن ماجه (2493)، والمعجم الكبير للطبراني (11780)، وقال الأرناؤوط: صحيح لغيره.

[22] البخاري (4477)، مسلم (86).

[23] مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، (ج1، ص569).

[24] فتح الباري ج4، ص114.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ذكر الله في رمضان (درس رمضاني)
  • الدعاء في رمضان (درس رمضاني)
  • القرآن في رمضان (درس رمضاني)
  • خلق التفاؤل (درس رمضاني)
  • مع فتح مكة (درس رمضاني)
  • أبواب الجنة (درس رمضاني)
  • رمضان يعلمنا الإرادة (درس رمضاني)
  • العفو (درس رمضاني)
  • فضل من أدرك رمضان (درس رمضاني)
  • مضاعفة الأجر في غير ليلة القدر
  • سيدة الليالي ليلة القدر (خطبة)
  • حول ليلة القدر
  • ليلة القدر (قصيدة)
  • عشر خصائص لليلة القدر (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • ليلة القدر(مقالة - ملفات خاصة)
  • ليلة القدر أعظم ليالي العام ليلة الرحمة والمغفرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحري ليلة القدر(مقالة - ملفات خاصة)
  • ليلة القدر .. أهي ليلة السبع والعشرين من رمضان؟(مقالة - ملفات خاصة)
  • مخطوطة التبيان في بيان ما في ليلة النصف من شعبان وليلة القدر من رمضان(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • تحري ليلة القدر والاجتهاد فيها(مقالة - ملفات خاصة)
  • سمو القدر في إحياء ليلة القدر (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • التمسوا القدر في ليلة القدر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ليلة القدر: أغلى فرصة في العمر (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • ليلة القدر .... فرصة العمر(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب