• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / مقالات
علامة باركود

الآثار الصحية للصوم

الآثار الصحية للصوم
د. محمود فتوح محمد سعدات

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/6/2016 ميلادي - 18/9/1437 هجري

الزيارات: 17872

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الآثار الصحية للصوم


تمهيد:

يعتبر الصوم فريضة يؤديها الإنسان قربة إلى الله تعالى مثل الصلاة وعلى الرغم من ذلك فإن لها منافع عديدة تعود على الفرد الصائم نفسه والمجتمع الإسلامي، منها الفوائد الصحية.. ويفيد علماء الطب أن فوائد الصوم لصحة الإنسان وسلامة بدنه كثيرة جداً، منها ما يتعلق بالحالة النفسية للصائم وانعكاسها على صحته، حيث إنّ الصوم يساهم مساهمة فعالة في علاج الاضطرابات النفسية والعاطفية، وتقوية إرادة الصائم، وزيادة رقة مشاعره، وحبه للخير، والابتعاد عن الجدل والمشاكسة والميول العدوانية، وإحساسه بسمو روحه وأفكاره، وبالتالي تقوية وتدعيم شخصيته، وزيادة تحملها للمشاكل والأعباء، ومما لا شك فيه فإن ذلك ينعكس تلقائية على صحة الإنسان.

 

ويساهم الصوم أيضاً في علاج الكثير من أمراض الجسم؛ كأمراض جهاز الهضم، مثل التهاب المعدة الحاد، وتهيج القولون، وأمراض الكبد، وسوء الهضم، وكذلك في علاج البدانة وتصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم، وخناق الصدر، والربو القصبي، وغيرها. وقد كتب الطبيب السويسري بارسيلوس: "إنّ فائدة الجوع في العلاج قد تفوق بمرات استخدام الأدوية"، أما الدكتور هيلب، فكان يمنع مرضاه من الطعام لبضعة أيام، ثمّ يقدم لهم بعدها الوجبات الغذائية اللازمة.

 

وبشكل عام فإنّ الصوم يساهم في هدم الأنسجة المتداعية وقت الجوع. ثمّ إعادة ترميمها من جديد عند تناول الطعام، وهذا هو السبب الذي دعي بعض العلماء ومنهم باشوتين، لأن يعتبروا أنّ للصوم تأثيراً معيداً للشباب. وطبيعي إنّ الصوم قد يسبب ضرراً لبعض الناس، وقد أعفاهم الله تعالى من الصيام، كما إن فوائد الصوم المثلى تكون بالالتزام بآدابه، ومنها تأخير السحور، وتعجيل الفطور، وعدم الإسراف في الطعام كمّاً وكيفاً، واجتناب الإسراف في تنويع الأطعمة.

 

الصيام وسيلة فاعلة للمحافظة على صحة الجسم وحيويته:

تتمثل أبرز الأسباب التي تجعل من الصيام وسيلة فاعلة للمحافظة على صحة الجسم وحيويته ما يلي:

أن الصيام في الإسلام يعمل على إراحة أجهزة الجسم، وخاصة الجهاز العصبي والجهاز الهضمي بعد فترات عمل طويلة، مما يعمل على تقويتها وزيادة كفاءتها، كما انه يعمل على إعادة عمليات الأيض إلى وضعها ومساراتها الطبيعية. إن صيام رمضان والصيام المشروع في غيره من الأيام يعتبر وسيلة بطيئة ولكن أكيدة لتقليل وزن الجسم، دون إحداث أية آثار أو أضرار جانبية نتيجة للصوم، كما يحدث في حالات الصوم الكامل والتجويع المستعملة في الغرب للتخفيف من آثار الوزن الزائد، حيث تترافق هذه العمليات مع ارتفاع نسبة الأجسام الكيتونية في الدم.

 

إن صيام رمضان والمداومة على عملية الصوم خلال السنة يجنب المسلم الإصابة بمرض السمنة أو زيادة الوزن، ويحميه من جميع المضاعفات والأمراض الخطيرة الناتجة عن السمنة مثل تصلب الشرايين وأمراض القلب والسكري وأمراض الكلى والمرارة وارتفاع ضغط الدم والنقرس.

 

إن الصيام في الإسلام يعتبر وسيلة فاعلة للتخلص من العادات السيئة وخاصة التغذوية التي تؤثر سلبا على الحالة الصحية والتغذوية. فالصيام أشبه ما يكون بدورة طبية مجانية يتلقاها المسلم كل عام مرة، فيعمل على صيانة أجهزة الجسم والمحافظة عليها. والصيام ما هو إلا آية من آيات الله الدالة على وحدانيته وقدرته، وقد أحسن من قال: " وفي كل شيء له آية تدل على انه واحد" وهو دليل على صدق نبوءة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال قبل أربعة عشر قرنا: "صوموا تصحوا".

 

التأثيرات الحيوية والفسيولوجية للصوم:

تتمثل التأثيرات الحيوية والفسيولوجية للصوم في الآتى:

أولا: القياسات الفيزيائية للجسم (الأنثروبومترية) أو (القياسات الجسمية):

الوزن: تعددت نتائج الدراسات التي أجريت حول وزن مجموعات من الصائمين وذلك على النحو التالي:

(أ) تشير الدراسات التي أجريت على مجموعات من الصائمين أن وزن الجسم قد تغير في نهاية شهر رمضان على شكل زيادة أو نقصان في الوزن مقارنة مع ما كان عليه الحال قبل الشهر أو بعده، بنسبة تصل إلى -3. 6 % و+2. 4 % كمعدل للنقصان والزيادة على التوالي. ومن الأسباب التي يعتقد أنها تؤدي إلى زيادة الوزن تناول كميات كبيرة من الحلويات الغنية بالدهون والسكريات خلال فترة الإفطار، بالإضافة إلى الإفراط في تناول الطعام بعد فترة الصيام، كما تعزى هذه الزيادة إلى بعض الممارسات الخاطئة لدى بعض الصائمين والمتمثلة بكثرة النوم والجلوس وقلة العمل، خلافا لما يجب أن يكون عليه حال المسلم من العمل والعبادة خلال الشهر الكريم.

 

(ب) تشير الدراسات التي أجريت على مجموعات من الصائمين أن نقصان الوزن وهو ما أشارت إليه معظم الدراسات، ونسبته اكبر من نسبة الزيادة في الوزن (-3. 6 إلى+ % 2. 5) فهو يختلف أيضا باختلاف الوزن الأصلي والجنس وطبيعة العمل والممارسات الغذائية، فمن خلال الدراسة التي أجراها "التكروري" والتي أجريت على ثلاث مجموعات مختلفة الوزن: مجموعة مفرطي الوزن، ومجموعة المقارنة (ذوي الوزن الطبيعي)، ومجموعة ناقصي الوزن. وأظهرت النتائج أن نسبة الانخفاض في الوزن كانت للمجموعة الأولى (مجموعة مفرطي الوزن) اكبر من نسبة الانخفاض في المجموعات الأخرى ( 2. 62 كغم للمجموعة الأولى، 2 كغم للمجموعة الثانية، و0. 64 للمجموعة الثالثة)، وقد عزى الباحث ذلك التباين في نسبة الفاقد من الوزن إلى عوامل عدة، منها:

• أن معدل التمثيل الأساسي، وهو أحد مقاييس الطاقة في جسم الإنسان، يكون أعلى في حالات الوزن الزائد عما هو عليه في حالات الوزن الطبيعي والوزن المنخفض.

 

• أن عمليات الاستقلاب للبروتين داخل الجسم تكون أعلى عند مفرطي الوزن ممن سواهم.

 

• أن الأفراد المصابين بزيادة الوزن يستهلكون الطاقة المخزونة في الجسم (على شكل أنسجة دهنية غالبا) بدرجة أكبر مما عند الأفراد الطبيعيين، وهذا بدوره يجعل كمية الوزن المفقود اكبر في نهاية شهر الصوم للأفراد زائدي الوزن عن الأفراد الآخرين.

 

• أن هذا الاختلاف في الوزن المفقود يفيد أكثر ما يفيد الأفراد المصابين بالسمنة وزيادة الوزن حيث يساعدهم ذلك على التخلص من الوزن الزائد، وبالتالي التخفيف من حدة مرض السمنة والتقليل من خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة به مثل أمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض الكلى والمرارة والنقرس وغيرها من الأمراض الخطيرة الملازمة لمرض السمنة، وقد أكدت دراسة علمية نشرت في عام 1993 أن إنقاص الوزن بمقدار 4. 5 كغم كان كافيا لخفض ضغط الدم عند المصابين بارتفاع ضعيف أو متوسط في الضغط إلى المستوى الطبيعي.

 

• أظهرت الدراسة أن معظم النقصان الذي طرأ على وزن الجسم قد حدث في النصف الأول من شهر رمضان، حيث كانت نسبة النقصان في النصف الأول 67% و70 % من الوزن الكلي المفقود للمجموعتين الأولى والثانية على التوالي، وتشير بعض الدراسات إلى أن معدل الفقد في الوزن خلال النصف الأول من الشهر تراوح ما بين 56% و81 %، وقد بينت الدراسة أن الانخفاض في وزن الجسم يتباين تبعا للجنس، حيث كان الانخفاض في الوزن عند الصائمين الذكور أعلى منه عند الإناث، بمقدار 0. 34 كغم، أي بنسبة 18. 18 % لصالح الذكور، وهذا الأمر يتغير تبعا للطبيعة المعيشية والاجتماعية لأفراد المجتمع، فقد أظهرت دراسة أجريت في ماليزيا على مجموعة من النساء الماليزيات المسلمات أن نسبة الفقد في الوزن كانت عند النساء أكثر منها عند الرجال.

 

ويمكن تفسير هذا التغير في الوزن إلى أسباب أهمها:

• نقص الطاقة الغذائية المتناولة: وهي أهم عامل في نقصان وزن جسم الصائم، اذ ان كمية السعرات الحرارية المتناولة يوميا خلال فترة الإفطار تحدد نسبة الفقد في الوزن، ففي إحدى الدراسات، انخفض معدل وزن الجسم لمجموعة من الصائمين الى 3. 6% من وزنهم قبل شهر الصوم، وذلك لانخفاض مقدار السعرات الحرارية اليومية المتناولة بنسبة 22. 4% مقارنة مع فترة ما قبل الصوم. ومن المعروف أن بعض الصائمين قد يزداد وزنهم مع نهاية شهر رمضان بسبب تناولهم كميات من السعرات الحرارية تفوق حاجة أجسامهم، خاصة وأن شهر رمضان يتميز بتنوع وكثرة أصناف الطعام في وجبتي الإفطار والسحور.

 

• نقص السوائل: تشير إحدى الدراسات التي أجريت على مجموعة من الصائمين أن معدل تناول الماء والسوائل قد انخفض خلال شهر رمضان بشكل كبير عما كان عليه الحال قبل شهر الصيام، حيث انخفض معدل تناول السوائل من 3. 9 لتر / اليوم الى 2. 25 - 2. 50 لتر/اليوم خلال الشهر، ويؤدي هذا الانخفاض في كمية السوائل المتناولة إلى تغيير في التوزيع الطبيعي للسوائل داخل الجسم أو ما يسمى بتوازن السوائل، والذي يتركز في الأسبوعين الأولين من شهر رمضان، ويستمر حتى بداية الأسبوع الثالث من الصيام حيث يتم تعديل هذا الخلل أو الاضطراب (الناشئ عن الفقد المفاجئ للسوائل داخل الجسم) خلال الأسبوع الثالث، وذلك من خلال عدد من الآليات التي يقوم بها الجسم للحفاظ على محتوى وتوازن السوائل داخله، مثل تقليل كمية البول وزيادة تركيزه من خلال زيادة امتصاص املاح الصوديوم داخل الكلى، وتقليل فترة التبول في كل مرة، وذلك للحد من التأثير السلبي لنقص السوائل المتناولة. وبالرغم من التأثير السلبي لاختلال توازن السوائل داخل الجسم (بسبب انخفاض كمية السوائل المتناولة والتبول)، إلا أن له جانب صحي ايجابي، حيث يعتقد إنه مسبب أساسي ورئيسي لنقصان الوزن خلال تلك الفترة (وهي النصف الأول من رمضان)، فقد أثبتت العديد من الدراسات أن نقص الوزن خلال تلك الفترة يعزى أساسا إلى هذا العامل، كما ان لدرجة حرارة ورطوبة الجو ودرجة الجهد البدني المبذول من قبل الصائم دورا هاما في تحديد درجة جفاف الجسم خلال الصيام.

 

• الطاقة المصروفة: ويتم هذا من خلال الجهد البدني المبذول في انجاز الأعمال اليومية، اذ تزداد نسبة الوزن المفقود في نهاية الشهر بزيادة الطاقة المصروفة، حيث تترافق الزيادة في الجهد مع استهلاك كميات إضافية من الطاقة المخزونة في الجسم (والتي تكون أساسا على شكل أنسجة دهنية). ففي الدراسة التي أجريت في ماليزيا تبين ان النسوة اللاتي شاركن في الدراسة فقدن وزنا أكثر خلال شهر رمضان بالرغم من أنهن كن يتناولن سعرات حرارية أكثر من الذكور خلال الشهر، والسبب في ذلك أن هؤلاء النسوة كن يقمن بأعمال المنزل خلال ساعات النهار، بينما تمتع الرجال بفترة راحة أطول خلال فترة الصيام، ومن المعلوم أن شهر رمضان يتسم بنمط مميز من العبادات البدنية كقيام الليل وصلاة التراويح، والتي تتطلب بذل مجهود بدني إضافي، وهو ما يؤدي إلى صرف المزيد من الطاقة التي حصل عليها الجسم من وجبة الإفطار، الأمر الذي سيعمل على الحد من الزيادة في الوزن بسبب تخزين هذه الطاقة في الجسم، كما أن توقيت هذه العبادة، بعد الإفطار بساعة تقريبا، يساعد على هضم هذه الأطعمة وتنظيم عمليات التمثيل للعناصر الغذائية بشكل أفضل.

 

(ج) أثبتت الدراسات التي أجريت على النساء الحوامل واللاتي يمارسن فريضة الصيام انه ليس لصيام شهر رمضان أي تأثير سلبي على معدل وزن الأطفال حديثي الولادة، وبغض النظر عن فترة الحمل التي حدث خلالها الصيام، بل ان بعض الدراسات التي أجريت على هذه الفئة من الأطفال أظهرت أن معدل الوزن لهذه الفئة كان أكبر عند الأمهات اللواتي مارسن فريضة الصيام خلال فترة حملهن منه عند الأمهات اللواتي لم يمارسن هذ الفريضة.

 

ويمكن أن نستنتج مما سبق أنه وبالرغم من كل الممارسات الخاطئة المتبعة خلال شهر رمضان المبارك، فيما يتعلق بالسلوك التغذوي والمعيشي، إلا أن شهر رمضان كان له الأثر الواضح في التقليل من وزن الجسم والمحافظة عليه من الآثار المدمرة للوزن الزائد والسمنة، ولنا ان نتصور كيف سيكون عليه حال الصائم لو حافظ على آداب الصيام وسننه وحرص على تطبيق أهدافه وفلسفته، فعندها ستكون النتائج أعظم والفوائد أعم وأشمل.

 

ثانياً: التغير في محتويات الدم:

وتتمثل التغير في محتويات الدم في الآتي:

1-كوليسترول الدم وبروتينات الدم الدهنية: أشارت معظم الدراسات التي أجريت على الصائمين أنه لوحظ ارتفاع طفيف في محتوى الدم من الكوليسترول الكلي في نهاية شهر رمضان، وقد نسبت الزيادة إلى عاملين أساسيين:

• السبب الغذائي، حيث أصبح من المعروف أن شهر رمضان يترافقه تنوع الأطباق المتناولة من الطعام وزيادة تناول الدهون والسكريات خلال فترة الإفطار وبالأخص عند وجبة الإفطار الرئيسية وبدرجة اقل عند وجبة السحور، وقد أشارت الدراسة التي أجريت على عينة من طلبة جامعة حلب في سوريا خلال شهر رمضان أن معدلات الكوليسترول قد انخفضت في النصف الأول من شهر الصوم حينما تناول الطلبة طعاما قليل الدهن (8. 8 % من مجموع الطاقة اليومية)، وارتفعت هذه المعدلات حينما تناول الطلبة طعاما غنيا بالدهون خلال وجبتي الإفطار والسحور (51. 2 % من مجموع الطاقة اليومية) في النصف الثاني من شهر الصيام.

 

• لقد أجمع عدد من الباحثين في نتائجهم لبحوث أجريت على أصحاء ومرضى على انه كلما ازداد عدد وجبات الطعام المتناولة في اليوم الواحد كلما انخفض مستوى الكوليسترول في الدم، وكلما نقص عدد وجبات الطعام كلما ارتفعت نسبة الكوليسترول، علما بأنه في الحالتين كانت السعرات الحرارية ثابتة من حيث كميتها، وهذه النتائج قد تفسر الاتجاه إلى الارتفاع في محتوى الدم من الكوليسترول عند الصائمين، ذلك لأنهم في الغالب يعتمدون على وجبة رئيسية واحدة وهي وجبة الإفطار، وتليها وجبة السحور، ومن هنا يمكننا أن نستنتج الأهمية الصحية والطبية لوجبة السحور، فبالإضافة إلى أنها تقوي الصائم وتعينه على ممارسة أعماله خلال النهار، فإنها تساعد على التقليل من حجم الزيادة في محتوى الدم من الكوليسترول والذي قد تؤدي زيادته بشكل كبير إلى بعض الآثار الجانبية والسلبية على الصحة، وخاصة على صحة وسلامة القلب والشرايين، وهذا مصداق لما أخبرنا عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال: "تسحروا فان في السحور بركة". وفيما يتعلق بالبروتينات الدهنية، فهي تنقسم إلى نوعين رئيسيين: البروتينات الدهنية عالية الكثافة وهي مصدر للكوليسترول النافع، والبروتينات الدهنية منخفضة الكثافة وهي كذلك مصدر لما يسمى بالكوليسترول الضار.

 

فقد أظهرت إحدى الدراسات والتي أجراها خمايسة ورفاقه، أنه قد طرأ ارتفاع كبير وملحوظ على محتوى الدم من الكوليسترول النافع وبنسبة تصل الى 31. 9 % مقارنة مع محتوى الدم لهذا النوع من الدهون بعد شهر من انتهاء شهر رمضان (بناء على ان الجسم يرجع الى وضعه الطبيعي الذي كان عليه قبل الصيام بعد مرور شهر على صوم رمضان)، لأن كل التغيرات تزول بعد شهر واحد، ما عدا وزن الجسم، وهذا بدوره سيعمل على تقليل نسبة الكوليسترول الكلي الى الكوليسترول النافع وتقليل نسبة النوع الضار إلى المفيد في الدم ومن المعروف من الناحية الطبية أنه كلما انخفضت تلك النسب فان ذلك سيقلل من الإصابة بأمراض القلب وانسداد الشرايين، لما للنوع النافع من دور في ازالة الكوليسترول الضار المترسب على جدار الأوعية الدموية ونقله الى الكبد لتمثيله هناك.

 

2- الجليسيريدات الثلاثية:

أظهرت العديد من الدراسات ان معدلات الجليسيريدات الثلاثية في الدم تميل الى الانخفاض بشكل طفيف خلال شهر رمضان كما أظهرت دراسات أخرى أن معدلات الجليسيريدات الثلاثية قد زادت خلال هذه الفترة ويرجع هذا التغير بشكل أساسي إلى محتوى الأغذية المتناولة خلال فترة الإفطار من المواد السكرية والنشوية (الكربوهيدرات) حيث أن الزيادة في تناول الأغذية الغنية بهذه المغذيات يرتبط بشكل وثيق مع الزيادة في محتوى الدم من هذا النوع من الدهون ولكن وبسبب انخفاض محتوى الطاقة المتناولة خلال شهر رمضان سواء من المصادر الكربوهيدراتية أو الدهنية بالنسبة لما قبل شهر الصوم فان معدلات الجليسيريدات الثلاثية تميل إلى الانخفاض مع نهاية الشهر ومن الأدلة على ذلك انخفاض معدلات الأوزان بشكل عام خلال هذا الشهر والتي تعكس انخفاضاً في محتوى الطاقة المأخوذة الأمر الذي سيقلل حتماَ من محتوى الدم من هذه الدهون.

 

3- التغيرات في محتوى الدم من سكر الجلوكوز:

لاحظ الباحثون الذين اجروا فحوصات على محتوى الدم من سكر الجلوكوز ان مستوى هذا السكر يميل إلى التغير بشكل طفيف وغير ملحوظ خلال شهر رمضان سواء بالزيادة أو النقصان وذلك تبعا لطبيعة الأغذية المتناولة خلال فترة الإفطار وخاصة فيما يتعلق بمحتوى الأغذية من الدهون والسكريات فقد لاحظ احد الباحثين ان محتوى الأغذية من الكربوهيدرات والدهون تأثيرا ايجابياً وسلبياً على التوالي لكل منها فيما يتعلق بمحتوى الدم من سكر الجلوكوز.

 

4- التغير في محتوى الدم من حمض البول:

يحاول بعض المغرضين في الغرب الإيحاء بأن الصيام قد يؤدي إلى جفاف الجسم واضطراب محتوى الدم من الأملاح المعدنية وارتفاع نسبة حامض البول فيه. الدم وفي الحقيقة فقد لوحظ ان هنالك ارتفاعاً ملحوظاً في محتوى الدم من حامض البول في نهاية شهر رمضان حيث وصل هذا الارتفاع إلى 38% عن المحتوى الأصلي كما في بعض الدراسات وفي المقابل أثبتت بعض الأبحاث الرصينة التي أجريت على عينات من الصائمين ان محتوى الدم من حاض البول لم يتغير خلال فترة الصيام، كما أشارت دراسة أخرى إلى ان حاض البول قد انخفض خلال الأسبوعين الأولين من الصيام إلا انه ازداد زيادة طفيفة في الأسبوعين الأخيرين، وبالرغم من حصول ارتفاع في محتوى الدم من هذا الحامض إلا أن هذه الزيادة لا ترقى إلى الحد الذي تسبب فيه أعراضا مرضية كداء النقرس أو ما يعرف بداء الملوك. والسبب في ذلك أن هذه الزيادة تحدث مرة واحدة في السنة خلال فترة مؤقتة وتزول مباشرة بعد انتهاء شهر رمضان ولا ندري فقد تكون لهذه الزيادة فوائد صحية وطبية لم يشأ الله عز وجل ان يظهرها على أهل العلم والاختصاص ونبقى نحتكم إلى أصل عظيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إلا وهو قول الحق جل وعلا (وان تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون(. وقد لاحظ الباحثون في إحدى الدراسات أن تناول غذاء غني بالدهون أحادية اللاّإشباع، مثل زيت الزيتون، خلال شهر رمضان قد منع حدوث ارتفاع في مستوى حمض البول، والذي يعتمد في زيادته على محتوى الأغذية من الدهون المشبعة، وبهذا فانه يمكننا ان نقلل من الزيادة في هذا المركب من خلال تناول كميات إضافية من زيت الزيتون والتقليل من تناول الأغذية الغنية بالدهون المشبعة ومصادر البيورينيات والبيرميدينات (والتي ينتهي تمثيلها بتكوين "حمض البول" في وجبات الإفطار والسحور).

 

الآثار الصحية للصوم:

يعتبر الصوم فريضة يؤديها الإنسان قربة إلى الله تعالى مثل الصلاة وعلى الرغم من ذلك فإن لها منافع عديدة تعود على الفرد الصائم نفسه والمجتمع الإسلامي منها الفوائد الصحية، والتي تتمثل في التالي:

• خفض نسبة السكر: يعد الصوم خير فرصة لخفض نسبة السكر في الدم إلى أدنى معدلاتها، وعلى هذا فإن الصيام يعطي غدة البنكرياس فرصة رائعة للراحة، فالبنكرياس يفرز الأنسولين الذي يحول السكر إلى مواد نشوية ودهنية تخزن في الأنسجة، فإذا زاد الطعام عن كمية الأنسولين المفرزة فإن البنكرياس يصاب بالإرهاق والإعياء، ثم أخيرا يعجز عن القيام بوظيفته، فيتراكم السكر في الدم وتزيد معدلاته بالتدريج حتى يظهر مرض السكر. وقد أقيمت دور للعلاج في شتى أنحاء العالم لعلاج مرضى السكر بإتباع نظام الصيام لفترة تزيد على عشر ساعات وتقل عن عشرين كل حسب حالته، ثم يتناول المريض وجبات خفيفة جدا، وذلك لمدة متوالية لا تقل عن ثلاثة أسابيع. وقد جاء هذا الأسلوب بنتائج مبهرة في علاج مرضى السكر ودون أية عقاقير كيميائية.

 

• يساعد على إنقاص الوزن: يساعد الصيام على إنقاص الوزن، بشرط أن يصاحبه اعتدال في كمية الطعام في وقت الإفطار، وألا يتخم الإنسان معدته بالطعام والشراب بعد الصيام، لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدأ إفطاره بعدد من التمرات لا غير أو بقليل من الماء ثم يقوم إلى الصلاة، وهذا الهدي هو خير هدي لمن صام عن الطعام والشراب ساعات طوال، فالسكر الموجود في التمر يشعر الإنسان بالشبع لأنه يمتص بسرعة إلى الدم، وفي نفس الوقت يعطى الجسم الطاقة اللازمة لمزاولة نشاطه المعتاد. أما لو بدأت طعامك بعد جوع بأكل اللحوم والخضراوات والخبز فإن هذه المواد تأخذ وقتا طويلا كي يتم هضمها ويتحول جزء منها إلى سكر يشعر الإنسان معه بالشبع، وفي هذا الوقت يستمر الإنسان في ملء معدته فوق طاقتها توهما منه أنه مازال جائعا، ويفقد الصيام هنا خاصيته المدهشة في جلب الصحة والعافية والرشاقة، بل يصبح وبالا على الإنسان حيث يزداد معه بدانة وسمنة، وهذا ما لا يريده الله تعالى لعباده بالطبع من تشريعه وأمره لعباده بالصوم.

 

• الوقاية من الأورام: يساعد الصيام على إزالة الخلايا التالفة والضعيفة من الجسم، فالجوع الذي يفرضه الصيام على الإنسان يحرك الأجهزة الداخلية لجسمه لاستهلاك الخلايا الضعيفة لمواجهة ذلك الجوع، فتتاح للجسم فرصة ذهبية كي يسترد خلالها حيويته ونشاطه، كما أنه يستهلك أيضًا الأعضاء المريضة ويجدد خلاياها، وكذلك يكون الصيام وقاية للجسم من كثير من الزيادات الضارة مثل الحصوة والرواسب الكلسية والزوائد اللحمية والأكياس الدهنية وكذلك الأورام في بداية تكونها.

 

• الوقاية من الأمراض الجلدية: إن الصيام يفيد في علاج الأمراض الجلدية، والسبب في ذلك أنه يقلل نسبة الماء في الدم فتقل نسبته بالتالي في الجلد، مما يعمل على: - زيادة مناعة الجلد ومقاومة الميكروبات والأمراض المعدية الجرثومية- التقليل من حدة الأمراض الجلدية التي تنتشر في مساحات كبيرة في الجسم مثل مرض الصدفية.

• تخفيف أمراض الحساسية والحد من مشاكل البشرة الدهنية.

• مع الصيام تقل إفرازات الأمعاء للسموم وتتناقص نسبة التخمر الذي يسبب دمامل وبثورا مستمرة.

 

• الوقاية من مرض النقرس "داء الملوك": ينتج مرض "النقرس" عن زيادة التغذية والإكثار من أكل اللحوم، ومعه يحدث خلل في تمثيل البروتينات المتوافرة في اللحوم "خاصة الحمراء" داخل الجسم، مما ينتج عنه زيادة ترسيب حمض البوليك في المفاصل خاصة مفصل الأصبع الكبير للقدم، وعند إصابة مفصل بالنقرس فإنه يتورم ويحمر ويصاحب هذا ألم شديد، وقد تزيد كمية أملاح البول في الدم ثم تترسب في الكلى فتسبب الحصوة، وإنقاص كميات الطعام علاج رئيسي لهذا المرض الشديد الانتشار

 

• الوقاية من جلطة القلب والمخ: أكد الكثيرون من أساتذة الأبحاث العلمية والطبية - وأغلبهم غير مسلمين- أن الصوم لأنه ينقص من الدهون في الجسم فإنه بالتالي يؤدي إلى نقص مادة "الكوليسترول" فيه، وما أدراك "ما الكوليسترول"؟؟ إنها المادة التي تترسب على جدار الشرايين، وبزيادة معدلاتها مع زيادة الدهون في الجسم تؤدي إلى تصلب الشرايين، كما تسبب تجلط الدم في شرايين القلب والمخ.

 

• الوقاية من آلام المفاصل: يتفاقم مرض آلام المفاصل مع مرور الوقت، فتنتفخ الأجزاء المصابة به، ويرافق الانتفاخ آلام مبرحة، وتتعرض اليدان والقدمان لتشوهات كثيرة، وذلك المرض قد يصيب الإنسان في أية مرحلة من مراحل العمر، ولكنه يصيب بالأخص المرحلة ما بين الثلاثين والخمسين، والمشكلة الحقيقية أن الطب الحديث لم يجد علاجا لهذا المرض حتى الآن، ولكن ثبت بالتجارب العلمية في بلاد روسيا أنه يمكن للصيام أن يكون علاجاً حاسماً لهذا المرض، وقد أرجعوا هذا إلى أن الصيام يخلص الجسم تماماً من النفايات والمواد السامة، وذلك بصيام متتابع لا تقل مدته عن ثلاثة أسابيع، وفي هذه الحالة فإن الجراثيم التي تسبب هذا المرض تكون جزءًا مما يتخلص منه الجسم أثناء الصيام، وقد أجريت التجارب على مجموعة من المرضى وأثبتت النتائج نجاحاً مبهراً.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • البعد الصحي للصوم!!
  • الآثار التربوية للصوم
  • الآثار النفسية للصوم
  • الآثار الاجتماعية للصوم
  • الآثار الأخلاقية للصوم
  • سلوكيات الصائم في رمضان
  • الصيام وتنمية الشخصية الإسلامية
  • الآثار الدينية وحكمها في الشريعة الإسلامية
  • الثقافة الصحية

مختارات من الشبكة

  • كتاب تهذيب الآثار: أثر من آثار الطبري في خدمة السنة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • التغذية الصحية وأثرها على المجتمع(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)
  • مخطوطة مباني الأخبار في شرح معاني الآثار ج18 ( شرح معاني الآثار )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الذكاة الشرعية وآثارها الصحية(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • مفهوم الأثر عند المحدثين وبعض معاني الأثر في القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • الصوم والوقاية الصحية(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • الآثار: إحباط محاولة تهريب مخطوط أثري بمطار القاهرة(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • فوائد الصيام الصحية والنفسية رحلة نحو جسد سليم وعقل متزن(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التغذية الصحية في رمضان التوازن بين الإفطار والسحور يساهم في صيام صحي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدورة الثانية من المحاضرات التثقيفية الصحية لمسلمي سراييفو(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب