• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / المرأة في الإسلام
علامة باركود

المساواة بين الزوجين ومقتضى الفطرة في أعمالهما

المساواة بين الزوجين ومقتضى الفطرة في أعمالهما
وائل حافظ خلف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/11/2014 ميلادي - 6/2/1436 هجري

الزيارات: 13355

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المساواة بين الزوجين

ومقتضى الفطرة في أعمالهما

الروض الوريف شرح حقوق الجنس اللطيف (14)


إن الإصلاح الأكبرَ الذي جاء به الإسلام، ونزل به القرآنُ في شأن النساء هو الآية (228) من سورة البقرة، فهذه الآية قد هدَمَتْ جميعَ ما كان من النظريات والدعاوَِي والعادات والتقاليدِ التي يستبدُّ بها الرجال الأقوياءُ ويستعلُون على النساء الضعيفات في أَنْفُسِهِنَّ وأموالهن وأولادهن.

 

وقد فسرنا هذه الآيةَ في الجزء الثاني من تفسيرنا[1] بما بيَّنا به هذه الدرجةَ، وننشر هنا ملخصَه، وهذا نصُّه:

﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ [البقرة: 228].

 

هذه كلمة جليلة جدًّا جمعتْ على إيجازها ما لا يؤدَّى بالتفصيل إلا في سِفْر كبير، فهي قاعدة كلية ناطقةٌ بأن المرأة مساويةٌ للرجل في جميع الحقوق إلا أمرًا واحدًا عبَّر عنه بقوله: ﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾، وهذه الدرجة مفسَّرةٌ بقوله تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴾ [النساء: 34].

 

وقد أحال في معرفة ما لهنّ وما عليهن على المعروف بين الناس في معاشراتهم ومعاملاتهم في أهليهن، وما يجري عليه عُرْفُ الناس هو تابع لشرائعهم وعقائدهم وآدابهم وعاداتهم، فهذه الجملة تُعطي الرجلَ ميزانًا يَزِنُ به معاملتَه لزوجه في جميع الشؤون والأحوال، فإذا همَّ بمطالبتها بأمر من الأمور يتذكر أنه يجب عليه مثلُه بإزائه، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما: «إنني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي لهذه الآيةِ»[2].

 

وليس المراد بالمثلِ المثلَ لأعيان الأشياء؛ وإنما أراد أن الحقوق بينهما متبادلةٌ وأنهم أَكْفَاءٌ، فما مِن عملٍ تعمله المرأةُ للرجل إلا وللرجل عملٌ يقابله لها، إن لم يكن مثلَه في شخصه، فهو مثلُه في جنسه، فهما متماثلان في الحقوق والأعمال، كما أنهما متماثلان في الذات والإحساس والشعور والعقل، أي إن كُلاًّ منهما بشرٌ تامٌّ له عقل يتفكر في مصالحه، وقلب يحب ما يلائمه ويُسَرُّ به، ويَكرَه ما لا يلائمه وما ينفُِر منه[3]، فليس من العدل أن يتحكَّم أحد الصِنفين بالآخَر ويتخذَه عبدًا يستذِلُّه ويستخدمُه في مصالحه، لا سيما بعد عقد الزوجية والدخولِ في الحياة المشتركةِ التي لا تكون سعيدةً إلا باحترام كلٍّ منَ الزوجين الآخَرَ والقيامِ بحقوقه.

 

قال الأستاذ الإمام قدَّس الله رُوحه:

هذه الدرجة التي رفع النساء إليها لم يرفعهن إليها دِينٌ سابق، ولا شريعة من الشرائع، بل لم تصل إليها أُمةٌ من الأمم قبل الإسلام ولا بعدَه، وهذه الأمم الأوربية التي كان مِن تقدُّمِها في الحضارة والمدَنِيَّةِ أنْ بالغتْ في تكريم النساء واحترامهن، وعُنيت بتربيتهن وتعليمهن العلومَ والفنون، لا تزال قوانينُ بعضِها تمنع المرأةَ من حق التصرف في مالها بدون إذن زوجها، وغير ذلك من الحقوق التي منحتها إياها الشريعة الإسلاميةُ من نحو ثلاثةَ عشرَ قرنًا ونصفٍ.

 

وقد كان النساء في أوربا منذ خمسين سنةً بمنزلة الأَرِقَّاء في كل شيء كما كن في عهد الجاهلية عند العرب أو أسوأ حالاً، ونحن لا نقول: إن الدين المسيحي أمرهم بذلك؛ لأننا نعتقد أن تعليم المسيح لم يخلص لهم كاملاً سالمًا من الإضافات والبدع. ومن المعروف أن ما كانوا عليه من الدين لم يُرَقِّ المرأةَ؛ وإنما كان ارتقاؤها من أثر المدنيَّة الجديدةِ في القرن الماضي.

 

وقد صار هؤلاءِ الإِفْرِنْجُ الذين قصرت مدنيَّتُهم عن شريعتنا في إعلاء شأن النساء يفخرون علينا، بل يرموننا بالهمجية في معاملة النساء، ويزعم الجاهلون منهم بالإسلام أن ما نحن عليه هو أثر ديننا.

 

ذكر الأستاذ الإمام في الدرس أن أحد السائحين من الإفرنج زاره في الأزهر وبَيْنَا هما مارَّان في المسجد رأى الإفرنجيُّ بنتًا مارةً فيه فبُهت وقال: ما هذا؟ أنثى تدخل الجامع!!!

 

فقال له الإمام: وما وجهُ الغرابة في ذلك؟

قال: إننا نعتقد أن الإسلام قرر أن النساء ليس لهن أرواحٌ وليس عليهن عبادةٌ! فبيَّن له غلطَه وفسَّر له الآياتِ فيهن[4].

 

قال[5]: فانظروا كيف صرنا حُجةً على ديننا؟ وإلى جهل هؤلاء الناس بالإسلام حتى مثل هذا الرجل الذي هو رئيسٌ لجمعية كبيرة[6] فما بالكم بعامتهم؟!

 

إذا كان الله قد جعل للنساء على الرجال مثلَ ما لهم عليهن إلا ما ميزهم به من الرياسة، فالواجب على الرجال بمقتضى كفالة الرياسة أن يعلموهن ما يمكنهن من القيام بما يجب عليهن ويجعل لهن في النفوس احترامًا يعين على القيام بحقوقهن ويسهل طريقه؛ فإن الإنسان بحكم الطبع يحترم مَن يراه مؤدَّبًا، عالمًا بما يجب عليه عاملاً به، ولا يسهل عليه أن يمتهنه أو يهينه، وإذا بدرت منه بادرة في حقه رجع على نفسه باللائمة، فكان ذلك زاجرًا له عن مثلها.

 

خاطب الله تعالى النساءَ بالإيمان والمعرفةِ والأعمال الصالحة في العبادات والمعاملات كما خاطب الرجال، وجعل لهن عليهم مثلَ ما جعله لهم عليهن، وقرن أسماءَهن بأسمائهم في آيات كثيرة، وبايع النبيُّ صلى الله عليه وسلم المؤمناتِ كما بايع المؤمنين، وأمرهن بتعلُّم الكتابِ والحكمة كما أمرهم، وأجمعتِ الأُمةُ على ما مضى به الكتاب والسنة من أنهن مَجْزِيَّاتٌ على أعمالهن في الدنيا والآخرة، أفيجوز بعد هذا كلِّه أن يُحْرَمْنَ من العلم بما عليهن من الواجبات والحقوق لربِّهن وبُعُولتهن ولأولادهن ولذي القربى وللأمة والملة؟

 

العلم الإجماليُّ بما يُطلب فِعْلُه شرطٌ في توجُّه النفسِ إليه؛ إذ يستحيل أن تتوجه إلى المجهول المطلق، والعلم التفصيليُّ به المبيِّنُ لفائدة فِعْلِه ومضرةِ تركِه يُعَدُّ سببًا للعناية بفعله والتوقِّي من إهماله، فكيف يمكن للنساء أن يؤدِّينَ تلك الواجباتِ والحقوقَ مع الجهل بها إجمالاً وتفصيلاً؟ وكيف تسعد في الدنيا أو الآخرة أُمةٌ نصفها كالبهائم لا يؤدِّي ما يجب عليه لربه ولا لنفسه ولا للناس[7]؟ والنصف الآخر قريب من ذلك؛ لأنه لا يؤدي إلا قليلاً مما يجب عليه من ذلك ويترك الباقي ومنه إعانةُ ذلك النصفِ الضعيف على القيام بما يجب عليه[8]أو إلزامه إياه بما له عليه من السلطة والرياسة.

 

إن ما يجب أن تعلمه المرأة من عقائد دينها وآدابِه وعباداته محدودٌ؛ ولكن ما يُطلب منها لنظام بيتها وتربية أولادها ونحوِ ذلك من أمور الدنيا كأحكام المعاملات - إن كانت في بيت غنًى ونعمة - يختلف باختلاف الزمان والمكان والأحوال، كما تختلف بحسَب ذلك الواجب على الرجال: ألا ترى الفقهاءَ يوجبون على الرجل النفقةَ والسُّكْنَى والخدمة اللائقةَ بحال المرأة؟ ألا ترى أن فروض الكفايات قد اتسعت دائرتُها، فبعد أن كان اتخاذ السيوف والرماح والقِسِيِّ[9] كافيًا في الدفاع عن الحَوْزة صار هذا الدفاعُ متوقِّفًا على المدافع والبنادق والبوارجِ[10] وعلى علوم كثيرة صارت واجبةً اليومَ ولم تكن واجبة ولا موجودةً بالأمس؟ ألم ترَ أن تمريض المرضى ومداواةَ الجرحى كان يسيرًا على النساء في عصر النبيِّ صلى الله عليه وسلم وعصرِ الخلفاء رضي الله تعالى عنهم وقد صار الآن متوقفًا على تعلم فنونٍ متعددة وتربيةٍ خاصة؟ أيُّ الأمرين أفضلُ في نظر الإسلام: أَتَمريضُ المرأة لزوجها إذا هو مَرِضَ أمِ اتخاذُ ممرضة أجنبيةٍ تَطَّلِعُ على عورته وتكتشف مُخَبَّآتِ بيته؟ وهل يتيسر للمرأة أن تُمَرِّضَ زوجَها أو ولدَها إذا كانت جاهلةً بقانون الصحة وبأسماء الأدوية؟ نعم يتيسر لكثيرات قتل مرضاهن بزيادة مقادير الأدوية السامة أو بجعل دواءٍ مكانَ آخَرَ.

 

(وقد ذكرنا في التفسير هنا[11] كلامًا للمُحَدِّثين والفقهاء في حقوق كلٍّ من الزوجين على الآخر كقول الأكثرين: إن المرأة لا يجب عليها للرجل غير الطاعة في نفسها وحفظ نفسها وماله دون خدمة الدار، ورده بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بنتَه فاطمة بخدمة البيت وبأمر عليٍّ بما كان في خارجه[12]، وجزم بعض المحققين من الحنابلة أن ذلك يرجع إلى عرف الناس... ثم قلنا:

وما قضى به النبيُّ صلى الله عليه وسلم بين بنته وربيبِه وصهرِه - عليهما السلام - هو ما تقضي به فطرةُ الله تعالى وهو توزيع الأعمال بين الزوجين: على المرأة تدبير المنزل والقيام بالأعمال فيه، وعلى الرجل السعي والكسب خارجَه، وهذا هو المماثلة بين الزوجين في الجملة، وهو لا ينافي استعانةَ كلٍّ منهما بالخَدَم والأُجَرَاءِ عند الحاجة إلى ذلك مع القدرة عليه، ولا مساعدةَ كلٍّ منهما للآخَر في عمله إذا كانت هناك ضرورة، وإنما ذلك هو الأصلُ والتقسيم الفِطْري الذي تقوم به مصلحةُ الناس وهم لا يستغنون في ذلك ولا في غيره عن التعاون ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ (البقرة: 286) ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [المائدة: 2].

 

وإذا أردت أن تعرف مسافةَ البعد بين ما يعمَلُ أكثر المسلمين وما يعتقدون من شريعتهم فانظر في معاملتهم لنسائهم تجدهم يظلمونهن بقدر الاستطاعة، لا يصدُّ أحدَهم عن ظلم امرأته إلا العجزُ، ويُحمِّلونهن ما لا يحملنه إلا بالتكلُّف والجَهد، ويُكثرون الشكوى من تقصيرهن، ولئِنْ سألتَهم عن اعتقادهم فيما يجب لهم عليهن لَيَقُولُنَّ كما يقول أكثر فقهائهم: إنه لا يجب لنا عليهن خدمةٌ ولا طبخ، ولا غسل ولا كَنْس ولا فَرْش، ولا إرضاعُ طفل، ولا تربية ولد، ولا إشرافٌ على الخدم الذين نستأجرهم لذلك، إنْ يجب عليهن إلا المكثُ في البيت والتمكينُ من الاستمتاع، وهذان الأمران عَدَمِيَّانِ، أي عدم الخروج من المنزل بغير إذن وعدم المعارضة بالاستمتاع، فالمعنى أنه لا يجب عليهن للرجال عملٌ قطُّ، بل ولا للأولاد مع وجود آبائهم.

 

وأما قوله تعالى: ﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ [البقرة: 228] فهو يوجب على المرأة شيئًا وعلى الرجال أشياءَ، ذلك أن هذه الدرجة هي درجة الرياسة والقيام على المصالح المفسَّرة بقوله تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34]  فالحياة الزوجية حياةٌ اجتماعيةٌ ولا بد لكل اجتماع من رئيس؛ لأن المجتمعين لا بد أن تختلف آراؤهم ورغباتُهم في بعض الأمور، ولا تقوم مصلحتُهم إلا إذا كان لهم رئيس يُرجع إلى رأيه في الخلاف، لئلا يعمَلَ كلٌّ على ضد الآخَرِ فتنفصمَ عروةُ الوَحدةِ الجامعة ويختلَّ النظام، والرجل أحق بالرياسة لأنه أعلم بالمصلحة وأقدَرُ على التنفيذ بقوته وماله، ومن ثَمَّ كان هو المطالَبَ شرعًا بحماية المرأة والنفقةِ عليها، وكانت هي مطالَبَةً بطاعته في المعروف... الخ.

 

مقتضى الفطرة في أعمال الزوجين:

هذا وإنَّ ما تقرر في السُّنة من اقتسام أعمال الزوجين بين الرجل والمرأة هو مقتضى الفطرة - والإسلام دين الفطرة - فقد فضَّل الله الرجلَ في خِلْقته بقوة في الجسم والعقل كان بها أقدرَ على الكسب والحماية والدفاع الخاصِّ بالأسرة، والعامِّ للأُمة والدولة، ومِن ثَمَّ فرضَ عليه النفقةَ، وبها كان الرجال قَوَّامِينَ على النساء، يتولَّوْن الرياسة العامَّةَ والخاصَّة التي لا يقوم النظام العامُّ ولا الخاصّ بدونها، فعليه جميع الأعمال الخارجية في أصل الفطرة، وهذا ما عليه جميع أمم الحضارة.

 

ومن مقتضى الفطرة اختصاصُ المرأة بالحمل والرضاع وحضانةِ الأطفال وتربيتِهم وتدبير المنزل بجميع شؤونه، ولها الرياسة في جميع الأعمال الداخلية الْمَحْضَةِ فيه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا» الحديثَ، وهو متفق عليه.

 

ولا ينازع في تفضيل الله الرجلَ على المرأة في نظام الفطرة إلا جاهل أو مكابر، فهو أكبر دماغًا، وأوسع عقلاً، وأقوى عضلاً، وأعظم استعدادًا للعلوم، وأَقْدَرُ على مختلف الأعمال، بل هو يؤدي وظيفته من حِكمة الزوجية وهي النسل كإفراغ مادَّتِه بإرادته واختياره في عامة أحواله، والمرأة ليس لها قدرة على مثل هذا وإنما تَنشأ فيها بويضاتُ النسل في أوقات مخصوصة لا إرادة لها فيها، والحيوان المنوي الذي يُلقِح هذه البويضاتِ هو الذي يسعى إليها في مكانها من مدخل الرحم إلى مُسْتَقَرِّه فيلقحها، وليست هي التي تسعى إليه، بل هي لا تشاركه أيضًا في هذا المسعى، وإنما تنتظره انتظارًا، فمنه الحصولُ والفعل، وعليها القَبول والانفعال، ويجد في البيضة التي يُلقحها الغذاءَ الذي يكون به النّموُّ = وإنما الحركة والنمو من خاصِّيَّتِه لا منها = إلى أن تتكون النطفة المتحدة بالتنقل في الأطوار فتكونَ جنينًا لإنسان كامل، فكذلك يسعى الرجل ويَكْدَحُ وينقُل ما يَكْسِبُه إلى المرأة في الدار فتتصرفُ فيه بما تقتضيه حاجة الأسرة من غذاء وغيره.

 

ومَنِ استقرأ طباعَ النساء السليماتِ الفطرةَ من جناية سوء التربية وفساد النظام يرى أن الثابت في غرائزهن أن خير الأزواج وأولاهم بالاختيار مَن كان قادرًا على الكسب وحماية النسل وصيانته، وما تتوقف عليه تربيتُه إلى أن يبلغ أَشُدَّه.

 

وقد ألقتْ غيرُ واحدة من الصحف الإفرنجيةِ ولا سيما الإنكليزيةُِ أسئلةً على النساء فيمن يُفَضِّلْنَ من الأزواج وصفات الرجال، فجاءت أكثرُ أجوبتهن على ما ذكرنا.

 

على أن هذا النظام الفطري الشرعيَّ في الزوجية لا يمنع غيرَ الزوجات والأمهات من المسلمات أن يشتغلن بالتوسع في بعض العلوم والأعمال العامَّةِ بقدر استعدادهن ورغبتهن، وإنما الأفضل والأنفعُ لهن ولأُمتهن وللإنسانية كلِّها أن يُتْقِنَّ العلوم والأعمال الخاصَّةَ بالزوجية والأمومة، وقد صارت في هذا العصرِ كبيرةً وكثيرة.



[1] راجع "تفسير المنار" (ج2/ ص375-380) ط/ المنار.

[2] أخرجه الطبري في "التفسير" (4/ 532) برقم (4768)، قال: حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي، عن بشير بن سلمانَ، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: «إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي؛ لأن الله تعالى ذكره يقول: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾».

وأخرجه ابن أبي حاتم (2/ 417) رقم (2196) قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، ثنا وكيع ... فساقه بمثله سواء.

ثم رواه الطبري (4/ 535) رقم (4776)، وابن أبي حاتم رقم (2198)، بالإسناد عينه إلى ابن عباس قال: «وما أحب أن أستنظف (أي: أستوفي) جميعَ حقي عليها؛ لأن الله تعالى ذكره يقول: ﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾».

وأورده السيوطي في "الدر المنثور"، وزاد عزوه إلى وكيع، وسفيان بن عيينة، وعبد بن حميد، وابن المنذر.

[3] في تفسير "المنار": «ويكره ما لا يلائمه وينفر منه».

[4] في تفسير "المنار": «وفسر له بعض الآيات فيهن».

[5] يعني: محمد عبده.

[6] كان سبب هذا ما أذاعه رجالُ الكنيسة من الكتب والرسائل والأناشيد في ذم الإسلام والافتراء عليه. (رشيد).

[7] في التفسير: «ولا لنفسه ولا لأهله ولا للناس».

[8] في التفسير: «بما يجب عليه من علم وعمل».

[9] القِسِيّ: جمع قَوْس.

[10] جاء في حاشية "تفسير المنار" (ج2/ ص378): «وقد حدث بعد كتابة هذا وطبعه سنة 1323 أنْ تقدم فن الأساطيل الجوية، فصارت من عوامل الحرب، وربما تفوق غيرها حتى يستغنى بها عنها».

[11] (ج2/ ص378-379). وانظر: "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (ج34/ ص90-91)، و"زاد المعاد في هدي خير العباد" (ج5/ ص186-189)، و"فتح الباري" (ج9/ ص324، وص506-507).

[12] قال الإمام أبو بكر ابن أبي شيبة رحمه الله في كتاب أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم من "المصنف": حدثنا عيسى بن يونس، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب قال: «قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته فاطمة بخدمة البيت، وقضى على عليٍّ بما كان خارجًا من البيت من الخدمة».

ثم أعاده بإسناده ومتنه في كلام عليّ بن أبي طالب من كتاب الزهد.

وهذا سند ضعيف؛ أبو بكر بن أبي مريم ضعيف، ثم هو مرسل؛ ضمرة بن حبيب تابعي.

والأثر عزاه الإمام ابن قدامة رحمه الله في "المغني" إلى أبي إسحاقَ الجوزجاني أيضًا. وانظر "زاد المعاد في هدي خير العباد" (ج5/ ص186-189).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الوفاء بين الزوجين طريق السعادة في الدارين
  • الرضا بين الزوجين
  • المشاركة الفعالة بين الزوجين
  • وظائف الرجال والنساء وأعمالهما
  • المساواة بين الرجل والمرأة في الاعتبار البشري

مختارات من الشبكة

  • العدل والمساواة في الإسلام (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • المساواة الاجتماعية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • المساواة بين الرجل والمرأة في حق العمل(مقالة - ملفات خاصة)
  • وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة (2/4)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المساواة بين الرجل والمرأة في النشأة والأصل(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • المساواة بين الرجل والمرأة في حق الحياة(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • المساواة بين الرجل والمرأة في التكريم(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطورة المساواة بين الجنسين (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • المساواة بين الرجل والمرأة في الإيمان(كتاب - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • المساواة بين الزوجتين(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب