• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / المرأة في الإسلام
علامة باركود

بعض مطالب المرأة الحديثة

بعض مطالب المرأة الحديثة
إبراهيم الباروني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/6/2014 ميلادي - 17/8/1435 هجري

الزيارات: 10815

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بعض مطالب المرأة الحديثة


1- السفور والحجاب.

2- منافسة الرجل في العمل.

3- المساواة المطلقة.

 

أول ما يقال في هذه المطالب التي ارتفعت صيحتها في الشرق بعد الغرب، أنها تقليد أعمى للغرب، وليست عن شعور حقيقي في الشرق بحاجته إلى منح هذه المطالب للمرأة. والحقيقة أن هناك عاملين هما السبب في ذيوع هذه الآراء في الشرق، أما الأول، فهو حرص السياسات الاستعمارية المختلفة التي كانت تثبت دعايتها من قبل الحرب لقلب الأوضاع القائمة على أساس الدين في الشرق لغايات كثيرة ليس هذا سبيل شرحها؛ وأما الثاني فهو إحساس كثير من قادة الفكر في الشرق بسوء الحالة الاجتماعية واعتقادهم أنه لا سبيل إلى إصلاح تلك الحالة إلا باتخاذ النظم الاجتماعية الغربية، ومن ذلك نظام العائلة وسفور المرأة واعتبارها مساوية للرجل في الحقوق والواجبات، ولولا وجود هذين العاملين السياسيين لما كان يمكن أن يقدر لهذه الحركة النجاح والذيوع الذي بلغته في الشرق العربي اليوم.

 

فعلى ضوء ما قدمناه من بحث في مكانة المرأة ومهمتها الفطرية، نستطيع أن نحكم من أول وهلة بأن هذه المطالب لا يمكن أن تتفق بحال مع هذه المهمة المقدسة للمرأة المثلى، وإذا كان هناك من العوامل ما أخل بميزان العلاقة بين الجنسين حتى أصبح المجتمع يلتمس التوازن في مثل هذه المطالب، فإن الإصلاح الحقيقي لحال المرأة - كما سنثبت فيما بعد هنا - بعيد كل البعد عن هذه المطالب، فليس هناك امرأة في الشرق إذا خليت بينها وبين نفسها إلا وكانت أمنيتها في الحياة هي الحياة المنزلية الوديعة، لا في ضوضاء المجتمعات ولا في غمار الحياة العملية، بل هذه هي أمنية كل امرأة تدرك مهمتها في الحياة وتقدر مواهبها وقابلياتها التي زودت بها في الحياة؛ وهي دستور كل امرأة عظيمة أنجبت عظماء التاريخ في العلم والسلم والحرب.

 

وها نحن أولاء نتناول أهم هذه المطالب وهي الثلاث التي صدرنا بها هذا الفصل زيادة في الإقناع ونبدأ بأولها:

(أ) السفور والحجاب:

مسألة السفور والحجاب وما يقصد منهما ضمناً من اختلاط الرجال والنساء في المجتمعات والحياة اليومية العامة، مسالة لا يسع أي باحث عربي - ولو كان غير مسلم - أن يتناولها فيما يكتب دون أن يأخذ بنظر الاعتبار وجهة نظر الإسلام إليها وحكمه في شأنها. وسواء قصدنا من مراعاة وجهة الدين في هذا الموضوع، اتباع أوامر الدين، أو قصدنا الإصلاح بصورة مطلقة فالنتيجة واحدة، وهي ما سننتهي إليه في هذا البحث، على أن النتيجة تبقى هي هي، حتى ولو بحثنا الموضوع على أساس (اللادينية)، بشرط أن نجعل نفع المجتمع، لا المرأة وحدها، والصالح العام للمجموع، لا الصالح الخاص للفرد، أساساً للبحث.

 

فأما (السفور) فقد أباحه الشرع الإسلامي الحنيف بشروط هي ضرورية لازمة لدرء ما يحتمل من المفاسد، فأوجب الحجاب عند خوف الفتنة، وأجاز السفور في حدود الحشمة.

 

أما اختصاص بعض الطبقات دون بعض بالسفور أو بالحجاب، فتلك نقطة فرعية، وما عهد التاريخ عهداً شاع فيه السفور إجماعاً أو الحجاب إجماعاً في الشرق الإسلامي، بل كان هناك أبداً طبقتان: طبقة سافرة، وطبقة محتجبة. ولهذا أسباب اجتماعية لا يزال مفعولها محسوساً إلى اليوم.

 

لقد فرض الإسلام (كما قدمنا) على المرأة أن تقر في بيتها ﴿ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33]، وأمر الرجل غير المحرم أن يكلمها من وراء حجاب، لأن ذلك أطهر للقلوب وأحفظ للعفاف، وأدعى إلى انصراف المرأة لمهمتها الطبيعية كأم، وزوجة.. وربة بيت.

 

ومعنى هذا أن خروج المرأة من بيتها أصبح مقيداً بالضرورة؛ إلا من أحوجها كسب الرزق إلى السعي بنفسها، فلم يلزمها بشيء غير الحشمة والستر، وأباح كشف الوجه وحده، فعلى الأول جرى أهل الحضر، وعلى الثاني جرى أهل البادية والطبقة الفقيرة العاملة. فلما كان اختلاط العرب بسكان البلاد المفتوحة وامتدت عليهم ظلال النعيم والترف، بقي أهل البادية والطبقة الفقيرة العاملة على سنتهم من السفور، وظهر الغلو في التحجب بين أهل الطبقة العليا من الأمراء والأغنياء وأصحاب الجاه. وإذا كان أكثر الناس ينظرون في هذا العصر إلى الحجاب، بتأثير الأفكار والدعايات الأجنبية عن (الحريم) في الشرق نظرهم إلى غل من الحديد أرهق به الرجل كاهل المرأة، فإني أعتقد أن المرأة (الارستقراطية) نفسها هي التي استحبت الحجاب لنفسها، ولم يكن للرجل في الواقع سوى إقرارها على ذلك، لأنه من جهة موافق للشرع ومن جهة سمة الحشمة والشرف.

 

وإلى القارئ صورة تقرب إليه هذه الفكرة:

ليتصور حسناء سليلة بيت عريق في الشرف والثروة، تربت في أحضان الدلال تقضي الشهور من أيام حياتها لا ترى ولا يراها أحد غير طائفة من ذويها وصحبها وخدمها، هي ظبية - ولو لم تبلغ من الجمال حد الفتنة - ألفت وحشة العزلة والانفراد ولم يعتد طيفها أن يتلقى سهام الأنظار كلما برز إليها مضت ترشقها إما لنصيب من الملاحة فيها أو لمجرد ما يلوح عليها من دلائل النعمة والترف، تصورها كذلك تغادر كناسها لتمر في طريق عامة لزيارة من الزيارات فترى نفسها هدفاً للأبصار ترمقها من كل عابر وسائر، وتصور ما يكون لذلك من أثر في نفسها، يثير فيها الحياء والخجل، حتى لتود لو تسوى بها الأرض أو تصعد في السماء أو تبلغ قصدها في طرفة عين.. فليس لها من حيلة تدرأ بها هذا الحرج كلما خرجت من بيتها سوى اتخاذ النقاب يصرف عنها الأنظار ويحجبها عنها ويدعها تمضي في طريقها بسلام.

 

فأنت ترى أن الحجاب لم يعممه الشرع ولا بدأ الرجل بتعميم فرضه قسراً وعنوة، وإنما هو أكثر من كل شيء وليد حياة العزلة عن غمار الجماهير، التي قضت بها أوامر الشرع بإقرار المرأة في بيتها؛ ومن بعد غدا مظهراً يميز المرأة الشريفة الجميلة والمرأة الغنية، عن غيرها من نساء العامة والفقراء. وكان هذا التميز من أكبر دواعي التقليد الذي عمم الحجاب بين الكثرة الغالبة من النساء تشبهاً بالأشراف والأغنياء. فالحجاب عند المرأة الشريفة ذات الحسب والنسب شيء تتخذه من ذات نفسها حياء وحشمة؛ فإذا رأيناه اليوم معدوداً في عداد القيود والأغلال التي يراد أن تتخلص منها المرأة الحديثة، فذاك دليل على مبلغ الانتكاس الذي أصاب فكر المرأة، وذاك شأن الزمن حين يتطاول على كل فكرة فيخفي معالمها ويحيل مقاصدها، ويعكس معانيها. على أنه مهما يكن من حكم السفور فلا يمكن أن يكون له شأن مباشر في ترقية مستوى المرأة، ولو سلمنا جدلاً بأن أمة بأكملها أجمعت (مختارة أو مكرهة) على سفور المرأة فكل غيور على صالح الأمة وعفاف المرأة لا يسعه أن يتجاهل ما يحدثه هذا الانقلاب من رد فعل شديد الأثر سيء العواقب في أخلاق تلك الأمة. فإذا كانت مثل هذه الخطوة أساسية في صلاح حال المرأة، فجدير بنا أن نخطوها بأناة وحذر في طريق ممهدة بالتعليم القويم والتربية القوية للأجيال الناشئة، أما الطفرة، والثورة والعربدة من قبل المرأة وأنصارها في سبيل تمزيق الحجاب فهو تمزيق لثوب الحشمة ورمز العفاف. ومن الخير كل الخير للمجتمع العربي الحديث أن يتأنى جهده في رفع النقاب عن وجه ألف الستر، فأشد ما يخاف عليه البهر..

 

بعد هذا لنواجه الشطر الثاني المقصود ضمناً من معنى السفور: وهو هدم (باستيل) المرأة واختلاط الجنسين في المجتمعات والحياة العامة.

 

قلنا إن مهمة المرأة الطبيعية - وكل وضع غير طبيعي وضع معكوس- هي أن تكون أماً وزوجة وربة بيت، فإن أعوزتها الحاجة لكسب الرزق فقس الأعمال النسائية التي تلاءم هذه المهمة: من خياطة وتطريز وطهي وكي وغسيل وتربية أطفال، في هذا وفي كثير غيره مجال واسع لكسب المرأة كفافها في ستر وكرامة. ولقد كان كثير من كتاب العربية الكبار المعروفين بالنزعة إلى التجديد، ينسبون تأخر المجتمع الشرقي وما يظله من كآبة إلى احتجاب المرأة عن مجالس الرجال؛ ويزعمون أن الضرورة (ضرورة خلق أدب حي ومجتمع مهذب) تستلزم دعوة المرأة إلى مجتمعات الرجال فتحرك بوجودها فيه حوافز النشاط والتنافس والتسامي، مما يذكي قرائحهم ويطلق مواهبهم، ويصقل طباعهم، ويشرق بالنور والسرور على حياتهم، من بين هؤلاء الكتاب الذي لهم مكانة رفيعة عند قراء العربية: صاحب الرسالة الأستاذ الزيات وقد رأيناه بعد مقال كتبه في مجلته منذ سنتين تقريباً بمناسبة العيد في هذا المعنى يعود هو نفسه بعد حين فيشكو في معرض الجدل مع إحدى الآنسات، من سوء الحالة المخجلة التي شهدها على شواطئ الإسكندرية من اختلاط الجنسين حتى أصبح الجدال باعترافه لأصول السفور والحجاب بل حول حق المرأة في (التجرد المطلق)..! ولست أشك أن صاحب الرسالة (وهو مفكر رصين) قد عدل عن رأيه الأول، فإن لم يكن فعل، فإنه لا بد فاعل يوماً ما، تجاه ما ستكشفه الأيام من مخازي هذا الاختلاط الداعر وهذه الطفرة الجنونية في التقليد. فإن قيل إن الاختلاط في المجتمعات الراقية غيره في مثل الحمامات والمراقص، قلنا إن جمهور المجتمعات الراقية هو الكثرة الغالبة في جمهور المراقص والحمامات؛ ولن يستطيع الإنسان أن يكون ممثلاً للفضيلة وللرذيلة في آن واحد إلا في معارض التمثيل والسينما...

 

ولندع هذا ولنسأل: ما معنى دعوة المرأة من بيتها ملقية إلى الخدم مهمتها: كأم وزوجة وربة بيت، لتقوم بمهمة الحافز لمطامح الرجل ومواهبه والمثير لشعوره وإحساسه؟ أي شرف وأي عفاف وأي طهر هذا الذي يسوغ للمرأة أن تكون حافزة لمطامح ومواهب رجل غير زوجها؟ أفنكبت الرجولة ونكبت الفضيلة حتى رضي الناس أن يقدموا العرض والشرف قرباناً على مذبح الشعر والكياسة والعبقرية؟ ليس لهذه الدعوة معنى غير هذا المعنى، وهذا غاية الإغراق والإسفاف في الضلال، فالمرأة القادرة على حفز الهمة وإذكاء المواهب، أولى بذلك منها زوجها؛ والمرأة القادرة على أن تكون منبعاً للإلهام ومبعثاً للبهجة والسرور أولى بكل ذلك منها زوجها، لتكن هي أماً وزوجة وصاحبة بيت على المثال الأكمل، يكن بيتها مبعثاً للعبقرية الصالحة وللأنس الطاهر البريء وللسعادة الحقيقية التي تحمل في أطوائها وثناياها كل خير ونعمة لها ولزوجها ولأطفالها وللأمة من ورائها جمعاء: نعم، لتبدأ المرأة والرجل بإصلاح مجتمعهما الصغير وإنشائه على أساس صالح متين، تر صرح الأمة ينشئ نفسه بنفسه، وينهض على غرار ذلك الأساس من الاتساق والقوة والجمال.

 

فيا نساء الشرق المجيد: ما عز الشرق ولا عز الغرب عزاً حقيقياً، إلا يوم كانت المرأة امرأة والرجل رجلاً على نهج الفطرة، وما ذل الشرق ولن يذل الغرب ذلاً حقيقياً إلا يوم تسترجل المرأة ويستأنث الرجل، والواقع شاهد لا يرد. فقرن في بيوتكن، ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى، وكن أمهات وزوجات صالحات، يكن كل بيت في الشرق مملكة حرة تحكمها امرأة.

 

 

(ب) منافسة الرجل في الحياة العامة:

من العجب المدهش أن تصادف مطالبة المرأة الحديثة (بخوض غمار الحياة العملية أسوة بالرجل) إقبال العالم كله على اتخاذ نظرية تقسيم العمل أساساً لتنظيم كافة شئونه السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ فالدول تقسم إلى ولايات ومستعمرات ومناطق انتداب ومناطق نفوذ، والحكومات تقسم إلى وزارات وإلى مجالس تشريعية وإلى سلطات قضائية والتجارة تسلك سبيل الاحتكار، والعلم ينحو نحو التخصص حتى إذا وصل بنا الأمر إلى باب البيت أطلت المرأة من النافذة تدعو الرجل ليرضع الطفل وتخرج هي لكرسي البرلمان فلم يكون تقسيم العمل والتخصص مطلوباً في كل شيء وتكون الفوضى هي المطلوبة في حياة العائلة وبالأحرى حياة المجتمع؟ قلنا إن الفطرة خصت الرجل لنوع من الحياة هو حياة الكدح والكفاح؛ وخصت المرأة للقرار والسكون، تخلفه في حصنه وفي ولده وفي متاعه، وتهيئ أسباب الراحة لها وله كما يهيئ هو أسباب الرزق والأمن لها وله. هذا التقسيم الفطري السليم ينطبق تمام الانطباق على نظرية تقسيم العمل ويلاءم تمام الملائمة ما ركز في جبلة الرجل والمرأة من ميزات طبيعية ووراثية في التكوين الجسمي والفكري، فما هو الباعث الحقيقي إذن لهذا الشذوذ الذي يدفع المرأة لمنازعة الرجل في عمله الذي خص به؟ الجواب على هذا السؤال ومفتاح هذا الإشكال في تحليل النتائج النفسية والاجتماعية التي خلفتها الحرب الماضية في المجتمع الغربي أصلًا وفي المجتمع الشرقي تبعاً. لقد احتلت المرأة المصانع وكثيراً من كراسي الوظائف أثناء الحرب لخلوها من الرجال الذين استجابوا لنداء الوطن. وكان بعد ذلك أن التهم سعيرها ألوف الألوف من الرجال، وطحنت رحاها من معالم المدنية والعمران ما احتاج تعميره بعد ذلك إلى ألوف الأيدي، وانكشف غبارها أخيراً عن عدد لا يحصى من الأرامل والأيتام والعائلات التي فقدت عائلها وتهدمت أو أحرقت مساكنها وهاجرت من ديارها. فإذا نفسية العالم كله، الظافر والمهزوم، الغني والفقير ممثل في رجل واحد وامرأة واحدة: رجل رزح كاهله وناء عزمه تحت أعباء الحرب وويلات الحرب ونتائج الحرب، فخرج مكروب النفس يائس الأمل مزعزع اليقين والعقيدة، كل مطلبه أن ينتبذ - إن استطاع - جانباً هادئاً من الدنيا حيثما كان، يستشعر فيه الراحة ويستجم قواه ويستعيد فيه وجدانه الثقة والإيمان في وجود شيء اسمه عدل ورحمة وإنسانية.

 

وامرأة على مثال هذه النفسية بل أشد، ثكلى والهة يدفعها الجوع وتدفعها الأمومة إلى السعي في طلب العيش من أي عمل، بعدما فقدت العائل والنصير، من والد أو زوج أو أخ. وكان واجب الحكومات في مثل تلك الحال ألا تحول بين المرأة والعمل بعد أن خلت ساحته أو كادت من الرجال؛ فإذا بالمرأة جنباً لجنب مع الرجل في كراسي الحكومة وفي المخازن والأسواق وفي أغوار المناجم وصخب المصانع، نسيت المرأة أنها امرأة وظيفتها أن تكون أماً وزوجة وربة بيت؛ ونسي الرجل أنه رجل وظيفته أن يسعى ويكسب كأب وزوج ورب عائلة؛ ولم يعد هناك رجل وامرأة بل (مخلوق) واحد همه أن يسعى بنفسه لنفسه ليعيش وكانت سكرة لم يفق منها الغرب إلا على نساء ملأن المتاجر والمصانع وكراسي العمل وقد أقفرت منهن البيوت؛ ورجال، أزواج وغير أزواج يتسكعون في الشوارع والطرقات يتعلق بهم جيش من النساء والولدان يتضورون من الجوع. تشغل الفتاة عملاً أولى به أبوها أو أخوها أو من يعنيه أمرها من قرابتها، لتعول نفسها ويجوع الآخرون ويلتمسون العمل فلا يجدون.

 

هذه المشكلة مشكلة (البطالة)، هي أهم مظاهر اختلال التوازن الاجتماعي الناشئ عن خروج المرأة عن حدود مهمتها الفطرية. ولسنا في معرض البحث عن علاج هذه المشكلة الخطيرة التي يواجهها الغرب، وإنما نكتفي بالقول إن الداء لا يزول حتى تزول دواعيه؛ فعلاج هذه الحالة الاجتماعية السيئة ينحصر في إعادة التوازن بين الرجل والمرأة، فيعود كل منهما إلى حدود اختصاصه ومهمته.

 

المرأة أم وزوجة وربة بيت هو حصنها؛ والرجل حارس الحصن وحاميه وعائله وراعيه، فتعود المرأة لبيتها وأطفالها وتخلو كراسي العمل وأبواب الرزق في وجوه الرجال، وتنتظم حياة الفرد على أساس نظام عائلي فطري مستقر. فإن بقيت بعد ذلك امرأة عاطلة ورجل عاطل، كان العاطل زوجاً للعاطلة، فيسقط عدد العاطلين في يوم واحد إلى النصف! هذه هي حال المجتمع الغربي الذي نحاول تقليده على غير هدى ولا بصيرة، فلا تقع أيدينا إلا على القشور والحثالات. فهي حال شاذة بدأ عقلاء الغربيين أنفسهم يدركون شذوذها ويحسون آثارها الوبيئة السيئة. فإذا كان الغرب نفسه ممثلاً في دولتين من دوله العظمى قوة ومدنية يحاول مجداً أن يعود بالمرأة إلى حظيرتها في آلمانيا وإيطاليا، فعلام نتعجل نحن الحوادث فنقتبس أول ما نقتبس من أوضاع الغرب ما لا خير فيه؟ هذا والشرق شرق والغرب غرب، إذا التقيا في السياسة أو في الاقتصاد أو في العلم فمحال أن يلتقيا في العادات والأخلاق مما هو أثر من آثار للمحيط فيها عامل كبير. فهما على هذا التباين الاجتماعي منذ التقيا في فجر التاريخ. وإذا كانت المرأة الغربية تجد من صعوبة الزواج ومن ألفتها الاختلاط بالرجال ومن العادات التي تحملها أحياناً على إعالة نفسها بنفسها ولو كانت من ذوي القربى؛ فإن المرأة الشرقية وخاصة المسلمة يجب ألا تفكر في الاشتغال بأعمال الرجل قبل أن تفكر في الزواج برجل. فالزواج وحده هو الذي يصون المرأة في الشرق من الأذى ويوفر لها مطالب الحياة، لتنصرف هي لما هو أجدى وأليق من نواحي الحياة، واجبات الحياة العائلية. ولو أن المرأة العربية الحديثة سارت على هذا النهج لما كانت أزمة زواج، ولا كان انحطاط أخلاق، ولا كان تفكك في روابط الأسرة كالذي نشهده اليوم؛ ولاسترحنا من أكثر النقائص والأمراض الاجتماعية التي لم تزدها (حرية المرأة) إلا استفحالاً فسرت تفتك في كياننا وفي كيان الشرق الفتك الذريع حتى كانت سبب تدهوره وانحطاطه وزوال دولته وسلطانه وبلوغه هذا الدرك من الضعف والهوان. فيا فتيات الشرق، ويا بنات يعرب: كن أمهات وزوجات صالحات، تكنّ عاملات، نافعات للوطن، وذاك أجدى وأنفع.

 

(يتبـع)

المصدر: مجلة التمدن الإسلامي، السنة الثانية، العدد السادس، 1356هـ - 1937م





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مطالب المرأة الحديثة
  • من أحكام المرأة (المصافحة - الخلوة - السفور والحجاب)

مختارات من الشبكة

  • التقنية الحديثة مطلب من مطالب التغيير الإداري(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • تسوية الأفهام لفقه الوسطية والاعتدال(مقالة - موقع أ. حنافي جواد)
  • ميراث المرأة في الإسلام(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • تقوية الصلة بالله تعالى وآثارها النفسية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الهند: مطالب بإنشاء كليات وجامعات للمرأة المسلمة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • ارفع سقف المطالب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مقاصد الانتقال ومطالب المزج بين اللهجات في سياق نظم القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قراءة لقصيدة صرفت إلى رب الأنام مطالبي للشاعر محمد الفاطمي الإدريسي(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • نهج الطالب لأشرف المطالب للجوهري الصغير(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المجتمعات الخضراء: المطالب والتحديات، ودور مهن المساعدة الإنسانية - الخدمة الاجتماعية أنموذجا(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب