• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / استراحة الحج
علامة باركود

الحركة العلمية في مواسم الحج خلال القرن السادس الهجري

د. سليمان بن عبدالغني مالكي

المصدر: الدرعية: السنة الثانية - العدد السادس والسابع، ربيع الآخر - رجب 1420هـ / أغسطس - نوفمبر 1999م
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/12/2010 ميلادي - 14/1/1432 هجري

الزيارات: 24315

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحركة العلمية في مواسم الحج خلال القرن السادس الهجري

الدكتور سليمان بن عبدالغني مالكي[1]


الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسلام على أشرف المرْسلين سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحْبِه أجمعين.

 

وبعد:

فإنَّ الحج[2] ركن الإسلام المجمع عليه، وهو من أقدم العبادات التي عرفَتْها الإنسانيَّة منذ أن دعا إليه أبو الأنبياء إبراهيم - صلوات الله عليه - وأقام له أوَّل بيت وضع للنَّاس على أساس التَّوحيد لله - سبحانه - وكانت العرب تقوم بهذه الشَّعيرة فيما بين زمن إبراهيم وإسماعيل ورسالة ابنِهما - مجدِّد التَّوحيد الخالص بعدهُما - سيّدنا محمَّد بن عبدالله، عليه وعليْهما أفضل الصَّلاة وأتمُّ التَّسليم.

 

وتاريخ الحجّ في الإسلام كان يشكِّل بأهميته عنصرًا عظيمًا من عناصر التاريخ الإسلامي، وكان الحجَّاج المسلمون في الفترة - موضوع البحث قبل عهدِهم بالأسفار الجويَّة، أو السفن البخارية الحديثة - يتجشَّمون جميع أنواع المصاعب في أبلغ معانيها من حيث سفرهم، وتَصَدُّرهم من أقاصي الدنيا إلى البلاد المقدسة في كلّ عام لحجّ بيت الله الحرام، وزيارة مسجد سيّد الأنام - عليْه الصَّلاة والسَّلام - وهُم تحت ظِلال السُّفُن الشِّراعيَّة البدائيَّة الضَّعيفة في البحر، وعلى ظهور الإبل الهزيلة في البرّ، ومنهم مَن كان يفضِّل المشي لأداء هذه الشَّعيرة على الأقدام؛ حبًّا في مضاعفة مثوبته من الله - تعالى - على ما يقوم به من هذه العبادة العريقة في القِدَم، ومنهم مَن كان يريد الحجَّ وينْشَطُ إليه رغبةً في طلب العلم على عالم مشهور انتشر صِيتُه في كلِّ مكان، وجرى ذكره على كلِّ لسان، وسمع بقدومه الحجَّ في سنة من السِّنين.

 

وهذه الرَّغبة كانت متوفّرة من القديم وعبر السنين لمواسم الحج، ولاسيَّما عند طلاب العلم النجباء الَّذين تعوَّدوا الأسفار حبًّا لسماع وتحصيل معارفهم على عالم، أو علماء في جميع الأنحاء، وهؤلاء كانوا كثرة قدروا العلم في أهله حقَّ قدره، فأحبّوه، وأحبّوا سماعه على أئمَّتهم المشهورين بنبوغهم، وعلوّ قدرهم، وكثرة معارفهم، ودقَّة علومهم تدريسًا وتحديثًا وتصنيفًا[3].

 

وليس أدلّ على حرص العالم، أو المتعلم على العلم من أنَّ بعضَهم كان إذا فقد كتابًا، ولم يستَطِع الوصول إليه، أو الحصول عليه، نادى يوم الحجّ عليه، فيخبره مَن علم به[4].

 

ولعلَّ هذه الإشارة الخاطفة عن بعض أهمّيَّة منافع الحجّ قد ألْمحت إلى ما سنتحدَّث عنه في عجالة هذا البحث، ألا وهي دور الحجّ في تفاعُل الحركة العلميَّة من خلال روَّادها العُلماء الَّذين التقَوا في أمكِنة مشاعرِه المشْهورة وأزمنة شهوره المعلومة، والتِقاءاتهم هذه كانت في جَميع تزامن في مكان قد لا يتوفر لبعضهم الاجتماع ببعض في غيره[5]، ولعلَّ مشروعيَّة الحجّ انطلقت من فرضيَّة أدائه على مَن توفَّرت فيه شروطه إلى وجوب الاستِفادة من منافعه الكثيرة التي تحقّق ما تهفو إليه نفس المؤمن في دنياه، وتستهوي فؤاده في أخراه، وهذا مدرك من قوله تعالى: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28].

 

ومَن يتدبَّر أوامر الله - تعالى - في هذه الأيَّام يلمح أوَّل وهلة أنَّها للوجوب، فما بالك بمن يقف على معانيها؟ إنَّها تمتدّ ببلاغتها إلى مدارك أولي الألباب لتتناول كُنْه الحجِّ وأسراره وفروضه وواجباته في مناطق مشاعره، زيادة على منافع المسلمين التي تخصّ جَميع مناحي شؤونهم الدينيَّة والدنيويَّة السياسيَّة، والاقتصاديَّة، والاجتماعيَّة، والثَّقافيَّة، وثِمار هذه المنافع بلا شكٍّ كانت من وراء حكمة مشروعيَّة الحجّ الَّذي كان بأيَّامه المعدودة، وأمكِنته المحدودة بمثابة منتدى عامّ ضمَّ جموع المسلمين من كلّ حدب وصوب، على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم، وقد اجتمعوا على رباطٍ واحد وهو رباط الدّين، وأنعم به من رباط وحَّدَهم وجَمع شملهم، وعلَّمهم نبذ الفرقة وراء ظهورهم، وإحلال المودَّة والرَّحمة والعطف بين صفوفهم، من حيث تحويلُ سلبيَّات أفكاره، أو تصنيفاته إلى إيجابيات كانت في صالِح الحركة العلميَّة نموًّا وازدهارًا.

 

أيضًا كان من ثِمار هذه اللِّقاءات أن تبادل كلُّ حاجٍّ مع أخيه خبراته الَّتي اكتسبها من حضارة بلادِه الَّتي عاش فيها، وهذه الخبرات أنواعها شتَّى، من علوم أو فنون كانت أوقع وأكثر نفعًا للمستمع، أو الدَّارس، إذا كان المسمع أو المدرس ممَّن اشتهروا بنبوغِهم فيها أداء، أو تدريسًا وتحديثًا، والعلوم المناطة بالدّراسة - يومئذ - كانت العلوم الدينيَّة والعربيَّة، وأمَّا العلوم العقليَّة ودراستها، فقد قلَّ المشتغِلون بها في مواسم الحجّ وغيرها[6].

 

فقليلاً ما يذْكر المؤرّخون أنَّ عالمًا درس الشعر، أو المنطق، أو الفلسفة من سائر العلوم العقليَّة[7] بخلاف العلوم الدينيَّة، أو العربيَّة ومدارستها، فقد كان مألوفًا أن يردِّد المؤرِّخون، ورجال كتب الوفيات دائمًا في حديثهم عنْها قائلين (وفيها توفي.. وكان شيخًا جليلاً وإمامًا عالمًا فاضلاً... منعكفًا على العبادة.. والاشتغال بالله تعالى.. سمِع من.. وتوفِّي..

 

- أو الإمام الزَّاهد نشأ بمكَّة.. ورحل في طلب الحديث.. وسمع من.. وكان شيخًا عالمًا.. عارفًا..)[8].

 

وما أودّ التنويه إليه في هذا الصَّدد أنَّ مدارسة هذه الموادّ سواء كانت في حلقات علميَّة حامية، أو مناظرات حادَّة دارت بين علماء أفْذاذ مشهودٍ لهم في عصرهم من أقرانِهم، وهم مذكورون ضمن مصنفات بعضهم كانوا يبحثون في هذه أو تلك، مسائل عقائدية كثيرًا ما كان يدور حولها الجدل، وعلى الرغم من هذا وكثرة النقاش وطوله وشدَّة احتِدامه لكن في النّهاية كانوا يخرجون منها على وفاق لا شقاق، اعتصامًا بحبل الله المتين وسنَّة نبيِّه الكريم[9].

 

ولا حاجة بنا أن نؤكِّد أنَّ الحلقات العلميَّة والمناظرات في الحرمَين الشَّريفَين خلال مواسم الحجّ كانت مستمرَّة لا تنقطع، وهذا ليْس بِجديد على هذه الفترة بل كان قديمًا منذ أن كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيها معلِّمًا.

 

وتألُّق الحرمين الشريفين في حلقاتهما العلمية بروَّاد هذه الحركة وتبايُن معارفهم لم يكن من خلال مَن تحلَّقوا فيها من أشهر الدَّارسين والمدرِّسين، والقارئين والمقرئين، أو السَّامعين والمسمعين.

 

بل كان أيضًا من خلال توْفير الكتب ونسخها، وبخاصَّة في وقت لم تعرف فيه المطابع حينئذ، ولولا عمليَّة النسخ ما حفظت الكتُب ولا بقيت حتَّى يومِنا هذا، ولا خرجت إلى روَّاد هذه الحركة محقَّقة، ومقارنة بأصلها.

 

ونشاط هؤلاء بلا شكٍّ قد أسهم في ازدِهار هذه الحركة، ومع أنَّ المصادر قد أغفلت تواجدهم بأهم المراكز العلمية بمكَّة، كالرباطات والمدارس، إلاَّ أنَّنا لا نستبعد وجودَهم فيها حيثُ توافرتْ فيهما الكتب[10]، ولأنَّهم أيضًا كانوا بالمسجِد الحرام فيها شاهدهم ابن جبير بجوار الكعْبة الشَّريفة بوفْرة أعدادهم عندما دخل البيت الكريم في حجِّه عام 579هـ، وعندما وصف الكعبة، وما يتَّصل بجدرانِها من مصاطب قال: "ويجلس فيها - أي المصاطب - النسَّاخون، والمقرِئون... والحرم محْدق بحلقات المدرِّسين وأهل العِلْم.."[11].

 

أيضًا كانت هذه الحلقات تتأرْجح زيادة، أو كثرة تبعًا لشهرة الشَّيخ القائم على الدَّرس، ولاسيَّما كبار العلماء المشهورين بنبوغهم وذيوع صيتهم، وكثيرًا ما كان يدور البحث عنهم والاستِدلال عليهم من طلبة العلم، فإذا حجُّوا كانوا متحلّقين في حلقاتهم رغبةً في تحصيل معارفِهم على أيديهم، وسط الجوّ الروحي الَّذي أظلَّهم بالحرمين الشَّريفين، إضافة إلى مضاعفة الثَّواب من الله تعالى لكلِّ عمل يؤدَّى فيهما.

 

ويهمُّنا في البداية أن نُشير في إيجازٍ إلى تتبُّع هذه الحركة على طريق ركب الحجيج ومنازله، لنرى إلى أيِّ مدى كان نموها وثراؤها وزيادة معارفها، من خلال مشاعل نورها من العلماء، والخطباء والوعاظ، الذين أسهموا في ازدهارها على طريق الحجاج، ومحطات نزولهم، ويطالعنا في هذا المقام شيخ حران[12] - ت 622هـ - ومعلوم من ألقابه وصفاته العلمية العديدة أنَّه الفقيه فخر الدين أبو عبدالله محمَّد بن القاسم الحراني، عالم مكَّة وخطيبها، وواعظها الَّذي برع في معارف دينية شتَّى، وبخاصَّة اشتغاله بمذهب الإمام أحمد حتى بَزَّ فيه أقرانه، وجمع تفسيرًا حافلاً في مجلَّدات كثيرة أهَّلته لأن يكون في صدارة الفقهاء، والتَّدريس والفتيا، زيادة على إخْلاصِه في كثْرة عِظاته الَّتي لا يملُّ عن التَّذكير بها في أوْساط الحجيج، وخُطَبه المشهورة المنسوبة إليْه في طريق حجِّه ذهابًا وإيابًا، وفي عودته إلى بغداد جلس بباب بدْر للوعظ بعد وفاة شيخه أبي الفرج الجوزي[13]، وبالجملة فقد تألقت دعوته كغيره من العلماء على منازل دروب الحاج زيادة على تواجده بين الحجَّاج في الحرمَين وأمكنة المشاعر واعظًا ناصحًا، مرشدًا[14].

 

وإشارات المؤرِّخين في هذا الصَّدد كثيرةٌ لا نستطيع في هذه العجالة أن نبسط عنهم قولاً، ولا لمجموعهم عدًّا، لكنَّهم كانوا على الحركة ازدهارًا على دروبِهم، أو مناطق حجِّهم، ولا أدلَّ على ذلك من كثْرة العلماء في حجِّ موسم عام 573هـ، وقد اصطحبهم الوزير أبو الفرج محمد بن عبدالله بن المظفر حين طلب الحجَّ من الخليفة المستضيء، وبعد أن أذِن له خرج في جمع كبيرٍ من العلماء، ومعه ستُّمائة جمل لحمل المنقطعين، واصطحب معه جمعًا كبيرًا من الزهَّاد، وبيمارستانًا لعلاجهم، وكان العلماء معه مصدر فتوى له ولحجَّاج موسم هذه السنة[15].

 

ونلاحظ أيضًا كثرة الفقهاء الَّذين خرجوا من غيانة[16]، وانضمُّوا إلى نظرائهم من حجَّاج موسم عام 580هـ، واصطحبهم في هذا الموسم أبو العتيق أبو بكر بن الشَّيخ يحيى الغباني، وكانوا ثلاثمائة فقيه يسايِرونه بين أوْساط الحجيج في ذهابهم وإيابهم، فكانوا مشاعل نور وهداية[17].

 

ولا يفوتُنا أيضًا أن نذكر تجمُّعهم، والتقاء وفودِهم من مشرق العالَم الإسلامي ومغْرِبه قبل رمضان في مِصْر، وسماعهم على كبار علمائهم، وجهابذة فقهائها على كثرتهم وتبايُن معارفهم، ممَّا كان له تأثيرٌ في نموِّ هذه الحركة[18].

 

وقد كان على مثال مَن ذكرنا ناصحًا ومرشدًا، وواعظًا بينهم على امتداد دروبهم، ولا يملُّ من دعوته: الشَّيخ موفق الدّين عبدالله بن محمَّد بن أحمد بن قدامة المقْدسي الحنبلي عالم المذْهب، وصاحب التَّصانيف المشهورة، وله في المذْهب اليد الطُّولى، وتجلَّت معارفه فيما درج عليه غيره ممَّن ذكرنا، ققد كان مرافقًا لركبهم في ذهابِهم وإيابهم، داعيًا وموجهًا، اختاره القاضي الفاضل لهذه المهمَّة في حجِّه عام 574هـ من مصر، وعاد إلى الشَّام[19].

 

وفي العام الذي بعده حجَّ أيضًا القاضي الفاضل - ت 596هـ - لكنَّه عاد إلى مصر عن طريق البحْر، فقاسى في الطَّريق أهوالاً[20].

 

أيضًا حجَّ ابن جبير من مصر عن طريق عيذاب في عام 579هـ، وعاد في صُحْبة الرَّكب العراقي إلى بغداد، وطوَّف في سائر البلاد[21].

 

وتظلّ الحركة العلمية مصاحبة لهم على امتداد طرقهم التي زخرت بما عليها من منازل، ضمَّت مساجد وغيرها من روافدَ ثقافيَّة كانت معدَّة لاستقبالهم، وهذه المنازل كانت غاصَّة بعلماء الرَّكب، وأمير الرَّكب، وقد كان من أهمِّ مهامِّه أن يكون عالمًا عاملاً، ولاسيَّما بخُطَب الحجّ لأنَّ وظيفته من أجلِّ الوظائف الدينيَّة يومئذ، أيضًا كان عليه أن يقِف بالدَّليل والركب لأداء الصَّلوات الخمس على أوقاتها، ثمَّ يأمر مناديه لحجاج ركبه، وملحقاته، ويؤمُّهم من رجال العِلم إمام مستقلّ كعادة أمراء الحجِّ على ذلك قديمًا[22].

 

ومهمَّة أمير الحج كانت عالقةً بأذْهان مَن يسعى إليها، فقد كانتْ عليْها المنافسة، ومناظرة بعضِهم لبعضٍ فيما يريح الحجيج عمومًا، أمنًا في طرقهم، وعلمًا في مناسكهم بُغْيَةَ الحصول عليها؛ لأنَّها ترفع من قدرهم، وتزيد من شأنهم عزَّة وحماية ومنعة[23].

 

ومن أعوان القاضي[24] ويسمَّى قاضي المحمل وشرطه أيضًا أن يكون عالمًا بالفقه إذ كان يتولى الفصل بين المتنازعين في الأمور الشرعية، وتنصيبه لهذه المهمة الشريفة كانت من ولي الأمر، وقيل: يختاره أمير الحاج من العرب ليحكم بين حجَّاج الركب حكمًا شرعيًّا بعد أن تُحال إليه الأمور الشَّرعيَّة، وعمله كان مستمرًّا في ذهابه وإيابه[25].

 

وإضافة لهذا الأمير ومُعاونيه ومُوظَّفيه كان العلماء الرحالة الأدباء الذين كانوا في صحبة الحجَّاج، وقد أتاحت لهم هذه الدُّروب فرصة الأخْذ والعطاء، وقدِ انفردوا أكثرَ من غيرهم بتسْجيل مشاهداتِهم في البلاد والمحطات التي مروا بها، أو نزلوا فيها فكتبوا عن العمران، وسجلوا مرائيهم عن البيئات، وأفاضوا في وصف هذه الطرق، ولم يتركوا شاردة، أو واردة عن منازلهم إلاَّ سجَّلوها ضمن مؤلَّفاتهم الَّتي أصبحت تراثًا خالدًا لِمَن أتَى بعدهم، وعلى ضوئها استطاع الحجَّاج وغيرهم كالتجَّار أن يتغلَّبوا على مشاقّ هذه الرحلة، أو التَّقليل من عنائها وتعَبها وبخاصَّة أنَّ هذه الرحلة كانت متكرّرة سنويًّا، أو على مدار السَّنة إن لم تكن للحج فهي للعمرة أو التجارة، ولا ننسى أنَّها كانت ضرورية، أو شبه إلزامية، وبالنسبة لأولي العلم كانت أكثر؛ فهم الَّذين كانوا يمكثون بها وقتًا طويلاً انطلاقًا منها، أو عودة إليْها.

 

وهؤلاء الرَّحَّالة وغيرهم ممَّن تعوَّدوا الأسفار إلى أقصى الأقطار حبًّا في الالتِقاء بأشهر علمائها، كانوا يرون أنَّ علومهم لا تكتمل إلا إذا رحلوا شرقًا أو غربًا، لمناظرة العلماء أو التعمّق في مصنَّفاتهم؛ ولذلك كانوا أكثر من غيرهم نفعًا لهذه الحركة.

 

وتأكيدًا لِما ذهبنا إليه يقول ابن خلدون بصدد تصدُّر المغاربة مع غيرهم من مصر[26] في حجِّهم إلى البلاد المقدسة:

"وأمَّا مالك، فاختصَّ بمذهبه أهل المغرب لما أنَّ رحلتهم كانت غالبًا إلى الحجاز، وهو منتهى سفرِهم، والمدينة يومئذ دار العلْم، فالبداوة كانت غالبة على أهل المغرب، والأندلس، ولم يكونوا يعانون الحضارة التي لأهْل العراق، فكانوا إلى أهل الحجاز أمْيل"[27].

 

وعلى ذلك نستطيع أن نقرّر بأنَّ هذه الرحلة ودروبها قد فاقت كلَّ ما يدور بخلد الإنسان نهضة في معارف شتى، فقد التقى فيها علماء التَّفسير والحديث، والفقه، والنحو والأدب، وحتَّى من ضمَّتهم في جنباتها من التجار الَّذين امتهنوا الأسفار، واشتغلوا فيها بالمرابحة العامَّة جريًا وراء العلم وتحصليه، والمال وتوفيره، فالتجارة أحيانًا كانت بقصد العلم؛ إذ لم يكن هناك مانع من أن يكون التاجر مقرئًا، أو محدِّثًا، أو فقيهًا، فالدَّعوة الإسلاميَّة في الأقْطار الإسلاميَّة المتفرِّقة كان من دعاتها التجَّار، أيضًا فالمعارف والأخبار والكتُب - في عصْر لَم تعرف فيه الطباعة ولا غيرها كوقتنا الحاضر - كانت تنقل كلّها ضمن قوافل ركبانهم، أو سفنهم، وهؤلاء - إضافة إلى كتاب الرحلات - كانوا مصدر نور، ومعرفة لاسيَّما إذا علمنا أنَّهم كانوا إذا نزلوا محطَّة التفَّ حولهم أهلها من التجَّار والعلماء، فالتجار يتبادلون معهم التجارة بيعًا وشراء، والعلماء ينهلون من مشاربهم سماعًا عنهم، وقراءة عليهم، هذا وزيادة على مساهمتهم مع غيرهم في الوعْظ والإرشاد لِمَن جهل أحكام هذه الشَّعيرة من الحجَّاج، ومن خلال ذلك يتأكَّد لنا أنَّ دروب الحاجّ على الرَّغم من قسوتِها وامتدادها، وقسوة الأعْراب المحيطين بها، وعلى منازلها - وبخاصَّة في فترة هذا البحث - إلاَّ أنَّها كانت بمثابة جامعةٍ طرَق أبوابَها العلماء والطلاب، والتقوا في رحابها.

 

فأسهمت في تعْمِيق ثَقَافات هؤلاء، وأولئك، وهذا تراثهم الماثل أمامنا الخالد بين أيدينا نستمد منه المادة العلمية التي نبني عليها مختلف دراستنا دينية، أو أدبية، أو تاريخية، أو جغرافية[28].

 

وإثر انتهاء هذه الرحلة إلى البلاد المقدسة نتوقف مليًّا لنجد إجابات لعلامات استفهامية تدور بخلدنا ولماهيَّة هذا البحث الدَّاعية إلى الاختصار لم نشر إليها، وتعظيمًا للفائدة نقول: هل أثرت الكوارث المتتابعة التي أرادها الله بسبَب عوائق على الحجَّاج المسلمين، وقلَّلت من حماسهم لحجّ بيت الله الكريم، وحالت دون أن يحجَّ عشرات الألوف كلّ عام؟ (كان ذلك يحصل لحجَّاج بيت الله الحرام، والناس لا يمنعهم عنه مانع، ولم يسمع أنَّهم انقطعوا في سنة من السنين)[29].

 

وسرعان ما ينسى الحاجُّ أهوال ما وجد من صعاب وأهوال إذا ما تذكَّر أنَّ هذا قدره من قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ [الحج: 27].

 

وأنَّ ثواب هجرته إلى الله تعالى هي خيرٌ له؛ لأنَّها إليه - سبحانه وتعالى - وتنعكس عليه لتُجَدِّدَ حياته برؤْيَة الكعبةِ التي ينسى أمامها جُوعه، وينسى عُرْيَهُ، وينسى ظَمَأهُ، بل وينسى أحْبابه وأهلَه الَّذين خلفهم في أقاصي بلاد الدنيا ليهتفَ مع عشرات الألوف من الحناجر الهاتِفة: "لبَّيك اللهمَّ لبَّيك، لبَّيك لا شريكَ لك لبَّيك...".

 

وبعد سماعه ومشاركتِه هذه التَّلبية التي تأخذ بالألباب وتثير المشاعر، تصغر الدنيا أمامه وتَهُون، وسرْعان ما تُطْوى - بما فيها من متاعب وعقبات - ليبقى هناك أمرٌ واحد فقط، وشخص واحد فقط، إنسان في ثوب أبيض، وبقلْب أبيض، يطوف حول البيت الَّذي جعله الله مثابة للناس وأمنًا[30].

 

ازدهار الحركة العلمية أثناء مواسم الحج:

بعد أن تتبَّعنا الحركة العلمية، وعلاقتها بجموع الحجاج، ومعايشتها لهم في مناطق تجمعهم، أو على طريق دروبهم، نستطيع أيضًا أن نتتبَّع خطاها أيام المواسم التي بلغت أوْج ازدهارها على يد مشهوري علمائها، وليس أدلّ على ذلك من تكرار حجَّاتهم التي بلغت لبعضهم أكثرَ من ستين حجَّة - كما سنرى - ومن موقع شهرتهم العلميَّة، وتصدُّرهم للفتيا لم يكن على المسلم إلاَّ حجَّة واحدة لله تعالى في عمره إذا استطاع إلى ذلك سبيلاً، وما زاد عند الأئمة فسنَّة، ومن اجتهادات السنَّة أنَّ من أدى فرضه، ووجد سعة تكفي إطعام الأكباد الجائعة أولى من ذهابه إلى بيت الله الحرام.

 

وعليه؛ فكثرة حجَّاتهم بعد الفريضة إنما كانت بقصد العلم، وهو فريضة على كل مسلم ومسلمة، وأفضليته مدركة من الكتاب والسنة، ويحمل كلّ منهما في طياته أبلغ بيان على تصوير فضله، وحاملي مشاعل نوره في نشره، وتوجيه المسلمين لدراسته، ورفع منار الإنسانية في كل مكان والدعوة إلى العمل والعرفان، والآيات الكريمة، وأحاديث الرسول - عليه السلام - كثيرة سردها يطول، وقد تخْرِجنا عن مضمون قصدنا في هذا المضمار الذي يدعونا إلى الاختصار، لكنها - على أي حال - تصور فحوى ما اتصل بموضوعنا.

 

وإن هؤلاء النابغين إنَّما أرادوا الحج، وقصدوا العلم وبذلك يكونون قد جمعوا بين الحسنيين، ولاسيَّما في هذا المقام الروحاني المنيف، ولا حاجة بنا أن نؤكِّد أنَّ بعضهم إذا فقد كتابًا لم يستطع الوصول، أو الحصول عليه كان يذهب إلى الحج مناديًا عليه أيام الحج، فيخبره من علم به[31].

 

وحتى تبرز هذه الحركة في حجمها الحقيقي رأيت أن أتتبع خطاها بذكر عدد من روَّادها أيام الحج، ومَن لم نذكرهم من نظرائهم لا يقلون شأنًا عنهم بل قد يتفوق بعضهم على بعض من ذكرنا، ولكن قد يجمع بينهم كثرة المساهمة في المسموعات والإسماع تدريسًا وتحديثًا وتصنيفًا من هؤلاء:

• أحمد بن علي بن أحمد العُلبي - أو العلني - الإمام المقرئ المحدث، ومن خلال حجاته الكثيرة، ومشاركته من خلال ما بثَّه من معارفه بحرمي مكة والمدينة وأمكنة المشاعر، واستفاد منه إخوانه الوافدون والمجاورون، وأهالي الحرمين، وطلبة العلم أيضًا بالرباطات والمدارس وغيرهما، وتوفِّي بعد أن شهد عرفة محرمًا في عشية الأربعاء يوم عرفة في أرض عرفة، وحمل إلى مكة، فطيف به، ودفن يوم النَّحر بجوار قبر الفضيل بن عياض سنة 553هـ، حسب أمنيته في الدفن بجواره[32].

 

وإذا فقدت الحركة العلمية أحد مشاهيرها، فقد بقي ازدهارها على يد إخوانه الأفذاذ في العام نفسه الَّذي توفّي فيه (العُلبي) السابق وهو الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي البكري الحنبلي، وهو الذي ذاع صيته وكثرت مواعظه في موسم الحج سنة 553هـ، وهو شيخ مَن مرَّ معنا من قبل، وهو فخر الدين أبو عبدالله محمد بن خضر الحراني الذي بث مسموعاته عن شيخه بعد موته، وابْن الجوزي تعدَّدت أنشِطته بالحرمين والمشاعر، وتصديه لسائر البدع السائدة بالحرمين، وما كان عليه المسلمون من خلق لا تتناسب مع هذا الدين، وقدسية البلد الأمين، وزيادة على ذلك، فقد ذكر في كتابه "صيد الخاطر": "حججت إلى بيت الله، فامتلأ قلبي منه هيبة، أو رهبة"، ويواصل فيقول: "كنت أنظر إليه - أي إلى البيت - تارة بعين الهيبة، فيشتدّ تعظيمي له، وتارة بعين لطف مالكه، فأزداد بالبيت أنسًا"؛ أي: أنس العبد ببيت سيّده، ثم يواصل حديثه عن أهل هذا البلد، وهو في أشدّ العجب من سوء تصرفهم، وقبح مسلكهم قائلاً: "فسبحان من أسكن حرمه مثل أولئك!"، ولم ينس عبيد مكة في سلبِهم لأموال الحجَّاج[33].

 

أمَّا يوم الجمعة في الحرم الشريف، فقد رأى عجبًا يستحقّ الذكر، والتنويه على خطورته كدخيل على عقيدتنا السمحاء التي حفظت على المساجد - ولاسيَّما الحرم الشريف - قدسيتها بمنع التشويش على المتعبدين فيها.

 

وذلك من خلال إشارته إلى من حملوا المقارع بين يدي الخطيب، فأنكر هذه، وما سبقها، وأنذر بالوعيد لِمَن حاول الوقوع فيها؛ لأنها لا تتناسب وقدسية المكان ومتعبديه[34].

 

وتعظيمًا للفائدة نلفت نظر القارئ - ولعلَّه معنا - في أنَّ الأذان إنَّما يعني الإعلام الشَّرعي لتنبيه الغافل وتذْكير السَّاهي عن دخول وقت الصَّلاة وإقامتها، وعلى الرغم من شروطه، وفضله في التخلّص من الشيطان وشره، أيضًا أهمّية المؤذن وعظيم مثوبته[35] إلاَّ أنَّ أربابها، وبخاصَّة في الحرم كانوا في الدَّعوة إليها على خلاف ذلك، وتحوَّلت عندهم فكانت أشبه بعادات منها إلى عبادات، وهذه البدع وغيرها كانت سائدة بالحرم في هذه الفترة وغيرها، وكيفية الأذان شاهدها ابن جبير في هذه الفترة وأثناء حجّه سنة 579هـ.

 

فمن أعلى قبَّة زمزم كانت ترسل من المؤذنين أحرّ الدَّعوات في استقبال أمير، أو سلطان من خلال ما أعدّ له مناسبًا في هذا المقام بألفاظ مسجوعة، أو بشعر موزون قال عنه ابن جبير وغيره كالتجيبي، وابن بطوطة وغيرهما: "في إثر كلّ صلاة مغرب يقف المؤذّن الزمزمي في سطح قبَّة زمزم رافعًا صوته بالدّعاء للإمام العباس أحمد الناصر لدين الله، ثمَّ للأمير، ثم لصلاح الدين وجهات مصر كلّها"[36].

 

وجاء هذا الدعاء مكررًا عند التجيبي فبعد حذف الناصر ومكثر ذكر صاحب الديار المصرية، وأمير مكة في وقته: هو أبو نمي[37].

 

أيضًا كان المؤذنون يسيرون مع الخطيب إلى المنبر اثنين على جانبيه، ورئيسهم أمامه، وبعد اعتلائه المنبر كانوا بين يديه، وبعد جلوسه ينادون بالأذان على لسان واحد[38].

 

ومشاهدة ابن جبير لهم كانت أيضًا في خطبة عيد الفطر، وكانوا جلوسًا دون الخطيب في أدراج المنبر يكبِّرون بتكبيره حتى يفرغ من خطبته[39].

 

وبالطبع فهذه العادات كانت صدى لعادات أمصار إسلامية أخرى مجاورة منافسة على بلاد الحجاز في نواح شتى سياسيًّا، واجتماعيًّا واقتصاديًّا، ودينيًّا، وتعود في مجملها إلى زمن سيطرة البويهيين على بغداد في القرن الرابع الهجري، ثم تأكَّدت، وزادت رسوخًا بعد أن ثبَّتها في الأذهان الفاطميون في مصر حتَّى صارت تقليدًا متَّبعًا، وسائدًا ليس في بلاد الحجاز فحسب بل في سائر البلاد الإسلامية الأخرى[40].

 

وما ألمحنا إليه كان مثار نقد من الحافظ ابن الجوزي وغيره من العلماء الذين تصدَّوا لإخمادها، وإماتتها، وهذا كان يتطلَّب من المتصدي لها أن يكون عالمًا بها مستمرًّا بعمل متواصل من خلال هذه الحركة ليواجه ما أثير حول العقيدة، وما أدخل عليها من أفكار غريبة هي منها براء، ولذلك كانت تقام المناظرات بحدتها المتأججة، والتي كانت تعايشهم بعد حجهم، وكثيرًا ما كان حجّهم مرَّة ومرَّات إلاَّ لإثارتها وجهًا لوجه بين مؤيديها ومعارضيها، وكأنهم حين يقيمون مناظراتهم في مثل هذه الأمور في معركة فاصلة بين الحقِّ والباطل لكنهم في النهاية كانوا على قلب واحد في محبة ووئام يجمعهم رباط الدين، ومعتصمين بحبل الله المتين في بلد الله الكريم.

 

لأن هذه المناظرات الهادفة، وما كان يُثار فيها من نقد بنَّاء لم تكن وليدة هذه الفترة بل كانت أيضًا قديمة، فحين حجَّ عثمان بن عفان سنة 29هـ، ضرب فسطاطه في مِنى، وأتم الصلاة فيها، وفي عرفة، فانتقدَّه الناس لأنه لم يقصرها كالعادة، وكان ذلك أوَّل نقد - بمثل هذه الحالة - في الإسلام[41].

 

ونعود مع الحركة في تألقها بروَّادها في أرجاء الحرم، فبعد ظاهرة الأذان انتقلت إلى تعدُّد الإمامة بالحرم، ومجمل هذه الظاهرة أنَّها شكَّلت رأبًا في صرح الجماعة وترابطها، فكان كلٌّ له مذهب إمامه الخاص في مكانه الخاص بالحرم، وقد نسي هؤلاء وأولئك قدسية المكان، والحكمة من مشروعية الجماعة، ومن خلال إشارات المؤرِّخين في هذا الصدد نعلم أنَّ أوَّل الأئمَّة السنّيَّة في الحرم هو الإمام الشَّافعي لأنَّه المقدم من قِبل أولي الأمر في مصر، ولأنَّ مذهبه كان أكثر انتشارًا في مصر والشَّام[42] ومكانه خلف مقام إبراهيم - عليه السَّلام - وكان أوَّل مَن يصلي، إلاَّ صلاة المغرب فإنَّ الأئمة الأربعة يصلونها جميعًا في وقت واحد لضيق وقتها، فيبدأ مؤذن الشَّافعي بالإقامة، ثمَّ مؤذنو سائر الأئمة.

 

وترتّب على هذه الكيفية بُطلان الصلاة أحيانًا لأنَّ اجتماع التَّكبير فيها من كل جانب، كان يحدث سهوًا كثيرًا لركوع جماعة بركوع أخرى، أو يسلم أحدُهم بغير سلام إمامه.

 

ثمَّ بعد الشَّافعي يصلي المالكي تجاه الركن اليماني، ثمَّ الحنفي تجاه الميزاب، ثمَّ الحنبلي، وصلاته مع صلاة المالكي في حين واحد، وموضع صلاته بين الحجر الأسود والركن اليماني.

 

في تلك الفترة ما كان بمصر وبلاد الشَّام من مذاهب كان سائدًا في بلاد الحجاز، ولقد حرص سلاطين الأيوبيِّين على انتشار المذهب الشافعي في أرجاء دولتهم، يتلوه المذهب المالكي، فالحنفي، فالحنبلي، ثمَّ ازداد أنصار المذهب الحنفي بعد ذلك أيَّام العثمانيين لأنَّه صار المذهب الرسمي للدَّولة[43].

 

لكنَّ أمراء الحرمين في تلك الفترة وما بعدها كانوا في مكَّة من الشيعة الزَّيدية، وفي المدينة من الشيعة الإمامية، ومشكلة اختلاف المذهب بين حكام الحجاز وسلاطين مصر قد كانت لها انعكاساتها السلبيَّة على السّنيين في مكة والمدينة؛ لأنَّ المناصب الدينيَّة وبخاصَّة في المدينة كانت من الشّيعة، ولم يكن للسنِّيين أيام المنصور قلاوون إلاَّ أن يطالبوا بسنِّية هذه المناصب، فعيَّن منهم قاضيًا بالمدينة سنة 682هـ هو عمر بن أحمد بن الخضر بن ظافر بن طراد، وهو أوَّل أئمَّة المدينة وخطبائها وقضاتها، ولكنَّه وجد من ويلات الشيعة ألوانًا من العذاب، ولكن الأمر والنَّهي والسلطة في أغلب الأمور كانت للشيعة، ومَن لاذ إليهم من السنيين[44].

 

وشاهد ابن جبير هذه المذاهب بالحرم الشَّريف، وقال: "وأكثر هذه الجهات الحجازيَّة وسواها فِرَق وشِيَع قد تفرَّقوا على مذاهب شتَّى" ثمَّ قال: وللحرم أربعة أئمَّة سنّيَّة، وإمام خامس لفرقة تسمَّى الزيدية، وأشراف أهل هذه البلدة على مذهبهم، وهم روافض سبَّابون".

 

أمَّا إمام الزيدية الخامس بالحرم، فكان موقفه بين الرّكنين اليمانيّين ويُصَلّي بطائفة من الروافض أي الزيدية الشيعية، ومعهم أمير مكَّة وحواشيه وقرابته، وهم لا يُجَمّعُون؛ أي: لا يصلّون يوم الجمعة بالحرم ويصلُّون الظهر أربعًا، وعلماء مكَّة يعلمون هذه البدعة، وغيرها - كالأذان وغيره - ولا يستطيعون تغْييرهم لأنَّ أمراء مكَّة على مذهبهم، وعن صلاتهم المغرب، فكان بعد فراغ الأئمة الأربعة من صلاتهم[45].

 

وعن حكم صلاة الأئمَّة الأربعة على هذه الكيفية، فقد أفتى علماء المواسم في الحج، في عامي 550 - 551هـ، ففي موسم حجّ العام الأوَّل حجَّ الإمام أبو القاسم عبدالرحمن بن الحسين بن الحباب المالكي بشتَّى معارفه، وزيادة على تواجُده بين الحجَّاج واعظًا، ومفتيًا، ورئيسًا لحلقاته العلميَّة الزَّاخرة بالعلم والمتعلم، وتصدّره للفتيا، فقد أفتى بمنع الصلاة لأئمَّة متعدّدة، أو جماعات مرتّبة بحرم الله الشَّريف، وبعدم جوازها على مذاهب الأئمة الأربعة، وقد ذكر ابن فهد هذا الخبر تحت (فتوى بمنع تعدد الجماعة)[46].

 

وفي السنة التي بعدها - أي موسم حج 551هـ - طالعتْنا المصادر بمن تألَّقوا بين أوساط الحجيج وعظًا ونصحًا وإرشادًا، وتصدّرهم كسابقهم في منع هذه الصلاة، وقد ذكرهم ابن فهد فقال: "وفيها - 551هـ - حضر الموسم جماعة من الشَّافعية، والحنفيَّة والمالكيَّة، منهم جعدة العطار الشَّافعي، والشَّريف الغزنوي الحنفي، وعمر المقدسي المالكي، وأنكروا صلاة الأئمَّة الأربعة في صلاة المغرب، في وقت واحد[47].

 

وقد ذكر الفاسي أنَّ بعض النَّاس استفتى في ذلك بعض علماء الإسكندريَّة، فأفتَوا بخلاف ما رآه الحباب - السَّابق الذكر في موسم حجّ عام 550هـ - وممن أفتى بذلك: شداد بن المقدم، وعبدالسلام بن عتيق، والشَّيخ أبو الطاهر بن عوف، ولما وقف ابن الحُباب على فتاويهم كان ردّه عليهم بمنطق شاهدٍ له بقوَّة الحفظ ودقَّة الاستنتاج، وأشياء أخرى ذكرها الفاسي بأنَّها: "أشياء كثيرة حسنة، ونقل إنكار ذلك عن جماعة - أي المذكورون في موسم حج 551هـ - آنفًا - وذكر ابن الحباب أنَّ أبا بكر الطوسي، ويحيى الزياتي شيخَي شداد بن المقدم لم يصلّيا خلف إمام المالكية بالحرم الشَّريف ركعة - ثم ذكر - ولا شيء أقبح من جهل الإنسان بحال شيوخه"[48].

 

ومن خلال ما جرى بين هؤلاء يؤكّد تفاعل العلماء بكثرة اطِّلاعهم، وقوَّة استنتاجهم فيما يقيمونه من أدلَّة، براهين وحجج، وبالطَّبع فما كان هذا ليتمَّ إلاَّ بكثرة رجوعهم إلى مصنفات المعتدلين، أو معرفة مَن كانوا قبلهم في مثل هذه المواقف أصحاب المناظرات الهادفة إلى الحقيقة والصواب، وفتوى ابن الحباب وغيره قد أيقظت روح المناقشة، والتَّمحيص والتَّحقيق بين عمالقة هذا الفنّ ورواده، إلى أن ظهرت الحقيقة واضحة، وبعد أن تألَّقت الحركة العلميَّة على يد بعض روادها الأكْفاء.

 

ولا يفوتُنا في هذا الصَّدد أيضًا أن ننوِّه إلى دور القضاة وفعاليتهم الملحوظة الَّتي كانت مع الحركة العمليَّة ازدهارًا في كلّ مناسبة، ويحضرنا في هذا المقام مشاهدة ابن جبير - أثناء حجّه في سنة 579هـ - مظاهر الاحتفال المقام بالحرم الشَّريف بمناسبة ختم القرآن في تراويح كلّ وتر من ليالي العشر الأواخر من رمضان، وأفاض ابن جبير في وصف هذا الاحتفال الديني البهيج وغيره من بعده كابن بطوطة، وابن رُشيد الفهري والتجيبي وغيرهم.

 

وعلى الرَّغم من البعد الزمني بينهم وبين ابن جبير الَّذي يُنيف عن مائة سنة، إلاَّ أنَّ وصفهم كان متقاربًا ومتوافقًا إلى حدّ بعيد مع ابن جبير في فترة هذا البحث، ومفاد وصفه حضور القاضي ختم القرآن - المشار إليه بالحرم - وفي صحبتِه كبار علماء مكَّة يشاركونه عظاته نصحًا، وإرشادًا، وتحديثًا.

 

ففي هذه المناسبة وما يعقبها استِعداد لمواسم الحج، وصلاته العشاء الآخرة إمامًا بالحضور في ليلةِ السَّابع والعشرين من رمضان، وقد زاد من نشاطه في هذه المناسبة حين ضمَّ إلى نموّ الحركة العلميَّة براعم مستقبلها من حفظة القرآن الكريم من أبناء مكَّة الصّبيان، وقد خصَّص لكلٍّ منهم ليلة من ليالي هذا العشر، يَؤُمّ الناس في ختمة للقرآن، ويلقي بعد إمامته ما أعدَّه من خطبة بليغة مناسبة بل ومؤثّرة تأخذ بالباب السَّامعين، وتحضُّهم، وتثير انتباههم شوقًا إلى متابعة حفظ القرآن، وتحفيزًا لأبنائهم من بعدهم، وهؤلاء بلا شكّ كانوا في مستقبل هذه الحركة هداة مهتدين، وألسنة ناطقة من فوق منابرها يبثُّون معارفها، ويذيعون أخبارها[49].

 

وكما كانت مشاركة القاضي في المناسبة الباعثة على بهجة النفوس كانت أيضًا مع الشَّدائد، وشارك فيها بعظاته، وفيض معلوماته، وقام بتذْكير النَّاس وتعليمهم كما حدث ذلك في صلاة الاستِسْقاء حين ندَب النَّاس لهذه الصَّلاة، وتناولت خطبته ما أدْمع عيون الحاضرين[50].

 

وأفادت المصادر عن مواصلة مسيرة الحركة العلميَّة من خلال مشاعل نورها القضاة، والعلماء الَّذين كانوا معها أيَّام مواسم الحجّ على امتداد هذه الفترة دُعاةَ حقّ ومشاعل نور وهداية بين أوساط الحجَّاج، وأَلْسِنة بليغة لنشْر صنوف معارفهم، وأسرار علومهم، وكثرة مصنَّفاتهم التي ضمَّ كل منها في جنباته أكثر من تخصُّص أو فن، وظهر ذلك جليًّا من خلال تراجم العلماء التي أظهرت تنوعَ معارفهم، ومستوى أنشطتهم التي مارسوها مع شغلهم لمنصب القضاء والفتيا والإمامة.

 

فمِن علماء المواسم المشاركين في ازدهار هذه الحركة، وكانوا قضاة للحرمين بالإضافة إلى الفتوى فيهما أحيانًا: محمد بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين، ت 545هـ بمكة[51].

 

وأخوه عبدالرحمن، ت 554هـ[52]، وابنه من بعده وهو أحمد بن عبدالرحمن، وكان كأبيه وعمّه السَّابقين في نشاطه وقضاء الحرمَين الشَّريفين، ت 557هـ[53]، وبعده أخوه يحيى بن عبدالرحمن في قضاء مكَّة فقط.

 

ونضيف إلى ما أفاد به الفاسي:

أنَّه وفد إلى السلطان صلاح الدين بن يوسف صاحب مصر، وقف عليه وعلى ذرّيَّته بلدة بديار مصر، وكان حيًّا سنة 595هـ[54]، وقاضيًا بمكة، وخطيبًا بحرمها، هو: محمد بن جعفر بن أحمد بن عبدالعزيز العباس، وألقابه عديدة منها: عماد الدين، وفخر الدين، كنيته أبو الحسن البغدادي ومن خلال ما أفاد به الفاسي يتبيَّن كثرة مسموعاته على مشهوري علماء المواسم، والبلاد، ومن نبوغه في كثرة مسموعاته على مشهوري علماء المواسم، والبلاد، ومن نبوغه في كثرة مسموعاته، فقد أجازه علماء المواسم كأبي القاسم بن الحصين، والقاضي أبو بكر الأنصاري والشروطي وجماعة، وإسماعاته كثيرة أيضًا، وتألَّق نجمه في سماء الحركة العلمية أيَّام مواسم الحجّ، وفي كلِّ منطقة تخصُّ جموع المسلمين إضافة إلى الحرم الشَّريف وخطابته فيه مع كثرة جموع الوافدين، وقد أفاد الفاسي بأنَّ المنذري أثناء حجه سنة 579هـ وجد عماد الدّين المذكور آمِرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر مُحِقًّا للحقّ مبطلاً للباطل مدقّقًا في حكمه وقضائه، وذكره بقوله: "وخطب في أيام الموسم، وصلى بنا الجمعة، وكنت في هذه السنة حاجًّا"، ورجع إلى بغداد وتولَّى قاضي القضاة سنة 584هـ بعد عزل قاضي القضاة أبي طالب علي بن علي البخاري في نفس السنة[55].

 

أيضًا فمَن كانت مواعظه أكثر شمولاً فضلاً عن دقَّة فتواه، وحكمة استنباطه الأحكام الشرعية درءًا لخلاف قد يقع بين جموع الحجيج ويضيع عليهم حجّهم، وفنَّد فتواه بما أرضى الجميع، فأثنوا عليه وشكروه، ولنستمع إلى هذه من خلال ما رواه ابن جبير عن هذا القاضي في قوله: "يا للعجب! لو أنَّ أحدهم يشهد برؤْية الشمس تحت ظلال الغَيْم الكثيف النسج لَمَا قبِلْتُه، فكيف برؤية هلال هو ابن تسع وعشرين!".

 

وقد أفاض ابن جبير في كثرة عظاته وتوضيحه للناس ما نصَّت عليه الشريعة، وما ذكره أئمَّة المسلمين، وقد شمل ذلك بزواجره لمن شهدوا شهادات باطلة في رؤية هلال ذي الحجة وأشار إلى أنَّ مَن شهدوا هذه الشهادة كانت من وراء حرصِهم على أن تكون الوقفة يوم الجمعة، وبعد أن ردَّهم، وجرحَ شهادتَهم، وفضح ما ذهبوا إليه حسم الخلاف من خلال ما أخبر به ابن جبير حين قال: "الصعود إلى عرفة[56] صبيحة يوم الجمعة، فيقفوا عشيَّة بها، ثم يقفوا صبيحة يوم السبت بعده، ويبيتوا ليلة الأحد بمزدلفة، فإن كانت الوقفة يوم الجمعة، فما عليهم في تأخير المبيت بمزدلفة بأس، فهو جائر عند أئمَّة المسلمين، وإن كانت يوم السبت فبها ونعمت، أمَّا أن يقع القطع بها يوم الجمعة فتغْرير بالمسلمين، وإفساد لمناسكهم؛ لأن الوقفة يوم التروية عند الأئمَّة غير جائزة، كما أنَّها عندهم جائزة يوم النَّحر، فشكر جميع مَنْ حضر للقاضي هذا المنزع من التَّحقيق، ودعَوا له... وانصرفوا عن سلا"[57].

 

وبعد أن أسعفتْنا الحركة في تحْديد يوم عرفة - بكفاءة بعض روَّادها الأفْذاذ الَّذين كان لهم دورهم المميَّز في استنباط الأحْكام المستنيرة، الَّتي أبقت على الحجَّاج حجَّهم، وبعد أن حوَّلت الشَّكَّ إلى يقين استطاعت أيضًا أن تواصل ازدهارها، من خلال الولاية الثَّانية على إقامة الحجّ في أمكنة الحج، وحتَّى لا يلتبس القارئ ننوّه إلى أنَّ ولاية الحجّ ضربان[58].

 

الأولى: سياسيَّة ويمثّلها أمير الحج بشروطها الَّتي منها علمه، وأشرْنا إليها مع ازدهار الحركة على الدروب، وبعد وصول الحجيج إلى مكَّة تتأرجح ولاية أمير الحجّ على ركبه، فترتفع عمَّن آثر البقاء، وتبقى على مَن آثر العودة معه[59].

 

والثَّانية من شروطها: علمه بمناسك الحجّ، وأحكامه، عارفًا بمواقيته وأيَّامه، ومدَّة ولايته لا تزيد على سبعة أيَّام بدءًا من صلاة الظّهر في اليوم السَّابع من ذي الحجَّة، وانتهاء باليوم الثَّالث عشر منه، وبعد هذا اليوم يعود إلى موقعه كأحد الرَّعيَّة أولاً، وليس له بعد ذلك من أمر الولاية شيء[60].

 

ونشاط هذا الوليّ كان من خلال خمسة أحْكام هي:

أوَّلاً: إعلام الناس بوقت إحرامهم للحج، والخروج إلى مشاعرهم.

 

ثانيًا: ترْتيبهم للمناسك.

 

ثالثًا: تقْدير الموقف بمقامه فيها، أو سيرِه عنها.

 

رابعًا: اتِّباعه للأحْكام المشروعة فيها، والتَّأمين على أدعيته.

 

خامسًا: إمامتهم في الصَّلوات التي شرعت خطب الحجّ فيها، وإطالة مواعظه في هذه الخطب، وهُنَّ أربع:

الأولى: أن يصلي بهم الظهر، ويخطب بعدها في اليوم السَّابع بمكة، ويعلمهم بأنَّ مسيرهم غدًا إلى منى، وبعد مبيتهم بمنى وبعد طلوع الشَّمس يأخذ سيره إلى عرفة، وفيها يخطب بهم الخطبة الثَّانية قبل صلاتي الظهر والعصر، وهذه الخطبة عادة كانت تطول كوقتِنا الحاضر؛ لأنها تجمع تقريبًا بين واجبات الحجّ ومحظوراته، وواجباته وما إلى ذلك، وهذه الخطبة قد أسهب فيها الماوردي أكثر من الخطب الأربع، ومفادها عظات حسب ما ذكرنا، إضافة إلى تذكيرهم بحدود عرفه، وأنَّ ما حولها ليس منها كبطن عرنة، ويستمرُّ بين حجاج ركبه متحركًا بمواعظه، مُسْديًا نصائحه في كل أمكنة المشاعر، ثمَّ بركبه إلى المبيت بمزدلفة، وإلى منى، ومكَّة للطَّواف والسعْي، ثمَّ بركبه إلى منى لصلاتي الظهر والعصر، والخطبة الثَّالثة مُذكِّرًا بما بقِي من المناسك، ومُبَيِّنًا إحْلالهم الأوَّل والثَّاني، وما يَحِلُّ لهم من محظورات الإحرام في كِلَيْهما، ويبيت بمنى ليلتَه، ويرمي مع ركبه من غدِه بعد الزَّوال الجمار الثَّلاث كلّ منها بسبع حصيات، ويبيت ليلته الثَّالثة، ويسلك في غَدِه ما سلكه في أمْسِه إلاَّ أنَّه يخطب بعد الصَّلاة الخطبة الرَّابعة والأخيرة من خُطَب الحجّ[61].

 

ويذكر النَّاس فيها إلى أنَّ لهم نفرتين خيَّرهم الله فيها بقوله تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [البقرة: 203].

 

لكن كان عليه أن يبيت وينفر النَّفر الثاني، واليوم الثَّالث عشر تنقضي ولايتُه على الحجّ[62].

 

وتستمرّ الحركة لتناقش بعض أعمال السَّابق بعد أن عالجت أخطاء مَن سبقوه، وعالِم تلك الفترة هو سليمان بن خليل العسقلاني، مكنّى بأبي الرَّبيع، وملقَّب بنجم الدين، ومن ترجمته سيقت المناظرة حول الخطبة قبل رمْي الجمرات، النفر من منى ثاني يوم النحر، فعن الأولى عاب صاحب التَّرجمة على الخطباء قبل الرمي، يقول الفاسي: "كان مفتي الحرمين سليمان بن خليل يَعِيبُ على الخطباء بمنى الخطبة قبْل الرمي، فلمَّا ولى هو الخطابة أقام السنَّة"، وعن الثَّانية دارت المناظرة بين صاحب الترجمة ومشهوري العلماء على النحو التالي:

مَن نفر من منى ثاني يوم النَّحر عليه دم وثلثي دم، وقال بعضهم: دمٌ وثلث دم، وأفتى بعض القضاة، وأقطاب العلماء بأنَّ عليه دمين كمذهب مالك، وصاحب التَّرجمة أفتى بدم ومُدٍّ، ذكر الفاسي: "ومن عرَّفْته بِفُتَياه استحْسنه وإن كان يُفتي بغيره، وأفتى قاضٍ آخَر بأنَّه عاصٍ لا يزيل إثمهُ إلاَّ التَّوبة.

 

وذكر الفاسي عن سليمان بن خليل - صاحب الترجمة - الكثير نذكر من مفاده أنه حدث بالكثير، ودرس وأفتى وألَّف كتابًا مفيدًا في المناسك رآه الفاسي في مجلَّدين، وأنَّه كان عليه مدار الفُتيا أيَّام المواسم[63].

 

ومن نالت الحركة العلمية على يديه تقدُّمها أيام الحج:

عمر بن عبدالله السري الذي حضر في عام 555هـ حاجًّا، واستفاد منه الوافدون إفتاءً ووعظًا، وتوفّي في عام حجِّه المذكور[64].

 

ومَن دخل إلى مكَّة حاجًّا سنة 570هـ، وأقام بها إلى وفاته مشغولاً بالعلم وأهله هو: أبو علي ناصر بن عبدالله المصري، مسموعاته كثيرة، وإسماعاته أكثر لغيره، نشاطه العلمي كان متألقًا بين الأهلين، وأوساط المجاورين، وحجَّاج بيت الله الكريم على مدى أكثر من ستين وقفة بعرفات[65].

 

وما أن حلَّ موسم عام 579هـ إلاَّ وقد حلَّ معه بشرى عوامل ازدهار الحركة العلميَّة، وزاد من تأكيد أواصرها الحميمة بجموع الحجَّاج الذين تفاعلوا معها أخذًا وعطاء، فاستفادوا من حضارات بعضهم فهداهم الصراط المستقيم، وأعانهم على نشره بين سائر المسلمين، وكان من بين كثرتهم الأمراء، وأولادهم، وكبار المحسنين، وأهل السرو اليمنيين، والأعاجم الخراسانيين، والنساء المعروفات بالخواتين[66].

 

وكلٌّ قد ساعد في نمو هذه الحركة بشكل، أو بآخر فكريًّا كان، أو اقتصاديًّا عن طريق ما حملوه معهم من صدقات، ومساعدات عينيَّة، أو نقديَّة لا حصر لها، والَّتي زادت عن حاجة الجميع عامًّا[67].

 

وقد تبادل العلماء مع وفرتهم من العرب والعجم المدارسة في كلّ مكان بمكة والمدينة، والمشاعر المقدسة في مجالس، أو حلقات، أو مناظرات حامية تناولت مسائل تخصّ العقيدة.

 

وقد حفلت المصادر ولاسيَّما ابن جبير الَّذي توسَّع في سرد ما ذكرنا، وأمتعنا بوصف شيق لجموعهم على مختلف هيئاتهم الاجتماعية، المادّيَّة والعلميَّة من وقْعِ مسايرته معهم الرحلة خطوة خطوة، فقد حجَّ هذا العام من مصر إلى مكَّة، ثمَّ إلى المدينة، ثمَّ عودته وخلالها وصف الطريق، ومنازله بأسلوب أدبي رصين، وعبارات مسجوعة تأخُذ بلب السامع أو القارئ، وقد عايش هذه الرحلة بكلّ مشاعره وأحاسيسه بعد أن ذكر أولئك الَّذين حجّوا، وأسعدوا الحياة العلميَّة قولاً، وعملاً، وقد ساعدت مشاهدات ابن جبير على استِمْراريَّة الحياة العلمية بقصد، أو بغير قصد أحيانًا.

 

وقد ذكر ابن جُبَيْر في هذا الصَّدد قدوم طغتكين بن أيوب الملقب بالملك العزيز صاحب اليمن، أخي السلطان صلاح الدين بن يوسف بن أيوب صاحب مصر، وقد قدم من مصر إلى المدينة، ثم إلى مكة، وهو في طريقه إلى اليمن، وكان في صحبته جماعة من حجَّاج مصر؛ اغتنامًا لطريق توفّر فيه الأمانات والبر والإحسان ممَّا أعطى الحياة العلمية متنفَّسًا جديدًا، فأدلى العلماء بمختلف علومهم، ونهل الطلاب من مواردهم تحت ظلال أمْن واستقرار اقتصادي من خلال ما أغدق عليهم من خيرات، وعلى أمير مكَّة مكثر بن عيسى من نفقات سخيَّة، وخلعًا ديبقيَّة رفعت من معنويَّاته، ومع الاستقرار غصَّ المسجد بالحجاج، وانتعشت المعارف[68] وسط الحلقات فمع الاستقرار ازدهارٌ، ومع عدمه انهيارٌ.

 

وتُوالي الحركة العلمية ازدهارها اقتصاديًّا وعلميًّا من إمدادات بعض أفرادِها الحجاج، فالميرة من السرو اليمنيين[69] أرغدت من بالموسم، وأهالي الحرمين عامًا كاملاً، وهؤلاء كانوا عربًا فصحاء، كان عبدالله بن عمر - رضِي الله عنهما - يحبّهم ويدخل معهم في طوافهم تبرُّكًا بأدعيتهم، وتتجلَّى فصاحتهم حين شاهد ابن جبير منهم صبيًّا مع أحد الحجَّاج يعلّمه فاتحة الكتاب، وسورة الإخلاص، لنستمع هذه المناقشة من ابن جبير: "فكان - أي الحاجّ المعلّم - يقول له: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص : 1]، فيقول الصبي: (هو الله أحد)، فيُعيد عليه المعلم، فيقول له: (ألَم ترني بأن أقول: هو الله أحد؟ قد قلت)، فكابد في تلقينه مشقَّة، وبعد لأْي ما علقت بلسانه، وكان يقول له: (بسم الله الرَّحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين) فيقول الصَّبي: (إذ قلت بسم الله الرحمن الرحيم، أقول: والحمد لله؛ للاتِّصال، وإذا لم أقُل: بسم الله، وبدأت قلت: الحمد لله) فعجبنا - أي ابن جبير - من أمره ومعرفته طبعًا بصلة الكلام وفصْله دون تعلم"[70].

 

فهؤلاء مع بداوتهم قد أفادوا الحركة العلمية اقتصاديًّا وعلميًّا عن طريق فصاحتهم الفطرية الضَّاربة في أعماق البداوة فضلاً عن إخلاصهم في معتقداتهم، وقد أثنى عليهم النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((علِّموهم الصَّلاة يعلّموكم الدّعاء)).

 

وروافد الحركة الاقتِصادية كثيرة من الأمير عثمان بن علي الزنجيلي، ومن الأمير طاشتكين بن عبدالله المقتفوي أمير الحج العراقي، وأمراء العجم الخراسانيّين، ونساء معروفات بالخواتين[71] كان منهنَّ ثلاث: ابنة الأمير مسعود، ولها كثير من البر في طريق الحجّ والمشاعر، والثَّانية أم عز الدين صاحب الموصل، والأخيرة ابنة الدقوس صاحب أصبهان، وهؤلاء وأولئك حملوا معهم ما لا حصر له، وجُلُّه كان خدمة للعلم في طلابه وعلمائه[72].

 

وقد شارَك الأعاجم في هذه الحركة الَّتي وسعت كلَّ لسان نطق بالتوحيد، ولم تفرق بين عرب أو عجم.

 

وقد أفاد ابنُ جبير بأنَّه رأى في وَعْظهم عجبًا، فبعد أداء المناسك في منتصف ذي الحجَّة سنة 579هـ استقبلت الحركة من فوق منابرِها أمام المقام الواعظ الخراساني، الَّذي وصفه ابن جبير بأنه: حسن الشارة مليح الإشارة، وأفاد بأنَّ خطبته بليغة امتازت بِسحْرِ بيانها، وبراعة ألفاظها، وفصاحة ألفاظِها، الَّذي جمع بين اللسان العربي واللّسان الأعجمي، مراعيًا مقام المستمعين بالتَّرجمة الفوريَّة التي أسعفته في قلب لسانِه تارة بلغة الأعاجم، وأخرى بلغة العربي الفصيح[73].

 

وفي اللَّيلة التي بعدها استقبلتْ واعظًا أعجميًّا من فوق منبر آخر، وصفه ابن جبير أيضًا بأنَّه: شيخ أبيض السبال، رائع الجلال، بارع التمام في الفضل والكمال..، فخطب بخطبة ألهبت أحاسيس العرب، والعجم، وحرَّكت أفئدتهم خشية وخشوعًا من جلال موضوعِها، الَّتي انتظمت آية الكرسي، وتناولها بالتفسير وبأسلوب وسع لغة الحاضرين، فاقشعرَّت لسماعه الأبدان، وتفاعل معه الجميع على اختِلاف مستواهم الفكري، وفي أثناء حديثه انهالت عليْه الأسئلة من كل جانب، فكان جوابُه سريعًا بليغًا كافيًا شافيًا، حيَّر قلوب سائليه، فكأنَّما هو على قول ابن جبير: ﴿ وحْيٌ يُوحى ﴾.

 

دعانا ابن جبير أن نتعجَّب من دقَّتهم التي تجلَّت في شيخهم الواعظ، حين قال: "سمعتُ هذا الشَّيخ الواعظ يسند الحديث إلى خمسة من أجداده، جد عن جدٍّ، نسقًا مسلسلاً من أبيه إليْهم على اتصال، كلّهم له لقب يدلّ على منزله من العلم.."[74].

 

ومن مكَّة تُواصل الحركة مسيرتها إلى المدينة المنورة، وتلتقي في حرم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مع بلاغة روَّادها، نذكر منهم صدر الدين رئيس الشَّافعيَّة الأصبهاني الَّذي ورث العلم أيضًا عن أجداده كابرًا عن كابر.

 

وفي ليلة الجمعة أُعِدَّ لرئيس العلماء المذكور كرسي إزاء الرَّوضة الشريفة، وتميَّزت خُطْبته الَّتي ألقاها بصدق العبارة، وبكلّ لغة، وفي أثناء خطبته لم تغِب عنْه ملاحظة الرَّوضة حينما يأتي ذكْر لصاحبها - صلوات الله عليه - يُشير إلى روضته باكيًا ويقول:

هَاتِيكَ رَوْضَتُهُ تَفُوحُ نَسِيمَا
صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمَا

 

وتعجب من حاله أمام المقام النبوي قائلاً: عجبًا للألْكن الأعْجم كيف ينطق عند أفصح العرب!

 

وبعد عظاته التي طاشت لها ألباب الحاضرين تهافتتْ عليه الأعاجم بالتَّوبة إلى الله تعالى، وكعادة ابن جبير في تعجُّبه إذ قال: "فما رأيت أكثر دموعًا، ولا أكثر خشوعًا من تلك الليلة"[75].

 

وبعد هذا العرض السريع نقرِّر أنَّ علماء مواسم الحجّ قد أكَّدوا ازدهار الحركة العلميَّة، ومَن لم يسهم في ازدهارها بعلمه فقد أسهم بمساعداته الماليَّة، أو العينيَّة من حكَّام المسلمين وأهل الخير من أثريائهم - مَنْ ذكرناهم ومن لَّمْ نذكرهم.

 

ولا نُجانب الصَّواب إذا قلنا بأنَّ أكثرهم قد عاد إلى بلاده هانئًا بما حصَّله من معارف وخبرات، قلَّما توفَّرت في بلادهم، أو ضَمَّتْها جوانبُ حضارتهم، ولا شكَّ أنَّ هذه الذِّكْرى كثيرًا ما كانت تُعايشهم في بلادهم فيعاودون الكرَّة مرَّة، بل ومرَّات ومرَّات - كما مرَّ بنا - لمضاعفة ثوابهم في أرضٍ أنعمَ الله عليها بمضاعفة أجْرِ مَن أحسن عملاً.

 

وبعد.

فأسأل الله تعالى التَّوفيق وحسن السداد فيما قدَّمت.

 

والحمد لله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

 

المصادر:

أوَّلاً: القرآن الكريم.

ثانيًا: المصادر والمراجع.

• ابن الإخوة، محمد بن محمد - ت 729هـ.

1- "معالم القربة في أحكام الحسبة"، تحقيق: محمد محمود شعبان صديق المطيعي، الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة، 1976م.

 

• أمين، أحمد.

2- ظهر الإسلام الجزء الثالث، مطبعة لجنة التَّأليف والتَّراجم، القاهرة الطبعة الثَّانية، 1959م.

 

• الأهواني، أحمد.

3- التَّربية في الإسلام، وملحق به الرّسالة المفصّلة لأحوال المعلمين، وأحكام المعلّمين والمتعلّمين لأبي الحسن القابسي، وآداب المعلّمين لابن سحنون، دار المعارف، القاهرة، 1980م.

 

• البتنوني، محمد لبيب.

4- الرحلة الحجازية، مطبعة الجماليَّة، مصر، الطبعة الثانية، 1326هـ.

 

• ابن بطّوطة، أبو عبدالله محمَّد بن إبراهيم - ت 779هـ.

5- رحلته، بيروت 1400، طبعة دار التراث، بيروت 1388هـ، طبعة دار الكتب العلميَّة، بيروت، الطَّبعة الثَّانية، تحقيق: طلال حرب، 1413.

 

• بكر، سيّد.

6- الملامح الجغرافيَّة لدروب الحجيج، الكتاب الجامعي رقم (6)، تهامة - جدة، 1402هـ.

 

• التجيبي، يوسف - ت 730هـ.

7- مسفاد الرحلة والاغتراب، تحقيق: عبدالحافظ منصور، ليبيا، تونس، الدار العربية للكتاب، 1395هـ.

 

• ابن تغري بردي، جمال الدين أبو المحاسن - ت 874هـ.

8- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، الجزء السادس، نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، المؤسَّسة المصرية العامة للكتاب والتراجم والنشر.

 

• ابن جبير، أبو الحسين محمَّد بن أحمد - ت 614هـ.

9- رحلته، دار الكتاب اللبناني، مكتبة المدرسة، مطبعة السعادة، القاهرة - 1326هـ، طبعة بيروت 1399هـ.

 

• الجزيري، عبدالقادر محمد بن عبدالقادر - ت 977هـ.

10- درر الفوائد المنظمة في أخبار الحجّ وطريق مكة المعظمة، المطبعة السَّلفيَّة بالقاهرة سنة 1984، طبعة منشورات دار اليمامة، الجزء الأوَّل، تحقيق: حمد الجاسر، الطبعة الأولى 1403هـ.

 

• الجوهري، إسماعيل بن حمَّاد - 293هـ، تحقيق: أحمد عطار.

11- الصحاح تاج اللغة وصحاح العربيَّة، الجزء الأول والسادس، مطبوع بالقاهرة 1376هـ على نفقة المحسن معالي السيد حسن الشربتلي، وأعيد طبعُه بالقاهرة 1399هـ، 1403، 1402هـ.

 

• الحموي، ياقوت بن عبدالله - ت 626هـ.

12- معجم البلدان - الجزء الثاني، دار صادر للطباعة والنشر، دار بيروت للطباعة والنشر - بيروت 1376هـ.

 

• ابن خلدون، عبدالرحمن بن محمد - 808هـ.

13- المقدمة، كتاب الشعب، دار الشعب، القاهرة، مطبعة دار الجيل بيروت.

 

• الذهبي، أبو عبدالله شمس الدين - ت 738هـ.

14- العبر في خبَر من غبر، الجزء الثَّالث، دار الكتب العلميَّة، بيروت، لبنان.

15- تذكرة الحفاظ، الجزء الثاني، صحّح عن النسخة القديمة المحفوظة في مكتبة الحرم المكّي بإعانة وزارة المعارف للحكومة العالميَّة الهنديَّة.

 

• الرشيدي، أحمد.

16- حسن الصفا والابتهاج بذكر من ولي إمارة الحاج، كتابة المقدمة والحواشي: ليلى عبداللطيف، مكتبة الخانجي، مصر 1980م.

 

• الزركلي، خير الدين.

17- الأعلام - قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين، الجزء الرَّابع، الطبعة الثانية، دار العلم للملايين.

 

• السليمان، علي بن حسين.

18- العلاقات الحجازيَّة المصرية زمن سلاطين المماليك، القاهرة، طباعة الشركة المتحدة للنشر والتوزيع سنة 1393هـ.

 

• السيوطي، جلال الدين عبدالرحمن - ت 911هـ.

19- حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة، الجزء الأوَّل، تحقيق: محمد أبو الفضل، دار إحياء الكتب العربيَّة، الطبعة الأولى، القاهرة 1967 - 1968م.

 

• أبو شامة، شهاب الدين أبو محمد عبدالرحمن - ت 665هـ.

20- الروضَتين في أخبار الدولتَين، الجزء الأوَّل، دار الجيل - بيروت، مطبعة دار النيل بمصر 1387 - 1388هـ.

21- الذَّيل على الروضتين، بيروت، دار الجيل، الطبعة الثانية 1974م.

 

• صبري، عبدالعزيز.

22- تذكار الحجّ - خاطرات ومشاهدات في الحج، المطبعة السلفيَّة، القاهرة 1342.

 

• ابن ظهيرة، جمال الدين محمد جار الله، ت 986هـ.

23- الجامع اللَّطيف في فضل مكَّة وبناء البيت الشَّريف، بيروت، المكتبة الشَّعبيَّة، الطبعة الخامسة 1399هـ.

 

• ابن العماد، عبدالحي الحنبلي - ت 1089هـ.

24- شذرات الذَّهب في أخبار من ذهب، الجزء الرابع والخامس، دار بيان المسيرة، بيروت، 1399هـ.

 

• عنقاوي، فؤاد.

25- مكَّة .. الحج والطوافة، دار خضر، بيروت 1415هـ.

 

• الفاسي، محمد بن أحمد - ت 832هـ.

26- العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، الأجزاء: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 ما عدا الأوَّل تحقيق: فؤاد سيد، مطبعة السنة المحمدية، القاهرة 1381 - 1388هـ.

27- شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، الجزء الأوَّل ملحق به كتاب الدرة الثمينة لابن النجار - ت 665هـ، مطبعة البابي الحلبي 1956م.

 

• ابن فهد، عزّ الدين عبدالعزيز - ت 922هـ.

28- غاية المرام بأخبار سلطنة البلد الحرام، الجزء الأول، تحقيق فهيم شلتوت، مطبوعات مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى، مكة سنة 1404هـ.

 

• ابن فهد، عمر - ت 885هـ.

29- إتحاف الورى بأخبار أم القرى، الجزء الثاني والثالث، تحقيق: فهيم شلتوت، مركز البحث العلمي - جامعة أم القرى، مكة 1404هـ.

 

• القاسمي، ظافر.

30- نظام الحكم في الشَّريعة والتاريخ الإسلامي، الجزء الثاني، دار النَّفائس، بيروت، الطبعة الأولى 1394هـ.

 

• ابن كثير، أبو الفداء الحافظ - ت 774هـ.

31- البداية والنهاية، الجزء الثاني عشر، مكتبة دار المعارف 1412هـ، الجزء الثَّالث عشر، دار الفكر، بيروت 1398هـ.

 

• الماوردي، أبو الحسن عليّ بن محمَّد بن حبيب البصري - ت 450هـ.

32- الأحكام السلطانية والولايات الدينيَّة، راجعه: محمد فهمي السرجاني، المكتبة التوفيقية، القاهرة سنة 1978م.

 

• مالكي، سليمان.

33- بلاد الحجاز منذ بداية عهد الأشراف حتى سقوط الخلافة العباسية في بغداد، من منتصف القرن الرابع الهجري حتى منتصف القرن السابع الهجري، مطبعة دار الأوفست بالرياض سنة 1414هـ.

 

• محمود، عبدالحليم.

34- الحج إلى بيت الله الحرام (المجموعة الكاملة لمؤلفات الدكتور)، دار الكتاب اللبناني، 1977م.

 

• ابن منظور، جمال الدين محمد - ت 630هـ.

35- لسان العرب، الجزء العشرون، (تراثنا) طبعة مصورة عن طبعة بولاق، المؤسسة المصرية العامَّة للتأليف والأنباء، الدار المصريَّة للتأليف والتَّرجمة.



[1] بكالوريوس في الشريعة والدراسات الإسلامية من قسم التاريخ والحضارة الإسلامية 1393 هـ.

• ماجستير في التاريخ الإسلامي، كلية الآداب جامعة القاهرة 1978م.

• دكتوراه في التاريخ الإسلامي، كلية الآداب جامعة القاهرة 1981.

• يعمل الآن وكيل عميد شؤون الطلاب بكلية التربية بالطائف.

[2] الحج هو: القصد، رجل محجوج: مقصود، ويُكْسر حِج، حِجة: المرة الواحدة، أيضًا الحِجَّة هي السَّنة وتُجمع على حِجج، والقياس: فتح الحاء؛ أي: حَجَّة، وذو الحجَّة: شهر الحج، والجمع ذوات الحجَّة، وبضمّ الحاء هي: البرهان نقول: حاجَّه فحجَّه؛ أي: غلبه، وفي المثل: (لَجَّ فحَجَّ)، رجل مِحْجاج؛ أي: جَدِل، والتحاجّ: التخاصُم، الحَجاج والحِجاج بفتح الحاء وكسرها: العظم الَّذي ينبت عليه الحاجب، والمحَجَّة: جادَّة الطَّريق، الصِّحاح للجوهري: ج1، ص303 - 304.

[3] قديمًا كان من هؤلاء سفيان بن عيينة، الإمام الحجَّة، قال عنه الشَّافعي: لولا مالك وسفيان لذهب علم أهل الحجاز، ومِن ألقابه: محدّث الحرم، وشيخ الإسلام، أحد أئمَّته، قال عنه الذهبي: كان خلق يحجُّون والباعث لهم لقي ابن عيينة، فيزدحمون عليه أيَّام الحج، انظر "تذكرة الحفاظ" ص262 وما بعدها برقم 249، "العقد الثمين" ج4 ص591 برقم 1311.

وأيضًا منهم محدّث المدينة، وعالمها ونزيل مكَّة، يعقوب بن حميد بن كاسب، "تذكرة الحفاظ" ج2 ص466 برقم 477.

أيضًا منهم: محدّث الجزيرة أحمد بن عبدالملك بن واقد؛ نفس المصدر ص463، وهؤلاء مع أنَّهم قبل الفترة موضوع هذا البحث إلاَّ أنَّ هذه الروح كانت سائدةً في هذه الفترة وما بعدها؛ لأن رغبة العلماء والمتعلمين في تحصيل معارفهم على نظائرهم، أو علمائهم المشهورين أيَّام مواسم الحج.

[4] معجم الأدباء ج16 ص 102.

[5] ما سُقناه من تراجِم تلك الفترة وغيرها من "العقد الثمين" للفاسي، وانظر أيضًا "مقدمة ابن خلدون" ص497، "ظهر الإسلام" لأحمد أمين ج1 ص1030.

- العلاقات الحجازية للسليمان ص223 - بلاد الحجاز للباحث ص186.

[6] ومن كان عالمًا بها أبو العباس أحمد بن عبدالرحمن بن وهبان، فقد كان متبحِّرًا في علوم كثيرة كالحساب والنجوم، والفرائض والمنطق والفقه وغيرها، وأخيرًا ختم أعماله بالزُّهد وقد ظلَّ مقيمًا بمكَّة حتَّى وفاته سنة 585هـ، بلاد الحجاز لعائشة بافاس ص114.

[7] حسن المحاضرة للسيوطي ج1 ص246، مقدمة ابن خلدون ص484 - 488.

[8] شذرات الذَّهب لابن العماد ج5 ص343، العلاقات الحجازية ص223 - 224.

[9] مقدمة ابن خلدون ص 497 - 498.

[10] كثرت الكتب بالرباطات، منها رباط ربيع بأجياد مكَّة في سنة 594هـ، وهو منسوب إلى ربيع بن عبدالله المارواني، أوْقفه عن الملك الأفضل علي بن الملك النَّاصر صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب دمشق على الفقراء والمساكين من غرباء المسلمين، سكنه من العلماء والصَّالحين وطلبة العلم والمجاورين لكثرة ما يرد إليه من خيرات الطَّائف، سكنه ابن بطوطة، وأثْنى عليه بأنَّه من أحسن الرباطات بمكَّة، وازدهرت فيه الحركة العلميَّة لكثرة علمائِه وطلابه وكتُبه، رحلة ابن جبير ص99، رحلة ابن بطوطة ص172، شفاء الغرام ج1 ص335، العقد الثمين ج1 ص121، ج6 ص276، إتْحاف الورى ج2 ص564 حوادث سنة 594هـ.

[11] رحلة ابن جبير، دار الكتاب اللبناني، مكتبة المدرسة ص77، وممن اشتهر بنسخ الكتب العلمية في هذه الفترة: عبدالله بن أحمد بن محمد الزيادي، المتوفَّى بمكَّة سنة 631هـ، تفقَّه، وكتب الكثير بخطِّه، وزيادة على عِلْمِه وصلاحه فقد أوقف كلَّ كتُبِه بمكَّة، انظر ترجمته بالعقد الثمين ج5 ص101 برقم 1480هـ.

[12] حرَّان: هي مدينة مشهورة من جزيرة آقور، وتقَع على طريق الموصِل، والشَّام، وسمِّيت بهاران أخي إبراهيم - عليْه السلام - لأنَّه أوَّل مَن بناها، فعرِّبت إلى حرَّان بتشديد الراء، وقيل: إنَّها أوَّل مدينة بنيَتْ على الأرض بعد الطوفان، قال المفسرون: إنَّها المرادة في قوله تعالى: ﴿ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ﴾ [العنكبوت: 26]، راجع: معجم البلدان ج2 ص325 - 326.

[13] ستأتي ترجمته.

[14] البداية والنهاية لابن كثير: ج13 ص51، 109، وفي ص109 ترجمته، إتحاف الورى ج3 ص7.

[15] النجوم الزاهرة ج6 ص81 - 82، شذرات الذهب ج4 ص245.

[16] هي حصن بالأندلس من أعمال شنتيرية.

[17] إتحاف الورى ج2 ص552 حوادث سنة 580هـ، درر الفوائد ص 701، وفيها ذكر اسمه أبو الحسن، أبو بكر بن الشيخ يحيى الغياني.

[18] الرحلة الحجازية للبتيوني ص37 - 38، حسن الصفا والابتهاج ص36 - 37 تحقيق ليلى عبداللطيف.

[19] البداية والنهاية: ج12 ص298، وفيها يشير ابن كثير إلى أنَّه حجَّ في سنة 572هـ حيث ذكر في حوادث السنة قائلاً: وتأخَّر القاضي الفاضل بمصر لأجل الحجّ، الروضتين: ج2 ص6 - 7، وفيها ذكر حجَّه سنة 574هـ، ص14 ذكر حجته الثانية، موفق الدين المذكور: تفقَّه، وأفتى وناظر، وتبحَّر في فنون كثيرة، من مصنفاته: "المغني في شرح مختصر الخرقي" في عشرة مجلَّدات، و "الشَّافي" في مجلَّدين، و "المقنع" للحفظ، و "الروضة في أصول الفقه" وغيرها من التصانيف المفيدة، وفاته في يوم عيد الفطر سنة 619هـ، البداية والنهاية: ج13 ص99 - 100، القاضي الفاضل هو: عبدالرحيم بن علي بن محمد بن حسين اللخمي البيساني، ساد أهل البلاد حتَّى بغداد، لم يكن له في زمانه نظير، كان وزيرًا وصاحبًا وجليسًا، وأنيسًا للسلْطان الملك النَّاصر صلاح الدين بمصر، وكان أعزَّ عليه من أهله وأولادِه، نفس المصدر والجزء، ص24.

[20] البداية والنهاية: ج12 ص298، وفيها يشير ابن كثير إلى أنَّه حجَّ في سنة 572هـ حيث ذكر في حوادث السنة قائلاً: وتأخَّر القاضي الفاضل بمصر لأجل الحجّ، الروضتين: ج2 ص6 - 7، وفيها ذكر حجَّه سنة 574هـ، ص14 ذكر حجته الثانية، موفق الدين المذكور: تفقَّه، وأفتى وناظر، وتبحَّر في فنون كثيرة، من مصنفاته: "المغني في شرح مختصر الخرقي" في عشرة مجلَّدات، و "الشَّافي" في مجلَّدين، و "المقنع" للحفظ، و "الروضة في أصول الفقه" وغيرها من التصانيف المفيدة، وفاته في يوم عيد الفطر سنة 619هـ، البداية والنهاية: ج13 ص99 - 100، القاضي الفاضل هو: عبدالرحيم بن علي بن محمد بن حسين اللخمي البيساني، ساد أهل البلاد حتَّى بغداد، لم يكن له في زمانه نظير، كان وزيرًا وصاحبًا وجليسًا، وأنيسًا للسلْطان الملك النَّاصر صلاح الدين بمصر، وكان أعزَّ عليه من أهله وأولادِه، نفس المصدر والجزء، ص24.

[21] رحلته، دار بيروت للطباعة، 1399هـ، ص155 - 161 بعد هذه الفترة حجَّ ابن رشيد عن طريق الرَّكب الشَّامي وعاد إلى مصر عن طريق السَّاحل سنة 684 - 685هـ، وبعده العبدري، والتيجني وابن بطوطه وغيرهم.

[22] درر الفوائد ج1 تحقيق حمد الجاسر ص247، حسن الصفا - تحقيق: ليلى عبداللطيف ص86، الحج والطوافة لفؤاد عنقاوي: ح1 ص127.

[23] درر الفوائد السابق ص226 - 227.

[24] هذه الوظيفة قديمة، فقد ولَّى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - القضاء باليمن لعلي بن أبي طالب - رضِي الله عنه - وقد ولاه أبو بكر - رضِي الله عنه - إلى عمر بن الخطاب - رضِي الله عنه - والقضاء هو إحكام الشيء والفراغ منه، وسمي القاضي قاضيًا لأنَّه يقال: قضى بين الخصمين إذا فصل بينهما وفرغ، وقيل القطْع، فيقال: قضى الشيء إذا قطعه، وسمّي بذلك لقطع الخصومة بالحكم، صبح الأعشى ج5 ص423 - 424 وحاشيتها 1، 2.

- الأعلام ج4 ص114، ج7 ص258، طبقات ابن سعد ج4 ص79، نظام الحكم في الشريعة لظافر القاسمي ج2 ص11، درر الفوائد ج1 ص283.

[25] حسن المحاضرة: ج2 ص310، درر الفوائد: ج1 ص283، حسن الصفا: ج2 ص35، الملامح الجغرافية ص90 - 91.

[26] مقدمة ابن خلدون ص497 - 498.

[27] ذكر ابن جبير وغيره أن "قوص" من أعمال الصعيد بمصر كانت ملتقى الحجيج والتجار من اليمن، والهند، والحبشة والمغاربة، ومصر والإسكندرية وغيرهم كثير من بلاد العرب والعجم، ومنها رأي من "قوص" - إلى عيذاب وإليها كانت عودتهم من الحج (رحلته طبعة بيروت 1399هـ، ص40 - 41، حسن الصفا، تحقيق: ليلى عبداللطيف ص36 - 37 بهوامشهما).

[28] دروب الحجيج لسيد بكر، ص12.

[29] درر الفوائد للجزيري، المطبعة السلفية بالقاهرة 1384هـ ص538، الرحلة الحجازية للبتنوني ص238، العلاقات الحجازية للسليمان ص76.

[30] العلاقات الحجازية ص76.

[31] معجم الأدباء ج16 ص102.

[32] للمزيد راجع ترجمته في العقد الثمين ج3 ص100، وفي هامشها ذكره (العُلبي)، طبقات الحنابلة لابن رجب طبعة حامد الفقي ج11 ص104 فيها (العُلبي)، شذرات الذهب ج4 ص6، فيها (العُلبي).

[33] إتحاف الورى ج2 ص520.

[34] إتحاف الورى: ج2 ص519 - 520، حوادث سنة 553هـ، درر الفوائد، المطبعة السلفيَّة، القاهرة - 1384هـ ص699 - 700، ذكر محقّق ابن فهد في مصدره السابق هامش (3) في الصفحة الأخيرة ما أثبته الجزيري في كتابه "درر الفوائد": (مقالع) وصوابها (مقارع) لأنَّ القلاع ما ترمى به الحجارة، أمَّا المقارع فمفردها مقرعة، وهي: خشبة، أو جريدة على صفحة مخصوصة تحدث صوتًا عندما يضرب بها.

[35] عن الأذان ومعناه اللغوي انظر الصحاح للجوهري ج5 ص2068 - 2069، لسان العرب لابن منظور ج16 ص149 - 153، وعن معناه الشَّرعي انظر ما ذكره العبدري تحت عنوان (مناظرات العلماء حول سبب فرار الشيطان من الأذان رحلته ص60 - 61، تحقيق: محمد الفاسي.

[36] رحلة ابن جبير ص86، دار الكتاب اللبناني.

[37] مستفاد الرحلة ص300.

[38] رحلة ابن جبير ص81، دار الكتاب اللبناني.

[39] نفس المصدر ص119، رحلة ابن بطوطة ص163.

[40] رحلة ابن جبير ص112، رحلة ابن بطوطة ص 162، العلاقات الحجازية ص212 - 213.

[41] تذكار الحج، خاطرات ومشاهدات في الحج: عبدالعزيز صبري، المطبعة السلفية بالقاهرة 1342هـ، ص168.

[42] رحلة ابن بطوطة، دار التراث، بيروت - 1388هـ، ص155.

[43] انظر: شفاء الغرام: ج1 ص244 - 246، العلاقات الحجازية المصرية ص141.

[44] التحفة اللطيفة: ج1 ص28، ج2 ص 328 - 331.

[45] راجع رحلة ابن جبير دار الكتاب اللبناني ص84، 285، 83 - 85، مستفاد الرحلة والاغتراب للتجيبي ص297، وما بعدها، - رحلة ابن بطوطة ص155، شفاء الغرام ج1 ص244 - الجامع اللطيف لابن ظهيرة ص132، وقد ذكر التجيبي في مصدره السابق ص296 سبب تعدد الجماعة في الحرم بأنها حدثت بعد أن تغلب الديلمي - لم يذكر اسمه - على العراق، فهاجر علماء الحجاز والعراق إلى غيرهما من البلدان، فظل الناس في الحرم أشتاتًا لا إمام لهم، ففزع أهل كل مذهب في الحرم إلى رجل منهم يكون قدوتهم في الصلاة فمضى العمل على ذلك من وقتئذ، وفي صفحة 291 ذكر أن الزيدية هم الذين قالوا بإمامة زيد بن علي بن الحسين في وقته، وهم روافض لأنهم رفضوه بعد ذلك لأنهم يرون الخروج مع كل من خرج من شيعة ولد فاطمة، - رضي الله عنها.

[46] إتحاف الورى ج2 ص516 حوادث سنة 550هـ وهامشها رقم 3.

 

[47] رحلة ابن جبير دار الكتاب اللبناني ص85، إتحاف الورى: ج2 ص517 - 528، حوادث سنة 551هـ، درر الفوائد - المطبعة السلفية - القاهرة ص261.

[48] شفاء الغرام ج1 ص245.

[49] رحلة ابن جبير ص127 - 128، رحلة ابن بطوطه، ص162 - 163.

[50] ابن جبير نفس المصدر ص138 - 139، وقد شاهد هذه المظاهر ابن جبير في حج 579هـ.

[51] القعد الثمين: ج2 ص152 ترجمته رقم 310.

[52] نفس المصدر: ج5 ص392 - 394 وفيها ترجمته.

[53] نفس المصدر: ج3 ص77 برقم 580، إتحاف الورى: ج2 ص526.

[54] نفس المصدر: ج7 ص438 - 439 برقم 2700، إتحاف الورى: ج2 ص530، ولم يذكر ابن فهد أو الفاسي اسم هذه البلدة.

[55] أبو شامة: الذَّيل على الروضتين ص15، التكملة للمنذري ج4 ص60، برقم 483، العقد الثمين ج1 ص437 - 439 برقم 127 وفيها ترجمته، إتحاف الورى: ج2 ص565.

[56] الاسم جمع، والمسمى مفرد، وهي اسم لموضع أي جبل مشرف على بطن عُرَنه، وتسميتها بعرفة قيل: إن جبرائيل - عليه السلام - عَرَّف إبراهيم - عليه السلام - المناسك، فلمَّا وقف بها قال: أعرفت؟ قال: نعم، وقيل: إنَّ آدم وحواء تعارفا بها بعد نزولهما من الجنة، وقيل: إنَّ الناس يعترفون بذنوبهم في ذلك الموقف.

[57] ابن جبير: رحلة، بيروت، 1399هـ، ص146 - 147، وفي الصفحة الأولى لم يذكر ابن جبير اسم القاضي، لكنَّه ذكر عنه عبارة: (وكان لهذا القاضي جمال الدين).

[58] الولاية على الإيمان واجبة، فالمؤمنون بعضهم أولياء بعض، والولي، أو الوالي من أسمائه تعالى، والمولى في الدين هو الولي، فالله مولى الذين آمنوا أي وليُّهم، والكافرون لا مولى لهم؛ أي: لا وليَّ لهم، وكلّ من يلي أمر واحد، فهو وليّه، للمزيد راجع لسان العرب: ج02 ص287 - 288، الصّحاح للجوهري: ج6 ص2528 - 2531.

[59] الأحكام السلطانية للماورْدي ص123.

[60] نفس المصدر ص134، درر الفوائد للجزيري ج1، تحقيق: حمد الجاسر ص229.

[61] الأحكام السلطانيَّة ص124 - 125، عدَّة المسافر، وعمدة الحاجّ والزَّائر، لعبدالله بن أحمد بن عبدالله باسودان ص92، 93، الحج إلى بيت الله الحرام لعبدالحليم محمود ص95، 108.

[62] الأحكام السلطانيَّة ص126 - 127، الحج إلى بيت الله الحرام ص95، 108، عدَّة المسافر الحاج والزائر ص92 - 93.

[63] ترجمته في العقد الثمين: ج4 ص603 - 605 برقم 1321، العبر في خبر من عبر للذهبي: ج3 ص302، شذرات الذَّهب: ج5 ص305، إتحاف الورى: ج3 ص88.

[64] للمزيد راجع: طبقات فقهاء اليمن لابن سمرة ص196، ذكر الفاسي بعد اسم المذكور (الرَّيمي اليمني) فهو يمني بقرب مخلاف جعفر باليمن، العقد الثمين: ج6 ص309، ترجمة رقم 3069، إتحاف الورى: ج2 ص523.

[65] العقد الثمين: ج7 ص316 - 317 برقم 2566، ج1 ص118، شفاء الغرام: ج1 ص330، إتحاف الورى ج2 ص335، حوادث سنة 570هـ.

[66] رحلة ابن جبير - بيروت 1399 ص110، 120، 140، 148، 152، وما بعدها.

[67] رحلة ابن جبير ص140.

[68] رحلة ابن جبير، بيروت 1399، ص124، 127، 148، العقد الثمين: ج5 ص62 برقم 4433 وفيها ترجمة طغتكين، إتحاف الورى: ج2 ص545 - 546، غاية المرام: ج1 ص457، درر الفوائد حوادث سنة 579هـ.

[69] السرو اليمنيون: هم أهل السروات من بلاد اليمن، وهي جبال حصينة تعرف بالسراة، فاشتقَّ النَّاس هذا الاسم من اسم بلادهم، وهم قبائل شتَّى، ويجلبون معهم الكثير من السَّمن والعسل وخلافه، وتجمع ميرتهم بين الطعام والفاكهة، وأهل الحجاز يعيشون في رغَد من العيش بقدومهم، ويدَّخرون ما يكفيهم لعامهم إلى ميرة أخرى، ولا يبيعون ما جلبوه، فهم به في تجارة مع الله تعالى، ذكر ابن جبير عنهم تفصيلاً ممتعًا من ص110 - 113.

[70] رحلة ابن جبير ص112، 113، رحلة ابن بطوطة ص 180 - 181، إتحاف الورى: ج2 حوادث سنة 579هـ.

[71] خاتون: بمنزلة السيدة، أو ما يليق بهذا اللفظ المملوكي النسائي للمزيد، راجع رحلة ابن جبير ص164.

[72] للمزيد راجع نفس المصدر ص148 - 149، العقد الثمين: ج6 ص34 - 35، شفاء الغرام: ج1 ص328، البداية والنهاية: ج12 ص309 - 310، وعن ترجمة طاشتكين راجع العقد الثمين: ج5 ص57 برقم 1428.

[73] رحلة ابن جبير السابقة، ص159 - 160.

[74] نفس المصدر ص159 - 160.

 

[75] نفس المصدر ص177 - 179، ذكر في الصَّفحة الأولى أنَّ الخطبة كانت ليلة الجمعة 7 من محرَّم سنة 580هـ، في الثَّانية ذكر أنَّ الخطبة مع بلاغتها لم تخل من البدع منها قوله: "حاجتي أن تكشفوا رؤوسكم، وتبسطوا أيديكم ضارعين لهذا النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في أن يرضى عني ويسترضي الله - عزَّ وجلَّ - لي"، وفي الصفحة الأخيرة كانت خطبة الجمعة من خطيب آخر يقول عنه ابن جبير: "على مذهب غير مرضي"، ومفهوم أنَّه على مذهب الإماميَّة الشيعيَّة، وعمومًا فخطبته كلّها غير خالية من البدع - إلى حدِّ كبير - انصرف عنه الناس يائسين متحققين من علامات الساعة، أيضًا ص180 من نفس المصدر.

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص : 1]




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نظرة في (نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر)
  • شعراء الحجاز في القرن السادس الهجري
  • النفحات الزكية من المراسلات العلمية
  • جوانب من الحياة العلمية في الحجاز من خلال بعض الوثائق العثمانية
  • قوافل الحج في العصر العثماني
  • إسهام الفيروزأبادي في الحركة العلمية التفسيرية في زبيد
  • مواسم لربيع القلوب

مختارات من الشبكة

  • أحكام الحركة التي ليست من جنس الصلاة(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • الحركة العلمية بالأندلس في القرن السادس الهجري: أسباب ازدهارها، وأعلامها (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الحركة العلمية بصقلية وإفريقية في المنتصف الأول من القرن السادس الهجري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إسهام الوقف في دعم الحركة العلمية في القرن السابع الهجري (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الجزيرة الصقلية ومظاهر الحركة العلمية بها(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الحركة العلمية القرآنية في حلب في العصر الأيوبي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أثر علامة القصيم الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي على الحركة العلمية المعاصرة(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الحركات الباطنية اليهودية الحديثة: الحركة الحسيدية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كثرة الحركة في الصلاة(استشارة - الاستشارات)
  • آداب المتعلم داخل الفصل ومع الكتاب (1)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب