• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

ماذا بعد رمضان؟ (الخطبة الأولى في شوال)

السيد مراد سلامة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/7/2016 ميلادي - 6/10/1437 هجري

الزيارات: 187476

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ماذا بعد رمضان؟

(الخطبة الأولى في شوال)

 

عناصر الخطبة:

العنصر الأول: أقسام الناس بعد رمضان.

العنصر الثاني: كثرة الدعاء لقبول صيام وسائر الأعمال.

العنصر الثالث: استصحاب روح مضان.

 

الخطبة الأولى

أمة الإسلام: كل عام أنتم بخير و تقبل الله منا و منكم الصيام و القيام و صالح الاعمال فقد ودعنا شهر رمضان الكريم ودعناه باللوعة وبالأنين حالنا كما قال الشاعر:

دَعِ البُكاءَ عَلَى الأَطْلالِ وَالدَّار
واذْكُرْ لِمَنْ بَانَ مِنْ خِلِّ وَمِنْ جَارِ
واذْرِ الدُّمُوعَ نَحِيْبًا وَابْكِ مِن أَسَفٍ
عَلَى فِرَاقِ لَيْالٍ ذَاتِ أَنْوَارِ
عَلَى لَيْالٍ لِشَهْرِ الصَّوْمِ مَا جُعِلَتْ
إِلا لِتَمْحِيْصِ آثَامٍ وَأَوْزَارِ
يَا لائِمي في البُكَاءِ زِدْنِي بِهِ كَلَفًا
وَاسْمَعْ غَرِيْبَ أَحَادِيثِي وَأَخْبَارِي
مَا كَانَ أَحْسَنَنَا وَالشَّمْلُ مُجْتَمِعٌ
مِنَّا المُصَلِّي وَمِنَّا القَانِتُ القَارِي

 

وانقسم الناس في نهايته بين فائز وبين خاسر فائز فاز بمغفرة الخطايا والذنوب:

• فائز فاز بالعتق من النار

• فائز فاز بليلة القدر

• فائز بالتقوى

• وخاسر خسر نفسه وشهره.

 

خاسر نالته دعوة جبريل عليه السلام وتامين النبي – صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احْضُرُوا الْمِنْبَرَ " فَحَضَرْنَا، فَلَمَّا ارْتَقَى دَرَجَةً قَالَ: " آمِينَ "، فَلَمَّا ارْتَقَى الدَّرَجَةَ الثَّانِيَةَ قَالَ: " آمِينَ "، فَلَمَّا ارْتَقَى الدَّرَجَةَ الثَّالِثَةَ قَالَ: " آمِينَ "، فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ مِنَ الْمِنْبَرِ قَالَ: فَقُلْنَا له يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ سَمِعْنَا الْيَوْمَ مِنْكَ شَيْئًا لَمْ نَكُنْ نَسْمَعُهُ قَالَ: " إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامِ عَرْضَ لِي فَقَالَ: بَعُدَ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَقُلْتُ: آمِينَ فَلَمَّا رَقِيتُ الثَّانِيَةَ قَالَ: بَعُدَ مَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَقُلْتُ: آمِينَ، فَلَمَّا رَقِيتُ الثَّالِثَةَ قَالَ: بَعُدَ مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ الْكِبَرَ عِنْدَهُ أَوْ أَحَدُهُمَا، فلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ - أَظُنُّهُ قَالَ - فَقُلْتُ: آمِينَ ".

 

ترحل الشهر والهفاه وانهدما
واختص بالفوز بالجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسرا
مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرم
من فاته الزرع في وقت البذار فما
تراه يحصد إلا الهم والندما
طوبى لمن كانت التقوى بضاعته
في شهره وبحبل الله معتصما

 

العنصر الثاني: كثرة الدعاء لقبول صيام وسائر الأعمال:

إخوة الإسلام: أخي المسلم: من منا يحمل هم قبول الطاعات بعد هذه الأيام مَن مِنا أشغله هذا الهاجس؟

 

من منا أشغله هاجس هل قبلت أعماله أم لا؟


من منا لسانه يلهج بالدعاء أن يقبل الله منه رمضان؟! إننا نقرأ ونسمع أن سلفنا الصالح كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يقبل الله منهم رمضان، ونحن لم يمض على رحيله سوى أيام فهل دعونا أم لا؟

 

أم أننا نسينا رمضان وغفلنا عنه وكأننا أزحنا حملاً ثقيلاً كان جاثماً على صدورنا؟! نعم.

 

رحل رمضان، لكن ماذا استفدنا من رمضان؟ وأين آثاره على نفوسنا وسلوكنا وأقوالنا وأفعالنا؟ هكذا حال الصالحين العاملين، فهم في رمضان صيام وقيام، وتقلب في أعمال البر والإحسان، وبعد رمضان محاسبة للنفس، وتقدير للربح والخسران، وخوف من عدم قبول الأعمال، لذا فألسنتهم تلهج بالدعاء والإلحاح بأن يقبل الله منهم رمضان.

 

• قال الحسن البصري: [[المؤمن يحسن ويخاف، والمنافق يسيء ويأمن ]].

 

وكان الصالحون يتصدقون ويصلون ويصومون وهم خائفون من الذنوب، والمنافقون يغدرون ويفجرون وهم آمنون.

 

*وفي الصحيح أن ابن مسعود قال: [[المؤمن يرى ذنوبه كأنها جبل يريد أن يسقط عليه، والمنافق أو الفاجر يرى ذنوبه كذباب طار على أنفه فقال به هكذا (وأومأ بيده) (أخرجه البخاري)

 

• ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 60] أي والذين يعطون العطاء، وهم وجلون خائفون ألا يتقبل منهم، لخوفهم أن يكونوا قد قصروا في القيام بشروط الإعطاء، وهذا من باب الإشفاق والاحتياط روى الإمام أحمد والترمذي وابن أبي حاتم عن عائشة رضي اللّه عنها أنها قالت: يا رسول اللّه، الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا، وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر، وهو يخاف اللّه عزّ وجلّ؟ قال: "لا يا بنت أبي بكر، يا بنت الصدّيق، ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق، وهو يخاف اللّه عزّ وجلّ".

 

حال السلف:

والذي يتأمل أحوال السلف الصالح في وداع رمضان والخشية على الأعمال ليرى قلوبا وجلة و أعينا باكية بكى عامر بن عبد الله حين حضرته الوفاة، فقيل له: ما يبكيك، وقد كنت وكنت؟ فقال: "إني أسمع الله يقول: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ"، ويقول أبو الدرداء: (لأن أستيقن أن الله قد تقبل مني صلاة واحدة أحبُّ إلي من الدنيا وما فيها؛ إن الله يقول: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾.

 

وقال عطاء: "الحذرُ الاتقاءُ على العمل ألا يكون لله".

 

وقال ابن دينار: "الخوفُ على العمل ألا يُتقبَّل أشدُّ من العمل".

 

فكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: [لو أعلم لو أن لي صلاة مقبولة لاتكلت، فمن بر والديه فإن الله يتقبل عمله] قال الله تعالى في كتابه فيمن بر والديه: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ ﴾ [الأحقاف:16] فجمع لمن بر والديه بين هاتين الثمرتين قبول العمل وتكفير الخطيئة، فيقبل عمل الإنسان وتكفر خطيئته.

 

العنصر الثالث علامات قبول الأعمال:

أحباب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إن الله تعالى جعل لكل عمل من الأعمال جزاء وجعل له علامة للقبول أو الرد.

 

فيكف تتعرف أخي المسلم على عملك هل قبله مولاك أم رد عليك؟

نسأل الله تعالى القبول.

 

لقد ذكر لنا أهل المعرفة والقبول علامات القبول وهي كما يلي:

علامات قبول العمل:

(1) الحسنة بعد الحسنة:

فإتيان المسلمون بعد رمضان بالطاعات، والقُربات والمحافظة عليها دليل على رضى الله عن العبد، وإذا رضى الله عن العبد وفقه إلى عمل الطاعة وترك المعصية.

قال الحسن البصري: "إن من جزاء الحسنة الحسنة بعدها، ومن عقوبة السيئة السيئةُ بعدها، فإذا قبل الله العبد فإنه يوفقه إلى الطاعة، ويصرفه عن المعصية، وقد قال الحسن: "يا ابن آدم إن لم تكن في زيادة فأنت في نقصان".

 

(2) حب الصالحين وبغض أهل المعاصي:

من علامات قبول الطاعة أن يُحبب الله إلى قلبك الصالحين أهل الطاعة ويبغض إلى قلبك الفاسدين أهل المعاصي ،و لقد روى الإمام أحمد عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله)).

 

أخي الحبيب:

قل لي من تحب من تجالس من تود أقل لك من أنت ،ولله در عطاء الله السكندري حين قال :(إذا أردت أن تعرف مقامك عند الله فانظر أين أقامك).

 

والواجب أن يكون حبنا وبغضنا، وعطاؤنا ومنعنا، وفعلنا وتركنا لله -سبحانه وتعالى- لا شريك له، ممتثلين قوله، صلى الله عليه وسلم " من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع الله، فقد استكمل الإيمان " رواه أحمد عن معاذ بن أنس وغيره..

 

(3) كثرة الاستغفار:

المتأمل في كثير من العبادات والطاعات مطلوبٌ أن يختمها العبد بالاستغفار، فإنه مهما حرص الإنسان على تكميل عمله فإنه لابد من النقص والتقصير، ، فبعد أن يؤدي العبد مناسك الحج قال تعالى: ﴿ ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [البقرة:199].

 

وبعد الصلاة علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نستغفر الله ثلاثاً ، وأهل القيام بعد قيامهم وابتهالهم يختمون ذلك بالاستغفار في الأسحار قال تعالى:

﴿ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 18]، وأوصى الله نبيه صلى الله عليه وسلم بقول ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [محمد: 19].

 

وأمره أيضاً أن يختم حياته العامرة بعبادة الله والجهاد في سبيله بالاستغفار فقال:

﴿ إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً﴾.

 

فكان يقول صلى الله عليه وسلم في ركوعه وسجوده: ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) رواه البخاري.

 

(4) المداومة على الأعمال الصالحة:

كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على الأعمال الصالحة، فعن عائشة-رضي الله عنها -قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبته) رواه مسلم.

 

و أحب الأعمال إلى الله وإلى رسوله أدومها وإن قلَّت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل). متفق عليه.

 

وبشرى لمن داوم على عمل صالح، ثم انقطع عنه بسبب مرض أو سفر أو نوم كتب له أجر ذلك العمل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً) رواه البخاري ، و هذا في حق من كان يعمل طاعة فحصل له ما يمنعه منها، وكانت نيته أن يداوم عليها. وقال صلى الله عليه وسلم :( ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه). أخرجه النسائي.

 

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.

أما بعد:

العنصر الرابع استصحاب روح مضان:

• روح رمضان: روح الهمة العالية في المحافظة على الفرائض والواجبات:

فليس لعمل المؤمن أجل دون الموت قال الله تعالى ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99].

 

عن علقمة قال قلت لعائشة: هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخص من الأيام شيئا؟ قالت: لا. كان عمله ديمة وأيكم يطيق ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطيق. رواه البخاري

 

• روح رمضان: روح الأخلاق الكريمة فلا سب ولا هجر ولا خصومة ولا حسد:

عن علقمة عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء".

فالمسلم لا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح.

" صحيح البخاري " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة ، فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس ، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر رضي الله عنه ، وكان القراء أصحاب مجلس عمر رضي الله عنه ومشاورته ، كهولا كانوا أو شبانا ، فقال عيينة لابن أخيه : يا بن أخي ، لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه ، فاستأذن ، فأذن له عمر ، فلما دخل قال : هي (وهي كلمة تهديد ، وفي نخة : هيه وإيه ، بمعنى : زدني.) يا ابن الخطاب، فو الله ما تعطينا الجزل ، ولا تحكم فينا بالعدل ، فغضب عمر رضي الله عنه حتى هم أن يوقع به ، فقال له الحر : يا أمير المؤمنين إن الله تعالى قال لنبيه (صلى الله عليه وسلم) : ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199] وإن هذا من الجاهلين ، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه ، وكان وقافا عند كتاب الله تعالى.

 

وعن عبادة بن الصامت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بما يشرف الله به البنيان ويرفع الدرجات؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: تحلم على من جهل عليك وتعفو عمن ظلمك. وتعطى من حرمك؟ وتصل من قطعك ".

 

قال عصام بن المصطلق: "دخلت المدينة فرأيت الحسن بن عليّ- عليهما السّلام- فأعجبني سمته وحسن روائه، فأثار منّي الحسد ما كان يجنّه صدري لأبيه من البغض، فقلت: أنت ابن أبي طالب، قال: نعم، فبالغت في شتمه وشتم أبيه، فنظر إليّ نظرة عاطف رءوف، ثمّ قال: أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم بسم الله الرّحمن الرّحيم ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199] فقرأ إلى قوله تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ، ثمّ قال لي: خفّض عليك، استغفر الله لي ولك، إنّك لو استعنتنا أعنّاك، ولو استرفدتنا أرفدناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، فتوسّم فيّ النّدم على ما فرط منّي فقال: ﴿ قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 92] أمن أهل الشّام أنت؟ قلت: نعم. فقال: "شنشنة أعرفها من أخزم" حيّاك الله وبيّاك، وعافاك، وآداك "آداك بمعنى أعانك وقواك" ؛ انبسط إلينا في حوائجك وما يعرض لك، تجدنا عند أفضل ظنّك، إن شاء الله، قال عصام: فضاقت عليّ الأرض بما رحبت، ووددت أنّها ساخت بي، ثمّ تسلّلت منه لواذا، وما على وجه الأرض أحبّ إليّ منه ومن أبيه" "تفسير القرطبي".

 

• روح رمضان روح الكرم و البذل و العطاء:

﴿ خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [التوبة: 103، 104].

 

عن أبي كبشة الأنماريّ- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "ثلاثة أقسم عليهنّ وأحدّثكم حديثا فاحفظوه" ، قال: "ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلّا زاده الله- عزّ وجلّ- بها عزّا ولا فتح عبد باب مسألة إلّا فتح الله عليه باب فقر. وأحدّثكم حديثا فاحفظوه" ، قال: "إنّما الدّنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله عزّ وجلّ- مالا وعلما فهو يتّقي فيه ربّه، ويصل فيه رحمه ويعلم لله- عزّ وجلّ- فيه حقّا، فهذا بأفضل المنازل. وعبد رزقه الله- عزّ وجلّ- علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النّيّة، يقول: لو أنّ لي مالا لعملت بعمل فلان، فهو نيّته. فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم، لا يتّقي فيه ربّه- عزّ وجلّ- ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقّا، فهذا بأخبث المنازل. وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما، فهو يقول: لو أنّ لي مالا لعملت فيه بعمل فلان، فهو نيّته فوزرهما فيه سواء" ) الترمذي.

 

قال مالك ابن دينار- رحمهم الله تعالى -: "المؤمن كريم في كلّ حالة لا يحبّ أن يؤذي جاره، ولا يفتقر أحد من أقربائه، قال: ثمّ يبكي مالك وهو يقول: وهو مع ذلك غنيّ القلب لا يملك من الدّنيا شيئا، إن أزلّته عن دينه لم يزلّ، وإن خدعته عن ماله انخدع، لا يرى الدّنيا من الآخرة عوضا، ولا يرى البخل من الجود حظّا، منكسر القلب ذو هموم قد تفرّد بها، مكتئب حزين ليس له في فرح الدّنيا نصيب، إن أتاه منها شيء فرّقه وإن زوي عنه كلّ شيء فيها لم يطلبه ويبكي ويقول: هذا والله الكرم، هذا والله الكرم".

 

روح رمضان: روح العفة عما حرم الله تعالى:

• العفة عن النظر وسماع ما حرم الله تعالى

• العفة عن الرشوة وأكل السحت

• العفة عن اكل أموال اليتامى

• العفة عن الوقوع في أعراض المسلمين

• العفة عن التبرج والسفور.

فقد رأينا العفة تمشي على الأرض متمثلة في أخلاق الصائمين و الصائمات.

فلماء لا نستصحب روح رمضان في حياتنا اليومية.

 

تمام العفة:

لا يكون الإنسان تامّ العفّة حتّى يكون عفيف اليد واللّسان والسّمع والبصر

• فمن عدمها في اللّسان السّخرية، والتّجسّس والغيبة والهمز والنّميمة والتّنابز بالألقاب

• ومن عدمها في البصر: مدّ العين إلى المحارم وزينة الحياة الدّنيا المولّدة للشّهوات الرّديئة،

• ومن عدمها في السّمع: الإصغاء إلى المسموعات القبيحة.

 

وعماد عفّة الجوارح كلّها ألا يطلقها صاحبها في شيء ممّا يختصّ بكلّ واحد منها إلّا فيما يسوّغه العقل والشّرع دون الشّهوة والهوى

 

قال سفيان الثّوريّ - رحمه الله تعالى -لأصحابه وقد خرجوا يوم عيد: "إنّ أوّل ما نبدأ به في يومنا عفّة أبصارنا".

 

عفة عن المال العام: لمّا فتح المسلمون القادسيّة أخذوا الغنائم ودفعوها إلى عمر. فقال: "إنّ قوما أدّوا هذا لأمناء، فقالوا له: عففت فعفّوا ولو رتعت يا أمير المؤمنين لرتعت أمّتك".

 

روح مضان: روح الجماعة والاتحاد.

فقد كان رمضان أداة لحمة بين أفراد المجتمع بين الفقراء والأغنياء، بين الأصحاء والمرضى.

فقد جمع رمضان بين أفراد المجتمع تحت مظلة الطاعة فكنت تراهم في الصلوات وتراهم في الجمع وتراهم على موائد رمضان وتراهم وهم اخوه متحابين.

 

حقا عباد الله لقد تحقق قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك التشبيه الرائع لوحد الأمة ففي الصحيحين وغيرهما من حديث النعمان بن بشير " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

 

ولمسلم "المسلمون كرجل واحد إذا اشتكى عينه اشتكى كله، وإذا اشتكى رأسه اشتكى كله" وفي الصحيحين من حديث أبي موسى: "المؤمن للمؤمن كالبنيان" وفي لفظ "كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه".

 

عن ابن عباس أنه كان معتكفا في مسجد رسول الله فأتاه رجل فسلم عليه ثم جلس فقال له ابن عباس: يا فلان أراك مكتئبا حزينا؟

قال: نعم يا ابن عم رسول الله؟ لفلان على حق ولاء؟ وحرمة صاحب هذا القبر ما أقدر عليه!!

قال ابن عباس: أفلا أكلمه فيك ؟! "

قال: إن أحببت: قال: فانتعل ابن عباس

ثم خرج من المسجد؟

فقال له الرجل: أنسيت ما كنت فيه؟

قال: لا ولكنى سمعت صاحب هذا القبر – صلى الله عليه وسلم - والعهد به قريب ودمعت عيناه يقول " من مشى في حاجة أخيه وبلغ فيها كان خيرا له من اعتكاف عشر سنين؟

 

" فهكذا كونوا يا عباد الله إخوانًا ولا تتفرق بكم السبل عن الطرق المثلى عن الطريق المنجية عن الطريق الموصلة إلى الله والدار الآخرة فإن الشيطان له غرض في بني آدم لكن لما آيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب رضي بالتحريش بين المسلمين فشن الغارة عليهم وأتاهم من كل طريق فمن اعتصم بحبل الله وجاهد العدو كان على سبيل نجاة، ومن اتبع هواه ولم يلتفت إلى ما أمره به مولاه كان الهلاك إليه أقرب من حبل الوريد. فيا عباد الله اتقوا الله وراقبوه واعتصموا بحبله جميعًا ولا تفرقوا ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الأنفال: 26]

الدعاء...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ماذا بعد رمضان؟
  • ماذا بعد رمضان والعيد؟
  • اثبت على الطاعة بعد رمضان
  • ماذا بعد رمضان؟
  • التذكرة فيما بعد رمضان
  • السعداء والأشقياء بعد رمضان
  • ماذا بعد رمضان؟ (خطبة)
  • وقفات بعد رمضان
  • الثبات على الطاعة بعد رمضان حتى الممات (خطبة عيد الفطر 1439هـ)
  • حالنا بعد رمضان (أول خطبة بعد رمضان)
  • ماذا بعد رمضان؟

مختارات من الشبكة

  • ماذا أفعل بعد فسخ الخطبة ؟(استشارة - الاستشارات)
  • خطيبي يطلب الانفصال كلما حدثت بيننا مشكلة(استشارة - الاستشارات)
  • خطبة المسجد النبوي 6/10/1433 هـ - ماذا بعد رمضان؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخطبة الأخيرة من رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • ماذا لو سكت من لا يعلم؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حكم الخطبة على خطبة آخر(استشارة - الاستشارات)
  • بعد خطبة 3 سنوات يريد فسخ الخطبة(استشارة - الاستشارات)
  • طالوت وجالوت (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخطبة واختيار الزوجة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخطبة بين المباح والمحظور (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- خطبة طيبة
ابراهيم بن عبدالله - مصر 19-05-2021 10:32 PM

خطبه طيبة..

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب