• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / محمد صلى الله عليه وسلم / دراسات وبحوث
علامة باركود

أقباس من وعود النبي صلى الله عليه وسلم

أ.د. عبدالحكيم الأنيس

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/10/2015 ميلادي - 24/12/1436 هجري

الزيارات: 49385

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أقباس من وعود النبي صلى الله عليه وسلم[1]


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وأصحابه، وأشياعه وأحبابه.

 

وبعد:

إنَّ من أهم آثار مبعثه صلى الله عليه وسلم: إثارة الانبعاث النفسي للمؤمنين من العرب وغيرهم لينطلقوا في الأرض فينشروا كلمة الله، ويوصلوا النور إلى الأمم الغارقة في الظلمات والجهالات.

 

وقد كان هذا الانبعاثُ - الذي أخرج العرب من جزيرتهم وعزلتهم والاشتغال بأنفسهم - قائماً على البشارات والوعود النبوية التي حضّتهم وطمأنتهم ورسمت لهم الأهدافَ المطلوبة.

 

لقد أقام المسلمون دولةً لا تغيب عنها الشمس، ولا تأبه للسحابة أيْن أمطرت، وفاء الناسُ إلى ظلها آمنين متمتعين بعدلٍ يساوي بين الكبير والصغير في الحقوق، وبدينٍ يعطي للروح والنفس ما يبغيان.

 

إنَّ الوعود النبوية قضيةٌ يجبُ الوقوف عندها طويلاً، فهي عجيبةٌ في توقيتها إذ بدأ النبي بإعلانها وهو في مكة، وفي وسط قريش التي حاربته دون هوادة، تريدُ القضاء عليه وعلى دعوته، وأعلن بعضَها وهو في الخندق، والخصومُ يكادون يُطبقون عليه.

 

وهي عجيبةٌ في التركيز على مُدُنٍ تُعَدُّ معاقلَ الأعداء، وبذلك لفتت أنظارَ المسلمين إلى مكامن الخطر.

 

وممّا يُؤسف عليه ألاّ تظهرَ حتى الآن دراسةٌ موعبة تتناول هذه الوعود، وتحقِّق في أسانيدها ومتونها، وتحقيقها زماناً ومكاناً، وتشرح كيف تعامل الصحابة والتابعون ومَنْ بعدهم معها، وتستقصي الوعودَ التي لم تتحقق بعدُ ليجعلها المسلمون نصب أعينهم في حاضرهم ومستقبلهم.

 

إنَّ وعود بني الإسلام حددتْ خطط المستقبل لهذا الدين، والتخطيطُ للمستقبل شيءٌ في غاية الأهمية لأمةٍ تريد البقاء، ومن العجب أن يُقابِلَ هذا إعراضٌ في غاية الوضوح عن الاهتمام به، ودرسِ معالجته وتحديده.

 

وأنا هنا سأتناول بعضَ هذه الوعود، راجياً أن تكون هذه الرسالة لبنةً في هذا البناء، ولعلي أعود إليه مرة أخرى. وستكون في:

تمهيد: في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم أمتَه بمستقبلها، وهي تبيِّن لنا واسع علمه الموهوب صلى الله عليه وسلم.

ثم أتناول ذكر بعض الوعود بإيجاز.

ثم خاتمة في تحقُّق هذه الوعود.

 

التمهيد:

• عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: لقد خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم خطبةً ما ترك فيها شيئاً إلى قيام الساعة إلاّ ذكره، علمه مَن علمه، وجهله من جهله، إنْ كنتُ لأرى الشيء قد نسيتُه، فأعرفه كما يعرف الرجلُ الرجلَ إذا غاب عنه فرآه فعرفه. رواه الشيخان واللفظ للبخاري.

 

• وعنه قال: لقد حدَّثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يكون حتى تقوم الساعة... رواه مسلم.

 

• وعن طارق بن شهاب قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول: قام فينا النبيُّ صلى الله عليه وسلم مقاماً، فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهلُ الجنة منازلَهم، وأهلُ النار منازلَهم، حفظ ذلك مَنْ حفظه، ونسيه مَنْ نسيه. رواه البخاري.

 

قال الحافظُ ابن حجر: "أي أخبرنا عن مبتدأ الخلق شيئاً بعد شيء إلى أن انتهى الإخبارُ عن حال الاستقرار في الجنة والنار، وَوَضَعَ الماضي موضعَ المضارع مبالغةً للتحقُّق المستفاد من خبر الصادق، وكان السياقُ يقتضي أن يقول: حتى يدخل.

 

ودلَّ ذلك على أنه أخبر في المجلس الواحد بجميع أحوال المخلوقات منذ ابتدئت إلى أن تفنى إلى أن تُبعث، فشمل ذلك الإخبارَ عن المبدأ والمعاش والمعاد، وفي تيسير إيراد ذلك كله في مجلسٍ واحد من خوارق العادة أمرٌ عظيم، ويقرّب ذلك مع كون معجزاته لا مريةَ في كثرتها أنه صلى الله عليه وسلم أُعطي جوامع الكلم".

 

• ومن حديث أبي زيد الأنصاري قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح فصعِدَ المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر، ثم نزل فصلى بنا الظهر، ثم صعِد المنبر فخطبنا ثم صلى العصر كذلك، حتى غابت الشمس، فحدثنا بما كان، وما هو كائن، فأعلمُنا أحفظُنا". رواه أحمد ومسلم واللفظ لأحمد.

 

• وعن أبي ذر قال: لقد تركنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وما يقلِّب طائرٌ جناحيه في السماء إلاّ ذكرنا منه علماً. أخرجه أحمد وابن سعد والطبراني.

 

• وعن المغيرة بن شعبة قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً فأخبرنا بما يكون في أمته إلى يوم القيامة، وعاه مَنْ وعاه، ونسيه مَنْ نسيه. أخرجه أحمد والبخاري في "تاريخه" والطبراني.

 

• وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الله قد رفع لي الدنيا فأنا أنظر إليها وإلى ما هو كائن فيها إلى يوم القيامة، كأنما أنظرُ إلى كفي هذه، جلياناً[2] جلاه اللهُ لنبيه كما جلاهُ للنبيين من قبله. أخرجه الطبراني.

 

جولة في الوعود:

لقد وعد النبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابَه وعوداً كثيرة، فمِنْ ذلك فتح اليمن والشام التي يُسيطِرُ عليها الروم، وفتح العراقِ التي يسيطِرُ عليها الفرس، وهلاك كسرى وقيصر، وإنفاق كنوزهما في سبيل الله، وفتح مصر. ووعد بقتال خوز وكرمان، والترك، وفتح الهند والقسطنطينية، ووعد بركوب البحر وحثَّ عليه، وأنَّ الدين سيجاوز البحار، وسينتشرُ الرخاءُ ويفيضُ المال، ويعمُّ الأمن.

 

أولاً: فتح الشام والعراق واليمن:

عن البراء بن عازب قال: لما كان حين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق عرضتْ لنا في بعض الخندق صخرةٌ لا تأخذ فيها المعاول، فاشتكينا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء فأخذ المعول فقال: بسم الله، فضرب ضربة فكسر ثلثها وقال: الله أكبر أُعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصرُ قصورها الحمر الساعة.

 

ثم ضرب الثانية فقطع الثلث الآخر فقال: الله أكبر أُعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصرَ المدائن أبيض.

 

ثم ضرب الثالثة وقال: بسم الله، فقطع بقية الحجر فقال: الله أكبر أُعطيتُ مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا الساعة. رواه أحمد والنسائي بإسناد حسن.

 

وأخرج الشيخان عن سفيان بن أبي زهير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تفتح اليمن فيأتي قوم يُبسون فيتحملون بأهليهم ومَنْ أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.

 

ثم تفتح الشام فيأتي قوم يُبسون فيتحملون بأهليهم ومَنْ أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.

 

ثم تفتح العراق فيأتي قوم فيتحملون بأهليهم ومَنْ أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.

 

وأخرج أبو داود والنسائي والدار قطني عن عائشة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل العراق ذات عرق.

 

• ومما عيَّنه رسولُ الله من مُدُن العراق الحيرة:

فقد أخرج البخاري في تاريخه والطبراني والبيهقي وأبو نعيم عن خريم بن أوس قال: هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفَهُ من تبوك فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: هذه الحيرة البيضاء قد رُفعت لي وهذه الشيماء بنت بقيلة الأزدية على بغلة شهباء معتجرةً بخمار أسود.

 

فقلت: يا رسول الله إنْ نحن دخلنا الحيرة فوجدتها كما تصف فهي لي؟

قال: هي لك.

 

فلما كان زمن أبي بكر وفرغنا من مسيلِمة أقبلنا إلى الحيرة فأول مَنْ تلقانا حين دخلناها الشيماء بنت بقيلة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة شهباء معتجرةً بخمار أسود، فتعلقتُ بها وقلت: هذه وهبها لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعاني خالد بن الوليد عليها بالبينة فأتيتُه بها، وكانت البيِّنة محمد بن مسلمة، ومحمد بن بشر الأنصاريين، فسلمها إليَّ، فنزل إلينا أخوها يريد الصلحَ فقال: بعنيها. قلت: لا أنقصها والله مِنْ عشر مئة درهم، فأعطاني ألف درهم. فقيل لي: لو قلت: مئة ألف لدفعها إليك، فقلت: ما كنت أحسبُ أن عدداً أكثر من عشر مئة.

 

• وعيَّنَ من الشامِ بيتَ المقدس:

فقد أخرج البخاري عن عوف بن مالك الأشجعي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك - وهو في قبة من أدم - فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اعددْ ستاً بين يدي الساعة: موتي ثم فتح بيت المقدس....

 

ثانياً: ووعد بزوال ملك كسرى وقيصر:

فقد أخرج الشيخان عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله.

 

وهنا لابُدَّ من وقفةٍ، فربما أشكل هذا الحديث وقال قائلٌ: فقد ملك بعد كسرى وقيصر جماعةٌ سُمُّوا بهذا الاسم، فإنَّ كلَ ملكٍ كان لفارسٍ يسمّى كسرى، وكل ملكٍ كان للروم يسمّى قيصر؟

 

وثمة عن هذا أجوبة:

1- أن المراد لا يبقى كسرى بالعراق ولا قيصر بالشام، وهذا منقول عن الشافعي قال: "وسببُ الحديث أن قريشاً كانوا يأتون الشام والعراق تجاراً، فلما أسلموا خافوا انقطاع سفرهم إليهما لدخولهم في الإسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لهم تطييباً لقلوبهم، وتبشيراً لهم بأنَّ ملكهما سيزول عن الإقليمين المذكورين".


وبعبارة أخرى: أي أنَّ ملكهما سينقطع، وليس المقصود عين الموجودين حين مقالة النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.


2- وقال الخطابي: "معناه فلا قيصر بعده يملك مثل ما يملك، وذلك أنه كان بالشام وبها بيت المقدس الذي لا يتم للنصارى نُسُكٌ إلاّ به، ولا يملك على الروم أحد إلا كان قد دخله إمّا سراً وإمّا جهراً، فانجلى عنها قيصر، واستفتحت خزائنه، ولم يخلفه أحد من القياصرة في تلك البلاد بعده".


3- وقال ابن الجوزي: "الجواب: أنه ما ملك مَنْ كان لملكه طائلٌ ولا ثبوت، ومازال ملكهم متزلزلاً حتى انمحق".


4- وقال الذهبي: "أما كسرى وقيصر الموجودان عند مقالته صلى الله عليه وسلم فإنهما هلكا، ولم يكن بعد كسرى كسرى آخر، وأنفق كنوزهما في سبيل الله بأمر عمر رضي الله عنه، وبقى للقياصرة ملك بالروم وقسطنطينية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ثبت ملكه" حين أكرم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يقضي الله تعالى فتح القسطنطينية، ولم يبق للأكاسرة مُلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "مزَّق اللهُ ملكه" حين مزَّق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم".


5- ويرى ابن كثير أنَّ قيصر علم جنس عند العرب يُطلق على كل مَنْ ملك الشام مع بلاد الروم.

أي فمن لم يجمع بينهما فليس بقيصر عند العرب.

 

وأما عن كسرى فقد حمَلَ الحديث على يزدجر. وظاهرُ كلامهِ أنه هو الذي دعا عليه النبيُّ أن يمزق اللهُ ملكه.

 

هذه هي الأجوبة، والثلاثة الأولى معقولة، وكذلك الآخران فيما يتعلق بقيصر، وأما كلام الذهبي وابن كثير عن كسرى فلا يسلَّم، فقد خلف كسرى الموجودَ أيام النبي آخرون، وأما يزدجر فلم يكن قد ملك أيام النبي، وليس هو المقصود بدعوة النبي، إنما ذاك أبرويز بن هرمز هذا، ويقول الحافظُ ابن حجر: "وعلى كل تقدير فالمراد من الحديث وقع لا محالة لأنهما لم تبق مملكتهما على الوجه الذي كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم...".

 

وأنا أفهم الحديث حسب التقدير الآتي:

إذا هلك كسرى الموعودون أنتم بمحاربته فلا كسرى بعده مطلقاً، وإذا هلك قيصر الذي ستحاربونه فلا قيصر بعده في الشام إلى حين فتح القسطنطينية.

 

ثالثاً: الوعد بفتح مصر:

أخرج مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم ستفتحون أرضاً يُذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيراً فإنّ لهم ذمةً ورحماً".

 

وأخرج البيهقي وأبو نعيم عن كعب بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيراً فإنّ لهم ذمة ورحماً". يعني أنَّ أم إسماعيل "هاجر" كانت منهم، ومارية أم إبراهيم قبطية.

 

رابعاً: الوعد بقتال خوز وكرمان وقوم نعالهم الشعر والترك:

أخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزاً وكرمان من الأعاجم. حمر الوجوه، فطس الأنوف، صغار الأعين، كأنّ وجوههم المجان المطرقة، نعالهم الشعر".

 

قال ابن حجر: "أما خوز فمن بلاد الأهواز وهي من عراق العجم، وقيل: الخوز صنف من الأعاجم، وأما كرمان فبلدة مشهورة من بلاد العجم أيضاً، بين خراسان وبحر الهند".

 

وفي حديث آخر يرويه البخاري عن عمرو بن تغلب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم "إنَّ من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوماً ينتعلون الشعر...".

 

قال ابن حجر: "وقد وقع للإسماعيلي من طريق محمد بن عباد قال: بلغني أن أصحاب بَابَك كانت نعالهم الشعر".

 

ثم قال: بابك الخرّمي.. كان من طائفة الزنادقة استباحوا المحرمات، وقامتْ لهم شوكة كثيرة في أيام المأمون، وغلبوا على كثير من بلاد العجم كطبرستان والري، إلى أن قُتل بابك المذكور في أيام المعتصم، وكان خروجه في سنة إحدى ومئتين أو قبلها، وقتله في سنة اثنتين وعشرين".

 

وأما قتال الترك فقد رواه البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك، صغار الأعين، حمر الوجوه، ذلف الأنوف، كأن وجوههم المجان المطرقة...". ويلاحظ أن ثمة شبهاً في وصف الترك وأهل خوز وكرمان.

 

خامساً: الوعد بغزو الهند:

عن أبي هريرة قال: "وعدنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم غزوة الهند، فإنْ أدركتها أنفق فيها مالي ونفسي، فإن استشهدت كنت من أفضل الشهداء، وإنْ رجعت فأنا أبو هريرة المحرر". رواه النسائي وأحمد.

 

سادساً: الوعد بفتح القسطنطينية:

روى الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش".

 

وقد أثار هذا حماسَ المسلمين لنيل شرف هذا الفتح، وتعددتْ محاولات فتحها:

فقاد الحملةَ الأولى معاويةُ بن أبي سفيان في عهد عثمان.

 

ثم في خلافته جهز جيشاً قوياً بقيادة سفيان بن عوف، وأعاد حصارها سنة (50) إلا أنه لم يستطع فتحها.

 

وبقيت حصينةً ممتنعة حتى عهد الخليفة سليمان بن عبد الملك الذي حشد القوات المناسبة واعتد لها (1800) سفينة تنقل (120) ألف محارب جاهز للإنزال، وأسلمَ قيادةَ هذه القوات إلى أخيه مسلمة.

 

وفي هذا يقول الذهبي: "لقد كان الخليفة من بني أمية لو شاء أن يبعثَ بعوثه إلى أقصى الصين لفعل، لكثرة الجيوش والأموال، فهذا سليمان لمّا ولي قد أغزى جيوشَه في البر والبحر إلى مدينة القسطنطينية، وحاصروها نحواً من عشرين شهراً، ووقع للمسلمين غلاءٌ وجوعٌ لبُعد الديار، ولكن بلغنا أنه كان في منزلة العسكر عرمة حنطة كالجبل العالي ذخيرةً للجند، وغيظاً للروم فلما استخلف عمر بن عبد العزيز أذن للجيش في الترحل عنها، وصالح أهلها وخضعوا لها".

 

ثم كانت محاولة الخليفة المهدي العباسي، ثم المعتصم، ثم الخليفة مراد العثماني، إلى أن تمّ الفتح على يد السلطان محمد خان الذي دُعِيَ بالفاتح من ذلك اليوم.

 

ولنا أن نتصور فرحة المسلمين وهم يرون معجزة تتحققُ أمامَهم.

 

سابعاً: الوعد بركوب البحر والحثُّ عليه:

روى البخاري عن أنس بن مالك قال: كان رسولُ الله يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعمته وجعلت تفلي رأسه، فنام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهو يضحك قالت: فقلتُ: وما يُضحكك يا رسولَ الله؟ قال: ناسٌ من أمتي عرضوا عليّ غزاةً في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر ملوكاً على الأسرة -أو مثل الملوك على الأسرة، شك إسحاق - (أي أحد الرواة).

 

قالت: فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. ثم وضع رأسه، ثم استيقظ وهو يضحك. فقلتُ: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتي عُرضوا علي غزاةً في سبيل الله - كما قال في الأول - قالت: فقلتُ: يا رسولَ الله، ادعُ الله أن يجعلني منهم، قال: أنت من الأولين، فركبتِ البحر في زمن معاوية بن أبي سفيان فصُرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت.

 

وثم رواية أخرى أخرجها البخاري عن عمير بن الأسود توضح الأمر أكثر قال عمير: فحدثتنا أم حرام أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا. قالت أم حرام: قلت: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: أنت فيهم. ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم. فقلت: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: لا.

 

ثامناً: الوعد بأنَّ الدين يُجاوِز البحار، ويبلغُ ما بلغ الليل والنهار:

عن العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول الله: "يظهر الدين حتى يجاوز البحار، وحتى تخاض البحار بالخيل في سبيل الله".

 

وعن تميم الداري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك اللهُ بيت مدر ولا وبر إلا وأدخله هذا الدين، يعز عزيزاً ويذل ذليلاً، عزاً يعز اللهُ به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر...".

 

الخاتمة في تحقق هذه الوعود:

لم ينتقل صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى حتى فتح الله عليه مكة وخيبر والبحرين وسائر جزيرة العرب وأرض اليمن بكاملها، وأخذ الجزية من مجوس هجر، ومن بعض أطراف الشام، وهاداه هرقل ملك الروم وصاحب مصر واسكندرية وهو المقوقس، وملوك عُمان والنجاشي ملك الحبشة الذي تملك بعد أصحمة.

 

"ثم لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم واختار اللهُ له ما عنده من الكرامة قام بالأمر بعده خليفته أبو بكر الصديق فلمّ شعث ما وهى بعد موته صلى الله عليه وسلم، وأخذ جزيرة العرب ومهدها، وبعث جيوش الإسلام إلى بلاد فارس صحبة خالد بن الوليد رضي اللهُ عنه، ففتحوا طرفاً منها، وقتلوا خلقاً من أهلها، وجيشاً آخر صحبة أبي عبيدة رضي الله عنه ومن اتبعه من الأمراء إلى أرض الشام، وثالثاً صحبة عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى أرض مصر.

 

ففتح الله للجيش الشامي في أيامه بصرى ودمشق ومخاليفهما من بلاد حوران وما والاها، وتوفاه الله عز وجل واختار له ما عنده من الكرامة، ومنّ على أهل الإسلام بأن ألهم الصديق أن يستخلف عمر الفاروق فقام بالأمر بعده قياماً تاماً...

 

وتمَّ في أيامه فتحُ البلاد الشامية بكمالها، وديار مصر إلى آخرها، وأكثر إقليم فارس، وكَسَرَ كسرى وأهانه غاية الهوان، وتقهقر إلى أقصى مملكته، وقصر قيصر وانتزع يده عن بلاد الشام، وانحدر إلى القسطنطينية، وأنفق أموالهما في سبيل الله كما أخبر بذلك ووعد به رسولُ الله.

 

ولما كانت خلافة عثمان امتدت الممالك الإسلامية إلى أقصى مشارق الأرض ومغاربها ففتحت بلاد المغرب إلى أقصى ما هنالك الأندلس وقبرص، وبلاد القيروان وبلاد سبتة مما يلي البحر المحيط، ومن ناحية المشرق إلى أقصى بلاد الصين، وقتل كسرى وباد ملكه بالكلية، وفتحت مدائن العراق وخراسان والأهواز، وقتلَ المسلمون من الترك مقتلةً عظيمة جداً، وخذل اللهُ ملكهم الأعظم خاقان، وجبي الخراج من المشارق والمغارب إليه".

 

كان هذا البيان للإمام ابن كثير، وقد ختم هذه الكلمة بقوله: "ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زُوي لي منها.

 

فها نحن ننقلب فيما وعدنا اللهُ ورسولُه، وصدق الله ورسوله، فنسأل اللهَ الإيمان به وبرسوله، والقيام بشكره على الوجه الذي يرضيه عنا".

 

نستخلصُ من هذا أنَّ وعودَ النبي صلى الله عليه وسلم قد أثارت المسلمين وشجعتهم على خوض غمار الفتوح في القارات.

 

ولم يدفعهم تطاولُ الزمن إلى اليأس والاستسلام، كما رأينا في فتح القسطنطينية الذي تأخر إلى القرن التاسع الهجري.

 

ومن الطريف الوقوف على كتاب: "تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط" للأمير شكيب أرسلان

 

والقضية المهمة اليوم هي أن نجمع وعود النبي صلى الله عليه وسلم التي لم تتحقق بعد وننشرها بين المسلمين، لتقوي عزائمهم، وتشد من أزرهم، وليعملوا على تحقيقها.

 

لقد صدق الله.

وصدق رسوله.

ونسأل الله أن يزيدنا إيماناً وتسليماً.

 

المصادر:

• البداية والنهاية لابن كثير.

• بين العقيدة والقيادة لمحمود شيت خطاب.

• تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط لشكيب أرسلان.

• تذكرة الحفاظ للذهبي.

• الجامع للترمذي.

• الحملة العربية البرية من بغداد إلى القسطنطينية مقال لعبد القادر التحافي منشور في مجلة المدفعية والصواريخ ببغداد، العدد (68) سنة 1984م.

• الخصائص الكبرى للسيوطي.

• دلائل النبوة لأبي نُعيم الأصبهاني.

• السفارات النبوية لمحمود شيت خطاب.

• سنن النسائي.

• السيرة النبوية للذهبي (من تاريخ الإسلام)

• صحيح البخاري مع "فتح الباري".

• صحيح مسلم

• فتح الباري بشرح البخاري لابن حجر العسقلاني.

• القاموس المحيط للفيروزآبادي.

• مسند أحمد بن حنبل.

• مواقف حاسمة في تاريخ الإسلام لمحمد عبد الله عنان.

• الوفا بأحوال المصطفى لابن الجوزي.



[1] قدم هذا البحث إلى ندوة في السيرة أقامتها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ببغداد سنة 1416هـ-1996م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من النبوءات المحمدية .. انتصار الروم وهزيمة الفرس
  • من النبوءات المحمدية .. نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصرى
  • من النبوءات المحمدية .. فتح القسطنطينية وقتال الترك
  • من النبوءات المحمدية .. خروج أدعياء النبوة الدجالين والخلافة
  • من النبوءات المحمدية .. اقتتال فئتين عظيمتين من المسلمين
  • من النبوءات المحمدية .. كثرة المال وتطاول العرب في البنيان
  • من النبوءات المحمدية .. زوال ملك كسرى وقيصر
  • من النبوءات المحمدية .. ظهور الشرطة والكاسيات العاريات وغزو الهند

مختارات من الشبكة

  • من فضائل النبي: أكرم الله جبريل بأن رآه النبي صلى الله عليه وسلم في صورته الحقيقية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: استأذن ملك القطر ربه ليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بركات الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام وقوله تعالى: ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) الآية(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • صبر النبي صلى الله عليه وسلم على الأذى ووعد الله بنصره وتأييده(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • صبر النبي صلى الله عليه وسلم على الأذى ووعد الله بنصره وتأييده(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • خاتم النبيين (31): كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والزعماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بكونه خاتم النبيين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم عن غيره من الأنبياء في الدنيا(مقالة - ملفات خاصة)
  • لم يتبق من قبور الأنبياء إلا قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم: كان صلى الله عليه وسلم رحيما بالمؤمنين(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
6- جميل
محمد أحمد - الإمارات 19-10-2015 08:00 AM

جميل هذا البحث في الوعود النبوية جزاكم الله كل خير ونسأل الله تعالى أن يبشرنا بفتح رومية

5- بيان رأي
وسام الكبيسي - اصطنبول-تركيا 10-10-2015 03:33 PM

فتح الله عليكم مولانا
موضوع الأقباس فيه روعة وفرادة في الأسلوب والنظرة

4- شكر
خالد محمد - الإمارات 09-10-2015 09:28 AM

جزاكم الله خيرا على هذه المقالة الممتعة

3- تأييد وموافقة
حمزة عبدالعزيز العاني - عمان-الأردن 09-10-2015 04:41 AM

صلى الله عليه وسلم
وما أحوجنا اليوم إلى بشاراته ووعوده عليه الصلاة والسلام!

2- شكر وذكر كتاب في الموضوع
عبدالستار الشيخ - الشارقة 09-10-2015 04:04 AM

جزاكم الله خيرا
اطلعت على مقالكم (أقباس من وعود النبي صلى الله عليه وسلم)، وهو قيم نافع مفيد.
وألفت النظر إلى أن ما تطرقتم إليه قد بحثه أخوكم المحب في كتاب(نبوءات الرسول صلى الله عليه وسلم) تناولت فيه (163) نبوءة مبوبة
في (11) فصلا حسب الموضوعات. كلها تحققت.
والكتاب من مطبوعات دار القلم بدمشق، من أربع سنوات.
وطبع كذلك لصالح وزارة اﻷوقاف بقطر، وتوزعه مجانا.
أرجو الله أن يتقبله.

1- تفكر
د. احمد ختال العبيدي - العراق 08-10-2015 08:22 PM

جزاك الله خيرا على هذا . ولو تفكرنا فيما ذكرت لعرفنا قلة همتنا وقوة همتهم. أعاننا الله على ما بقي ورزقنا حسن الخاتمة. اللهم آمين.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب