• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / خطب الحج
علامة باركود

رحلة الحج (خطبة)

رحلة الحج (خطبة)
الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الدهامي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/9/2015 ميلادي - 29/11/1436 هجري

الزيارات: 38755

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رحلةُ الحج

 

الحمد لله الذي جعل البيتَ مثابةً للناس وأَمْنا، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الأعراف: 180]. وأشهد أنَّ محمدا عبدُه المصطفى، ونبيُّه المرتضى، وخليلُه المجتبى، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آلِه وأصحابِه أُولي البر والتقى، ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم المعاد واللقاء. أما بعد:

فاتقوا اللهَ أيها المؤمنون، ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آل عمران: 132]، ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 54].

 

عباد الله: في هذه الأيامِ المباركةِ يتوافد الحجيجُ مِن كلِّ فجٍّ عميق، آمِّين البيتَ العتيق، مُخبتين متواضعين، كاشفي رؤوسِهم متذللين، ومِنْ لِباس أهل الدنيا متجرِّدين، مُلبِّين دعوةَ أكرمِ الأكرمين، ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ [الحج: 27].

أَمَا والذِي حَجَّ المُحِبُّونَ بَيْتَهُ
وَلَبُّوا لَهُ عندَ المَهَلِّ، وَأَحْرَمُوا
وَقَدْ كَشَفُوا تِلكَ الرُؤوسِ تَواضُعًا
لِعِزَّةِ من تَعْنُو الوُجوهُ وَتُسلِمُ[1]

 

عبدَ الله: هل تفكرتَ في مشاهدِ الحج ومواقفِه؟ هل تدبرتَ أسرارَ الحج مِن أولِه إلى آخره؟ لقد كان السَّلفُ الصالح يستشعرونَ تلك المواقف، وتستوقفُهم تلكَ المشاهد. إنها رحلةٌ لا تُشبهها الرحلاتُ، وسَفْرةٌ لا تُضاهيها الأسفار، إنها الرحلةُ إلى العزيزِ الغفارِ.

 

فهل يستشعرُ الحاجُّ في نفْسِه، ويستحضر في قلبه، أنَّه متوجهٌ إلى ملكِ الملوك بأمره، في زُمرةِ الزائرين الذين نُودوا فأجابوا، واستُنْهِضوا فنهضوا.

دَعَاهُم فَلَبَّوهُ رِضىً وَمَحبَّةً
فلما دَعَوْهُ كانَ أَقْرَبَ مِنْهُمُ
تَراهُم على الأنْضَاءِ[2] شُعْثًا رُءوسُهُم[3]
وغُبرًا وهُمْ فيها أَسَرُّ وأَنْعَمُ
وَقَدْ فَارَقُوا الأَوْطَانَ والأَهْلَ رَغْبَةً
ولم يَثْنِهِم لِذَاتُهُم والتَّنعُّمُ[4]

 

فإنْ سألتَ عن حالِهم عند السفرِ، فكانوا يتذكرون بارتحالهم رحلتَهم إلى الدَّار الآخرة.

 

بكى أحدُهم يومَ خروجِه، حتى قطرت دموعُه على صدره، وقال: «ذكرتُ بهذه الرحلةِ الرحلةَ إلى اللهِ تعالى».

 

وقد كان نبيُّنا صلى الله عليه وسلم مستشعرًا هذا المعنى في أسفاره، فعن ابنِ عمرَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيرِه خارجًا إلى سفَرٍ كبَّرَ ثلاثًا، ثم قال:« ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ﴾ [الزخرف: 13، 14]»، رواه مسلم[5].

 

«أي: لَصائِرون إليه بعد مماتِنا، وإليه سَيْرُنا الأكبرُ، وهذا مِن بابِ التَّنبيهِ بسَيْرِ الدنيا على سيْرِ الآخرة»[6].

 

• وأما الإحرامُ: فكانوا يستشعرونَ معناه أيضًا، فهو يعني عندهم الانخلاعُ مِن جميعِ الشهوات، والتَّجردُ لفاطر الأرض والسموات، ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163].

 

ويستشعرون أيضًا معنى ملابس الإحرام، فيتذكرون بها خِرقَ الأكفان، حين يُساقونَ إلى دار الحيوان، وأنَّ الواحدَ منهم سيلقى اللهَ عز وجل ملفوفًا في ثوبِ الكفنِ وإن طال الزمن. فتهيجُ حينئذٍ نفوسُهم، وتذرفُ دموعُهم.

 

• وأما التلبية: فهي بدايةُ الأمر، قال سفيانُ بن عيينة رحمه الله: حجَّ عليُّ بن الحسين رضي الله عنه، فلما أحرَمَ واستوت به راحلتُه؛ اصفرَّ لونُه، وانتفض، ووقعت عليه الرعدة، ولم يستطع أن يلبي. فقيل له: لم لا تُلبِي؟ فقال: أخشى أن يُقال لي: لا لبيكَ ولا سعديكَ[7].

 

وكانوا يستشعرون معنى التلبية، وأنها إجابةٌ بعد إجابة، «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْـحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْـمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ»[8]. إنها إجابةٌ بعد إجابة، وإقامةٌ على الطاعة.

يُهلُّونَ بالبَيْدَاءِ: لَبَّيكَ رَبَّنَا ♦♦♦ لك المُلْكُ والحَمْدُ الذِي أَنْتَ تَعلَمُ [9]

• وأما دخولُ مكةَ، فيستشعرُ الحاجُ أنَّه قد انتهى إلى حرمِ الله آمنا، ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ﴾ [آل عمران: 96، 97]. فليرجُ عنده أن يُؤمَّنَ بدخولِه مِنْ عقابِ الله.

 

﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا ﴾ [البقرة: 125]، يثوبون إليه على تعاقبِ الأعوام، ولا يقضونَ منه وطرًا، بل كلما ازدادوا له زيارةً، ازدادوا له اشتياقا..

لا يَرْجِعُ الطّرْفُ عنها حين ينظرُها ♦♦♦ حتى يعودَ إليْها الطّرْفُ مُشْتَاقَا [10]

فهذه هي الكعبةُ المشرفة، التي يَؤمُّها المسلمون في الصلوات مِنْ مشارقِ الأرضِ ومغاربها، ها هي الآن رأي العين.

 

• وأما وقوعُ البصرِ على البيت، فينبغي للحاجِّ أنْ يُحضِرَ عظمةَ البيتِ في قلبه، ويُقدِّرَ كأنَّه مُشاهِدٌ لربِ البيت سبحانه، مِن شدةِ تعظيمه إيَّاه. فلله كم يُشاهَدُ هناك مِن الآياتِ البينات؟ وكم يُستفادُ من الذكريات المُحبَّبات؟

 

فهناك، مشى الأنبياءُ، وطاف الرسلُ والأولياءُ، فعن ابنِ عباس رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مرَّ بوادي الأزرقِ، فقال: «أَيُّ وَادٍ هَذَا؟» فقالوا: هذا وادي الأزرقِ، قال: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى عليه السلام هَابِطًا مِنَ الثَّنِيَّةِ، وَلَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللهِ بِالتَّلْبِيَةِ»، ثم أتى على ثَنيَّةِ هَرْشَى، فقال: «أَيُّ ثَنِيَّةٍ هَذِهِ؟» قَالُوا: ثنيَّةُ هَرْشَى، قال: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى عليه السلام عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ جَعْدَةٍ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ، خِطَامُ نَاقَتِهِ خُلْبَةٌ وَهُوَ يُلَبِّي»، رواه مسلم[11].

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ[12]، حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا»، رواه مسلم[13].

 

• وأما الطوافُ بالبيت، فاعلم أيها الحاج أنك مُتشبهٌ بالملائكةِ المقربين، ولا تظننَّ أنَّ المقصودَ طوافُ جسمك فحسب، بل المقصودُ طوافُ قلبك بذكر ربِّ البيتِ سبحانه.

 

فقد أقسم اللهُ جلَّ وعَلا بالبلدِ الأمين الذي فيه البيت العتيق، فقال تعالى ﴿ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴾ [التين: 3]، ﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾ [البلد: 1]، وأقسم بالبيت المعمور، فقال: ﴿ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ﴾ [الطور: 4].

 

وفي حديث الإسراء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ عليه السلام مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْـمَعْمُورِ، وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ»، رواه مسلم[14].

 

قال الحافظُ ابنُ كثيرٍ رحمه الله: «يتعبدون فيه ويطوفون، كما يطوف أهلُ الأرضِ بكعبتِهم، كذلك ذاكَ البيت، هو كعبةُ أهل السماء السابعة؛ ولهذا وَجَد إبراهيمَ الخليلَ عليه السلام مُسنِدًا ظهرَه إلى البيت المعمور؛ لأنه باني الكعبة الأرضية، والجزاءُ من جنس العمل، وهو بحيال الكعبة». ا.هـ[15].

 

بهذا الاستحضار يا عبادَ الله يخشعُ البصرُ، ويوْجلُ القلبُ، ويقشعرُ الجلدُ، ويحفظُ العبدُ جوارحَه، ويُقلع عما لا يرضي اللهَ تعالى، ويتجنبُ ما يجلبُ سخطه من معاصي وآثام، لاسيما في بيته، وفي حرمه.

 

فاحذر يا عبدَ الله أن تتلبسَ بسيئةٍ أو تتلطخَ بخطيئة في بيت الله وحرمه، لاسيما أكثرَ تلك الذنوب شيوعًا ألا وهو: إطلاق البصر فيما حرَّم الله؛ لاختلاط الرجال بالنساء أثناء الطواف وغيره، فإنَّ إرسالَ النظرِ فيما لا يحلُ يُنافي قدسيةَ الزمانِ وحُرمةَ المكان.

 

قال ابنُ الجوزي رحمه الله: «اعلم أنَّ غضّ البصرِ عن الحرامِ واجبٌ، ولكَمْ جلبَ إطلاقُه مِن آفة، وخصوصًا في زمنِ الإحرامِ وكشْفِ النساءِ وجوهَهن، فينبغي لمن يتقي اللهَ عز وجل أن يزجرَ هواه في مثل ذلك المقام، تعظيمًا للمقصود، وقد فسدَ خلقٌ كثيرٌ بإطلاقِ أبصارِهم هنالك»[16].

 

ويجبُ على النساءِ أيضًا ألا يكشفنَّ وجوههنَ أثناء الطواف، ولو كنَّ مُحْرمات، فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: «كان الرُّكبانُ يمرُّونَ بنا ونحن مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُـحْرِمَاتٌ، فإذا حاذَوْا بنا سدلَتْ إحدانا جِلبَابَها مِن رأسِها على وجهِها، فإذا جاوزُونا كشَفنَاه»، رواه أحمد وأبو داود[17].

 

• أما السعي بين الصفا والمروةَ: فإنه يضاهي ترددَّ العبدِ بفناءِ دارِ الملك جائيًا وذاهبًا مرةً بعد أخرى رجاءً في الرحمة.

 

وليتذكر الحاجُّ حين تردُّدِه بين الصفا والمروة فقْرَه وفاقتَه إلى الله، ولا يغبْ عن بَالِه أمُّ إسماعيل، وترددُها في ذلك المكانِ رجاءَ رحمة الملك الجليل.

 

• وأما الوقوف بعرفة!!

فَللهِ ذَاكَ المَوْقِفُ الأَعْظمُ الذِي
كَمَوقِفِ يومِ العَرضِ بَلْ ذَاكَ أَعْظَمُ
وَيدْنُو بِهِ الجَبَّارُ جَلَّ جَلَالُهُ
يُبَاهِي بهِمْ أَمْلَاكَهُ فهْوَ أَكْرَمُ[18]


واذكر بما ترى مِن ازدحام الخلائق، وارتفاع الأصوات، واختلاف اللغات، وارتحال الجماعات والأفواج، عرصاتِ القيامةِ، واجتماعَ الأمم مع الأنبياء، ﴿ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ﴾ [الإسراء: 71]، واقتفاءَ كلِ أمةٍ نبيَّها، وطمعَهم في شفاعته، وتحيرَهم في ذلك الصعيد الواحد، ﴿ وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجاثية: 28].

 

حين يجمعُ اللهُ الأوليين والآخرين في صعيدٍ واحد، يُسمعُهم الداعي، ويَنفذُهم البصر، حُفاةً عُراةً غرلا، قال صلى الله عليه وسلم: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصَةِ نَقِيٍّ»[19]، ﴿ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [المعارج: 4].

 

إذا تذكرت ذلك يا عبدَ الله فألزِم قلبكَ الضراعةَ والابتهالَ إلى الكبيرِ المتعال، وحققْ رجائكَ بالإجابة، وأكْثِر مِن الإنابة، ولا تظن أنَّ اللهَ يُخيِّبُ أملك، ويُضيعُ سعيك، فإنَّه تعالى عند ظنِّ عبده به، فأحسنْ ظنَّك بربك ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27].

 

• وأما رميُ الجمارِ: فاقصدْ به الانقيادَ والامتثالَ للكبير المتعال، والتشبهَ بإمامِ الحنفاءِ عليه الصلاةُ والسلام.

 

واذكروا وأنتم في رحاب المسجد الحرامِ حرسَه اللهُ أننا بالأمسِ القريبِ كنا نعفرُ وجوهَنا في ثَرى المسجدِ الأقصى، ثالثِ المساجد التي تُشدُّ إليها الرحال، واليوم هو في قبضة الأذِلةِ الصاغرين، اليهودِ الغاصبين، فإنَّا لله وإنا إليه راجعون! نسأل اللهَ تعالى بمنِّه وكرمِه أنْ يُنقذَه مِن أيديهم إلى حوزة الموحدين، وما ذلك على الله بعزيز.

 

بارك اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعني وإيَّاكم بما فيه مِن الآياتِ والذِّكْرِ الحكيم. أقولُ ما تسمعون، واستغفِرُ اللهَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين مِن كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه إنَّه هو الغفورُ الرَّحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ لله على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أنَّ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، الداعي إلى رضوانِه، صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وإخوانِه، ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين وسلَّم تسليمًا. أما بعد:

فإنَّ أصدقَ الحديثِ في الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ مُحدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أيها الحاج المبارك: احرص رحمك الله أنْ يكونَ حجُّكَ مبرورًا، وسعيُك مشكورًا، وذنبُك مغفورًا، فإنَّ «وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ»، رواه البخاري ومسلم[20].

 

والحجُّ المبرورُ هو السَّالمُ من الآثام والفجور. والحجُّ المبرور هو الذي سَلِم مِن الرفثِ والفسوق، ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].

 

• ومِن أعظم أنواع البر في الحج: كثرةُ ذِكْر الله فيه، فقد أمر اللهُ تعالى بكثرة ذِكره في المناسك مرةً بعد أخرى، ﴿ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [البقرة: 198].

 

وهل جُعلَ الطواف ُبالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار إلا لِذكْر الله تعالى، ففي الحديث: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَرَمْىُ الْجِمَارِ، لإِقَامَةِ ذِكْرِ اللهِ»، رواه أحمد وأبو داود[21].

 

﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [البقرة: 200].

وقد سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الحجِّ أفضلُ؟ فقال: «الْعَجُّ وَالثَّجُّ»[22]، والعَجُّ: هو رفْعُ الصوت بالتلبية، والثجُّ: هو إراقةُ دماءِ الهدايا[23].

 

• ومِن معاني البر: الإحسانُ إلى الناس، والشفقةُ عليهم، ففي «صحيح مسلم» أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئل عن البر، فقال: «الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ»[24]، وهذا مما يُحتاجُ إليه في الحج كثيرًا.

 

وقد كان السَّلفُ الأخيارُ رحمهم الله يَعلْمون حقَّ رفيقِ السفرِ فيُحسِنونَ صُحبتَه، قال مجاهد بن جبر رحمه الله: «صحِبتُ ابنَ عمر في السفرِ لأخدمَه، فكان يخدمني».

 

بل كان كثيرٌ ِمن السلفِ يشترطُ على أصحابه في السفر أن يخدمَهم، فكان إذا رأى رجلًا يغسلُ ثوبَه، فيقول: هذا مِن شَرْطي فيغسلُه، وإذا رأى مَن يريدُ أن يغسلَ رأسَه، قال: هذا مِن شَرْطي فيغسلُه[25].

 

وكان ابنُ المبارك رحمه الله يُطعِمُ أصحابَه في الأسفارِ أطيبَ الطعام؛ وهو صائم[26].

 

وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: كنَّا مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في السفرِ فمِنَّا الصائمُ ومنَّا الـمُفطِر، قال: فنزَلْنا منزِلًا في يومٍ حارٍّ، أكثرُنا ظِلًّا صاحبُ الكساءِ، ومنَّا مَن يتَّقِى الشمسَ بيدِه، فسقطَ الصُّوَّامُ، وقام الـمُفطِرونَ فضربُوا الأبنيةَ وسَقَوُا الرِّكابَ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ذَهَبَ الْـمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ»، رواه الشيخان[27].

 

أيها الحاج: اشغل وقتَك بما يقرِّبُك مِن الله، فإنَّ النفسَ إن لم تشغلها بالطاعةِ شغلتكَ بالمعصية، وإن لم تشغلها بالحقِ شغلتكَ بالباطل.

 

• كبِّرْ إذا صعدتَ مُرتفعًا، وسبِّح إذا هبطت واديًا؛ تأسيًا برسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فعن جابرٍ بن عبد الله رضي الله عنه قال: «كُنَّا إذا صَعِدنا كبَّرنا، وإذا نزلْنا سبَّحْنا»، رواه البخاري[28].

 

• تخيَّر مِنَ الرِّفاق أطوعَهم لله، وأتقاهم له، فالرفيق قبل الطريق، و«الْـمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ»[29]، واسأل ربَّك أن يُهيئ لك جليسًا صالحًا.

 

• واعلم رحمك الله أنَّ الصَّلاةَ أعظمُ خصالِ البِرِّ في الحج، فرضَها ونفلَها، فقد كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي على راحلته، ويُوتِرُ عليها في أسفارِه، غيرَ أنَّه لا يُصلِّي عليها المكتوبة.

 

وكان محمد بن واسع رحمه الله يُصلِّي في طريقِ مكةَ ليلَه أجمع في مَحْملِه[30].

 

﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197].

 

هذا، واعلموا أنَّ اللهَ أمرَكم بأمرٍ بدأ فيه بنفْسِه، فقال جلَّ مِن قائلٍ عليمًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم سلِّم الحجاج والمعتمرين. اللهم اجعل حجَهم مبرورًا، وسعيَهم مشكورًا، وذنبَهم مغفورًا. اللهم رُدَّهم إلى أهليهم سالمين، وبلباس التقوى متجملين، ولكل خيرٍ وفضلٍ غانمين، وبالمغفرةِ فائزين، ومن النار معتوقين، ولرضوانك حائزين.

 

اللهم واجعلنا معهم من المرحومين، المقبولين، الفائزين، المقربين. اللهم لا تحرمنا فضلَك وجودَكَ وعطاءَك وكرمك بسوء ما عندنا. اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، وارحم ضعفنا، واسلل سخيمة صدورنا.

 


[1] «القصيدة الميمية» لابن القيم ضمن شرحها «الرحلة إلى بلاد الأشواق»، (ص: 157).

[2] الأنضاء: جمع نِضو، و«النِّضْوُ: المهزولُ من الإبلِ وغيرها، وفي الإبلِ أكثر، وهو الذي أهزله السَّفرُ وأذْهبَ لحمَه»، «تاج العروس»، (40/ 98).

[3] «رجل أشْعَثُ، شَعِثٌ شعثانُ الرأسِ، وهو المُغْبَرُّ الرأس، المتلّبد الشَّعر، جافًّا غير دهين »، «العين»، (1/ 244).

[4] «القصيدة الميمية»، (ص: 157 - 158).

[5] رواه مسلم في الحج، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره، رقم (1342).

[6] «تحفة الأحوذي»، (9/ 408). ط: دار الفكر.

[7] «إحياء علوم الدين»، (1/ 268).

[8] حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه: رواه البخاري في الحج، باب التلبية، رقم (1549)، ورواه مسلم في الحج، باب التلبية وصفتها ووقتها، رقم (1184).

[9] ميمية ابن القيم رحمه الله

[10] ديوان أبي نواس، وفيه:

ما يَرْجِعُ الطّرْفُ عنها حين أُبصرُها ♦♦♦ حتى يعودَ إليْها الطّرْفُ مُشْتَاقَا

[11] رواه مسلم في الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات، رقم (166).

[12] الرَّوحَاء: موضع بين مكة والمدينة، وهو للمدينة أقرب، على نحو ستةٍ وثلاثين مِيلًا، ينظر: «شرح مسلم» للنووي، (4/ 90).

[13] رواه مسلم في الحج، باب إهلال النبي صلى الله عليه وسلم وهديه، رقم (1252).

[14] حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: رواه مسلم في الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات، رقم (162).

[15] «تفسير ابن كثير»، ( 7/ 427 - 428).

[16] «مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن»، (1/ 407).

[17] رواه أحمد، رقم (24021)، ورواه أبو داود في المناسك، باب المحرمة تغطي وجهها، رقم (1833).

[18] «القصيدة الميمية»، (ص: 159 - 160).

[19] حديث سهل بن سعد رضي الله عنه: رواه البخاري في الرقاق، باب يقبض الله الأرض يوم القيامة، رقم (6521)، ورواه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم، باب في البعث والنشور وصفة الأرض يوم القيامة، رقم (2790).

[20] حديث أبي هريرة رضي الله عنه: رواه البخاري في الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، رقم (1733)، ورواه مسلم في الحج، باب في فضل الحج والعمرة، رقم (1349).

[21] حديث عائشة رضي الله عنها: رواه أحمد، رقم (24351)، ورواه أبو داود في المناسك، باب في الرمل، رقم (1888).

[22] حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه: رواه الترمذي في الحج، باب ما جاء في فضل التلبية والنحر، رقم (827)، ورواه ابن ماجه في المناسك، باب رفع الصوت بالتلبية، رقم (2924)، وصححه الألباني.

[23] قال في «النهاية في غريب الحديث»: «العجُّ: رفع الصوت بالتلبية، والثجُّ: سيلانُ دماءِ الهدي والأضاحي»، (ص: 120، ص: 594).

[24] حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه: رواه مسلم في البر والصلة، باب تفسير البر والإثم، رقم (2553).

[25] «لطائف المعارف»، (ص: 516).

[26] «المصدر السابق»، (ص: 518).

[27] رواه البخاري في الجهاد والسير، باب فضل الخدمة في الغزو، رقم (2890)، ورواه مسلم في الصيام، باب أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل، رقم (1119).

[28] رواه البخاري في الجهاد والسير، باب التسبيح إذا هبط واديا، رقم (2993).

[29] حديث أبي هريرة رضي الله عنه: رواه أحمد، رقم (8417)، ورواه أبو داود في الأدب، باب من يؤمر أن يجالس، رقم (4833)، وحسنه الألباني.

[30] «لطائف المعارف»، (ص: 519).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الحج.. وجوبه وفضله
  • الحج أيام معدودات فأشعليها نورًا وضياء
  • فضل أيام عشر ذي الحجة
  • مخالفات يقع فيها بعض الحجاج
  • أسرار الحج وحكمه وكلمة للحجيج
  • شروط وجوب الحج
  • صفة الحج وواجباته
  • فضل أيام عشر ذي الحجة
  • تعجلوا إلى الحج (خطبة)
  • مقصد التغيير من رحلة الحج
  • أفضل أيام الدنيا (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • البوسنة: عودة حجاج البوسنة إلى وطنهم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • هولندا: فريق اليقين ينظم رحلة عمرة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الرحلة في طلب العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حجاج كوسوفا أتموا استعدادهم لرحلة الحج(مقالة - المسلمون في العالم)
  • رحلة الحج في كتابات الرحالة والمستشرقين المسلمين(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الصين: تنظيم رحلات طيران لخدمة 14 ألف حاج(مقالة - المسلمون في العالم)
  • من يشهد لك إذا رحلت؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مظاهر التوفيق في رحلة الإسراء والمعراج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تكريم الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم - في رحلة الإسراء والمعراج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوبة: رحلة الروح إلى الله ونور الحياة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب