• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / الإسراء والمعراج
علامة باركود

الإسراء والمعراج: آيات ودلالات

خميس النقيب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/5/2015 ميلادي - 30/7/1436 هجري

الزيارات: 27651

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإسراء والمعراج آيات ودلالات


الإسراء والمعراج حدث عظيم في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحدث مفصليٌّ في عمر الدعوة الإسلامية العريقة، وحدث هام عند المسلمين في أرجاء المعمورة؛ إذ فرَّق بين الحق والباطل، وأظهر الغثَّ مِن السمين، وعرَّى أعداء الدين، ووضَّح الأهداف الجليلة للمُناضِلين والمُجاهدين في طريق رب العالمين.

 

نزلت في هذا الحدث آياتُ رب العالمين في سورتين مكيتين؛ إحداهما تتحدث عن الإسراء (سورة الإسراء)؛ حيث تُفرد العظمة والتنزيه لله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى ﴾ [الإسراء: 1]؛ لعظمة الحدث وأهميته كانت هذه البداية، ثم تُبيِّن مقام العبودية لله وأهميته، وتقدير الله لعبده وحبَّه إياه، وأن الحدث تمَّ للنبي محمدٍ بروحه وجسده معًا ﴿ بِعَبْدِهِ ﴾ كما يقول العلماء، ثم تتحدث الآية عن محطات الرحلة: ﴿ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ﴾ [الإسراء: 1]؛ لتقول للمسلمين: إن المساجد مصدر الأحداث الكبيرة، ومصنع الرجال العظيمة، ومنبع الفضائل الكريمة، وإن إهمال بيوت الله ظلم كبير؛ لذلك فغَلقُها حرام، وتهميشها خراب، والصدُّ عنها حرب لله، كيف؟ ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [البقرة: 114].

 

تُبيِّن آية الإسراء نعمة الله على نبيِّه، فأعطاه مِنحة في طيات المحنة، ويُسرًا بعد العسْر، وفرَجًا بعد الكرب، فأراه مِن آياته الكبرى؛ ﴿ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ﴾ [الإسراء: 1]، وكان هذا أعظم أهداف الرحلة وأسماها.

 

كان الإسراء ليلاً؛ حيث السكون والقرْب، والخشوع والهدوء، وخُتمت الآية بصفتين للخالق - جلَّ وعلا - تُناسبان الحدث: ﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1]؛ سميع لما قال المجرمون في حق الرسول، المناهضون لدعوته، الصادون عن سبيله، بصير بكل ما فعلوه من سخرية وأذى وهزْء، وسورة النجم منظومة علوية رائعة حفلت بحدث المعراج: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ﴾ [النجم: 1 - 14].

 

وإذا كان هناك مِن رسمٍ بيانيٍّ لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد بلغ هذا الرسم أخفض نقاطه في الطائف، الكلُّ يُكذِّب النبيَّ عليه الصلاة والسلام، والكل يَتآمر على النبي عليه الصلاة والسلام، والكل يحاول إيذاء الرسول في جسده ونفسه ودعوته.

 

ولكلِّ المضطهَدين والمعذَّبين والقابِضين على دينهم، المُدافعين عن دعوة نبيهم، أسوق هذا الموقف الهام والحوارَ الجلل بين رسول المسلمين وزوجته أم المؤمنين؛ فعن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال: ((لقد لقيتُ مِن قومك، فكان أشدَّ ما لقيت منهم يومَ العقبة؛ إذ عرضت نفسي على ابن عبدِيَالِيلَ بن كُلَال، فلم يُجبني إلى ما أردت، فانطلقت - وأنا مهموم - على وجهي، فلم أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إنَّ الله قد سمع قول قومك، وما رَدُّوا عليك، وقد بعَث إليك ملَك الجبال لتأمره بما شئتَ فيهم))، قال: ((فناداني ملَك الجِبال، فسلَّم عليَّ، ثم قال: يا محمد، إنَّ الله قد سمع قول قومك، وأنا ملَك الجِبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرِك، إن شئتَ أن أُطبِق عليهم الأَخْشبين)) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بل أرجو أن يُخرج الله مِن أصلابهم من يعبد الله وحده، ولا يشرك به شيئًا))؛ متفق عليه.

 

لكن ماذا قال الرسول الكريم عند هذه الشدة؟

((اللهمَّ إني أشكو إليك ضعف قوَّتي، وهواني على الناس أرحمَ الراحمين، أنت أرحم الراحمين، إلى مَن تَكِلني؟ إلى عدوٍّ يتجهَّمني؟ أم إلى قريب ملكته أمري؟ إن لم تكن غضبان عليَّ فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بوجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي غضبك، أو يحلَّ بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله))؛ من حديث رواه الطبراني، وفيه مدلِّس ثقة، ورجاله ثقات.

 

رجوع إلى مَن هو قادر على النصر، لجوء إلى من عنده الأمر، جنوح إلى من بيده الحلُّ، وما من دعاء ينطبق على حالتنا - مع الفرق الذي لا يصدق بين حال هذا الإنسان العظيم، وبين حال المسلمين - كهذا الدعاء، فمن دلالات الإسراء والمعراج: أنَّ الله - سبحانه وتعالى - أعقب محنة الطائف بمنحة الإسراء والمعراج.

 

بلغ مِن القرب درجة لم يستطع مَلَك أن يصل إليها، وهكذا فإن كل محنة تُصيب المسلمَ الصادق وراءها منحةٌ تعوض عليه ما هو فيه، هذه الملحمة، وهذا اللجوء، وهذا الرجاء: هو نقطة البداية؛ بداية الإسراء والمعراج!

 

قال: يا رب، إن كانت هذه الشدة تعني أنك غاضب عليَّ، فلك العُتبى حتى تَرضى، وإن كانت لا تَعني أنك غاضب عليَّ، فأنا صابر عليها، ولكن عافيتك أوسع لي.

 

مع البون الشاسع والفرق الواسع بين حاله صلى الله عليه وسلم، وحال المسلمين اليوم، على تَقصيرهم، وعلى انحرافهم، وعلى بُعدهم عن منهج ربهم، لكنهم في محنة شديدة، محنَة لم تمرَّ مِحنة مثلها، العالم كله يحاربهم، ويتَّهمهم، ويتآمر عليهم، ومن القهر والذل أن يتسرَّب إليهم اليأس والقنوط، وينسلخ عنهم الأمل في مالك الملك والملكوت.

 

إنَّ هذا الذي يجري اليوم مع المسلمين مِن مكر الأعداء وظُلمِ الأصدقاء هو رسالة من الله - عز وجل - تقول لهم: يا عبادي، غيِّروا حتى أغيِّر، توبوا إليَّ حتى أغفر، اصطلحوا معي حتى أنصر، استحيوا مني حتى أستر، إنْ لم نغيِّر فالله - جل جلاله - لا يُغيِّر.

 

إنَّ الإسراء يعلمنا أن اليسر مع العسر، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرَجَ مع الكرب، فهذه الشدَّة التي يَحياها المسلمون شدة أرادها الله، لكنَّ الله بيده كل شيء، بيده أن يُزيحها عنهم، ولكن لا بدَّ من أن يَصطلحوا معه، هذه الشدة زوالها مرهون بتوبتِنا، وإن تَعودوا نَعُدْ، إن تُغيِّروا يُغيِّر اللهُ ما بنا، والتوبة بداية الفرج، فالبيت الذي تقام فيه الصلوات، البيت الذي يُتَّقى الله فيه، المحل التجاري الذي لا يَكذب صاحبه، يبيع بضاعة جيدة بسعر معتدل، يبتغي البائع وجه الله عز وجل؛ هذا بداية طريق العودة.

 

أما المعاصي والذنوب، فهي تَحجب الفرَجَ؛ فقد يكون في البيت نوادٍ ليلية، وأفلام إباحية، وانعدام شخصية، في البيت يَحول كلُّ ذلك بينك وبين الله، ويَحول بينك وبين التوبة، ويَحجب الفرَجَ عن الأمَّة، إطلاق البصر يَحجبك عن الله عز وجل، أكل المال الحرام يَحجبك عن الله، الدياثة التي يراد نشرها تُبعدك عن الشرف وتُطيح بك بعيدًا عن الطاعة.

 

نتعلَّم من الإسراء أن للمِحَن والمصائب حِكَمًا جليلة، مع أن هناك شدة لا تطاق، مع أن هناك ضغطًا لا يُحتمل، لكن المستقبل لهذا الدين؛ لأنَّ الله - سبحانه وتعالى - أراد أن يُوقظنا، أراد أن يُحرِّكنا، أراد أن يدفعنا إلى بابه، بعد أن أظهَرَ العدوَّ على حقيقته.

 

قد يكون أعظم إنجاز للإسلام أن الطرف الآخر تعرَّى تمامًا، أنَّ العدو اللدود للإسلام فقَد مصداقيته، فقد قيمه الحضارية التي يدَّعيها، فقَدَ مكانته الإنسانية، هذا أكبر إنجاز، والدليل أنَّ الطريق إلى الله لن يكون سالكًا إلا إذا كفرت بعبدة الطاغوت؛ ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾ [البقرة: 256].

 

انبهرت الأمة - للأسف - بالغرب، وقلَّلت مِن شأن دينها، وقلَّلت مِن شأن حضارتها الإسلامية، فانساقت إليه، وظنَّت أن عنده الحرية، وعنده حقوق الإنسان، وعنده الديمقراطية، وعنده حق التقاضي، فإذا بالطرف الآخر يتعرَّى أمام العالم كما في مسرحية أيلول سبتمبر التي أظهرته أنه قوة غاشمة، قوة ظالمة، قوة مُجرمة، قوة فاشية، قوة طاغية، قوة باغية، وأن هذه القيم: "الحرية، والعدالة، وتكافؤ الفرص" إن لم يَحرسْها الدِّين، ويَصُنْها الإسلام، وتُجملها العقيدة الحقة الصالحة، فلا قيمة لها، وانظروا ماذا حدث مِن تفتيت سوريا وليبيا والعراق وغيرها بحُجة أسلحة دمار، وبعد خراب العالم الإسلامي لم يتَّضح أن هناك أسلحة مِن هذا النوع!

 

من دلالات الإسراء والمعراج أنه مسْح لجِراح الماضي، وتطمين للنبي على سلامة هذه الدعوة، وإكرام له، وإيناس له، وقد جفاه أهل الأرض.

 

إذا كنتَ مؤمنًا صادقًا، إذا كنت مؤمنًا منيبًا، مؤمنًا تائبًا، مؤمنًا مُقبلاً، وجاءتك محنة، فليكن النبي عليه الصلاة والسلام قدوةً لك، وتأكَّد أن بعد هذه المحنة مِنحة.

 

مهمَّة المحنة أن تدفعك إلى باب الله، أما الرخاء الشديد، والترف الكبير، والسرف الكبير، والمال الوفير، فقد يكون في معظم الحالات حجابًا بين العباد وبين ربهم.

 

ربما أعطاك الله فمنعَك، وربما منعك الله فأعطاك، وقد يكون المنع عينَ العطاء، كيف؟ الإنسان إذا كان مؤمنًا مستقيمًا يقيم الإسلام في نفسه، وفي بيته، وفي عمله، ومع ذلك يعاني ما يعاني، يعاني من قلة الدخل، يعاني مِن مكايد الدهر، يعاني مِن أذى الناس، يُعاني من شدائد الحياة، يعاني من مشكلات لا تنتهي، هذا الإنسان قدوتُه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الموضوع بالذات، هو في محنة، إذًا بعد هذه المحنة منحة، هو في شِدَّة، إذًا بعد هذه الشِّدَّة شَدَّة إلى الله - عز وجل -: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

 

ولأنَّ النبي عليه الصلاة والسلام يشرِّع لنا لا بأقواله فقط، ولكن بمواقفه وأفعاله، فعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد أُوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أُخِفت في الله وما يخاف أحد، ولقد أتت عليَّ ثلاث من بين يوم وليلة وما لي طعام إلا ما واراه إبط بلال))؛ صحيح؛ أخرجه الترمذي.

 

امتُحِن، ونجح في الامتحان، امتُحِن في الطائف، فكان الرد الإلهي: الإسراء والمعراج، الرد التكريمي؛ ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ﴾ [ص: 44].

 

يَنبغي ألا يتزلزل إيمانك: ﴿ إِذْ جَاؤُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 10، 11]، وأمام مثل هذا الزلزال ينقسم الناس؛ فريق يتراجَع وينكص ويُبرطم؛ ﴿ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [الأحزاب: 12]، هناك - والله - في هذه الأيام مَن يُشكِّك في أصل الدين، مَن يرى الدين وهمًا وهمًّا ورجعية، عليهم من الله ما يستحقون!

 

وفريق آخر ثابت الجنان، واثق الخُطى، سليم العبادة، صحيح العقيدة، لا يتحوَّل ولا يتغير مع تغيُّر الأحداث وتحوُّل المواقف، إنَّما يَنحاز إلى الحق والعدل رغم الأذى والاضطهاد والتعذيب والتنكيل؛ ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ﴾ [الأحزاب: 23].

 

عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لكلِّ شيء حقيقة، وما بلغ عبدٌ حقيقةَ الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليُخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه))؛ رواه أحمد والطبراني، ورجاله ثقات.

 

الإسراء يعلمنا أن لذَّة الحياة في وجود رسالة وهدف، فالحياة ليست طعامًا وشرابًا، تلك حياة البهائم التي ينتهجها الذين كفروا: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ﴾ [محمد: 12]، الحياة رسالة تؤدِّيها، الحياة مبدأ تتمسَّك به، الحياة دعوة تدعو إليها: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33].

 

الإنسان حينما يتخلَّى عن مبادئه وعن قيَمِه، ويَسعى لتلبية شهواته الحيوانية، إنسان لا يُقيم اللهُ له يوم القيامة وزنًا، إنسان له صَغار عند الله.

 

قل لي ما الذي يُهمك، أقل لك مَن أنت، ماذا يهمك؟ أن تأكل، وأن تشرب، أم أن تُربِّي أولادك؟ أم أن تدعو إلى الله؟ أم أن تكون قدوة لمن حولك؟ أن تبثَّ هذا الدين العظيم، أن توضِّح كتاب الله الكريم، أن تبيِّن سنَّة سيد المرسلين، ما الذي يُقلقك؟ قيمتك عند الله بقدر همومك وهمَّتك في الحياة!

 

صاحب الإسراء مشى على قدميه إلى الطائف ليبلِّغ دعوة الله، فيلقى التكذيب والاستهزاء، ونيل الأذى، ومع ذلك يقول: ((إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أُبالي)) عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

 

فهل وعينا آيات الإسراء وفهمنا دلالاته، أم أن الأمر عندنا لا يتعدى الحلوى واللحوم والبهرجة الكذابة؟!

قد رشَّحوك لأمرٍ لو فطنتَ له = فاربأْ بنفسك أن تَرعى مع الهمَلِ!

 

هُناك قمم الآن - ومِن كل الأطياف - يَموتون مِن أجْل دينهم، ويُضطهدون من أجل رفعة وطنهم، ويُعذَّبون مِن أجل التمسُّك بكرامتهم وحريتهم، أهدافهم كبيرة، وهِمَمُهم عظيمة، وغاياتهم نبيلة - نحسبهم عند الله كذلك - كأنما تسمع الكون يردِّد استغاثتهم بخالقهم، واقتداءهم بنبيهم وهم في محنتهم: "اللهمَّ إليك نشكو ضعف قوتنا، وقلة حيلتنا، وهواننا على الناس، إن لم يكن بك غضب علينا فلا نُبالي..."! إنهم كبار لهم أهداف كبار، وأحمال ثقال، وهِمَم جبال، وعزائم أجيال، وصدق من قال:

على قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ
وَتأتي على قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
وَتَعْظُمُ في عَينِ الصَّغيرِ صغارُها
وتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ

 

اللهم استر العَيب، وفرِّج الغم، واكشف الكرب، وفرِّح القلب.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإسراء والمعراج: هل تعوزنا قراءة جديدة ؟
  • الإسراء والمعراج بين الألم والأمل
  • الإسراء والمعراج .. مشاهدة لخريطة المستقبل الإسلامي
  • دروس وعبر من الإسراء والمعراج (خطبة)
  • مقدمات بين يدي الإسراء والمعراج (خطبة)
  • الإسراء والمعراج: تسرية وتكليف وريادة
  • دروس وعبر من رحلتي الإسراء والمعراج
  • معجزة الإسراء والمعراج: العبر والدلالات
  • من دروس الإسراء والمعراج.. تكريم النبي صلى الله عليه وسلم وأمته

مختارات من الشبكة

  • الإسراء والمعراج.. دروس وعبر(مقالة - ملفات خاصة)
  • رحلة الإسراء في آية الإسراء(مقالة - ملفات خاصة)
  • ما هو الإسراء والمعراج؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آية الإسراء والمعراج: دلالات وعبر(مقالة - ملفات خاصة)
  • الإسراء والمعراج: آيات باهرات وعبر وعظات(مقالة - ملفات خاصة)
  • الإسراء والمعراج: دروس ودلالات وعبر (4) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسراء والمعراج: دروس ودلالات وعبر (3) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسراء والمعراج: دروس ودلالات وعبر (2) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسراء والمعراج: دروس ودلالات وعبر (1) (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دلالات الإسراء والمعراج(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب