• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / المرأة في الإسلام
علامة باركود

الرجال قوامون على النساء

الرجال قوامون على النساء
د. عبدالجبار فتحي زيدان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/1/2014 ميلادي - 3/3/1435 هجري

الزيارات: 42295

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الرجال قوامون على النساء


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

 

اللهم إنا أصبحنا نُشهِدك ونُشهِد حَمَلة عرشك وملائكتَك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأن محمدًا عبدُك ورسولك.

 

يقول أعداء الإسلام من الغربيين، ومن حذا حذوَهم من عملائهم الذين هم من جلدةِ هذه الأمة ويتكلمون بلسانها، يقول هؤلاء المعترضون على قِوامة الرجل على المرأة كما أمر الإسلام:

أ- إن القوامة ما هي إلا ترقيق للرق؛ أي: إن الطاعة الزوجية منبعثة من نظام السادة والعبيد؛ لذا يعدُّون القوامة نظامًا عبوديًّا ينافي المساواة الإنسانية.

 

ب- قوامة الرجل على المرأة إنما كانت حين كان الرجل يتحكم في الإنتاج ويستبد بالكسب، أما الآن، فقد أصبحت المرأة تعمل وتَكسِبُ كالرجل، فلا معنى للقوامة عليها.

 

ج- كذلك الجهل والأمية قد كانا من أسبابِ قوامةِ الرجل على المرأة في البيت، أما الآن وقد أصبحتِ المرأة متعلِّمةً ومثقفة بثقافة العصر، فلم يبقَ لها من حاجةٍ، ولا هناك مسوِّغ لاستغلال المرأة باسم القوامة.

 

• هناك مسائلُ لم يُساوِ الإسلام فيها بين المرأة والرجل، وهذه عائدة إلى اختلاف طبيعة كل منهما، فالرجل والمرأة غير متساويَيْنِ من حيث طبيعة تكوينهما الجسدي والنفسي والوظيفي، فالإسلام راعى طبيعة كل منهما؛ فأعطى الرجلَ التكاليف التي تلائمه، وأعطى المرأةَ التكاليف التي تلائمها، فالإسلام نظامٌ واقعي يراعي الفطرةَ البشرية، فالضرورة تقضي أن يكون هناك قيم توكل إليه الإدارة العامة لهذه الشركة القائمة بين الرجل والمرأة، وما ينتج عنها من نسلٍ، وما يستتبعه من تبعات، وقد اهتدى الناس في كل تنظيماتهم إلى أنه لا بد من رئيس ومسؤول، وإلا ضَربَتِ الفوضى أطنابَها، وعادت الخسارة على الجميع.

 

• وهناك ثلاثة أوضاع يحتمل أن تقوم بشأن القوامةِ في الأسرة، فإما أن يكون الرجلُ هو القيِّم، أو تكون المرأة هي القيِّم، أو يكونا معًا قيِّمينِ، ويُستبعَدُ الاحتمال الثالث؛ لأن التجرِبة أثبتت أن وجود رئيسين للعمل الواحد أدعى إلى الإفساد من ترك الأمر فوضى بلا رئيس، والله - سبحانه - يقول عن السماء والأرض: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 22]، ويقول - سبحانه -: ﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [المؤمنون: 91]، فإذا كان هكذا الأمر بين الآلهة المتوهَّمين، فكيف يكون هذا الحال بين البشر الاعتياديين؟ وعِلمُ النفس يقرِّر أن الأطفال الذين يتربَّون في ظل أبوينِ يتنازعان على السيادة تكون عواطفهم مختلَّة، وتكثر في نفوسهم العُقَدُ والاضطرابات.

 

بقي الاحتمالان الأول والثاني، وقبل أن نخوض في بحثهما، نسأل هذا السؤال: أيهما أقدر على وظيفة القوامة؟

مَن يغلب عليه جانبُ العاطفة والانفعال، أم من يغلب عليه الجانبُ العقلاني والتفكير؟

 

فقد انحلَّت المسألة دون حاجة إلى جدلٍ، فالرجل أصلحُ من المرأة في أمرِ القوامة على البيت، بل المرأة نفسُها لا تحترمُ الرَّجلَ الذي تُسيِّره، فيخضع لرغباتها، بل تحتقره بفطرتها ولا تقيم له أي وزن كان، وليس مؤدَّى ذلك أن يستبدَّ الرجل بالمرأة، أو بإدارة البيت، فالرئاسة الناجحة هي التي تقومُ على التفاهم والتعاون، وكل توجيهات القرآن والإسلام ترمي إلى شيوع هذه الرُّوح داخل الأسرة، وإلى تغليب الحب على النزاع والشقاق.

 

فالدرجة في قوله - تعالى -: ﴿ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ [البقرة: 228]، لا تعني تفضيل الرجل على المرأة في الإنسانية، بل قُصِد بها أن الرجل هو الذي يتحمَّل مسؤولية النفقة على المرأة وأولادها، ولكونه هو المكلَّفَ بإدارة شؤون البيت ورعاية المرأة، والحفاظ عليها وعلى كرامتها؛ لأن المرأة إذا تُرِكت دون هذه الرعاية ضلَّت وضاعت، ولكونه أيضًا هو المكلَّفَ دون المرأة بالجهاد في سبيل الله، والدفاع عن دين الله، وعن العِرْض والأمة.

 

وقد أُنِيطَت هذه المسؤولية بالرجل؛ لكونه هو الأقدر على تحمُّلها من المرأة، وهذا ما يعترِفُ به النساء جميعًا، فقوة الرجال الجسمية محطُّ إعجابِ المرأةِ في كل الأدوار الإنسانية، فالمرأة ضعيفةٌ بدنيًّا، كما أنه يصيبها ما يزيدها ضعفًا ما لا يصيب الرجالَ؛ من الحيض، والحمل، والولادة، والنِّفاس.

 

فالقوامة التي أسندها الله للرجل تعني وضعَه موضع الخدمة والرعاية، لا موضع التحكم والاستعلاء، إنها تعني الحماية والتوجيه والرقابة، ولا تعني القهر والاستبداد والتعسف.

 

فالقوامة ما أُريدَ بها تشريفُ الرجل وتفضيلُه على المرأة، بل هي تكاليف وتحمُّل مسؤوليات جمَّة، رفعها الله عن المرأة؛ رحمةً بها، لا حطًّا من مكانتها وتقليلاً من شأنها، قال الله - تعالى -: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34]، وقد أسِّست القوامةُ في نظر الإسلام على ركيزتين:

أولهما: فِطْري؛ حيث يمتاز الرجل بقوة الإرادة، وغلبة عقله على عاطفته، في حين طَبَعَ الله المرأة على رهافة الحس، وقوة العاطفة، وشدة الانفعال، وسرعة التأثر بالمؤثِّرات، وليس في هذه الميزات أي نقصٍ كان لها، بل سوَّى الله المرأة على هذا الوضع؛ حتى يكون لها من طبيعتها ما يتيح لها القيام بوظيفتها، وهي الأمومة والحضانة على خيرِ وجهٍ.

 

والثاني: كَسْبي، وهو أن الرجل كلَّفه الإسلام بالإنفاق على تكاليف الزواج، والإنفاق على المرأة والأسرة والأولاد، فلما فرض عليه التكاليف المالية، أعطاه الإسلام مقابل ذلك حقَّ القوامة، وهذا المبدأ هو ما استند إليه علماء القانون الدستوري وأصبح أساس الديمقراطية الحديثة، فقد قالوا: مَن ينفق يُشرِف، ومن يدافع يراقب، فلما كُلِّف الرجل في الإسلام بالإنفاق على المرأة والدفاع عنها وحمايتها، أُعطِي حق الإشراف على الأسرة ومراقبتها.

 

ونظرًا لما تعانيه الأم من مشاقِّ الحمل، ومخاطر الوضع، وما يتبع ذلك؛ فقد زوَّد الله المرأة بقدرات خاصة لا يجاريها الرجل فيها؛ من تلك القدرات:

1- الصبر، وطول النَّفَس، وشدة القدرة على التحمل، وفرط حبها للإنجاب والولد أكثر من الرجل؛ حتى تؤدي رسالتها خيرَ أداءٍ.

 

2- قدرة المرأة على الجلوس الطويل مع زميلاتها أو وحدَها.

 

3- قدرتها على السهر الطويل أكثر من الرجل، ولا سيما حينما يكون عندها طفل يعاني من ألمِ المرض، أو الجوع، أو الحر، أو البرد، وما شابهها، فترى الأمَّ تسهر على تلبية حوائج طفلها، وهي في النهار تسير في حياتها الاعتيادية، وتستطيع الاستمرار على ذلك لمدة طويلة.

 

4- وكذلك تحمُّلها للأوجاع أكثر من الرجل لحدِّ عدم الاكتراث بها؛ بسبب تعوُّدِها على الحالات التي تعتريها من الحيض والحمل والوضع، التي لا تمر واحدة منهن بدون ألم.

 

وهذا دليل على ضرورة توظيف تلك القدرات في خدمة الطفل الذي يحتاج إلى جميع الصفات المذكورة، وأن على المرأة التفرغ لذلك، وعد الاعتناء بالطفل وظيفة أساسية، وما عداها استثناء وضرورة لا بد أن تُقدَّر بقدْرِها، فقد فضَّل الله المرأة على الرجل في هذه الميزات، كما فضَّل الرجل عليها بقوة الجسم وقوة الإرادة.

 

فإذا كان الرَّجل أقدرَ من المرأة على القوامة، فإن المرأة أقدرُ من الرَّجل على القيام بالأمومة والحضانة، فكما أن المرأةَ لا تستطيع أن تقومَ بعملِ الرجل، فكذلك الرجل لا يستطيع أن يقوم بعمل المرأة؛ لذلك كلَّف الله كلاًّ منهما بالواجباتِ التي تلائمُه، وهذا هو تفسير قوله - تعالى -: ﴿ فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ [النساء: 34].

 

يقول الذين يجادلون في قضية القوامة التي أعطاها الإسلام للرجل: إن سبب تخلُّف المرأة في مجال هذه القوامة، كان نتيجة هَيْمَنة الرجل عليها عبر عصور التاريخ، نقول: إذًا هذا دليل على أن الرجل أقدرُ من المرأة عقلاً وحكمة وتدبيرًا؛ إذ لو كانا متساويينِ في ذلك، لتقاسما السيادة في التاريخ، ولما رأينا الرجل هو المسيطر، والسيِّد على المرأة في كل عصر ومكان.

 

فقد كان هناك عبيد أرقاء مستعبَدون لساداتهم، ومع أنهم كانوا غرباء على بلادهم وأقل عددًا من النساء اللاتي يمثِّلن نصف الجنس البشري، فقد نبغ من هؤلاء العبيد أدباء، وصار منهم سادة وملوك أكثر مما صار من النساء.

 

وقد بَذَّ الرجالُ النِّساءَ في الأعمال النسوية نفسِها التي اختصت بها النساءُ دون الرجال، ومارستْها منذ الصغر ومنذ أن وُجِد البشر، فالمرأة تشتغل بإعداد الطعام منذ أن طبخ الناس طعامًا قبل فجر التاريخ، وتتعلمه منذ طفولتها في مساكن الأسرة والقبيلة، لكن بعد توارثها هذه الصناعة آلاف السنين لا تبلغ فيها مبلغ الرجل الذي يتفرَّغ لها بضع سنوات، ولا تجاريه في إجادة الأصناف المعروفة، ولا في ابتداعها والافتتان في تنويعها وتحسينها، ولا تقدر على إدارة مطعم كما يقدر على ذلك الرجال.

 

وصناعة التطريز وعمل الملابس النسوية، كصناعة الطهي من صناعات النساء القديمة في البيوت، ولكنهن يعتمدن على الرجال في اختيار أزيائهن، ويفضِّلن معاهد التفصيل التي يتولاها الرجال، على المعاهد التي يتولاها بنات أجناسهن، وكذلك يفضِّلن معاهد الرجال على معاهد النساء في أعمال التَّجميل والزِّينة عامة، ومنها تصفيفُ الشعر وتسريحه، واختيار الأشكال المستحبَّة لتضفيره وتجميعه.

 

ومن اللَّهو الذي كان خليقًا بالمرأة أن تحذقه وتتفوق فيه على الرجال لهوُ الفكاهةِ والنكتة المضحكة؛ لأنها تحب أن تمرح وتلعب، ولأنها تشعر بالضغط وبالحاجة إلى التنفيس عن الشعور المكبوت، ولكن المعهود في المرأة أنها قليلة الفطنة للنكتة، إلا في الندرة التي تحسب من النكات العارضة، وأنها لا يمكن أن تقابل نكات الرجال كمًّا ونوعًا.

 

وكذلك نجد الرجل هو الذي لمع نجمُه في المكتشفات العلمية والنظريات العقلية، وفي مجالات العلم المختلفة عبر العصور ممَّن لا يحصى عددهم، ولم نجد النساء إلا أفرادًا تعد بالأصابع، وهذا هو الحال في العصر الحديث؛ عصرِ التقدُّم العلمي، فنلحظ بوضوح مثلاً هيمنة الرجل على مجالاتِ الطب المختلفة المهمَّة والخطرة؛ كطب العظام، والكسور، والأمراض القلبية، والعصبية، والنفسية، والجلدية، وطب الجراحة، فكثيرًا ما تسمع الجرَّاح فلان، وقلما تسمع الجرَّاحة فلانة، ويكاد يقتصر عمل النساء في الطب على الولادة وعقم النساء، بل حتى هذا الاختصاص حين يمارسه الرجل يتفوَّق فيه على المرأة ويفضِّل كثير من العقيمات العلاج عنده، ونجد القابلات سواءٌ كنَّ ممرضات أم طبيبات حين يَعجِزْنَ عن توليدِ امرأة يستنجِدْنَ ويستعِنَّ بالرجل بالطبيب المختصِّ، فيقدم في مثل هذه الحالات، فيقوم بعمل القابلة.

 

ولا نُنكِر أن ثَمَّة نساءً قد نبَغْنَ من قبلُ ونبغن الآن في طائفةٍ من الأعمال التي يضطلع بها الرجال، وقد اشتهر منهن الملِكات وقائدات العسكر، واشتهر منهن الباحثات والخطيبات، لكن هذا النبوغ كان وما يزال نادرًا أو شاذًّا، أو يكون في حالة استثناء، والأمور لا تقاس بالاستثناء المنقطع، بل بالقاعدة الشائعة.

 

فالموازنة تجري دائمًا في الأعم الأغلب في الأحوال كلها، وما عدا ذلك فهو الاستثناء الذي لا بد منه في كل عمل، ووجود ملكة أو ملكتين، أو وزيرة أو وزيرتين من بين مئات الملوك وآلاف الوزراء، هو دليلٌ كافٍ على كون الرجل أقدرَ من المرأة على القوامة؛ إذ لو كانت مساويةً له في هذا المجال، لوجدنا الرجال والنساء يتقاسَمون هذه المناصب القيادية، بل كثيرًا ما لا تجد المرأة في هذه الساحة، فهذه أمريكا منذ إنشائها دولة مستقلة قبل بضعة قرون، على الرغم من أن القانون فيها يسمح لأن تحتل المرأة منصب رئاسة الدولة، إلا أننا لم نجد في سجل تاريخ رؤسائها امرأة واحدة، فقد كان جميع الرؤساء منذ تأسيسها حتى الآن من الرجال.

 

هذه جملةُ أمورٍ تبيِّن في الواقع والتاريخ أن القوامة كانت دائمًا للرجل في الأمور كلها، حتى في الأمور التي اختصَّت بها المرأة كان الرجل أقدر من المرأة على تنفيذها.

 

فقد أودع الله في الرجل من الميزات ما جعله أن يكون قوَّامًا على المرأة، لا في الحياة الزوجية فحسب، بل في كل ميدان، فحين شَرَعَ الإسلام منْحَ الرجلِ هذه القوامة إنما مَنَحَه إياها ليكون هذا التشريع موافقًا للفطرة وواقع الحياة الزوجية.

 

"وقد حدَّد الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذه القوامة، وبيَّن حق كلٍّ من الزوجين على الآخر، بيَّن ذلك في أحاديث؛ منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ألاَ وإن على نسائكم حقًّا، ولنسائكم عليكم حقًّا، فحقكم عليهن ألا يُوطئنَ فراشَكم مَن تكرهون، ولا يأذَنَّ في بيوتكم لمَن تكرهون))؛ رواه الترمذي.

 

وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: ((ولكم عليهن ألا يُوطئن فُرُشَكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك، فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف))؛ رواه مسلم، والترمذي.

 

ومن حق الرجل على زوجتِه أن تُطِيعَه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجُدَ لأحدٍ، لأمرتُ الزَّوجةَ أن تسجُدَ لزوجِها))؛ رواه أبو داود، والترمذي.

 

لكن هذه الطاعة وهذه القوامة ليست مطلقةً، بل هي مقيَّدة تخصُّ الحياة الزوجية فقط، وهذا هو الراجح من مذاهب العلماء، فالقوامة مثلاً لا تشمل:

• حق المرأة في تزويج نفسها ضمن معاني الآيات في قوله - تعالى -: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ﴾ [البقرة: 230]، وقوله - تعالى -: ﴿ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 232]، وقوله - تعالى -: ﴿ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا ﴾ [الأحزاب: 50].

 

• كذلك حق المرأة في قبض مهرها، والتصرف فيه، قال - تعالى -: ﴿ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ﴾ [النساء: 4].

 

• ثم حقها في المال مطلقًا بالإرث، أو الاكتساب، وأهلية التصرف فيه بالبيع والهبة والاستدانة والوصية والوقف، وما شاكل ذلك، فمِثل هذه الأمور تتصرف بها المرأة، ولا يجوز أن يتدخَّل زوجها فيها، فلا يكون قوَّامًا عليها في هذه الأمور.

 

• وكذلك ليس من قوامة الرجل أن يُكرِه زوجته على الدخول في الإسلام إذا كانت كتابية، يهودية أو نصرانية.

 

• وذهب كثير من الفقهاء - ومنهم مالك والشافعي - أنه متى عجَز الرجل عن الإنفاق على زوجته، لم يكن قوَّامًا عليها؛ لأن الإسلام فرض على الرجل أن يُنفِق على زوجته، حتى لو كانت غنية وكان هو معسرًا فقيرًا، وإذا قصَّر الزوج في ذلك، كان لها الحقُّ في أن تطالب القضاء بفسخ عقدها، وكذلك لا يحق للزوج أن يمنعَ زوجته من حضورِ صلاة الجماعة، أو صلاة الجمعة، أو الحج، أو زيارة أبويها، أو زيارة محارمها من الأقارب، بل لا يجب شرعًا على المرأة العمل البيتي والخدمة إلا خدمة نفسها، بل لا يجبُ عليها حتى إرضاع طفلها، ولها الحق في أخذ الأجرة، على أنه يلزم القولُ: إن على الزوجين التَّفاهمَ والتعاون فيما بينهما؛ لتسير سفينة الحياة الزوجية إلى نهاية الشوط بسلام، وأن تبقى العلاقات الزوجية فوقَ الارتباط بالتزامِ الطرفين بما هو الواجب المفروض على كل منهما، بل عليهما الائتلاف والاندماج؛ تحقيقًا لقوله - تعالى -: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21].

 

فقوامة الرجل على المرأة في الإسلام مقيَّدة بقيودٍ تبعِدُ الرجلَ عن الاستبداد، وتبقى المرأةُ في نظام العائلة الإسلامية محتفظة بهُوِيَّتها الشخصية، وتتمتَّع بالحقوق الدينية والمدنية.

 

فالقوامة في الإسلام ما هي إلا حالة من حالات التنظيم والتنسيق والحفاظ على تماسك الأسرة، وما التشرد والتحلل والتطاحن الذي تعاني منه كثير من الأُسَر إلا كان سببُه غياب القيادة والإشراف والمراقبة أو ضعفها".

 

إن طاعة المرأة لزوجها ليست خنوعًا واستسلامًا حتى يشان عليها، وإنما كانت لتسير سفينة الأسرة، فهي كطاعةِ الموظَّف لمديره، والوزير لرئيسه.

 

وقد أمرنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا سافَرْنا وكنَّا ثلاثةً أن نجعل أحدَنا أميرًا علينا، والزواجُ سَفْرةٌ تستمر طوال العمر.

 

وحين جعل الإسلام الرجل قوَّامًا على المرأة، فقد أمره أن يُحسِن معاملته إليها، قال الله - تعالى -: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((خيرُكم خيرُكم لأهله))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((فاتَّقوا الله في النساءِ؛ فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله))؛ رواه مسلم، والترمذي.

 

وكذلك أوصى الإسلام المرأةَ أن تطيع زوجها، وأن تُقابِلَ حُسْنَ معاملته لها بطاعتها له، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((خير النساء امرأةٌ إن نظرتَ إليها سرَّتْك، وإن أمرتَها أطاعتْك، وإن غبتَ عنها حفِظتْك في مالها ونفسها))؛ رواه الحاكم في المستدرك.

 

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ، دخلت الجنة))؛ رواه الترمذي.

 

اللهم ارضَ عنا جميعًا يا أرحم الراحمين، ويا رب العالمين، اللهم آمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القوامة الشرعية للرجل
  • رديف القوامة
  • القوامة
  • قوامة الأزواج في مهب الريح
  • تمايز النساء عن الرجال
  • أحكام الرجعة وعدة النساء
  • معنى نقص العقل والدين عند النساء
  • الرجال قوامون على النساء

مختارات من الشبكة

  • تفسير آية: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تصميم بطاقة ( الرجال قوامون على النساء )(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التحذير من تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النهي عن تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في التحذير من تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • شهادة النساء منفردات فيما لا يطلع عليه الرجال(مقالة - ملفات خاصة)
  • سورة النساء تكريم للمرأة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الصف الأول في الصلاة(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • هل الرجال أقل وفاء من النساء؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


تعليقات الزوار
1- شكر
قاسم عبدالله ابو المكارم - المملكة المتحدة 13-08-2016 10:20 AM

كلام جميل بارك الله فيك أخي الكريم وإن شاء الله يكون في ميزان حسناتك أنت وكل القائمين على هذا الموقع

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب