• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

أهلا بك يا رمضان

أحمد محمد مخترش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/7/2013 ميلادي - 28/8/1434 هجري

الزيارات: 38380

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أهلًا بك يا رمضان


الخطبة الأولى

الحمد لله الذي جعل لعباده مواسم يتقربون إليه فيها بأنواع الطاعات، فيغفر لهم الذنوب ويرفع لهم الدرجات. وأشهد أن لا إله إلا الله، حكم فقدر، وشرع فيسر، ولا يزال يفيض على عباده من أنواع البر والبركات. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أول سابق إلى الخيرات صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.. أما بعد: ها هو رمضانُ أشرفُ الشهور، ساعات ويحط رحاله بيننا، فأهلًا بشهرِنَا الكريمِ، ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185]، شهرِ الذكرِ والصيامِ، شهرِ التوبةِ والغفرانِ، شهرِ العتقِ والرحمةِ والمغفرةِ. أهلًا بكَ يا رمضانُ، وجعلَكَ اللهُ هلالَ خيرٍ ورشدٍ، وأمنٍ وإيمانٍ، وسلامةٍ وإسلامٍ، على أمةِ الإسلامِ في كلِّ مكانٍ.

 

بِكَ أيها الشهرُ الكريمُ حياتُنا
تصفُو برغمِ جِراحِنَا، وتطيبُ
أقبلْتَ كالغيثِ الذي هشَّ الثَّرى
فرحًا به، فالروضُ منه خصيبُ
أقبلتَ كالنّبعِ الذي يهفُو لهُ
شَجَرٌ، وتَلْثُم راحتيهِ سُهوبُ
ما أنت إلا واحةٌ من دينِنَا
فيها مجالٌ للعطاءِ رَحِيْبُ

 

اللهُ أكبرُ، إنهُ رمضانُ! حسناتٌ تُضاعفُ، وذنوبٌ تُغفرُ، ونفوسٌ تُسابقُ (وسباق) على الخيراتِ، وحرصٌ على العباداتِ، واجتماعٌ ومودةٌ.. إنها بشائرُ لكل مسلم، فأبشروُا وتباشروا أيها المسلمونَ، أبشرُوا برحمةِ أرحمِ الراحمينَ، وتفاءلُوا وأقبلُوا على اللهِ؟ وهنيئًا لكم برمضان، هنيئًا لأهلَ الصيامِ والقيامِ، وهنيئًا لأهلَ القرآنِ، وهنيئًا لأهلَ الصدقاتِ والإحسانِ، هنيئًا لكلِّ السابقينَ بالخيراتِ، والذينَ يجاهدونَ أنفسَهُم عن الشهواتِ، ويصبرونَ على الطاعاتِ، هنيئًا للجميع برمضانَ، فإنَّ رَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرةٌ لِمَا بَيْنهُمَا مَا اجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ..!! إذًا، فشهرُ رمضانَ فرصةٌ عظيمةٌ، ومناسبةٌ جميلةٌ للتنافس وكسب الأجور، ومحو السيئات وتطهير النفوس، ولنكن أكثر مصارحة وجدية ولنراجعَ ذواتنا، ونسألَ أنفسَنَا: هل نجحْنَا في استثمار هذا الشهرِ الكريمِ كما ينبغي؟ فرصة ثمينة ما دمنا في بدايةِ هذا الشهرِ المباركِ، أن يقفَ كل فرد منا بكلِّ صراحةٍ مع نفسهِ، فيعرفُ خيرَهَا وشرَّهَا، ويسعَى لتطويرِهَا وتهذيبِهَا، فاللهُ سبحانَهُ خلقَ الخلقَ وأرشدَهُ وهداهُ النجدينِ ﴿ أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 50] قالَ الحسنُ وقتادةُ: أعطَى كلَّ شيءٍ صلاحَهُ، وَهَدَاهُ لما يُصلحُهُ، ﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 2، 3]، فمَنْ توجهتْ همَّتُهُ إلى العلا ينالُهُ، وكذلك مَنْ أخلَدَ إلى الأرضِ واتَّبَعَ هواهُ فسيلحَقُهُ بقدرِ دنوِّ همتِهِ مِنَ الذُّلِّ والمهانةِ والتبعيةِ ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 7 - 10]، "مَنْ جَدَّ وَجَدَ، وَمَنْ زَرَعَ حَصَدَ". وخصائصُ ومميزاتُ رمضانَ فرصةٌ لا تُعوَّضُ للجادينَ الراغبينَ حقًا تزكية النفس وتهذيبها، ومحو السيئات وكسب الحسنات.

 

ومن أهمِّ هذه الخصائصِ:

أولًا: من خصائص رمضان:

أن رمضانَ ثلاثونَ يومًا، وأنتَ كلَّ يومٍ تُمسكُ من الصباحِ إلى الغروبِ، فلا تشربُ، ولا تأكلُ، ولا تجامعُ، ولا تسبُّ، ولا تفسقُ، وهذا تدريبٌ مستمرٌّ له أثرٌ كبيرٌ على تربية النفسِ وعلاجِ قصورِهَا ومشاكلِهَا.

 

ثانيًا: من خصائص رمضان:

وجوبُ تبييتِ نيةِ الصيامِ في رمضانَ من الليلِ، دونَ ترددٍ أو ضعفِ رأيٍ، بل بقرارٍ واضحٍ بُيّتَ بالليلِ كما يُقالُ،.. هل يمكنُ أن يتردَّدَ مسلمٌ صحيحٌ مقيمٌ بصيامِ يومٍ من أيامِ رمضانَ؟! واليوم نجد أن الترددُ أو الضعفُ في اتخاذِ القرارِ مشكلةٌ من أكبرِ المشاكلِ التي تواجهُ الكثيرَ من المسلمينَ على جميعِ المستوياتِ، وبالأخصِّ مع النفسِ، والمسلمُ قويّ صاحبُ قرارٍ، فأمرُهُ كلُّهُ خيرٌ متى فعلَ الأسبابَ، واتخذَ التدابيرَ، أمَّا التردُّدُ فلا يربِّي نفوسًا ضعيفةً فحسبُ، بل يأتيْ بأمراضٍ نفسيةٍ وجسمانيةٍ، وقلقٍ وحيرةٍ، فالتردُّدُ يبدأُ بسيطًا في اتخاذِ قراراتٍ صغيرةٍ، ثم يكبرُ ويكبرُ، فيصبحُ عادةً للإنسانِ، فيصيرُ ضعيفًا غيرَ قادرٍ على اتخاذِ أيِّ قرارٍ بسهولةٍ، وهكذا رمضانُ يربِّيْ المسلمَ داخليًا بمجردِ تبييتِ النيةِ على الصيامِ، ثمُّ إمساك، ثم إفطار بدقةٍ متناهيةٍ، يتخذُ المسلمُ يوميًا قراراتٍ متتالياتً خلالَ شهرٍ كاملٍ، وهذه تربيةِ إيمانيةِ عجيبةِ، لو تنبهنا لها، ومَنْ تأمَّلَ قولَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ))، عَلِمَ عظمةَ هذا الدينِ ومدى تربيتِهُ للمؤمنِ.

 

إذا كنتَ ذا رأيٍ فكنْ ذا عزيمةٍ
فإن فسادَ الرأيِ أن تتردَّدَا

 

ثالثًا: من خصائصِ هذا الشهرِ وكونهِ فرصةً لتربية النفس وتهذيبها:

خروجُ الإنسانِ عن المألوفِ المعتادِ سواء في مواعيدِ طعامهِ أو في صلاتهِ أو وظيفتهِ أو نومهِ أو غيرِ ذلك، فالطعامُ بدلَ ثلاث وجباتٍ وجبتانِ في وقتينِ لا يمكنُ أن يخطرَ لك على بالٍ أن تأكلَ فيهمَا، بل ربما لو قامَ أحدٌ في غيرِ رمضانَ ليأكلَ في ساعاتِ الليلِ الأخيرةِ لَاسْتُنْكِرَ ذلك عليه، أمّا في رمضانَ فتتغيرُ الأحوالُ، ويخرجُ المرءُ عن المألوفِ، ويجدِّدُ الروتينَ المعتادَ، والإبداعُ كما يقولونَ: خروجٌ عن المألوفِ، وما أحوجَنَا اليومَ إلى الإبداعِ والتجديدِ، بل إن التغييرَ والخروجَ عن العادةِ من أهمِّ أسبابِ التغلبِ على القلقِ وضغوطِ الحياةِ، وتأمَّلُوا تنوعَ مواسمِ الطاعاتِ والحوافزَ فيها، فما أن ينتهيْ رمضانُ حتى يأتيْ العيدُ، ثم الحجُّ بأشهرِهِ الحرم، فبعدَهُ العيدُ، ثم عاشوراءُ، وهكذا كل عام، فلا تمل النفوسُ، وإن فترتْ عادتْ وانطلقتْ من جديدٍ للتجديدٍ، بل مَنْ حرصَ على تغييرِ الدعاءِ في السجودِ والركوعِ وبقيةِ أفعالِ الصلاةِ بحسبِ تنوعِ الأدعيةِ المسنونةِ، وجدَ أثرَ هذا على نفسِهِ وخشوعِهِ وحضورِ قلبهِ، ومثلُ هذا في الشرع كثيرٌ، إنه خاتمُ الأديانِ دينُ الإسلامِ.

 

رابعًا: من خصائص رمضان:

تنظيم الوقت، فساعة محددة للإمساك، وساعة محددة للإفطار، وثالثة لصلاة التراويح، وهكذا دقةٌ والتزامٌ وتنظيمٌ، ولهذا أثر كبير على النفس، أما من لا يعطي أهمية للوقت وتنظيمه؛ فلن تكون هناك أهمية لحياته، لأن الوقت هو الحياة.

 

خامسًا: من خصائصِ رمضان:

البيئةُ من حولِكَ إيجابيةٌ مشجعةُ، فجميعُ المسلمينَ من حولكَ صائمونَ، وكلُّهُم على الخيرِ مقبلونَ، يتصدقونَ ويصلونَ ويتنافسونَ، الجوائزُ والحوافزُ كثيرةٌ: مضاعفةُ الحسناتِ، وتكفيرُ السيئاتِ، وفتحُ أبوابِ الجنانِ، وإغلاقُ أبوابِ النيرانِ، والشياطينُ مصفدةٌ، إذًا؛ فلم يبقَ إلا نفسُك التي بين جنبَيْكَ، فجاهدْهَا وحاسبْهَا وطوِّرْهَا، فالظروفُ مواتيةٌ، والأسبابُ مهيئةٌ، فاستعنْ باللهِ ولا تعجزْ، فَـ ((كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا)) فلا تهلكْهَا بالتسويفِ والمماطلةِ وخداعِ النفسِ، فالأيامُ تمضيْ، والعمرُ يجرِيْ، وأنتَ لا تدريْ، والموتُ أمامَكَ، والقبرُ منامُكَ، وبينَ يديِ العليمِ البصيرِ سؤالُكَ، ورغم أنفُ ثم رغمَ أنفُ ثم رغم أنف مَنْ أدركَ رمضانَ فلم يُغفرْ له، فليس لك عذرٌ ولا حجةٌ. ﴿ بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ﴾ [القيامة: 14]. عباد الله: احذروا (سوف) فإنها أداة للتدمير، وعدوة لتهذيب النفس والتطوير، رغم كثرة الأحلام والآمال وعريض الأماني؛ فإن العمل يئده (سوف) و(لعل) و(عندما).. وتضيع الآمال وتنتهي الأحلام في زحمة الحياة، فلا يكاد يتحقق شيء، وهاهو أخي! رمضان يبدأ وغدًا ينتهي، وقد مرّ عليك قبله رمضانات كثيرةٌ، فهل أنت راضٍ عنها؟ وهل هي حجةٌ لك عند الله أم عليك؟ وكم عاهدتَ فنقضتَ؟ ووعدتَ فأخلفتَ؟ وهاهو الله الحليمُ الرحيمُ يُمِدُّ في عمرك ويمهلُكَ، ويُنعم عليك بفرصةٍ أخرى، فماذا ستفعل؟!

يا ذا الذي ما كفاه الذنبُ في رجبٍ
حتى عصى ربَّه في شهرِ شعبانِ
لقد أظلَّكَ شهرُ الصومِ بعدَهُمَا
فلا تُصَيِّرْهُ أيضًا شهرَ عصيانِ

 

أيها المسلم: قد تخرج من رمضان بصيام وقيام وقراءة قرآن وخيرات حسان، وأرجو أن تفوز بالأجر من الكريم المنان، لكن ما أثر ذلك على نفسك؟ ما هو الجديد الذي أضفته لشخصيتك وخصالِك؟ هل سألت نفسك: لماذا لا تستمتع برمضان حقيقة الاستمتاع؟ لماذا لا تستفد من المتغيرات الرمضانية من حولك؟ كن ذا إرادة وعزيمة، وتوكلْ على الله بصدق.

 

وهاك خطواتٍ عمليةً لتعينك:

أولًا:

وضوحُ الهدفِ، ودقةُ تحديدِهِ، مع إمكانيةِ الوصولِ إليه، كَرجل طَموح يريدُ أن يحفظَ القرآنَ، أو آخرُ يريدُ أن يقلعَ عن عادةٍ سيئةٍ خلالَ هذا الشهر. واحذر الطموحاتِ البراقةَ والأمانيَّ العِذابَ.. ولكن على قدر إمكاناتك، وتنبهْ؛ فقد تكون قدراتُكَ أكبرَ مما تقومُ به الآن، فلا ترضى بالدون، ولكن ضعْ نفسَكَ في مكانها الحقيقي دون تكبر أو احتقار.

 

ثانيًا:

حددِ الوسائلَ العمليةَ المعينةَ للوصولِ للهدفِ (كشيخ، أو طبيب أو صديق، أو قراءة أو تدريب).

 

ثالثًا:

ضع برنامجًا عمليًا مكتوبًا محددَ الأوقات والساعات، كأن تحاولَ أن تتخلصَ كلَّ أسبوع من عادةٍ واحدةٍ سيئةٍ، وتذكرْ دائمًا أن شهرَ رمضانَ شهرُ عملٍ لا شهر كسل.

 

رابعًا:

ابدأ التنفيذ، وتذكر أن الفشل طريقك إلى النجاح، فإذا فشلت مرة أو مرات فلا تيأس، بل هذا يؤكد أنك على الطريق الصحيح، واعلم أن الذي لا يخطئ هو الذي لا يعمل، وتعلم من أخطائك واجعلها وقودَك إلى النجاح.

 

خامسًا:

اكسر حاجزَ الخوف، ولا تتردد كما يفعلُ الكثير، وتذكرْ أن مبادرةً واحدةً أفضلُ من مئةِ كلمةٍ، وأن الأفعالَ هي الطريقُ إلى النجاح، وأن إشعالَ شمعةٍ واحدةٍ خيرٌ من أن تتذمرَ من الظلامِ ألفَ مرةٍ.

 

ومن يتهيبْ صعودَ الجبالِ
يعشْ أبدَ الدهرِ بينَ الحفر

 

سادسًا:

استشر الآخرين حولَ خطواتِك القادمة، وخاصة الناجحين، ومن يحبون الخير لك، ومن تثق برأيهم، ولا تستشر ضعافَ الهمم، أو الحسادَ، أو المجاملين لك، وتذكر أن الصاحب ساحب، فكن أنت الساحب، أو انج بنفسك. سابعًا:

افرح بكل خطوة ناجحة، ولا تقلل منها مهما كان النجاحُ جزئيًا، ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58]. ففرحُكَ بالنجاح ولو كان يسيرًا سيقفزُ بك إلى الأمام. ثامنًا وأخيرًا: احرص على التقييم والمراجعة والمصارحة، واحذر من الاستسلام للفشل أو للعجز أو التسويف.

 

ثم اعلم إن أردت فعلًا الوصول لتربية النفس وتهذيبها، فلا بد من:

أولًا:

الإرادة والرغبة الأكيدة والجادة في داخلك.

 

ثانيًا:

لا بد من المعرفة بالطرق الصحيحة للتربية والتهذيب.

 

ثالثًا:

التطبيق الصحيح لهذه الطرق.

 

رابعًا:

لابد من الاستمرار والعزيمة حتى تحقق ما تريد، فأنت تقوم بمشروع بناء، والبناء لا يمكن أن ينهض في يوم وليلة، بل لا بد من حَفر الأساس في أعماق نفسك، ثم البدء خطوةً خطوةً حتى يتم بناء شخصية متميزة، وعلى قدر أهلِ العزمِ تأتيْ العزائمُ.

 

معاشر الصائمين والصائمات:

تلك خصائص ومميزات رمضان، وهذه شروط وخطوات لمن كان جادًا في تربية نفسه وتطويرها، وصادقًا في محاسبة نفسه وتهذيبها، حريصًا على نجاتها وفوزها. ليكن رمضان هذا العام جديدًا في حياتك، فرغم أن رمضان له طعمًا خاصًا، وله تميزه وخصائصه، ورغم عظم الأجر فيه، ورغم الخروج عن المألوف في حياة الإنسان اليومية.. إلا أن العادة جعلتْه عند الكثير من الناس مجردَ شهرٍ يمسكُ فيه عن الطعام والشراب. فلْنحذرْ من العادة فإنها تحول الأشياءَ التي نستمتعُ بها إلى ضروراتٍ يوميةٍ تبعثُ على الكآبة والروتين الممل.. أليس رمضان شهر ثقيل على البعض؟ حتى جعلوا الليلَ للهوِ واللعبِ، والنهارَ للنومِ والكسلِ، فالهمُّ عندهم متى ينتهي رمضان، بدل: كيف أستفيد من رمضان؟! فهيا إخوة الإيمان لنستمتعَ برمضانَ، ولنستثمرَ هذا الشهرَ المباركَ لنخرجَ بأكبرِ قدرٍ ممكنٍ من الفوائدِ والحسناتِ، فهو كما قال عليه الصلاة والسلام ((..شَهْرٌ مُبَارَكٌ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ)) رواه النسائي، وهو شهر يغشاكم الله فيه فيفتح لكم أبواب رحمته، ويحطُّ عنكم الخطايا، ويستجيبُ لكم الدعاءَ، ينظرُ اللهُ إلى تنافسِكُم فيه، ويباهيْ بكم ملائكتَهُ، فأَروُا اللهَ من أنفسِكُم خيرًا، فإن الشقيَ من حُرِمَ رحمةَ اللهِ. نعوذُ بالله من الشقاء والحرمان، فرمضان مدرسة لتجديد الإيمان، وتهذيبِ الخلق، وتقويةِ الروحِ. رمضان هو الفترةُ الروحيةُ التي تجدُ فيها النفوس فرصةً لإصلاحِ قصورها، وتقوية ضعفها، ومراجعةِ حساباتها. رمضان "محطة" لتعبئةِ القوةِ النفسيةِ والروحيةِ والخلقيةِ التي تحتاجُ إليها كلُّ أمةٍ في الحياة، ويحتاجُ إليها كلُّ فردٍ في المجتمع. رمضان مدرسةُ الصومِ تخرجُ رجالًا أقوياءَ في الروح والجسد. ولن ينجح في الحياة ولن يثمر، ولن يحقق أهدافَه إلا الإنسانُ الجادُّ فيها؛ فهل سيكون في رمضانِ هذا العام طعمٌ آخرُ في حياتنا؟! فإن من لم يستغلَّ رمضانَ لتطوير نفسه ومحاسبتِها فهو عاجزٌ كسول مُسَوِّفٌ، نعوذ بالله من العجزِ والكسلِ، كيف ورمضانُ فرصةٌ نادرةٌ وفريدةٌ، فهو دورةٌ تدريبيةٌ مكثفةٌ لمدةِ ثلاثين يومًا، فالبيئة من حولك إيجابية مشجعة، فجميع المسلمين من حولك صائمون، وكلهم على الخير مقبلون، يتصدقون ويصلون ويتنافسون، والجوائز والحوافز كثيرة: مضاعفة الحسنات، وتكفير السيئات، وفتح أبواب الجنان، وإغلاق أبواب النيران، والشياطين مصفدة، وغير ذلك كثير، فما أنت فاعل؟. فالله يقول: ﴿ وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ﴾ [العنكبوت: 6]، ويقول: ﴿ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 40]. ويقول: ﴿ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ﴾ [يونس: 108]. ويقول: ﴿ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ ﴾ [فاطر: 18]. فالله غنيٌ عني وعنك، وعن صلاحنا وعبادتنا، نحن الفقراء إليه، والمحتاجُون إليه كلَّ طَرْفة عين، وزفرة نفس، ومن لم يكن الله معه فمن معه؟ ومن تخلَّى الله عنه فمن له. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15]، نسأل الله أن يبارك لنا ولكم في رمضان، وأن يعيننا فيه على الصيام والقيام، وأن يجعله رحمة علينا وعلى أمة الإسلام في كل مكان. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه..أما بعد: يقول ابن الجوزيّ: "وإني تدبَّرتُ في أحوالِ كثيرٍ فرأيتهم في عقوباتٍ لا يحسّون بها..، - إلى أن قال - وأوّلُ العقوبات الإعراضُ عن الحقّ اشتغالًا بالخلق، ومن خفِيِّ العقوبات سلبُ لذّة المناجاة، وأعظم الخلقِ اغترارًا أن يأتيَ ما يكرهه الله ثم يطلب منه ما يحبّه، وفي الحديث: ((والعاجزُ من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني))، فلا حول ولا قوة إلا بالله. ألا فاتقوا الله رحمكم الله، وتوبوا إلى ربِّكم وأنيبوا إليه، فأيّامكم القادمة أيّام توبة وإنابة، أيام اعتراف وانكسار وافتقار، والمحروم من حُرم خيرَها، فأَروا الله من أنفسِكم خيرًا، اللهم رحمتك نرجو وعليك نتوكل، فإنك إن تكلنا إلى أنفسنا تكلنا إلى ضعف وعجز وخطيئة، فيا ربنا الرحيم لا نثق إلا بفضلك، وها نحن نتعرض لجودك، ونقف ببابك، فيا جواد جد علينا بفضلك، ويا منان امنن علينا بعطائك وكرمك، اجعلنا من أهل هذا الشهر ووفقنا فيه لكل خير بفضلك، بارك لنا في أيامه، واجعلنا من الموفقين الفائزين فيه، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أهل علينا شهرنا بالأمن والأمان، والسلامة والإسلام، واجعله لنا هلال خير ورشد يا رحمن، هذا، وصلّوا وسلّموا على الرحمة المسداة والنعمة المهداة خير الأنام، صلّ الله وسلّم وبارك عليه وعلى آله وأزواجه وخلفائه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • جدول عملي للمرأة في رمضان
  • حال السلف في رمضان
  • معًا في رمضان.. من الفجر إلى العشاء
  • عشر وقفات للنساء في رمضان
  • مهام إمام المسجد في رمضان
  • هل حقا رمضان مبارك سعيد؟؟
  • استعمال الأوكسجين للمريض في نهار رمضان
  • أهلا بك يا رمضان
  • بأي حال عدت يا رمضان؟
  • فيك النصر تجلى يا رمضان
  • أهلا بك يا رمضان
  • ما أسرع مرورك يا رمضان

مختارات من الشبكة

  • أهلا أهلا يا رمضان (قصيدة للأطفال)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • أهلا أهلا فيمن حضروا (قصيدة للأطفال)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • أهلا بكم.. أهلا (نشيد للأطفال)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • رمضان أهلا (قصيدة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة أهلا وسهلا ومرحبا يا رمضان(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أهلا رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • أهلا ومرحبا برمضان (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • أهلا رمضان(مقالة - حضارة الكلمة)
  • رمضان أهلا (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أهلا وسهلا ومرحبا يا رمضان (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب