• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / مقالات
علامة باركود

المداومة على العمل الصالح لماذا وكيف؟

المداومة على العمل الصالح لماذا وكيف؟
د. شريف فوزي سلطان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/4/2024 ميلادي - 7/10/1445 هجري

الزيارات: 6318

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المداومة على العمل الصالح لماذا وكيف؟

 

واقعٌ أليم:

إنَّ واقعًا أليمًا نعيشه بلا هوادة، ملخص هذا الواقع: أننا لو أجرينا إحصاءً لمرَّات البدء في أعمال البر المختلفة، ثم أحصينا كم من الأعمال بلغت النهاية؟ أو حتى قاربت بلوغها، ستصيبنا صدمة كبيرة؛ إذ إننا سنجد معظمها لم يبلغ خط المنتصف، وغالبيةُ الأعمال تنتهي فوْر بدايتها!!

 

فما أن يرحل شهر رمضان، إلا وتجد ظاهرة عجيبة، وهي التوقف عن القيام بالأعمال الصالحة، فتخلو المساجد من المصلين، إلا من كان يعمُرها قبل رمضان، وتُغلق المصاحف، إلا من كان يتعاهدها قبل رمضان، ويُعرض أكثرُ الناس عن الصدق والصدقة والبر والصلة وحسن الأخلاق، إلا من كان ذا رِعاية قبل رمضان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

مقصود الشارع:

إن مقصود الشارع من الأعمال ليس مجرد القيام بها، ولكن دوامُ المكلف عليها، والأدلة على ذلك كثيرة؛ قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99]؛ أي: الموت، فليس المراد مجردَ القيام بالعبودية، ولكن المداومة عليها حتى الموت.

 

وقال تعالى - عن عيسى عليه السلام -: ﴿ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾ [مريم: 31]، وقال تعالى - وهو يصف عباده المؤمنين -: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ [المعارج: 19 - 23]، وفي نفس السورة قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [المعارج: 34]، وقال تعالى - وهو يصور هذه الصورة المقيتة، صورة انقطاع الأعمال -: ﴿ أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى * وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى * أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى * أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى * وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ﴾ [النجم: 33 - 42].

 

ففي هذه الآيات يَلفت القرآنُ الكريم أنظارَنا إلى أولئك الذين تنقطع بهم أعمالهم الصالحات، ويتولون عن العطاء والبذل والتضحية، وهم لم يُعطوا حقًّا لربهم إلا قليلًا، فصورتهم كصورة باحثٍ عن ماءٍ ليُطَهِّر نفسه ويرتوي، فجعل يحفر بئرًا، فبينما هو يحفر، إذ كُدية [صخرة] تواجهه، فيتوقف عن الحفر والعمل والبحث عما يُسعده، فلا هو انتفع بما حفر سابقًا، ولا هو انتفع بماءٍ وَجَدَه.

 

كما يَلفت القرآن أنظارنا أن هذا الشخص المنقطع عن العمل، لم يَعلم الغيب حتى يرى هل له عُمُرٌ آخر يستطيع أن يتدارك فيه ما قصَّر!

 

كما لفت القرآن أنظارنا إلى أن العبد لا ينفعه سوى سعيه الدائم وعمله المستمر، وعلى قدر الديمومة يكون حسن الجزاء عند الله، وسئلت عائشة رضي الله عنها: أي العمل كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: "الدائم"[1]، وسئلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَخصُّ شيئًا من الأيام؟ قالت: لا، كان عمله دِيمة[2]، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: "أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلَّ"[3].

 

التطبيق العملي في جيل الصحابة:

وعَى الصحابة الكرام هذا المقصود وعيًا سليمًا، فكان الواحد منهم لا ينقطع عن عملٍ أبدًا حتى يُكمله، وكانوا يعملون بالسنة ويتشبثون بها حتى يلقوا ربهم مستمسكين بها.

 

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّهَا كَانَتْ ‌تُصَلِّي ‌الضُّحَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ تَقُولُ: لَوْ نُشِرَ لِي أَبَوَايَ مَا تَرَكْتُهُا[4].

 

وعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: "أَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، حَتَّى وَضَعَ قَدَمَهُ بَيْنِي وَبَيْنَ فَاطِمَةَ، فَعَلَّمَنَا مَا نَقُولُ إِذَا أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا: ثَلاثًا وَثَلاثِينَ تَسْبِيحَةً، وَثَلاثًا وَثَلاثِينَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعًا وَثَلاثِينَ تَكْبِيرَةً " قَالَ عَلِيٌّ: "فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ"، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: ‌وَلا ‌لَيْلَةَ ‌صِفِّينَ؟ قَالَ: "‌وَلا ‌لَيْلَةَ ‌صِفِّينَ"[5].

 

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلَالٍ، عِنْدَ صَلَاةِ الفَجْرِ: " يَا بِلَالُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلَامِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ ‌دَفَّ ‌نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ" قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي: أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا، فِي سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ"[6].

 

المداومة على الطاعات، لماذا؟

2- لأنه لا نهاية للعمل إلا بنهاية الأجل:

قال الْحَسَنَ: "أَيْ قَوْمِ، ‌الْمُدَاوَمَةَ ‌الْمُدَاوَمَةَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِعَمَلِ الْمُؤْمِنِ أَجَلًا دُونَ الْمَوْتِ"، وقال: "إِذَا نَظَرَ إِلَيْكَ الشَّيْطَانُ فَرَآكَ ‌مُدَاوِمًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ، فَبَغَاكَ وَبَغَاكَ، فَرَآكَ ‌مُدَاوِمًا مَلَّكَ وَرَفَضَكَ، وَإِذَا كُنْتَ مَرَّةً هَكَذَا وَمَرَّةً هَكَذَا طَمِعَ فِيكَ"[7].

 

وقيل لابن المبارك: إلى متى تطلب العلم؟ قال: "لعل الكلمة التي أنتفع بها ما كتبتها بعد"[8].

 

2- المداومة على العمل الصالح من أعظم أسباب نيل محبة الله، وهي غاية أماني المؤمنين، الذين هم أشدُّ حبًا لله؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ ‌حَتَّى ‌أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ"[9].

 

3- المداومة على العمل الصالح من أعظم أسباب حسن الخاتمة:

فلا يزال المؤمن يجاهد نفسه على أداء الطاعات، كما يصبر عن المعاصي والسيئات، حتى يختم الله تعالى له خاتمةً حسنة؛ كما قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

 

وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَعْجَبُوا بِأَحَدٍ، حَتَّى تَنْظُرُوا بِمَ يُخْتَمُ لَهُ، فَإِنَّ الْعَامِلَ يَعْمَلُ زَمَانًا مِنْ عُمْرِهِ، أَوْ بُرْهَةً مِنْ دَهْرِهِ، بِعَمَلٍ صَالِحٍ، لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلًا سَيِّئًا، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ الْبُرْهَةَ مِنْ دَهْرِهِ بِعَمَلٍ سَيِّئٍ، لَوْ مَاتَ عَلَيْهِ دَخَلَ النَّارَ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ فَيَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ؟ قَالَ " يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ، ثُمَّ ‌يَقْبِضُهُ ‌عَلَيْهِ"[10].

 

وفي رواية: "إِذا أرَادَ الله بِعَبْدٍ خَيْرًا طهَّرَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ، قَالُوا: وَما طهُورُ العَبْدِ؟ قالَ: عَمَلٌ صالِحٌ يُلْهِمُهُ إِيَّاهُ حَتَّى ‌يَقْبِضَهُ ‌عليْهِ"[11].

 

وفي رواية: "إذا أراد الله بعبد خيرًا عسَّله قيل: وما عسله؟ قالَ: يَفْتَحُ لَهُ عَمَلًا صالِحًا قَبْلَ مَوْتَهِ ثُمَّ ‌يَقْبِضُهُ ‌عليْهِ"[12].

 

4- المداومة على الطاعة سبب النجاة يوم القيامة، والاستظلال بظل عرش الرحمن جل جلاله:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "سَبْعَةٌ ‌يُظِلُّهُمُ ‌اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: الإِمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أَخْفَى حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ"[13].

 

ووجه ذلك أن عدلَ الإمام، ونشوءَ الشاب في طاعة الله، وتعلقَ القلب بالمساجد، وتحابَّ الرجلين في الله، لابد في ذلك كله من الاستمرار والديمومة، حتى يتم الفوز بهذا الفضل العظيم.

 

5- المداومة على العمل الصالح عنوان الإخلاص:

لأن ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل.

 

6- المداومة على الطاعات سبب الأمن من الحسرة عند المرض أو العجز أو الفتنة:

ذلك لأن المداوم حين يُحال بينه وبين العمل، يجري له ما كان يقوم به من العمل؛ عن أبي بُرْدَةَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى مِرَارًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "‌إِذَا ‌مَرِضَ ‌العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا"[14].

 

كيف نثبت على الطاعات ونداوم عليها؟

1- استعن بالله:

فإن من أعانه الله فهو المعان، فاطلُب العون من الله تعالى أن يسدِّدك ويوفِّقك ويؤيدك ويعينك على العمل الصالح، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: "يا معاذ، لا تَدَعْ أن تقول دبر كل صلاةٍ: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"[15].

 

2- الدعاء:

من أعظم أسباب الثبات على الطاعة، فلقد كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "يا مقلب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك"[16].

 

3- الاهتمام بصلاح القلب:

فالقلب هو الملك، والجوارح جنوده ورعاياه، فإذا صلح الملك صلحت الجنود والرعايا؛ كما في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَلَا وَإِنَّ ‌فِي ‌الجَسَدِ ‌مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ".

 

وإصلاح القلب يتم بشيئين:

الأول: عمارته بالأعمال الطيبة، كالشكر والخوف والإخلاص، ومحبة الله تعالى، ونحو ذلك.

 

الثاني: تنقيته من الأخلاق الرديئة، والخصال السيئة، كالرياء والحسد والغرور، والتعلق بغير الله، ونحو ذلك، فإذا ثبت القلب على الطاعة، ثبتت الجوارح تبعًا له.

 

4- الصحبة الصالحة:

لأن الإنسان ينشط إذا رأى إخوانه من حوله على قربةٍ وطاعة، ويشعر بالخجل إذا رأى نفسه مقصرًا بين قومٍ مُجِدِّين، فالعاقل يصحب الأخيار من أهل الفضل والعلم والصلاح، الذين إذا رآهم ذكر الله، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنَ النَّاسِ ‌مَفَاتِيحَ ‌لِلْخَيْرِ، مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ"[17].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدُكم من يخالل"[18].

 

5- التخلص من المعاصي:

فالمعاصي تقيِّد صاحبها عن الطاعة، وتحجبه عن البر؛ قال ابن القيم رحمه الله: "فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلذَّنْبِ عُقُوبَةٌ إِلَّا أَنْ يَصُدَّ عَنْ طَاعَةٍ تَكُونُ بَدَلَهُ، وَيَقْطَعَ طَرِيقَ طَاعَةٍ أُخْرَى، فَيَنْقَطِعَ عَلَيْهِ بِالذَّنْبِ طَرِيقٌ ثَالِثَةٌ، ثُمَّ رَابِعَةٌ، وَهَلُمَّ جَرًّا، فَيَنْقَطِعُ عَلَيْهِ بِالذَّنْبِ طَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَهَذَا كَرَجُلٍ أَكَلَ أَكْلَةً أَوْجَبَتْ لَهُ ‌مِرْضَةً ‌طَوِيلَةً مَنَعَتْهُ مِنْ عِدَّةِ أَكَلَاتِ أَطْيَبَ مِنْهَا، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ"[19].

 

6- التوسط والاعتدال في الأعمال، وترك الإفراط والتشديد على النفس:

فقليلٌ دائمٌ خيرٌ من كثيرٍ منقطع، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا"[20].

 

7- تعويد النفس على قضاء الفائت؛ من صلاة أو صيام، أو ورد ذكرٍ، أو وِرد قراءة، أو حتى صلة وتزاور، أو غير ذلك، وعدم التفريط في ذلك: فقد قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ نَامَ ‌عَنْ ‌حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ"[21].

 

"وكان صلى الله عليه وسلم إذا فاته شيءٌ من الليل، لنومٍ أو مرضٍ، صلَّاه من النهار اثنتي عشرة ركعة"[22].

 

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.



[1] رواه البخاري.

[2] رواه مسلم.

[3] رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه الألباني.

[4] رواه مالك في الموطأ، وصححه الألباني في المشكاة.

[5] أخرجه أحمد في المسند، وقال محققه: سنده صحيح على شرط الشيخين.

[6] متفق عليه.

[7] الزهد والرقائق لابن المبارك، والزهد لنعيم بن حماد.

[8] طرح التثريب في شرح التقريب.

[9] رواه البخاري.

[10] أخرجه أحمد في المسند، وقال محققه: صحيح على شرط الشيخين.

[11] انظر صحيح الجامع.

[12] انظر صحيح الجامع.

[13] متفق عليه.

[14] رواه البخاري.

[15] صحيح سنن الترمذي.

[16] صحيح سنن الترمذي.

[17] صحيح سنن ابن ماجه.

[18] صحيح سنن أبي داود.

[19] الجواب الكافي.

[20] رواه مسلم.

[21] رواه مسلم.

[22] رواه مسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ثمرات المداومة على العمل الصالح (خطبة)
  • اجعلوا لكم خبيئة من العمل الصالح (خطبة)
  • فضل العشر الأول من ذي الحجة والعمل الصالح فيها
  • المداومة على العمل الصالح بعد رمضان (خطبة)
  • المواظبة على العمل الصالح (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • المداومة على الأعمال (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أسباب صلاح القلوب (1) المداومة على العمل الصالح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوصية بـ (المداومة على العمل الصالح)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هدي النبي صلى الله عليه وسلم في المداومة على العمل الصالح: أدلته، دلائله، فضائله، أسبابه، آثاره(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • المداومة على العمل الصالح(محاضرة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • من أسباب محبة الله تعالى عبدا ( المداومة على العمل الصالح، والإكثار منه )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محاضرة المداومة على العمل الصالح(مقالة - موقع الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي)
  • المداومة على العمل الصالح(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • خطبة عن ثمرات ووسائل المداومة على العمل بعد رمضان(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • المداومة على الأعمال الصالحة(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب