العيد وقراء الكتب.. مقترحات واختيارات

العيد وقراء الكتب.. مقترحات واختيارات

(حب القراءة من النعيم المعجّل للمؤمن في الدنيا) عبارة تنسب لأحد أئمة العصر الشيخ ابن باز -رحمه الله، ووجود المتعة في القراءة شيء متفق عليه بين المصاحبين للكتاب، والقراءة نعمة عظيمة يمكنك أن تتلمس بعض جوابها بسؤال الأميين، الذين تتفطر قلوبهم حسرة وكمدا أنهم لا يحسنون فك رموز ما يشاهدون.

ومع أن القراءة النافعة نعمة ومتعة أيضا، وغذاء للفكر والروح والعقل، فهذا لا ينطبق على كل أنواع القراءات، فطلاب المدارس مثلا كثيرًا ما يتجرعون قراءة الكتب المدرسية، كمريض يتعاطى دواءً مُرًّا، فالكتب أنواع: منها ما هو سهل الهضم، ممتع للنفس، بحيث تود لو أن الكتاب عشرة أضعاف ما كان، ومن الكتب التي لا تكاد تكمل صفحات منه حتى يهجم عليك الملل والنعاس، كذلك الكتب تشبه الأكل، فمنه ما هو مفيد ونافع، ومنه السُمُّ الزعاف الذي يفسد على القارئ دنياه وأخراه إذا لم يكن محصنا.

ونحن في هذه الأيام على أعتاب أيام الفرح والبهجة والسرور، والعيد يفرح به الجميع، ويستبشر لقدومه الكُل، وللناس في فرحهم بالعيد مذاهب، ونحن اليوم مع شريحة تأوي للقراءة في الحزن والفرح، والانبساط والانقباض، ولهم في العيد شأن مع القراءة، لكن الكتب غير الكتب، لأن الزمان فرح، والفرح لا يصلح له الثقيل على النفس، والمتعب للبدن، لذلك الناس يتوقفون عن العمل تقريبا في أيام العيد، وهنا بعض الاقتراحات للقارئ في عيده، وهذه تأتي على فئات ولكل فئة كتاب أو أكثر كمثال، وقد يوجد غيره أفضل منه، والناس فيما يقرأون مذاهبُ.

أوًلا: القرَّاء لهم ميول تختلف من شخص لآخر، فعلى القارئ في عيده أن يبحث عن الكتب التي يميل إليها عقله وترتاح لها نفسه، فهناك من يحب كتب السياسة، أو التاريخ أو المعلومات العامة أو الشعر وهكذا، فما تميل له من المجالات لن تمل منه والاستمتاع بالقراءة فيه.

ثانيًا: يوجد كتُّاب يكاد يجمع القراء على أن كتابتهم سهلة وممتعة فيما يسمى بـ (السهل الممتنع)، فهؤلاء كتبهم تصلح لأيام العيد من أبرز هؤلاء أديب الفقهاء وفقيه الأدباء الشيخ: علي طنطاوي ومن المعاصرين: أدهم شرقاوي وغيرهم، وفي الجملة الكاتب الذي يعجبك أسلوبه فسوف تلتهم كل كتبه تقريبا بسهولة.

ثالثًا: القصص وما أدراك ما القصص، مستحيل أن تجد كبيرًا أو صغيرًا لا يحب القصص، ولأهمية القصص فإن ثلث القرآن تقريبا قصص، والقصص أنواع كثيرة ومن أكثرها متعة وإثارة القصص الواقعية، ومن الاقتراحات حولها: صحيح القصص النبوي للحويني، وألف قصة وقصة من قصص الصالحين لـ هاني الحاج، ومنجد الخطيب... روائع القصص والأمثال مأخوذة من سير أعلام النبلاء لـ أحمد السويدي، وكتب القصص لا تعد ولا تحصى لكثرتها وتنوعها.

رابعًا: مما يندرج تحت القصص نوعان من الكتابة ألا وهما: المذكرات والرحلات، مثل: ذكريات علي الطنطاوي، وهي من أمتع كتب المذكرات مع بلاغتها، ورحلات محمد بن ناصر العبودي، وهي أجزاء كثيرة حول دول كثيرة زارها الشيخ الرحالة رحمه الله، كما أن هناك كتاب انتقى من رحلات الشيخ عنوانه: (لطائف من رحلات الشيخ الرحالة محمد بن ناصر العبودي).

خامسًا: مما يخرج من عباءة القصص أيضا كتب التراجم، ففيها المتعة والفائدة والحكمة والموعظة، مثل: نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء لـ محمد موسى الشريف، والجواهر من سير أعلام النبلاء لـ ماجد العسكر وغيرها كثير.

سادسًا: من الألوان الأدبية الممتعة: المقامات؛ حيث "يغلب على أسلوبها السجع والبديع"، و"تعتمد المقامة على السجـع كثيرا؛ لأنه يسهل حفظها ويجعل القارئ يعجب ويطرب لما فيها من إيقاع لفظي ظاهر من خلال الانتهاء بالحروف المتجانسة"، فهي نثر مقفَّى إن صح التعبير، ومن أشهر المقامات في القديم مقامات الحريري وألفاظها غريبة بالنسبة للمبتدئ، أما أشهر المقامات الحديثة وأمتعها فـ مقامات القرني.

سابعًا: الكتب التي تجمع الحكم والأقوال والمقولات، وهذه تتميز بالاختصار، فكل مقولة لا تتجاوز بضع أسطر في الغالب، وهذا النوع من الكتب يجمع بين المتعة والفائدة والحكمة البليغة والتجربة الصادقة، ومن الكتب الرائعة في هذا المجال: من أخبار السلف الصالح لـ زكريا غلام قادر، وفقه النفس.. من أقوال العلماء وأعمالهم لـ يحيى اليحيى، وسلسلة مواعظ لـ صالح الشامي، وهي سلسلة تتضمن مواعظ الصحابة وبعض الأعلام كالحسن البصري والشافعي وغيرهم.

ثامنًا: التغريدات، في السابق كانت المقالات تجمع لتكون كتابا ولا زال هذا النوع من الكتب موجود، ولكنه انتقل إلى التغريدات، لأن التغريدة مقال قام بعمل ريجيم قاس، لذلك ظهرت كتب هي عبارة عن تجميع لمقالات مغرِّد.

وهذا المجالات والكتب المندرجة تحتها إنما هي أمثلة وغيرها الكثير والكثير من نفس المجالات السابقة أو مجالات أخرى وتصلح لأن تكون عيدية الشغوف بالقراءة، الذي لديه وقت فراغ في أيام العيد مع حب للقراءة.

نسأل الله أن يوفقنا لكل خير، ويجنبنا كل شرِّ ومكروه وضَيْر.

وصلى الله على محمد وعلى آلة وصحابته والتابعين.