• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / خطب رمضان والصيام
علامة باركود

أعمال عباد الرحمن تتضاعف في رمضان لشرف الزمان (خطبة)

أعمال عباد الرحمن تتضاعف في رمضان لشرف الزمان (خطبة)
الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/4/2022 ميلادي - 23/9/1443 هجري

الزيارات: 19247

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أعمال عباد الرحمن

تتضاعف في رمضان لشرف الزمان


إن الحمدَ لله؛ نحمَده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ (آل عمران: 102).

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ (النساء: 1).

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ (الأحزاب: 70- 71).

 

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.

 

أعاذني الله وإياكم وسائر المسلمين من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

 

إن أعمالَ عبادِ الرحمن، تتضاعف في رمضان، لشرف الزمان، ألا فاعلموا [أنَّ مضاعفةَ الأعمال تكون بحسب الإِخْلاص لله سبحانه وتعالى، لقوْلِه تَعالَى: ﴿ ... وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ﴾ (الروم: 39)، فقد رتَّب الله سبحانه وتَعالَى الأضعاف؛ أي: إضعاف العمل عدة مرات الثواب والأجر مرات ومرات أجورًا وحسناتٍ عَلَى إرادة وجه الله، ... إذا أردت بالأضعاف وجه الله يضاعف لك العمل، ويضاعف لك الأجر، فكل من كَانَ أخلصَ لله فعمله أكثرُ مضاعفةً، وَهَذا أمر لا شك فِيهِ، فإن مضاعفة الأعمال تكون بأسباب كثيرة، ونذكر منْهَا سِتَّةَ أسباب، وهي أسبابٌ تجعل عملك الصالح يتضاعف: ‌شرفُ ‌الزَّمانِ، ومنها شرفُ المكانِ، ومنها شرف الفاعل، ومنها شرف العمل، ومنها الإِخْلاص، ومنها الاتِّباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كل هَذِهِ الأسباب الستة من أسباب المضاعفة، فالمضاعفة بسبب ‌شرف ‌الزّمان كرمضان؛ أي: عمل تقوم فيه خير مضاعف مباشرة، أي عملٍ تقوم به من أعمال صالحات يتضاعف، والعشر الأُوَلِ من ذي الحجة، والأشهر الحرم، هَذَا لشرف الزمان.

 

ومنها يتضاعف العمل إذا كان في مكان شريف، يتضاعف لشرف المكان كالحرمين؛ مكة والمدينة، والأقصى، فإِنَّ العمل فِيهَا أشرف من غيرها، فالصلاة فِي المساجد الثلاثة أشرف من غيرها.

 

المضاعفة أيضًا قد تكون بحسبِ العملِ، أي: بحسب جِنس العملِ، فالأعمال التي هي أفضل يحبها الله أكثر، يكون الثواب فيها أكثر، بجنس العمل، وليس بكثرتها؛ أي: ليس بكثرة الصلاة أو الصيام، وإنما بجنس العمل، فالصّلاة أفضل من غيرها، أحب الأعمال إلى الله الصلاة، والفرض من كل عمل أفضلُ من نَفْلِهِ وأشرفُ، والجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله ذُرْوَةُ سَنَامِ الإِسْلَامِ، وهكذا ...

 

ومنها: المضاعفَةُ بحسب الفاعل، بحسبك أنت أيها الإنسان، ما هي مكانتك عند الله سبحانه وتعالى؟ كالصّحابة رضي الله تعالى عنهم، الَّذِين قَالَ فيهم الرَّسول صلى الله عليه وسلم: "لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أنفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ"، (خ) (3673)، (م) 222- (2541)، يعني لو الواحد منَّا اليوم أنفق أطنان الذهب والفضة أجره عظيم عند الله، لكن لا يساوي مُدَّ الصحابة رضي الله عنهم، لا يساوي في الأجر والثواب مُدَّ أولئك؛ لأن أولئك صحابة فلهم شرف الفاعل، شرف العامل، ونحن بشر من البشر، لذلك مهما تعمل فلن تصل إلى درجة صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، درجة عظمى.

 

ويلحق بِهَذا العاملون فِي آخر الزّمان فِي أيام الصّبر، زمان الصبر، الَّذِين يتمسكون بسنة الرَّسول صلى الله عليه وسلم، فيكون فيهم شبه بالصحابة رضي الله عنهم، فترتفع مكانتهم عند الله سبحانه وتعالى.

 

وقد تكون المضاعفة بحسب الإِخْلاص كما فِي هذه الآية، فكلما كَانَ الإنسان أخلصَ ولو كَانَ العمل واحدًا كَانَ عملُه أشرفَ من الآخر؛ ما معنى العمل واحد؟ يعني اثنين عَمِلا عَمَلًا واحدًا بالتمام والكمال، تجد ما بينهما كما بين السماء والأرض، وكما بين المشرق والمغرب؛ لأن أحدهما كان أكثر من الآخر إخلاصًا، وَلهذا تجد رجلين ركبا سيارة واحدة، وخرجا ودخلا جَمِيعًا فِي الحج مثلًا، أو فِي العمرة، ورجعا جميعًا عَلَى السّيارة، وأفعالُهما واحدة، وأقوالُهما واحدة، وبَيْنَهُما تفاوت أكثر مَا بَيْنَ المشرق والمغرب بحسب الإِخْلاص لله.

 

وقد تكون مضاعفة الأجر والثواب بحسب الاتِّباع، اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وَلهذا أخبر النَّبي صلى الله عليه وسلم عندما سأله عَبْدُ اللَّهِ بنُ مسعود رضي الله عنه: (أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟)، قَالَ: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا»، ...اهـ (خ) (527)، لماذا على وقتها؟ ماذا نستفيد من قوله: على وقتها؟ قال: لأنَّهَا حصلت عَلَى وجه المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، ليست أي صلاة، وإنما الصلاة التي فيها المتابعة لرسول الله عليه وسلم.

 

هذه الأسباب فِي الشّرف كلها مما يوجب للعبد العناية بأعمالِه، وأن يتحقق بما يستطيع من هذه الأسباب، بتصرف من تفسير العثيمين رحمه الله: الروم (ص238- 241).

 

ومن الطاعات التي يتقرب بها عباد الرحمن، تلاوة الْقُرْآنِ، فأجرها عظيم، في شهر القرآن وفي غيره، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ، فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: ﴿ الم ﴾ حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ"، (ت) (2910)، (ش) (29933)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (6469)، الصَّحِيحَة: (3327).

 

فيا أيها الصائمون، اجمعوا بين الصيام وتلاوة القرآن، حتى يشفعا لكم عند ربكم يوم القيامة، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ" =يتكلم يوم القيامة عملُك=: "أَيْ رَبِّ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ"، قَالَ: "فَيُشَفَّعَانِ"، (حم) (6626)، (ك) (2036)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (3882)، قال شاكر (6/ 188): إسناده صحيح، وانظر صَحِيح التَّرْغِيبِ: (984)، في صحيح الجامع (3882).

 

والقراءة قراءة القرآن من الجوال ما حكمها؟ جائزة، لكن من المصحف أفضل، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ وَرَسُولَهُ، فَلْيَقْرَأ فِي الْمُصْحَفِ"، أخرجه ابن شاهين في الترغيب (ق 288/ 1)، وابن عدي (111/ 2)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 209)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (6289)، الصَّحِيحَة: (2342).

 

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اجْعَلُوا مِنْ صَلاَتِكُم فِي بُيُوْتِكُم، وَلاَ تَجْعَلُوْهَا عَلَيْكُم قُبُوْرًا، كَمَا اتَّخَذَتِ اليَهُوْدُ وَالنَّصَارَى فِي بُيُوْتِهِم قُبُوْرًا"، اليهود والنصارى لا يصلون في بيوتهم، يوم الأحد أو يوم السبت، يذهبون فيصلون في الكنائس والصوامع، أما المسلمون والحمد لله في البيوت يصلون، وفي أماكن العمل يصلون، ليس في يوم الجمعة فقط، بل يصلون في كل الأيام أكثر من خمس مرات فرائض، هذا والحمد لله باق إلى علامات الساعة، "وَإِنَّ البَيْتَ لَيُتْلَى فِيْهِ القُرْآنُ، فَيَتَرَاءى لأَهْلِ السَّمَاءِ"، أهل السماء ينظرون إلى أهل الأرض، الملائكة في السماء يرون أهل الأرض مزهرة مضيئة، كأن مصابيح تنبعث من ها هنا وها هنا، يقول: "كَمَا تَتَرَاءى النُّجُوْمُ لأَهْلِ الأَرْضِ"، (سير أعلام النبلاء) (ج8/ ص29)، قال الذهبي: [هَذَا حَدِيْثٌ نَظِيفُ الإِسْنَادِ، حَسَنُ الـمَتْنِ]، انظر الصَّحِيحَة: (3112).

 

كما تتراءى النجوم لأهل الأرض، نحن نرى في السماء نجومًا وهم يرون في السماء البيوت التي يقرأ فيها القرآن.

 

ففي رمضان يتضاعف أجر التلاوة، فقد [ابْتُدِئَ بِنُزُولِهِ فِي مَكَانٍ شَرِيفٍ؛ وَهُوَ الْبَلَدُ الْحَرَامُ، كَمَا أَنَّهُ = أي القرآن الكريم = كَانَ فِي زَمَنٍ شَرِيفٍ؛ وَهُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ، فَاجْتَمَعَ لَهُ ‌شَرَفُ ‌الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ إِكْثَارُ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ ابْتُدِئَ نُزُولُهُ فِيهِ، وَلِهَذَا كَانَ جِبْرِيلُ عليه السلام يُعَارِضُ بِهِ = أي: يذاكر به = رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كُلِّ سَنَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلَمَّا كَانَ فِي السَّنَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا عَارَضَهُ بِهِ مَرَّتَيْنِ كأنه وداع للنبي صلى الله عليه وسلم تَأْكِيدًا وَتَثْبِيتًا]، تفسير ابن كثير- ت السلامة (1/ 18).

 

وإذا كان ثواب الصلاة يتضاعف في جماعة في غير رمضان، كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَفِي سُوقِهِ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ: إِذَا تَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى المَسْجِدِ، لاَ يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلاَةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً، إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى، لَمْ تَزَلِ المَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ، مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ"، ماذا تقول؟:

"اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاَةَ"، (خ) (647).

 

إذًا إذَا كان الأمر كذلك، فسيتضاعف أجرها في رمضان لشرف الزمان، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ"؛ أي: للخطيب، "غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ"، (م) 27- (857)،

 

فالزيادة في رمضان أكثر وأكثر، إذا كان في غير رمضان هذا ثوابك يا عبد الله يا من تأتي الجمعة فكيف بغيره؟ وكيف في رمضان؟

وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ اللهِ؛ صّلَاةُ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي جَمَاعَةٍ"، (هب) (2909)، انظر صَحِيح الْجَامِع: (1119)، والصحيحة: (1566).

 

أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة، فكيف إن كان ذلك في رمضان؟!

والعمرة في غير رمضان أجرها عظيم، أما في رمضان، أي: في أيامه أو لياليه، فيتضاعف أجرها وثوابها؛ لماذا؟ لأنه يعادل حجة، لاجتماع ‌شرف ‌الزمان والمكان، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ، تَعْدِلُ حَجَّةً"، (جه) (2994)، وبأطول منه رواه (خ) (1782)، (م) 221- (1256).

 

وفي رواية زادت: "... تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِي"، (د) (1990)، (خز) (3077)، تضاعف ثوابها حجة مع النبي بقدر إخلاصك في تلك العمرة.

 

وبالصيام تُحرَق السيئات، فقد ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ"، (م) 16- (233).

 

و‌قيل: سُمِّي رمضان بذلك من الرمضاء وهي شدة الحرارة؛ لأنه يرمض الذنوب؛ أي: ‌يحرقها.

 

والصدقات وفعل الخيرات والإحسان إلى الآخرين يتضاعف أجره في رمضان لشرف الزمان:

عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا"، رواه الترمذي وقال: [هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ]، (ت) (807)، (جه) (1746)، (حم) (21676)، (حب) (3429)، (عب) (7905)، وقال الأرناؤوط في (حب): إسناده صحيح.

 

إذا كانت هذه الأعمال في غير رمضان أن تطعم الناس الطعام، ففي رمضان أجر يتضاعف على ذلك.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الآخرة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

أنتم في شهر مليْءٌ بالخيرات والجود والرحمات والبركات، فإذا كانت الأعمال والطاعات تتضاعف بالعشرات والمئات، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ"، لكن عندما جاء عمل الصوم، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي"، (م) 164- (1151).

 

إلا الصوم فلا يعلم قدر ثوابه وأجره إلا الله سبحانه وتعالى، ادَّخَره عنده سبحانه وتعالى، ليس من صام يومًا كأنما صام عشرة أو سبعمائة لا يبدأ من السبعمائة فما فوق، تتضاعف أعمال الصائم يا عباد الله، [فإنه لا ينحَصرُ تضعيفه = أي تضعيف أجر الصائم = بل يضاعِفه الله أضعافًا كثيرةً]، وظائف رمضان (ص14).

 

وكذلك في خضمِّ هذه الأعمال الصالحات في هذا الزمان الشريف رمضان، فلنحذرْ من ارتكاب السيئات، والخطايا والذنوب، والكذب وقول الزور والغش والنميمة ونحو ذلك عمومًا في رمضان وفي غيره؛ لقوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا ﴾، هذا في العموم لكن على الخصوص ﴿ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ﴾، (الأنعام: 160).

 

لكن السيئةَ تعظُم وتتضاعف أحيانًا؛ إذًا السيئة لا يُجزى إلا مثلها، لكن أحيانًا تعظُم وتتضاعف بسبب ‌شرف ‌الزمان، أو شرف المكان، أو شرف الفاعل، فالسيئة أعظم تحريمًا عند الله في الأشهر الحرم، وفي رمضان، وفي عشر ذي الحجة؛ لشرفها عند الله، والخطيئة في الحرم؛ أي: في المسجد الحرام يخطئ المسلم خطيئة أعظم لشرف المكان، قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 52):

 

[تَضَاعُفُ مَقَادِيرِ السَّيِّئَاتِ فِيهِ لَا كَمِّيَّاتِهَا = المقدار وليس الكمية والعدد يتضاعف المقدار = فَإِنَّ السَّيِّئَةَ جَزَاؤُهَا سَيِّئَةٌ = كما قال الله عز وجل = لَكِنْ سَيِّئَةٌ كَبِيرَةٌ جَزَاؤُهَا مِثْلُهَا = يكون كبير ليس في العدد وإنما في القدر = وَصَغِيرَةٌ جَزَاؤُهَا مِثْلُهَا، فَالسَّيِّئَةُ فِي حَرَمِ اللَّهِ وَبَلَدِهِ وَعَلَى بِسَاطِهِ، آكَدُ وَأَعْظَمُ مِنْهَا فِي طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِ الْأَرْضِ، وَلِهَذَا لَيْسَ مَنْ عَصَى الْمَلِكَ عَلَى بِسَاطِ مُلْكِهِ؛ كَمَنْ عَصَاهُ فِي الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ مِنْ دَارِهِ وَبِسَاطِهِ ...]؛ اهـ.

 

والسيئة من بعضِ عبادِ الله أعظم، لشرفِ فاعلها، وقوةِ معرفته بالله، وقربه منه سبحانه وتعالى، لذلك يعذب العلماء الذين لا يعملون بعلمهم يوم القيامة قبل غيرهم، العالم الذي لا يعمل بعلمه يعذب قبل غيره، حتى قبل عابد الوثن يا عباد الله، يعذب تندلق أمعاؤه في جهنم، ويدور حوله ويسأله الناس أهل النار ما الذي جاء بك ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر، فيقول: نعم كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه، فقد قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلاَنُ مَا شَأْنُكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ المُنْكَرِ؟ قَالَ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الـمُنْكَرِ وَآتِيهِ"، (خ) (3267). نسأل الله السلامة، كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين.

 

ومن السيئات القبيحات؛ الظلم الواقع بين أفرادِ الأسرة الواحد، كظلمِ الأزواجِ للزوجات، أو الزوجاتِ للأزواج، وظلمِ الآباءِ للأولاد، وظلمِ الأولادِ للوالدين، أو ظلمِ الجيرانِ لبعضهم، أو ظلم أولياءِ الأمور لشعوبهم، أو ظلمِ الشعوبِ لأولياءِ أمورهم، فلنجتنبْ كلَّ الذنوبِ والخطايا والسيئات، ولنتبْ إلى الله توبةً نصوحًا، ولنعدْ إلى العدلِ والإنصافِ فيما بيننا، ولتَسُدِ المحبةُ والمودَّةً في قلوبنا، وليرحمْ كبيرُنا صغيرَنا، وليوقِّرْ صغيرُنا كبيرَنا، ولنُقبلْ على الله بالطاعات والإحسان والخيرات، اقتداءً بنبي الله الذي صلى عليه الله في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ (الأحزاب: 56).

 

اللهم صلِّ وسلِّمْ وباركْ على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

اللهم ارضَ عن الخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وسائر الصحابة أجمعين، وارض عنا معهم بمنِّك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

 

اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافَنا في أمرنا، وثبِّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.

 

اللهم وحِّد صفوفنا، اللهم ألِّف بين قلوبنا، وأزِل الغلَّ والحقد والحسد والبغضاء من صدورنا، وانصُرنا على عدوك وعدونا برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم حَرِّر الأقصى من براثن اليهود المغتصبين، الضالين المضلين الظالمين، الذين ينتهكون الحرمات، وينتهكون الأعراض للأبرياء والمساكين، اللهم أرنا فيهم يومًا يفرح فيه المؤمنون بنصرك يا رب العالمين.

 

اللهم أرنا فيهم وفي أعدائك يومًا يفرح فيه المؤمنون بنصرك يا رب العالمين.

 

اللهم كنْ معنا ولا تكن علينا، أيِّدنا ولا تخذلنا، برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ (العنكبوت: 45).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة المسجد النبوي 3/6/1432هـ - فضائل الأعمال الصالحة
  • خطبة المسجد النبوي 26/9/1432 هـ - نعيم رمضان ولذة الأعمال الصالحة
  • خطبة المسجد النبوي 25/3/1433 هـ - أعمال يسيرة بأجور كبيرة

مختارات من الشبكة

  • نيات خالصات بلا أعمال خير من أعمال بلا نيات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال العمرة وأعمال الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ميزان أعمال العباد يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال ادخر الله ثوابها عن عباده ولم يبده لهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السرية في العمل(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • مواقيت رفع أعمال العباد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال عشرة يجري ثوابها على العبد بعد موته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العمل الصالح وثمراته في الدنيا والآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القلب والجوارح .. علاقة متبادلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال العشر الأواخر من رمضان وأسرار الاعتكاف (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب