• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / العيد سنن وآداب / خطب
علامة باركود

خطبة عيد الأضحى المبارك

خطبة عيد الأضحى المبارك
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/7/2021 ميلادي - 8/12/1442 هجري

الزيارات: 20734

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عيد الأضحى المبارك

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.


الله أكبر ما حجَّ المسلمون بيت الله الحرام، تلبية لنداء إبراهيم: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا ﴾ [الحج:27].


يقولون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.


الله أكبر ما طافوا وسعوا وشربوا من ماء زمزم المطهر.


الله أكبر ما هامت بهم مطايا الأشواق إلى عرفات.


الله أكبر ما ابتُهلوا فيه إلى الله وغفرت لهم جميع السيئات.


الله أكبر ما وقفوا بالمشعر الحرام شاكرين الله على ما هداهم إلى معالم السعادات.


الله أكبر ما وصلوا إلى منى ونحروا هداياهم وحلق كل أو قصَّر.


الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.


عباد الله، قد أظلنا أشرف أيام العام عند الله عز وجل، ألا وهو يوم الأضحية، يوم العج والثج، يوم النحر، يوم يصبح فيه الحجيج مغفورًا له، يوم الحج الأكبر.


عباد الله، في مثل هذا اليوم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في منى في حجة الوداع، فقال: «ألا تدرون أي يوم هذا، قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: أليس بيوم النحر، ثم قال: أي بلد هذا، أليست بالبلدة الحرام، ثم قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلَّغت، فقالوا: نعم، قال: اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، ثم قال: لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض»، الله أكبر.


عباد الله، ها نحن اليوم نستمع إلى كلمات نبينا عليه الصلاة والسلام، كما استمع إليها ذلك الحشد المبارك من الذين حضروا معه في حجة الوداع، فقد بلَّغ الشاهد، واستمع الغائب، وتناقلت القرون هذا التوجيه النبوي الداعي إلى حفظ الدماء والأموال والأعراض، ليعيش الناس في أمن واستقرار، وذاك هدف بارز من أهداف الإسلام.


وفي يوم عرفة وقف رسول الحق في صعيد عرفات ليُعلن في الناس حقوقهم، ففي يوم الجمعة تاسع ذي الحجة عام عشرة خطب النبي بعرفات خطبة أعلن فيها عن الحقوق التي أقرَّها الإسلام لكل أحد.


أعلن الحقوق الأساسية التي لا تتحقق كرامة الإنسان إلا باحترامها، في مقدمتها حق الحياة، فقال صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم إلى أن تلقوا ربكم».


إن شريعة الإسلام عنيت عناية كبرى بالحفاظ على النفس، فليس للإنسان أن يعتدي على أية نفس بإزهاق روحها أو ربما دون ذلك، من الأضرار، وأعلن الكتاب الحكيم: ﴿ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة:32]، فقتل النفس الإنسانية، وانتهاك حق فرد واحد انتهاك لحق الجميع.


الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.


ومن حق الإنسان ألا يُعتدى على ماله، ولقد شدد الشرع على حفظ حق صاحب المال، فلا يُؤخذ مال أحد إلا بطيب خاطر منه، ولصاحب المال أن يُقاتل دفاعًا عن ماله، قال عليه الصلاة والسلام: «من قُتل دون ماله فهو شهيد».


ولعن الله كل من أخذ مالًا بغير حق، قال عليه الصلاة والسلام: «لعنة الله على الراشي والمرتشي»، وقال صلى الله عليه وسلم: «لعن الله السارق..»، وقال صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من غير منار الأرض».


وذلك باغتصابها، إن دين الله بهذا الموقف يعمل على محاربة الظلم المتمثل في أخذ أموال الناس بالباطل؛ ليظل المال الذي هو في الواقع مال الله محفوظًا نافعًا.


وفي خُطبة عرفات بين النبي صلى الله عليه وسلم حق النساء، ونادى وقال: «اتقوا الله في النساء» فنبَّه إلى خطورة امتهان النساء واحتقارهنَّ ومنعهنَّ من حقوقهنَّ.


وفي خُطبة عرفات أعلن النبي صلى الله عليه وسلم هذا القرار: «وإن كل رِبًا موضوع ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تَظلمون ولا تُظلمون قضى الله أنه لا رِبا»، وفي ذاك اليوم والنبي صلى الله عليه وسلم يودِّع الدنيا، يعلن قرار الإسلام بمنع الربا، ويؤكد حرمته، ويصدر قرارًا عمليًّا بإسقاط رِبا عمه العباس، ويقول: «وأول ربا أضع ربا العباس بن عبدالمطلب»، وهو بذلك يعطي المثال لعدالة الإسلام التي لا تفرِّق بين طبقة وأخرى في الأحكام، كما أنها لا تسمح للأغنياء، باستغلال حاجة الفقراء، والربا استغلال فظيع لذلك جاء القرآن بأعظم تهديد لمن تعامل بالربا، فقال: ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾[البقرة:279]؛ أي: فإن لم تنتهوا عن التعامل بالربا، فأنتم في حرب مع الله ورسوله والحرب لا تكون إلا بين الأعداء.


الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.


وفي هذه الخطبة الجامعة أوصى الرسول أمته بالسمع والطاعة لمن ولاه الله أمرها ما دام عاملًا بكتاب الله وسنة رسوله، فقال صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس، اسمعوا وأطيعوا وإن أُمِّر عليكم عبدٌ حبشي مجدع، ما أقام فيكم كتاب الله تعالى»، ولقد ذكَّر الناس أن كتاب الله هو العاصم من كل هلاك والأمان من كل ضلال، فقال صلى الله عليه وسلم: «وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله وسنة رسوله»، فإذا نبذ الناس كتاب ربهم، وخالفوا شرع خالقهم حل بهم الهلاك والدمار والفساد.


وهذا النبي صلى الله عليه وسلم الحبيب الرؤوف الرحيم يحب لأمته الخير كله، والسعادة في الدنيا والآخرة لذلك حذَّرها - وهو يودعها في خُطبة الوداع - من أن يصل بها الفساد إلى أن تتقاتل فيما بينها، كما تقاتل عدوَّها، فقال: «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقابَ بعض»، فحق المسلم على المسلم أن ينصره ويعينه لا أن يقاتله، فماذا يكون يوم الحساب جواب من سفَك دمًا بغير حق ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم يقول: «لقتل المؤمن أعظمُ عند الله من زوال الدنيا»؛ [رواه النسائي (7/ 83) في تحريم الدم، باب تعظيم الدم، وهو في صحيح الجامع (4361)].


قال ابن العربي: «ثبت النهي عن قتل البهيمة بغير حق، والوعيد في ذلك، فكيف بقتل الآدمي، فكيف بالمسلم، فكيف بالتقي الصالح»، وما جواب من حمل السلاح لتخويف الآمنين ونشر الرعب بين المسلمين، ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم يقول: «من حمل علينا السلاح، فليس منا»، إن نبي الله بريءٌ من المفسدين الظالمين الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.


معاشر المسلمين، ما أحوجنا اليوم إلى التذكير بأخلاق الإسلام، قال نبينا عليه الصلاة والسلام: «إن لكل دين خُلقًا، وخُلُق الإسلام الحياء»؛ [رواه مالك في الموطأ].


والحياء هو الذي يمنع المسلم من كل الرذائل ويدفعه إلى مكارم الأخلاق التي منها:

الصدق، قال صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة».


والمسلم المتخلق بأخلاق الإسلام يصون لسانه عن الكذب، والزور والفحش، واللعن والسباب، قال صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر».


الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.


عباد الله، راقبوا ربكم، احفظوا الله يحفظْكم، تعرفوا إلى الله في الرخاء يعرفكم في الشدة، صلوا خمسكم وصوموا شهركم، وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم.


حافظوا على مكارم الأخلاق، عفوا تعفَّ نساؤكم، غضوا أبصاركم واحفظوا فروجكم، إلا على أزواجكم ذلكم أزكى لكم، واحذروا قذف المحصنات الغافلات المؤمنات: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُواْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور:23].

 

بِروا آباءكم وصِلوا أرحامكم، وأحسنوا تربية أولادكم، واعرفوا حق إخوانكم، اعرفوا حق إخوانكم المسلمين، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ولا يخونه، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.


الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.


اللهم إنا نسألك التوفيق والسداد، ونسألك الهدى والتقى والغنى والعفاف، اللهم أصلح شأن المسلمين، اللهم أصلح شأن المسلمين، واهدهم سُبل السلام، وأخرِجهم من الظلمات إلى النور، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه وعلى آله وأصحابه وجميع إخوانه، أما بعد:

فأيها المسلمون، لقد ورد الفضل العظيم والثواب الجزيل لمن أحيا شعيرة الأضاحي، في الحديث قال صلى الله عليه وسلم: «ما عمل ابن آدم يوم النحر عملًا أحب إلى الله من إراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بأظلافها وقرونها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله بمكانٍ قبل أن يقع على الأرض، وإن للمضحي بكل شعرة حسنة، وبكل صوفة حسنة، فأطيبوا بها نفسًا»؛ [رواه أحمد والترمذي وابن ماجه].


عباد الله، اعلموا أنه لا سعادة لكم، ولا عزة ولا رفعة، ولا شرف، إلا في العمل بدين الله عز وجل، والخضوع لشرعه؛ قال تعالى: ﴿ لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء:10]، فشرفكم وعزتكم في العمل بآيات الله، والخضوع لشرعه، فشرع الله عز وجل هو الروح، فلا حياة بدونه، وهو النور فلا هداية في غير سبيله.


قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى:52].


وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال:24].


وقال تعالى: ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ﴾ [الأنعام: 122].


ومهما اكتمل إيمان العبد بالله عز وجل، وتَمَّ انقياده لشرع الله عز وجل، تكتمل سعادته، ومهما نقص إيمانه نقصت سعادته.


قال أحد السلف: «لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من نعمة، لجالدونا عليها بالسيوف».


وقال شيخ الإسلام ابن تيميه: «إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لن يدخل جنة الآخرة».


فلا يُمكن أن يسعد العبد حتى يطيع أمر الله عز وجل، ومهما تمرَّد العبد على شرع الله فالتعاسة والشقاء، وفي أنفسنا شاهد على ذلك، فكلنا جرَّب الطاعة والمعصية، فكم أطعنا الله عز وجل، فوجدنا حلاوة في قلوبنا، وانشراحًا في صدورنا، وأُنسًا بالله عز وجل، وجمعية على الله عز وجل، وكم عصينا الله عز وجل، فوجدنا الضنك والشقاء، والهم والغم والحزن، إذا نظر العبد نظرة محرمة وجد غُبَّها، فكيف بمن يقارف الزنا والسرقة وشرب الخمر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق؛ قال تعالى: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى ﴾ [طه: 123]، ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا ﴾ [طه: 124]، لا يضل في الدنيا ولا في الآخرة، ولا يشقى في الدنيا ولا في الآخرة.


فلا سعادة للعباد ولا عز، ولا رفعة في الدنيا والآخرة، إلا في تعظيم شرع الله عز وجل، واتباع أمره.


انظروا عباد الله إلى أمة الإسلام عندما كانت مطيعة لربها، محكومة بشرع نبيها، كيف عاشت حميدة سعيدة مجيدة في الدنيا، مع ما ينتظرها من شرف الآخرة وسعادتها، وكيف كان الصحابة رضي الله عنهم ملوك الدنيا كما أنهم ملوك الآخرة، وقد قال الله عز وجل: ﴿ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج:40]، كان خالد بن الوليد يقول للروم: أيها الروم، انزلوا إلينا، فوالله لو كنتم معلقين بالسحاب، لرفعنا الله إليكم، أو لأنزلكم إلينا.


أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها»، قالوا: من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: «بل أنتم كثير، ولكنكم غُثاء كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من صدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوهن»، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: «حب الدنيا وكراهية الموت»؛ [أخرجه أبو داود وأحمد من حديث ثوبان، وصححه الألباني].


الصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يعرفون الوهن، كانوا يعرفون العزة والكرامة، كانوا يعرفون طريق الجنة والشهادة في سبيل الله عز وجل، فسألوا: وما الوهن؟ من أجل أن نستفيد نحن، هل تعرفون عباد الله عبدالله بن حذافة السهمي؟


وجه عمر بن الخطاب جيشًا إلى الروم، وفيهم رجل يقال له عبدالله بن حذافة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فأسره الروم، فذهبوا به إلى مَلكِهم، فقالوا له: إن هذا من أصحاب محمد فقال له الطاغية: هل لك أن تتنصَّر وأشركك في ملكي وسلطاني؟


فقال له عبدالله، لو أعطيتني ما تملِك، وجميع ما ملكته العرب على أن أرجع عن دين محمد طرفة عين ما فعلت، قال: إذًا أقتلك قال: أنت وذاك، فأمر به فصلب، وقال للرماة: ارموه قريبًا من يديه، قريبًا من رجليه، وهو يعرض عليه وهو يأبى، ثم أمر به فأنزل، ثم دعا بقدر فصبّ فيه ماء حتى احترقت، ثم دعا بأسيرين من المسلمين، فأمر بأحدهما، فأُلقي فيها وهو يعرض عليه النصرانية وهو يأبى، ثم أمر به أن يلقى فيها، فلما ذهب به بكى، فقيل له: إنه قد بكى فظن أنه جزع، فقال: ردوه فعرض عليه النصرانية فأبى، فقال: ما أبكاك إذًا؟ قال: أبكاني أني قلت في نفسي تُلْقَى في هذه القدر فتذهب، فكنت أشتهي أن يكون بعدد كل شعرة في جسدي نفس تموت في سبيل الله، قال له الطاغية: هل لك أن تقبِّل رأسي وأُخلي عنك؟ قال له عبدالله: وعن جميع أسرى المسلمين، قال: وعن جميع أسرى المسلمين، قال عبدالله: فقلت في نفسي: عدو من أعداء الله أقبل رأسه يخلي عني وعن أسارى المسلمين، لا أبالي، فدنا منه فقبل رأسه، فدفع له الأسارى، فقدم بهم على عمر فأخبره بخبره، فقال عمر: حق على كل مسلم أن يقبل رأس عبدالله بن حذافة، وأنا أبدأ فقام فقبَّل رأسه.


إنهم تلامذة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين رباهم على البذل والتضحية والفداء حتى صاروا قِممًا شامخة في سماء المجد والرفعة، فتحوا البلاد وقلوب العباد بالإسلام، ولا يمكن أن تعود الأمة إلى سالف عزها ومجدها إلا بالبذل والتضحية، وقد قال إمام دار الهجرة رحمه الله: لا يصلح أمر آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أمر أولِها، وصلح أمر أولها بالعقيدة الصحيحة، والفهم الصحيح للكتاب والسنة، وصلح أمر أولها بقيام الليل وصيام النهار، وصلح أمر أولها بالدعوة إلى الله عز وجل، وصلح أمر أولها بالبذل والتضحية.


اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين.


اللهم اشف مرضانا وارحَم موتانا، وعليك بمن عادانا، بلِّغنا بما يرضيك آمالنا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، واحشُرنا يوم القيامة في زُمرة نبيِّنا، وتحت لواء حبيبنا، واسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة مريئة أبدًا، آمين.


ألا وصلُّوا على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم كما أمركم ربكم؛ حيث قال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


اللهم صلِّ وسلم وبارك على رسولك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة عيد الأضحى لعام 1431هـ (4)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1436هـ
  • خطبة عيد الأضحى: الثقة بالله في حياة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام
  • خطبة عيد الأضحى 1438هـ: عيدان في يوم واحد
  • خطبة عيد الأضحى عام 1438هـ (وحدة العيد)
  • خطبة عيد الأضحى 1442 هـ
  • خطبة عيد الأضحى المبارك (ذو الحجة 1442هـ)
  • خطبة عيد الأضحى وبيان لفضل وأحكام أيام التشريق ومختصر أحكام الأضاحي

مختارات من الشبكة

  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1438 (الفرحة بالعيد لا تنسينا يوم الوعيد)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر المبارك 1446 هـ الأعياد بين الأفراح والأحزان(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • بالطاعات تكتمل بهجة الأعياد (خطبة عيد الفطر المبارك 1442 هـ)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فرحة العيد - خطبة عيد الفطر المبارك 1439 هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر المبارك: افرحوا بعيدكم نكاية بأعدائكم(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الفطر المبارك 1435 هــ ( عيد ميلاد وبناء )(مقالة - ملفات خاصة)
  • عيد الأضحى فداء وفرحة (خطبة عيد الأضحى المبارك)(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1445هجرية (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك 1445هـ(مقالة - ملفات خاصة)
  • خطبة عيد الأضحى المبارك ﴿وكان أمر الله قدرا مقدورا﴾(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب