• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / ملف الحج / خطب الحج
علامة باركود

وليال عشر (خطبة)

وليال عشر (خطبة)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/7/2020 ميلادي - 25/11/1441 هجري

الزيارات: 41127

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ، الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ؛ امْتَنَّ عَلَى عِبَادِهِ بِمَوَاسِمِ الْخَيْرَاتِ، فَشَرَعَ لَهُمْ فِيهَا الْعِبَادَاتِ، وَفَتَحَ لَهُمْ أَبْوَابَ الطَّاعَاتِ، فَمُشَمِّرٌ سَابِقٌ، وَمُقْتَصِدٌ مُقَصِّرٌ، وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُفَرِّطٌ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، مَا عُبِدَ بِشَيْءٍ أَحْسَنَ مِنْ شَرْعِهِ، وَمَا تَقَبَّلَ إِلَّا مِمَّنْ أَخْلَصَ فِي نِيَّتِهِ ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [الْبَيِّنَةِ: 5]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ عَزَّ عَلَيْهِ عَنَتُ أُمَّتِهِ وَمَشَقَّتُهَا، فَتَرَكَ بَعْضَ الْعَمَلِ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهَا، وَدَلَّهَا عَلَى سُبُلِ نَجَاتِهَا وَفَوْزِهَا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ فَإِنَّكُمْ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَأَشْهُرِ الْحَجِّ، وَعَنْ قَرِيبٍ تَدْخُلُ عَلَيْكُمْ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ، وَهِيَ الَّتِي أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا، وَفَضَّلَهَا عَلَى سِوَاهَا ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ ﴾ [الْفَجْرِ: 1 - 3]، جَاءَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْعَشْرَ عَشْرُ الْأَضْحَى، وَالْوَتْرَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّفْعَ يَوْمُ النَّحْرِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: حِينَ يُفَضِّلُ اللَّهُ تَعَالَى زَمَنًا مِنَ الْأَزْمِنَةِ فَيَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ يُفَضِّلُوهُ وَيُعَظِّمُوهُ؛ فَإِنَّ تَعْظِيمَ الْأَزْمِنَةِ الْفَاضِلَةِ مِنْ تَعْظِيمِ شَعَائِرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى التَّقْوَى ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الْحَجِّ: 32].

 

وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ زَمَنٌ عَظِيمٌ، اجْتَمَعَ فِيهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ فِي غَيْرِهَا؛ كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ، إِضَافَةً إِلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْأُخْرَى؛ مِنْ نَوَافِلِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَالذِّكْرِ وَالتَّكْبِيرِ، وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ، وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ، وَإِطْعَامِ الطَّعَامِ، وَسَقْيِ الْمَاءِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا؛ فَإِنَّهَا فِي هَذَا الزَّمَنِ الْعَظِيمِ أَفْضَلُ مِنْ مِثْلِهَا فِي غَيْرِهِ؛ لِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ أَفْضَلَ مِنَ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ، قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ -يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ- قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ». وَفِي رِوَايَةِ الدَّارِمِيِّ: «مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى...». فَكُلُّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ تَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ الَّتِي أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا فِي الْقُرْآنِ.

 

قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ: «وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذَا دَخَلَ أَيَّامُ الْعَشْرِ اجْتَهَدَ اجْتِهَادًا شَدِيدًا حَتَّى مَا يَكَادُ يُقْدَرُ عَلَيْهِ».

 

وَمِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي الْعَشْرِ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا؛ فَإِنَّ الْحَجَّ رُكْنُ الْإِسْلَامِ الْخَامِسُ، وَالْعُمْرَةُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَمِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي الْعَشْرِ: صِيَامُ تِسْعِ ذِي الْحِجَّةِ؛ فَإِنَّ الصِّيَامَ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَيُشْرَعُ تَخْصِيصُ الْعَشْرِ بِهِ؛ لِفَضِيلَةِ الْعَمَلِ فِيهَا، وَلَا سِيَّمَا صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ لِغَيْرِ الْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ؛ لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «... صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ...» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي الْعَشْرِ: كَثْرَةُ الذِّكْرِ، وَلَا سِيَّمَا التَّكْبِيرُ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الْحَجِّ: 27]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَيَّامُ الْعَشْرِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا مَجْزُومًا بِهِ. وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: «يَعْنِي: عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. قِيلَ لَهَا: ﴿ مَعْلُومَاتٍ ﴾ لِلْحِرْصِ عَلَى عِلْمِهَا بِحِسَابِهَا مِنْ أَجْلِ وَقْتِ الْحَجِّ فِي آخِرِهَا». وَدَلَّتِ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ عَلَى الذِّكْرِ فِيهَا كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ، وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُرَطِّبَ لِسَانَهُ فِي الْعَشْرِ بِالذِّكْرِ تَهْلِيلًا وَتَكْبِيرًا وَتَحْمِيدًا، «وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ: يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا مَجْزُومًا بِهِ.

 

وَمِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي الْعَشْرِ: كَثْرَةُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ الذِّكْرِ، وَقَدْ أُمِرَ بِالذِّكْرِ فِي الْعَشْرِ؛ وَلِأَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ مِنْ أَعْظَمِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلَامٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. فَيَا لَهُ مِنْ فَضْلٍ عَظِيمٍ وَثَوَابٍ كَبِيرٍ فِي أَيَّامٍ مُفَضَّلَةٍ لِمَنْ عَمَرَهَا بِالذِّكْرِ وَالْقُرْآنِ.

 

وَمِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي الْعَشْرِ: تَخْصِيصُ لَيَالِيهَا بِالْقِيَامِ، وَمَنْ كَانَ قِيَامُ اللَّيْلِ دَأْبَهُ فَلْيَزِدْهُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ؛ لِفَضْلِ الْعَمَلِ فِيهَا؛ فَإِنَّ فَضِيلَةَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ تَتَنَاوَلُ لَيَالِيَ الْعَشْرِ كَمَا تَتَنَاوَلُ نَهَارَهَا، وَقَدْ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ بِسَنَدِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: «لَا تُطْفِئُوا سُرُجَكُمْ لَيَالِيَ الْعَشْرِ»، تُعْجِبُهُ الْعِبَادَةُ وَيَقُولُ: «أَيْقِظُوا خَدَمَكُمْ يَتَسَحَّرُونَ لِصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ».

 

وَمِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي الْعَشْرِ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَسَقْيُ الْمَاءِ، وَالصَّدَقَةُ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ، وَلَا سِيَّمَا فِي هَذَا الْحَرِّ الشَّدِيدِ، وَلِحَاجَةِ الْفُقَرَاءِ وَالْمُعْدَمِينَ ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 274]. وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ»، فَكَيْفَ إِذَا كَانَتِ الصَّدَقَةُ فِي أَفْضَلِ أَيَّامِ الْعَامِ؟!

 

فَلْنُحْسِنْ -عِبَادَ اللَّهِ- اسْتِقْبَالَ هَذِهِ الْعَشْرِ الْمُبَارَكَةِ، وَلْنَقْضِهَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ فَإِنَّهَا مَوْسِمٌ عَظِيمٌ، وَالرِّبْحُ فِيهَا كَبِيرٌ ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 97].

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 223].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ خَصَائِصِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي يَوْمِ النَّحْرِ بِالْأَضَاحِي، وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا، فَعَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَرْشَدَ أُمَّتَهُ إِلَيْهَا؛ فَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ، فَقَالَ لَهَا: يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ، ثُمَّ قَالَ: اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ، فَفَعَلَتْ: ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَمَنْ نَوَى الْأُضْحِيَّةَ فَلَا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ فِي الْعَشْرِ حَتَّى تُذْبَحَ أُضْحِيَّتُهُ؛ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أَهَلَّ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَلْنَحْرِصْ -عِبَادَ اللَّهِ- عَلَى اغْتِنَامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ؛ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ، وَمَنْ حُرِمَ الْحَجَّ وَنَفْسُهُ تَتُوقُ إِلَيْهِ فَلْيُبَرْهِنْ عَلَى ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ الْمُبَارَكَةِ؛ فَإِنَّهَا مَيْدَانٌ كَبِيرٌ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴾ [الْحَجِّ: 23].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأعمال الصالحة وعشر ذي الحجة
  • أفضل أيام الدنيا: عشر ذي الحجة
  • استقبال العشر (خطبة)
  • العشر المباركات
  • فضل عشر ذي الحجة
  • النصائح العشر لليالي العشر
  • خطبة: {وليال عشر}

مختارات من الشبكة

  • وقفات تربوية مع شورة قريش (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: علموا أولادكم كيف نتعامل مع المعلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خدعوك فقالوا: قرآنيون! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب المساجد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: كيف يوفق الشباب إلى البركة وحسن العمل؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفتح المبين من درر اليقين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القمة... واعتصموا بحبل الله جميعا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالرسل وثمراته (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فتنة المال وأسباب الكسب الحرام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحلال بركة والحرام هلكة (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/4/1447هـ - الساعة: 10:42
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب