• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
شبكة الألوكة / ملفات خاصة / رمضان / دروس رمضانية
علامة باركود

قيم بدرية (درس رمضاني)

قيم بدرية (درس رمضاني)
الشيخ أحمد علوان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/6/2016 ميلادي - 16/9/1437 هجري

الزيارات: 15443

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قِيَم بَدْريَّة

(من دروس رمضان وأحكام الصيام)

للأئمة والدعاة


الحمد لله، يسَّر للمؤمنين سبل طاعته، وأعان على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اجتباه مِن رسله واصطفاه لرسالته، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وذريته، والتابعين لهم بإحسان ومَن سار على نهجه وطريقته، أما بعد:

فإننا ما زلنا نعيش مع غزوة بدر، وتعالوا لنأخذ من غزوة بدر بعض القيم النبوية الجميلة، التي يجب أن يتعلم منها العدو قبل الصديق، والبعيد قبل القريب؛ ليقف الأعداء على أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحروب، وليتعلم القادة والزعماء أخلاق القيادة في الإسلام، ومِن ذلك:

القيمة الأولى: مشاركة القائد جنوده:

عندما يشارك القائد جنوده يتغير الحال تمامًا، فيدفع الجنود إلى مضاعفة الجهد، ويحفزهم للبلاء الحسَن في الحرب قبل السلم، وهذه صفات القائد الصالح في كل عصر ومصرٍ، وبرزت تلك الأخلاق من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ جاء عن ابن مسعودٍ قال: كنا يوم بدرٍ كل ثلاثةٍ على بعيرٍ، وكان أبو لبابة وعليٌّ زميلَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا كانت عُقْبةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالا: اركب حتى نمشي عنك، فيقول: ((ما أنتما بأقوى مني على المشي، وما أنا بأغنى عن الأجر منكما))[1].

 

القيمة الثانية: تقدير رأي الجنود:

اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعركة بدر مكانًا نزل عنده، ثم كان لأحد الصحابة - وهو الحباب بن المنذر - رأيٌ غيرُ الذي اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أشار به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدر رأيه واحترم وجهة نظره، تروي كتب السير أنه صلى الله عليه وسلم: لما خرج يبادر المشركين إلى الماء، حتى إذا جاء أدنى ماءٍ من بدرٍ نزل به، قال الحباب بن المنذر بن الجموح: يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل، أمنزلًا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: ((بل هو الرأي والحرب والمكيدة))، فقال: يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماءٍ من القوم، فننزله، ثم نغور ما وراءه مِن القُلُبِ، ثم نبني عليه حوضًا فنملؤه ماءً، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد أشرتَ بالرأي))، فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الناس، فسار حتى إذا أتى أدنى ماءٍ من القوم نزل عليه، ثم أمر بالقُلُبِ فغُوِّرت، وبنى حوضًا على القَليب الذي نزل عليه فمُلئ ماءً، ثم قذفوا فيه الآنية"[2].

 

فمِن كمال القيادة، وتمام الريادة: أن يأخذ القائد برأي الجندي، إن كان صاحب خبرة، وذا رأي، وألا يحقر آراء الجنود؛ فقد يأتي الخير من الغير.

 

القيمة الثالثة: العدل بين القائد وجنوده:

إن القائد الصالح، والمدير الناجح، هو الذي لا يرى نفسَه فوق الناس، فيظلم هذا، أو يجور على فلان، وإنما يعدل، وإن كان الحق عليه؛ فأبو بكر رضي الله عنه أول ما تولى الخلافة، نادى في الناس: إني وليت عليكم، ولست بخيركم، ولا شك فإن أبا بكر تعلَّم مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا موقف له صلى الله عليه وسلم في العدل بينه وبين جنوده، يضرب به المثل؛ فقد ورد: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدَّل صفوف أصحابه يوم بدرٍ، وفي يده قِدحٌ يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزية، حليف بني عدي بن النجار، فطعن في بطنه بالقدح، وقال: ((استوِ يا سواد))، فقال: يا رسول الله، أوجعتَني، وقد بعثك الله بالحق والعدل، قال: فأقِدْني، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه، وقال: ((استقِدْ))، قال: فاعتنقه فقبَّل بطنه، فقال: ((ما حملك على هذا يا سواد؟))، قال: يا رسول الله، حضَر ما ترى، فأردتُ أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير"[3].

 

القيمة الرابعة: عدم الاستعانة بمشرِكٍ على مشرك:

إنها أخلاق الإسلام، وتعاليم سيد الأنام صلى الله عليه وسلم، وترسيخ لأخلاقيات الحروب، وإبراز للحروب الشريفة، التي لن تجدها إلا في الإسلام؛ جاء عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى بدرٍ، فتبعه رجلٌ من المشركين، فلحقه عند الجمرة، فقال: إني أردت أن أتبعك وأصيب معك، قال: ((تؤمن بالله عز وجل ورسوله؟))، قال: لا، قال: ((ارجِعْ؛ فلن نستعين بمشركٍ))، قال: ثم لحقه عند الشجرة، ففرح بذاك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان له قوةٌ وجَلَدٌ، فقال: جئت لأتبعك وأصيب معك،قال: ((تؤمن بالله ورسوله؟))، قال: لا، قال: ((ارجع؛ فلن أستعين بمشركٍ))، قال: ثم لحقه حين ظهَر على البيداء، فقال له مثل ذلك، قال: ((تؤمن بالله ورسوله؟))، قال: نعم، قال: فخرج به"[4].

 

القيمة الخامسة: احترام الأسرى وإكرامُهم:

لما أكرم الله المسلمين بالنصر في معركة بدر، وأصابوا من المشركين سبعين أسيرًا، وقتلوا منهم سبعين رجلًا، تأتي قيمة جمالية أخرى من القيم النبوية في الحروب، وهي تكريم الأسير، والإحسان إليه، والتوصية به، قال ابن إسحاق: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل بالأسارى، فرَّقهم بين أصحابه، وقال: ((استوصوا بالأسارى خيرًا))...وكان أبو عزيز بن عمير بن هاشمٍ، أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه في الأسارى... فقال أبو عزيزٍ: مرَّ بي أخي مصعب بن عمير ورجلٌ من الأنصار يأسرني، فقال: شُدَّ يديك به؛ فإن أمَه ذات متاعٍ؛ لعلها تفديه منك، قال: وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدرٍ، فكانوا إذا قدموا غَداءهم وعَشاءهم خصوني بالخبز، وأكلوا التمر؛ لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا، ما تقع في يد رجلٍ منهم كسرة خبزٍ إلا نفحني بها، قال: فأستحيي فأردها على أحدهم، فيردها عليَّ ما يمسها"[5]، وهذا الموقف يذكرنا بقول الله: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [الإنسان: 8].

 

ومِن التكريم للأسير: عدم التمثيل به؛ فقد ورد أن سهيل بن عمرو لما أُسِر قال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، انزع ثنيَّتيه، يدلع لسانه؛ فلا يقوم عليك خطيبًا أبدًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا أُمثِّلُ به، فيمثِّلَ اللهُ بي، وإن كنتُ نبيًّا))[6].

 

القيمة السادسة: الاعتراف بالجميل لبعض المشركين:

أوصى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بأبي البَخْتَرِيِّ، فقال: ((مَن لقي أبا البَخْتَرِيِّ، فلا يقتُلْه))، قالوا: وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتله؛ لأنه كان أكفَّ القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، كان لا يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يبلُغُه عنه شيءٌ يكرهه، وكان فيمن قام في نقض الصحيفة التي كتبت قريشٌ على بني هاشمٍ"[7].

 

عن جُبَير بن مطعِمٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أسارى بدرٍ: ((لو كان المُطعِمُ بنُ عدي حيًّا، ثم كلمني في هؤلاء النَتْنى، لتركتُهم له))[8].

 

والسبب: أنه لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من رحلة الطائف، دخَل مكة في جوار المطعم بن عدي، في وقت ازداد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم حنقًا وتكذيبًا، فلم ينسَ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الموقف للمطعِم، إنه الوفاء والاعتراف بالجميل من الحبيب النبيل صلى الله عليه وسلم، صاحب الغرة والتحجيل، المؤيد بجبريل، والمذكور في التوراة والإنجيل.

 

صدَق مَن قال:

شهِد الأنامُ بفضلِه حتَّى العِدَا ♦♦♦ والحقُّ ما شهِدَتْ به الأعداءُ

 

وصية عملية:

أحضِرْ كتابًا مِن كتب السيرة النبوية، واقرأ على أولادك ولو صفحة واحدة يوميًّا، أو مِن حين لحين، أو أحضر وسيلة عصرية؛ كالفيديوهات أو الرسوم المتحركة، التي تتناول حياة الرسول صلى الله عليه وسلم

♦♦♦


السؤال الثامن عشر: مَن هم الثلاثة الذين تخلَّفوا عن غزوة تبوك؟

الجواب: هم:

"كعب بن مالك، هلال بن أمية، مُرارة بنُ الرَّبيع".

♦♦♦


خاطرة (بعد الفجر): آداب الشرب:

إن الماء نعمةٌ لا تدانيها نعمة؛ فهو أساس الشرب، فكل مشروب يعتمد على الماء، بل إن الله خلَق كل شيء من ماء؛ قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ﴾ [النور: 45]، وتبلغ نسبته 70% من إجمالي مساحة الأرض، كما أن جسم الإنسان يحتوي على 70% من الماء، وبتوفُّره صار أرخص موجود، لكنه أغلى مفقود.

 

قالوا: إن الإنسان يستطيع أن يعيش أسابيع بدون طعام، لكنه لا يستطيع أن يعيش أسبوعًا واحدًا بدون ماء.

 

والشرب له آداب وأحكام، أذكرها في النقاط التالية:

1- اشرِبْ باليمين:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمُّن في طعامه وشرابه، وترجُّله وتنعُّله، بل في شأنه كله؛ عن عبدالله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه؛ فإن الشيطان يأكل بشِماله، ويشرب بشِماله))[9].

 

فوجب مخالفة الشيطان، وعدم الأكل أو الشرب بالشمال، بل إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دعا على رجل تكبَّر عن الأكل باليمين؛ عن سلمة بن الأكوع: أن رجلًا أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشِماله، فقال: ((كُلْ بيمينك))، قال: لا أستطيع، قال: ((لا استطعتَ))، ما منعه إلا الكِبْر، قال: فما رفعها إلى فيه[10].

 

وقد سبق بيان ذلك في آداب الطعام؛ فليحذر المخالفُ لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو المتعمد تركها، وإلا فربنا يتجاوز عن الخطأ والنسيان.

 

2- سَمِّ اللهَ:

فالتسمية قبل كل شيء، وقبل الشرب قل: (بسم الله)، فهي تجلب البركة، وتطرد الشيطان.

 

3- اشرَبْ قاعدًا:

من السنَّة أن تشرب قاعدًا، مع جواز الشرب قائمًا عند الحاجة، وإليك ما جاء من أحاديث، ثم ما توصل إليه العلماء؛ عن أنس وأبي سعيدٍ الخدري - رضي الله عنهما -: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب قائمًا)، وفي رواية لأبي سعيد: (زجَر عن الشرب قائمًا)[11].

 

عن ابن عباسٍ، قال: (سقيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مِن زمزمَ، فشرِبَ وهو قائمٌ)[12].

 

وعن النزال، قال: أتى عليٌّ رضي الله عنه على باب الرَّحَبة (فشرب قائمًا)، فقال: إن ناسًا يكره أحدهم أن يشرب وهو قائمٌ، وإني (رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فعل كما رأيتموني فعلتُ)[13].

 

فإذا كانت بعض الأحاديث تنهى عن الشُّرب قائمًا، وأخرى تبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم شرب قائمًا، فكيف نحُلُّ هذا الإشكال؟!

 

قال ابن القيم: "وكان أكثر شربه قاعدًا، بل زجر عن الشرب قائمًا، وشرب مرةً قائمًا، فقيل: هذا نسخٌ لنهيه، وقيل: بل فِعلُه لبيان جواز الأمرين، والذي يظهر فيه - والله أعلم - أنها واقعة عينٍ شرِب فيها قائمًا لعذرٍ، وسياق القصة يدل عليه؛ فإنه أتى زمزم وهم يستقون منها، فأخذ الدلو وشرب قائمًا.. والصحيح في هذه المسألة النهي عن الشرب قائمًا، وجوازه لعذرٍ يمنع مِن القعود، وبهذا تجمع أحاديث الباب، والله أعلم"[14].

 

أقول وبالله التوفيق: الأصل أن تشرب قاعدًا؛ فهو أكثرُ فِعله صلى الله عليه وسلم، مع جواز الشرب قائمًا لعذر.

 

4- اشرَبْ في ثلاث:

عن أنسٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشراب ثلاثًا، ويقول: ((إنه أَرْوى وأبرَأُ وأمرأ))، قال أنسٌ: (فأنا أتنفَّس في الشراب ثلاثًا)[15].

 

والمعنى هنا: (أروى): أكثر ريًّا، و(أبرأ): مِن ألم العطش الذي قد يحصل بالشرب مرة واحدة، و(أمرأ): أجمل انسياغًا؛ كما قال النوويُّ.

 

(يتنفس)؛ أي: يخرج نَفَسه، ويبعد الإناء عن فمه، ويتنفس خارجه ثلاثًا، ثم يعود للشراب.

 

5- لا تشرَبْ من فِي السقاء:

عن أبي هريرة رضي الله عنه: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يشرَبَ مِن فِي السقاء)[16].

 

السقاء: إناءٌ يوضَع فيه الماء، وله فمٌ يشرب منه، ومثله القِربة، ويشبههما: الزجاجة.

 

والنهي محمول على ما لو كان هناك مَن يشرب غيره، فلو كانت الزجاجة له خاصة، فلا نهيَ، فإذا وجد غيره ليشرب من الزجاجة، فينبغي ألا يشرب مِن فمها مباشرةً.

 

قال ابن القيم: وفي هذا آدابٌ عديدةٌ:

منها: أن تردُّد أنفاس الشارب فيه يكسبه زهومةً ورائحةً كريهةً يُعافُ لأجلها.

ومنها: أنه ربما غلب الداخل إلى جوفه من الماء، فتضرر به.

ومنها: أنه ربما كان فيه حيوانٌ لا يشعر به، فيؤذيه.

ومنها: أن الماء ربما كان فيه قذاةٌ أو غيرها لا يراها عند الشرب، فتلِج جوفه.

ومنها: أن الشرب كذلك يملأ البطن من الهواء، فيضيق عن أخذ حظه من الماء، أو يزاحمه، أو يؤذيه، ولغير ذلك من الحِكم.

 

6- لا تتنفَّس في الإناء:

عن أبي قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا شرب أحدكم، فلا يتنفَّس في الإناء...))[17]، وعن ابن عباس، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتنفس في الإناء، أو ينفخ فيه[18]، فلا تتنفَّسْ في الإناء، ولا تنفخ فيه.

 

والعلة في ذلك، يبينها العلماء، قال ابن حجر: "لأنه ربما حصل له تغيُّر من النَّفَس، إما لكون المتنفِّس كان متغيِّرَ الفم بمأكول مثلًا، أو لبُعد عهده بالسواك والمضمضة، أو لأن النفَس يصعَد ببخار المعدة، والنفخ في هذه الأحوال كلها أشدُّ مِن التنفُّس"[19].

 

وقال النووي: "والنهي عن التنفس في الإناء هو مِن طريق الأدب؛ مخافة من تقذيره ونتنه، وسقوط شيء مِن الفمِ والأنف فيه، ونحو ذلك"[20].

 

7- لا تشرَبْ في آنية الذهب والفضة:

نهانا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الشُّرب في آنية الذهب والفضة؛ عن حذيفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تلبَسوا الحرير والديباج؛ فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة))[21]، وتوعد مَن يشرب فيها بأن له نار جهنم؛ عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن شرب في إناءٍ من ذهبٍ أو فضةٍ، فإنما يُجرجِر في بطنه نارًا مِن جهنَّم))[22].

 

8- اقتصِدْ في شُربك:

أُمِرنا بالاقتصاد في شتى أمور حياتنا، وبعدم الإسراف في الطعام والشراب؛ قال تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31].

 

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن يشرب في مِعًى واحدٍ، والكافر يشرب في سبعة أمعاءٍ))[23].

 

9- احمَدِ اللهَ بعد الشراب:

أخبَرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن اللهَ يرضى عن الرجل يأكل أو يشرب، فيحمد الله بعد طعامه وشرابه، فيقول: (الحمد لله)؛ عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ليرضى عن العبد أن يأكلَ الأكلة فيحمَده عليها، أو يشرب الشَّربة فيحمَده عليها))[24].

 

عن أبي أيوب الأنصاري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل أو شرب قال: ((الحمد لله الذي أطعَم وسقَى، وسوَّغه وجعَل له مخرجًا))[25].

 

وإذا كان المشروب لبنًا، فليدعُ بهذا الدعاء، الذي جاء في الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((.... ومَن سقاه الله لبنًا، فليقل: اللهم بارك لنا فيه، وزدنا منه؛ فإني لا أعلم ما يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن))[26].

 

10- أعطِ الإناء لِمَن عن يمينك:

وهذا مِن قَبيل التيامن، وتقديم اليمين سنَّة، فلو كانوا مجموعة، فأتي لهم بماء ليشربوا، فالسنَّة أن يعطي الأيمنَ فالأيمن؛ فعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلبنٍ قد شِيبَ بماءٍ، وعن يمينه أعرابي، وعن شِماله أبو بكرٍ، فشرب ثم أعطى الأعرابي، وقال: ((الأيمن فالأيمن))[27].

 

وليستأذن مَن يجلس عن يمينه، إذا رغب أن يعطي غيره، هكذا يعلمنا نبينا صلى الله عليه وسلم؛ فقد جاء عن سهل بن سعدٍ الساعدي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشرابٍ، فشرب منه وعن يمينه غلامٌ، وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام: ((أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟))، فقال الغلام: لا والله يا رسول الله، لا أوثِر بنصيبي منك أحدًا، قال: فتَلَّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في يدِه[28].

 

11- اشرَبْ أخيرًا إن كنت ساقيًا:

وتلك سنَّة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو الذي قال: ((إن ساقيَ القوم آخرُهم شُربًا))[29].

 

12- لا تطرَحِ الشرابَ الذي وقع فيه الذباب:

فإذا وقع في الشراب ذبابة، أو بعوضة، فاغمسها في الإناء ثم انزعها؛ فقد يتقذر البعض من ذلك، على الرغم أنه فِعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ عن أبي هريرة، يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا وقع الذباب في شراب أحدكم، فليغمِسْه ثم لينزعه؛ فإن في إحدى جَناحيه داءً، والأخرى شفاءً))[30].

 

قد يتعجب البعض، بل وصل الأمر ببعضهم أنهم أنكروا هذا الحديث، فيقول: كيف تجمع الذبابة بين النقيضين - الداء والدواء -؟! نقول: أليست النحلة تعطي العسل وتلقي السم، ثم إن كان رسول الله قد قال، فقد صدق؛ فهو لا ينطق عن الهوى، وذكر الإمام ابن حجر في ذلك كلامًا للمتخصصين، فقال: "ذكر بعض حذاق الأطباء أن في الذباب قوة سمية يدل عليها الورم والحكة العارضة عن لسعه، وهي بمنزلة السلاح له، فإذا سقط الذباب فيما يؤذيه تلقاه بسلاحه، فأمر الشارع أن يقابل تلك السمية بما أودعه الله تعالى في الجناح الآخر من الشفاء، فتتقابل المادتان، فيزول الضرر بإذن الله تعالى"[31].

 

13- لا تترُكِ الإناء مكشوفًا:

هذه سنَّة قد يغفُلُ عنها بعض الناس، وهي أن يترك الإناء مكشوفًا؛ عن جابرٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((غطُّوا الإناء، وأَوْكُوا السقاء، وأغلقوا الباب، وأطفئوا السراج؛ فإن الشيطان لا يحُلُّ سقاءً، ولا يفتح بابًا، ولا يكشف إناءً، فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودًا، ويذكر اسم الله، فليفعل؛ فإن الفُوَيْسِقَةَ تُضرم على أهل البيت بيتهم))[32].

 

وعنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((غطوا الإناء، وأوكوا السقاء؛ فإن في السَّنة ليلةً ينزل فيها وباءٌ، لا يمر بإناءٍ ليس عليه غطاءٌ، أو سقاءٍ ليس عليه وكاءٌ، إلا نزل فيه مِن ذلك الوباء))[33].

 

هذه هي آداب الشرب، وهي ثلاثة عشر، جعلها ربي نافعةً لي ولسائر البشر.

♦♦♦


درس الفقه:

1- حُكم مَن ظن طلوع الفجر أو غروب الشمس:

يرى جمهور الفقهاء: أن مَن أكل أو شرب بعد الفجر، ظانًّا عدم طلوعه، أو أكل أو شرب قبل غروب الشمس ظانًّا غروبها، فلما سأل، تبين له أنه أخطأ - يجب عليه القضاء؛ فعن شُعَيب بن عمرو بن سليمٍ الأنصاري، قال: أفطرنا مع صهيبٍ الحبرِ، أنا وأبي في شهر رمضان في يوم غيمٍ وطَشٍّ، فبينا نحن نتعشى إذ طلَعَتِ الشمسُ، فقال صهيبٌ: "طُعمةُ الله، أتمُّوا صيامَكم إلى الليل، واقضُوا يومًا مكانه"[34].

 

وقال ابن قدامة: "وإن أكل يظن أن الفجر لم يطلع، وقد كان طلع، أو أفطر يظن أن الشمس قد غابت، ولم تغِبْ، فعليه القضاء، هذا قول أكثر أهل العلم مِن الفقهاء وغيرهم"[35].

 

2- حُكم تقبيل الزوجة في الصيام:

تقبيل الزوج لزوجته، لا حرج به ولا بأس، بشرط الحذر من الشهوة، والأمن من الإنزال، فإن كان يخشى على شهوته إن قبَّلها أن ينزل، فلا يُقبِّل، فإن أنزل وجب عليه القضاء.

 

أما إن كان مِن الذين يملِكون أنفسهم، ويتحكمون في شهوتهم، وإن قبَّلها لا يخشى شهوته فله أن يقبِّلَ، وقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد جاء عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (يقبِّل وهو صائمٌ، ويباشر وهو صائمٌ، ولكنه أملَكُكم لإِرْبِه)[36].

 

وعن أبي هريرة: أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم، فرخَّص له، وأتاه آخرُ فسأله، فنهاه، فإذا الذي رخَّص له شيخٌ، والذي نهاه شابٌّ[37].

 

3- حُكم بلع الريق والبلغم:

أولًا: بلع الريق: بلع الصائم للريق لا بأس به؛ فالفقهاء يعدونه مما لا يمكن الاحتراز منه، كغبار الطريق وشمِّ الروائح.

ثانيًا: بلع البلغم: إذا بلع الصائم البلغم، فصيامه صحيح، إلا إذا أخرجه مِن جوفه، ثم ابتلعه، فإنه يُفطر.

 

4- حُكم وضع قطرة العين في نهار رمضان:

"مذهب الإمام مالك: أن كل ما دخل من الفم ووصل إلى الحلق والجوف فإنه يُفطر، وعند أبي حنيفة كل ما وصل مِن شيء من الخارج إلى الجوف فهو مفسد للصوم، حتى الحصاة أو النواة أو التراب، ومثل ذلك لو وصل إلى جوف الرأس بالإقطار في الأذن، ومذهب الشافعي أن الداخل المقطر بالعين الواصلة من الظاهر إلى الباطن في منفذ إلى البطن لا يفطر"[38].

والله أعلم.

 

نصْبُ الخِيام في دُروسِ رَمَضَانَ وأَحْكَامِ الصِّيَام لفضيلة الشيخ: أحمد علوان، دار الصفوة بالقاهرة



[1] عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، لابن سيد الناس، (ج1، ص287)، تعليق: إبراهيم محمد رمضان، دار القلم - بيروت، ط1/ 1414 = 1993م.

[2] السيرة النبوية، لابن هشام، (ج1، ص620).

[3] المرجع السابق نفسه، (ج1، ص626).

[4] مسند أحمد (25158)، وقال الأرناؤوط: إسناده حسن.

[5] السيرة النبوية، لابن هشام، (ج1، ص645).

[6] مغازي الواقدي (ج1، ص107).

[7] أسد الغابة في معرفة الصحابة، لابن الأثير، (ج5، ص59)، تحقيق: علي محمد معوض، عادل أحمد عبدالموجود، دار الكتب العلمية، ط1/ 1415هـ = 1994 م.

[8] البخاري (4024).

[9] مسلم (2020).

[10] مسلم (2021).

[11] مسلم (2024)، و(2025).

[12] البخاري (1637)، مسلم (2027).

[13] البخاري (5615).

[14] زاد المعاد في هدي خير العباد، لابن القيم، (ج1، ص143، 144).

[15] مسلم (2028).

[16] البخاري (5628).

[17] البخاري (5630)، مسلم (267).

[18] أبو داود (3729)، والترمذي (1888)، وقال: حسن صحيح.

[19] فتح الباري (ج10، ص92).

[20] شرح النووي على مسلم (ج3، ص160).

[21] البخاري (5633).

[22] مسلم (2065).

[23] مسلم (2063).

[24] مسلم (2734).

[25] أبو داود (3851)، وصححه الأرناؤوط.

[26] أبو داود (3730)، والترمذي (3455)، وقال: حديث حسن.

[27] البخاري (5619)، مسلم (2029).

[28] البخاري (2451).

[29] مسلم (681).

[30] البخاري (3320).

[31] فتح الباري (ج10، ص252).

[32] مسلم (2012).

[33] مسلم (2014).

[34] السنن الكبرى، للبيهقي (8017).

[35] المغني، لابن قدامة (ج3، ص147).

[36] مسلم (1106).

[37] أبو داود (2387)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح.

[38] أحكام الصيام، ص89، 90.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المؤمن كالنحلة (درس رمضاني)
  • مع ذي القرنين (درس رمضاني)
  • العبادات تعلمنا النظام (درس رمضاني)
  • قانون النصر في غزوة بدر (درس رمضاني)
  • خلق التفاؤل (درس رمضاني)
  • مع فتح مكة (درس رمضاني)

مختارات من الشبكة

  • سيادة القيم المادية وتهميش القيم الروحية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دور الإعلام في ترسيخ القيم وتفعيل المنهج النبوي في تعزيز القيم الإسلامية (WORD)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • مجموع الرسائل لابن القيم ( رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه ) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تصنيف القيم: الواقع والمأمول "رؤية"(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • القيم أية قيم ؟ (PDF)(كتاب - موقع أ. حنافي جواد)
  • القيم المعرفية والقيم الصحية والترويحية في أناشيد الأطفال(مقالة - حضارة الكلمة)
  • القيم الإنسانية والقيم الشخصية في أناشيد الأطفال(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تفاعل القيم بين التصور والتصديق: درس اللغة بالثانوي الإعدادي نموذجا(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • القيادة بالقيم(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التربية على القيم(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 15:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب