• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة الثانية عشرة: الشجاعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    البطالة النفسية: الوجه الخفي للتشوش الداخلي في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    مقومات نجاح الاستقرار الأسري
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

الفساد الأخلاقي المعاصر: أسبابه وخطورته (خطبة)

الفساد الأخلاقي المعاصر: أسبابه وخطورته (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/1/2025 ميلادي - 20/7/1446 هجري

الزيارات: 11633

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفساد الأخلاقي المعاصر: أسبابه وخطورته


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الْمُجْتَمَعَاتِ الْإِسْلَامِيَّةَ تَتَعَرَّضُ لِمَوْجَةٍ مِنَ اهْتِزَازَاتٍ أَخْلَاقِيَّةٍ مُتَنَاقِضَةٍ، تُخَالِفُ مَبَادِئَ الْإِسْلَامِ، فَتَسْلُبُ مِنَ الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ السَّعَادَةَ وَالْأَمْنَ وَالِاسْتِقْرَارَ، وَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ هَذِهِ الْهَزَّاتِ نَقْصُ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَلَقَدْ كَانَ لِهَذِهِ الْهَزَّاتِ صِفَةُ الْعَالَمِيَّةِ؛ بِسَبَبِ التَّقَدُّمِ التِّكْنُولُوجِيِّ الْحَدِيثِ، الَّذِي جَعَلَ الْعَالَمَ كَقَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ، وَلَمْ يَعُدْ بِمَقْدُورِ أَيِّ مُجْتَمَعٍ إِغْلَاقُ مَنَافِذِهِ أَمَامَهَا، فَمَا هِيَ أَسْبَابُ الْفَسَادِ الْأَخْلَاقِيِّ الْمُعَاصِرِ؟ وَمَا الْخُطُورَةُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى ذَلِكَ؟

 

عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ مِنْ أَهَمِّ الْأَسْبَابِ (الشَّرْعِيَّةِ) فِي الْفَسَادِ الْأَخْلَاقِيِّ:

1- ضَعْفَ الْإِيمَانِ: فَالْأَزْمَةُ الْكُبْرَى الَّتِي يَعِيشُهَا الْإِنْسَانُ هِيَ أَزْمَةُ الْعَقِيدَةِ، أَزْمَةُ ضَعْفِ الْإِيمَانِ، وَمَصْدَرُ كُلِّ الشُّرُورِ سَبَبُهَا ضَعْفُ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَإِذَا ضَعُفَ إِيمَانُهُ بِاللَّهِ ضَعُفَ تَعْظِيمُهُ لِحُرُمَاتِ اللَّهِ، فَيَتَجَرَّأُ عَلَى الْمَعَاصِي وَالْآثَامِ.

 

2- قِلَّةَ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ: فَالْجَهْلُ هُوَ مَنْشَأُ الْأَخْلَاقِ السَّافِلَةِ، وَهُوَ سَبَبٌ رَئِيسٌ لِإِضَاعَةِ الْمَالِ فِي أَوْجُهِ الْفَسَادِ، وَعَدَمِ تَقْوَى اللَّهِ، وَمَدْعَاةٌ لِقَطِيعَةِ الرَّحِمِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلْمًا؛ فَهُوَ يَخْبِطُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، لَا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَلَا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَلَا يَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَخْبَثِ الْمَنَازِلِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقِلَّةُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ يَتَزَامَنُ مَعَهُ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ انْتِشَارُ كَثِيرٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ الْأَخْلَاقِيِّ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يَظْهَرَ الْجَهْلُ، وَيَقِلَّ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَتُشْرَبَ الْخَمْرُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

3- تَرْكُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ: أَسَاسُ بِنَاءِ الْمُجْتَمَعِ هُوَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [الْحَجِّ:41]، وَمَعَ مُرُورِ الزَّمَنِ تَتَحَوَّلُ بَعْضُ الْمُنْكَرَاتِ إِلَى أَمْرٍ وَاقِعٍ، وَسَيَصْعُبُ تَغْيِيرُهَا.

 

4- عَدَمُ الِاسْتِجَابَةِ لِأَوَامِرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللَّهِ، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ» حُسَنٌ – رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأِ". وَإِذَا ابْتَعَدَ النَّاسُ عَنْ هَدْيِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ تَخَطَّفَتْهُمُ الْأَهْوَاءُ، وَتَجَاذَبَتْهُمُ الِاخْتِلَافَاتُ، وَانْحَرَفُوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا.

 

وَمِنْ أَهَمِّ الْأَسْبَابِ (النَّفْسِيَّةِ) فِي الْفَسَادِ الْأَخْلَاقِيِّ:

1- اتِّبَاعُ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتِ: فَالشَّهْوَةُ تَجْعَلُ الْإِنْسَانَ يَرْتَكِبُ أَنْوَاعًا مِنَ الْفَسَادِ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِتَحْرِيمِهَا، وَحِينَمَا يَنْسَاقُ وَرَاءَ أَهْوَائِهِ وَشَهَوَاتِهِ، وَيَنْسَى رَبَّهُ؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي مَعِيشَةٍ أَضَلَّ مِنَ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَخْدِمْ عَقْلَهُ الَّذِي مَيَّزَهُ اللَّهُ بِهِ عَلَى الْحَيَوَانِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 43-44].

 

2- الْإِيحَاءَاتُ الشَّيْطَانِيَّةُ: الشَّيْطَانُ عَدُوٌّ لَدُودٌ لِكُلِّ النَّاسِ، يُبَغِّضُ إِلَيْهِمُ الطَّاعَاتِ، وَيُحَبِّبُ إِلَيْهِمُ الْمَعَاصِيَ وَالْفَوَاحِشَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 168-169]، وَلِخَطَرِهِ وَضَرَرِهِ؛ حَذَّرَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ مَكَائِدِهِ، وَطُرُقِهِ وَأَسَالِيبِهِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، بَلَغَتْ قَرِيبًا مِنْ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ مَوْضِعًا فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ﴾ [النِّسَاءِ: 119].

 

3- تَغْلِيبُ الرَّجَاءِ عَلَى الْخَوْفِ: فَالْمُتَأَمِّلُ فِي سُلُوكِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، يَجِدُ أَنَّهُمْ يَعْتَمِدُونَ عَلَى كَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَفَضْلِهِ وَتَسَامُحِهِ، فَيَسْتَرْسِلُونَ مَعَ الْمَعَاصِي مَعَ الِاتِّكَالِ عَلَى رَحْمَةِ اللَّهِ فَقَطْ! عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ؛ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ» ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ:44]. حَسَنٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَعُمُومُ الْعَوَامِّ يُبَارِزُونَ بِالذُّنُوبِ؛ اعْتِمَادًا عَلَى الْعَفْوِ، وَيَنْسَوْنَ الْعِقَابَ).

 

4- قِلَّةُ الْحَيَاءِ، أَوْ زَوَالُهُ: كُلَّمَا ازْدَادَ الْإِنْسَانُ فَسَادًا وَارْتِكَابًا لِلْمَعَاصِي؛ كُلَّمَا قَلَّ حَيَاؤُهُ، وَرُبَّمَا زَالَ، حَتَّى إِنَّهُ لَا يَكْتَرِثُ بِنَظَرِ اللَّهِ لَهُ، وَلَا بِمَا يَقُولُهُ النَّاسُ عَنْهُ، وَقَدْ بَيَّنَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ أَهَمِّ الْأَسْبَابِ (الِاجْتِمَاعِيَّةِ) فِي الْفَسَادِ الْأَخْلَاقِيِّ:

1- الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ: كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَسْتَغِلُّونَ الصِّحَّةَ وَالْفَرَاغَ فِي الْفَسَادِ وَالِانْحِرَافِ؛ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَالصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ مِنْ أَهَمِّ الْأَسْبَابِ الْمُبَاشِرَةِ لِانْحِرَافِ الشَّبَابِ.

 

2- التَّرَفُ: فَالْمُتْرَفُونَ هُمُ السَّبَبُ الْمُبَاشِرُ فِي إِفْسَادِ الْمُجْتَمَعَاتِ وَإِهْلَاكِهَا؛ لِأَنَّهُمْ فَقَدُوا بُوصَلَةَ الْإِيمَانِ، وَنَشَرُوا التَّحَلُّلَ الْأَخْلَاقِيَّ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 16].

 

3- قُرَنَاءُ السُّوءِ: فَإِنَّهُمْ يَتَسَلَّطُونَ عَلَى الْإِنْسَانِ، وَيُغْرُونَهُ وَيُهَيِّجُونَهُ عَلَى ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي تَهْيِيجًا شَدِيدًا؛ وَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» حَسَنٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لَا تُخَالِطْ سَيِّءَ الْخُلُقِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْعُو إِلَّا إِلَى شَرٍّ).

4- حُبُّ الدُّنْيَا، وَالِاشْتِغَالُ بِهَا عَنِ الْآخِرَةِ: فَهَذَا هُوَ أَصْلُ الْأَفْعَالِ الْخَسِيسَةِ، وَهُوَ رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ، وَرُبَّمَا يَصِلُ بِالْإِنْسَانِ إِلَى الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ السُّقُوطِ، فَيَقْضِي عَلَى كَرَامَتِهِ، وَيَحْلِقُ دِينَهُ، وَالْمُنْشَغِلُونَ بِالدُّنْيَا هُمْ عَبَدَةُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، وَالْبُطُونِ وَالْفُرُوجِ، وَفِي أَمْثَالِهِمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

5- الْعُزُوفُ عَنِ الزَّوَاجِ: فَإِنَّ الزَّوَاجَ هُوَ الْحِصْنُ الْوَاقِي لِلْإِنْسَانِ مِنَ الِانْحِرَافِ وَالْوُقُوعِ فِي الْفَسَادِ – إِذَا كَانَ سَلِيمَ الْفِطْرَةِ، وَهُنَاكَ عَوَائِقُ مَادِّيَّةٌ وَاجْتِمَاعِيَّةٌ -تَقِفُ عَقَبَةً كَؤُودًا أَمَامَ ارْتِبَاطِ الشَّابِّ بِالْفَتَاةِ، وَمِنْ أَهَمِّهَا: الْمُغَالَاةُ فِي الْمُهُورِ، وَاشْتِرَاطُ التَّكَالِيفِ الْبَاهِظَةِ لِلزَّوَاجِ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي اشْتِرَاطِ الْمُؤَهِّلَاتِ الْعِلْمِيَّةِ، وَالْمَكَانَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ الْعَالِيَةِ، وَبَعْضُ الْأُسَرِ تَشْتَرِطُ زَوَاجَ الْبَنَاتِ حَسَبَ تَسَلْسُلِ الْأَعْمَارِ.

 

6- إِهْمَالُ الْوَالِدَيْنِ لِلْأَوْلَادِ: التَّنْشِئَةُ الْأُسَرِيَّةُ الْخَاطِئَةُ تُؤَدِّي إِلَى انْحِرَافِ السُّلُوكِ، وَفَسَادِ الْأَخْلَاقِ، وَيَزْدَادُ الْأَمْرُ سُوءًا عِنْدَمَا يَقْضِي الْوَالِدَانِ جُلَّ الْأَوْقَاتِ فِي حَيَاةِ الْإِثْمِ وَالْغَوَايَةِ، وَيَتَقَلَّبَانِ فِي أَتُونِ الشَّهَوَاتِ وَالْمَلَذَّاتِ، وَبَعْضُ الْآبَاءِ لَا يُعْطِي أَوْلَادَهُ مِنَ الْوَقْتِ وَالرِّعَايَةِ إِلَّا الشَّيْءَ الْقَلِيلَ دُونَ حَقِّهِمْ، فَيُمْضِي جُلَّ وَقْتِهِ مِنْ أَجْلِ مَزِيدٍ مِنَ الْكَسْبِ، وَلِيَشْتَرِيَ لَهُمْ مَزِيدًا مِنَ الْكَمَالِيَّاتِ، وَلَا يُدْرِكُ أَنَّهُمْ أَحْوَجُ إِلَى رِعَايَتِهِ الرُّوحِيَّةِ، وَتَوْجِيهَاتِهِ التَّرْبَوِيَّةِ، نَاهِيكَ عَنِ انْشِغَالِ كَثِيرٍ مِنَ الْأُمَّهَاتِ بِالْعَمَلِ وَالْوَظِيفَةِ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. هُنَاكَ أَسْبَابٌ (عَالَمِيَّةٌ) لِلْفَسَادِ الْأَخْلَاقِيِّ، وَمِنْهَا:

1- الْوَسَائِلُ الْإِعْلَامِيَّةُ: لِلْإِعْلَامِ -بِوَسَائِلِهِ الْمُتَنَوِّعَةِ- خُطُورَتُهُ وَتَأْثِيرُهُ عَلَى النَّاسِ، وَلَا سِيَّمَا الشَّبَكَةُ الْعَنْكَبُوتِيَّةُ، فَهَذِهِ الْوَسَائِلُ الْإِعْلَامِيَّةُ تُؤَثِّرُ مِنْ خِلَالِ الْكَلِمَةِ مَقْرُوءَةً أَوْ مَسْمُوعَةً أَوْ مَنْظُورَةً؛ بَلْ إِنَّ أَكْثَرَ وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ الْمُعَاصِرَةِ - إِلَّا مَا رَحِمَ رَبُّكَ- مُسَخَّرَةٌ لِإِشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ، وَالْإِغْرَاءِ بِالْجَرِيمَةِ، وَالسَّعْيِ بِالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، وَفِي هَذَا مُحَارَبَةٌ لِلدِّينِ الْإِسْلَامِيِّ، وَتَحْطِيمٌ لِلْأَخْلَاقِ وَالْقِيَمِ، خُصُوصًا لَدَى النَّاشِئَةِ.

 

2- الِاخْتِلَاطُ بِالْأُمَمِ الْأُخْرَى: غَالِبُ الْفَسَادِ الْأَخْلَاقِيِّ الَّذِي تُعَانِي مِنْهُ مُجْتَمَعَاتُ الْمُسْلِمِينَ، مَنْشَؤُهُ وَمَصْدَرُهُ اخْتِلَاطُ الْمُسْلِمِينَ بِالْأُمَمِ الْأُخْرَى، وَتَقْلِيدُهُمْ فِي رَذَائِلِ الْأَخْلَاقِ، وَلَا سِيَّمَا مَعَ تَوَفُّرِ الْإِمْكَانَاتِ، وَسُرْعَةِ الِاتِّصَالَاتِ؛ حَيْثُ غَرِقَ الْكَثِيرُ فِي بَحْرِ الْفُجُورِ وَالْفَسَادِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

 

3- الِانْبِهَارُ الْحَضَارِيُّ الْمُزَيَّفُ: انْبَهَرَ الْمُسْلِمُونَ بِمَا لَدَى الْأُمَمِ الْأُخْرَى مِنْ تَقَدُّمٍ مَدَنِيٍّ؛ فَكَانُوا هُمُ الْجَانِبَ الضَّعِيفَ، وَأَصْبَحَتْ لَدَيْهِمْ قَابِلِيَّةٌ شَدِيدَةٌ لِلتَّأَثُّرِ، وَتَشَرُّبِ الْأَخْلَاقِ الْمُنْحَرِفَةِ، وَالسُّلُوكِيَّاتِ الْفَاسِدَةِ، وَمِنْ هُنَا بَدَأَتْ دَوْرَةُ التَّقْلِيدِ وَالْمُحَاكَاةِ الْعَمْيَاءِ، وَمُشَابَهَةِ الْكُفَّارِ فِي كَثِيرٍ مِنْ عَوَائِدِهِمْ، وَأَحْوَالِهِمُ السَّقِيمَةِ؛ إِذْ إِنَّ تَقْلِيدَهُمْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا فِي قُشُورِ الْأَشْيَاءِ، وَمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَلَيْسَ فِي لُبَابِ الْحَضَارَةِ، وَمَا هُوَ مُفِيدٌ.

 

وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذِهِ الظَّاهِرَةِ ابْنُ خَلْدُونَ رَحِمَهُ اللَّهُ؛ حَيْثُ قَالَ: (إِنَّ الْمَغْلُوبَ مُولَعٌ أَبَدًا بِالِاقْتِدَاءِ بِالْغَالِبِ فِي شِعَارِهِ وَزِيِّهِ، وَنِحْلَتِهِ، وَسَائِرِ أَحْوَالِهِ وَعَوَائِدِهِ. وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ: أَنَّ النَّفْسَ أَبَدًا تَعْتَقِدُ الْكَمَالَ فِي مَنْ غَلَبَهَا، وَانْقَادَتْ إِلَيْهِ).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رعاية الإسلام للجانب الأخلاقي
  • السمو الأخلاقي
  • الانهيار الأخلاقي
  • علماء الإسلام والقضايا الأخلاقية
  • خطبة الفساد

مختارات من الشبكة

  • بشاعة الفساد وقول الله تعالى: (والله لا يحب الفساد)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الفساد الإداري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الفساد وحش متعدد الرؤوس(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • منهج السنة النبوية في محاربة الفساد الإداري (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من موانع محبة الله عبدا (الفساد والإفساد)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الفساد أسبابه وأحكامه في عقود المعاوضات في الفقه الإسلامي(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • نبي الله لوط عليه السلام ومواجهته للفساد الأخلاقي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: النزاهة والأمانة ومحاربة الفساد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التناد بالنهي عن الفساد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة النزاهة والأمانة ومحاربة الفساد والمحافظة على المال العام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب