• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرياضة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    سلسلة دروب النجاح (9) الإبداع.. مهارة لا غنى عنها ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    وقفات تربوية مع سيد الأخلاق
    د. أحمد عبدالمجيد مكي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (8) التوازن بين الدراسة والحياة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    قتل الرغبات
    ياسر جابر الجمال
  •  
    ماذا بعد الستين؟!
    أشرف شعبان أبو أحمد
  •  
    أبوك ليس باردا بل هو بحر عميق
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    سلسلة دروب النجاح (7) بناء شبكة العلاقات الداعمة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    التوفيق من الله
    أسامة طبش
  •  
    ظاهرة التظاهر بعدم السعادة خوفا من الحسد: قراءة ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير التأملي
    دعاء أنور أبو مور
  •  
    "اجلس فقد آذيت": خاطرة تربوية تأصيلية في ضوابط ...
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    لماذا يدمن الشباب؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    كيف تستجلب الفكرة الإيجابية؟
    أسامة طبش
  •  
    الانهيار الناعم... كيف تفككت الأسرة من الداخل
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    مناهجنا التعليمية وبيان بعض القوى المؤثرة في ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

وقولوا للناس حسنا (خطبة)

وقولوا للناس حسنا (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/11/2024 ميلادي - 11/5/1446 هجري

الزيارات: 9929

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقولوا للناس حُسنًا


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ:

مِنْ أَدَبِ الْمُسْلِمِ: أَنْ يَكُونَ نَزِيهًا فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، غَيْرَ فَاحِشٍ وَلَا بَذِيءٍ، وَلَا شَاتِمٍ، وَلَا مُخَاصِمٍ؛ بَلْ يَكُونُ حَسَنَ الْقَوْلِ، حَسَنَ الْخُلُقِ، وَاسِعَ الْحِلْمِ، مُجَامِلًا لِكُلِّ أَحَدٍ، صَبُورًا عَلَى مَا يَنَالُهُ مِنْ أَذَى الْخَلْقِ، امْتِثَالًا لِأَمْرِ اللَّهِ، وَرَجَاءً لِثَوَابِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾[الْبَقَرَةِ: 83]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾[الْإِسْرَاءِ: 53]، فَهَذَا تَأْدِيبٌ عَظِيمٌ فِي مُرَاقَبَةِ اللِّسَانِ وَمَا يَصْدُرُ مِنْهُ.

 

قَالَ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (هَذَا أَمْرٌ بِكُلِّ كَلَامٍ يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ؛ مِنْ قِرَاءَةٍ وَذِكْرٍ وَعِلْمٍ، وَأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ، وَكَلَامٍ حَسَنٍ لَطِيفٍ مَعَ الْخَلْقِ عَلَى اخْتِلَافِ مَرَاتِبِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ، وَأَنَّهُ إِذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ حَسَنَيْنِ؛ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِيثَارِ أَحْسَنِهِمَا- إِنْ لَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا. وَالْقَوْلُ الْحَسَنُ دَاعٍ لِكُلِّ خُلُقٍ جَمِيلٍ، وَعَمَلٍ صَالِحٍ؛ فَإِنَّ مَنْ مَلَكَ لِسَانَهُ مَلَكَ جَمِيعَ أَمْرِهِ)، وَالْإِنْسَانُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسَعَ النَّاسَ بِمَالِهِ، فَيَسْتَطِيعُ أَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ الْحَسَنِ؛ حَتَّى مَعَ الْكُفَّارِ الْمُخَالِفِينَ: ﴿ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾[الْعَنْكَبُوتِ: 46]؛ فَيَكُونُ ذَلِكَ نَهْيًا عَنِ الْكَلَامِ الْقَبِيحِ لِلنَّاسِ.

 

وَأُمِرَ الْمُؤْمِنُونَ أَنْ يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يُفْسِدُ بَيْنَهُمْ؛ بِالْوَسْوَسَةِ وَالتَّحْرِيشِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَتَهْيِيجِ الْعَدَاوَاتِ وَالشُّرُورِ؛ مِنَ الْمُخَاصَمَةِ وَالْمُقَاتَلَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَرُبَّ حَرْبٍ وَقُودُهَا جُثَثٌ؛ أَهَاجَهَا الْقَبِيحُ مِنَ الْكَلَامِ، وَزَيَّنَهَا الشَّيْطَانُ؛ وَلِهَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَالشَّيْطَانُ عَدُوٌّ مُبِينٌ لِآدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ مِنْ حِينِ امْتِنَاعِهِ عَنِ السُّجُودِ لِآدَمَ، وَحَسَدِهِ لَهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنَ الْجَنَّةِ.

 

وَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْقَوْلِ الْحَسَنِ فِي رَدِّ التَّحِيَّةِ: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ [النِّسَاءِ: 86]؛ بَلْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْقَوْلِ الْحَسَنِ فِي مُقَابِلِ الْإِسَاءَةِ: ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾[فُصِّلَتْ: 34]، وَأَمَرَ بِالْقَوْلِ الْحَسَنِ مَعَ أَهْلِ الْجَهْلِ: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾[الْفُرْقَانِ: 63].

 

وَأَمَرَ خَيْرُ الْخَلْقِ وَأَحْسَنُهُمْ حَدِيثًا بِطَيِّبِ الْكَلَامِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ؛ وَقَوْلِهِ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؛ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (الْكَلَامُ الطَّيِّبُ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ جَلِيلِ أَفْعَالِ الْبِرِّ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَعَلَهُ كَالصَّدَقَةِ بِالْمَالِ، فَوَجْهُ تَشْبِيهِهِ الْكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ بِالصَّدَقَةِ بِالْمَالِ: هُوَ أَنَّ الصَّدَقَةَ بِالْمَالِ تَحْيَا بِهَا نَفْسُ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، وَيَفْرَحُ بِهَا، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ يَفْرَحُ بِهَا الْمُؤْمِنُ، وَيَحْسُنُ مَوْقِعُهَا مِنْ قَلْبِهِ، فَاشْتَبَهَا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تُذْهِبُ الشَّحْنَاءَ، وَتُجْلِي السَّخِيمَةَ).

 

فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ الْحَسَنُ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ شِعَارَ الْمُؤْمِنِ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ؛ بِأَنْ يَكُونَ لَبِقًا فِي حَدِيثِهِ، وَيَخْتَارَ مَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْنَى بِهَذَا الْأَمْرِ؛ فَيُغَيِّرُ الْأَسْمَاءَ الْقَبِيحَةَ وَالْمُسْتَهْجَنَةَ إِلَى أَسْمَاءٍ حَسَنَةٍ، وَيُحِبُّ اللَّفْظَ الْحَسَنَ، وَيَتَفَاءَلُ بِهِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ؛ الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ، الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَأَوْلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى فِيهِ الْأَدَبُ، وَالذَّوْقُ فِي التَّعْبِيرِ؛ مَا كَانَ مُتَّصِلًا بِمَقَامِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ – فِي حَدِيثِهِ عَنْ مَقَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴾[الشُّعَرَاءِ: 78-82]؛ فَأَضَافَ الْإِطْعَامَ وَالسُّقْيَا وَالْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ وَالْمَغْفِرَةَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، بَيْنَمَا أَضَافَ الْمَرَضَ لِنَفْسِهِ، وَهَكَذَا قَالَتِ الْجِنُّ: ﴿ وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ﴾[الْجِنِّ: 10]، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَهَذَا ‌مِنْ ‌أَدَبِهِمْ ‌فِي ‌الْعِبَارَةِ؛ حَيْثُ أَسْنَدُوا الشَّرَّ إِلَى غَيْرِ فَاعِلٍ، وَالْخَيْرَ أَضَافُوهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ: «وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

وَمِمَّا يَقْتَضِيهِ حُسْنُ اللَّفْظِ، وَالذَّوْقُ فِي التَّعْبِيرِ: الْبُعْدُ عَمَّا يُسْتَقْبَحُ مِنَ الْكَلَامِ، وَكَانَ خَيْرُ النَّاسِ خَلْقًا وَخُلُقًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَمُوذَجًا فِي تَعْلِيمِ أَصْحَابِهِ، وَبُعْدِهِ عَنِ التَّصْرِيحِ بِمَا يُسْتَحْيَا مِنْهُ، عِنْدَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرَّهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

كَمَا يَتَأَكَّدُ هَذَا الْأَدَبُ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النِّسَاءِ، أَوْ مَعَهُنَّ، حَتَّى فِي تَعْلِيمِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَاعِي ذَلِكَ فِي تَعْلِيمِهِ لِلنِّسَاءِ؛ فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ؟ فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ؛ قَالَ: «خُذِي فِرْصَةً [أَيْ: خِرْقَةً مِنْ قُطْنٍ] مِنْ مِسْكٍ، فَتَطَهَّرِي بِهَا». قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ؟ قَالَ: «تَطَهَّرِي بِهَا». قَالَتْ: كَيْفَ؟ قَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، تَطَهَّرِي». فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ؛ فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُمُوذَجًا فِي الذَّوْقِ فِي الْأَلْفَاظِ؛ عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قِيلَ لِلْعَبَّاسِ: أَنْتَ أَكْبَرُ أَوْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «هُوَ أَكْبَرُ مِنِّي، وَوُلِدْتُ أَنَا قَبْلَهُ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفَهِ".

 

بَلْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرَبِّي النَّاسَ عَلَى سَلَامَةِ اللِّسَانِ، وَالْبُعْدِ عَنِ السِّبَابِ؛ فَحِينَ قَالَ لَهُ أَبُو جُرَيٍّ، جَابِرُ بْنُ سُلَيْمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اعْهَدْ إِلَيَّ [أَيْ: أَوْصِنِي] قَالَ: «لَا تَسُبَّنَّ أَحَدًا». قَالَ: فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا بَعِيرًا، وَلَا شَاةً. قَالَ: «وَإِنِ امْرُؤٌ شَتَمَكَ، وَعَيَّرَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ؛ فَلَا تُعَيِّرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ؛ فَإِنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ جَابِرًا وَصَفَ نَفْسَهُ بِالْجَفَاءِ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، وَفِيَّ جَفَاؤُهُمْ؛ فَأَوْصِنِي. صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: جَعَلَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَابِطًا يَزِنُ بِهِ مَا يَقُولُهُ لِلنَّاسِ، مِمَّا لَا يَقُولُهُ: «وَمَا سَرَّ أُذُنَكَ أَنْ تَسْمَعَهُ فَاعْمَلْ بِهِ، وَمَا سَاءَ أُذُنَكَ أَنْ تَسْمَعَهُ فَاجْتَنِبْهُ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَكَانَ عُلَمَاءُ السَّلَفِ يُرَاعُونَ هَذَا الْخُلُقَ وَالْأَدَبَ- وَلَا سِيَّمَا فِي حَدِيثِهِمْ عَنْ مَنْ يَرَوْنَهُ أَجَلَّ مِنْهُمْ؛ فَقَدْ قِيلَ لِأَبِي وَائِلٍ: أَنْتَ أَكْبَرُ أَوْ رَبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ؟ قَالَ: «أَنَا أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا، وَهُوَ أَكْبَرُ ‌مِنِّي ‌عَقْلًا» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي "مُصَنَّفِهِ".

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... عِبَادَ اللَّهِ..

يَجِبُ عَلَيْنَا تَجَنُّبُ الْأَلْفَاظِ الْفَاحِشَةِ الْمُسْتَهْجَنَةِ؛ فَقَدْ ذَمَّهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَفَّرَ مِنْهَا، وَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ خُلُقِ الْمُؤْمِنِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا الْفَاحِشِ، وَلَا الْبَذِيءِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبْغِضُ أَصْحَابَ هَذَا الْخُلُقِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَعَدَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَذَاءَةَ اللِّسَانِ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ: «الْحَيَاءُ وَالْعِيُّ شُعْبَتَانِ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْبَذَاءُ وَالْبَيَانُ شُعْبَتَانِ مِنَ النِّفَاقِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

وَلَئِنْ كَانَ الْحَدِيثُ عَنْ فُحْشِ اللِّسَانِ، وَبَذَاءَةِ الْمَنْطِقِ يَجْدُرُ أَنْ يَكُونَ مُوَجَّهًا لِعَامَّةِ النَّاسِ، وَمَنْ لَمْ يَبْلُغُوا مَنْزِلَةً أَعْلَى فِي سُلَّمِ مَحَاسِنِ الْخُلُقِ؛ إِلَّا أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ، وَالْأَدَبِ وَالثَّقَافَةِ بِحَاجَةٍ أَيْضًا لِهَذَا التَّذْكِيرِ، فَمَحَاسِنُ الْأَخْلَاقِ مَرَاتِبُ؛ مِنْهَا مَا يَلِيقُ بِالْعَامَّةِ، وَمِنْهَا مَا يَلِيقُ بِالْخَاصَّةِ، وَلَا سِيَّمَا قُدْوَةُ النَّاسِ مِنَ الْمُصْلِحِينَ فِي الْأَرْضِ، فَاللُّغَةُ هِيَ وَسِيلَةُ إِيصَالِ الدَّعْوَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَالْفَتْوَى لِلنَّاسِ، وَمِنْ ثَمَّ فَهِيَ أَحَدُ أَهَمِّ مَرَايَا حُسْنِ الْخُلُقِ؛ بَلْ يَحْتَاجُ الْجَمِيعُ إِلَى مَزِيدٍ مِنْ ضَبْطِ اللِّسَانِ، وَلَبَاقَةِ التَّعْبِيرِ.

 

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَمِنْ آدَابِهِ: أَنْ يَجْتَنِبَ ‌أَمْثَالَ ‌الْعَامَّةِ ‌الْغَوْغَاءِ، وَيَتَخَصَّصَ بِأَمْثَالِ الْعُلَمَاءِ الْأُدَبَاءِ؛ فَإِنَّ لِكُلِّ صِنْفٍ مِنَ النَّاسِ أَمْثَالًا تُشَاكِلُهُمْ، فَلَا تَجِدْ لِسَاقِطٍ إِلَّا مَثَلًا سَاقِطًا وَتَشْبِيهًا مُسْتَقْبَحًا، وَلِلسُّقَّاطِ أَمْثَالٌ)، وَقَالَ أَيْضًا: (وَمِنْ آدَابِهِ: أَنْ ‌يَتَجَافَى ‌هُجْرَ ‌الْقَوْلِ، وَمُسْتَقْبَحَ الْكَلَامِ، وَلْيَعْدِلْ إِلَى الْكِنَايَةِ عَمَّا يُسْتَقْبَحُ صَرِيحُهُ، وَيُسْتَهْجَنُ فَصِيحُهُ؛ لِيَبْلُغَ الْغَرَضَ، وَلِسَانُهُ نَزِهٌ، وَأَدَبُهُ مَصُونٌ).

 

اللَّهُمَّ ‌اهْدِنَا ‌لِأَحْسَنِ ‌الْأَعْمَالِ، وَأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ، لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَقِنَا سَيِّءَ الْأَعْمَالِ، وَسَيِّءَ الْأَخْلَاقِ، لَا يَقِي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقولوا للناس حسنا
  • وقفات مع القاعدة القرآنية (وقولوا للناس حسنا)
  • خطبة الأضحى (وقولوا للناس حسنا)
  • خطبة ﴿وقولوا للناس حسنا﴾
  • فعند الله ثواب الدنيا والآخرة
  • {وقولوا للناس حسنا} خطبة

مختارات من الشبكة

  • الأرض شاهدة فماذا ستقول عنك يوم القيامة؟! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خدعوك فقالوا: قرآنيون! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: اتق المحارم تكن أعبد الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خالق الناس بخلق حسن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كف الأذى عن الناس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (26) «كل سلامى من الناس عليه صدقة» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة فيها عبرة (الأصمعي والبقال)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • وجادلهم بالتي هي أحسن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة العلماء في ضوء الكتاب والسنة وهدي السلف (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • التعامل النبوي مع الفقراء والمساكين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/4/1447هـ - الساعة: 13:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب