• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    القيادة في عيون الراشدين... أخلاقيات تصنع
    د. مصطفى إسماعيل عبدالجواد
  •  
    حقوق الأولاد (3)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    جرعات سعادة يومية: دفتر السعادة
    سمر سمير
  •  
    التاءات الثمانية
    د. خميس عبدالهادي هدية الدروقي
  •  
    المحطة الثانية عشرة: الشجاعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    البطالة النفسية: الوجه الخفي للتشوش الداخلي في ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حقوق الأولاد (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    مقومات نجاح الاستقرار الأسري
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    تطوير المهارات الشخصية في ضوء الشريعة الإسلامية
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    المحطة الحادية عشرة: المبادرة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

نعوذ بالله من علم لا ينفع (خطبة)

نعوذ بالله من علم لا ينفع (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/9/2024 ميلادي - 25/3/1446 هجري

الزيارات: 7101

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نعوذُ بِاللهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَع

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ: فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزُّمَرِ: 9]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 18]، وَقَالَ أَيْضًا: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فَاطِرٍ: 28]، وَقَالَ مُوسَى لِلْخَضِرِ: ﴿ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ [الْكَهْفِ: 66].

 

وَاتَّفَقَ السَّلَفُ الصَّالِحُ: عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ النَّافِعَ هُوَ مِيرَاثُ النُّبُوَّةِ، وَالِاشْتِغَالَ بِهِ أَفْضَلُ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِنَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ؛ فَهُوَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ مِنَ الْجَهْلِ، وَمَصَابِيحُ الْأَبْصَارِ مِنَ الظُّلَمِ، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ أَقْوَامًا؛ فَيَجْعَلُهُمْ أَئِمَّةً تُقْتَصُّ آثَارُهُمْ، وَيُقْتَدَى بِأَفْعَالِهِمْ، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ، وَيَبْلُغُ الْعَبْدُ بِالْعِلْمِ الدَّرَجَاتِ الْعُلَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَبِالْعِلْمِ يُعْرَفُ الْحَلَالُ مِنَ الْحَرَامِ، وَهُوَ إِمَامُ الْعَمَلِ، يُلْهَمُهُ السُّعَدَاءُ، وَيُحْرَمُهُ الْأَشْقِيَاءُ.

 

وَهُنَاكَ أَقْوَامٌ لَمْ يَنْتَفِعُوا بِالْعِلْمِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ﴾ [الْجُمُعَةِ: 5]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 175-176]، وَقَالَ أَيْضًا: ﴿ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 23]؛ فَهَذَا عِلْمٌ نَافِعٌ فِي نَفْسِهِ، لَكِنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ.

 

وَهُنَاكَ عِلْمٌ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى جِهَةِ الذَّمِّ لَهُ: كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ – فِي شَأْنِ السِّحْرِ: ﴿ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 102]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [غَافِرٍ: 83]، وَقَالَ أَيْضًا: ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ [الرُّومِ: 7].

 

وَجَاءَتِ الْأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ بِتَقْسِيمِ الْعِلْمِ إِلَى نَافِعٍ، وَغَيْرِ نَافِعٍ، وَالِاسْتِعَاذَةِ بِاللَّهِ مِنَ الْعِلْمِ الَّذِي لَا يَنْفَعُ، وَسُؤَالِ اللَّهِ تَعَالَى الْعِلْمَ النَّافِعَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نَافِعًا، وَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ» حَسَنٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَزِدْنِي عِلْمًا» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِي رِوَايَةٍ: «‌وَارْزُقْنِي ‌عِلْمًا ‌تَنْفَعُنِي ‌بِهِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، ‌وَأَعُوذُ ‌بِكَ ‌مِنْ ‌عِلْمٍ ‌لَا ‌يَنْفَعُ» حَسَنٌ صَحِيحٌ – رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي "الْكُبْرَى"، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الْأَوْسَطِ".

 

وَالْمَعْنَى: أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا أَعْمَلُ بِهِ، وَلَا أُعَلِّمُهُ النَّاسَ، وَلَا تَصِلُ بَرَكَتُهُ إِلَى قَلْبِي، وَلَا يُهَذِّبُ أَخْلَاقِي، وَلَا يُبَدِّلُ أَفْعَالِي وَأَقْوَالِي الْمَذْمُومَةَ إِلَى الْمَرْضِيَّةِ.

 

يَا مَنْ تَقَاعَدَ عَنْ مَكَارِمِ خُلْقِهِ
لَيْسَ افْتِخَارٌ بِالْعُلُومِ الذَّاخِرَةْ
مَنْ لَمْ يُهَذِّبْ عِلْمُهُ أَخْلَاقَهُ
لَمْ يَنْتَفِعْ بِعُلُومِهِ فِي الْآخِرَةْ

 

وَيُحْتَمَلُ: أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ «‌مِنْ ‌عِلْمٍ ‌لَا ‌يَنْفَعُ»: لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الدِّينِ، وَلَمْ يَأْذَنِ الشَّرْعُ الْحَكِيمُ فِي تَعَلُّمِهِ.

 

وَعَدَمُ نَفْعِ الْعِلْمِ عَامٌّ: سَوَاءٌ كَانَ مَصْحُوبًا بِالضَّرَرِ - كَمَا فِي مُخَالَفَةِ أَوَامِرِ الشَّرْعِ بَعْدَ عِلْمِهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ مَصْحُوبًا بِهِ - كَتَرْكِ الْمُسْتَحَبَّاتِ وَالْمَنْدُوبَاتِ بَعْدَ عِلْمِهَا؛ فَإِنَّهُ لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَكِنَّهُ خَالٍ عَنِ النَّفْعِ.

 

وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ، أَوْ عَلَيْكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْمَعْنَى: حُجَّةٌ لَكَ؛ إِذَا امْتَثَلْتَ أَوَامِرَهُ، وَاجْتَنَبْتَ نَوَاهِيَهُ، وَحُجَّةٌ عَلَيْكَ؛ إِنْ لَمْ تَمْتَثِلْ أَوَامِرَهُ، وَلَمْ تَجْتَنِبْ نَوَاهِيَهُ، وَهَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِالْقُرْآنِ، بَلْ يَشْمَلُ كُلَّ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ.

 

وَلِذَلِكَ اسْتَعَاذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ - كَمَا اسْتَعَاذَ مِنَ الشِّرْكِ، وَالنِّفَاقِ، وَسُوءِ الْأَخْلَاقِ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو بِهَذِهِ الدَّعَوَاتِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَقَلْبٍ لَا يَخْشَعُ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.

 

كَتَبَ "وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ" إِلَى "مَكْحُولٍ" – رَحِمَهُمَا اللَّهُ: (إِنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ بِظَاهِرِ عِلْمِكَ عِنْدَ النَّاسِ مَنْزِلَةً وَشَرَفًا، فَاطْلُبْ بِبَاطِنِ عِلْمِكَ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً وَزُلْفَى، وَاعْلَمْ أَنَّ إِحْدَى الْمَنْزِلَتَيْنِ تَمْنَعُ الْأُخْرَى). فَعِلْمُ الظَّاهِرِ: هُوَ عِلْمُ الْفَتَاوَى وَالْأَحْكَامِ، وَالْقَصَصِ وَالْوَعْظِ - وَهُوَ مَا يَظْهَرُ عَلَى اللِّسَانِ - وَهَذَا الْعِلْمُ يُوجِبُ لِصَاحِبِهِ مَحَبَّةَ النَّاسِ لَهُ، فَحَذَّرَهُ مِنَ الرُّكُونِ إِلَيْهِ، وَالِالْتِفَاتِ إِلَى تَعْظِيمِ النَّاسِ وَمَحَبَّتِهِمْ؛ فَإِنَّ مَنْ وَقَفَ مَعَ ذَلِكَ فَقَدِ انْقَطَعَ عَنِ اللَّهِ.

 

وَأَشَارَ بِعِلْمِ الْبَاطِنِ: إِلَى الْعِلْمِ الَّذِي يُبَاشِرُ الْقُلُوبَ، فَيُحْدِثُ لَهَا الْخَشْيَةَ، وَالْإِجْلَالَ، وَالتَّعْظِيمَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَطْلُبَ بِهَذَا؛ الْمَحَبَّةَ مِنَ اللَّهِ، وَالْقُرْبَ مِنْهُ، وَالزُّلْفَى لَدَيْهِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ.. مَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِعِلْمِهِ، وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ؛ فَإِنَّ فِيهِ شَبَهًا بِالْيَهُودِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، الَّذِينَ لَمْ يَعْمَلُوا بِمَا لَدَيْهِمْ مِنَ الْعِلْمِ؛ ﴿ كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ﴾ [الْجُمُعَةِ:5]. وَمَنْ عَمِلَ بِعِلْمِهِ، وَانْتَفَعَ بِهِ؛ فَهُوَ مَعَ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ؛ وَلِهَذَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ يَسْأَلُ الْمُصَلُّونَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَهْدِيَهُمْ صِرَاطَ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، الَّذِينَ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ، وَانْتَفَعُوا بِهِ، وَعَمِلُوا بِهِ، فَهَؤُلَاءِ هُمْ أَهْلُ السَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأُولَئِكَ هُمُ الْأَشْقِيَاءُ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. إِذَا كَانَ الْعِلْمُ لَا يَنْفَعُ؛ فَإِنَّهُ يَضُرُّ فِي الدُّنْيَا، وَيُهْلِكُ فِي الْآخِرَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ، فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلَانُ! مَا شَأْنُكَ؟ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ: كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَلْيَحْرِصْ طَالِبُ الْعِلْمِ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ، وَلْيَحْذَرْ مِنَ الْعُلُومِ الضَّارَّةِ، وَلْيَكُنْ قَصْدُهُ وَهَمُّهُ الِانْتِفَاعَ بِالْعِلْمِ، وَإِزَالَةَ الْجَهْلِ عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ نَفْعَ النَّاسِ بِتَعْلِيمِهِمْ.

 

قَالَ الْغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (أَيُّهَا الْمُقْبِلُ عَلَى الْعِلْمِ؛ إِنْ كُنْتَ تَقْصِدُ بِطَلَبِ الْعِلْمِ: الْمُنَافَسَةَ، وَالْمُبَاهَاةَ، وَالتَّقَدُّمَ عَلَى الْأَقْرَانِ، وَاسْتِمَالَةَ وُجُوهِ النَّاسِ إِلَيْكَ، وَجَمْعَ حُطَامِ الدُّنْيَا؛ فَصَفْقَتُكَ خَاسِرَةٌ، وَتِجَارَتُكَ بَائِرَةٌ. وَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُكَ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ: الْهِدَايَةَ، فَأَبْشِرْ؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَبْسُطُ لَكَ أَجْنِحَتَهَا إِذَا مَشَيْتَ؛ رِضًا بِمَا تَطْلُبُ).

 

وَمِنْ أَبْرَزِ عَلَامَاتِ الْعِلْمِ النَّافِعِ:

1- خَشْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فَاطِرٍ: 28]، قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ؛ ‌فَإِنَّ ‌تَعَلُّمَهُ ‌لِلَّهِ ‌خَشْيَةٌ، وَطَلَبَهُ عِبَادَةٌ، وَمُذَاكَرَتَهٌ تَسْبِيحٌ، وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ، وَتَعْلِيمَهُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ، وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ).

 

2- الْمُسَارَعَةُ إِلَى الطَّاعَاتِ، وَالْبُعْدُ عَنِ الْمَكْرُوهَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: ‌(مَنْ ‌خَشِيَ ‌اللَّهَ ‌فَهُوَ عَالِمٌ، وَمَنْ عَصَاهُ فَهُوَ جَاهِلٌ).

 

3- الْقَنَاعَةُ وَالزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا، وَفِيمَا عِنْدَ النَّاسِ، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّمَا الْفَقِيهُ ‌الزَّاهِدُ ‌فِي ‌الدُّنْيَا، الرَّاغِبُ فِي الْآخِرَةِ، الْبَصِيرُ بِأَمْرِ دِينِهِ، الْمُدَاوِمُ عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ).

 

4- التَّوَاضُعُ، وَعَدَمُ التَّفَاخُرِ بِالْعِلْمِ، وَقَبُولُ الْحَقِّ، وَالِانْقِيَادُ لَهُ.


5- كَرَاهَةُ الْمَدْحِ وَالتَّزْكِيَةِ، وَالْبُعْدُ عَنِ الرِّئَاسَةِ وَالشُّهْرَةِ، فَإِنْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ؛ كَانَ صَاحِبُهُ فِي خَوْفٍ شَدِيدٍ مِنْ عَاقِبَتِهِ.

 

6- أَنْ يَعْتَرِفَ بِفَضْلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ؛ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَالْعُلَمَاءِ، وَيُحْسِنَ الظَّنَّ بِهِمْ، وَيَذُبَّ عَنْهُمْ.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع

مختارات من الشبكة

  • نعوذ بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نعوذ بالله من المأثم والمغرم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشرك الخفي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كيف يستجيب الناس للحق؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا (خطبة) (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلاقات الاجتماعية في الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التسعة الذين يحبهم الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحوار والجدال والمراء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحكمة في التعامل مع أنواع الناس (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوحدة في الأزمات تحقق الانتصارات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب