• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    100 قاعدة في المودة والرحمة الزوجية
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    "إني لأكره أن أرى أحدكم فارغا سبهللا لا في عمل ...
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    ملخص كتاب: كيف تقود نفسك للنجاح في الدنيا والآخرة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    القدوة وأثرها في حياتنا
    أ. محاسن إدريس الهادي
  •  
    "إن كره منها خلقا رضي منها آخر"
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الذكاء العاطفي والذكاء الاجتماعي في المجتمع ...
    بدر شاشا
  •  
    إدمان المواقع الإباحية
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    بين الحب والهيبة..
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (10) الحافز الداخلي: سر ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أثر التفكير الغربي في مراحل التعليم في العالم ...
    بشير شعيب
  •  
    التعليم المختلط ومآلات التعلق العاطفي: قراءة في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    ملامح تربية الأجداد للأحفاد
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    الاتجاه الضمني في تنمية التفكير بين الواقع ...
    د. خليل أسعد عوض
  •  
    الرياضة
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

معينات في الشدائد والابتلاءات (خطبة)

معينات في الشدائد والابتلاءات (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/11/2023 ميلادي - 4/5/1445 هجري

الزيارات: 28494

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مُعِيناتٌ في الشَّدائِدِ والابْتِلاءَات

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: لَا تَخْلُو الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مِنَ الْمَصَائِبِ وَالِابْتِلَاءَاتِ وَالْمِحَنِ؛ فَبَعْضُ النَّاسِ ابْتُلِيَ بِالْعِلَلِ وَالْأَسْقَامِ، أَوْ بِعُقُوقِ الْأَبْنَاءِ، أَوْ بِفَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ بِكَسَادِ تِجَارَةٍ، أَوْ بِفَقْدِ قَرِيبٍ عَزِيزٍ، وَالْبَعْضُ تَجِدُهُ مَعَ أَقْرِبَائِهِ فِي شِقَاقٍ وَقَطِيعَةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

 

تِلْكَ هِيَ الدُّنْيَا؛ تُضْحِكُ وَتُبْكِي، وَتُجَمِّعُ وَتُشَتِّتُ، شِدَّةٌ وَرَخَاءٌ، سَرَّاءُ وَضَرَّاءُ، تَتَنَوَّعُ فِيهَا الِابْتِلَاءَاتُ وَالْفِتَنُ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 35]. وَلَكِنْ إِذَا اسْتَحْكَمَتِ الْأَزَمَاتُ، وَتَرَادَفَتِ الضَّوَائِقُ، فَلَا مَخْرَجَ إِلَّا بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ، وَحُسْنِ الصَّبْرِ، ذَلِكَ هُوَ النُّورُ الْعَاصِمُ مِنَ التَّخَبُّطِ، وَهُوَ الدِّرْعُ الْوَاقِي مِنَ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ. عِبَادَ اللَّهِ...

 

وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى تَجَاوُزِ هَذِهِ الِابْتِلَاءَاتِ:

1- يَقِينُ الْمُسْلِمِ بِأَنَّ فَرَجَ اللَّهِ قَرِيبٌ، وَنَصْرَهُ آتٍ لَا رَيْبَ فِيهِ، وَأَنَّ بَعْدَ الضِّيقِ الْفَرَجَ، وَبَعْدَ الْعُسْرِ يُسْرًا؛ ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطَّلَاقِ: 7]؛ ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشَّرْحِ: 5-6]. الْعُسْرُ: مُعَرَّفٌ بِأَلْ، وَيُسْرٌ: نَكِرَةٌ؛ فَـ"الْعُسْرُ": هُوَ نَفْسُهُ، وَ"يُسْرٌ": يُسْرٌ ثَانٍ، وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ، وَاللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْيُسْرَ مَعَ الْعُسْرِ، وَلَيْسَ بَعْدَهُ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا» صَحِيحٌ - رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

وَكَمْ مِنْ مِحْنَةٍ فِي طَيِّهَا مِنَحٌ وَرَحَمَاتٌ؛ فَهَا هُوَ نَبِيُّ اللَّهِ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَضْرِبُ الْمَثَلَ فِي الرِّضَا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالصَّبْرِ عَلَى مَا يَلْقَاهُ، يَقُولُ لِأَبْنَائِهِ فِي حَالِهِ الْأُولَى - وَقَدْ أَخْبَرُوهُ بِأَنَّ الذِّئْبَ أَكَلَ ابْنَهُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يُوسُفَ: 18]، ثُمَّ يَقُولُ فِي الْحَالِ الثَّانِيَةِ - وَهُوَ أَعْظَمُ أَمَلًا، وَبِرَبِّهِ أَكْثَرُ تَعَلُّقًا: ﴿ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يُوسُفَ: 83]. وَمِنْ يَقِينِهِ وَقُوَّةِ رَجَائِهِ أَنْ أَمَرَ أَبْنَاءَهُ: ﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يُوسُفَ: 87]. وَحَسْبُكَ هَذَا الْمَشْهَدُ الَّذِي يَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهِ الرَّجَاءَ، وَالتَّوَكُّلَ عَلَى اللَّهِ وَحْدَهُ، وَالْيَقِينَ بِالْفَرَجِ.

 

2- التَّفَكُّرُ وَالِاعْتِبَارُ فِيمَنْ هُمْ أَعْظَمُ مُصِيبَةً مِنْكَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ، ‌فَلْيَذْكُرْ ‌مُصِيبَتَهُ ‌بِي؛ فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ» صَحِيحٌ - رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.

وَقَدْ قِيلَ: اصْبِرْ ‌لِكُلِّ ‌مُصِيبَةٍ وَتَجَلَّدِ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَرْءَ غَيْرُ مُخَلَّدِ
فَإِذَا ذَكَرْتَ مُصِيبَةً تَسْلُو بِهَا
فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدِ

 

3- الْجَزَعُ لَا يَرُدُّ مَا نَزَلَ مِنَ الْبَلَاءِ: فَمَا دَبَّرَهُ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ، فَلَا فَائِدَةَ فِي الْجَزَعِ وَالْحُزْنِ، وَأَنَّ عَاقِبَةَ الْجَزَعِ وَالتَّسَخُّطِ النَّارُ، وَعَاقِبَةَ الصَّبْرِ وَالرِّضَا بِمَا قَضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى الْجَنَّةُ.

 

4- تَشْدِيدُ الْبَلَاءِ يَخُصُّ الْأَخْيَارَ: عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: «الْأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ» صَحِيحٌ - رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

5- تَوْطِينُ النَّفْسِ بِأَنَّ كُلَّ مُصِيبَةٍ هِيَ بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [الْقَمَرِ: 49]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 51]، وَقَالَ: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ﴾ [الْحَدِيدِ: 22-23].

 

6- مَا يُخَفِّفُ الْمُصِيبَةَ؛ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي الدِّينِ: فَإِنَّ مَنْ سَلِمَ لَهُ دِينُهُ؛ فَالْمِحَنُ فِي حَقِّهِ مِنَحٌ، وَالْبَلَايَا عَطَايَا، وَالْمَكْرُوهَاتُ لَهُ مَحْبُوبَاتٌ، وَأَمَّا الْمُصِيبَةُ الْعُظْمَى وَالْكَسْرُ الَّذِي لَا يُجْبَرُ، وَالْعِثَارُ الَّذِي لَا يُقَالُ؛ فَهِيَ الْمُصِيبَةُ فِي الدِّينِ؛ لِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ بِاللَّهِ مِنْهَا، فَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ: «وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا» حَسَنٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. فَكُلُّ مُصِيبَةٍ تُجْبَرُ إِلَّا مُصِيبَةَ الدِّينِ.

 

وَقَدْ قِيلَ:

وَكُلُّ كَسْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَجْبُرُهُ
وَمَا ‌لِكَسْرِ ‌قَنَاةِ الدِّينِ جُبْرَانُ

7- تَنْطَفِئُ نَارُ الْمَصَائِبِ بِبَرْدِ التَّأَسِّي بِأَهْلِ الْمَصَائِبِ: وَلْيَنْظُرِ الْمُسْلِمُ يَمْنَةً؛ فَهَلْ يَرَى إِلَّا مِحْنَةً؟ ثُمَّ لْيَعْطِفْ يَسْرَةً؛ فَهَلْ يَرَى إِلَّا حَسْرَةً؟ وَأَنَّهُ لَوْ فَتَّشَ الْعَالَمَ لَمْ يَرَ فِيهِمْ إِلَّا مُبْتَلًى؛ إِمَّا بِفَوَاتِ مَحْبُوبٍ، أَوْ حُصُولِ مَكْرُوهٍ، وَأَنَّ شُرُورَ الدُّنْيَا أَحْلَامُ نَوْمٍ، أَوْ كَظِلٍّ زَائِلٍ، إِنْ أَضْحَكَتْ قَلِيلًا، مَنَعَتْ طَوِيلًا، وَمَا مَلَأَتْ دَارًا فَرْحَةً إلَّا مَلَأَتْهَا تَرْحَةً، وَلَا سَرَّتْهُ بِيَوْمِ سُرُورٍ إِلَّا خَبَّأَتْ لَهُ يَوْمَ شُرُورٍ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (لِكُلِّ فَرْحَةٍ تَرْحَةٌ، وَمَا مُلِئَ بَيْتٌ فَرَحًا إِلَّا مُلِئَ تَرَحًا)، وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (مَا كَانَ ضَحِكٌ قَطُّ إِلَّا كَانَ مِنْ بَعْدِهِ بُكَاءٌ).

 

8- فَوَاتُ ثَوَابِ الصَّبْرِ وَالتَّسْلِيمِ أَعْظَمُ مِنَ الْمُصِيبَةِ نَفْسِهَا: وَمِنْ هَذَا الثَّوَابِ: الصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ، وَالرَّحْمَةُ، وَالْهِدَايَةُ الَّتِي ضَمِنَهَا اللَّهُ عَلَى الصَّبْرِ، وَأَجْرُ الِاسْتِرْجَاعِ.

 

9- عَاقِبَةُ الصَّبْرِ وَالِاحْتِسَابِ أَضْعَافٌ مُضَاعَفَةٌ: وَهَذَا لَا يَكُونُ فِي الْأَحْوَالِ الْعَادِيَّةِ، الَّتِي لَيْسَتْ فِيهَا شِدَّةٌ وَبَلَاءٌ، وَيَكْفِي الْمُبْتَلَى مِنْ ذَلِكَ بَيْتُ الْحَمْدِ الَّذِي يُبْنَى لَهُ فِي الْجَنَّةِ عَلَى حَمْدِهِ لِرَبِّهِ، وَاسْتِرْجَاعِهِ. فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ أَيُّ الْمُصِيبَتَيْنِ أَعْظَمُ: مُصِيبَةُ الْعَاجِلَةِ، أَوْ مُصِيبَةُ فَوَاتِ بَيْتِ الْحَمْدِ فِي جَنَّةِ الْخُلْدِ؟

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ..

وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى تَجَاوُزِ الْمَصَائِبِ وَالِابْتِلَاءَاتِ:

10- أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُقَدِّرْهَا عَلَى الْعَبْدِ لِيُهْلِكَهُ بِهَا، وَلَا لِيُعَذِّبَهُ: وَإِنَّمَا ابْتَلَاهُ لِيَمْتَحِنَ صَبْرَهُ، وَرِضَاهُ، وَشَكْوَاهُ إِلَيْهِ، وَابْتِهَالَهُ وَدُعَاءَهُ، فَإِنْ وُفِّقَ لِلرِّضَا وَالشُّكْرِ فَقَدْ أَفْلَحَ، وَإِنْ تَسَخَّطَ وَلَمْ يَرْضَ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 2-3]؛ ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ ﴾ [مُحَمَّدٍ: 31]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الْإِنْسَانِ: 2-3].

 

11- ‌مَرَارَةُ ‌الدُّنْيَا لِلْمُؤْمِنِ هِيَ بِعَيْنِهَا حَلَاوَةُ الْآخِرَةِ، وَحَلَاوَةُ الدُّنْيَا لِلْكَافِرِ هِيَ بِعَيْنِهَا مَرَارَةُ الْآخِرَةِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً [أَيْ: يُغْمَسُ فِي النَّارِ غَمْسَةً] ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ! هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ. وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ! هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ، مَا مَرَّ بِي بُؤُسٌ قَطُّ، وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

12- الْجَزَعُ لَا يَرُدُّ الْمُصِيبَةَ؛ بَلْ يُضَاعِفُهَا: فَتَزِيدُ الْمُصِيبَةُ، وَلَا أَحَدَ يَسْلَمُ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْمَصَائِبِ، فَالْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ نَزَلَ بِهِمْ مِنَ الْبَلَاءِ أَشَدُّهُ وَأَعْظَمُهُ. قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إنَّ اللَّهَ تَعَالَى ‌لَيَتَعَاهَدَ ‌عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ بِالْبَلَاءِ؛ كَمَا يَتَعَاهَدُ الرَّجُلُ أَهْلَهُ بِالْخَيْرِ).

 

أَخِي الْكَرِيمِ.. فَإِذَا فَجَعَتْكَ الْمَصَائِبُ، وَنَزَلَتْ بِكَ الْهُمُومُ، وَادْلَهَمَّتْ بِكَ الْخُطُوبُ، وَأَظْلَمَتْ عَلَيْكَ الدُّرُوبُ؛ فَعَلَيْكَ بِمَنْزِلَةِ الرِّضَا لِمَا قَدَّرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَضَى؛ فَإِنَّهَا أَعْلَى الْمَنَازِلِ، فَارْضَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ؛ ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾ [التَّوْبَةِ: 51].

‌سَهِرَتْ ‌أَعْيُنٌ ‌وَنَامَتْ عُيُونُ
لِأُمُورٍ تَكُونُ أَوْ لَا تَكُونُ
فَدَعِ الْهَمَّ مَا اسْتَطَعْتَ
فَحُمْلَانُكَ الْهُمُومَ جُنُونُ
إِنَّ رَبًّا كَفَاكَ مَا كَانَ بِالْأَمْس
سَيَكْفِيكَ فِي غَدٍ مَا يَكُونُ




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بشريات وآيات أمام المحن والابتلاءات
  • يا أصحاب الشدائد والابتلاءات إن فرج الله قريب آت (خطبة)
  • الخير الكامن في المصائب والابتلاءات (كورونا أنموذجا) علمني كورونا خمسين درسا
  • ثمرات الابتلاء (خطبة)
  • اللسان بين النعمة والنقمة (خطبة)
  • الثبات عند الابتلاء بالمعصية (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • فتح الرحمن في الأمور المعينة على طرد الشيطان (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • معين المرشد المعين على الضروري من علوم الدين (أدلة مسائل منظومة ابن عاشر) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فوائد الابتلاء بالمرض (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة (إنكم تشركون)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • التذكير بأيام الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طعام وشراب النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • آيات كونية مرئية ومنسية (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: الحذر من الظلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التوحيد بين الواقع والمأمول (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/5/1447هـ - الساعة: 10:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب