• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الأسرة الحديثة بين العجز عن التزويج والانقراض ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    الأبناء والتعامل مع الهاتف المحمول: توازن بين ...
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
  •  
    دور الآباء في تربية الأبناء في ضوء الكتاب والسنة ...
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
  •  
    التطوير المنهجي متعدد التخصصات في واقع التعليم ...
    د. مصطفى إسماعيل عبدالجواد
  •  
    رصيد العلاقات.. كيف نبني علاقات قوية في زمن ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    الاستمرارية: فريضة القلب في زمن التقلب
    أحمد الديب
  •  
    الشباب والعمل التطوعي: طاقة إيجابية تصنع الفرق
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاحتفاء بالمتفوقين بامتحانات البكالوريا يعيد ...
    أ. هشام البوجدراوي
  •  
    الذكاء الاصطناعي والتعليم
    حسن مدان
  •  
    أساليب التربية في ضوء القرآن والتربية الحديثة
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
  •  
    مفترق الطرق: قرارات مصيرية في عمر الشباب
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    القائد وضجيج الترند
    نهى سالم الرميحي
  •  
    التساهل في المنازل من أسباب المهازل
    شعيب ناصري
  •  
    المحطة العشرون: البساطة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    ضبط سلوكيات وانفعالات المتربي على قيمة العبودية
    د. أيمن أبو مصطفى
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الأوبئة (10) أقسام الناس في الوباء

الأوبئة (10) أقسام الناس في الوباء
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/6/2021 ميلادي - 14/11/1442 هجري

الزيارات: 11491

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأوبئة (10)

أقسام الناس في الوباء


الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

ابْتِلَاءُ الْبَشَرِ سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِمْ، لَا يَفِرُّ مِنْهَا أَحَدٌ، وَلَا يَقِي مِنْهَا حَذَرٌ، فَمَنْ صَبَرَ نَالَ الْأَجْرَ، وَمَنْ سَخِطَ رَكِبَهُ الْوِزْرُ ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 35]، وَمِنْ حِكَمِ الِابْتِلَاءِ رَدُّ النَّاسِ إِلَى الْجَادَّةِ، وَدَفْعُهُمْ لِلتَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ، وَكَسْرُ غُرُورِ النَّفْسِ وَعُتُوِّهَا ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 168].

 

وَالْأَوْبِئَةُ ابْتِلَاءٌ ابْتَلَى اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْبَشَرَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَمَا زِلْنَا مُنْذُ عَامٍ وَنَيِّفٍ نَعِيشُ فَوْرَةَ هَذَا الْوَبَاءِ وَسُكُونَهُ وَتَجَدُّدَهُ، وَأُصِيبَ بِهِ مَنْ أُصِيبَ، وَمَاتَ فِيهِ مَنْ مَاتَ، وَنُجِّيَ فِيهِ مَنْ نُجِّيَ، وَحُفِظَ مِنْهُ مَنْ حُفِظَ، وَكُلُّهَا مَقَادِيرُ الْحَكِيمِ الْعَلِيمِ الْقَدِيرِ، سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ.

 

وَالنَّاسُ فِي الْإِصَابَةِ بِالْوَبَاءِ عَلَى أَقْسَامٍ أَرْبَعَةٍ:

فَقِسْمٌ أُصِيبُوا بِهِ وَمَاتُوا، فَرَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ، وَيُرْجَى لِمَنْ صَبَرَ مِنْهُمْ وَاحْتَسَبَ أَجْرًا عَظِيمًا؛ لِأَنَّ الْوَبَاءَ مُصِيبَةٌ حَلَّتْ بِهِمْ، فَذَهَبَتْ فِيهِ أَرْوَاحُهُمْ، وَزَالُوا عَنْ دُنْيَاهُمْ. وَيَجِبُ عَلَى ذَوِيهِمُ الصَّبْرُ وَالِاحْتِسَابُ وَالِاسْتِرْجَاعُ، وَالرِّضَا بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ؛ لِيَنَالُوا الْأَجْرَ مَوْفُورًا ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 155-157]. وَلَمَّا احْتُضِرَ ابْنٌ لِبِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إِلَيْهَا قَائِلًا: «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَمَنْ صَبَرَ وَاحْتَسَبَ فِي ذَهَابِ حَبِيبٍ لَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي الْمُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلَّا الْجَنَّةُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَقِسْمٌ ثَانٍ أُصِيبُوا بِهِ، وَمَا زَالُوا فِي شِدَّتِهِ وَآلَامِهِ، وَهَؤُلَاءِ فِي خَيْرٍ عَظِيمٍ إِنْ هُمْ صَبَرُوا وَلَمْ يَجْزَعُوا، وَرَضُوا وَلَمْ يَسْخَطُوا، وَأَيْقَنُوا أَنَّ ابْتِلَاءَهُمْ بِهِ رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِهِمْ؛ لِتُكَفَّرَ بِالْوَبَاءِ خَطَايَاهُمْ، وَتُرْفَعَ بِصَبْرِهِمْ وَرِضَاهُمْ دَرَجَاتُهُمْ، وَالنُّصُوصُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، مَنْ وَعَاهَا عَلِمَ أَنَّهُ بِإِصَابَتِهِ مَحْبُوبٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مَا دَامَ قَائِمًا بِأَمْرِهِ سُبْحَانَهُ، مُلْتَزِمًا أَحْكَامَ دِينِهِ عَزَّ وَجَلَّ:

 

وَدَلِيلُ إِرَادَةِ الْخَيْرِيَّةِ لَهُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَدَلِيلُ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ: حَدِيثُ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ، وَمَنْ جَزِعَ فَلَهُ الْجَزَعُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.

 

وَدَلِيلُ تَكْفِيرِ خَطَايَاهُ بِالْوَبَاءِ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ، فَمَسِسْتُهُ بِيَدِي فَقُلْتُ: إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قَالَ: أَجَلْ، كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ، قَالَ: لَكَ أَجْرَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، مَرَضٌ فَمَا سِوَاهُ، إِلَّا حَطَّ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَكُلَّمَا اشْتَدَّ الْبَلَاءُ بِالْوَبَاءِ كَانَ ذَلِكَ أَعْظَمَ فِي الْجَزَاءِ، وَأَكْثَرَ فِي تَكْفِيرِ الْخَطَايَا؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

 

وَعَلَيْهِ أَنْ يَصْبِرَ عَلَى لَأْوَاءِ الْمَرَضِ وَشِدَّتِهِ وَأَلَمِهِ، وَأَنْ يَحْذَرَ مِنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ أَوِ الدُّعَاءِ بِهِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْجَزَعِ وَعَدَمِ الصَّبْرِ، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَاشْتَدَّ الْوَجَعُ بِخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى قَالَ: «لَوْلَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

كَمَا أَنَّ حَيَاةَ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ لَهُ؛ لِأَنَّهَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ: إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: «لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ، وَلَا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ، إِنَّهُ إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لَا يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلَّا خَيْرًا». وَسَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ، قَالَ: فَأَيُّ النَّاسِ شَرٌّ؟ قَالَ: مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

اللَّهُمَّ ثَبِّتْنَا عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ، وَاجْعَلْنَا فِي النَّعْمَاءِ شَاكِرِينَ، وَعَلَى الْبَلَاءِ صَابِرِينَ، وَعِنْدَ الْجَزَاءِ فَائِزِينَ، وَاحْفَظْنَا وَالْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 200].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

لِنَتَأَمَّلْ عَظَمَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَقُدْرَتَهُ عَلَى الْبَشَرِ فِي هَذَا الْوَبَاءِ الَّذِي تَغَيَّرَتْ بِهِ حَيَاةُ الْأَفْرَادِ وَالشُّعُوبِ وَالدُّوَلِ؛ لِنَعْلَمَ ﴿أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطَّلَاقِ: 12]، ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 18].

 

وَمِنْ أَقْسَامِ النَّاسِ فِي الْوَبَاءِ: قِسْمٌ ثَالِثٌ أَصَابَهُ الْوَبَاءُ فَشُفِيَ مِنْهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَارَفَ عَلَى الْهَلَاكِ وَلَكِنْ كُتِبَ لَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عُمْرٍ، وَآخَرُونَ دُونَ ذَلِكَ. وَعَلَى أَفْرَادِ هَذَا الْقِسْمِ أَنْ يَشْكُرُوا اللَّهَ تَعَالَى إِذْ نَجَّاهُمْ وَمَاتَ سِوَاهُمْ، وَيَحْمَدُوا اللَّهَ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُعَالِجُونَ الْوَبَاءَ وَآثَارَهُ بِأَلَمٍ أَقَلَّ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَلْيَتَأَمَّلُوا لُطْفَ اللَّهِ تَعَالَى بِهِمْ؛ إِذْ ثَبَّتَهُمْ وَصَبَّرَهُمْ وَأَعَانَهُمْ، حَتَّى تَجَاوَزُوا الْأَيَّامَ الْعَصِيبَةَ حِينَ نَزَلَ بِهِمُ الضُّرُّ، فَبِالشُّكْرِ تُقَيَّدُ النِّعَمُ وَتَنْمُو وَتَتَجَدَّدُ ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 7]. وَمِنْ شُكْرِ النِّعَمِ تَجْدِيدُ التَّوْبَةِ، وَمُرَاجَعَةُ النَّفْسِ، وَالتَّأَمُّلُ فِي هَوَانِ الدُّنْيَا؛ إِذْ كَادَ يُفَارِقُ أَحِبَّتَهُ، وَتَفُوتُ نَفْسُهُ، وَيَفُوتُهُ مَعَهَا تَوْبَةٌ نَصُوحٌ، وَعَمَلٌ صَالِحٌ مَبْرُورٌ، فَلَا يَكُنْ حَالُهُ بَعْدَ الْإِصَابَةِ بِالْوَبَاءِ وَالشِّفَاءِ مِنْهُ كَحَالِهِ قَبْلَهَا، وَإِلَّا كَانَ مِنَ الْغَافِلِينَ؛ لِأَنَّهُ غَفَلَ عَنْ إِنْذَارِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ.

 

وَمِنْ أَقْسَامِ النَّاسِ فِي الْوَبَاءِ: قِسْمٌ رَابِعٌ لَمْ يُصَبْ بِهِ أَبَدًا؛ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ تَعَالَى أَفْرَادُ هَذَا الْقِسْمِ إِذْ عَافَاهُمْ، وَلْيَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ بِصَالِحِ الْأَعْمَالِ، وَلْيَسْأَلُوهُ الْعَافِيَةَ عَلَى الدَّوَامِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُ هَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 

وَعَلَى الْجَمِيعِ أَنْ يُجَدِّدُوا تَوْبَتَهُمْ، وَيَلْجَئُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ شُئُونِهِمْ، وَيَسْأَلُوا اللَّهَ تَعَالَى حَاجَاتِهِمْ ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النُّورِ: 31]، ﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 56]، ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غَافِرٍ: 60]. مَعَ الْأَخْذِ بِالْأَسْبَابِ الْوِقَائِيَّةِ مِنَ انْتِشَارِ الْوَبَاءِ أَوِ الْإِصَابَةِ بِعَدْوَاهُ، وَالْعِلَاجِ لِلشِّفَاءِ مِنْهُ بَعْدَ الْإِصَابَةِ بِهِ، فَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ دَاءٍ إِلَّا وَأَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً إِلَّا الْمَوْتَ وَالْهَرَمَ؛ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأوبئة (5) الوقاية والعلاج
  • الأوبئة (6) من منافع كورونا
  • الأوبئة (8) الدعاء لرفع الوباء
  • الأوبئة (9) العبادة في الوباء
  • الأوبئة (11) العدوى بين الإثبات والنفي
  • الأوبئة (12) التنجيم والعرافة والكهانة في الأوبئة
  • من أقوال السلف في الأوبئة والطواعين

مختارات من الشبكة

  • المتشددون والمتساهلون والمعتدلون في الجرح والتعديل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الناس في هذا العالم أقسام شتى(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • أقسام الناس في العلم والعمل(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • العلم بالله تعالى (8) أقسام الناس في العلم بالربوبية(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أقسام الناس في الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سورة البقرة (2) أقسام الناس(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أقسام الناس في السهر(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أقسام الناس في الآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام الناس في رمضان(مقالة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • أقسام الناس في الصيام(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية
  • التخطيط لإنشاء مسجد جديد في مدينة أيلزبري الإنجليزية
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/2/1447هـ - الساعة: 14:45
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب