• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة الحادية والعشرون: الانضباط الذاتي
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (2): العادات الصغيرة: سر النجاح ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    مائة من أسماء الصحابيات لمن أراد تسمية البنات
    رمزي صالح محمد
  •  
    كن نافعا
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
  •  
    الهدي النبوي في التربية والتعليم: بعض سماته ...
    يوسف الإدريسي
  •  
    التربية الحديثة وتكريس الاتكالية
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    المرأة بين تكريم الإسلام وامتهان الغرب (3)
    نجلاء جبروني
  •  
    البلوغ وبداية الرشد: حين يكون الزواج عند البلوغ ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    سلسلة دروب النجاح (1) البوصلة الداخلية: دليل ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الأسرة الحديثة بين العجز عن التزويج والانقراض ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    الأبناء والتعامل مع الهاتف المحمول: توازن بين ...
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
  •  
    دور الآباء في تربية الأبناء في ضوء الكتاب والسنة ...
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
  •  
    التطوير المنهجي متعدد التخصصات في واقع التعليم ...
    د. مصطفى إسماعيل عبدالجواد
  •  
    رصيد العلاقات.. كيف نبني علاقات قوية في زمن ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    الاستمرارية: فريضة القلب في زمن التقلب
    أحمد الديب
  •  
    الشباب والعمل التطوعي: طاقة إيجابية تصنع الفرق
    محمود مصطفى الحاج
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

أوصاف القرآن الكريم (13) (والكتاب المبين)

أوصاف القرآن الكريم (13) (والكتاب المبين)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/4/2021 ميلادي - 11/9/1442 هجري

الزيارات: 30028

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أوصاف القرآن الكريم (13)

﴿ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴾


الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ؛ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ فِي رَمَضَانَ، ﴿ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 185]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ يَفِيضُ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْخَيْرَاتِ، وَيُوَفِّقُهُمْ لِاكْتِسَابِ الْحَسَنَاتِ، وَصِيَانَةِ أَنْفُسِهِمْ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ «كَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ»، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَكْثِرُوا مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْكَرِيمِ؛ فَإِنَّهُ يَمْضِي بِمَا اسْتَوْدَعَ النَّاسُ فِيهِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، فَمَنْ عَمِلَ خَيْرًا وَجَدَهُ، وَمَنْ عَمِلَ سُوءًا وَجَدَهُ، وَلَا يَلُومَنَّ مُسِيءٌ إِلَّا نَفْسَهُ ﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الْكَهْفِ: 49].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: اخْتَصَّ اللَّهُ تَعَالَى شَهْرَ رَمَضَانَ بِأَنَّهُ شَهْرُ الصِّيَامِ وَالْإِنْفَاقِ وَالْإِطْعَامِ، وَوَصَفَ هَذَا الشَّهْرَ بِأَنَّهُ شَهْرُ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ تَنَزَّلَ فِيهِ، وَفِيهِ تَكْثُرُ قِرَاءَتُهُ وَالِاسْتِمَاعُ إِلَيْهِ فِي صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ. وَالْقُرْآنُ لَهُ أَوْصَافٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى انْتِفَاعِ قَارِئِهِ بِهِ، وَأَثَرِهِ عَلَى قَلْبِهِ؛ إِيمَانًا وَصَلَاحًا وَاسْتِقَامَةً.

 

وَمِنْ أَوْصَافِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ كِتَابٌ مُبِينٌ، وَقَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَتَيِ الزُّخْرُفِ وَالدُّخَانِ بِالْكِتَابِ الْمُبِينِ: ﴿ حم* وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 1-3]، ﴿ حم* وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ﴾ [الدُّخَانِ: 1-3]. كَمَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَشَارَ إِلَيْهِ فِي سُورَةِ يُوسُفَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ* إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [يُوسُفَ: 1- 2]، وَفِي الْحِجْرِ: ﴿ الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ ﴾ [الْحِجْرِ: 1]، وَفِي الشُّعَرَاءِ: ﴿ طسم* تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [الشُّعَرَاءِ: 1-3]، وَفِي الْقَصَصِ: ﴿ طسم* تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ * نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الْقَصَصِ: 1-3]، «وَالْكِتَابُ الْمُبِينُ هُوَ الْقُرْآنُ، وَهُوَ بَيِّنٌ فِي نَفْسِهِ، مُبَيِّنٌ لِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ لِهِدَايَتِهِمْ».

 

وَلِشِدَّةِ بَيَانِهِ وَتَبْيِينِهِ وُصِفَ بِأَنَّهُ نُورٌ؛ لِأَنَّ النُّورَ يُرَى فِي الظُّلُمَاتِ، وَيُرِي السَّائِرَ فِيهَا طَرِيقَهُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 15]. وَالدُّنْيَا مَمْلُوءَةٌ بِظُلُمَاتِ الشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ وَالْبِدَعِ وَالِانْحِرَافِ وَالشُّبَهِ وَالضَّلَالَاتِ، وَالْقُرْآنُ مُبَيِّنٌ لِزَيْفِهَا، كَاشِفٌ لِقَارِئِهِ حَقَائِقَهَا، وَيَدُلُّهُ عَلَى الطَّرِيقِ السَّوِيِّ فِي التَّعَامُلِ مَعَهَا.

 

وَالْقُرْآنُ مُعَرِّفٌ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَمُبَيِّنٌ دَلَائِلَ قُدْرَتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ وَعَظَمَتِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ النُّورِ جُمْلَةً مِنَ الْآيَاتِ الْكَوْنِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى قُدْرَتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ، فِي الْمُلْكِ وَالْخَلْقِ وَإِنْشَاءِ السَّحَابِ وَإِنْزَالِ الْمَطَرِ وَتَقْلِيبِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، ثُمَّ خَتَمَهَا بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [النُّورِ: 46].

 

وَالْقُرْآنُ كَذَلِكَ مُبَيِّنٌ لِلْعَقَائِدِ الصَّحِيحَةِ، وَفَاضِحٌ لِلْعَقَائِدِ الْبَاطِلَةِ؛ وَلِذَا خُوطِبَ بِهِ كُلُّ النَّاسِ لِيَسْتَبِينُوا أَمْرَهُمْ، وَيَعْرِفُوا مَصِيرَهُمْ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾ [النِّسَاءِ: 174]، وَفِي سُورَةِ النَّمْلِ: ﴿ طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ* هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النَّمْلِ: 1-2]. وَفِي سُورَةِ الطَّلَاقِ: ﴿ رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [الطَّلَاقِ: 11]، وَلِذَا يَكْثُرُ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُ تَقْرِيرِ التَّوْحِيدِ بِأَنْوَاعِهِ كُلِّهَا، وَالتَّحْذِيرُ مِنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ.

 

وَكَمَا أَنَّ فِي الْقُرْآنِ بَيَانَ زَيْفِ آلِهَةِ الْمُشْرِكِينَ، وَبَيَانَ حَقِيقَةِ الْمُنَافِقِينَ؛ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ مُبَيِّنٌ لِمَا أَخْفَاهُ أَهْلُ الْكِتَابِ مِنْ أَحْكَامِ دِينِهِمْ، وَمُبَيِّنٌ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ كُتُبِهِمْ وَأَنْبِيَائِهِمْ؛ وَلِذَا خُوطِبَ أَهْلُ الْكِتَابِ بِهِ لِيَصِلُوا إِلَى الْحَقَائِقِ الَّتِي بَيَّنَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 15-16]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾ [النَّمْلِ: 76].

 

وَالْقُرْآنُ كَذَلِكَ مُبَيِّنٌ لِلْأَحْكَامِ الَّتِي يَحْتَاجُهَا النَّاسُ فِي عِبَادَاتِهِمْ وَمُعَامَلَاتِهِمْ وَشُئُونِهِمْ كُلِّهَا، وَقَدْ خَتَمَ اللَّهُ تَعَالَى كَثِيرًا مِنْ آيَاتِ الْأَحْكَامِ بِهَذَا الْمَعْنَى الْعَظِيمِ؛ وَهُوَ أَنَّ الْقُرْآنَ كِتَابٌ مُبَيِّنٌ لِلنَّاسِ مَا يَحْتَاجُونَهُ، وَأَنَّ هَذَا الْبَيَانَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَضْلٌ مِنْهُ سُبْحَانَهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ:

أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَتَمَ آيَةَ الِاعْتِكَافِ وَبَيَانِ أَحْكَامِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 187]، وَخَتَمَ آيَةَ النَّهْيِ عَنِ التَّنَاكُحِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 221]، وَخَتَمَ آيَةَ بَيَانِ أَضْرَارِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 219]، وَخَتَمَ آيَاتِ الطَّلَاقِ وَأَحْكَامِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 242]، وَخَتَمَ آيَاتِ الْإِنْفَاقِ وَالصَّدَقَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 266]، وَخَتَمَ آيَةَ وُجُوبِ الِاجْتِمَاعِ وَعَدَمِ الْفُرْقَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 103]. وَذَكَرَ سُبْحَانَهُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ أَحْكَامَ النِّكَاحِ فِي جُمْلَةٍ مِنَ الْآيَاتِ وَخَتَمَهَا بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [النِّسَاءِ: 26]، وَخَتَمَ آيَةَ تَقْسِيمِ مَوَارِيثِ الْكَلَالَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النِّسَاءِ: 176]، وَخَتَمَ آيَةَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 89]، وَخَتَمَ آيَاتِ التَّحْذِيرِ مِنَ الشَّائِعَاتِ وَقَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [النُّورِ: 18]، وَخَتَمَ آيَاتِ الِاسْتِئْذَانِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [النُّورِ: 58]، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [النُّورِ: 59]، وَخَتَمَ آيَةَ آدَابِ دُخُولِ الْبُيُوتِ وَالْأَكْلِ فِيهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [النُّورِ: 61]، وَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ النُّورِ أَحْكَامَ الزِّنَا وَالْقَذْفِ وَدُخُولِ الْبُيُوتِ وَغَضِّ الْأَبْصَارِ وَالْمَحَارِمِ وَالْعِفَّةِ، ثُمَّ خَتَمَهَا بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [النُّورِ: 34].

 

فَيَنْبَغِي لِأَهْلِ الْإِيمَانِ وَهُمْ يُكْثِرُونَ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَالِاسْتِمَاعَ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْفَاضِلَةِ؛ أَنْ يَنْتَبِهُوا إِلَى أَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ بَيَانُ اللَّهِ تَعَالَى إِلَيْهِمْ، فَلْيُرْخُوا لَهُ أَسْمَاعَهُمْ، وَلْيَفْتَحُوا لِآيَاتِهِ قُلُوبَهُمْ، وَلْيَتَدَبَّرُوا مَعَانِيَهُ ﴿ هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 138].

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَصْفُ الْقُرْآنِ بِأَنَّهُ كِتَابٌ مُبِينٌ، يَعْنِي: أَنَّهُ يُبَيِّنُ كُلَّ شَيْءٍ يَحْتَاجُهُ الْإِنْسَانُ فِي حَيَاتِهِ؛ إِمَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهِ، أَوِ الْإِشَارَةِ إِلَيْهِ، وَإِمَّا بِقَوَاعِدَ عَامَّةٍ، وَإِمَّا بِالْإِحَالَةِ عَلَى السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، كَمَا يُبَيِّنُ الْقُرْآنُ لِلْإِنْسَانِ بِدَايَتَهُ وَنِهَايَتَهُ، وَمَصِيرَ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ، وَمَآلَ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ [النَّحْلِ: 89]. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَعَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ، فَإِنَّ فِيهِ خَبَرَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ».

 

وَقَدْ ضَلَّ قَوْمٌ عَنِ الْقُرْآنِ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ يَكْتَفُونَ بِهِ عَنِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ اسْتِدْلَالًا بِهَذِهِ الْآيَةِ: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ [النَّحْلِ: 89]، رَغْمَ أَنَّ الْقُرْآنَ أَحَالَ عَلَى السُّنَّةِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، فَمَنْ عَطَّلَ السُّنَّةَ فَهُوَ مُعَطِّلٌ لِلْقُرْآنِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالْقُرْآنِ وَحْدَهُ دُونَ السُّنَّةِ فَهُوَ لَمْ يَأْخُذْ بِالْقُرْآنِ، وَمَنْ رَدَّ الْحَدِيثَ النَّبَوِيَّ الصَّحِيحَ فَهُوَ يَرُدُّ الْقُرْآنَ، وَمَنْ طَعَنَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَهُوَ يَطْعَنُ فِي الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِالتَّأَسِّي بِالرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَاعَتِهِ وَأَخْذِ مَا جَاءَ عَنْهُ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا بِالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ؛ وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ الْأَوْزَاعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ قَالَ: بِالسُّنَّةِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «نَظَرْتُ فِي الْمُصْحَفِ فَوَجَدْتُ طَاعَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا، ثُمَّ جَعَلَ يَتْلُو: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ﴾ الْآيَةَ. وَجَعَلَ يُكَرِّرُهَا وَيَقُولُ: وَمَا الْفِتْنَةُ؟ الشِّرْكُ، لَعَلَّهُ إِذَا رَدَّ بَعْضَ قَوْلِهِ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنَ الزَّيْغِ، فَيَزِيغَ قَلْبُهُ فَيُهْلِكَهُ، وَجَعَلَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾».

 

وَرَمَضَانُ فُرْصَةٌ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَتَدَبُّرِ مَعَانِيهِ، وَالْعَمَلِ بِهِ؛ فَالْقُرْآنُ مُبَيِّنٌ لِمَا يَحْتَاجُ الْعَبْدُ إِلَى بَيَانِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 44].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • (ولقد أنزلنا إليك آيات بينات) أوصاف القرآن الكريم (9)
  • أوصاف القرآن الكريم (1)
  • أوصاف القرآن الكريم (2)
  • أوصاف القرآن الكريم (12) (والقرآن المجيد)
  • أوصاف القرآن الكريم (14): ﴿ تلك آيات الكتاب الحكيم ﴾ (خطبة)
  • سبعة قوانين لفهم الكتاب المبين
  • أوصاف القرآن الكريم (15) { الله نزل أحسن الحديث }
  • خطبة: أوصاف القرآن الكريم (16): {تلك آيات الكتاب}
  • أوصاف القرآن الكريم (17) {كتابا متشابها مثاني}

مختارات من الشبكة

  • من طرق استثارة المعاني والأفكار(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أوصاف القرآن (3) الكريم(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • وإنه لكتاب عزيز (أوصاف القرآن الكريم 11)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أوصاف القرآن الكريم: وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أوصاف القرآن الكريم (7)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أوصاف القرآن الكريم (6)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أوصاف القرآن الكريم (5)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أوصاف القرآن الكريم (4)(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • أوصاف القرآن الكريم (3)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الشعر والمقالات محاور مسابقة "المسجد في حياتي 2025" في بلغاريا
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/2/1447هـ - الساعة: 15:1
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب