• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    التربية الإسلامية للأولاد: أمانة ومسؤولية شرعية
    محمد إقبال النائطي الندوي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (5) دعم الأهل: رافعة النجاح ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    المشاكل الأسرية وعلاجها في ضوء السنة النبوية
    مرشد الحيالي
  •  
    الدخول المدرسي 2025 وإشكالية الجودة بالمؤسسات ...
    أ. هشام البوجدراوي
  •  
    المحطة الرابعة والعشرون: بصمة نافعة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (4) إدارة الوقت: معركة لا تنتهي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الإدمان في حياة الشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    طاعة الزوج من طاعة المعبود، فهل أديت العهد ...
    حسام الدين أبو صالحة
  •  
    المحطة الثالثة والعشرون: عيش اللحظة
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (3) الفشل خطوة نحو القمة
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أطفال اليابان رجال الميدان
    بدر الدين درارجة
  •  
    الآباء سند في الحياة
    شعيب ناصري
  •  
    الإسلام والتعامل مع الضغط النفسي
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
  •  
    ضرب الأطفال في ميزان الشريعة
    د. لمياء عبدالجليل سيد
  •  
    المحطة الحادية والعشرون: الانضباط الذاتي
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (2): العادات الصغيرة: سر النجاح ...
    محمود مصطفى الحاج
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

سورة آل عمران (1) لا دين يقبل إلا الإسلام

سورة آل عمران (1) لا دين يقبل إلا الإسلام
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/10/2020 ميلادي - 12/3/1442 هجري

الزيارات: 19172

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة آل عمران (1)

لا دين يُقبَل إلا الإسلام


﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ * يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ ﴾ [سَبَأٍ: 1- 2]. نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ هُدًى لِلنَّاسِ، وَحُجَّةً عَلَى الْعِبَادِ، وَبَيَانًا لِلْأَحْكَامِ، وَقَطْعًا لِلْأَعْذَارِ ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النَّحْلِ: 89]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَرْسَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْحَقِّ الْمُبِينِ، فَأَنَارَ الطَّرِيقَ لِلسَّالِكِينَ، وَأَقَامَ الْحُجَّةَ عَلَى الْعَالَمِينَ، وَلَا يُقْبَلُ إِلَّا دِينُهُ، وَلَا يَنْجُو إِلَّا أَتْبَاعُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَسْلِمُوا لَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا نَجَاةَ إِلَّا بِالِاسْتِسْلَامِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 112].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ كِتَابُ هِدَايَةٍ لِلْعِبَادِ، وَبَيْنَ دَفَّتَيْهِ أَعْلَى الْمَعَارِفِ وَأَشْرَفُهَا وَأَنْفَعُهَا لِلنَّاسِ، وَهِيَ مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْرِفَةُ مَا يُرِيدُهُ سُبْحَانَهُ مِنْ عِبَادِهِ. وَلَا تَكَادُ تَخْلُو سُورَةٌ مِنْ سُوَرِهِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الْعَظِيمِ تَصْرِيحًا أَوْ تَعْرِيضًا أَوْ إِشَارَةً أَوْ إِيمَاءً.

 

وَسُورَةُ آلِ عِمْرَانَ ثَانِيَةُ السُّوَرِ الطِّوَالِ فِي تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ، وَحَوَتْ مَوْضُوعَاتٍ جَلِيلَةً عَظِيمَةً كَثِيرَةً. وَكُرِّرَ فِيهَا الدَّعْوَةُ إِلَى الْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ دِينُ الرُّسُلِ جَمِيعًا، بِالِاسْتِسْلَامِ لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالِانْقِيَادِ لَهُ وَالْإِذْعَانِ.

 

وَفِي بِدَايَاتِ السُّورَةِ حَصْرٌ لِلدِّينِ فِي الْإِسْلَامِ، وَهَذَا الْحَصْرُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا دِينَ يَقْبَلُهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا الْإِسْلَامَ، وَإِلَّا فَإِنَّ الْأَدْيَانَ فِي الْأَرْضِ كَثِيرَةٌ، وَمِنْهَا الْمُحَرَّفُ وَأَكْثَرُهَا مُخْتَرَعٌ، لَكِنْ لَا شَيْءَ مِنْهَا يُوصِلُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ سِوَى الْإِسْلَامِ ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 19]. وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ حَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ إِذَا بَلَغَهَا فِي تِلَاوَتِهِ أَنْ يَقِفَ عِنْدَهَا وَيَتَأَمَّلَهَا، وَيَسْتَشْعِرَ نِعْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ؛ فَقَدْ هَدَاهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ وَقَدْ ضَلَّ عَنْهُ أَكْثَرُ الْبَشَرِ. وَأَسْبَابُ ضَلَالِهِمْ كَثِيرَةٌ؛ مِنْهَا الْجَهْلُ بِهِ، أَوِ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ. إِمَّا حَسَدًا كَمَا كَانَ حَالُ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ إِذْ حَسَدُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْعَرَبَ عَلَى هَذَا الدِّينِ، وَإِمَّا مَيْلًا إِلَى الدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا؛ وَلِذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى -بَعْدَ تَقْرِيرِ أَنَّ الدِّينَ عِنْدَهُ الْإِسْلَامُ-: ﴿ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 19].

 

وَقَدْ يُوَاجِهُ الْمُؤْمِنُ مَنْ يُحَاجِجُهُ فِي الْإِسْلَامِ، كَمَا جَادَلَ يَهُودُ الْمَدِينَةِ، وَنَصَارَى نَجْرَانَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِسْلَامِ، فَكَانَ التَّوْجِيهُ الرَّبَّانِيُّ فِي ذَلِكَ: ﴿ فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 20]. فَأَهْلُ الْإِسْلَامِ يَلْزَمُونَ الْحَقَّ، وَيَرْحَمُونَ الْخَلْقَ، فَيَدْعُونَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ لِاسْتِنْقَاذِهِمْ مِنَ الشَّقَاءِ الدُّنْيَوِيِّ، وَالْعَذَابِ الْأُخْرَوِيِّ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ هِدَايَتَهُمْ؛ فَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.

 

وَقَدْ عَمِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوْجِيهِ الرَّبَّانِيِّ فِي مُحَاوَرَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى الْإِسْلَامِ: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 64]، «أَيْ: هَلُمُّوا نَجْتَمِعْ عَلَيْهَا، وَهِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ، وَلَمْ يُخَالِفْهَا إِلَّا الْمُعَانِدُونَ وَالضَّالُّونَ، لَيْسَتْ مُخْتَصَّةً بِأَحَدِنَا دُونَ الْآخَرِ، بَلْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، وَهَذَا مِنَ الْعَدْلِ فِي الْمَقَالِ وَالْإِنْصَافِ فِي الْجِدَالِ» وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ السَّوَاءُ هِيَ: ﴿ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ وَهِيَ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا كُلُّ الْأَدْيَانِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَتَنَزَّلَتْ بِهَا جَمِيعُ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ، وَبَلَّغَهَا الرُّسُلُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. وَرَغْمَ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ عَدْلٌ وَحَقٌّ فَإِنَّهُمْ قَدْ يَرْفُضُونَهَا وَيُعَارِضُونَهَا، وَحِينَئِذٍ فَأَشْهِدُوهُمْ عَلَى إِسْلَامِكُمْ؛ إِعْلَامًا لَهُمْ بِثَبَاتِكُمْ عَلَى الْحَقِّ، وَزِيَادَةً فِي إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، وَنَقْدًا لَهُمْ فِي إِعْرَاضِهِمْ وَرُكُوبِ أَهْوَائِهِمْ ﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 64].

 

وَفِي ادِّعَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ انْتِسَابَهُمْ لِلْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَحَضَ اللَّهُ تَعَالَى حُجَّتَهُمْ، وَبَيَّنَ أَنَّ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مُسْلِمًا لِلَّهِ تَعَالَى، مُسْتَسْلِمًا لِأَمْرِهِ سُبْحَانَهُ ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 67-68].

 

وَكَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُلُوكِ الْأَرْضِ فِي زَمَنِهِ بِمَضْمُونِ ذَلِكَ، وَعَلَى رَأْسِهِمْ مَلِكُ الرُّومِ الَّذِي كَانَ أَكْبَرَهُمْ وَأَقْوَاهُمْ، وَمَضْمُونُ كِتَابِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ، وَ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

وَنَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ دَعَا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَتَرْكِ الشِّرْكِ، فَقَالَ لَهُمْ فِي مُحَاوَرَتِهِ إِيَّاهُمْ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 51] فَمِنْهُمْ مَنْ قَبِلَ الْإِسْلَامَ فَكَانُوا أَتْبَاعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَفَضَهُ فَكَانُوا أَعْدَاءَهُ ﴿ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 52-52]. «وَإِنَّمَا طَلَبُوا شَهَادَتَهُ بِإِسْلَامِهِمْ تَأْكِيدًا لِإِيمَانِهِمْ؛ لِأَنَّ الرُّسُلَ يَشْهَدُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِقَوْمِهِمْ وَعَلَيْهِمْ».

 

وَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ فِي مُحَاجَّتِهِمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مُحَمَّدُ، تُرِيدُ أَنْ نَعْبُدَكَ وَنَتَّخِذَكَ رَبًّا، فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْمُرَ بِعِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، مَا بِذَلِكَ أَمَرَنِي اللَّهُ تَعَالَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ» ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ * وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 79-80]. فَاللَّهُ تَعَالَى وَرُسُلُهُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لَا يَأْمُرُونَ إِلَّا بِالْإِسْلَامِ، الَّذِي هُوَ الِاسْتِسْلَامُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالِانْقِيَادُ لَهُ وَالْإِذْعَانُ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَنْصَارِ دِينِهِ، وَمِنْ حَمَلَةِ شَرِيعَتِهِ، وَمِنَ الدُّعَاةِ إِلَى سَبِيلِهِ، حَتَّى نَلْقَاهُ عَلَى ذَلِكَ. إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131 - 132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

إِذَا كَانَ الْأَمْرُ بِالْإِسْلَامِ حَاضِرًا بِكَثَافَةٍ فِي أَوَائِلِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ؛ فَإِنَّهُ كُرِّرَ فِي وَسَطِهَا فِي ثَلَاثِ آيَاتٍ مُتَتَابِعَاتٍ، يُبَيِّنُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا أَنَّهُ لَا دِينَ يَقْبَلُهُ مِنْ عِبَادِهِ إِلَّا الْإِسْلَامَ، فَكُلُّ مَنْ دَانَ بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ فَلَنْ يَقْبَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْخَلْقَ وَالْأَمْرَ لِلَّهِ تَعَالَى، فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَسْلِمَ كُلُّ الْخَلْقِ لَهُ، وَيَرْضَوْا بِمَا اخْتَارَهُ لَهُمْ مِنَ الدِّينِ، وَلَا يَرْكَبُوا أَهْوَاءَهُمْ فَيُحَرِّفُوا أَدْيَانَهُمْ أَوْ يَخْتَرِعُوهَا، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ لَمْ تَنْفَعْهُمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى شَيْئًا ﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ * قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 83-85].

 

ثُمَّ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ فِي وُجُوبِ لُزُومِ الْإِسْلَامِ يُوصِي اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَثْبُتُوا عَلَيْهِ إِلَى الْمَمَاتِ؛ كَيْ يَلْقَوُا اللَّهَ تَعَالَى بِهِ فَيَكُونُوا مِنَ الْفَائِزِينَ؛ لِأَنَّ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مِنَ الْخَاسِرِينَ، وَيُبَيِّنُ سُبْحَانَهُ نِعْمَتَهُ عَلَى عِبَادِهِ حِينَ أَخْرَجَهُمْ بِالْإِسْلَامِ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ، فَجَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى قُلُوبَهُمْ بِالْإِسْلَامِ، وَوَحَّدَ صَفَّهُمْ بِهِ، فَلَا يَلِيقُ بِهِمْ -وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ- إِلَّا أَنْ يَتَشَبَّثُوا بِهِ، وَيَثْبُتُوا عَلَيْهِ، وَيَدْعُوا النَّاسَ إِلَيْهِ، وَيُرَغِّبُوهُمْ فِيهِ؛ لِيُنْقِذُوهُمْ بِهِ مِنَ النَّارِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102-103]. وَهَذَا التَّأْكِيدُ عَلَى الْإِسْلَامِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْعَظِيمَةِ يَحْتَاجُ الْمُسْلِمُ إِلَى تَدَبُّرِهِ وَتَأَمُّلِهِ فِي زَمَنٍ كَثُرَ فِيهِ الِانْحِرَافُ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَكَثُرَتْ فِيهِ الدَّعَايَةُ ضِدَّ الْإِسْلَامِ، وَكَثُرَتْ فِيهِ الْمُحَاوَلَاتُ لِصَهْرِ الْإِسْلَامِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَدْيَانِ الْبَاطِلَةِ؛ الْمُحَرَّفَةِ مِنْهَا وَالْمُخْتَرَعَةِ، مِمَّا يُوجِبُ بَيَانَ الْحَقِّ، وَدَحْضَ الْبَاطِلِ، وَلُزُومَ الْإِسْلَامِ، وَالصَّبْرَ عَلَى الْأَذَى فِيهِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 200].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تأملات في آيات من القرآن الكريم .. سورة آل عمران
  • الأوامر العملية في سورة آل عمران
  • شفاء الأحزان في سورة آل عمران
  • تفسير سورة آل عمران كاملة
  • وقفات مع سورة آل عمران
  • سورة آل عمران (2) تقرير الربوبية
  • سورة آل عمران (3) تقرير الألوهية
  • هدايات سورة آل عمران (خطبة)
  • سورة آل عمران (4) النفاق والمنافقون
  • سورة آل عمران (5) غزوة أحد (خطبة)
  • مع سورة آل عمران
  • تدبر خواتيم سورة آل عمران (خطبة)
  • سورة آل عمران (6) الدنيا متاع الغرور

مختارات من الشبكة

  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (4)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سورة آل عمران (5) الثبات والتثبيت(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • وقفات ودروس من سورة آل عمران (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة الهمزة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: سورة الفاتحة فضائل وهدايات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سورة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في سورة ق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • (دروس وفوائد كثيرة من آية عجيبة في سورة الأحقاف) معظمها عن بر الوالدين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة التفسير: سورة العصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: تدبر أول سورة البقرة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/3/1447هـ - الساعة: 14:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب