• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    100 قاعدة في المودة والرحمة الزوجية
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    "إني لأكره أن أرى أحدكم فارغا سبهللا لا في عمل ...
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    ملخص كتاب: كيف تقود نفسك للنجاح في الدنيا والآخرة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    القدوة وأثرها في حياتنا
    أ. محاسن إدريس الهادي
  •  
    "إن كره منها خلقا رضي منها آخر"
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    الذكاء العاطفي والذكاء الاجتماعي في المجتمع ...
    بدر شاشا
  •  
    إدمان المواقع الإباحية
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة (2)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    بين الحب والهيبة..
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    سلسلة دروب النجاح (10) الحافز الداخلي: سر ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أثر التفكير الغربي في مراحل التعليم في العالم ...
    بشير شعيب
  •  
    التعليم المختلط ومآلات التعلق العاطفي: قراءة في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    ملامح تربية الأجداد للأحفاد
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    الاتجاه الضمني في تنمية التفكير بين الواقع ...
    د. خليل أسعد عوض
  •  
    الرياضة
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

فقه الإحسان (1) معنى الإحسان وفضله

فقه الإحسان (1) معنى الإحسان وفضله
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/10/2020 ميلادي - 28/2/1442 هجري

الزيارات: 30971

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فقه الإحسان (1)

معنى الإحسان وفضله


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؛ أَمَرَ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ، وَكَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَرَتَّبَ عَلَيْهِ عَظِيمَ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ؛ نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، وَطَلَبَ الْإِحْسَانَ مِنْ عِبَادِهِ ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [النَّمْلِ: 88]، ﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ [التَّغَابُنِ: 3]. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ تَخَلَّقَ بِالْإِحْسَانِ وَأَمَرَ بِهِ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي كُلِّ شَأْنٍ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاعْمَلُوا صَالِحًا، وَأَحْسِنُوا أَعْمَالَكُمْ؛ فَإِنَّ صَلَاحَ الْعَمَلِ وَإِحْسَانَهُ نَجَاةٌ لِلْعَبْدِ وَفَلَاحٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الْمَائِدَةِ: 93].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

الْإِحْسَانُ أَعْلَى مَرَاتِبِ الدِّينِ، وَمَا دَخَلَ الْإِحْسَانُ فِي شَيْءٍ إِلَّا جَمَّلَهُ وَكَمَّلَهُ وَحَسَّنَهُ، وَبَلَغَ بِهِ أَعْلَى الْمَرَاتِبِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَحْسَنَ الْعَمَلَ كَانَ مُخْلِصًا فِيهِ، مُوَافِقًا لِلْهَدْيِ النَّبَوِيِّ؛ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَّفَ الْإِحْسَانَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ». «يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْعَبْدَ يَعْبُدُ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَهِيَ اسْتِحْضَارُ قُرْبِهِ، وَأَنَّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَأَنَّهُ يَرَاهُ، وَذَلِكَ يُوجِبُ الْخَشْيَةَ وَالْخَوْفَ وَالْهَيْبَةَ وَالتَّعْظِيمَ... وَيُوجِبُ أَيْضًا النُّصْحَ فِي الْعِبَادَةِ، وَبَذْلَ الْجُهْدِ فِي تَحْسِينِهَا وَإِتْمَامِهَا وَإِكْمَالِهَا».

 

وَكُلُّ عَمَلٍ دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ إِذَا رَاقَبَ الْعَامِلُ فِيهِ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ تَحَقَّقَ فِيهِ الْإِحْسَانُ، وَكَانَ عَلَى أَكْمَلِ حَالٍ، سَوَاءٌ كَانَ عَمَلًا يَقْصُرُ نَفْعُهُ عَلَى صَاحِبِهِ؛ كَصَلَاتِهِ وَقِرَاءَتِهِ وَكَدْحِهِ عَلَى نَفْسِهِ، أَمْ كَانَ مُتَعَدِّيَ النَّفْعِ إِلَى غَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ، وَهُوَ إِيصَالُ الْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ، فَالْإِحْسَانُ إِتْقَانُ الْعَمَلِ، وَالْبَاعِثُ عَلَيْهِ مُرَاقَبَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ.

 

وَأَعْظَمُ فَضِيلَةٍ لِلْإِحْسَانِ أَنَّهُ أَعْلَى دَرَجَاتِ الدِّينِ؛ إِذِ الدِّينُ إِسْلَامٌ وَإِيمَانٌ وَإِحْسَانٌ، كَمَا جَاءَ مُرَتَّبًا فِي الْأَحَادِيثِ، وَأَعْلَاهُ الْإِحْسَانُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النِّسَاءِ: 125]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 112]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ [لُقْمَانَ: 22].

 

وَالْمُحْسِنُونَ مَحْظُوظُونَ بِمَعِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾ [النَّحْلِ: 128]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الْعَنْكَبُوتِ: 69].

 

وَالْمُحْسِنُونَ يَنَالُونَ مَحَبَّتَهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَجَاءَ ذَلِكَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 195]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةُ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 148]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الْمَائِدَةِ: 13].

 

وَمِنْ فَضْلِ الْإِحْسَانِ أَنَّ الْجَنَّةَ سُمِّيَتْ بِهِ؛ فَهِيَ دَارُ الْحُسْنَى، وَالْأَوْلَى بِهَا هُمُ الْمُحْسِنُونَ، فَهِيَ دَارُهُمْ وَمُسْتَقَرُّهُمْ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُؤْمِنِينَ الْقَاعِدِينَ وَالْمُجَاهِدِينَ ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ [النِّسَاءِ: 95]؛ أَيِ: الْجَنَّةَ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى﴾ [الرَّعْدِ: 18]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 101]. أَيْ: أَهْلُ الْحُسْنَى وَهِيَ الْجَنَّةُ عَنِ النَّارِ مُبْعَدُونَ.

 

وَلِلْمُحْسِنِينَ الْجَنَّةُ جَزَاءً لَهُمْ عَلَى إِحْسَانِهِمْ ﴿فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الْمَائِدَةِ: 85]. وَقَدْ يُبْهِمُ اللَّهُ تَعَالَى جَزَاءَ الْمُحْسِنِينَ؛ لِيَكُونَ جَزَاءً عَظِيمًا لَا يَخْطُرُ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، وَالْكَرِيمُ الْمُحْسِنُ يَجْزِي عَلَى قَدْرِ كَرَمِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [الْأَنْعَامِ: 84]، وَفِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى جُمْلَةً مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَمَا حَبَاهُمْ سُبْحَانَهُ مِنَ النِّعَمِ، وَمَا رَفَعَ عَنْهُمْ مِنَ الْمِحَنِ، ثُمَّ ذَيَّلَ كُلَّ قِصَّةِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾، وَذَكَرَ سُبْحَانَهُ جُمْلَةً مِنْهُمْ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَخَتَمَ ذِكْرَهُمْ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [الْأَنْعَامِ: 84]. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِحْسَانَ وَظِيفَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَأَنَّ دَعْوَتَهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ، وَإِلَى الْتِزَامِ الشَّرَائِعِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَإِلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ هُوَ مِنَ الْإِحْسَانِ الَّذِي يَبْذُلُونَهُ لِلنَّاسِ، كَمَا أَنَّ صَبْرَهُمْ عَلَى أَذَى الْمُؤْذِينَ مِنْ أَقْوَامِهِمْ هُوَ مِنَ الْإِحْسَانِ، فَهُمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَكْثَرُ الْخَلْقِ إِحْسَانًا إِلَى الْخَلْقِ.

 

وَمِنَ الْجَزَاءِ الْعَظِيمِ الَّذِي يَنْتَظِرُ الْمُحْسِنِينَ رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْجَنَّةِ وَهُوَ رَاضٍ عَنْهُمْ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [يُونُسَ: 26]، وَالْحُسْنَى هِيَ الْجَنَّةُ، وَالزِّيَادَةُ هِيَ رُؤْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى.

 

وَالْمُحْسِنُونَ مَحْفُوظٌ أَجْرُ إِحْسَانِهِمْ وَثَوَابُهُ، فَلَا يَضِيعُ مِنْهُ شَيْءٌ أَبَدًا ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [التَّوْبَةِ: 120]، ﴿وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [هُودٍ: 115]، ﴿نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [يُوسُفَ: 56].

 

وَالْمُحْسِنُونَ مُبَشَّرُونَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الْحَجِّ: 37]. «فَالْمُحْسِنُونَ لَهُمُ الْبِشَارَةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِسَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَسَيُحْسِنُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِمْ كَمَا أَحْسَنُوا فِي عِبَادَتِهِ وَلِعِبَادِهِ».

 

وَالْمُحْسِنُونَ مَوْعُودُونَ بِالزِّيَادَةِ فِي الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ ﴿وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 58]، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الْأَعْرَافِ: 161].

 

وَقَدْ وُضِعَ الْحَرَجُ عَلَى أَهْلِ الْإِحْسَانِ، فَلَا يُكَلِّفُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مَا لَا يُطِيقُونَ ﴿لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التَّوْبَةِ: 91].

 

وَالْمُحْسِنُونَ مَوْعُودُونَ بِرَحْمَةِ الرَّحْمَنِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الْأَعْرَافِ: 56].

 

وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَتَمَنَّى الْكَافِرُ أَنْ لَوْ كَانَ مُحْسِنًا، وَيَدَّعِي أَنَّهُ لَوْ عَادَ إِلَى الدُّنْيَا لَانْتَظَمَ فِي سِلْكِ الْمُحْسِنِينَ، وَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ أَنْ يَعُودَ مَرَّةً أُخْرَى ﴿أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الزُّمَرِ: 58].

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُكَمِّلَ إِيمَانَنَا، وَأَنْ يُجَمِّلَ إِحْسَانَنَا، وَأَنْ يُقَوِّيَ إِخْلَاصَنَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الْصَالِحينَ المُحْسِنِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَخَلَّقُوا بِالْإِحْسَانِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِهِ ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النَّحْلِ: 90]، قَالَ الْإِمَامُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «إِنَّ مَعْنَى الْعَدْلِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ اسْتِوَاءُ السَّرِيرَةِ وَالْعَلَانِيَةِ مِنْ كُلِّ عَامِلٍ لِلَّهِ عَمَلًا، وَإِنَّ مَعْنَى الْإِحْسَانِ: أَنْ تَكُونَ سَرِيرَتُهُ أَحْسَنَ مِنْ عَلَانِيَتِهِ».

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

يَبْلُغُ الْمُؤْمِنُ دَرَجَةَ الْإِحْسَانِ إِذَا رَاقَبَ اللَّهَ تَعَالَى فِي نَفْسِهِ وَفِي خَلْقِهِ. فَمُرَاقَبَتُهُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي نَفْسِهِ تُغْلِقُ عَنْهُ أَبْوَابَ الْحَرَامِ وَالْمُشْتَبِهَاتِ، وَتَفْتَحُ لَهُ أَبْوَابَ الطَّاعَاتِ، فَيَجْتَهِدُ فِي إِحْسَانِهَا وَالْإِخْلَاصِ فِيهَا؛ لِعِلْمِهِ بِمُرَاقَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ. وَمُرَاقَبَتُهُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ تَجْعَلُهُ يَبْذُلُ الْمَعْرُوفَ وَالْإِحْسَانَ إِلَيْهِمْ، وَلَا يُؤْذِيهِمْ أَوْ يَعْتَدِي عَلَيْهِمْ، وَيُعِينُ مُحْتَاجَهُمْ، وَيَعْفُو عَنْ خَطَئِهِمْ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، وَيُصْلِحُ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَلَا يُرِيدُ بِذَلِكَ ثَنَاءً وَلَا شَرَفًا وَلَا شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِإِحْسَانِهِ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى وَالدَّارَ الْآخِرَةَ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَقَدْ دَلَّ الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ وَالْفِطْرَةُ وَتَجَارِبُ الْأُمَمِ -عَلَى اخْتِلَافِ أَجْنَاسِهَا وَمِلَلِهَا وَنِحَلِهَا- عَلَى أَنَّ التَّقَرُّبَ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَطَلَبَ مَرْضَاتِهِ، وَالْبِرَّ وَالْإِحْسَانَ إِلَى خَلْقِهِ؛ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ الْجَالِبَةِ لِكُلِّ خَيْرٍ، وَأَضْدَادَهَا مِنْ أَكْبَرِ الْأَسْبَابِ الْجَالِبَةِ لِكُلِّ شَرٍّ، فَمَا اسْتُجْلِبَتْ نِعَمُ اللَّهِ تَعَالَى، وَاسْتُدْفِعَتْ نِقْمَتُهُ، بِمِثْلِ طَاعَتِهِ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَى خَلْقِهِ».

 

وَمِنْ عَاجِلِ جَزَاءِ الْإِحْسَانِ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَحْسَنَ الْعِبَادَةَ وَجَدَ لَذَّتَهَا، وَفَرِحَ بِهَا، وَاشْتَاقَ إِلَيْهَا، وَصَارَ خَفِيفًا فِي أَدَائِهَا، وَأَصْلَحَتْ لَهُ قَلْبَهُ وَحَالَهُ. وَإِذَا أَحْسَنَ لِلْخَلْقِ، وَأَخْلَصَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي إِحْسَانِهِ لَهُمْ؛ وَجَدَ لَذَّةً لِذَلِكَ الْإِحْسَانِ تَرْبُو عَلَى لَذَّةِ الْجَاهِ وَالْمَالِ وَالْمَلَذَّاتِ. مَعَ مَا يَنَالُهُ مِنْ دَعَوَاتٍ صَالِحَاتٍ، وَمِنْ تَوْفِيقٍ يُلَازِمُهُ فِي شُئُونِهِ كُلِّهَا، وَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ وَأَعْظَمُ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإحسان
  • مدرسة الإحسان
  • تكريم المنان فيمن قابل الإساءة بالإحسان
  • دليل مرتبة الإحسان
  • فقه الإحسان (2) (خطبة)
  • فقه الإحسان (3): {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}
  • فقه الإحسان (4) الإحسان في العبادات
  • فقه الإحسان (5) الإحسان إلى الخلق

مختارات من الشبكة

  • الإحسان والرحمة.. وحذر الطمع والجشع(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الإحسان للوالدين: فضائل وغنائم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: التربية على الإحسان للآخرين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خلاصة خطبة جمعة: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إشراقة آية: قال جل وعلا {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 16/8/1433 هـ - الإحسان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحديث السادس: صلة الرحم لوجه الله ليست مبادلة ومعاوضة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإحسان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • في سبيل الإحسان(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من فقه المرافعات (2) ثمرة فقه المرافعات، وفضله، وحكم تعلمه على القضاة (PDF)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)

 


تعليقات الزوار
2- الإحسان
أبو معاذ الجزائري - ألمانيا 20/01/2021 11:14 AM

بارك الله فيكم وجزاكم الله عنا كل خير
وهذا الشرح والتوضيح والبيان كذلك من الإحسان. شكرا لكم .

1- تثمين وشد على الأيدي
السيد نويرة - تونس -القيروان 17/10/2020 04:34 PM

أحسنت أخي الكريم وأثمن جهودك حول طريقة عرض المواضيع وتقريبها إلى الأذهان والأفئدة وجعلها الله في ميزان حسناتك وجزاك الله الخير كله.....أخوك السيذ نويرة من مدينة القيروان

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية
  • مركز إسلامي وتعليمي جديد في مدينة فولجسكي الروسية
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/5/1447هـ - الساعة: 16:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب