• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري / خطب منبرية
علامة باركود

واجبنا نحو كبار السن

د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/8/2016 ميلادي - 21/11/1437 هجري

الزيارات: 46027

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

واجبنا نحو كبار السن


الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره؛ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا ًعبده ورسوله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، إن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

 

أيها المؤمن - عبد الله – يا من تجعّد جلده وتغير شعره وثقل سمعه وضعف بصره وبطأت حركته وترهلت عضلاته، يا من أصبح ثقيلاً بين أهله وأولاده، وأصبح غريباً بين أقربائه وأحفاده، فمن الذي يؤانسه، ومن الذي يجالسه، ومن الذي يحدثه وبباسطه، إذا تكلم قاطعه الصبيان، وإذا أبدى رأياً ومشورة سفّهه السفهاء الصغار، وإذا خرج من بيته كان يخرج - بالأمس - لزيارة الأصدقاء والخلان، يقضي لهم الحاجات ويواسيهم بالصلات والأعطيات، واليوم إذا خرج كبير السن إنما يخرج ليعود مرضاهم أو يشيع جنائزهم، فالله يعلم كيف يكون حاله إذا رجع إلى بيته، والحزن فتّت كبده، والآسى قطّع فؤاده، ودمع العين ينهمل من وجهه، ذهب الأصدقاء، وذهب الخلّان، وذهب الأحباب، وبقي وحيداً فريداً، ينتظر أمر الله سبحانه وتعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ [الروم: 54].

 

حديثنا لكم يا كبار السن، الله يرحم ضعفكم، ويجبر لكم كسركم، ففي الله عوض عن الفائتين، وفي الله أنس المستوحشين، يا كبار السن أنتم كبار في عيوننا، وأنتم والله كبار في قلوبنا، أنتم كبار بعظيم حسناتكم وفضلكم بعد الله علينا، أنتم الذين قدّمتم وضحيتم، أنتم الذين ربيتم وعلمتم، لئن نسي الناس خيركم فإن الله لن ينسَ، ولئن جحد كثير من الناس معروفكم، فإن البر لا يبلى، ولئن تتطاول العهد بما قدمتم وضحيتم؛ فإن الخير يدوم ويبقى، وإلى ربك المنتهى، وعنده تجد الجزاء الأوفى.

 

معاشر الكبار فينا، كيف لا نجلّكم وقد قال رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم كما رواه الإمام أبو داود من حديث أبي موسى رضي الله تعالى عنه، قال بأبي وأمي رسول الله: ( إن من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط ) كيف لا نجلك يا كبيرنا وأنت أفضلنا، "ليس أحد أفضل عند الله من مؤمن يعَمّر في الإسلام؛ لتحميده وتسبيحه وتكبيره وتهليله"، راوه الإمام أحمد من حديث طلحة رضي الله تعالى عنه، كيف لا نجلك يا كبيرنا، وأنت خيرنا، و"خير الناس من طال عمره وحسن عمله"، رواه الإمام أحمد من حديث أبي بكرة رضي الله تعالى عنه، إنها البركة؛ بركة الرأي والمشورة، وبركة المجالسة والمؤانسة، وبركة البر والإحسان، تبحثون عن البركة معاشر الشباب، ورسولكم صلى الله عليه وسلم يقول: "البركة مع أكابركم"، فأبشر يا كبير السن، أبشر "وأيما رجل شاب في الإسلام شيبة فهي له نور"، صدق صلى الله عليه وسلم، أبشر يا كبير السن، إنك وإن ضعفت قوتك، وقلّت حيلتك، ولم تجد غناك وعزّتك في كبرك، فأبشر أبشر إذا دخلت الجنة، أبشر يا شيبة الإسلام إذا دخلت الجنة، وأبشري يا عجوز الإسلام إذا دخلت الجنة، فقد مرّ رسولنا صلى الله عليه وسلم بعجوز فقالت: يا رسول الله، ادعوا الله أن يدخلني الجنة، فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجلّها ويكرمها ويؤانسها ويلاطفها، فقال عليه الصلاة والسلام: "يا أم فلان، إن الجنة لا تدخلها عجوز"، فبكت وظنت أنها لن تدخل الجنة، فأخبرها عليه الصلاة والسلام مؤانساً لها في كبرها، ومسلّياً لها على ضعفها: أن العجوز لا تدخل الجنة عجوزاً، بل ينشؤها الله نشأ آخر، فيدخلها شابة بكرًا، وتلا عليها قول الله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا ﴾ [الواقعة: 35 - 37]، هكذا كان رسول الأمة صلى الله عليه وسلم يجالس العجائز، ويؤانس كبار السن عليه الصلاة والسلام، ويبشرهم بفضل الله وبرحمته.

 

ألا سألتم أنفسكم - معاشر الشباب - عن واجبنا تجاه كبار السن، ما من أحدٍ منا إلا وفي بيته كبير في السن، قضى دهراً من عمره، ومضت قوّته، وزاد ألمه ووجعه ومرضه، فما واجبنا تجاه هؤلاء الكبار ؟ إن من أعظم حقوقهم علينا أن نقوم على رعايتهم، وعلى خدمتهم، وهو والله شرف لنا نعلقه في رقابنا، ونكتبه على جباهنا أن تشرفنا بخدمة هؤلاء الكبار، هي طريق الأنبياء، وهي نهج الصالحين، وربنا تعالى يخبر عن موسى عليه السلام فيقول عز من قائل: ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾ [القصص: 23]، حتى المرأة خرجت لتعمل من أجل صيانة حق هذا الكبير، وأعظم ما يكون حقه إذا كان هذا الكبير أباً أو أماً: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23]، يا معشر الصغار والشباب، قد تبرأ رسولنا صلى الله عليه وسلم، فقال كما في حديث عبادة: "ليس منا من لم يجل كبيرنا، وبرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه"، وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما "ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا"، فاتقوا الله، واعرفوا لهم شرفهم، وأجلّوهم، إن من إجلال الشيبة المسلم أن توسّع له في المجلس، وشيخٌ يأتي يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له، فقال لهم عليه الصلاة والسلام: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا"، إن من إجلال الشيبة المسلم أن يُقدّم في الكلام، فإذا تحدث إليك أحد فكبر كبر، أن يُبدأ به في الشراب والطعام، ثم بعد ذلك يُؤخذ عن اليمين، وفي الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام "أمرني جبريل أن أقدّم الكبار"، فقدموا أكابركم في سائر أموركم، إن من إجلال ذي الشيبة المسلم أن يُبدأ بالسلام، "وليُسلّم الصغير على الكبير"، إن من إجلال ذي الشيبة المسلم في الإسلام أن يُقدّم إماماً في الصلاة، إذا استوى هو والصغير في القراءة؛ إجلالاً لشرف كبره وسنه، إن من إجلال رسولنا عليه الصلاة والسلام - وهو أشرف الخلق - لكبار السن يوم الفتح يوم جاءه أبو بكر رضي الله عنه بأبيه؛ بأبي قحافة، ورأسه كالثغامة، اشتعل شيباً، وضعع بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال بأبي وأمي أكرم الناس، يعلّمنا كيف يكون إجلال الكبير: "يا أبا بكر لو أقررت هذا الشيخ"، يعني أبا قحافة لأتيناه، صلى الله عليك وسلم يا رسول الله، إن من إجلال رسولنا صلى الله عليه وسلم للكبير أن علّمنا معاشر المسلمين كيف أن نسعى في خدمتهم، ونقوم عليهم، ونحفظ لهم ودّهم، عبد الله إذا سعيت خرجت من بيتك تتطلب الرزق، فانوِ بذلك أن تقوم على من في بيتك من الصغار والكبار، واسمع ماذا يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: "إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه ليعفها فهو في سبيل الله، وإن خرج يسعى رياءً ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان"، إذا سعيت من بيتك فلتأخذك الرحمة بهؤلاء الكبار والصغار، ولتنوِ أن تسعى وترتزق لهم، لتؤنسهم في وحشتهم، وتكرمهم في فقرهم، وتعالجهم من مرضهم، وأنت وربي في سبيل الله.

 

معاشر الشباب، إياكم وأذية الكبار، معاشر الصغار إياكم وأذية الكبار، ألا أحدثكم بأعجب ما رآه الصحابة رضي الله عنهم بأرض الحبشة عند ابن ماجة بسند حسن عن جابر رضي الله تعالى عنه قال لما رجعت مهاجرة الحبشة إلى المدينة، قال عليه الصلاة والسلام: "ألا تحدّثوني بأعجب شي رأيتموه بأرض الحبشة"، فقال فتية منهم: بينما نحن جلوس إذ مرّت علينا عجوز من عجائز رهبانيهم، تحمل على رأسها قلة من ماء، فمرت على فتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها، ثم دفعها فخرت على ركبتيها وانكسرت قلّتها، فلما ارتفعت التفتت إليه، وقالت له: سوف تعلم يا غدر، إذا وضع الله الكرسي وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، سوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غداً، فقال صلى الله عليه وسلم: "صدقت كيف يقدّس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم"، فاتقوا الله واتقوا أذيّة الكبار؛ فإن لهم بين يدي الله مقاماً وحساباً، فيسألنا الله سبحانه وتعالى فيما قصّرنا وفيما فرّطنا، فاستغفروا الله، استغفروا الله؛ إنه هو الغفور الرحيم..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على رسوله الذي اصطفى، وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجهم فاتبع واقتفى، أيها الأخوة الكرام: ﴿ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [فاطر: 11]، إن مرحلة الشيخوخة مرحلة عصيبة كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله منها، فيما رواه أنس رضي الله تعالى عنه كان رسولكم عليه الصلاة والسلام يقول: "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، ومن الجبن والهرم"، بل جاء في رواية أن رسولنا عليه الصلاة والسلام كان يستعيذ بالله أن يرد إلى أرذل العمر.

 

يوم أن يصبح كبير السن لا يشعر بمن حوله، ولا يعي ما يفعل، يوم أن يصبح كبير السن كالطفل الصغير، بل أشد من ذلك، فنعوذ بالله أن نرد إلى أرذل العمر.

 

يا معاشر كبار السن احذروا اثنتين حذّركم رسول الله عليه الصلاة والسلام منهما، احذروا اثنتين لا تزال فيكم، وهي الداء الذي ليس بعده داء، قال عليه الصلاة والسلام: "لا يزال قلب الكبير شاباً في اثنتين حب الدنيا وطول الأمل"، رواه الإمام البخاري، يا كبار السن أنتم القدوة للناس فإياكم أن تكونوا قدوة سوء، إياكم أن تكونوا قدوة لهم في عادات جاهلية، وفي بدع خرافيّة، وفي أعمال السوء، فيقتدي الصغير بها بالكبير فيضاعف على الكبير إثمه وجرمه، و"ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم"، قال عليه الصلاة والسلام: "شيخ زانٍ، وملك كذّاب، وعائلٌ مستكبر"، يا كبير السن، يابن الأربعين إذا رقّ جلدك، وضعف عظمك، فتذكر أن الله سبحانه وتعالى يقول: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} [فاطر: 37]، قال بعض المفسرين: النذير هو الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: هو الشيب، وقال بعضهم: أن يبلغ أربعين سنة، فاتقِ الله، اتقِ الله إن بلغت الأربعين، فلست يا عبد الله في سن بعدها ترجوا فيها كثير عمر،كان سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى إذا بلغ أحدهم الأربعين من عمره لزم المساجد، أقبل على القرآن، طوى فراشه وفرش مصلاه، حتى إذا بلغ أربعين سنة ﴿ قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأحقاف: 15]، يقول الله عز وجل: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ﴾ [الأحقاف: 16].

 

إن من أحكام المسنين أن رسولنا عليه الصلاة والسلام رخّص للشيخ في المباشرة وهو صائم، ولم يرخّص للشاب، فلما سُئل قال: "إن الشيخ يملك نفسه"، إن من أحكام المسنين أن الله سبحانه وتعالى خفف على من عجز منهم عن الصيام، فأجاز له أن يُفطر، وأن يُطعم عن كل يوم مسكينًا: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184]، إن من أحكام المسنين أن من عجز منهم على الحج أو العمرة ببدنه فله أن ينفق من ماله على من يحج عنه ويعتمر، كما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك الابن البار لما أراد أن يحج ويعتمر عن أبيه، إن العجوز المسلمة إذا كبرت في السن حتى أنها لم تعد ترجو نكاحًا، وليست محل شهوة ونكاح، فلها أن تكشف عن وجهها، دون أن تتبرج بزينة، تُسفر عن وجهها بغير زينة تضعها فيه: ﴿ وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 60]، ولو تحجّبت وسترت وجهها لكان هذا خير لها وأفضل عند الله.

 

يا كبير السن، احمد الله سبحانه وتعالى بكل شيبة كانت في شعرك، وكل شيبة تكتب لك فيها حسنة، وترفع لك بها درجة، كما أخبر عليه الصلاة والسلام، بل نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نتف الشيب، وقال: "إنه نور المؤمن"، ولما قيل له: إن رجالاً ينتفون الشيب، قال: "من شاء فلينتف نوره"، فاتقِ الله سبحانه وتعالى، وقد أمرك عليه الصلاة والسلام، فقال: "غيّرو الشيب، ولا تشبّهوا باليهود والنصارى"، وقال: "إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم"، وقال صلى الله عليه وسلم: "غيّروا شيبه، وجنّبوه السواد"، كما في حديث أنس رضي الله تعالى عنه.

 

يا معشر الشباب، اتقوا الله سبحانه وتعالى في شبابكم فإن لكم مثلها، احفظوا حدود الله، احفظ الله يا عبدالله يحفظك في الكبر، إذا حفظت جوارحك في طاعته، وتركت فيها معصيته، وهذا أبو الطيب رحمه الله تعالى بلغ مائة سنة، فقفز من السفينة قفزة، عجز عنها الشباب، فقالوا: كيف تقفز هذه، وأنت كبير، بلغت المائة؟ قال: ولِمَا وما عصيت الله سبحانه وتعالى بجوارحي، احفظ الله يحفظك، وادعوا الله سبحانه وتعالى أن يبارك لك في قوتك وفي عمرك، جاء في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قلّما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس مجلساً إلا ويدعو بهذه الكلمات: "اللهم أقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون علينا به مصائب الدنيا، اللهم متّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبداً ما أبقيتنا، اللهم واجعله الوارث منا"، أي اجعله الباقي عند الكِبر والضعف.

 

إخوة الإيمان، هكذا راعَ الإسلام أحكام كبار السن، وهكذا أمرنا أن نقدّرهم وأن نكرمهم، فأيّ دينٍ بالله هو أعظم من ديننا هذا الحنيف ! أيّ دين هو أكرم من ديننا هذا الذي قدّر الإنسان في مرحلة شيخوخته وهرمه!، يالله ما أعظم هذا الدين، وفي كتاب الخراج لأبي يوسف أن عمر بن الخطاب خليفةَ خليفةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بباب قوم، وعنده شيخ قائم يسأل الناس، فقال: من أيّ الكتابين أنت ؟ قال عن نفسه أنه يهودي، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: تعالَ، فأخذه إلى بيته، وأعطاه شيئاً من ماله، ثم كتب إلى خازن المال أن ضع عن هذا وأضرابه الجزية، والله ما أنصفناه يوم أن أكلناه في شبيبته، ثم رميناه في شيخوخته، وضع عنه الجزية، وأمر له بالصدقة تكريماً للكبير، حتى لو لم يكن على دين الإسلام، فاتقوا الله واحفظوا لكبرائكم حقوقهم، وأجلّوهم؛ فإن إجلالهم من إجلال الله سبحانه وتعالى، اللهم إنا نسألك أن ترحم ضعفنا، وأن تجبر كسرنا، وتختم لنا بالحسنى، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا يا رحمن يا رحيم، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم ارحم المستضعفين من المسلمين، واشفِ المرضى من المسلمين، وارحم المنكوبين من المسلمين، اللهم وانصر كل مظلوم من المسلمين، اللهم واحسن لنا الختام، واحسن لآبائنا وأمهاتنا الختام، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، لا إله إلا أنت إنك سميع الدعوات.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المرضى وكبار السن .. الإسلام يكرمهم .. والغرب يقتلهم
  • حقوق كبار السن
  • من أحكام كبير السن
  • حقوق كبار السن في الإسلام
  • خطبة: عناية الإسلام بكبار السن
  • التعامل مع كبار السن
  • خطبة عن حقوق كبار السن
  • على مائدة الكبار: فوائد من كبار السن (خطبة)
  • واجبنا نحو الرسول صلى الله عليه وسلم
  • واجبنا نحو المسلمين الذين يتعرضون للمحن (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • واجبنا تجاه كبار السن في ضوء تعاليم الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • واجبنا نحو القرآن : واجب التلاوة(مقالة - موقع الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي)
  • حقوق كبار السن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاستعداد لمرحلة الشيخوخة ومعاناة كبار السن(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • واجبنا نحو شبابنا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مبادرة إسلامية لمساعدة كبار السن في البوسنة الهرسك(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مسلمو "بالتيمور" يساعدون كبار السن(مقالة - المسلمون في العالم)
  • واجبنا نحو رسولنا وأصحابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تذكير الخاشع الساجد ببعض أخطاء كبار السن في المساجد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق كبار السن(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب