خطة عمل بحث : خصيصة التدرج في الدعوة إلى الله

خطة عمل بحث

خصيصة التدرج في الدعوة إلى الله

المقدمة:

وتشتمل على:

أهمية الموضوع وأسباب اختياره والخطة العامة للبحث.

أهمية الموضوع وأسباب اختياره:

تأتى أهمية الموضوع من ناحية أن التدرج مرتكز أساس من مرتكزات الخطاب الدعوي، وهو إحدى خصائص المنهج الدعوي لجميع الأنبياء عامة، ولدعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم خاصة؛ ولهذا نجد أن الأنبياء جميعًا دعَوا أقوامهم وسلكوا معهم سبيل التدرج، فبدؤوا بأهم الأمور، وهو التوحيد، وجادلوا أقوامهم باللين والرفق، ثم تدرجوا معهم شيئًا فشيئًا، وتحمَّلوا منهم الأذى والتكذيب، حتى قضى الله تعالى بينهم وبين أقوامِهم.

ومن ناحية أخرى، فإن آخر الكتب المنَزَّلة، وهو القرآن الكريم، لم ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم جملةً واحدة، ولكنه نزل منجَّمًا، كما قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴾ [الفرقان: 32]، فقد نزلت آيات التوحيد أولاً بمكة، ثم كان التشريع بالمدينة المنورة، وقد تَمَّ فرضُ التشريعات على مراحل متدرِّجة، وهذه سنة الله تعالى في خلقه وأمره:

أما في الخلق، فقد خلق الله تعالى السموات والأرض في ستة أيام، وهو سبحانه قادر أن يخلقها في لحظة واحدة، وكذلك خلق الإنسان، فآدم عليه السلام خلَقه على مراحل (تراب، ثم طين، ثم التسوية، ثم النفخ...)، وذريته أيضًا، بدأ الله تعالى ذلك بالنطفة، ثم العلقة، ثم مراحل أخرى متدرجة حتى صار خلقًا آخر؛ ليُعلِّمنا الله تعالى الأخذ بسنة التدرج في كل شيء، وفي الدعوة على وجه الخصوص؛ لأن الطبائع لا تقبل التكاليف جملة واحدة، ولا تتخلى عن عاداتها ومألوفاتها دفعة واحدة، وإنما يُروض الناس على قبول الأوامر والتكاليف شيئًا فشيئًا، ومرة بعد أخرى.

إن تغيير الأفكار والمعتقدات لا يتم بين يوم وليلة، ولكن الأمر يحتاج إلى تدرُّج مع الصبر والعمل الدائم، والدعوة المستمرة لنقل الناس من محيطِ الكفر والمعاصي إلى محيط الإيمان والطاعة، ثم الترقي بهم إلى أعلى درجات التقوى والصلاح.

إن بناء الرجال القادرين على تحمُّل الأمانة ومواجهةِ التحدِّيات، لا يمكن أن يتم في يوم وليلة، ولكن يحتاج إلى تدرُّج وعزيمة قوية على مواصلة الطريق، والبداية هي ترسيخ العقيدة في القلوب، والبناءُ لا بد أن يقام على إيمان بالله عز وجل، وتوحيد خالص لله الواحد القهار.

وكما يكون التدرج في الدعوة والتبليغ - فهو إحدى خصائص التشريع الإسلامي - فلا بد أن يراعى أيضًا في التطبيق والواقع العملي، وهذه هي الحكمة، وأستطيع القول: إن من حكم التدرج ما يلي:

1- أنه يُسهِّل قَبولَ الدعوة، فلو أن الله تعالى نزَّل كتابه جملة واحدة والشرائع دفعة واحدة، وطالَبهم بالتزامها كلها في الحال، لَمَا قبِل ذلك إلا النادرُ القليل من الناس، ولكن الرب الرحيم والإله الحكيم، العليم بأحوال الناس، خاطَبهم بما يوافق فطرتَهم، فأنزل كتابه منجَّمًا مفرَّقًا، وألزم بالتكاليف شيئًا فشيئًا، وسلك بهم سبيل التدرج، وأخذهم بالرفق، فالتدرج هو الطريق لإصلاح النفوس الجامحة؛ ليساعدَها على تغيير عاداتها ومألوفاتها.

2- والتدرج يُعِين على الإحكام، والإعداد للوصول إلى الغاية المرجوة، فالأهداف الكبيرة تحتاج إلى تحديد الأولويات للبَدْء بها، وتهيئة البيئةِ، وتجهيزِ الرجال القادرين على القيادة، وتحمُّل أعباء الدعوة ومسؤولياتها.

3- والتدرج علاج للنفور؛ ذلك لأن التكليف بالكثرة مما لا يُطِيقه الناس ولا يتحملونه، يكون من شأنه النفور والرفض، أما أخذ الناس بالرفق، وتجنب الطفرات، وتحاشى التصادم بالمألوف، فإنما هو علاج النفور[1].

4- والتدرج رحمة وتيسير من الله تعالى بعباده، ومن هنا كانت أهمية الموضوع، وكانت هذه بعض أسباب اختياره.

خطة البحث

• الموضوع

• المقدمة: وتشتمل على أهمية الموضوع وأسباب اختياره، وخطة البحث.

• التمهيد: ويشتمل على تحديد المفاهيم والمصطلحات.

• الباب الأول: التدرج سنة إلهية في جميع الرسالات، وفيه أربعة فصول:

الفصل الأول: التدرج في دعوة نوح عليه السلام.

الفصل الثاني: التدرج في دعوة إبراهيم عليه السلام.

الفصل الثالث: التدرج في دعوة موسى عليه السلام.

الفصل الرابع: التدرج في دعوة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم.

• الباب الثاني: التدرج سنة ربانية؛ وفيه ثلاثة فصول:

الفصل الأول: التأصيل الإسلامي للتدرج.

الفصل الثاني: التدرج في القرآن الكريم.

الفصل الثالث: التدرج في السنة النبوية المطهرة.

• الباب الثالث: التدرج في التشريع الإسلامي، وفيه ثلاثة فصول:

الفصل الأول: التدرج في تشريع العبادات.

الفصل الثاني: التدرج في تحريم المحرَّمات.

الفصل الثالث: التدرج ومراتب الاحتساب.

• الباب الرابع: الأثر الدعوي لخصيصة التدرج، وفيه ثلاثة فصول:

الفصل الأول: التدرج من الحكمة الدعوية.

الفصل الثاني: التدرج من واقعية الإسلام.

الفصل الثالث: أثر التدرج في انتشار الإسلام وترسيخ القيم الإسلامية.

• الخاتمة: وتشتمل على:

نتائج البحث والتوصيات والفهرس.

التمهيد: ويشتمل على ما يلي:

تحديد المفاهيم والمصطلحات:

1- التعريف بكلمة "خصيصة".

2- التعريف بالتدرج.

3- التعريف بكلمة "أثر".

4- التعريف بالدعوة.

1- معنى "خصيصة":

أ- المعنى اللغوي:

(خصَّ) الشيء، خصَّ خصوصًا: نقيض العموم.

واختص به: انفرد، واختص الشيء: اصطفاه واختاره، وخواص العقاقير: قِواها التي تؤثِّر في الأجسام، والخصيصى: الأخص من الخاص، والخصيصة: الصفة التي تميز الشيء وتحدده[2].

ب- المعنى الاصطلاحي:

الخصيصة: هي الصفة التي تلازم الشيء وتحدده وتميزه.

فإذا قلنا: إن التدرُّج خصيصة من الخصائص العامة للمناهج الدعوية، فإن المراد هو أن التدرج إحدى الصفات المميزة والملازمة لمنهج الدعوة المنبثق عن خصائص الدعوة نفسها[3].

2- معنى التدرج:

أ- المعنى اللغوي:

الفعل "درج".

يقال: دَرَجُ البناءِ ودُرَّجُه، بالتثقيل: مراتب بعضها فوق بعض، ودرج الشيخ والصبي: يدرُجُ دَرْجًا ودَرَجانًا؛ أي: مَشَيَا مشيًا ضعيفًا ودبَّا.

والدرجة: الرفعة في المنزلة، والدرجة: المرقاة، والدرجة: واحدة الدرجات، وهي الطبقات من المراتب.

ويقال للصبي إذا دبَّ وأخذ في الحركة: درج.

وهذا الأمر مَدْرَجةٌ لهذا؛ أي: مُتوصَّلٌ به إليه، ودرجه إلى كذا واستدرجه؛ أي: أدناه منه على التدريج.

ويقال درَّجتُ العليل تدريجًا: إذا أطعمتَه شيئًا قليلاً، إذا نَقِهَ حتى يتدرج إلى غاية أكله، كما كان قبل العلة[4].

ومن هنا يتضح أن المدلول اللغوي لكلمة التدرج، هو:

• الأخذ في الحركة شيئًا فشيئًا.

• أو الصعود في المراتب والترقي في المنازل.

• أو التقدُّم بالشخص خطوة خطوة، والرفق به، ومراعاة حاله حتى يصل إلى الغاية المرجوَّة.

والتدرج والاستدراج يكون إلى الأعلى أو إلى الأدنى.

ب- المعنى الاصطلاحي للتدرج:

التدرج هو خصيصة من أهم الخصائص التي تيسِّر قَبول دين الإسلام، وتحمُّل تكاليفه، وتطبيقه في الواقع، ومعناه التقدم خطوة خطوة، والبَدْء بالأهم فالمهم؛ للترقي إلى أعلى المراتب.

3- معنى كلمة "أثر":

أ- المعنى اللغوي:

الأَثَر: بفتحتين: ما بقي من رسمِ الشيء وضربة السيف[5].

ب- المعنى الاصطلاحي:

الأثر الدعوي للتدرُّج: هو ما ترتَّب من نتائج، وما تحقَّق من أهداف دعوية؛ بسبب اتباع التدرج والأخذ به.

4- معنى "الدعوة":

أ - المعنى اللغوي: جاء في لسان العرب في مادة (دعا): الدَّعْوى: اسم لِمَا يدَّعيه، وادعيت الشيء زعمتُه لي، حقًّا كان أو باطلاً، ودعا الرجلَ دَعْوًا ودَعَاه: نَادَاه.

ودعوتُ فلانًا؛ أي: صِحْتُ به واستدعيته.

وتداعى القوم: دعا بعضهم بعضًا حتى يجتمعوا، وهو التداعي، والدُّعاة: قوم يدعون إلى بَيْعة هدى أو ضلالة، وأحدهم داعٍ، ورجل داعية: إذا كان يدعو الناس إلى بدعة أو دِين، أُدخلت الهاء للمبالغة[6].

المدلول اللغوي للدعوة:

1- الدين: وهو دين الإسلام.

2- العلم: وهو العلم المعروف الذي يدرس شؤون الدعوة ووسائل تبليغها.

3- الدعوة بمعنى تبليغ رسالة الإسلام، عقيدة وشريعة وأخلاقًا، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة، والحض على الطاعة، والالتزام بدين الإسلام في جميع شؤون الحياة من أجل التمكين لدين الله في الأرض، والفوز بالجنة والنجاة من النار.

ب- المعنى الاصطلاحي:

قدَّم العلماء والباحثون تعريفات متعددة للدعوة؛ فمنها أن: (الدعوة عملية إحياء لنظامٍ ما؛ لتنتقل الأمة بها من محيط إلى محيط)[7]، وعلى هذا فيُعرِّف فضيلة الدكتور رؤوف شلبي - رحمه الله تعالى - الدعوة الإسلامية بما يلي:

هي الحركة الإسلامية في جانبَيْها: النظري والتطبيقي.

من حيث هي: حركة بناء للدولة الإسلامية.

ومن حيث هي: دفاع عن استمرار وجود الدولة الإسلامية[8].

ولكي يشمل تعريفُ الدعوة الإسلامية مراحلَ الدعوة الثلاث:

التبليغية، والتكوينية، والتنفيذية من جهة، ولكي يحتوي على عناصر عمل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عامة، وعمل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاصة من جهة أخرى، فقد رأى الشيخ الأستاذ/ محمد أبو الفتح البيانوني أن تُعرَّف الدعوة الإسلامية بأنها: (تبليغ الإسلام للناس، وتعليمه إياهم، وتطبيقه في واقع الحياة)[9].

ومن خلال آيات في كتاب الله - عز وجل - تتحدَّث عن الدعوة من حيث هي هداية وإرشاد، وتبليغ وإنذار، وجهاد بالقرآن الكريم، فإني أستعرض بعض تلك الآيات، ثم أقدم تعريفًا للدعوة بإذن الله تعالى.

قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [يونس: 25].

وقوله تعالى: ﴿ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الأحقاف: 31].

كما جاء قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ﴾ [المائدة: 67]، وقوله تعالى: ﴿ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 52]، وقوله تعالى: ﴿ قُمْ فَأَنْذِرْ ﴾ [المدثر: 2].

ومما سبق يتضح أن الدعوة هي عملية دعاء وتبليغ وإنذار، وبذل للجهد، وهداية إلى الطريق المستقيم، ومغفرة الذنوب، والفوز بالجنة، والنجاة من النار.

• وعلى ذلك، فإني أقدم تعريفًا للدعوة وهو: (إنذار الناس وتبليغهم دين الله تعالى، وبذل الجهد في نصحهم بالتي هي أحسن؛ للترقي بهم إلى أعلى المراتب).

ويكون مفهوم العنوان [خصيصة التدرج وأثرها في الدعوة إلى الله] ما يلي:

(إن من أخص الصفات وأفضلها في الإنذار والتبليغ وهداية الناس إلى دين الله عز وجل - خصيصة التدرج، وتعني الترقي بالناس شيئًا فشيئًا، والبَدْء بالأهم ثم المهم؛ للوصول بهم إلى أعلى الدرجات).

من كتاب: "خصيصة التدرج في الدعوة إلى الله (فقه التدرج)"