آيات المعاملات في القرآن الكريم (دراسة دلالية)

ملخص الرسالة

آيات المعاملات في القرآن الكريم

(دراسة دلالية)

المقدمة

الحمد لله على نعمه التي أنعمها وأجزلها وعددها فلا يحصيها إنس ولا جن، والصلاة والسلام على المبعوث للعالمين بشيرًا ونذيرًا وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فقد أنزل الله سبحانه وتعالى كتابه معجزة المعجزات، وحجة لا يعلوها وهم ولا شك، وجعله نبراسًا وضياءً للبشر، يستمدون من نبعه الهداية في الدين والدنيا، والمتدبر للقرآن الكريم يجد عظمة هذا القرآن الكريم، بتبيين وتنظيم الحياة وتقنين الأنظمة التي تهدف إلى تنظيم شان الإنسانية، ومع بروز الدراسات القرآنية الموضوعية التي تقوم بجمع آيات متفرقة في سور القرآن وتتعلق هذه الآيات بموضوع واحد أحببت أن أضيف جهدًا متواضعًا في دراسة القرآن الكريم، ذلك بدراسة موضوع يتعلق بأحد أغراض القرآن ووجدت الآيات التشريعية الاجتماعية التي تهدف إلى تنظيم علاقات الأفراد في المجتمع خير موضع لبذل ذلك الجهد؛ ذلك لما في هذه الآيات من أثر في حياة الفرد المسلم في الدنيا، وتداولها لدى المجتمع، فأحببت أن أظهر الجوانب اللغوية في تلك الآيات وتركيبها اللغوي.

وقد قمت باستخراج هذه الآيات عن طريق استخدام الفهارس الموضوعية لآيات القرآن لا سيما الفهرس الذي وضعه المستشرق الفرنسي جول لابوم (تفصيل آيات القرآن) وكذلك الفهرس الموضوعي الذي وضعه الدكتور محمد عبد الرحيم لتفسير مفاتيح الغيب للرازي وقد استعنت بالمصادر التي منها كتب التفسير كتفسير الكشاف ومفاتيح الغيب والبحر المحيط وروح المعاني والتحرير والتنوير وبكتب النحو ككتاب سيبويه والمقتضب ومغني اللبيب وكتب الدراسات القرآنية والصوتية والصرفية والأصولية والدلالية وغير ذلك من الكتب التي أفادت هذا البحث، وفي ضوء ذلك تكونت هذه الرسالة من تمهيد وثلاثة فصول وخاتمة تناولت في التمهيد التعريف بآيات المعاملات والإعجاز فيها ونفي التفاوت القرآني مؤكدًا أن هذه الآيات لا تعد أقل فنية ونظمًا وتتساوى مع الآيات الأخرى في ذلك.

أما الفصل الأول فقد درست فيه المفردة القرآنية من خلال دراسة البنية الصوتية لهذه المفردة في ذاتها وأثرها في الجملة وتوليد الإيقاع الموسيقي ودور المفردة في الفاصلة في آيات المعاملات ثم تطرقت إلى الجوانب الصرفية للمفردة بدراسة الفعل الماضي والمشتقات وإبراز دور هذه الصيغ في إيصال المعنى المطلوب من آيات المعاملات.

أما الفصل الثاني فقد تركز على دراسة الجملة في آيات المعاملات ذلك بتحديد مصطلح الجملة وإيجاد تعريف مناسب يستوعب عدة تراكيب وبعد ذلك تطرقت إلى تقسيم الجمل المكونة لآيات المعاملات على أساس الوظيفة الدلالية التي تقوم بها الجملة المكونة للنص القرآني فقسمت الجمل على جملة ابتدائية وجملة نواة و(هي جملة الحكم الشرعي) وجملة اعتراضية وجملة تذييلية يختتم بها النص القرآني ثم تطرقت إلى أهم العلاقات التي ترتبط بها جمل النص.

أما الفصل الثالث فقد تركز على دراسة أهم المباحث الدلالية في آيات المعاملات ذلك بدراسة الوضوح والخفاء في آيات المعاملات من خلال دراسة أسبابها وذكر الأمثلة على تلك الأسباب ودرست التغيير الدلالي في المفردة بدراسة الحقيقة الشرعية أثرها في آيات المعاملات ودراسة الدلالة التهذيبية لآيات المعاملات أما الخاتمة فقد بينت فيها ابرز نتائج البحث.

وأخيرًا فإن هذا البحث هو أول خطوة يرتقيها الباحث في خضم بحر العلم والدراسة فإن كان قد أصاب ما أراده فهذا بتوفيق الله ورحمته وإن كان أخفق فمن نفسه والشيطان والله أسأل أن يكون هذا العمل منصبًا في خدمة القرآن وأهله وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الخاتمة

1. شكل المعنى التشريعي أحد أغراض المعاني القرآنية وبرز مصطلح آيات المعاملات معالجة جزءًا كبيرًا من ذلك المعنى التشريعي وبرزت الدراسات المعالجة لتلك الآيات من خلال كتب التفسير المعروفة بتفسير (آيات الأحكام).

2. الإعجاز القرآني ثابت لهذه الآيات بنظمها وبديع تأليفها ومعانيها التشريعية التي لم تكن في زمن الجاهلية بهذا التنظيم والتدقيق والمعالجة.

3. لا تقل هذه الآيات عن بقية القرآن في أعجازها ونظمها ولا يوجد ثمة تفاوت في آيات القرآن وقلة الصور البيانية لم يؤثر في قيمتها الفنية ذلك لما في الحقائق من فنية وإسهام في الوصول إلى المعنى المراد وهذا مطلوب الآيات.

4. برز أثر المفردة القرآنية من خلال اختيار الأصوات المجسدة للمعنى والذي بدوره يسهم في إيصال المعنى المطلوب من النص القرآني.

5. للمفردة أثر في إظهار الإيقاع الموسيقي لهذه الآيات من خلال تكرارها ونبرها وتنغيمها وأدى ذلك إلى هدوء الإيقاع وسلاسة العبارة فهي متناسبة لغرض الإفهام والتداول لهذه الآيات.

6. برز أثر المفردة في فواصل آيات المعاملات المتتالية من خلال الفواصل المختتمة بحروف تسهم بتناغم موسيقي هادئ ومؤثر في نفسية المتلقي.

7. مجيء الفعل الماضي المسند للمعنى الله غير خاضع للنظرة المعيارية للفعل إنما كان أساس التحقيق بحصول الفعل أو الإخبار بما تحقق في الإرادة الالهية.

8. شكلت الزيادات في الفعل الماضي روافد دلالية حققت معاني جديدة أسهمت في إيصال المعنى التشريعي.

9. ورود عدد كبير من المشتقات في آيات المعاملات كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل أسهم في ثراء تلك الآيات لغويًا وأسهمت دلالات تلك المشتقات في إيصال المعنى المطلوب من آيات المعاملات.

10. إيجاد تعريف للجملة يشمل عدة تراكيب لغوية وانطلاقًا من ذلك التعريف تتجزأ الاية إلى عدة جمل والتركيز على الجانب الوظائفي في تحديد الجملة.

11. أسهمت الجملة الابتدائية في التهيئة النفسية للمتلقي للاذعان للأمر المطلوب وتعدد صور تلك الجملة أسهم في تنبيه المتلقي.

12. ترك الجملة الابتدائية جاء لعدة أغراض منها يسر الأمر التشريعي أو الإسراع في أداء الحكم الشرعي مما ولد تنوع الأسلوب في ورود الآيات.

13. تعدد الصور التي جاءت عليها الجملة النواة (جملة الحكم الشرعي) فقد جاءت على صورة الأمر والنهي الحقيقي والخبر والنفي.

14. أسهمت الجملة الاعتراضية في رفع التوهمات لدى إلى المتلقي وتهيئة المتلقي لتلقي مضمون الآية وقد تطول الجملة الاعتراضية لتصبح نصًا كاملًا يعترض بين آيات المعاملات.

15. أسهمت الجملة التذييلية في انختام النص القرآني.

16. ارتبطة جمل النص بعدة روابط منها العطف والتكرار والإحالة والتفصل.

17. تجلت صفة الإجمال في آيات المعاملات، ومجيء الإجمال كان أحد أغراض النص القرآني ذلك لتهيئة نفسية المتلقي ولإظهار تفاوت المتلقي في الاستنباط من الآيات.

18. شكل كل من الاشتراك والتردد في عود الضمير وغيرها أسباب الإجمال في آيات المعاملات.

19. ظهرت الدلالة الواضحة في آيات المعاملات من خلال استخدام النص القرآني للإسهاب وتقدير المحذوف وألفاظ الخصوص وأسهمت تلك الأشياء في وضوح النص وجلائه.

20. ظهور الحقيقة الشرعية التي استمدت معناها من الاستعمال الشرعي لمدلولها فأسهمت المعاني الشرعية في إثراء اللغة بألفاظ لها مدلولات جديدة.

21. تلون المفردة القرآنية وتغيرها لطلب أكثر عدد من المعاني يسهم في إيصال المعنى المطلوب من الآية.

22. ظهور الدلالة التهذيبية للآيات القرآنية مع تعويضها لمعان يصعب التعبير عنها مع بقاء الأسلوب المهذب.