كشف المشكل في النحو لعلي بن سليمان الحيدرة اليمني (ت/ 599هـ) دراسة تحليلية نحوية

ملخص الرسالة

كشف المشكل في النحو

لعلي بن سليمان الحيدرة اليمني (ت/ 599هـ)

دراسة تحليلية نحوية

المقدمة:

الحمد لله الذي إليه مصائر الخلق، وعواقب الأمر، نحمده على عظيم إحسانه حمدًا يكون لحقه قضاءً ولشكره أداءً وإلى ثوابه مقربًا، ونستعين به استعانة راجٍ لفضله مؤملٍ لنفعه مذعن له بالعمل والقول. والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين؛ وبعد:

فإن اللغة العربية هي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم فهي الطريق لمعرفته وفهمه لذلك عكف معظم الباحثين على تصنيف مؤلفاتهم فيها في الصوت والصرف والنحو والدلالة وغيرها.

وقد وددت أن أكون من المشاركين في دراسة أحد هذه المؤلفات فوقع اختياري على كتاب (كشف المشكل في النحو) لعلي بن سليمان الحيدرة اليمني (ت/ 599هـ) وهو أحد النحويين الحاذقين في الصرف والنحو والدلالة وغيرها من علوم اللغة الأخرى. فجعلته دراسة تحليلية نحوية لموضوع رسالتي للماجستير.

واقتضت طبيعة البحث أن تقسم الرسالة على مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول.

وقد اشتمل التمهيد على أمرين هما: كشف المشكل في اللغة والاصطلاح، ووصف عام لكتاب كشف المشكل من حيث اسمه ومحققه وسبب تأليف الكتاب وفهارسه وطبعاته.

وقد تحدثت في الفصل الأول عن موارد مادته النحوية وفيه أربعة مباحث:

المبحث الأول: موارد كتابه وتشتمل على ثلاث فقرات:

1. العلماء الذين استقى مادته النحوية منهم وصرح بأسمائهم.

2. العلماء الذين استقى مادته النحوية ولم يصرح بأسمائهم.

3. الكتب التي اعتمد عليها.

والمبحث الثاني: فقد كان الحديث فيه عن عنايته بالخلاف النحوي عامة، سواء أكان الخلاف بين علماء المذهب الواحد كالخلاف بين الخليل وسيبويه مثلًا أم غير ذلك، وذكر أيضًا الخلاف الذي لا ينسبه إلى عالم بعينه.

والمبحث الثالث: كان مخصصًا للتعليل النحوي الذي اهتم به اهتمامًا كبيرًا فهو لا يذكر المسألة النحوية إلا ووضع لها تعليلًا نحويًا يناسبها.

أما المبحث الرابع فقد تحدثت فيه على العامل والمعمول عند الحيدرة الذي يكون من سمات مذهبه.

أما الفصل الثاني فتحدثت فيه عن أصول النحو عند الحيدرة وقسمتها على قسمين:

أحدهما: الأصول النقلية وهي القرآن الكريم والقراءات والحديث النبوي وكلام العرب شعرًا ونثرًا.

والآخر: الأصول العقلية وهي القياس والعلة النحوية والإجماع.

أما الفصل الثالث فحمل عنوان: مذهبه النحوي وفيه مبحثان:

المبحث الأول: تحدثت فيه عن مصطلحه النحوي.

والمبحث الثاني: تحدثت فيه عن موقفه من المسائل الخلافية بين البصريين والكوفيين.

والمبحث الثالث: تحدثت فيه عن تصريحه بمذهبه النحوي.

واعتمدت في دراستي على مصادر كثيرة أذكر منها: كتاب سيبويه، والمقتضب للمبرد، والأصول لابن السراج والإنصاف في مسائل الخلاف للأنباري والاقتراح في علم أصول النحو للسيوطي.

وواجهتني صعوبات في رحلتي مع هذا الكتاب منها صعوبة الحصول على المصادر وصعوبة التنقل بين المحافظات للبحث عن الكتب ولكنني بحمد الله استطعت أن أتغلب عليها.

وفي الختام أقول: هذا ما استطعت أن أفعله فإن وفقت فلله الحمد وإن أخفقت فحسبي أني بذلت ما في وسعي ومن الله العون وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الخاتمة:

بعد هذه الجولة مع كشف المشكل في النحو أستطيع أنْ أجمل النتائج التي توصلت إليها بما يأتي:

1. ظهر من خلال البحث أنَّ كشف المشكل عبارة عن إزالة الغموض والإبهام الذي يعتري المسائل النحوية فالكشف عنها يعني إيضاحها للمتعلمين وإزالة ما علقَ بها من غموض.

2. أما منهجه في الكتاب ومن خلال عرض المادة العلمية فقد ظهر أنه اتبع أسلوب القدماء في ترتيب موضوعاته وتبويبها عارضًا ذلك بأسلوب واضح سهل معززًا ذلك بالأمثلة والشواهد وكأنه في ذلك يتبع الأسلوب التعليمي بدليل أنه يبدأ الباب بسؤال ثم يشرع في الإجابة عنه.

3. ظهر من خلال البحث أنه اهتم بأصول النحو جميعًا إلا استصحاب الحال فلم يورده في كتابه.

4. استشهد بكلام العرب حتى بعد عصور الاحتجاج بالشعر العباسي فقد أدخل في شواهده شعر شعراء عدهم العلماء خارج عصر الاستشهاد كالمتنبي وأبي تمام والبحتري.

5. اهتم كثيرًا بالحدود النحوية واعتدَ بها من خلال تعريفه للعنوان الرئيس للباب النحوي واتبع أسلوب السؤال والجواب عنه وهو ما يسمى (الفنقلة) وتعني (فإنْ قلتَ... قلنا) وهذا هو أسلوب المناظرة الذي استعمله الزمخشري من قبل من أجل الوصول إلى القول الراجح.

6. أما مذهبه النحوي فقد ظهر أنه يأخذ من مسائل الفريقين وإنْ كانَ ميله واضحًا إلى البصريين وهذا واضح من خلال مصطلحه النحوي وموافقته لهم في مسائل أكثر من موافقته للكوفيين. فقد تابع البغداديين في مذهبهم الذي يوفق بين المدرستين.

7. استعمل صيغة الأمر في نهاية كل باب كقوله: "هذا قول حسن فافهم ذلك"[1].

8. وبيَّن رأيه في المسائل النحوية كقوله: ليس بشيء أو قوله: "هذا هو الوجه الصحيح والمختار"[2].

وفصل في كتابه وأشار إلى الأبواب التي سيبحثها فقال في نهاية باب كان وأخواتها: "فهذه أحكام كان وأخواتها، فأما أحكام التي حُمِلَتْ عليها فنحنُ نفردُ لها هاهنا بابًا إن شاء الله سبحانه"[3].

وقوله في تقسيمه للأفعال إلى لازمة ومتعدية: "وسنفردُ لكل واحدٍ منهما بابًا نستوفي فيه شروحه إنْ شاء الله سبحانه"[4].

9. أما شواهد كتابه فكان أكثرها من القرآن الكريم والشعر العربي وخاصة الشعر الجاهلي فقد استشهد به كثيرًا ثم القراءات القرآنية والحديث النبوي الشريف وكلام العرب من الشعر والنثر. وشملت شواهده النحوية معظم فروع اللغة كالنحو والصرف والصوت والخط ويدل ذلك على اتساع فكره وقدرته وعبقريته وهو بذلك يشبه سابقيه من العلماء والنحاة القدماء كالخليل وسيبويه وغيرهما.

جدول إحصائية بعدد الشواهد الشعرية في كشف المشكل

10. العلة عند الحيدرة هي تعليمية وليست فلسفية.

11. تبين من خلال دراسة منهجه النحوية أنه وافق البصريين في ثلاث وثلاثين مسألة نحوية، وأما الكوفيون فقد وافقهم في إحدى عشرة مسألة نحوية مما يدل على أنه بصري أكثر مما هو كوفي. وظهر لي أنه من أصحاب الاختيار بمعنى أنه لم يكن بصريًا ولا كوفيًا فهو يختار من المذهبين.

الفهرست