الآثار المسندة عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم في الحدود

ملخص الرسالة

الآثار المسندة عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم في الحدود

في الكتب التسعة - دراسة تحليلية

المقدمة

الحمدُ لله رب العالمين، والصلاةُ والسلامُ على النبيّ الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعدُ،

فإنّ السنّة النبويّة المشّرفة تعدّ المصدر التشريعي الثاني من مصادر الأحكام، وقد تكفل الله عزّ وجلّ بحفظها؛ فقد هيّأ لها رجالًا شدوا لها العزائم والهمم في سبيل الحفاظ عليها وتبليغها للناس، فقد صانوا الأمانة، وأقاموا خلافة النبوّة، وقد تتابعت الأمة جيلًا بعد جيل على خدمتها والذب عنها، حتى وصلت إلينا مصونة ميسرة في دواوينها ومصنفاتها.

ومن المعلوم أن علم الحديث ذو قدر عظيم، فهو من أشرف العلوم، والاشتغال به يكمن في خدمة هذا الدين الحنيف، وإن آثار الصحابة رضي الله عنهم الذين عاينوا التنزيل وتشرفوا بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم تكون جزأ من مصادر التشريع، ولها مرتبة عظيمة؛ لقربها ومكانتها من السنة النبوية الشريفة؛ حيث قال عليه الصلاة والسلام: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي)[1]، ومن خلال دراستي هذه قد تقصيت هذه الآثار فوجدتها قد ملأت الكتب والمصنفات؛ حيث إن جمعها يفوق الأجزاء فكان عددها كثيرًا جدًّا.. فكيف بدراستها؟! فإن ذلك يحتاج إلى جهد واسع لجمعها وتصنيفها ودراستها، فاقتضى جهدي أن أجمع آثار الصحابة رضي الله عنهم في الحدود بمؤلفٍ مستقل، وإن أقتصر على الكتب التسعة ليتسنى لي دراسة تلك الآثار، وهذا البحث يضم جمع الآثار وتخريجها وشرحها وإيضاح الفائدة منها، ولأقوم بما ينبغي علي القيام به في السعي لإتمام هذه الرسالة كما يجب، وقد كانت طريقتي على النحو الآتي:

أولًا: قسمت الموضوع على أربعة فصول رئيسية، فالفصل الأول تمهيدي يضم بيان الآثار المسندة والصحابي والحدود والألفاظ ذات الصلة، وفيه ثلاثة مباحث: المبحث الأول يضم الآثار المسندة لغةً واصطلاحًا، والمبحث الثاني تعريف الصحابي، والمبحث الثالث يضم التعريف بالحدود ومشروعية إقامتها والثواب المترتب على ذلك.

والفصل الثاني يضم الآثار المسندة عن الصحابة الكرام في حد الردة والزنا، فالمبحث الأول يضم الآثار الواردة في حد الردة، والمبحث الثاني يضم الآثار الواردة في حد الزنا.

والفصل الثالث يضم الآثار المسندة في حدي القذف والخمر، فالمبحث الأول يضم الآثار الواردة في حد القذف، والمبحث الثاني يضم الآثار الواردة في حد الخمر.

والفصل الرابع يضم الآثار المسندة في حدي السرقة والسحر فالمبحث الأول يضم الآثار الواردة في حد السرقة، والمبحث الثاني يضم الآثار في السحر.

ثانيًا: بدأت بترقيم الحديث ثم ذكرت الحديث في كل باب ثم ذكرت تخريجه بعده وذكرت اختلاف الألفاظ معه أو الزيادة إن وجدت فيه.

ثالثًا: قمت بترجمة رجال السند لكل حديث وبيان مرتبة كل راو من الصحة، فإذا كان توثيقه على كثير من العلماء، اعتمدت اثنين أو ثلاثة من الأئمة المشهورين المعتمد قولهم في الجرح والتعديل.

رابعًا: ذكرت تخريج الأحاديث والآثار التي ترد في المسألة، وإذا كان الحديث في البخاري أو مسلم تركت ترجمة السند لمكانتهما في الصحة؛ لاتفاق الأمة الإسلامية على صحة مروياتهما وإذا كان في غيرهما فإني بينته كما يجب.

خامسًا: قمت بتوضيح غريب ومعاني الألفاظ في كل حديث قبل البدء بشرحه.

سادسًا: قمت بشرح كل حديث في المسألة شرحًا إجماليًا يسيرًا خشية الإطالة أو الخروج عن المراد، وإذا كان في المسألة أكثر من حديث فإني أوردهُ في الباب وأقوم بدراسته، إلاّ - أني جمعت في الشرح الإجمالي وفي ما يرشد إليه الحديث الأحاديث المتشابهة سوية حتى لا يطول الموضوع أكثر مما خصص له وكي لا أقع في التكرار.

سابعًا: بينت أهم ما يرشد إليه الحديث بأمور موجزة تحت عنوان ما يستفاد من الحديث.

ثامنًا: ذكرت تراجم الأعلام في نهاية البحث في مكان مستقل لئلا تزدحم الهوامش.

تاسعًا: ذكرت فهرست الرواة الذين ترجم لهم في سند الحديث.

عاشرًا: ذكرت فهرس الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار الواردة ثم الأبيات الشعرية في نهاية هذا البحث.

الحادي عشر: ذكرت المصادر والمراجع مرتبة على حسب حروف الهجاء مع ذكر ما يتعلق بها من سنة الطبع والتحقيق ومكانه.

الثاني عشر: قد اطّلعت على عدد من البحوث والرسائل التي تخص هذا الموضوع مثل: (الحدود والتعزيرات عند ابن القيم) رسالة دكتوراه - بكر عبد الله - كلية الشريعة - السعودية. و(مختلف الحديث وأثره في أحكام الحدود والعقوبات) رسالة دكتوراه - طارق محمد - كلية الشريعة - الكويت.

و(عدالة الصحابة) رسالة دكتوراه - محمد محمود - كلية العلوم الإسلامية - بغداد.

وقد مررنا ببعض الصعوبات منها عدم فتح المكتبات لفترة طويلة حتى يتم أخذ أكبر قدر ممكن من فحوى المصادر والكتب، وبعد المسافة بيني وبين السيد المشرف فبسبب الظروف التي تحيط بنا والأوضاع الأمنية يصعب علي اللقاء به كثيرًا فأطلب من الله العون والسداد لإنجاز هذا البحث، فإن وجد الخطأ أو التقصير، فأرجو إرشادي إليه، وألتمس من الجميع العذر والمسامحة مما يحسب علي، فلا أدعي التمام والكمال، بل أخشى النقص والتقصير.. ومن الله التوفيق.

الخاتمة والنتائج

• الأخذ بما جاء عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم فيما لا نص فيه فإنهم وإن كانوا من المجتهدين إذ لا يجب تقليد المجتهد فإن اجتهادهم له سمات تميزهم عن غيرهم من المجتهدين فقد تشرفوا بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم وأنهم عاينوا التنزيل فهم أعلم بمدلولات النصوص ووقوع الحوادث وتشريع الأحكام لها.

• من خلال التتبع لآثار الصحابة رضي الله عنهم فقد كان عددها مع المكرر هو ( 90 ) أثرًا ومن غير المكرر هو (47) أثرًا؛ ففي صحيح الإمام البخاري يوجد ستة آثار وفي صحيح الإمام مسلم يوجد أثران، وفي سنن الإمام الترمذي يوجد ثلاثة آثار، وفي سنن الإمام النسائي يوجد أربعة وعشرون أثرًا وفي سنن الإمام أبي داود يوجد خمسة آثار وفي سنن الإمام ابن ماجه يوجد أثر واحد وفي مسند الإمام أحمد يوجد أثران، وفي موطأ الإمام مالك يوجد واحد وعشرون أثرًا.

• تبين أن الحد إن كان جلدًا كحد الزنا والشرب وحد القذف فلا بأس أن يقيم السيد الحد على عبده أو أمته، أما القتل في الردة والقطع في السرقة فلا يملكها إلا الإمام.

• النهي عن التعذيب بالنار وقتل المرتد والمرتدة جميعًا لعموم الأدلة، ويجب استتابة المرتد والمرتدة ثلاثة أيام قبل إقامة الحد عليهما، فإن تابا تقبل توبتهما جميعًا.

• التعزير عقوبة شرعية لأهل المنكرات وأصحاب الرذائل المخالفة للطبائع البشرية والحياة الإنسانية.

• تحريم شرب المسكر وتحريم شرب الخمر، وأما شراب الطلاء فمنه ما يكون مباحًا وهو بشرطين: الأول أن يطبخ والثاني أن لا يسكر، ومنه حرامًا وهو الذي يسكر، وتبين ما يكون منه الخمر، وعدم ثبوت شرب الخمر بالرائحة لاحتمال أنه شربها مكرهًا، لأن الرائحة مشتبهة واحتمال أنه شربها مكرهًا ثابت، والحدود لا تجب بالشك، فلا يقام حد عليه إلا أن يقول شربت خمرًا أو يشهد بذلك عليه.

• سد الذرائع وما يتخذه بعض الناس طريقًا يؤدي في الوصول إلى المحرم، فإن كل طريق ثبت فيه التوصل إلى إحلال المحرم وجب تركه وتحريمه، وإن كل طريق مباح يشك في اعتقاده التوصل إلى المحرم، فإن توصل إلى المحرم حرم ذلك، وإن لم يصل إلى الحرام لم يمنع والله أعلم.

• ويجب قطع يد السارق لأن في إقامة حد السرقة صون لأموال الناس ويحفظها من تطاول الآخرين عليها، والناس في الحدود كلهم سواء يقطع العبد والأمة والمدبر والمكاتب وأم الولد، ويستوي الآبق وغيره لعموم الآية الشريفة.

• تقبل الشفاعة في الحد إذا لم يبلغ الحاكم أو السلطان، فقد وردت آثار تدل على جواز ذلك لأن فيها الستر على أهل المعاصي، وتحريم الشفاعة في الحدود، بعد بلوغها الإمام والوصول إليه لأن فيه تضييع حد من حدود الله.

• حكم الساحر ضربة بالسيف وإن للسحر حقيقة تؤثر بالأبدان بقضاء الله وقدره.

دليل الرسالة