( شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ ) لجمال الدين محمد بن مالك النحوي- دراسة وتحليل

ملخص الرسالة

(شَرْح عُمدَة الحَافِظِ وَعُدّة اللافِظ)

لجَمَالِ الدَّينِ مُحمَّدٍ بنِ مالِك النحويّ

دراسة وتحليل

المقدمة:

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد بن عبدالله وآله الطيبين الطاهرين، وعلى صحبه ومن والاه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإنّ اللغة العربية عباب زاخر لا يحيط به إلاّ من أوتي جوامع الكلم والفصاحة والبيان، وأعظم آيات شرفها وطهرها أنّها لغة القرآن، ولسان أهل الجنان، لذلك كان تعلمها فريضة على كلّ مسلم ومسلمة، قال أبو منصور الثعالبي: (( إن من أحبَّ الرسول العربي أحبَّ العرب، ومن أحبَّ العرب أحبَّ العربية التي نزلَ بها أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب، ومن أحبَّ العربية عُنيَ بها وثابر عليها وصرف همّته اليها....))[1].

لذا كان للعربية رجالٌ أحبوها وأخلصوا لها وأفنوا أعمارهم في خدمتها، فتركوا لنا آثارًا جليلة سامية جديرة بالبحث والدراسة، ومن هذه الآثار كتاب (شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ) لابن مالك، فقد اشتّمل هذا الكتاب على جلّ الموضوعات النحوية والصرفية، وضمَّ بين دفتيه آراء النحاة المتقدمين والمتأخرين ومذاهبهم بأسلوب أتسم بالبساطة والوضوح مشفوعًا بالشواهد والأمثلة والحجج، وقد أخذته موضوعًا لرسالتي التي تقدمت بها لنيل درجة الماجستير وبناء على اقتراح أستاذي الفاضل (حسين إبراهيم مبارك التميمي) فتوكلت على الله، وعقدت العزم على المضي في دراسته ومن الله العون والتقدير.

وقد جعلت دراستي هذه في ثلاثة فصول تتقدمها مقدمة وتمهيد وشفعتها بخاتمة فمصادر البحث ومراجعه، فكان التمهيد تعريفًا موجزًا لحياة ابن مالك وكتابه (شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ).

وتناولت في الفصل الأول (منهج ابن مالك في كتابه شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ) مبينة فيه موضوعات الكتاب والمادة العلمية التي عرضها المصنف فيه، محاولة إيجاد علاقة ترابط بين هذه الموضوعات، ثم بينت أبرز مزايا منهج ابن مالك في الشرح.

وجاء الفصل الثاني خاصًا بـ(أدلة النحو عند ابن مالك في شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ)، وبينت فيه موقفه من السماع، واعتداده به، ثم تناولت شواهده القرآنية، والقراءات القرآنية، والحديث الشريف، فكلام العرب نظمًا ونثرًا، ثم عرضت موقف ابن مالك من القياس، واعتداده به على الرغم من أنّ قياسه كان مقيدًا بحالات معينة عرضت لها وفصلت القول فيها، ثم عرضت موقفه من الإجماع واستصحاب الحال ثم التعليل.

أما الفصل الثالث فخصصته لدراسة (المسائل النحوية والصرفية في شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ) وقد قسمته على مبحثين:

الأول منهما: تناولت فيه المسائل النحوية في الكتاب، وفيه تحدثت عن مذهب ابن مالك النحوي وموقفه من جمهور البصريين والكوفيين، ثم موقفه من النحاة إفرادًا، ثم ذكرت آراءه الاجتهادية، وختمته بذكر مصطلحه النحوي.

أما الآخر: فتناولت فيه أبرز المسائل الصرفية في الكتاب وهي: أبنية المشتقات وأبنية المصادر وجموع التكسير والنسب والتصغير.

وقد استعنت في بحثي هذا بمصادر النحو ومراجعه الرئيسة التي تشكل عماد المكتبة النحوية من مصنفات القدماء ومنها كتاب سيبويه ومعاني القرآن للفراء، والمقتضب للمبرد، والأصول لابن السرَّاج، ومصنفات ابن مالك المعروفة، فضلًا عن اعتمادي مراجع أخرى في اللغة والنحو والقراءات والدواوين، كما استعنت بالمصادر الحديثة أيضًا حتى لا أكون قد أغفْلتُ جهود المحدثين في اللغة والنحو.

ولابّد لي قبل أنْ أختمَ حديثي هذا من أنْ أتوجه بعميق الشكر وعظيم الامتنان، وأوفر العرفان لمن لا يفي قلمي العاجز بوصف بحر علمه وفيض قلبه الأستاذ الدكتور عليّ عبدالله العنبكيّ الّذي شرفني بقبول الإشراف على هذه الرسالة، وفتح لي قلبه الكبير ووهبني وقته وجهده اللذين أوقفهما شخصه الكريم لخدمة العربية وطلابها، وفقه الله وأثابه عني أحسن ما يكون الثواب.

واعترافًا بالجميل مني أتوجه بالشكر الجزيل للدكتور الفاضل حسين إبراهيم مبارك التميمي لمساندته لي وتشجيعه طوال مدة البحث سواء أكان ذلك عن طريق توفير المصادر التي احتاج إليها أم عن طريق إسناده لي معنويًا، جزاه الله تعالى عني خير الجزاء وأوفاه.

ولابدَّ لي - أيضًا - من أن أشكر أعضاء لجنة المناقشة الموقرة لتفضلهم بقبول مناقشة هذا البحث، وهو أمانة بين أيديهم، فإن أكن وفقت فمن الله، وإن تكن الأخرى، فلي أجر العاملين، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

الخاتمة:

بهذا أكون قد أنهيت هذا الجهد المتواضع وأرجو أن أكون قد وفقت في إبراز صورة واضحة تليق بمنزلة هذا العالم اللغوي النحوي الكبير وكتابه (شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ) الذي لاقى عناية كبيرة من لدن النحاة، ومن أبرز هذه النتائج التي استخلصتها من هذا البحث ما يأتي:

1- اتسم أسلوب ابن مالك في شرح (عمدة الحافظ وعدة اللافظ) باليسر والسهولة، وابتعاده عن الوعورة في الطرح والجفاف في تحليل المسائل النحوية الأمر الذي جعل منهج شرحه أقرب ما يكون إلى المنهج التعليمي الواضح اليسير الذي يستسيغه القارىء ويتقبله المتعلم، وكذا هو الحال في كتبه الأخرى، لذلك اتخذت مؤلفاته مادة للدراسة في مختلف المراحل الدراسية.

2- أهمل ابن مالك في كتابه بعض الموضوعات النحوية، كما انه اختصر في مواضع وأسهب في مواضع أخرى، كما خلا كتابه من كثير من الموضوعات الصرفية وكان هدفه من ذلك كما يبدو هو عدم إرهاق الدارسين بموضوعات ربما لا تعود عليهم بفائدة كبيرة.

3- من السمات البارزة التي يجدها القارىء في كتاب ابن مالك (شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ) هي: تأجيله شرح بعض المسائل، وشرحه مفردات الكلمات الغريبة والأساليب التي تستحق البيان، واهتمامه بالعامل والحدود النحوية، وإغفاله ذكر أسماء بعض النحويين، وتردده في بعض آرائه النحوية عما جاء في كتبه الأخرى، وإشارته إلى المراجع وآراء علماء اللغة والنحو.

4- عمد في استشهاده إلى سبر أغوار منابع الاحتجاج المتنوعة ينهل منها ويغترف من معينها ما يسند بها قاعدته التي يقررها ويعطي حكمه النحوي والصرفي قوة ومتانة، وقد اعتمد في شواهده على الآيات القرآنية الكريمة وجعلها في موقع الصدارة من بين بقية الشواهد التي استند إليها في تثبيت آرائه النحوية والصرفية، كما أخذ بالقراءات القرآنية جميعا سواء أكانت متواترة أم شاذة.

5- أكثر من الاستشهاد بالأحاديث النبوية الشريفة حتى أصبح الاحتجاج بها من أهم مميزات مذهبه النحوي.

6- كان لكلام العرب الأوائل منظومه ومنثوره حظ وافرٌ في شواهده، ولكنّ اهتمامه بالشعر فاق اهتمامه بالنثر لكثرة مطالعته لدواوين الشعراء.

7- اهتم ابن مالك في كتابه بالقياس وكان قياسه قائمًا على التوسع والتيسير كما اهتم أيضًا بدليلي الإجماع واستصحاب الحال إلا أن اهتمامه بهما لم يصل إلى درجة اهتمامه بالسماع أو القياس.

8- اهتم في آرائه ودراساته النحوية والصرفية بالتعليل فغالبًا ما نجده يتخذ العلل وسيلة لتوضيح الكثير من المسائل التي تعرض لها رغبة منه في التيسير والسهولة في الفهم والاستيعاب ولكنه لم يتعمق في تعليله بالشكل الذي يجعله عالم فلسلفة لا عالم نحو ولغة.

9- لم يتعصب ابن مالك في كتابه (شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ) لمذهب معين، وإنما كان ينشد الحقيقة حيثما وجدت، وفي أي وعاء خرجت، فنراه يوافق البصريين إن رأى الصواب معهم، ويتابع الكوفيين إن سار الحق في ركابهم، وأحيانًا كان يترك المذهبين ليأخذ بآراء كبار النحاة ممن كان له في النحو نظرات انفرد بها سواء أكان من البصريين أو الكوفيين أو البغداديين أو الأندلسيين، إلا أن هذا البحث يجد أن ابن مالك وإن حاول ان يتخذ لنفسه مذهبًا وسطًا بين هذه المذاهب فإنه كان قريبًا من البصريين في أكثر المسائل التي ذكرها في كتابه هذا، شأنه في ذلك شأن النحاة المتأخرين.

10- لم يقتصر في أثناء طرحه آراء النحاة على ذكر الرأي مجردًا وإنما كان له دور المناقش والمحلل والناقد للرأي فنراه يؤيد تارة ويرفض أخرى، ولم يأتِ تأييده أو رفضه اعتباطًا وإنما جاء على العكس من ذلك؛ لأنه يقدم الشواهد والحجج المؤكدة لكل رأي ولكل مسألة في حالتي الرفض أو القبول.

11- إن النضج الذي وصل إليه النحو في عصر ابن مالك بفضل جهود العلماء الذين سبقوه وعاصروه لم يمنع المصنف أو يرده عن أن يدلي بدلوه ويسهم في الخوض في مسائل النحو المختلفة، لذلك كانت له آراء اجتهادية كثيرة من بنات أفكاره شغل بها النحاة الذين جاءوا بعده فأشبعوها نقدًا وتحليلًا، فكان فيهم المتابع والمعارض.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتخبين وسلم تسليمًا كثيرًا.

فهرس المحتويات

Abstract

The Explanation of Ibn Maliks ' Amdet Al-Hafid and Adet Al- Lafid: A Study and Analysis.

There were men who liked the Arabic language and devoted their lives to study it. Those men left for us great heritage that deserves studying and investigating. One of this was Ibn Maliks Amdet Al-Hafid and Adet Al- Lafid which includes the most of the grammatical and etymological aspects of the language. It also contains the views of the classical and contemporary grammarians and their literary trends as well as in a style which is characterized by simplicity and clarity. supplemented with evidences and the subject of my study.

The study falls into three chapter with an introduction and conclusion and a bibliography.

In the introduction، I offered a brief account of Ibn Maliks' life and his book Amdet Al-Hafid and Adet Al-Lafid.

Chapter one deals with Ibn Maliks' methods in his book showing the subjects of the book and the scientific materials offered and attempting to find connected relation among these subject s. Then I showed the important merits of Ibn Maliks ' methods of explanation.

Chapter two concentrates on Ibn Maliks' grammatical evidences in the explanation of this book Amdet Al-Hafid and Adet Al-Lafid. It shows his attitude and regard to hearing. Then it offers his Qura'anic evidence, Qura'anic readings, Al-Hadeeth Al-Shareef and the Arabs discourse in verse and prose as well. It also explains Ibin Malik's attitude towards measuring restricted by certain cases which I explained in details. Then it shows his opinion about general consent and accompanying of condition and reasoning.

Chapter three deals with the study of grammatical and etymological matters in relation to the explanation of Amdet Al-Hafid and Adet Al-Lafid. It is divided into two sections: section one is about the grammatical matters of the book in which I wrote about Ibin Malik's grammatical doctrine and this attitude towards the general multitude of Al-Basrieen and Al-Kufieen, his attitude towards grammarians as individuals, then I mentioned his novel views. It is conclude by mentioning his grammatical idiom. In the second section I deal with the etymological aspects of the book: the derivations construction, sources constructions, neuter plurals, ascription and diminution.

In the conclusion, I sum up the most important findings of the study.