مسلك الراغب لشرح دليل الطالب من أول الكتاب إلى آخر كتاب الاعتكاف دراسة وتحقيقا

ملخص الرسالة

مسلك الراغب لشرح دليل الطالب

تأليف الشيخ إبراهيم بن أبي بكر الذِّنَّابي العوفي الصالحي رحمه الله (ت 1094هـ)

من أول الكتاب إلى آخر كتاب الاعتكاف

دراسةً وتحقيقًا

ملخص البحث:

أحمد الله الذي سلك براغبي العلم وطلابه طريقًا إلى الجنَّة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذي العطاء والمنة، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، دلَّ الله به طالبي الحق إلى أقوم سنة، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله، وصحبه، حملة الدين، وفقهاء الملة.

أما بعد: فإن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظُلَم، يبلغ العبد به منازل الأخيار، والدرجات العلا في الدنيا والآخرة، به توصل الأرحام، ويعرف الحلال والحرام، وهو إمام العمل، والعمل تابعه، يلهمه السعداء، ويحرمه الأشقياء[1].

وإن لتحصيل العلم جادة سار عليها العلماء. قال النووي رحمه الله: (وأول ما يبتدئ به حفظ القرآن العزيز، فهو أهم العلوم، وكان السلف لا يعلِّمون الحديث والفقه إلا لمن حفظ القرآن، وإذا حفظه فليحذر من الاشتغال عنه بالحديث والفقه وغيرهما اشتغالًا يؤدي إلى نسيان شيء منه، أو تعريضه للنسيان.

وبعد حفظ القرآن، يحفظ من كل فن مختصرًا، ويبدأ بالأهم، ومن أهمها: الفقه، والنحو، ثم الحديث، والأصول، ثم الباقي على ما تيسر، ثم يشتغل باستشراح محفوظاته. ويعتمد من الشيوخ في كل فن أكملهم)[2].

وليسلك أقرب الطرق الموصلة إلى ما يطلبه، فينتقي من مصنفات الفن الذي يطلبه أحسنها، وأوضحها، وأكثرها فائدة، ويشتغل به حفظًا عند الإمكان. فإن تعذر حفظه لفظًا، فليكرره كثيرًا، حتى ترسخ معانيه في قلبه، ثم تكون باقي كتب الفن كالتوضيح والتفسير لذلك الأصل الذي اعتمده. فمن حفظ الأصول، وصار له ملكة تامة في معرفتها، هانت عليه كتب الفن كلها، الصغار منها، والكبار. ومن ضيع الأصول حرم الوصول[3].

وإن من أنفع مختصرات فقه الحنابلة متن "دليل الطالب لنيل المطالب" للشيخ العلامة مرعي بن يوسف الكرمي رحمه الله، فقد بيّن فيه الأحكام أحسن بيان، وأوضح عبارته مع الإتقان، وأجاد في ترتيبه، وتقسيمه، وتنظيمه، وسار فيه على الصحيح من المذهب. فاعتنى به الأصحاب عناية فائقة، وتوالت شروحاتهم عليه. وكان من أوائل من شرحه، إن لم يكن أولهم، الشيخ إبراهيم بن أبي بكر الذِّنَّابي العوفي الصالحي رحمه الله، في كتابه "مسلك الراغب لشرح دليل الطالب".

وقد ألفيته كتابًا مفيدًا، وشرحًا نافعًا، فوقع اختياري عليه، ليكون أطروحتي العلمية لنيل درجة العالمية (الماجستير) في الفقه الإسلامي، وكان نصيبي منه، من أوله إلى آخر كتاب الاعتكاف.

أهمية الموضوع:

تبرز أهمية الموضوع فيما يلي:

1- أن الكتاب شرح لمتن يعد من أهم وأنفس المتون عند الحنابلة المتأخرين. وهو أول الشروح المعلومة على "دليل الطالب"، وقد استفاد من بعده منه[4].

2- جلالة قدر الشارح، ومكانته العلمية.

3- منهج الشارح، القائم على توضيح المتن، وتحرير مسائله، والزيادة عليها، سائرًا في ذلك على الصحيح من المذهب، مع الاهتمام الواضح بالاستدلال، والتعليل.

4- اعتماد الشارح على كتب شيخ المذهب المحقق منصور البهوتي رحمه الله، وعلى الخبير وقع. فالكتاب وإن لم يؤلفه الشيخ منصور، إلا أن نَفَسَه نَفَسُ كتبه.

أسباب اختيار الموضوع:

ترجع أسباب اختيار الموضوع إلى ما يلي:

1- الرغبة في المشاركة في تحقيق التراث الفقهي الحنبلي. فوقع الاختيار على شرح مهم لأحد متون الحنابلة المعتمدة، وهو "دليل الطالب". فتحقيق هذا الكتاب يأتي في سبيل المساهمة في خدمة هذا المتن، وتزويد المكتبة الإسلامية بمرجع جليل في الفقه الحنبلي.

2- قيمة الكتاب العلمية.

3- جلالة قدر الشارح، ومكانته العلمية.

خطة البحث:

تتكون خطة البحث من مقدمة، وقسمين، ثم الفهارس.

أما المقدمة فتحتوي على: الافتتاحية، وبيان أهمية الموضوع، وذكر أسباب اختياره، وخطة البحث، ومنهج التحقيق المتبع.

القسم الأول: الدراسة

وتنتظم هذه الدراسة في تمهيد، وفصلين:

التمهيد: التعريف بالمتن، ومؤلفه. وتحته مبحثان:

المبحث الأول: التعريف بمؤلف المتن. وفيه سبعة مطالب:

المطلب الأول: اسمه، ونسبه، ولقبه، وكنيته.

المطلب الثاني: مولده، ونشأته، ووفاته.

المطلب الثالث: مشايخه.

المطلب الرابع: تلامذته.

المطلب الخامس: مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه.

المطلب السادس: مؤلفاته.

المطلب السابع: عقيدته، ومذهبه الفقهي.

المبحث الثاني: التعريف بالمتن. وفيه مطلبان:

المطلب الأول: مكانته في المذهب.

المطلب الثاني: الأعمال العلمية عليه.

الفصل الأول: التعريف بالشارح. وفيه سبعة مباحث:

المبحث الأول: اسمه، ونسبه، ولقبه، وكنيته.

المبحث الثاني: مولده، ونشأته، ووفاته.

المبحث الثالث: مشايخه.

المبحث الرابع: تلامذته.

المبحث الخامس: مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه.

المبحث السادس: مؤلفاته.

المبحث السابع: عقيدته، ومذهبه الفقهي.

الفصل الثاني: التعريف بالشرح (مسلك الراغب). وفيه ستة مباحث:

المبحث الأول: تحقيق اسم الكتاب.

المبحث الثاني: توثيق النسبة إلى المؤلف.

المبحث الثالث: منهج المؤلف في الكتاب.

المبحث الرابع: مصادر المؤلف في الكتاب.

المبحث الخامس: قيمة الكتاب العلمية.

المبحث السادس: وصف النسخة الخطية، ونماذج منها.

القسم الثاني: النص المحقق (يبدأ من أول الكتاب إلى نهاية كتاب الاعتكاف، ويقع في (85) لوحة من كامل الجزء).

الفهارس:

ذيلت البحث بالفهارس الفنية، وهي كالتالي:

1- فهرس الآيات القرآنية.

2- فهرس الأحاديث النبوية.

3- فهرس الآثار.

4- فهرس الأعلام.

5- فهرس الأماكن.

6- فهرس المصطلحات العلمية.

7- فهرس الكلمات الغريبة.

8- فهرس المصادر والمراجع.

9- فهرس الموضوعات.

منهج التحقيق:

سرت في طريقة التحقيق على المنهج التالي:

(1) كتابة النص - عدا الآيات - بالخط الإملائي، مع مراعاة استخدام علامات الترقيم، وضبط الكلمات المشكلة.

(2) بالنسبة للهوامش التي امتلأت بها أوراق المخطوط من جهاتها الأربع، سرت فيها على ما يلي:

• ما ختم بـ (صح) أدخلته في الأصل.

• ما بُدِئ بـ (حشة) -اختصارًا لكلمة "حاشية"- وضعته في الحاشية.

• ما لم يختم بـ (صح)، ولم يبدأ بـ (حشة)، وهذا نادر، فما ظهر أنه لحق أدخلته في الأصل بين معقوفتين [ ]، وما لم يكن كذلك وضعته في الحاشية.

(3) الإشارة إلى نهاية كل ورقة من المخطوط بعلامة / ، وكتابة رقم اللوحة في جانب الموضع على الهامش، وأشرت إلى الوجه الأول بـ(أ)، وإلى الوجه الثاني بـ(ب).

(4) التمييز بين متن (دليل الطالب) والشرح، وقد كتب الشارح المتن بالحمرة، فوضعته بين قوسين ( )، مع زيادة الحبر في كلماته.

(5) نسخ الكتاب وفق النسخة الخطية الموجودة لدينا، واتبعت في تعديل النسخة المنهج التالي:

• إذا وقع في النسخة تصحيف، أو تحريف، أو خطأ نحوي، أثبته في الأصل كما هو؛ حيث تبين أنها نسخة المؤلف، المكتوبة بخطه، فآثرت إبقائها بأخطائها، على ما هو مقرر في منهج التحقيق، وأشرت إلى التصحيح في الحاشية.

• ما يقع في النسخة من أخطاء كتابية ناتجة عن سهو، بزيادة حرف، أو حرفين مثلًا، أو تكرار في كلمة، أو كلمتين، أصلحته في الأصل، وأشرت إلى الخطأ في الحاشية.

• إذا وقع في النسخة نقص ظاهر، اضطررت إلى إضافة ما يقيم المعنى فيه، جعلته في الأصل بين معقوفتين [ ]، وأشرت إليه في الحاشية.

• إذا صادف موضع لم أتمكن من قراءته؛ لطمس، أو سوء تصوير، فإن وقفت على نصه بعينه من المصادر الأخرى، من غير شك فيه، أثبته في الأصل. وإن لم أتمكن من قراءته على وجه الجزم، تركت مكانه في الأصل ثلاث نقط... وأشرت إليه في الحاشية، مع الاجتهاد في بيان الكلمة، أو الكلمات التي لم أتمكن من قراءتها.

(6) كتابة الآيات القرآنية بالرسم العثماني.

(7) عزو الآيات القرآنية، بذكر اسم السورة، ورقم الآية.

(8) تخريج الأحاديث النبوية، فإن كان في الصحيحين، أو في أحدهما، اكتفيت بذلك، وإلا خرجته من مظانه في كتب الأحاديث الأخرى، وذكرت كلام أهل الشأن في بيان درجته.

(9) تخريج الآثار من مظانها.

(10) شرح الكلمات الغريبة التي تحتاج إلى شرح، ولم يعرف بها المؤلف، من معاجم العربية، وقواميسها.

(11) التعريف بالمصطلحات العلمية الواردة، التي لم يعرف بها المؤلف.

(12) الترجمة للأعلام الوارد ذكرهم في الكتاب بشيء من الإيجاز.

(13) التعريف بالأماكن التي يذكرها المؤلف، وبيان حدودها ومعالمها في الوقت الحاضر.

(14) توثيق المسائل التي يرد ذكرها في الشرح من كتب الحنابلة.

(15) عزو النقول التي يحكيها المصنف إلى مصادرها.

(16) إذا أورد المؤلف شيئًا من الروايات أو الأوجه قمت بتوثيقها، مع بيان المعتمد منها في المذهب.

(17) إذا وقع في شرح المصنف، أو في مسائل الدليل مخالفة للمعتمد في المذهب، نبهت على ذلك، ووضحت الخلاف فيه، وأشرت إلى ما اعتمده الحنابلة في المسألة.

(18) التعليق على المسائل التي يحتاج فيها إلى تعليق.

(19) وضع فهارس فنية، كما هو موضح في الخطة.

وبعد: فإني أحمد الله سبحانه حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربي ويرضى، وأشكره جلَّ وعلا على نعمه الظاهرة، والباطنة، التي لاتعد ولاتحصى، ومنها إتمام هذه الرسالة، ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ [النمل: 19].

ثم أثني بالشكر الجزيل لوالدي الكريمين، فما بذلا لي في حياتي يعجز اللسان عن وصفه، والقلم عن حصره، فجزاهما الله خير الجزاء وأوفاه، ومتعهما بالصحة والمعافاة، وأعانني على برهما، ورد بعض جميلهما، وجعل هذا العمل في ميزان حسناتهما، ﴿ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 24].

ثم أشكر الدولة السعودية، على عنايتها بتعليم أبناء المسلمين، فأنشأت لأجل ذلك هذه الجامعة العريقة، يفد إليها الطلاب من أصقاع الأرض، ﴿ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [التوبة: 122]، وما زالت الدولة داعمة لهذه الجامعة طيلة نصف قرن، وما زالت الجامعة تؤتي ثمارها كل حين بإذن ربها، فأثاب الله القائمين عليها، وأدام النفع بها، وزادها من كل خير ونعمة، وصرف عنها كل سوء ونقمة.

والشكر موصول إلى القائمين على كلية الشريعة، وقسم الفقه، وعمادة الدراسات العليا، وأساتذتي الكرام، جزاهم الله عني، وعن أبناء المسلمين خيرًا.

كما أتقدم بوافر الشكر والعرفان لفضيلة مشرف الرسالة، الأستاذ الدكتور: عبدالله بن إبراهيم الزاحم حفظه الله، الذي بذل من جهده ووقته الكثير؛ لتصويب العمل، فأفادني بملحوظاته الدقيقة، وتوجيهاته السديدة، مما كان له عظيم الأثر في إنجاز الرسالة، فشكر الله مسعاه، وأحسن إليه في دنياه وأخراه، وجعل ما قدم في ميزان حسناته يوم لقاه.

وأزجي شكري لكل من أعان على إنجاز هذا العمل، بدعوة صادقة، أو كلمة ناصحة، أو مقابلة، أو إعارة كتاب، أو دلالة على فائدة، فلهم مني الدعاء والثناء، ومن الله خير الجزاء.

وختامًا، فهذا جهد المقل، لا أدعي فيه الكمال، ولا الاقتراب منه، ولكن حسبي أن بذلت وسعي، مستعينًا بالله، فلا حول ولا قوة لي إلا به، فإن يكن صوابًا فمن الله وحده، وإن خطًا فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله، إنه كان غفارًا.

وأسأل الله جلَّ وعلا أن يغفر للشيخ مرعي الكرمي، وإبراهيم الصالحي، وأن يجزل لهما الأجر والمثوبة، وأن يبارك بمؤلَّفَيهما، إنه جواد كريم.

كما أسأله سبحانه أن يجعل عملي خالصًا لوجهه، نافعًا لعباده، مقربًا إلى رضوانه، وأن لا يجعل نصيبي منه التعب والنصب، ﴿ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 39]، وهو أهل الرجاء، وهو حسبي، ونعم الوكيل.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه.

فهرس الموضوعات