القراءات القرآنية في تفسير البحر المحيط

ملخص الرسالة

القراءات القرآنية في تفسير البحر المحيط

استقراء وتوجيه من خلال سورتي الفاتحة والبقرة

يقوم هذا البحث على استقراء القراءات القرآنية المتواترة في تفسير "البحر المحيط" لأبي حيان الأندلسي من خلال سورتي الفاتحة والبقرة، ثم توجيهها؛ حيث قامت الباحثة بتتبع القراءات القرآنية العشر المتواترة التي أوردها أبو حيان في تفسيره، ثم نسبتها لمن قرأ بها من القراء العشر، معتمدة على كتب القراءات وكتب التفسير، وبعد تتبعها للقراءات المتواترة، قامت الباحثة بتوجيه القراءات المذكورة توجيهًا نحويًّا وبلاغيًّا بالاعتماد على تفسير أبي حيان، وكتب توجيه القراءات، وكتب التفسير، واللغة والنحو.

وكان من أسباب اختيار الموضوع؛ خدمة كتاب الله تعالى، وليقف القارئ على القراءات القرآنية المقبولة التي أوردها أبو حيان في تفسيره، ولإبراز الدور الذي قام به أبو حيان في تناول القراءات وتوجيهها، واستنباط الأحكام منها، ولأن التوجيه البلاغي للقراءات فيه بيان للمعاني والدلالات التي تحملها كل قراءة ويسهم في توسيع الدلالة وثرائها.

واتبعت الباحثة المنهج الاستقرائي في تتبع مواضع الآيات التي ترد فيها القراءات القرآنية المتواترة.

ثم نسبتها لمن قرأ بها من القراء، وكذلك المنهج الوصفي والاستنباطي للدلالات التي يتسع لها المعنى عند اختلات القراءات.

وقد قسم البحث إلى مقدمة وثلاثة فصول:

في المقدمة بينت الباحثة مشكلة البحث، وحدود الدراسة وأهدافها وأسباب اختيار الموضوع ومنهج البحث والدراسات السابقة.

جاء الفصل الأول بعنوان القراءات القرآنية؛ للتعريف بالقراءات والقراء، والتعرف بأبي حيان وتفسير البحر المحيط ومنهجه فيه، ثم منهجه في إيراد القراءات وتوجيهها.

أما الفصل الثاني فتناولت فيه الباحثة التعريف بسورة الفاتحة، واستقراء القراءات القرآنية المتواترة فيها وتوجيهها، ثم تعريف بسورة البقرة، واستقراء القراءات القرآنية المتواترة في الجزء الأول من السورة وتوجيهها.

وكان الفصل الثالث لاستقراء القراءات القرآنية المتواترة وتوجيهها في الجزء الثاني من سورة البقرة وحتى نهايتها، وبعدها ختمت الباحثة البحث بخاتمة ضمنتها أهم النتائج ومنها:

• يعد كتاب أبي حيان في التفسير من الكتب التي أعطت القراءات القرآنية المتواترة حقها، بذكرها ونسبتها لأصحابها وتوجيهها في أغلب الأحيان؛ فكان بذلك بحرًا محيطًا.

• يورد أبو حيان في تفسيره القراءات المتواترة، ووجه المتواتر منها معتمدًا على من سبقوه من المفسرين، كالطبرى، وعلى كتب توجيه القراءات، ككتاب حجة القراءات.

• يرفض أبو حيان الترجيح بين القراءتين المتواترين؛ بل ينتقد بشدة من يفعل ذلك، لأنه يرى أنه لا يجوز الترجيح بين قراءتين متواترين طالما ثبت أن كليهما متواتر.

• بالرغم من اعتماد أبي حيان على كتب السابقين في التوجيه، إلا إنه كان يناقش التوجيهات ويرجح ما يراه توجيهًا سليمًا، ويناقش ما كان ضعيفًا منها ويرده.

مقدمة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فإن خير ما تغوص في فهم كنهه الأفكار، وتفنى في سبيل درك معناه الأعمار، وتبقى تتأمله العقول لتعثر على ما فيه من إعجاز وأسرار، هو كتاب الله تعالى، وحجة الحق على الخلق، الذي أعجز الإنس والجن، وحار فيه أرباب العلم والبلاغة، وأساطين الفكر والفصاحة، الذين أقروا كلهم بتفوق بيانه، وأذعنوا جميعهم لإعجاز نظمه.

وقد قيض الله لهذه الامة من يقوم بحفظ هذا الكتاب في الصدور وفي السطور، فلله الحمد أن بقي غضًا طريًا كيوم نزوله، ليس ليد بشر فيه عبث، ولا لأحد فيه لهو أو لعب.

وهذا الكتاب أيضًا عرف بقراءاته المتعددة، وهي وجوه في قراءة القرآن الكريم، فهيأ الله تعالى من العلماء الحفاظ من قام بحفظها وإتقانها وبحسن أداءها حتى وصلت إلينا بحمد الله كما أرد منزل القرآن.

وقد كان من دأب المفسرين أن يتناولوا القراءات القرآنية ضمن تفاسيرهم، موجهين ومعللين، وكانت هذه القراءات عونًا في توسيع دلالات الكلمات القرآنية، ومددًا وزادًا لأهل اللغة والبلاغة والنحو في تقرير قواعدهم.

وقد ارتأت الباحثة أن تدرس القراءات القرآنية المتواترة في تفسير (البحر المحيط) لأبي حيان، من خلال سورتي الفاتحة والبقرة؛ حتى تتبين مدى اعتماده على القراءات في تفسيره، ومنهجه في توجيه القراءات، وفي استنباط الأحكام من خلالها.

أولًا: مشكلة البحث.

إن كثيرًا من أدعياء العلم لا يفهم خصيصة القراءات القرآنية، وأهميتها، وأسباب وجودها، فبعضهم ينكرها، وبعضهم يطعن في نبوتها، وبعضهم يزعم نسبتها للقراء، لذا كان البحث يجيب عن:

أ- أسباب وجود القراءات ووجوهها، وإسهامها في فهم التفسير.

ب- كيفية تعامل أبي حيان مع القراءات، وهل أفاد منها في تفسيره، وكيف كان يوجه القراءات من خلال تفسيره.

ج- توجيه القراءات المتواترة حسب ما هو متاح في مصادر التفسير؛ وفي ذلك دفاع عن النص القرآني أمام هجمات المستشرقين الذين اتهموا النصوص القرآنية بالاضطراب وعدم الاستقرار والثبات كما ادعى جولد زيهر وغيره.

ثانيًا: حدود البحث:

ستدرس الباحثة القراءات القرآنية العشر المتواترة في تفسير (البحر المحيط) من خلال سورتي الفاتحة والبقرة، وسيقتصر البحث على فرش الحروف دون الأصول، وكذلك ستقتصر هذه الدراسة على القراءات العشر المتواترة، ولن تتناول الباحثة القراءات الشاذة؛ وذلك لكثرتها وعدم القدرة على الإحاطة بها في هذه الدراسة؛ إذ تجاوزت القراءات الشاذة في سورة البقرة الثلاثمئة قراءة، وستصبح الدراسة مثقلة بالقراءات الشاذة.

ثالثًا: أهداف البحث وأهميته:

تكمن أهداف البحث وأهميته من خلال:

1) تبيين مكانة علم القراءات وأهميته والحاجة إليه.

2) الرد على الشبهات التي يرسلها الجهلة، ويرمي بها الأفاكون؛ للنيل من القرآن من خلال قراءاته.

3) توضيح منهج أبي حيان في تناول القراءات.

4) استقراء القراءات المتواترة وتوجيهها في تفسير (البحر المحيط) من خلال سور الفاتحة والبقرة، ليقف القارئ على القراءة المقبولة من غيرها.

5) بيان موقع القراءة القرآنية من حيث بيان الحكم الشرعي، وأثرها فيه (أثر القراءات على الحكم الشرعي المتعلق بها).

6) توضيح أثر القراءات القرآنية في توجيه الأحكام اللغوية والنحوية والصرفية، وتبيين مدى اعتماد أهل اللغة على القراءات في تقرير القواعد والأحكام اللغوية.

رابعًا: أسباب اختيار الموضوع.

1- خدمة كتاب الله تعالى وقراءاته؛ استدرارًا لثوابه.

2- إظهار وجوه الإعجاز من خلال القراءات المتواترة..

3- إبراز الجهد الذي بذله أبو حيان في تناول القراءات وتوجيهها واستنباط الأحكام منها.

خامسًا: منهج البحث.

ستتبع الباحثة في دراستها المنهج الاستقرائي في تتبع مواضع الآيات التي ترد فيها القراءات القرآنية المتواترة ثم نسبتها لمن قرأ بها من القراء، وكذلك المنهج الوصفي والاستنباطي للدلالات التي يتسع لها المعنى عند اختلاف القراءات، وذلك من خلال ما يلي:

1- عزو الآيات إلى مواطنها من السور، وذلك في متن الرسالة بجانب كل آية.

2- تتبع القراءات في فرش سورتي الفاتحة والبقرة.

3- استقراء القراءات المتواترة في تفسير (البحر المحيط) وعزوها إلى مصادرها.

4- توجيه القراءات المتواترة اعتمادا على تفسير أبي حيان وكتب توجيه القراءات وكتب التفسير والنحو والإعراب، وكتب اللغة.

5- تخريج الأحاديث النبوية، مع بيان درجة صحة الأحاديث الواردة في غير الصحيحين.

سادسًا: الدراسات السابقة.

لقد جذب تفسير البحر المحيط اهتمام الكثيرين من الدارسين، ولكن أكثر الدراسات التصاقًا بهذا الموضوع: (القراءات في تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي من أوله إلى آخر سورة الأنفال) وهي رسالة ماجستير للدكتور أحمد خالد شكري، نوقشت في عام 1987م، في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وأهم ما اشتملت عليه: تعريف موسع بالإمام أبي حيان، ومقدمة في القراءات وأنواعها، ومنهج أبي حيان في تفسير البحر، ومن ثم منهجه في القراءات، ويرد القراءات التي جاءت في تفسير البحر المحيط، مع بيان نوعها وتوضيحها وتبيينها.

وهذه الدرسة تختلف عن النرسة السابقة بتناولها توجيه القراءات الوارة في الفاتحة والبقرة. بلاغيًا ونحويًا وهذا ما لم تقم به الدرسة السابقة.

وهناك العديد من المسائل والدراسات التي درست جوانب في تفسير البحر المحيط، منها:

• القراءات القرآنية وعلاقتها باللهجات العربية في تفسير البحر المحيط لحسن محمد الباجوري، رسالة ماجستير نوقشت بجامعة الأزهر عام 1993م.

• التأويل النحوي للقراءات الشاذة عند أبي حيان في البحر المحيط، لمحمد بن سعد الشواي، رسالة دكتوراة نوقشت في جامعة محمد بن سعود الإسلامية في الرياض عام 1999.

• مناقشات أبي حيان الأندلسي في كتابه البحر المحيط، للزمخشري: درسة بلاغية تحليلية لأحمد محمد أحمد محمد، جامعة الأزهر،2001، رسالة دكتوراة.

• منهج أبي حيان الأندلسي في اختياراته من القراءات القرآنية في ضوء علم اللغة المعاصر ليحيى عطية القاسم.

• دور اللهجة في توجيه القراءات القرآنية عند أبي حيان الأندلسي في تفسير البحر المحيط لجزاء محمد مصاروة، رسالة ماجستير نوقشت في جامعة مؤتة عام 2000م.

• اختيارات أبي حيان النحوية في البحر المحيط: جمع ودراسة لبدر ناصر محمد البدر، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، رسالة ماجستير، 1993.

• اللغات العربية في تفسير البحر المحيط لدينا محمد حمود الحارثي، جامعة أم القرى، 1995، رسالة ماجستير.

• مباحث المعاني في تفسير البحر المحيط لشاكر أبو اليزيد عبد الهادي الصباغ، جامعة الأزهر، 1988، رسالة دكتورة.

• منهج أبي حيان في تفسيره، رسالة دكتورة من إعداد الدكتور عبد المجيد المحتسب، جامعة الأزهر، 1968.

• منهج أبي حيان في توجيه القراءات المتواترة. في البحر المحيط في سوره النساء، للطالب أحمد سيد شحاتة، جامعة المدينة العالمية، ماليزيا،2012، رسالة ماجستير.

• أبو حيان الأندلسي، موقفه من القراءات القرآنية ومنهجه في تخرجها وتوظيفها من خلال تفسيرر البحر المحيط، للطالبة ربيعة القبيلاني.

سابعًا: محتوى البحث.

بعد المقدمة قسم البحث إلى ثلاثة فصول على النحو الآتي:

الفصل الأول: القراءات القرآنية والتعريف بأبي حيان ومنهجه.

وفيه المباحث الآتية:

المبحث الأول: تعريف القراءات، وبيان صلتها بالقرآن.

المبحث الثاني: القراءات المتواترة، والتعريف بالقراء.

المبحث الثالث: علم توجبه القراءات.

المبحث الرابع: التعريف بالإمام أبي حيان، ومنهجه في تفسير ومنهجه في إيراد القراءات وتوجيهها.

الفصل الثاني: القراءات القرآنية في سورة الفاتحة والجزء الأول من سورة البقرة؛ استقراء وتوجيه.

وفيه المباحث الآتية:

المبحث الأول: التعرف بسورة الفاتحة، واستقراء القراءات القرآنية فيها وتوجيهها.

المبحث الثاني: التعريف بسور البقرة، واستقراء القراءات القرآنية في الجزء الأول من السورة وتوجيهها.

الفصل الثالث: القراءات القرآنية في الجزء الثاني من سورة البقرة حتى نهاية السورة استقراء وتوجيه.

وفيه المباحث الآتية:

المبحث الأول: القراءات القرآنية في الجزء الثاني من سور البقرة استقراء وتوجيه.

المبحث الثاني: القراءات القرآنية من أول الجزء الثالث من سورة البقرة حتى نهايتها، استقراء وتوجيه.

خاتمة: وفيها أهم نتائج البحث وتوصياته.

الفهارس.

ختامًا: أسأل الله الإخلاص والتوفيق لإتمام هذه الدراسة، وأن تكون خدمة لكتاب الله تعالى وذبًا للطعون عنه.