• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    الإنذار المبكر من التقاعد المبكر
    هشام محمد سعيد قربان
  •  
    دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / مكتبة الألوكة / المكتبة المقروءة / كتب / كتب الأدب واللغة
علامة باركود

ديوان عبيد بن الأبرص بين تحقيقين (PDF)

د. أحمد عبدالباسط

عدد الصفحات:23
عدد المجلدات:1

تاريخ الإضافة: 24/11/2013 ميلادي - 20/1/1435 هجري

الزيارات: 56396

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحميل ملف الكتاب

ديوان عبيد بن الأبرص بينَ تَحقيقَيْنِ

 

هُم ثلاثُ قاماتٍ في فنّهم: عَبِيدُ بنُ الأبرصِ، والمستعربُ تشارلز ليل، والدكتور حُسين نصّار:

أمَّا الأول فهو عَبيدُ بن الأبرص بن حَنْتمِ بنِ عَامرِ بنِ مَالكٍ، شاعرُ بني أسدٍ بلا مُدافِع، وأحدُ شُعراءِ المُعلّقات، وأحدُ قدماءِ الشُّعراء الجاهليّين، جعلَه ابنُ سلامٍ الجُمحيُّ في الطبقةِ الرابعةِ مِن كتابِه، وقرنَه بطرَفةَ بنِ العبدِ، وعديِّ بن زيد، وعلقمةَ بنِ عبدةَ. كما وصفَه بالقدمِ، وأنّه: «عظيمُ الذِّكْرِ، عظيمُ الشُّهرةِ»[1]. وذهبَ أبو الفرجِ الأصفهانيّ إلى أنّه «شاعرٌ فحلٌ فصيحٌ مِن شُعراءِ الجاهليّة»[2].

 

اتفقَ الدارسون وجمهورُ النُّقّادِ على أنّ قيمةَ شعرِ عَبيدٍ تكمنُ مِنَ الناحيتَيْنِ: الفنيّة، والتاريخية.

 

أمَّا الناحيةُ الفنيّةُ فلأنه ينتمي إلى المرحلةِ الأُولى مِن الشّعرِ الجاهلي، ويُمثّل شعرُه مرحلةَ انتقالٍ بينَ الشعرِ البادئِ الذي لم تستوِ له القِيَمُ الفنيّة، وبينَ الشعرِ الناضجِ الذي نعرفُه.

 

وأمّا الناحيةُ التاريخيّة فلأنّه يلقي الضوءَ على كثيرٍ مِنَ الأحداثِ التاريخيّةِ الواقعة في شبه الجزيرةِ العربيّةِ في عصرِه[3].

 

وعلى الرغمِ مِن ذلك فقد قلَّ استشهادُ النحاةِ واللُّغويين بشعرِه، على عكسِ مَا نجدُه عند مُعاصرِيه مِن الشعراء الجاهليين واستشهاد اللغويين والنحاة بأشعارِهم.

 

ويمكنُ إرجاعُ السببِ في ذلك إلى الاضطرابِ الملحوظِ في شعرِه، وما شاعَ في بعضِه مِن غموضٍ، فضلًا عَنْ قلّةِ مَا رواهُ الرواةُ الأولون عنه. ولعلَّ ذلك هُو مَا كانَ يعنيه ابن سلام الجُمحي في قولِه عنه: «وشعرُه مضطربٌ ذاهبٌ»[4]، وهو السببُ الذي جعلَ أبا زيدٍ القُرشيَّ لم يذكره في الطبقةِ الأولى مع أصحابِ المُعلّقات، وإنما وضعه في الطبقةِ الثانية، وهُم أصحابُ المُجمهرات دونَ المُعلّقات[5].

 

ويمكنُ مُلاحظةُ ذلك الاضطرابِ - على سبيل المثال - في قصيدتِه المشهورةِ التي مطلعها:

( أقفرَ مِنْ أهلِه ملحوبُ )


التي أنشأها على وزنٍ نادرٍ غيرِ مألوفٍ آنذاك، وهو (مجزوء البسيط) أو مَا يُطلق عليه العروضيّون اسم (مُخلّع البسيط):

مستفعلن فاعلن فعولن ***   مستفعلن فاعلن فعولن.

 

ونظرًا لغرابةِ هذا البحرِ، وقِدَمِ عهدِ عبيدٍ، وحداثةِ سنِّ الشعرِ العربيِّ في عصرِه، أثّر كلُّ ذلك تأثيرًا كبيرًا في عدمِ استقامةِ بحرِ القصيدةِ، وكثرةِ مَا أصابَها مِن زحافاتٍ وعِلَلٍ، وهذا يُلاحظ بوضوحٍ بدايةً مِن البيتِ الأوّل للقصيدةِ، حتى قيل عنها: إنّها لكثرةِ مَا دخلَها مِنَ الزحافِ والقطعِ كادت ألا تكونَ شعرًا[6].

 

وقد اختلفت الرواياتُ حولَ البدايةِ الحقيقيّةِ لإنشادِه الشعرَ، ودخلتها كثيرٌ مِن الخُرافاتِ والخوارقِ، وقد تكفّلَ بإيرادِها أبو الفرج الأصفهاني في أغانية[7]، وأشارَ إليها سريعًا عميد الأدب العربي طه حُسين في كتابِه (الشعر الجاهلي)[8].


فذكرَ الرواةُ أنَّ له شيطانًا للشعر اسمه (هبيد)، هو الذي يُلهمه الشعرَ، حتى قالوا: (لولا هبيد ما كان عبيدٌ). بينما ذكرَ آخرونَ أنَّه اتُّهمَ بأختِه مَاويّةَ مِن قِبَلِ رجلٍ مِن بني مالك بن ثعلبةَ. فلمّا سمعَ اتهامَ المالكيّ له رفعَ يدَيْه ثم ابتهلَ إلى الله داعيًا على مَن اتهمه بأختِه. فذُكِرَ أنّه أتاه آتٍ في المنامِ بكُبّةٍ [الكُبّة: مجموعةٌ مِنَ الخيوطِ ونحوها على شكل كُرةٍ] مِن شَعْرٍ حتى ألقاها في فِيه، ثُمَّ قالَ: قم، فقامَ وهو يرتجزُ الشعرَ.

 

لكنَّ الدارسين لشعرِ عبيدٍ اتفقوا على أنّه قد أنشدَ قصائدَه تلك في مرحلةِ مَا بعدَ الشبابِ؛ لما فيه مِن تذكُّرٍ للشبابِ الذي قامَ فيه بجلائلِ الأعمال، وإبداءٍ لآرائه المختلفة في الوجودِ والمصيرِ، وحديثٍ في الحِكَمِ والوعظِ والموتِ.

 

والقامةُ الثانية هو السير تشارلز جيمس ليال (1845- 1920م) Lyall, Sir Charles.J.

مستعربٌ إنجليزيٌّ، تخرّجَ في كمبريدج، والتحقَ بالعملِ في إدارةِ البنغال المدنية وهو في الثانية والعشرين من عمرِه، وتقلّدَ بعضَ المناصبِ الرفيعةِ في حكومةِ الهندِ حتى انتهى به الأمرُ أنْ صارَ المندوبَ الرئيسي للولاياتِ المركزية في الهندِ في الفترة ما بين (1895- 1898م).ثُمَّ تركَ ليال الهند عائدًا إلى لندن، حيثُ عملَ سكرتيرًا للقسم القضائي والعمومي في الديوان الهندي بلندن، واستمرَّ في هذا المنصبِ حتى أُحيل إلى التقاعدِ عام 1910م.

 

وفي أثناءِ عملِه في الهندِ درسَ اللغةَ العربيّةَ، ولمّا عادَ إلى أوربا تتلمذَ على يدِ المُستعرب الألمانيّ الشهير نولدكه في جامعةِ إشترسبورج، والذي أرجعَ إليه الفضل - كما سنرى - في نشر ديوانِ عبيدٍ.

 

وكانت باكورةُ أعمالِه في ميدان التراثِ العربيّ سلسلةً مِن الترجماتِ التي نشرها في مجلة الجمعيّة الملكية الآسيوية - وقد كان أحدَ رؤسائها - في السنوات: 1877م، و1878م، و1881م. ثُمَّ جَمَعَها بعد ذلك في كتابٍ نُشِرَ بلندن عام 1885م بعنوان: تراجم شُعراء العرب والشعر الجاهلي.

Translation of Ancient Arabian Poetry, Chiefly pre-Islamic (London, 1885).

 

ثُمَّ توالت بعدَ ذلك تحقيقاتُه المُتقنة في مجالِ النُّصوصِ العربيّة الأدبيّة، فقام بنشر (شرح المعلقات السبع) للتبريزي، ودواوين: عبيد بن الأبرص، وعامر بن الطفيل بشرح الأنباري متنًا وترجمةً 1913م، وديوان عمرو بن قميئة (كمبريدج 1919م)، والمفضليات للمفضل الضبي، وقد عاجلته المنية في أول سبتمبر 1920 ولم يرَ الكتابَ في صورته المطبوعة، فتولّى المستشرق الإنكليزي أنتوني آشلي بيفان Antony Ashley Bevan مراجعةَ تجارب الطبعَ وخرج بعد وفاة ليال بعدة أشهر.

 

أمّا القامةُ الثالثة فهو الأستاذ الدكتور حُسين مُحمّد نصّار، أستاذ الأدبِ العربيّ بكلية الآداب - جامعة القاهرة. وُلِد في الخامس والعشرين من شهر أكتوبر عام 1925م، وحَصَلَ على درجة (الليسانس) في الآداب من قسم اللغة العربيّة سنة 1947م، ثُمّ على درجة الماجستير عام 1949م في الأدب العربي، برسالةٍ موضوعها: (نشأة الكتابة الفنية في الأدب العربي)، ثم درجة الدكتوراه عام 1953م في المعجم العربي، برسالة موضوعها: (المعجم العربي: نشأته وتطوّره).

 

وقد كانت بداية تحقيقه للنصوص التراثية ونشرها بصفةٍ عامةٍ، ودواوين الشعر بصفة خاصةٍ، وهو في الفرقة الرابعة من الكلية؛ حيث قام بتحقيق ديوان (سراقة البارقي) عام 1947م، ثم توالت التحقيقات العلمية الرصينة لعيونِ التراثِ العربي، في الأدبِ، والتاريخ، واللُّغة. مِن ذلك تحقيقُه لكلٍّ مِن:

• ديوان ابن وكيعٍ التَّنِّيسي، 1953م.

• ديوان جميل بثينة، 1957م.

• ديوان قيس بن ذريح، 1960م.

• ديوان الخِرْنق بنت بدر بن هفّان، 1969م.

• ديوان ظافر الحدّاد، 1969م.

• ديوان ابن الرُّومي (في ستة أجزاء)، 1973- 1994م.

•ديوان أبي الصُّوفي سعيد بن مسلم العماني، 1982م.

 

ديوانُ عبيد بن الأبرص .. قاسمٌ مشتركٌ:

إذا ارتضينَا التقسيمَ القائلَ بأنَّ المستشرقينَ ثلاثةُ ضروبٍ:

1- ضربٌ لم يملك ناصيةَ اللغةِ، فأخطأ في نشرِ الكتبِ وفي فهمِ النصوصِ، لكنّه حَفَل بإثباتِ أمورٍ شكليّةٍ لا فائدةَ لنا منها.

 

2- وضربٌ أثّرت في دراساتِهم مآربُ السياسةِ والتعصبُ للدين، فوجهوا الحقائقَ وفسّروها بما يوافقُ أغراضَهم أو ما يسعونَ إليه. ولعلَّ هذا الضربَ هو الذي دفعَ الشرقيينَ مِنَ المُسلمينَ العربِ أنْ يرتابوا بالمستشرقينَ جميعًا.

 

3- وضربٌ ثالثٌ أُوتيَ الكثيرَ مِن سعةِ العلمِ والتمكُّنِ مِنَ العربيّةِ والإخلاصِ للبحثِ، والتحرر والإنصافِ، فكانت دراساتُهم مثمرةً وأعمالُهم مباركةً، وكانوا جديرين بكلِّ إجلالٍ[9].

 

فإنّه يمكننا بكلِّ ارتياحٍ أنْ نجعلَ المستعربَ الإنجليزيّ تشارلز ليال واحدًا مِن رجالِ هذا الضربِ الأخيرِ؛ فلقد أتقنَ العربيّةَ وانتحى نحو أشعارِ الجاهليين بصفةٍ عامةٍ، وأشعار عبيد بن الأبرصِ بصفةٍ خاصّةٍ. دلَّ على ذلك نشرُه عام 1885م لكتاب: تراجم شُعراء العرب والشعر الجاهلي.

 

كما بدأ اهتمامُه مبكرًا بشعرِ عبيدٍ عندما تناولَ بالتحقيق شرح القصائد العشر للتبريزي، ومنها قصيدة عبيد بن الأبرص (كلكتا 1894م).

 

وفي عام 1907م اقتنى المتحفُ البريطاني نسخةً خطيّةً نادرةً تضمُّ أشعارَ: عبيدِ بن الأبرصِ، وعامرِ بن الطُّفيل، وطُفيلٍ الغنويّ، والطِّرمَّاح. وهي تنتمي إلى بواكير القرن الخامسِ الهجريِّ. حيثُ عثرَ عليها مستر هـ. س. كوبر Mr. H.S.Cowperفي بيروت، فعرفَ لها قيمتَها، ونجحت وساطتُه في حصولِ أُمناءِ المتحفِ البريطاني عليها وحيازتِها، وقد حُفظت به تحت رقم: (6771/2 مخطوطات شرقية).

 

وقد عكفَ ليال على تحقيقِ أشعارِ كُلٍّ مِن: عبيد بن الأبرصِ، وعامرِ بن الطُّفيل، معتمدًا على تلك النُّسخةِ النفيسةِ، ومُستعينًا بالمصادر التي استطاعَ أنْ يُحصِّلَها آنذاك.

 

وقد حاولَ ليال محاولةً مخلصةً في إخراجِ ديوانِ أشعارِ عبيدٍ إخراجًا لائقًا، باذلًا فيه جهدًا كبيرًا، يدلُّ على ذلك تعقّبُه للأخطاءِ الكثيرةِ الواردةِ في النُّسخة الوحيدةِ، ومحاولته الصادقة في تصحيح ذلك، والإتيانِ بتعليقاتٍ مضيئةٍ للنصِّ المُحقّقِ.

 

واستطاعَ ليال بالفعلِ أنْ يُخرجَ الديوانَيْنِ معًا - عبيد بن الأبرص، وعامر بن الطفيل - لأول مرّةٍ مع ترجمةٍ إنجليزيّةٍ لهما، بعنايةِ لجنةِ (جب) في لندن وليدن عام 1913م.

 

بدأ تشارلز ليال عملَه الفذَّ بتصديرٍ للديوانَيْنِ معًا (ديوان عبيد بن الأبرص، وعامر بن الطُّفيل) قبلَ أنْ يتطرّق إلى الحديثِ مفصّلًا بمقدّمة وافية عَنْ كل ديوانِ مِن الدّيوانَيْنِ. تحدّث في هذا التصدير المُوجز عَنْ قصّة اقتناء تلك النُّسخة الخطيّةِ، وما واجهه في تحقيقِها مِن صعوباتٍ، تمثّلت أوّل ما تمثّلت في أنّه لم يكن من المتاحِ له أنْ يقارنَ بينَها وبين نصوصٍ أخرى في أي مكانٍ آخر مقارنة كاملة. ثُمَّ ختمَ كلامَه بتوجيه الشُّكرِ لكوكبةٍ مِن المستشرقين أمثال: كرنكوف، وجاير، وهومل. لكنّه خصَّ بالشكرِ مثلَه الأعلى المستشرقِ الألماني (نولدكه)، الذي لم يبخلْ عليه بفحصِ المُسوّدة الأولى للتحقيق ومقارنتها بالمخطوط، بل أصرّ على مُراجعةِ المُسوّدةِ النهائية عند إعدادِها للطبعِ. لذلك لم يكن غريبًا أنْ وجدنا ليال يُهدِي إلى أستاذِه هذا العملَ بقولِه:

(يُهدى إلى أستاذنا ثيودور نولدكه عرفانًا بجميله ومحبّةً)

 

وأن يأتيَ بتعليقاتِ أستاذه نولدكه التي كتبها بالألمانية على بعضِ أبياتِ الديوان، دونَ أنْ يحاولَ ترجمتَها إلى الإنجليزية.

 

ثُمَّ أتى ليال بعد هذا التصديرِ بقائمةِ اختصاراتِ المراجعِ التي اعتمدها (وتقع في ثلاث صفحات)، وهي إنْ كانت تنمُّ فإنّها تنمُّ على سعةِ اطّلاعِه ودرايتِه الكاملة بعيونِ التراثِ العربيّ.

 

بعد ذلك قدّم ليال لديوانِ عبيدِ بن الأبرص بمقدّمة وافيةٍ (وتقع في خمس عشرة صفحة)، كانت مثار إعجاب مِن الدارسين بعد ذلك؛ حتى إنّهم عدّوها وحدَها دراسةً تاريخيّةً فنيّة مُستقلّة عَنْ عبيد بن الأبرص، وفيها تناول الموضوعات التالية:

أ‌- عبيد بن الأبرص وقبيلتُه بنو أسد في ظلّ ولاية أمير كندة حُجر بن الحارث الكندي، والد امرئ القيس، والروايات المختلفة حول مقتلِه وترجيح بعضِها على بعضٍ.

 

ب- طلبُ امرئ القيس الأخذَ بثأر والدِه مِن بني أسدٍ، وعلاقتُه بعبيد بن الأبرص.

 

ج- حياةُ عبيد بن الأبرص، ومكانتُه الشعريّة.

 

د- الحديثُ عَنْ أوّل مَنْ جمعَ أشعارَ عبيد بن الأبرص، والقولُ في قضيّة انتحال الشعرِ، وسردُ أسباب الجزم بصحّة جُلِّ مَا نُسِب لعبيد من أشعار.

 

هـ- استنتاجاتٌ حولَ النُّسخة الخطيّة الوحيدة للديوان، وبعض السمات المميزة لها.

 

و- قائمةٌ بالألفاظِ الدارجة في شعر عبيدٍ، والحديث عن أسلوبه الشعريّ.

 

وكلُّ هذه الموضوعاتِ مِن الأهميّة بمكانٍ، غير أنني سأتوقفُ عند نقطةٍ بعينِها، وهو حديثُه عن النُّسخةِ الخطيّة وما استنتجه خلالها من استنتاجاتٍ:

• فقد ذكر ليال في المقدمة أن نسخة المتحف البريطاني تلك - والتي أشار قبل ذلك إلى قصّة اقتنائها في تصديرِه للديوانَيْنِ - سقيمةٌ كثيرةُ الأخطاءِ، يظهرُ ذلك مِن خلالِ مقارنتها مع غيرِها مِن المختاراتِ الأدبيّةِ.

 

• ذكرَ أنّها كُتبت قرب عامِ 430هـ؛ استنادًا إلى حردِ المتنِ الموجود في آخر ديوان عامر بن الطُّفيل، علمًا بأنَّ النُّسخة الخطية تضم أربعة دواوين شعرية، هي: ديوان عبيد بن الأبرص، وعامر بن الطفيل، وطفيل الغنوي، والطّرمّاح.

 

• قرّر أنّ النسخةَ كُتبت بقلـمٍ مغربيٍّ، وأنّها استُنسخت - أيـضًا - مِن أصـلٍ مغربيٍّ؛ بسبب مـا لاحظَه فيها مِن تحريفاتٍ ناجمةٍ عَنْ شكلِ القلمِ المغربي، كما يتضحُ في التحريف التالي: (واسْتَكَلَ عَنْهُنّ) بدلًا مِن: (واستظلَّ تحتهنّ)، فمِن الممكنِ الخلطِ بين (ظـ) عند جرِّ مركزِها إلى الخلفِ - كما في الخطّ المغربي - بحرف (كـ).

 

• استنتجَ - أيضًا - أنَّ تلك النُّسخةَ المغربيّة تملّكها بعد ذلك أحدُ المشارقةِ؛ حيثُ وصلت إليه هذه النُّسخة مهملةَ النَّقْطِ فأضافَ إليها النقطَ بطريقةِ المشارقةِ، غيرَ أنّه وقع - على حدِّ قولِه - في خلطٍ غير عاديٍّ.

 

واستشعرَ ليال خطورةَ اعتمادِ المُحقّقِ في تحقيقِه على نُسخةٍ خطيّةٍ وحيدةٍ، وهو مَا قرّرَهُ شوامخُ المُحقّقين العرب بعد ذلك بعشراتِ السّنين، مِن أنّه لا يجوزُ لشداة المحقّقين الاعتمادُ على نُسخةٍ خطيّةٍ وحيدةٍ لإخراجِ النصِّ.

 

لكنّه استطاعَ عَنْ طريقِ عرضِ أبياتِ الديوانِ على المصادرِ الأخرى أنْ يستخلصَ معظمَها مِن تلك المصادر، ليقارنَ ما ورد بها وما هو مذكورٌ في تلك النُّسخةِ السقيمةِ. يحدّثنا عن منهجِه في ذلك قائلًا: «وكانَ مِن الخطرِ كلّ الخطرِ أنْ أشتغلَ على مخطوطٍ وحيدٍ كهذا، محاولًا تحقيقَ النصّ وإقامتِه، لولا وجودُ قدرٍ كبيرٍ مِنَ القصائدِ التي يضمُّها الديوانُ في مراجعَ أخرى. فيُذكر ما لا يقلُّ عن 23 قصيدةً مِنَ القصائد الأربعِ والعشرين الموجودةِ في المخطوطِ، كاملةً أو مقطوعاتٍ منها، في كُتبٍ أخرى. وتضمُّ القصائد 462 بيتًا، يوجد منها في المواضعِ 279، فلا نُترك بدونِ عونٍ تحت رحمةِ المخطوطِ إلا في 183 بيتًا"[10].

 

ولقد أخلفَ تشارلز ليال في عملِه هذا مَا كانَ يدورُ في ذهني مِن ظنونٍ، حول مَا درجَ عليه كثيرٌ مِن المُستعربين، واعتمادِهم بشكلٍ رئيسٍ على المقابلةِ بين النُّسخِ وبعضِها البعض مقابلةً تدعو إلى مَللِ القارئ وإثقالِ الهامشِ بما لا يلزمُ. لذلك فإنّه قد آثرَ كتابةَ التعليقاتِ المُهمّة التي تعودُ بالنَّفعِ والإفادةِ لدى القارئ، يقول: «ولم أر - عند الطّبعِ - مِن الضروريِّ الإشارةَ إلى التغييراتِ التافهةِ التي أُجريها في المخطوطِ، مثل وضع النُّقطِ الناقصة، أو تصحيح الأخطاء الواضحةِ التي وقعَ فيها المالكُ الثاني عند وضعِه إيّاها: فلو أُشير إلى كُلِّ تغييرٍ مِن هذا اللونِ لتضخمت التعليقاتُ تضخمًا غيرَ محتملٍ؛ ولكنني أعتقدُ أنني قد أبنتُ جميعَ الاختلافاتِ الهامةِ بين النصِّ الذي اعتمدتُه والمخطوط»[11].

 

وأراد ليال أنْ يُشركَ القارئَ معه في معاناتِه لهذه النُّسخة الخطيّة، فأتى في نهاية تحقيقِه للديوان - وقبل الذيل والملحق - بأربعة نماذج مصوّرةٍ منها مثّلت الورقات الأخيرة مِن الديوان:

 

وتنتهي هذه النماذج بالصفحة رقم (69)؛ ليبدأ ليال فيما أسماه (الذيل) - الذي ضمّ ستّ قصائد - حيثُ صرّحَ في الهـامش الأوّل لهـذا الـذيـل أنَّ ثمّةَ ثغـرةً (lacuna) بالنصِّ بين القـصيدةِ العاشـرةِ والحادية عشرة، تُقدّر بورقةٍ على الأقلّ أو أكثر، وأنّها تُماثل تقريبًا المساحةَ التي يشغلُها هذا الذيل.

 

ثم ابتدأ في الصفحة رقم (81) بملحقٍ ضمَّ فيه سبعَ عشرة مقطوعة شعريةً تُنسب إلى عبيدِ بن الأبرص وليست موجودةً في الديوان، منوّهًا باسم كُلٍّ مصدرٍ استقى منه هذه المقطوعة.

 

الدكتور حسين نصّار ونشرُه لديوان عبيد بن الأبرص:

أُعجب الأستاذ الدكتورُ حُسين نصّار بتحقيقِ تشارلز ليال لديوان عبيدِ بن الأبرصِ، وشهدَ له بما بذلَه مِن جهدٍ واضحٍ في مقدّمتِه الضافيةِ للديوان، وتحقيقِه له اعتمادًا على النسخةِ الوحيدةِ التي وصلت إلينا مِن الديوان.

 

فما كانَ منهُ إلا أنْ قامَ أولًا بترجمةِ تلك المقدمة الوافية للديوانِ ليقدّمها هديةً إلى المعنيين. ثم إنّه اطّلعَ بعدَ ذلك على أشعارٍ أخرى لعبيدٍ أوردَها ابنُ ميمون في كتابِه (منتهى الطلب مِن أشعار العرب)، ولم تَرِد في النسخة الخطيّة التي اعتمدَها ليال، ولم يكن كتابُ ابن ميمون مِن المراجع التي وقعَ عليها ليال أثناء تحقيقِه للديوان.

 

فكان هذا دافعًا له لإعادةِ نشرِ ديوانِ عبيدٍ مرّةً أخرى، فضلًا عَنْ صعوبةِ العثورِ على نشرةِ ليال للديوان.

 

يقولُ الدكتور حسين نصّار في تصديرِه للديوان: «وإذ وجدتُ هذه المجموعة [أي: مجموعة الأشعار الموجودة بمنتهى الطلب] تُصحّحُ كثيرًا مِن شعرِ عبيدٍ، وتزوّدنا برواياتٍ جديدةٍ، بالإضافةِ إلى مَا تمّدُنا به المراجعُ الأخرى، وجدتُني مسوقًا إلى إخراجِ شعرِ عبيدٍ... وشحذَ همّتي إلى ذلك عدمُ طبعِ شعرِ عبيدٍ في مصر وغيرِها من البلاد العربيّة مِن قبل، وعجزُ الباحثين عن الحصولِ على طبعةِ ليال"))[12].

 

وقد صدرَ ديوانُ عبيدٍ في نسختِه العربيّة لأوّل مرة عام 1957م، عن (مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي) بالقاهرة، في (178صفحة) مِن القطعِ المتوسط، وعلى غلافِه ما نصُّه:

[ديوانُ عبيدِ بن الأبرص تحقيق وشرح دكتور حسين نصّار]

لكنَّ المنهجَ المُتّبعَ في نشرِ هذا الديوانِ يبدو متناقضًا مع مَا هُو مُقرّرٌ على صفحةِ الغلاف، أعني كلمة (تحقيق)؛ فالتحقيقُ يعني الوصولَ بالنصِّ المخطوطِ إلى أقربِ صورةٍ أرادَها كاتبُه، دون تحسينٍ أو تصويبٍ أو تقديمٍ أو تأخيرٍ، أو إعادة ترتيبٍ. وهذا مَا خالَفَه أستاذُنا الدكتور حُسين نصّار في هذا العملِ؛ حيثُ ذكرَ في تصدير الديوان أنّه أعادَ ترتيبَ قصائدِ الديوان دونَ الالتزام بترتيب النُّسخةِ الخطيّة. يقول: «ونهجتُ في عملي على ترتيبِ القصائدِ على قوافِيها، دونَ تقيّدٍ بترتيب طبعة ليال أو طول القصائدِ»[13].

 

كما أنَّ التحقيقَ بمعناه الاصطلاحيِّ يُلزم المُحقّق عدمَ إضافةِ شرحٍ للنصِّ أو تعليقٍ عليه في المتنِ، وإنّما مثل هذه الإضاءات تكونُ في الهامش. وهذا أيضًا ما لم يفعلْه أستاذُنا؛ حيثُ صدّرَ القصائد الكبيرةَ بما أسماهُ (جوّ النصّ)؛ مستفيدًا ممّا قام به ليال بالإنجليزية مِن تعريفٍ للقصائد نفسِها قبل ترجمتِها. يقول الدكتور حسين نصّار: «وصدّرتُ القصائدَ الكبيرةَ بكلمةٍ أطلقتُ عليها (جوّ القصيدةِ)، وذكرتُ فيها أسبابَ نظمِ القصيدةِ إنْ كانت قد وصلت إلينا، وتحليلًا لموضوعاتِها. وقد أخذتُ هذه الكلمات ممّا صدّرَ به المحققُ المستشرق ترجمتَه لقصائدِ عبيدٍ؛ فقد ترجمَ قصائدَ الديوانِ كُلَّها، وقدّمَ بين يديها مثلَ هذه الكلماتِ[14].

 

ولم يُحصّل أستاذنا الدكتور حُسين نصّار النُّسخةَ الخطيّة الوحيدةَ التي اعتمدَها ليال في إخراجِ الديوان، وإنما اكتفى بقراءة ليال للنُّسخة، واتخذَ قراءتَه أصلًا له دون الرجوعِ إلى المخطوط، يقول: «وجدتُني مسوقًا إلى إخراج شعرِ عبيدٍ، باتّخاذِ ديوانِه مِن تحقيقِ (ليال) أصلًا لي».

 

كذلك لم يقم أستاذنا الدكتورُ حُسين نصّار بوضعِ مُقدّمةٍ لأشعارِ عبيدٍ، وإنما اكتفى بتصديرٍ وقعٍ في ورقة واحدةٍ فقط، ثُمَّ أعقبَ ذلك بترجمةِ مقدمة ليال للديوان، ولم يُضِف إليها حرفًا واحدًا. قال: «ولهذه الأهميّةِ التي تتصفُ بها مقدّمةُ ليال، ولإعجابي بها كما أسلفتُ، رأيتُ أنْ آتيَ بها هُنا كاملةً دونَ اختصارٍ»[15].

 

ولكي يتضحَ لنا مَا قامَ به أستاذُنا الدكتور حُسين نصّار مِن جهدٍ، - يمكنُ لنا أنْ نُسمّيَه جمعًا وليس تحقيقًا - ينبغي علينا أنْ نعلمَ أوّلًا أنَّ إجمالي عدد الأبيات الشعرية في نشرة ليال (ديوانًا، وذيلًا، وملحقًا) بلغَ 637 بيتًا، كان توزيعها كالآتي:

• عدد أبيات المتن دون الذيل والملحق = 464 بيتًا.

• عدد أبيات الذيل فقط = 114 بيتًا.

• عدد أبيات الملحق فقط = 59 بيتًا.

 

لكنَّ أستاذنا الدكتور حسين نصّار لم يُفرّق في نشرتِه بين مَا هُو في صُلب المتن، ومَا هُو في الذيل أو الملحق، حيثُ لم يكن ملتزمًا - كما سبقَ - بترتيب النُّسخةِ الخطيّة التي اعتمدها ليال أصلًا له. وقد بلغ إجماليُّ عددِ الأبيات عندَه 658 بيتًا، أي: بزيادة 21 بيتًا عن نشرة ليال، وهذه الزيادةُ تمثّلت في:

أ- زيادةُ (5) أبيات في معلّقتِه الشهيرة، التي أوّلها:

أقفرَ مِن أهلِه ملحوبُ
فالقُطّبيَّاتُ فالذَّنُوبُ

 

وهي الأبيات رقم: 20، 25، 26، 28، 49 في نشرة الأستاذ الدكتور حسين نصّار.

 

ب- زيادة (4) أبيات في قصيدتِه التي أوّلها:

ليسَ رسمٌ على الدّفينِ ببالِي
فَلِوَى ذِرْوَةٍ فَجَنْبَيْ أُثَالِ

وهي الأبيات رقم: 36، 37، 38، 39 في نشرة الأستاذ الدكتور حسين نصّار.

 

ج- زيادة بيت واحدٍ في قصيدتِه التي أوّلها:

لِمَنِ الدّيارُ بِصَاحةٍ فَحَروسِ
دَرَسَت مِنَ الإِقْفَارِ أيَّ دُرُوسِ

 

وهو البيت رقم: 20 في نشرة الأستاذ الدكتور حسين نصّار.

 

د- زيادة بيتين في قصيدتِه التي أوّلها:

تُحاولُ رسمًا مِن سليمى دَكَادِكَا
خَلاءً تُعَفّيه الرّيَاحُ سَوَاهِكَا

 

وهما البيتان رقم: 9، 10 في نشرة الأستاذ الدكتور حسين نصّار.

 

هـ- زيادة (4) أبيات في قصيدتِه التي أوّلها:

طافَ الخيالُ علينَا ليلةَ الوَادي
مِن أُمِّ عمروٍ، ولَمْ يُلْمِم لِمِيعَادِ

 

وهي الأبيات رقم:6، 7، 10،13في نشرة الأستاذ الدكتور حسين نصّار.

 

و- زيادة بيت واحد في قصيدتِه التي أوّلها:

أَمِنْ رُسومٍ نُؤيها ناحلُ
ومِنْ ديارٍ دمعكَ الهاملُ

 

وهو البيت رقم: 3 في نشرة الأستاذ الدكتور حسين نصّار.

 

ز- زيادة بيت واحد في قصيدتِه التي أوّلها:

هبّت تلومُ وليست ساعةَ اللاحي
هلّا انتظرتِ بهذا اللّومِ إصباحي

 

وهو البيت رقم: 8 في نشرة الأستاذ الدكتور حسين نصّار.

 

ح- زيادة بيت واحد على البيتِ الذي ذكرَه راوي الديوانِ قبل سردِ أشعار عبيدٍ؛ حيثُ جاء في نشرة ليال:

أَقفرَ مِن أهلِه عبيدُ
فليسَ يُبدي ولا يُعِيدُ

 

فزاد في نشرة الدكتور حسين نصّار بعد هذا البيت بيتًا آخر يليه، هو:

 

عَنّت له منيّةٌ نَكُودُ
وحَانَ منها لهُ وُرُودُ

 

ط- زيادةُ بيتَين على مقطوعة مِكونة من أربعة أبيات، ذكرها راوي الديوان قبل سردِ أشعار عبيدٍ، في ثنايا سرد ما دار بين عبيد والمنذر بن ماء السماء مِن حوار، والتي تبدأ بقولِه:

واللهِ إنْ مِتُّ مَا ضَرّني
وإنْ عشتُ مَا عشتُ في واحِدَه

 

فزيد في نشرة الدكتور حسين نصار البيتان رقم: 1، 4.

 

وباستثناءِ مَا أضافَه الدكتور حسين نصّار في نشرتِه مِن أبياتٍ لم تكن موجودةً في نشرة ليال، فثمّةَ مزيّتان في تلك النشرة، أولهما: خلوّها مِن تلك الأخطاء التي وقعَ فيها تشارلز ليال أثناء تحقيقِه، أو تلكم الأخطاء المطبعية التي استُدركت في النشرة الإنجليزية.

 

والمزية الأخرى تتمثّل في ذلك التذوّق الشعري لأبياتِ عبيدٍ مِن قِبَلِ الدكتور حسين نصّار، ورأيِه في ترجيحِ روايةٍ على أخرى، وهو ما لم يتوافر في نشرة ليال.

 

سلسلة ذخائر التراث العربي من تحقيق المستشرقين:

وهي لجنةٌ كوّنها الدكتور محمد عوني عبد الرءوف، أستاذ الدراسات اللغوية بكلية الألسن - جامعة عين شمس، بمركز تحقيق التراث، بدار الكتب المصرية.وتهدف - كما هو مفهومٌ مِن عنوانِها - إلى إعادة نشرِ تحقيقات المستشرقين المشاهير، مع ترجمةِ تعليقاتِهم إلى العربيّة.

 

ولم يُكتب لها الاستمرارُ في هذه المَهمّةِ النبيلةِ، ووصلنا مِن خلالِها عملَانِ وحيدَانِ فقط صدرا عن دار الكتب عام 2003م، هما: ديوان عبيد بن الأبرص، وديوان عامر بن الطُّفيل، بتحقيق تشارلز ليال، كلٌّ منهما في مجلدٍ منفصلٍ.

 

أمَّا فيما يخصُّ عملَها في إخراجِ ديوانِ عبيدٍ، فإنّه تمثّلَ في الآتي:

1- تقديمٍ للنشرة العربية للديوان: وقد قام به الدكتور محمد عوني عبد الرءوف، ويقع في 4 صفحات (ص7  - 10).

 

2- ترجمة تصدير ليال للديوانَين: قامت بالترجمة الدكتورة سهير محفوظ، الأستاذ بكلية الألسن - جامعة عين شمس، ويقع في صفحتَيْنِ (ص11- 12).

 

3- ترجمة الأستاذة نفسِها لمقدمة ليال لديوان عبيد بن الأبرص، وتقع في 22 صفحة (ص13- 34).

 

4- ترجمة تعليقات التحقيق إلى العربية على مدار الديوان كُلّه، مع الإبقاء على ترقيم ليال لصفحات الديوان.

 

5 - ترجمة الفهارس الأربعة التي وضعها ليال للديوان: (القوافي، وأسماء الأعلام، الكلمات المختارة، المواقع الجغرافية).

 

6- ترجمة قائمة المصادر والمراجع التي اعتمدها ليال.

 

7- إرفاق نصّ الترجمة لديوان عبيد، والتي قام بها ليال.

 

هذا كلُّ ما قامت به اللجنةُ مِن جُهدٍ يُحسب في أغلبِه لها لولا بعضُ الهَناتِ التي وقعت فيها، والتي تتمثّل أوّل ما تتمثّل في إغفالُ قائمة التصويبات؛ فقد نبّه تشارلز ليال في تصدير الديـوانِ إلى ضرورةِ

 

الرجوعِ إلى قائمة التصويبات والإضافاتِ (ص129 - 134) لتصحيح الأخطاء الواردةِ بالمتنِ.

«يوجه المحقّق عنايةَ القارئ عند الشروعِ في قراءةِ هذا الكتابِ أنْ يُطالعَ أولًا قائمةَ التصويبات والإضافات، من ص129 إلى ص134؛ ليصحّحَ بها مَا قد يُصادفه من أخطاء طباعية»

 

وقد كانَ مِن المتوقّع أنْ تتلافى اللجنةُ هذه الأخطاء الطباعية وتثبتَ هذه التصويبات في مكانِها الطبيعي مِن المتنِ، لاسيّما وقد نُشرت هذه الترجمةُ عام 2003م، ولدينا مِن إمكانيات العصر مَا يؤهلنا لذلك. أو كان مِن المتوقّع أنْ تأتيَ بقائمة التصويبات في نهاية الكتابِ كما فعل ليال في نشرتِه. لكنّ هذا لم يحدث؛ حيث ارتضت اللجنةُ أنْ تكتفيَ بترجمة التعليقات الموجودة في الهامش، دون إعادة كتابة النصِّ المُحقّق وتصويب الأخطاء الواردةِ فيه، ولم تأتِ في الوقتِ نفسِه بقائمة التصويبات كما فعلَ ليال!![16]



[1] محمد بن سلام الجمحي: طبقات فحول الشعراء، تحقيق: محمود محمد شاكر. جدة: دار المدني، 1980م. ج1/138.

[2] أبو الفرج الأصفهاني: الأغاني، تحقيق: علي السباعي وآخرِين. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1994م، ج22/81.

[3] انظر تصدير ديوان عبيد بن الأبرص بتحقيق: حسين نصار. القاهرة: مصطفى البابي الحلبي، ط1. 1957م.

[4] انظر: طبقات فحول الشعراء، ج1/138.

[5] انظر: أبا زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي: جمهرة أشعار العرب في الجاهلية والإسلام، تحقيق: علي محمد البجاوي. القاهرة: دار نهضة مصر، 1981م، ص347، 379.

[6] انظر: ديوان عبيد بن الأبرص، تحقيق: حسين نصار، ص9.

[7] انظر: الأغاني، ج22/81- 82.

[8] انظر: طه حسين: في الشعر الجاهلي. تونس: دار المعارف للطباعة والنشر، 1997م، ص163.

[9] انظر: عبد المجيد دياب: تحقيق التراث العربي: منهجه وتطوره. القاهرة: دار المعارف، ط2. 1993م، ص181.

[10] مقدّمة ليال لديوان عبيد بن الأبرص، بتحقيق: حسين محمد نصار. القاهرة: مطبعة الحلبي،ط1. 1957م، ص21

[11] مقدمة ليال لديوان عبيد، بتحقيق حسين نصار، ص21.

[12] ديوان عبيد، تحقيق: حسين نصار، ص6.

[13] ديوان عبيد، ص6.

[14] السابق، نفسه.

[15] السابق، نفسه.

[16] هذا بالإضافة إلى مجموعةٍ مِن الأشياء ربما تختلفُ وجهة الأنظار فيها، مثل: اكتفائها بالترجمة الحرفية لتعليقات ليال، دون الوقوف موقف الناقد أو المصحح لما وردَ في نشرة ليال من أوهام. وعدم ذكرها لقائمة الاختصارات التي أتى بها ليال في بعد تصدير الديوان، وخطأها في افتتاحية الكشافات التحليلية (وقد أسموها بالفهارس)؛ حيث ذكرت أن كلمات القوافي قد رُتّبت أبجديًّا، والناظر إليها يجدها قد رُتبت هجائيًّا، وأخيرًا تكرارها لجهودٍ مضت في ترجمة المقدمة الفنية للديوان، والتي قام بترجمتها ترجمةً متقنةً الدكتور حسين نصّار في مطلع نشرتِه للديوان.


  • عرض الملف الأول



 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • الدواوين في الخلافة الإسلامية(مقالة - موقع أ. د. عبدالحليم عويس)
  • مخطوطة شرح ديوان أبي تمام ( شرح ديوان الحماسة لأبي تمام )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مقدمة ديوان " لحن الجراح "(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • مقتل عبيد بن الأبرص وعجائب أمثاله(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأبرص والأقرع والأعمى (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قصة الأبرص والأقرع والأعمى والمسائل المستنبطة منها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صبح الأعشى بشرح حديث الأبرص والأقرع والأعمى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: قصة الثلاثة (الأبرص والأقرع والأعمى)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأبرص والأقرع والأعمى (قصيدة للأطفال)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حديث الأبرص والأقرع والأعمى(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب